Uncategorized

رواية غرام المغرور الفصل الرابع والثلاثون 34 بقلم نسمة مالك

   رواية غرام المغرور الفصل الرابع والثلاثون 34 بقلم نسمة مالك

رواية غرام المغرور الفصل الرابع والثلاثون 34 بقلم نسمة مالك

رواية غرام المغرور الفصل الرابع والثلاثون 34 بقلم نسمة مالك

حقاً فارس!!.. 
“فارس”.. 
إجتاحه شعور غريب بعدما غادر جناح “مارفيل” سكينه تعانق روحه جعلتها تنتعش.. إحساس عابق بالدفء في نظرتها له وحديثها معه.. لأول مرة يمكث معها لعدة ساعات.. تتحدثت له خلالهم قليلاً دون أن يشعر منها بالنفور .. أسعده هذا كثيراً.. نظرة الندم بعينيها لمست شيئًا شديد الحساسية بداخله.. 
أيقن أنه كان يدخر مشاعر قوية يكنَّها لها حين داهمه إحساس من الأبوة تجاهها جعله يعاهد نفسه على البقاء دوماً بجوارها..فهذا واجبه نحوها..مهما فعلت به من أفاعيل لن تغتفر ستبقي رغماً عنه أمه بالأخير.. 
خرج من المصعد متجه نحو جناحه الخاص به هو وساحرته.. هم بفتح الباب ليوقفه صوت “هاشم” يتحدث بتساؤل وهو يتنقل بعينيه بين يديه المجروحتان.. 
“فارس أنت كويس؟!”.. 
حرك رأسه بالإيجاب مردداً.. 
“الحمد لله..انا تمام يا هاشم..قولي أنت أيه الأخبار؟!”.. 
تنهد “هاشم” وتحدث قائلاً.. 
“أنا مكلف مجموعة من رجالتنا يدور على ديمة.. بس للأسف هي اختفت من الفندق كله في نفس الوقت اللي كنا بنجري وراك فيه على العيادات..دا خلي أبوها يتأكد أن مش أحنا اللي ورا اختفائها وعمال يدور عليها زي المجنون ولسه موصلهاش، وغفران اتصل عليا وقالي انه حاول يكلمك أكتر من مرة وتليفونك مغلق.. كلمه علشان عايزك ضروري”.. 
“تمام.. هكلمه دلوقتي.. أكيد عرف بلي حصل، وبالنسبة للحقيرة ديمة أنا هعرف أوصلها، والليله مش بكرة كمان”.. 
قالها وهو يخرج هاتفه المغلق من جيب معطفه.. فتحه وطلب إحدي الأرقام ليأتيه صوت “غفران” يتحدث بقلق قائلاً .. 
” فارس أنت فين يا ابني كلمتك كتير.. طمني عليك”.. 
” أنا كويس يا غفران اطمن.. هاخد بس شاور علشان أفوق كده وهكلمك تاني”.. 
قالها” فارس” وهو يدلف لداخل الجناح.. 
“غفران”..بحدة.. “تكلمني أيه.. أنا في الغردقة من ساعتين يا بني آدم أنت.. الدنيا مقلوبة على بنت رئيس الوزراء اللي اختفت من الفندق عندك، وعندي أخبار مهمه ليك لازم أشوفك دلوقتي ضروري”.. 
“فارس”..” طيب هتجيلي ولا أجيلك أنا؟! “..
اجابه” غفران ” قائلاً.. “خليك عندك هجيلك أنا علشان معايا مفاجأة لهاشم.. يله سلام على ما نتقابل”.. 
أغلق” فارس” الهاتف ونظر ل” هاشم” قبل أن يغلق الباب مغمغماً.. 
” هاشم من فضلك عايزك تشرف بنفسك على الأكل اللي وصيت عليه للعمال”.. 
صمت لبرهه واتجه بعينيه لجناح “خديجة” التي تمكث به زوجته مكملاً.. 
“وخلي الحسابات تصرف لهم شهر مكافأة كمان”..
” هاشم” وهو يستعد للسير..” تمام يا فارس.. متشلش هم أنت”..سار خطوتين، وتوقف فجأة مكملاً..” على فكرة في مندوب جالك هنا معاه أوردر أون لاين أنا استلمته منه،والاوردر موجود عندك في الجناح”.. 
رفع “فارس” يده وضرب بها جبهته مردداً.. 
“أيوه أنا نسيت خالص أني طلبت أوردر لعيد ميلاد خديجة”.. 
انبلجت ابتسامة على وجه” هاشم” قمعها سريعاً، وتحدث بنبرته الصارمة قائلاً.. 
” كل سنه وهي طيبة”..
” فارس “.. بابتسامة.. “وأنت طيب يا هاشم.. اسبقني أنت علشان غفران جاي في الطريق وانا هغير واحصلك”.. 
انصرف “هاشم” من أمامه، وأغلق هو الباب مستند عليه بظهره، وبدأ يفتح أزرار قميصه واحد تلو الأخر بيد، وممسك بيده الأخرى هاتفه طلب إحدي الأرقام ليأتيه صوت”خديجة” تتحدث بلهفه قائله.. 
” فارس.. أنت فين يا حبيبي؟ “.. 
كانت” إسراء ” مستكينه بحضن والدتها..رأسها تتوسط صدرها، و “إلهام” تربت على شعرها بحنان بالغ.. اغلقت “إسراء” عينيها تمثل النوم.. بينما تنهمر عبراتها على وجنتيها بصمت.. منذ أكثر من 5ساعات هاتف زوجها مغلق، ولا تعلم عنه شيئاً.. 
” بسم الله الرحمن الرحيم.. فزعتيني يا بنتي”.. 
قالتها “إلهام” حين انتفضت “إسراء” من حضنها فجأة وهبت واقفة فور سماعها صوت” خديجة” تنطق بإسم زوجها.. 
هرولت تجاهها ووقفت أمامها تنظر لها بأعين متورمة من شدة البكاء وبهمس بالكاد يسمع قالت من بين شهقاتها.. 
“فارس كويس يا خديجة؟ “.. 
حركت “خديجة” رأسها بالايجاب لها، وسارت نحو باب الجناح بخطي حذرة حتي لا تؤذي كاحلها أكثر.. 
“أنا جيالك حاضر.. ثواني وابقي عندك”.. 
“هو فين يا خديجة.. طمنيني عليه أنا هتجنن والله”.. 
قالتها “إسراء” وهي تسير برفقتها حتي وصلت لباب الجناح، وتوقفت لتمنع سقوط يمين زوجها عليها.. 
فتحت “خديجة” الباب، وتحدثت بابتسامة مطمئنه.. 
“اطمني يا حبيبتي هو كويس.. لسه داخل اوضتكم حالاً،وقالي انه هيغير ويجلنا.. بس أنا هروحله واجيبه بنفسي لحد عندك كمان”.. 
بكت “إسراء ” وضحكت بأن واحد وتحدثت بنبرة راجية قائله.. “متخلهوش يمشي قبل ما اشوفه يا ديجا علشان خاطري”.. 
رفعت “خديجة” يدها ومسحت عبراتها بحنو مردده.. 
” حاضر يا حبيبتي.. بس أهدي وكفاية عياط بقي،واغسلي وشك كده، وانا هجبهولك واجي على طول”.. 
حركت” إسراء” رأسها بالايجاب، وانتظرت حتي اغلقت “خديجة” الباب، وركضت مسرعة نحو حمام الجناح مرددة بفرحة غامرة.. 
“هاخد دش سريع واجي.. ادعيلي من قلبك يا ماما”.. 
“إلهام” بحب.. “دعيالك يا ضنايا.. ربنا يهدي سرك، ويصلح حالك ويفرح قلبك يا إسراء يا بنت إلهام”.. 
أمنت” إيمان ” على دعائها، وهبت واقفه، وتحدثت بخجل.. “خالتي إلهام انا هاخد محمود واروح على اوضتي.. ميصحكش أفضل هنا لما جوزها يجي يرضيها”.. 
ابتسمت لها” إلهام” بامتنان قائله..” كلك زوق ومفهوميه يا بت يا إيمان”..
بادلتها” إيمان ” الابتسامة ونظرت للصغيرة “إسراء”..” تيجي معنا يا إسراء؟ “.. 
حركت الصغيرة رأسها بالنفي وتحدثت بوجه عابس قائلة.. 
” لا أنا مستنيه فالس”.. 
………………………………. 
.. بغرفة فارس.. 
كانت “خديجة” تجلس بجواره على إحدي الأرائك ممسكة يديه تتفحصها بنفسها وتقوم بتطهيرها.. 
“مراتك مبطلتش عياط من ساعة ما جبتها الأوضة عندي يا فارس”.. 
أردفت بها” خديجة ” بعتاب، وتنهدت براحة حين تأكدت ان جروح يده جميعها سطحية.. 
أطبق جفنيه حين شعر بقبضة قوية تعتصر قلبه بسبب بكاء ساحرته.. صك على أسنانها بعنف، وأطلق زفرة نزقة من صدره وهو يقول بجمود مصطنع.. 
“غلطت ولازم تتعاقب يا ديجا”..
ربتت” خديجة” على كتفه، وتحدثت بتعقل قائله.. 
“يا حبيبي اسمعها الأول.. أفهم منها وأعرف اللي حصل براحة.. متعاقبهاش من غير ما تسمعها.. انت كده بتظلمها، وبتوقع نفسك في غلط أنت كمان”.. 
نظر لها “فارس” قليلاً.. يتأمل ملامحها البريئه،وعينيها التي تفيض له بالحب والحنان.. 
” بتبصلي كده ليه يا فارس؟!”.. 
قالتها” خديجه” بنبرة متعجبه..
أبتسم لها” فارس” ابتسامة هادئه..رغم بريق العبرات التي ظهرت بعينيه جعلت” خديجة” تشهق بصوت خفيض، وأسرعت باحتضان وجهه بين كفيها، وبدأت تبكي بنحيب وتتحدث بلهفه قائله.. 
“فارس أيه الدموع اللي بتلمع في عيونك دي.. مالك يا حبيبي”.. 
أمسك “فارس “كلتا  يديها وضعهما فوق شفاهه ليلثمها مغمغمًا.. 
“كل سنة وانتي طيبة”.. 
صمت لوهله وتابع بامتنان وحب، واعتزاز شديد يظهر على ملامحه ونبرة صوته.. 
“يا أمي”.. 
أنهي جملته ومد يده لصندوق كبير من اللون الوردي بشريط حريري عريض من نفس اللون كان موضوع أمامه على الطاولة حمله، وأعطاه لها، وهو يجذب رأسها عليه ويطبع قبله مطولة فوق جبينها مكملاً.. 
“يا أحن وأطيب قلب في الكون كله”.. 
لم تتمالك “خديجة” نفسها من الفرحة، واجهشت بالبكاء وهي تتتقل بنظرها بينه، وبين هديته لها وتردد بعدم تصديق من بين شهقاتها.. 
“معقول يا فارس.. فاكر عيد ميلادي في وسط المشاكل اللي أنت فيها دي كلها؟!”.. 
“أنسى نفسي ومقدرش أنساكي ولا أنسى فضلك عليا يا أحلى ديجا”.. 
قالها وهو يمسح عبراتها بأنامله جعلتها تبكي بنحيب أكبر، ووضعت الصندوق على الطاولة مجدداً، وفتحت زراعيها له متمتمه بصعوبة.. 
” تعالي في حضني يا روح قلب ديجا”.. 
“طول عمرك وأنتي واخداني في حضنك يا خديجة.. المرادي أنا اللي هاخدك في حضني”.. 
قالها، وهو يضم رأسها لصدره ويربت على ظهرها بكف يده مغمغمًا.. “ربنا ميحرمنيش منك أبداً”.. 
“ولا يحرمني منك يا فارس”.. قالتها وهي تقبل كتفه، ورفعت عينيها الباكية ونظرت له بابتسامة مكملة..”كل مرة بتأكد ليِ ان عمري معاك مرحش هدر.. وإنك أغلى وأحلى حاجة طلعت بيها بالدنيا يا ابني”.. 
“فارس”.. “أنا اللي محظوظ بيكي وبوجودك في حياتي يا أغلى الناس”.. 
عبست بملامحها بغضب مصطنع، وابتعدت عنه متمتمه.. 
“لو فعلاً أنا غالية عندك صالح مراتك، وخدها هي في حضنك.. البنت هتتجن عليك و عيونها تعبتها من كتر العياط يا فارس”.. 
هبت واقفه، وسحبته من يده خلفها متجهه لخارج الجناح..” يله تعالي معايا خد مراتك ودي هتبقي فعلاً هديتي لما أشوفكم مبسوطين مع بعض يا حبيبي”.. 
“فارس “.. “هاجي معاكي بس خدي هديتك الأول، واعملي حسابك هعملك أحلى عيد ميلاد زي كل سنة.. بس لما اظبط الدنيا شوية”.. 
حملت “خديجة” هديتها على عجل، وسارت معه للخارج بابتسامة متسعة تدل على شدة فرحتها.. بينما هو يسير بخطوات متوتره بعدما ازدادت دقات ذلك القلب الراجف بين أركان الضلوع يصرخ بعشق تلك الساحرة.. 
رباه لم يمر سوي بضعة ساعات تضاعف بهم شوقة لها أضعاف مضاعفة.. يود أن يطوقها بين زراعيه ليطمئن قلبه الذي أرتعد و أوشك على التوقف من فزعه وهلعه وخوفه من فقدانها.. 
توقفت” خديجة” أمام الباب، وطرقت عليه بمرح مردده.. “افتحي يا إسراء.. فارس معايا”.. 
“ادخل يا فالس”..صرخت بها الصغيرة بفرحة غامرة،وهي تركض نحو باب الغرفة، وتحاول فتحه.. 
فتحت “خديجة” الباب، ودلفت أولاً،ومن ثم خطي “فارس” خلفها..لتقابله الصغيرة فاتحه زراعيها تحثه على حملها.. 
“أهلاً بحبيبتي”.. قالها وهو يميل بجزعه عليها، ويحملها بين يديه، ويعانقها بحب أبوي صادق،وعينيه تدور بانحاء الغرفة بحثاً عن زوجته.. انقطعت أنفاسه للحظه وبهتت ملامحه حين وجد الغرفة خاليه.. لا توجد بها غير الصغيرة و إلهام جدتها تنظر له بعتاب متمتمه.. 
“إسراء في الحمام يا ابني”.. 
تنهد براحه، واعطي الصغيرة ل “خديجة” وهو يقول.. 
“طيب أنا هروح أغير هدومي علشان عندي مشوار مهم.. خليها تحصلني على اوضتنا لما تخرج”.. 
“إلهام”.. بتساؤل.. “هتحصلك إزاي وأنت حالف عليها يمين متخرجش من باب الاوضة يا فارس يا ابني؟ .. كده لازم تخرج كفارة يمين الأول علشان بنتي تقدر تخرج وتجيلك”.. 
“خرجته طبعاً يا مدام إلهام.. اطمني”.. قالها وهو يستعد للسير بخطوات مجهده.. 
تهللت أسارير” إلهام ” وتحدثت بابتسامة قائله.. 
“رغم أن ليا عتاب عليك بس مش هتكلم معاك دلوقتي.. لينا كلام مع بعض لما تروق كده وتهدي وتتصافي مع مراتك.. ربنا يصلح حالكم ويملي حياتكم هنا وسعادة وميحرمكوش من بعض أبداً قادر ياكريم يارب”.. 
“اجي معاك يا فالس”.. قالتها الصغيرة التي تحملها “خديجة” ببوادر بكاء جعلته يلتفت لها، ويميل عليها قاصداً وجنتيها المملؤتين لثمهما بعمق وهو يقول..
“عيوني لعيوني”..نظر ل” خديجة” مكملاً.. 
” لبسيها يا خديجة على ما أجهز.. هاخدها معايا”.. 
أنهي جملته، وسار لخارج الجناح غالقاً الباب خلفه.. لتفتح “إسراء” باب الحمام الذي كانت تختبئ خلفه بعدما تأكدت من ذهاب زوجها، وخرجت بخطي مرتجفه خافضة رأسها وتتحدث ببكاء.. 
“خايفة أوي، ومش قادرة اوجهه يا ماما”.. 
انتفضت بفزع، وشهقت بصوت خفيض حين تحدثت”إلهام” فجأة بغضب، ونفاذ صبر قائله.. 
“بت أنتي بطلي خوفك اللي بيخليكي تعملي كوارث دا، وأمشي انجري من هنا روحي ورا جوزك.. متفقعيش مرارتي الوحيدة”.. 
“براحة عليها يا لوما”.. قالتها” خديجة” وهي تقترب من”إسراء ” وتربت على ظهرها بحنو مكملة.. 
“متخفيش من فارس يا إسراء.. فارس بيحبك أوي ومش هتهوني عليه يقسي عليكي أكتر من كده، كل اللي عمله معاكي دا على فكرة من خوفه عليكي والله.. خايف يطولك غضبه وقتها.. فجابك عندي هنا”.. 
أخذت” إسراء” نفس عميق، وسارت نحو الخارج وهي تقول.. “أنا عارفه يا ديجا..وواثقة من حبه ليا”.. 
……………………………   
داخل غرفة مظلمة .. خالية من الأثاث إلا من كرسيي صغير متهالك تجلس عليه “ديمة” مقيدة اليدين والقدمين تبكي بصمت،وجسدها يرتجف بقوة بعدما ظلت وقت طول تصرخ بلا توقف.. 
أصبح الهدوء يسود المكان بشكل يثير القلق..حتي تسلل ضوء خافت عبر النافذة الحديديه أضاء الغرفة من حولها.. ارتعد قلبها أكثر حين استمعت لأصوات أقدام تقترب من الغرفة.. 
فتُح الباب ودلف منه رجل بأواخر عقده الخامس قوي البنيه.. شديد الهيبه والوقار.. اقترب منها بخطوات هادئه حتي توقف أمامها مباشرةً.. 
رمقها بنظوة نارية، وتحدث بابتسامة مصطنعة تزين محياة التي مازالت وسيمة وتنبض بالحياة رغم تقدمه بالعمر.. 
“مرحباً ديمة”..
نظرت له “ديمة” بأعين زائغة، وابتلعت لعابها بصعوبة متمتمه بتساؤل.. 
“من أنت؟.. وماذا تريد مني؟!”..
صمتت لبرهه، وتابعت بنبرة تهديد .. 
“انا أحذرك.. أنت مختطف ابنة رئيس الوزراء”.. 
وضع يديه بجيب معطفه سرواله مغمغماً.. 
“امممم.. أعلم من تكوني ، ودعيني أخبرك أنا من أكون “.. 
صمت لوهلة وتابع بجملة جعلتها تطلع له بأعين جاحظة حين قال.. 
” أنا محمد الدمنهوري.. والد فارس الدمنهوري.. جئت من فرنسا خصيصاً لأعاقبك بنفسي على كل أفعالك الحمقاء بحق ابني، وزوجته”.. 
أنهي جملته، ونظر لإحدى رجاله مغمغماً بأمر.. 
” هيا ابدأ عملك”.. 
“اتركني.. أنا لم أفعل لهما أي شيء”.. 
قالتها” ديمة” بصراخ وهي تتحرك بهيستريه كمحاولة منها لفك قيدها.. حين رأت إحدي رجاله يحمل ماكينة حلاقة ويقترب منها قاصداً خصلات شعرها.. 
………………………………… 
.. داخل شاليه فخم على بعد خطوات من فندق فارس .. 
يمكث به” غفران ” وعائلته الصغيرة.. 
” عهد”.. تقف خلف زوجها عاقدة زراعيها أمام صدرها.. تتابعه وهو يهندم ثيابه ويمشط شعره الغزيز بعناية..، وتتحدث بغضب قائله.. 
“ممكن أعرف أنت سايبني و رايح فين دلوقتي..أنت قولتلي أننا جايين هنا في أجازة يا غفران”..
ترك الفرشاة من يده على منضدة الزينه، والتفت ينظر لها بابتسامة الدافئة مغمغماً.. 
“حبيبة قلبي عندي مشوار مهم.. هخلصه وارجعلك هوا.. وكمان انتي ناسية الأمانه.. مش لازم جدها يعرف أننا جبناها معانا”.. 
اقترب منها وحاوطها بذراعيه مقربها منه حد الالتصاق، واستند على جبهته بجبهتها وتابع بجدية مصطنعة.. “وبعدين أنا عايز اعترفلك بحاجة كدة”.. 
داعبت صدره بأصابعها الصغيره، وهمست بغنج.. 
” أعترف “.. 
لثم جانب شفتيها بلهفه مدمدماً.. 
” اممم.. الحقيقه أنا جاي هنا في مأمورية مهمة وشديدة أوي يا عهودة”.. 
ضحكت بدلال بعدما تفهمت مقصدة، وهمست بخجل قائله.. 
“ويا تري بقي أيه هي المأمورية دي يا حضرة المقدم”.. 
غمز لها بمكر، واعتلت ملامحه ابتسامة متراقصة وسار بكف يده على جسدها حتي توقف فوق بطنها مباشرةً.. مسد عليها بلمساته التي تبعثر مشاعرها.. 
” ناوي بأمرالله منرجعش غير وأنتي حامل مني تاني يا عهد”.. 
دست نفسها داخل حضنه،ودفنت وجهها بحنايا صدره وبستحياء همست.. 
“طيب هتروح مشوارك، ولا نبدأ المأمورية من دلوقتي؟”.. 
زاد من ضمها له مستنشق رائحتها باستمتاع وهو يقول.. “هروح وارجعلك على طول.. مش هتأخر عليكي” .. 
……………………………. 
“إسراء”..
رفعت يدها المرتجفة و طرقت على باب جناحهما الخاص.. لحظات وصدع صوته المزلزل لكيانها قائلاً بصرامة..
“أدخل”..
تسارعت دقات قلبها بجنون.. تلاحقت أنفاسها ،وأصبح صدرها يعلو ويهبط بوضوح.. فتحت الباب ببطء ودلفت للداخل بخطوات هادئة،وأغلقته خلفها..
وقفت لبرهه مكانها وجهها مقابل الباب تحاول السيطرة على أنفاسها المتهدجة.. أخذت نفس عميق واستدارت تبحث عنه بلهفه، أعين تصرخ من شدة الإشتياق..
احتقن وجهها بحمرة قاتمة عندما وقعت عينيها عليه.. 
كان “فارس” يقف أمام المرآه عاري الصدر ممسك منشفة قطنية يجفف بها خصلات شعره الغزيرة.. ومنشفه أخرى لف بها خصره بأحكام.. فكما يبدو أنه فرغ للتو من غُسلٍ كامل..
إزدارت لعابها بصعوبة من هيئته المثيرة التي تدفعها للإنهيار.. 
“هتفضلي واقفة عندك كتير؟!”..
قالها دون أن يستدير لها.. بينما عينيه تتابعها بشغف عبر المرآه..
انبلجت ابتسامة ماكرة على ملامح “إسراء” الرقيقة، وسارت نحوه بدلال وغنج حتي أصبحت خلفه مباشرةً.. يشعر بأنفاسها الملتهبه تلفح بشرته وهمستها ذات الحنين المتأوه.. 
“فارس.. لازم تسمعني.. عايزة أحكيلك”..
تسمر بمحله حين رفعت كلتا يديها ولفتها حوله تضمه لها بكل قوتها.. بينما تسللت يدها الصغيرة على عضلات بطنه السداسية حتي وصلت لصدره وربتت عليه بحركتها المعتادة جعلته يغلق عينيه بستمتاع بلمستها التي تذيب قلبه،وتفقده صوابه..
سيطر على مشاعره تجاهها بصعوبة.. رسم الجمود على ملامحه، والتفت لها ببطء، وتحدث ببعض الحدة قائلاً .. 
“احكي.. أنا سامعك”.. 
لم تبتعد هي عنه.. بل تمسكت به أكثر..
ملتفه بيدها حوله تضمه لها، واضعه رأسها على صدره.. انبلجت ابتسامة على ملامحه المرتعبه حين استمعت لدقات قلبه المتسارعة بفعل تأثيرها عليه.. 
رفعت رأسها ونظرت له نظرتها التي تسحره، وهمست ببوادر بكاء.. 
“والله العظيم يا فارس الوسيلة دي أنا كنت مركباها من بعد ما خلفت بنتي إسراء على طول”..
هبطت دمعه حارقة على وجنتيها، وتابعت بغصة مريرة.. 
“أنا بين يوم وليله لقيت نفسي أرملة، والدنيا ضاقت بيا أوي لدرجة أني كنت قربت اشحت اللقمة علشان اكل بنتي وأمي، وأنت قولتلي إنك كنت متابعني وعينك عليا دايماً صح يا فارس”.. 
لف يده حولها بحماية، وقربها منه، وهو يحرك رأسه بالايجاب، وعلامات الأسف والخزي ظاهرة على ملامحه حين داههمته ذكري أفعاله معها.. 
” مكنتش فايقه ولا فاكرة أروح لدكتورة وقتها تخلصني من الوسيلة دي.. لحد ما اتجوزتني”..
تمعنت النظر لعينيه ورفعت يديها عانقت وجهه بين كفيها.. “وقتها قولت أن عمري ما هحبك، ومستحيل يكون ليا ولاد منك”.. 
رأت الغضب يتملك من ملامحه لتسرع هي وتكمل بلهفه.. 
“بس أنت حققت المستحيل، ومش بس خلتني أحبك يا فارس”.. 
وقفت على أطراف أناملها، وهمست أمامه شفتيه.. 
“أنا بعشق كل حاجة فيك”.. 
ختمت جملتها بقبلات صغيرة توزعها بالتساوي بين شفتيه العلوية والسفليه.. 
كم راقته فعلتها هذه.. وجد نفسه يضمها.. بل يعتصرها بين أضلاعه، وبهمس خطر قال.. 
” كنتي هتروحي مني بعد ما صدقت لقيتك”..
اصطك على أسنانه بعنف، وترقرقت عينيه بالعبرات مكملاً بغصة يملؤها الآسي.. 
“لو كنت اتأخرت عليكي لحظة واحدة كانوا هيحرموني منك عمري كله يا إسراء، ودا كله بسبب تهورك واندفاعك اللي هيوقف قلبي في مرة من خوفي عليكي”.. 
“بعد الشر عليك يا حبيبي.. ربنا يجعل يومي قبل؟!”.. منعها بشفتيه من إكمال حديثها..
لف يديه حول خصرها رفعها داخل حضنه حتي لم تعد قدميها لمسة الأرض..عمق قبلته لها.. يقبلها بلهفه واشتياق عاشق مجنون.. مغرم بها غرام ليس له مثيل.. 
هبط بشفتيه ،ودفن وجهه بعنقها يلثمه بحرارة تاركاً عليه إحدى علاماته المميزة التي تستمر بالظهور لأيام.. 
تخدرت على أثرها جميع حواسها، لمسته لها تجعلها تغرق بأعماق بحر غرامة الذي يمنحها شعور من اللذة والإكتفاء الكامل.. 
طرقات متتالية على باب الجناح جعلته يبتعد عنها على مضض حين أستمع لصوت “هاشم” يصرخ بأسمه بجملة سقط قلبه ارضاً على أثرها.. 
“فارس.. والدتك طالبة تشوفك حالاً”.. 
يتبع…… 
لقراءة الفصل الخامس والثلاثون : اضغط هنا
لقراءة باقي فصول الرواية : اضغط هنا
نرشح لك أيضاً رواية الساحر للكاتبة ياسمينا

‫4 تعليقات

اترك رد