روايات

رواية أترصد عشقك الفصل الثاني والثلاثون 32 بقلم ميار عبدالله

رواية أترصد عشقك الفصل الثاني والثلاثون 32 بقلم ميار عبدالله
رواية أترصد عشقك البارت الثاني والثلاثون
رواية أترصد عشقك الجزء الثاني والثلاثون

رواية أترصد عشقك الحلقة الثانية والثلاثون

الحياة والقوانين تتغير
حتى الحب يقل توهجه فى عيون العاشقين ما لم يلقى صداه في قلوب الآخرين
حتى من يصبح جاحدا، ساخرا، قويا، مسيطرا
يأتي يوم ويفقد قوته وجبروته!!
يسخر العقل ،ويصفق قلبه بمرارة على ما اقترفه بلحظة جنون وغياب عن الوعي
العقل كان مسؤولا
وما زال
حتى تلك الثانية لم ينكر، ولله لو عاد به اليوم مرة اخرى .. لن يتردد بصفعها وإزهاق روحها
لن يتردد فعلا
لكن القدر له لعبته
هريرته الناعمة أصبحت نمرا مفترسا ،وخربشاتها التي لم تكن سوى علامات جروح على جسده سابقا
أصبحت خربشاتها مميتة، قاتلة لا سبيل للشفاء ..
الرجل يتردد بين الفينة والأخرى وهو ينظر نحو الرجلين الخارجين ببساطة من معركة حامية الوطيس .. جعله يجلى حلقه واهتزت اوراقه ومستنداته ليدقق النظر هامسا بتوتر وقد تفصد العرق من جبينه
-دعوة طلاق ،رفعتها السيدة …
تعثرت شفتيه وهو يلاحظ ثور ينطلق فى وجهه ليخطف الورقة منه قائلا بحدة
-عارف مين اللي رفعتها
احتدت عينا نضال وهو يقرأ الدعوة ليتنفس بهدر لينتفض وحشه الهائج لقتلها
كيف تجرأت
كيف تجرأت على ذلك
هل لكونها بين أحضان عائلته سيكون  شفيعا لها
سيقتلها أمام أعينهم ،ولن ترمش عيناه .. بل سيقف بجمود وهو يراها تتلفظ أنفاسها الأخيرة
أظلمت عيناه وبرزت عروق يده وعنقه ،واحتدت انفاسه ليجلى الرجل حلقه وهو يحاول استكشاف طريقة للمغادرة دون أن يبطش به الوحش الثائر لتتضطرب حدقتيه وهو يستمع الى انفجار ضاحك هستيري ،تنقلت عيناه نحو الرجل الآخر الذي يعدل هندام قميصه وعينيه تنتقلان بين الرجل الساكن الذي يقسم الهدوء ما هى الإ طبقة خادعة منه ليتمتم ماهر
-واضح دعوات المظلومين مستجابة
اقترب ماهر وهو يربت على كتفه قائلا بوعيد شرس
-بس صدقني مش اخر مقابلة ما بينا
كور نضال قبضة يده مستعدا للفتك بالاحمق أمامه ثم سيستعد لعشائه المميز معها، ستكون وجبته الأخيرة ثم سيرسل باقة وردها على قبرها بعد أن يدفن عظامها !!
تراقصت الشياطين عبثا على أوتار الجنون، و حافة الانهيار !!
انهارت كما انهار العالم بأكمله
الضربة قوية، بل قاسمة شطرته لنصفين
صاح فى وجهه وهو يرمقه بجنون
-حاول لو قدرت ترفع ايدك عليا المرة الجاية
لم يرمش ماهر ولم يهتز بدنه وهو يستمع إليه، ما يشعر به هذا الحقير لا يساوى شيئا كالذى عاشه هو
رمقه بتهكم وهو يجيبه بجفاء
-ده لو وقتها لسه بتتنفس وعايش معانا
ثم استدار راحلا غالقا الباب خلفه بعد أن فر الرجل محافظا على حياته التى اوشك على خسارتها، جعد نضال الورقة وعينيه تحكيان عن القصاص
حاول أن يبحث عن شئ يفرغ به طاقته لكنه لم يجد اي شئ والورقة تمزقت من فرط عصبيته ليستدير على عقبيه راحلا
وما يضمره ليس خير على الأطلاق
إلا أن نداء باكى أوقفه
-بابا
من خضم جنون وثوراته المتفاقمة نساها، سقط نظراته الغاضبة على شمس التى انفجرت فى البكاء من نظرات أبيها التي لم تتعرف عليه وتلتصق على الحائط تشيح بعينيها بعيدا عنه
زفر نضال بسخط معترفا بكاءها ودلالها الزائد افسدها، افسدها لدرجة لا يستطيع تقويم تلك الفتاة ابدا
توجه نحوها وهو يهبط بجذعه لتزداد شمس التصاقا بالحائط وتخفي بكلتا كفيها وجهها ليزفر نضال بغضب حقيقي وهو يجيبها بلهجة خشنة
-عايزة ايه دلوقتي يا شمس
حاولت الصغيرة مسح دموعها والتغلب على بكاءها لتهمس بعبوس
– اكل بابا
قلب نضال عينياه بنفاذ صبر حقيقي ليرفعها على ذراعه وهو يصيح بلهجة قاسية أجفلتها وجعلت عيناها تتسعان بجحوظ مخيف
– انتي عارفة لولاكي كنت جبتها وقطعتها
مدت الصغيرة أناملها تمسح الدم العالق بأنفه إلا انها نزعت يدها عنه ونظرت اليه بعبوس شديد وعدم رضا ليقول بخشونة
– قلبتي وشك ليه
تذكرت شمس فرح حينما كانت تمتم بكلمة معينة لوالدها لتهمس بضيق بالغ
-شرير بابا
اتسعت عينا نضال بتفاجئ وهو يحاول التذكر من اين تعلمت تلك الكلمة، هل هى مربيتها الغبية
والله سيقتلها ان علم انها هى السبب
تغاضي عن تأنيب ضميره وهو يخبره، ضايقتك الكلمة امام الضرب الذي تلقيته ناسيا ابنتك التي من المحتمل شاهدتك
لكن سرعان ما هز راسه نافيا ،محتملا وجودها منذ أن رن جرس الباب للمرة الثانية … تنهد بيأس
وهو يلعن غباءه
لدرجة نسيانه ان هناك فرد جديد يجب أن يعتني بها وحياته السابقة ليست مناسبة اطلاقا، اقترب منها بملامح عابسة
وتقطيب جبين ليقول بصوت جامد
– اتعلمتي الكلمة دي من مين
قلدته شمس فى تعبيرات وجهه إلا أن تقطيب الجبين لم تستطيع أن تصمد فيها طويلا وهى تنفجر ضاحكة
– دادا
زاد سخطه وتمرده والشياطين التى عادت لمخدعها انطلقت كمساجين فروا من السجون ليصيح بلهجة حادة قلما يتعامل بها مع الصغيرة
– متتضحكيش
لم تستمع له الصغيرة وهى تدس وجهها فى صدره ممرة كفها الصغير على مضخته الثائرة، تهدجت انفاس الأب وهو يراها تربت على قلبه
غامت عيناه وهو يمرر أنامله على ظهرها ليهمس بصوت خفيض
-قولت متتضحكيش
رفعت شمس بعينيها الماكرتين نحوه تنظر اليه بعينيها الواسعتين المخادعتين، استطاعت أن تلجم وحوش ابيها لتتسع ابتسامة مما جعل نضال يقترب منها قائلا بصوت عابس
– اتعدلي
انفجرت شمس ضاحكة وهى تمرغ وجهها بين جنبات قائلة
– شرير
صاح نضال بحدة وهو يرفع رأسها لتحدق اليه بعبوس
-شمس
ألحت الصغيرة مكررة الكلمة مما جعله يتمنى لو وجد شريط لاصق ويضعه علي فم صغيرته التي بدأت هى الأخرى تصبح حليفة لها
-شرير بابا
اللعنة عليكِ فرح
من أيضا لم تجعليه في صفك
هل انتِ راضية الآن ؟!!
عاد الحقد يملأ قلبه، والقبضة التى فى صدره يتغلب عليها بجسارة شديدة، لن يكون ضعيفا ابدا
ما دام له نفسا يتردد، لن يكون لعبة فى يدى تلك المخادعة الصغيرة التى آواها في منزله مشفقا عليها
الآن اكتشف انه هو المغفل الوحيد فى تلك اللعبة، لعبت به
ورطته كليا، لا ينفك ثانية وهو يتذكرها يلعنها ثم بعض الاشتياق
نعم اشتياق التعود، و العشرة مع المرأة التى ظلت زوجة رسمية لأشهر طويلة
نظر بقلة حيلة نحو التى تكاد تشبهه بنسختها المصغرة منه قائلا
–  عايزاني اعمل فيكي ايه ،قوليلي ها .. قوليلي
همست بتطلب وهى تنظر اليه بعينيها البريئتين
– عايزة ماما.. بابا
كظم غيظه وهو يجيبها بحدة
– قولنا مفيش ماما
كررت طلبها متوسلة وبدأت الدموع تشارك طلبها المتوسل
-عايزة ماما
صاح بصرامة وهو يتغلب على سحبها الى عناقه مربتا على ظهرها، يحاول ثقلها بجفاءه وبرودته
لكنها ناعمة جدا وضعيفة جدا كى تستطيع مدارة مشاعرها
ثم جانب منه لا يريدها ان تصبح مسخا مثله
بل افضل منه، يحاول أن يعطيها ما حرم منه
وافكارها مضادة لأفكاره، رغم أجواء البيت الكئيب إلا أن يحرص على جدالها مفتعلا الشجار معها والخصام
وهو يعلم انها لن تصمد الا وهى تحصل على مبتغاها فى النهاية،وبدل تنفيذه بهدوء وصمت البيت تمتد كايادي تزهقه
يبدد الصمت بشجارات لا متناهية ينتهي بتمثيل وضع العبوس وهو ينفذ طلبها، صاح بفظاظة شديدة
-متبكيش
اشاحت شمس بوجهها بعيدة عنه مشبكة اصابعها وتمد شفتيها بوضع مغرى جدا له ليقبلها ويدغدغها حتى تطالبه بالاكتفاء مزيلة عبوسها الذي يخيم على سماءه ليصيح بحدة
-بت
ما زالت على وضع العابسة، ليمد يده نحو ذقنها وهو يديرها اليه قائلا
-متبكيش
المه بكاءها وحفز مشاعر الأبوة لضمها وبثها الكثير من القبلات لصغيرته، ليقترب منها قائلا بصوت أجش
– خلاص انت عارفة بابا غبي
انقشع حزنها لتنفجر صاخبة بضحك
-بابا غبي .. بابا شرير
ماكرة الأخرى، ومثله غمغم بحدة
-محتاج اقص لسانك ولسانها
لوت شفتيها محدقة به بحدة ويأس ليقول  بحدة
-متبوزيش
صاح مهددا للمرة الثانية
– هقص لسانك
نظرت اليه بتفكه ولم تحاول حتى الخشية منه، بل نظرت اليه بثبات شديد وهو يقول بغلظة شديدة
-هقص شعرك
شهقت شمس تتمسك بخصلات شعرها وهي تنفجر فى البكاء الحاد ليزفر نضال بسخط فها هو زاد من بكائها بغباءه، لينفجر في وجهها بحدة
-اسكتي
مطت شمس شفتيها بعبوس وهي تمسح دموعها لتشيح بوجهها مخاصمة اياه لفترة لا تقل عن الخمس دقائق كعادة كل يوم، الصغيرة أصبحت تعتاد على نوبات ابيها ببرود شديد رافعة حظر الكلام ليعود الأب مصالحا إياها ليقول نضال بنفاذ صبر
-مفيش فايدة فيكي صح
رفعت شمس عيناها مظهرة تلك البراءة الخادعة لتسمع زفرة والدها الحادة قبل أن يميل مقبلا وجنتها مدغدغا اياها قائلا
– يا اخرة صبري
انفجرت شمس ضاحكة من دغدغات والدها لتطالبه وقتها انها جائعة، ليهز رأسه موافقا وهو يبحث عن أى طعام سهل التحضير لسد جوع الصغيرة، لكن الصغيرة لم تكتف لذلك الحد بل التصقت به كالغراء متطلبة ان تشاهد معه فيلم كرتونيا حتى غفت صغيرته، تنهد نضال بحدة لولالها هي لكان هدم المعبد بالذي به
ربما تراجعه تلك المرة كان أفضل، حتى لايزيد من توتر علاقته بعائلته وألا يتهور ويقتلها
لكن الأمر لن ينتهي لذلك الحد
نضال الغانم لا يدخل معركة ويخسرها، ابـــدا !!!
*******
فى قصر المالكي ،،
الكآبة تغلف المكان ويزيدها اختناقا وهى اكتفت حقا بعد حبسها الغير معلوم بين أربعة جدران، باحثة تلك المرة عن شئ جديد تستطيع النميمة عليه
أو السخرية خصوصا بعد الانفجار العظيم لتلك اللعينة فى المنزل
بقدر كرهها للجميع إلا أن كرهها قاتل ناحية تلك المرأة والرجل العجوز الذى بدأ يدرك خطأه فى آخر أيام حياته، مهما فعل فلن يستطيع تعويض أعوام عمرها السابقة
ثم يعوضها بماذا ؟؟
حماية ؟!!
هى قادرة على حماية نفسها دون حاجه أحد
مااال ؟
هذه أسهل شئ تستطيع الحصول عليه، ليس بحاجة لملايينه وهى من استطاعت على أن تصبح ذات مركز مرموق خلال بضعة سنوات
عاطفة؟؟!
لا هى اكتفت من العاطفة، تلك العاطفة الغبية التي أوهنتها وجعلت الجاحظ يحبسها وهي من قلة حيلتها لم تجادله
تصرخ فى وجهه، نعم
تتوعده، نعم
لكن ماذا تفعل بالنهاية !!!
لا شئ، هو الوحيد الذى لا تستطيع كرهه أو إيذاءه، فكلما همت بإيذاءه ينقبض قلبها ويشحب وجهها وكأنها هى من تقتل روحها وليس هو
المخادع
اللعين
الأحمق
الهيركليز خاصتها، بضخامة جسده وفظاظته تحبه
وهو .. هو لا يكلف عناء حتى الاطمئنان عليها، كأن وجودها بين جدران منزله أصبحت آمنة !!
انهت من وضع زينة وجهها بوضع أحمر شفاه قاتم تعلم كم يثير جنون لؤى وغيرته، لتتسع ابتسامة الظفر وهي تضع احمر الشفاه الخاص بها في الحقيبة لتحدق نحو خزانتها التي امتلأت قبل أيام بثيابها الخاصة والعديد مما اشتراه .. غير ناسيا علبة التجميل خاصتها التي تأخذها أينما سافرت
الحنون، المراعي .. كم هو لطيف !!
ابتسمت بسخرية وهي تعدل خصلات شعرها تنقر بغنج شديد على الارضية المصقولة متجهة خارجًا
تتسلح بكافة الدروع والاسلحة
رافعة أقوى أسلحة دفاع من أى محاولات غدر منهم
تلك المرة ستطأ أرضهم وهي مجبرة على المشاركة، فبدل من أن يحظوا بسلام نفسي ستعكر صفوهم بكلامها حتى يضطر لخروجها من منزلهم القابض للروح
ما كادت أن تتخطى عتبة باب الغرفة حتى تفاجأت بيد غليظة تتدفعها داخلا وصوت أجش حانق
-انتي رايحة فين
تعثرت فى خطواتها لترفع عينيها بشرز قائلة بحدة
-اعتقد انا مش بسألك لما بتخرج في مكان وتسبني في وش أربع حيطان
لكن هو لم يكن يهتم لصراخها بل عينيه هبطت تدريجيا الى ثيابها الخليعة المكونة من فستان ضيق بارزا تفاصيل جسدها السخية، أسود لعين كقلب شياطنته
يصل اسفل ركبتيها مع حذاء كعب وزينة وجهه فاتن جعله يحتقن غضبا وغيرة ليسأل بغلظة وهو يتقدم منها ممسكا ذراعها بخشونة آلمتها
-رايحة فين يا اسياااا
تأوهت بألم وهى تحاول نفض يده قائلة بغضب
-سيب ايدي
أنت وهو يقسو على يدها لترفع عينيها الزرقاوين وهي تصيح بصوت حاد
-سيبني
ومع اصراره وعدم اهتمامه بالأمواج المتلاطمة فى عينيها قالت بصوت متهكم
-رايحة مشوار مهم ،اصل الجو بقي كئيب حبتين بعد اللي حصل يومها
مالت قليلا تعدل ياقة قميصه قبل ان تدفن رأسها بجرأتها المعهودة وشغفها الشديد له، بل شوقها واشتياقها ما يجعلها دائما تتهور
وما قد يظنه الاخرون جرأة غير مستحبة من امرأة، او عرض رخيص لامتاع جسدها
يعلم هو ما تخبئه اسفل قناعات الاغواء والنظرات النهمة، داخلها يقبع طفله بالنهاية متلهفة للكثير من العاطفة التي حرمت منها
تصلب جسده ما ان شعر أنها طبعت قبلة على عرقه النابض ليهدر قلبه بعنف و يختلج عرقه النابض وهو ينظر اليها والعاطفة تسكن حدقتيها ليخف أنامله على يدها التى حررتها بسهولة وهي تطبع قبلة مرة أخرى على خده قائلة بتعجل
– عديني عايزة افطر مع عيلتك
خطوة واثنان لتفر هاربة منه خارجة الغرفة، اتسعت عينا لؤي بجزع قبل ان يركض خلفها وهو يراها  تهرول ناحية السلالم، لحقها وهو يجذبها بعنف ناحيته ليرتطم ظهرها بصدره الصلب وهى تجده يميل هامسا بأذنها بصوت اجش ارسل القشعريرة لكامل اطراف جسدها
– قسما بالله يا اسيا لو فكرتي بس..
أدارت بوجهها وهي تحدق إلى عينيه النهمتين، و تعطشه هو الآخر لها، لطالما تعلم أن الرجال يخرون هائمون من امرأة تغويهم، وهى لا تغوى أى رجل
هى تغوى زوجا، ورجل انصب نفسه حبيبا وعاشقا وأبا وشقيق
ربتت على ذراعه قائلا بسخرية لاذعة
– اعتقد اني معملتش حاجة يومها ،واللي طلع شرير هي عمتك جميلة .. يعني لما تيجي تعاتب او تهدد تهددها هي مش أنا
عينيه رغما عنه تهبطان نحو الحمرة القانية لشفتيها جاعلا اياه يشعر بالخدر والهذيان، بالكاد يستطيع التقاط بعض الكلمات كى لا يفقد رشده وهيبته أمام الجميع والعاملين في القصر، تأججت غيرته ليغمغم بحدة
-امسحي اللي في شفايفك ده
عضت على طرف شفتها باغواء متعمد جعلها ترى تلك النظرة القاتمة فى عينيه لتهمس بغنج
-ليه ده انت بنفسك قولت انه بيعجبك اللون الاحمر
لفت ذراعيها حول عنقه وادارت بجسدها لتميل نحو اذنه هامسة بصوت خفيض
– نسيت يا بيبي ولا ايه ؟!! ،تحب افكرك ؟
ضيق عيناه ليدفعها ببعض الحدة عنه قائلا
– ورايا شغل
هزت رأسها بسخرية، هذا رده
أما لديه عمل
أو متأخر عن اجتماعه
والأنكى من هذا أنه يشعر بالتعب بالكاد يغفو ساعتين متواصلين لكى يستطيع الصمود لليوم التالى من كثرة رنين هاتفه المزعج الذى لا ينفك كل خمس دقائق ويرن
لو كان رئيس دولة لكان تفرغ لبعض الوقت له، لكنه يحب العمل .. فليعمل حتى يغرق في دوامة العمل.. غمزت بمكر قائلة
– بس  ساعة بعيد الشغل مش هيضرك ،خصوصا انك راجل متجوز ومن حقك تاخد حقوقك الزوجية مني
عقد لؤي بضخامة جسده ذراعيه ناظرا اياها
هل تتوقع منه انها حينما ترغب فى تلبية حقوقها انه سيلبي فى كل مرة !!
بالله هل تظنه أحمق ناسيا ما تفكر به عقلها الاحمق
هى تريده ان يظهر بصورة رجل جشع غير مراعي، متطلب بشدة وهى الضحية
تريده ان يظهر بصورة رجل بدائي متوحش تتحكم به غرائزه وهى كالحمل الوديع لا تستطيع إيقافه .. غمغم بجفاء
-مليش نفس حاليا
كاذب
عينيه تفضحانه
وقلبه الملتاع تسمعه يصرخ باستنجاء شديد لتلغى الحواجز بينهما، لولا انها تعلم انه لن يقربها أبدا  إلا أن يأخذ الكثير من الوعود مكبلاً اياها
ومانعًا وحش الثأر من الانتفاض
لذلك ترفض وتبتعد
وهو يتركها تأني عنه، راخيا الحبل دون افلاته
اندفعت بتهور وهى تلتصق بجسدها تستشعر نبضات قلبه الثائرة وتأن بصوت خفيض مثيرة وحوشه
علّ ذلك الوحش ينتفض ويكسر الحواجز التى بينهما لتهمس بغنج
-متكدبش عليا يا لؤي ،ده انت هتتجنن وتحبسني بين ضلوعك
رفعت عينيها تنظر الى الظلم البهيم فى عينيه لتقول
– ايه رأيك بليل يا بيبي ،اجهز نفسي ليك
اتسعت عيناه سرعان ما تجهم وجهه وهو يستشعر لمساتها الحسية ليغمغم بحدة
– اسياااااا
اجابته بهمس خافت وهي تتلاعب باناملها على مواطن ضعفه الخاصة، تثأر منه كما يثأر منها
– نعم
احتقن وجه لؤى وهو يزيح يديها عنه قائلا بغلظة
– بطلي اللي بتعمليه ده
انقلبت معالم وجهها لتجيبه بحدة
– على فكرا من حقي كزوجة برضو اخد نفس الحقوق دي ،مش وقت ما تحتاجنى هتلاقيني قعدالك على السرير واقولك سمعا وطاعة .. انت كمان تكون مجهز نفسك ليا وقت ما احتاجك وتلبي طلباتي
كادت ضحكة ساخرة تنفلت منه وهو يرى امتقاع وجهها من الحمرة والخجل كونه يرفضها رغم اساليبها بداية من اثارة غيرته وأسلوب النبرات المغناجة واللمسات الفاضحة والثياب الخليعة فى نظره
– اسياااا
صاح بتجهم ليسمعها تجيبه بحدة
– نعم يا بيبي
ربت على وجنتها قائلا بجدية
– احفظي لسانك قدام اهلك ،اياكي تتكلمي بالطريقة دي قدامهم فاهمة
لكزته على مرفقه ما دامت اساليب الاغواء فاشلة مع ذلك الهركليز فاشلة لتصيح بحدة
– علي فكرا انت جوزي ومن حقي المسك زي ما انا عايزة واقولك طلباتي
جذبها من مقدمة فستانها وقربها منه لتتسع عيناها بذهول والاحمرار طغى وجنتيها من الحرج ليهمس بصوت غاضب
– جوزك لما نكون لينا باب مقفول محدش شايفنا ،مش قدام الكل
زفرت بيأس وزرقة عينيها بهما بؤس جعله يقل من تجهم وجهه قائلة بحدة
– انت غبت كتير عني ،يرضيك تخليني انام وانا عندي كبت عاطفي .. على فكرا انت حر لو انت مجتش بليل متلومش غير نفسك لو روحت لغيرك
صرخت متألمة حينما صفعها، الحقير صفعها على ذراعها بقوة غاشمة ولولا انها فى منتصف القصر حيث الصاعد والهابط من السلالم سيرونهم لقتلها، امسك ذقنها بخشونة جعلها تئن  ألما وهي ترى الجحيم فى عينيه ليصرخ هادرا في وجهها قائلا
– فكريني المرة الجاية اجيب ابرة وخيط عشان اخيطلك شفايفك وارتاح من كلامك اللي عايز اقص فيه لسانك
عبست بحدة وهي تغمغم بسخط
– ايه دي انت هتغير عليا ولا ايه، لثواني افتكرت متجوزة فريزر
افلتت يدها بصعوبة شديدة من قبضة يده ونزعت ذقنها من أصابعه الغليظة لتذهب الى اجتماع الاسرة الصباحى، ترغي وتزبد وهي تلعنه
وتلعن الجميع
وتلعن نفسها هى شخصيا
وضعفها
وعاطفيتها
تقدمت نحو الطاولة المخصصة لطعام الإفطار لتتسع ابتسامتها الساخرة وهي تحيي الجد والشاب الأشقر ثم الحية الجالسة بجوار الأفعى الأكبر
– صباح الخير
دهش الجميع من وجودها، بل من سلاساتها وهى تأخذ مقعدا تتناول الطعام بهدوء شديد جعل الجد يطوى جريدته وهو يغمغم بدفء
– صباح النور
اقشعر جسد آسيا نفورا وغضبا ولم تملك سوى السيطرة على اعصابها قائلة بابتسامة فاترة حينما وجدته يتقدم نحو طاولة الطعام متخذا مقعده بجوار جده
– لؤي اصر كذا مرة اني اشاركم هنا ،بس اعذروني هكون وقحة بعض الاحيان وده مش بارادتي لاني للأسف ملحقتش الاقي عيلة تراقب علي كلامي وتقولي ده عيب وده صح
رسم الجد ابتسامة فاترة على شفتيه ليغمغم بصوت أجش قائلا بنبرة شبه مهددة
-بالهنا والشفا يا بنتى، بس انا مش هقبل اي كلام يكون فيه إهانة لعيلتي وعيلتك
لم تمر ما قاله مرور الكرام بل رفعت عينيها تحدق بمكر شديد نحو المرأة العجوز متجهمة الوجه، عابسة الملامح، لتغمغم ببرود
– معنديش عيلة كلهم ماتو بس واضح حتى اللي عندهم عيلة من وقت ما فتحوا عيونهم لسه انانين بطبعهم ومش عايزين يفرحوا عيالهم
تجمهت ملامح لؤي وهو يشعر بوجود شيء مريب خاصة نبرة الغضب حينما ذكرت وجد وما قامت به عمته فى تلك الليلة، منذ متى يعرفا بعضهما حتى تتحدث باندفاع عنها، لكن الجد غرد قلبه بسعادة وكان يعلم  أن صغيرته وجد ستستطيع ان تبرد نارها، حسنا لم يكن يتوقع استجابة فورية بل معاناة، ليكتم وسيم ضحكة تكاد تنفلت من شفتيه وهو يغمغم
– كانت نقصاكي هي كمان
استقامت جميلة بحدة من مجلسها قائلة
-عن اذنكم شبعت
لم يحاول أحد أن يستعطفها وهي غاضبة ولا حتى الجد الذى لم يكترث للأمر واستأنف قراءة جريدته إلا أن اسيا بددت الصمت قائلة بصوت واضح بدا كالهمس
– كدا الواحد ياكل وهو مرتاح
تأوهت بألم حينما شعرت بقدم لؤي تكاد تهرس قدمها ارضا لترفع ساقها الآخر وتدق بكعب حذائها على قدمه بقوة ادى الى  افلات قدمه مع تشنج جسده ادى الى انفلات ضحكة وسيم مع نظرات ماكرة جعل لؤي يتنحنح حرجا وهو يميل بالقرب من آسيا هامسا بخشونة
-اتلمي
رسمت ابتسامة مغيظة على شفتيها قائلة
– حاول لو هتقدر
غلفهم الصمت بعد نحنحة الجد الذي وأد أى حوار جانبي على سفرته، لتنظر اسيا بملل شديد وهى تحاول التفكير اين رحلت الحية تلك حتى تستطيع أن تفرغ بعض من احباطها وغيظها، رفعت رأسها حينما استمعت الى همس خافت أجش
-صباح الخير يا جدو
اقتربت وجد بخطوات كئيبة وملامح تعيسة وسواد يظلل عينيها الداكنتين لتهرع إلى جدها الذي قال بصوت دافئ
– صباح النور تعالي
انهارت الصغيرة فى عناق جدها،تحاول أن تصمد امامه ولا تنهار باكية رغم فضح عينيها و ارتجاف جسدها لتبتعد عن عناقه هامسة باعتذار
– اسفه اني اتاخرت
حفيدة مثالية بشكل مقزز كما توقعت اسيا
هزت رأسها ساخرة ولم تجد بدا  سوى من التفكير بصوت عال قائلة
– مش محتاجة تعتذري على فكرا ،من حقك انك تاخدي موقف
رفعت وجد رأسها لتعتري الدهشة ملامحها قائلة
– آسيا
رمشت وجد أهدابها عدة مرات لترتسم ابتسامة شاحبة على شفتيها هامسة بوهن
– انتى قاعدة هنا ولا متهيألي
هزت اسيا رأسها مغمغة بسخرية وهى تكاد تقتل لؤي من موضعه
-قررت اخرج اشم شوية هوا
بللت وجد طرف شفتها السفلى، لتهمس بحرج وهي توجه حديثها ناحية لؤي
– بعد اذنك يا لؤي ممكن اخد آسيا معايا لمشوار
أسقط لؤي الشوكة من يده لتقع على الطاولة مصدرة صوت بدد من سكون الغرفة، الجميع صامت وكأن على رؤوسهم الطير حتى اسيا لم تخفي دهشتها فى بادئ الأمر إلا أنها حافظت على برودة أعصابها وابتسامتها المغيظة للؤي الذي حاول ان يستشف أى شئ لكنه لم يستطيع واكتفي بنظرات زاجرة، وعيدية، حارقة  ليتنحنح بصوت أجش مرددا ببعض الريبة
– مشوار ؟!!
عاد ينظر نحو اسيا وبدا يحاول جمع الاحجية، لهفة اسيا بالخروج والذى ظنه بالبداية تمردا وكسرا لطاعته ثم خروج وجد وطلبها للاستئذان منه ببساطة لمشوار بين امرأتين لم يتوقع أن يتوافقا أبدا !!! توجد قطعة ناقصة، ليس غر احمق حتى يصدق وداعة آسيا والصحبة التي تظهرانها زادت من امتعاضه وهو يرى آسيا تغمغم بجفاء
– متسألنيش
عالج الجد الموقف وهو يعطيها موافقته
-اكيد طبعا ،اسيا مش حابسينها في البيت ،تقدر تخرج وتيجي براحتها
رفع لؤي رأسه باستنكار قائلا
-جدي
هز غالب رأسه وهو يحدق نحو آسيا قائلا بصرامته المعهودة
-بقالها فترة قعدة في البيت ومحاولتش تخرجها ،من حقها تخرج بس كله بمواعيده ،مفيش خروج بعد ١٠ بليل ولما تطلعي من الصبح اخرك الساعة ٨ تيجي البيت .. معاملتك هتبقي زي وجد
استقامت اسيا من مجلسها ولم تخفي امتعاضها سوى أنها همست ساخرة
-ناقص تشربني اللبن قبل ما انام
لكن الجد المترصد لكل حركة ورد فعل منها أجابها بابتسامة هادئة
– وماله
العجوز المتصابي، لن يكون حسابها معه الآن،التفت نحو وجد التى حثتها بعينيها على اتباعها لتنصاع لها
ولأول مرة وضعت بعضا من الثقة للصغيرة، تاركة اياها تقود ولو دقائق حياتها، لم تحاول حتى سؤالها حتى صعدت سيارتها وانطلقت وجد نحو المجهول بالنسبة لها، التفتت وجد ناحيتها قائلة
-مصدقتش نفسي انك قررتي تقعدي معانا، بس بما ان انا مش هقدر اقعد معاهم الفترة دى قررت اخدك لمكان تقدرى تجمعي فيه طاقتك زي ما ههحاول انا كمان
وصمتت بعدها لتحدق آسيا نحو الطريق بشرود شديد، لتتنهد وجد بقلة حيلة وطريقها يشق بسلاسة الى المؤسسة التى غابت عنها لأكثر من أسبوع مشتاقة بتلهف الى الأطفال، ثم صاحب الفضل الذي جلبها للمكان !!
***
اصطفت وجد سيارتها أمام المؤسسة الخيرية وترجلت من سيارتها، لتتسع عينا آسيا بشدة وهى تحدق نحو المكان بريبة سارعت بالترجل لتجد وجد تسحب حقيبة رياضية من حقيبة السيارة لتسارع بسؤالها قائلة
-احنا فين
ابتسمت وجد بعذوبة، وهى تعلق حقيبة سيارتها لتقترب منها ممسكة بذراعها تقودها الى داخل المؤسسة قائلة
– المكان ده اقدر اقولك انه غير مسرى افكارى وخلاني ابص مشاكلي وحياتي من زوايا مختلفة
-مكان فيه كمية طاقة وبهجة مش هتقدري تتخيليها ،انا جبتك هنا عشان في يوم كنت على حافة الجنون والموت .. لحظة يأس وضعف اتملكتني وحسيت العالم كله انحني بضهره ليا وبقيت لوحدى بعانى من الوحدة ووجع القلب
فغرت اسيا شفتيها بصدمة، هل تلك الرقيقة الناعمة ؟
هل تلك الصغيرة المطيعة لدى عائلتها؟
تأملت تقاسيم وجهه وجد المتألمة وهى تعلم الى من تشير بحديثها عنه، تأججت نيران الغيرة والغضب واسودت ملامحها قتامة لتسترسل وجد وعينيها تومضان بشغف تعلمه
-بس اكتشفت انى كنت غبية ،وجع القلب كان وجع كرامة .. وجع حلم مش اكتر بس القلب لسه محفوظ .. والوحدة عالجتها بالمجانين دول
جزت اسيا على اسنانها وهى تكاد تطحن ضروسها، لترفع عينيها محدقة نحو المكان بوجوم شديد
لقد علقت مع تلك المرأة، مستفزة مشاعرها وضعفها وهى التى قررت رفع حائط صد ضد أي هجمات عاطفية، تفاجأت بإعصار صغير مقتحم لخلوتهما
ميس وجد .. ميس وجد
دفنت تسبيح رأسها فى صدر وجد التى هبطت بجذعها معانقة اياها باشتياق، لتميل وجد مقبلة كلتا وجنتيها وتسبيح ترفع عينيها مغمغة بعتاب
– وحشتيني جدا ،بقيتي تغيبي كتير
مسحت وجد دموع الصغيرة الواشكة على السقوط لتغمغم
-اسفه بس اوعدك انى هش هكرر ده تاني
استكانت ملامح تسبيح لترفع عينيها نحو آسيا، فغرت شفتيها بصدمة.. تبدو كساحرة الأميرة النائمة فيلهما المفضل، اتسعت ابتسامتها مما جعل اسيا تعقد حاجبيها بريبة لتسأل بفضول
-مين الانسة الاجنبية الحلوة دي
لم تشعر اسيا سوى أنها عقدت حاجبيها بذهول متمتمة باستنكار
-انسه !!
ضحكت وجد بشقاوة وهى تقرص وجنتي تسبيح قائلة
-دي تبقي بنت عمي آسيا وتقدري تعتبريها زي صاحبتك
ثم رفعت وجد عينيها بيأس نحو آسيا التى لم تحاول حتى الاقتراب والقاء تحية
لولا انها تعلم حساسية تسبيح تجاه وضعها الخاص، لما طلبا منها ابدا
انفجرت تسبيح فى البكاء وهى تشعر باليأس حينما لاح الاستنكار وبعض النفور من صاحبة العينين الزرقاوين قائلة
-هى خايفة انى اعديها عشان كدا مش عايزة تسلم عليا
نغزة قوية آلمت قلب آسيا وهى لا تعلم لما رق قلب نحو تلك الطفلة، هى لم تنظر ابدا الى مرضها ولم تشمئز منها
لكنها دائما حذرة فى التعامل مع الجميع، حتى ولو كانت طفلة باكية ترغب فى احتضانها ومواساتها!!
سارعت وجد بالنفي وهي تقبل وجنتيها قائلة
– لا لا ،هي عشان تعبانة وعندها برد خايفة تعديكي بس اول ما تبقي كويسة هتاخدك بالاحضان .. وبعدين انتي عارفة انك حلوة و كاملة ومفيش حاجه نقصاكي
مطت تسبيح شفتيها بعبوس شديد وهى ترفع عينيها البريئتين نحو آسيا التى هزت رأسها على كلام وجد، لتعود نحو وجد قائلة بصوت متحشرج
-بس اى حد غريب بيدخل ويشوفني بيشمئز مني يا ميس وبعيط وساعات بتمنى اني اكون مع بابا وماما
ازداد سخط آسيا واشتعل غضبها لتصيح بسخط واضح
– متسمحيش لحد يهز ثقتك بنفسك ،لو كانوا بيعاروكي بعيب فى شكلك فهما كمان عندهم عيوب فى قلوبهم .. وعيوب القلب بتعمي الصاحب وبتخليه قلبه اسود وحاقد حتى لما يشوف حد مميز عنه ومتفرد عنه بأي شكل بيغير منه ولأنه عاجز، بيستخدم لسانه عشان يعاير بيه الاحسن منه ويدمره
رفعت وجد عينيها نحو آسيا لترتسم ابتسامة ناعمة وهى تربت على ظهر تسبيح التي توقفت عن البكاء، عينيها متسعة بذهول شديد وهى ترى زرقة عينيها تتغير بين الفينة والاخرى
بين وهج ازرق قوى الى ظلام حالك، فغرت تسبيح شفتيها لتتنحنح اسيا قائلة
-فهمتي حاجه
لم تفهم بالطبع، لكنها تواسيها وتشد من أزرها هذا ما فهمته، هزت رأسها موافقة وهى تهمس بخجل
– ايوا فهمت ،بس انتى حلوة اووي وعيونك حلوة
انفجرت وجد ضاحكة وآسيا التى عبست واضعة يديها اسفل عينيها قائلة
-عيوني!!
هزت الطفلة رأسها وما زالت تحدق بانبهار شديد لتميل آسيا بجذعها وملامح المكر اعتلى وجهها ليزيد وهج زرقة عينيها مما جعل تسبيح تحبس انفاسها بانبهار
-يعني مش بيخوفوكي
سألتها آسيا ببعض المكر لتهز تسبيح رأسها نافية
-لا ،دكتور عاصي عيونه ملونة بس عمرها ما خوفتني وانتي كمان، اقولك علي سر
خفت صوتها فى اخر لتميل اسيا برأسها وتسبيح تهمس بخجل
-انا بخاف من العيون السودا
رفعت اسيا عينيها محدقة نحو وجد بمكر، لتتصنع وجد البؤس قائلة
-لحقتوا تتقفوا على بعض
تمسكت الصغيرة بكف اسيا التى ارتجف جسدها من لمسة الصغيرة المبتسمة باتساع قائلة بتوسل
-خليها تيجي معاكي يا ميس وجد ،انا حبيتها
سكن الصدمة فى نفس آسيا، لطالما الجميع يحذر من التعامل معها خشية من مكرها، الا تلك الصغيرة التى لم تخشى منها بل ترى عينيها اشبه بمفرقعات العيد!!!
صدر نحنحة ناعمة لتلتفت المرأتين ناحية روفيدا التي ابتسمت ببشاشه
-مساء الخير
زينت ابتسامة صغيرة على شفتي وجد التى عرفت المرأتين قائلة
-مدام روفيدا مديرة المؤسسة ،آسيا بنت عمى
مدت يديها مصافحة اسيا التى  ترددت قليلا قبل ان تسلم عليها، غمغمت المرأة بهدوء
-اهلا بيكي نورتي المؤسسة
لم تملك سوى أن تهز رأسها مغمغمة
-اهلا بيكي
حانت من روفيدا التفاته نحو التصاق تسبيح ناحية المرأة لتبتسم ببشاشة قائلة
– اسمحيلي اعرفها على الدار عشان معطلكيش يا وجد عن التدريب
هزت وجد رأسها موافقة وهى تنظر بعينيها ناحية تسبيح
-هتلاقيني في ملعب التنس لما تخلصي، تعالى يا تسبيح
ترددت تسبيح وهى تنظر ببراءة شديدة وتوسل أشد ناحية اسيا، وتحت الحاح وجد تركت يدها على مضض وهى تبتسم برقة
-هستناكي يا ميس آسيا
لوحت بيديها ملوحة اياها، مما جلب بسمة لآسيا وهي تتذكر طفلتها
مشاعر امومة مستفزة غلبتها وهى ترى اتساع ابتسام الطفلة الصغيرة، استفاقت من شرودها على صوت المرأة
-اول مرة تيجي هنا !!
غمغمت آسيا بشرود
-بس اول مرة اجربه بعد ما كبرت
عبست المرأة مغمغمة
– قولتي حاجه ؟
هزت آسيا رأسها نافية
– ابدا
اكتفت المرأة بالابتسام وهى تغمغم قائلة
-هشرحلك كل حاجه بالتفصيل واتمنى حقيقي متكونش اخر زيارة ليكي هنا
اكتفت آسيا بالابتسام فى وجهها، وهى تشعر ايضا انها ربما لن تكتفى بتلك الزيارة !!!.
****
فى قصر الغانم ،،
يقترب موعد الجلسة وهو لم يأتى حتى
لا تصدق ان نضال استسلم بتلك السهولة
ليست من عادته الصمت
وليس من شيمه الصبر وهى قد استفزته
لما لا يأتي بردة فعل، تخشي انه يجهز مصيبة او كارثة ستوديها قتيلة
أو هو يلعب على اعصابها ويوترها كما الآن!!
هي تخشى الخروج من القصر المهيب، رغم ات وقاص اخبرها أنه لن يتجرأ للدخول داخل القرية ولن يطئها ما دامت فيها
لكن هى تعلم نضال لن يصمت أبدا، وسيستخدم أساليبه الملتوية
اقشعر جسدها من الخوف لتحاول تبديد هذا الخوف مغمغمة
-انا خايفة من سكوته ده،نضال اللي اعرفه عمره ما هيسكت وهيبهدل الدنيا
انتبهت على سؤال أسرار الماكر
-وده اهتمام ده يا فرح
عبس وجه فرح، لن تفكر به ولن تسعى للاهتمام بالجميع، فرح القديمة انتهت تماما
ستكون انانية تلك المرة وستهتم بحياتها
وما فعله لن تسامحه عليه يوما، هو لم يتوانى يوما عن ضربها
وبخس قدرها
والحط من قدرها
والاستهزاء من مشاعرها
تجهمت ملامحها نفورا وهى تجيبها بصلابة
-لا ،انا اخدت قراري ومش هتراجع فيه وانتي عارفة مهما حصل مش هتخلى عن قراري
هزت اسرار رأسها دون محاولة الجدال معها، هى عانت حبا من طرف واحد، وظلت تعاني منه حتى بعد وفاة زوجها الأول وجاهدت بنسيانه تماما
لكن القدر له كلمة اخرى، وفى النهاية استسلمت وقررت عدم السباحة ضد التيار والنتيجة !!!
تحمل بذرة عشقهم فى رحمها، توردت وجنتيها وهى تربت على جنينها لتسمع الى صوت فرح العابس
-بس يا اسرار هو من حقه يلاقي ناس فى ضهره وانتو عيلته الوحيدة وكلكم جنبي .. انا عارفة انكم قصدكم المساعدة بس صدقوني هقدر اواجهه لوحدى واكمل حياتى
وتقول انها تستطيع العيش بدونه وستفكر بحياتها فقط
ما شبت عليه لن تستطيع تغييره بين ليلة وضحاها، لتقترب منها مربتة على ظهرها قائلة
– نضال وانا عارفة تفكيره ،صدقيني رغم كل غضبه مننا الا انه ممتن انك وسطنا ،متستغربيش انا عارفة دماغ نضال وبيفكر ازاي … يقدر يحسسك الذنب بغلطك بس اللى جواه العكس
لم يبدو ان فرح وافقتها كليا لتسترسل اسرار قائلة
-واحناعايزين نحسسه بالغلط اللى عمله معاكي ويعترف بيه جواه وقدامك انتى
امسكتها من ذراعيها وهى تسألها بجدية
-لو جيه في يوم قالك سامحيني هتقدري
صمتت ولم تستطيع الاجابة
صمتت لبرهة من الوقت وهي تفكر كيف يستطيع نضال يتغير، صعب … صعب جدا ان يتغير وهى لم تتحمل انتظاره ولن تتحمل تقلباته مرة اخرى
غمغمت بحنق رافضة
-لو جيه هرفض ،مش هدخل برجلي تاني في نفس الصندوق اللى قدرت اتحرر منه بصعوبة
مالت أسرار برأسها وهى تعيد سؤالها بصيغة اخرى
– ولو اتغير
رفعت فرح عينيها تحدق نحو اسرار بتشوش
لما تبدو متأكدة ؟!!
هل سيتغير ؟
هل ستسامحه يوما ؟
صوت العقل رفض وأبى، وصوت القلب يميل
لكن صوت العقل هو الأقوى لتجيبها بوجوم
-نضال مش هيتغير ،هيفضل معاند وهيقنع نفسه انه مخسرش حاجه .. هيتغلب على عدم وجودى فى البيت ومين عارف يمكن يجيب واحدة يطلع عقده عليها
مالت اسرار محدقة بعيني فرح، تبدو مثلها فى مرحلة ما فى حياتها
تلغى نداء القلب وتستجيب للعقل الذي سيقتلها يوما لتهمس
-وهتستحملي ؟
هزت رأسها مجيبة بصلابة
-هستحمل ،انا مش عايزة المعاملة دي تاني يا اسرار .. كلها ضرب واهانه وجنون وشك فيا
مررت اسرار على ذراع فرح مربتة عليها مغمغمة
-تستحقي الافضل يا فرح ،صدقيني نصيبك لسه مجاش
لن تجرب داء السرطان هذا مرة اخرى
لقد قضى عليها تماما ولم تستطيع حتى الشعور بحلاوته
هزت فرح رأسها مغمغة باستياء واضح
-رفعت راية الاستسلام خلاص
برغم كون نضال شقيقها وصديق روحها، الا ان ما شهدته يوم أن ثار فى يوم الشركة، مهينا اياها امام الجميع، ضاربا اياها مسببا الجروح والكدمات فى وجهها،ولولا استعانتها بوقاص الذى حضر على وجه السرعة بعد خروجه لساعة عمل خارج المؤسسة لربما انتهى الأمر بها فى المشفى راقدة فاقدة الوعى وزجه فى السجن، ذلك الغاضب لم يحاول حتى تكبيل غضبه جعلها تغير بعض مفاهيمها تجاهه
يستحق نضال بعض العذاب، يجرب تلك المرة بعد حقيقي
بعد لن يستطيع تقربها، ولا يستطيع رفع يده عليها قط
بل ينظر ويتحسر وهو يرى رجل يقدرها هى، يختبر مرارة الحب
وعذاب الروح
غمغمت أسرار بصوت هادئ
-عايزاكي متقلقيش من المحامي خالص ،من اول جلسة هيحكم بالطلاق اللى معانا يخليه ميحاولش يدي فرصة ليه بالصلح
تطلعت فرح بشك قائلة
-تفتكري!!
اومات لها أسرار موافقة
-عايزة اقولك يمكن الحاجة الوحيدة الكويسة أن الطلاق والخلع القانون منحاز للست يعني هانت
انقبض قلب فرح وهى تنتظر وتعد لياليها بفارغ الصبر قائلة
-هانت
حدقت بعينيها نحو عيني أسرار باضطراب ولم تملك سوى الأنتظار سلاحا لها !!
****
في المشفى،،
ثلاثة ايام مرت بعد خروجه من العمليات وأربع ليالي
الشقيق والأب يبحثان عن صاحب الفعل والشرطة كذلك خصوصا بعد تلفت كاميرات التسجيل،وحارس الشركة فاقد وعيه بعدما تلقى ضربة مؤلمة فى رأسه
يعلم لعب الكبار القذر، ويعلم مدى كل طاقة رجل أعماله بصلاته الوثيقة بأسامي ذات مناصب هامة
لكن المريض يبلغ قوة وثراء الجميع، يكفي انه حامل الجنسية الاوربية لتتعامل الشرطة بحذر محاولين عدم وصول الصحافة وخاصة الايطالية لسماع عن خبر نجمهم اللامع.. وحرصه الشديد على والدته التى لن تتحمل خبرا كهذا، فاتصل بشقيقه بعدما اطمئن من خروج سرمد من حالته الحرجة
الطبيب يخبره مؤشراته الحيوية جيدة، لكن لما الثور لا يستفيق
اينتظر امرأته لتقبله مثلا!! ويدعى الغيبوبة حتى يختبر قوة مشاعرها نحوه
احمق، فالمرأة لن تستطيع الخروج بعد أن حفظها الأب داخل منزلهم مشددا الحراسة حول منزله، ربما يعود القذر معاودة خطفها
وتسمى تلك الطريقة، ضع الطعم فى المصيدة وانتظر الفأر الدخول للمصيدة!!
زفر غسان بقلة حيله وهو ينظر يمينا مراقبا والدته التى التصقت فى المقعد منذ ان اخبرها شقيقه عن إصابة سرمد، لم يصدق كمية الدموع التي ذرفتها والدته
اشعره ببعض الالم وبعض الغيرة كون الأحمق يحظى دائما بالنساء واهتمامهن وهو مجرد احمق كبير بعقل ثور!!
اقترب من والدته التي أنهت قراءة وردها اليومي لتضع مصحفها داخل حقيبتها، قبل جبينها و غمغم بصوت ممتعض
-يا أمي ياروحي ياعيني لك ما الها داعي قعدتك هون بس يفيق بخبرك تجي تطلي عليه
زجرته عايشة بنظرة من عينيها لتضربه على ذراعه موبخة إياه قائلة
– ولا اخرس انت ما بكفي خبيت عليي انو انضرب وفات عالعناية المشددة
لوى شفتي غسان وهو يغمغم بغيرة طفولية
-الله يعزك ياامي ….محسستيني انو سرمد ابنك مو انا
تنهدت عايشة بسأم، لتجيبه بغلظة
-الولد فات عبيتي وصار منا وفينا متل ماانت فتت عبيتن وصرت منن وفيهن متل مابئولو  بالمصري اكلت عيش وملح معاهم ،بدك ياني بس صارت معو هيك ئصة زت ورا ضهري وامشي خصوصا انو ما الو حدا هون
أشاح غسان برأسه وهو يغمغم بسخرية
-انت استني بس لبكرا وبتشوفي هالمشفى رح يقلب عرس بس يجو اهله
اكفهر وجه عايشة والألم يحفر طريقه لقلبها، هل عاني طفلها كما عانى صديقه
هل خبأ عليها اوجاعه والالامه، وهى لم يكن لها علم مسبق ؟!!!
غمغمت بصوت مهتز وبدا الشحوب يغزو وجهها
– اي معلي معلي خليهن يجو يطمنو على ابنن والحمد لله هي الدكتور طمنا عنه وان شاء الله يوم أو يومين بقوم بخير وسلامة
استغفرت ربها وهى تحدق نحو ابنها فلذة كبدها الذى قرر السفر والبعد عنهما لعدة سنوات، تجاهل الحاحها
وطلبها بمجيئه، وابتسمت وهى تشعر قرب ابنها سليم معافى … تطلعت بعينيها نحو معتصم الذى يحدث مع رجل ما، ثم تذكرها ليلة أمس من مقابلتها لشقيق شادية
جذبت ساعد غسان وسألته ببعض الفضول
– خبرني مين عملها
اكتفى غسان مغمغما ببرود
-صدئيني يا روحي مافيي خبرك
ضيقت عيناها بعبوس شديد، ليست حمقاء حتى لا تعلم ان شادية لها علاقة ولو غير مباشرة بوجود ذلك المسكين فى المشفى، استمعت تردد اسم شادية كثيرا من فم معتصم وهو يحدث نحو المتصل لتضيق عيناها قائلة بهمس
-هالشي الو علاقة بشادية
اتسعت عينا غسان بذهول، من أين علمت والدته وهو لم ينطق حرفا مما حدث سوى من رجل الشرطة الذى طلب إخباره بما حدث تلك الليلة !!صاح باستنكار
– شووو عرفك
لمعت عينا عايشة وهي تجيبه بحدة
-ولا شوو مفكر حالك فلهوي زمانك ،انا امك ولا ،بعدين انت مابتخبرني بشي ،يخليلي ياه نزار حكالي وعرفني على ابوها واخوها
هل اخيه أصبح ضده، ألم يخبره بعدم التفوه بحرف واحد، العيب على شقيقه الذي لم يستطيع أن يخبئ عن والدته أكثر بسبب كذبة صغيرة اخبره وقتها أن يطمئن والدته ويخبرها أنه سيجلس مع صديقه بضعة أيام لأنه يشعر ببعض الحمى، لكن عايشة لا تمر شئ مرور الكرام
ألحت كثيرا، وظلت تهاتفه كل ساعة تطمئن على سرمد إلا أن نزار بالنهاية اخبرها بالنهاية انه ذهب للمشفى ومنذ مجيئها وعلمها بما أصاب صديقه رابطت الجلوس في المشفى !!
انتبه على صوت والدته المتذمر
-وبعدين انت شو خصك ،بس اتعب بحكي مع نزار يرجعني عالبيت
نحنحة خشنة من رجل جعل غسان يلتفت بجسده وهو يسمع ماهر يغمغم بهدوء
-مساء الخير
اتسعت ابتسامة عايشة ببشاشة قائلة
-اهلين حبيبي ماهر ،طمني عنك وعن أخواتك ان شاءالله مناح ،عنجد كتير زعلانة منن لانو بطلو يزوروني
ابتأست تعابير وجهه عايشة ولاح الحزن ليتنحنح ماهر بحرج وهو يجيبها
– والله يا حاجة اوعدك أقرب فرصة هيخليهم يقابلوكي
هزت عايشة رأسها موافقة
– وانا بانتظاركن بتنوروني حبيبي
اشار غسان بعينيه حينما رأي ماهر على وشك بقول شئ ما، ابتعد غسان عدة خطوات كافية لعدم سماع والدته الفضولية، زفر ماهر بحدة قائلا
-عارف ان انت مستني خبر انهم يقبضوا علي ال*** ،بس للأسف كأنه فص ملح وداب
تجهم وجه غسان ليضع فى الحسبان شادية التى ستتحطم فى المنتصف، غمغم بجدية
-يا ماهر ،كرمال الله فهمني سرمد مارح يرضى يفوتا لشادية بسين وجيم وشرطة وتحقيق رفيئي وبعرفو ،صدئني رح اختك بهالحالة رح تنكسر بزيادة ، انت استناه يقوم وهو بتصرف بمعرفته
اتسعت عينا ماهر بريبة، والده يحاول استخدام جميع نفوذه لبعد ابنته عن الأمر رغم استحالته، لكنه يحاول بالنهاية حتى وان طلبوها سيحاول أن يجعل الأمر محصورا فقط داخل مكتب التحقيق، قلق غسان على شقيقته وعلمه الشديد باستياء صديقه جعله يشعر بالفضول والغيرة تكاد تتآكله
شاعرا بالتخبط بين صديقه وافعاله وبين استياء والده الواضح حينما اخبره بمجيئه فى يوم عارضا بصفاقة وجنون مصاحبة ابنته، تنهد وهو يجيبه بغلظة
-ولسه هستناه لما يفوق، ده بيني وبينه حساب مخلصش
دار ماهر بعينيه حول المكان لينتبه الى وجود والده جالسا بشرود شديد، استأذن من عشان ليقترب من والده وعلامات الانكسار أعلمته بالرد دون الحاجة للسؤال
لكنه عاند، ربما والده استطاع إيجاده أو أوشك على الوصول له، اقترب منه قائلا
-طمني يا بابا لقيته
زفر معتصم كاتما غيظه وحنقه ليجيبه بشرود
-روحت لأبوه ،والراجل اعترف أنه ظهر قبل الحادثة بشهر .. تخيل شهر تخبي عليا بنتي
غصة فى حلقه جعلته يعض على شفتيه متحسرا
لما خبئت عليه صغيرته، لما؟
اندلع الشرر فى  عيني معتصم ليهدئه ماهر قائلا
– اهدي يا بابا ،انت عارف شادية اكيد مظهرش فى حياتها وحست ناحيته بخوف الا وهتجري تطلب مساعدتك
الشقيق يدافع عن شقيقته، سخر من نفسه وهو يضم أنامله بقوة على عصاه، هل هذا هو جزاؤه؟
بعد أن قرر أن يجعل علاقتهما أعمق من علاقة أب وابنة، بنى هو الثقة ودمرته هي برعونتها ليست مرة
بل مرتين
مرتين ومن نفس الرجل؟ ألم تتعلم شيئا بعد؟
هل هى مغفلة لتلك الدرجة أم حاولت أن تظهر له شخصيتها القوية الهشة ؟!!، نهره معتصم بحدة
-ماهر ملهوش لزوم انك تدافع عن شادية ،هي اعترفت غلطها وقالتلي على كل حاجه،وانا زي الطرطور في البيت معرفش حاجة .. فاكرة نفسها مين عشان تواجهه هي متعظتش باللي عمله وهرب زي الخسيس قبل الفرح وسابني انا وهي نتعرض لكلام الناس اللي زي السم من اللي يسوا وميسواش
انفعل معتصم بشدة واحمر وجهه لينظر ماهر بقلق نحو أبيه قائلا محاولا تهدئة غضبه
-بابا ارجوك انت عارف شادية مش حمل جفائك وبعدك وهي روحها فيك ومتقدرش على زعلك منها
بكاءها أصدر أنين فى قلبه
وكبله عن ضربها، وتعنيفها
لم يستطع رفع اصبعا عليها، واكتفى بالصراخ الحاد وهى التصقت به منهارة فى البكاء وانهار قلبه معها
ود ضمها وبثها دفئا واطمئنانا، لكن غضبه تمكن منه واستدار راحلا وبعدها اعتزلت الجميع معتكفة فى غرفتها!!
صاح بصوت ملكوم
-عارف .. عارف يا ماهر، بس لازم تعرف غلطها
اقترب ماهر مراضيا اباه ويستميل قلبه الى قرة عينه
-انت لو تشوف بكاها كل يوم والله هتحن عليها ،ارجوك راضيها دي منعت نفسها من الاكل وخايف تعمل لنفسها بمصيبة
لاح الألم على محيا وجه الأب، القلق والذعر دب فى قلبه منتفضا لينظر الى عيني ابنه غير مصدقا انها امتنعت عن الطعام لكن الابن لم يكذب عليه
جز على اسنانه وهو يلعن ذلك القذر الخسيس ليصيح بهدر
– ولو .. لطالما هى عارفة انا كنت بتوعد للنجس ده ازاي ،بس اختك نشفت دماغها وعاندت ،تستحمل غلطها .. مش هحن ولا  اتهز واللي مش عاجبه يخبط راسه فى الحيط
اصدر الاب فرمان بقطع أى مشاعر أبوية تجاه ابنتيه
لطالما حاول أن يكون هو اب متفاهم، مراعى، مسامح، يسمع اليهم بأذني أم ويرشدهم بقلب أب
لكن ما الفائدة !!! الفتاتين اعتبروه هرم ولن يستطيع  حل مشاكلهم وعزلتا عنه
استمع الى نحنحة خشنة من ابنه، لينظر إليه معتصم بغضب .. غمغم ماهر قائلا بحرج وهو يكتم رنين لرجل لم يكف طيلة اليومين الاتصال بهاتفه
-عارف ان الموضوع ملهوش لازمة بس وسيم بيتصل كل يوم بيا عشان عايزك فى موضوع مهم ولولا ظروف اللى حاصلة كان جيه هو واهله فى اقرب وقت
اتسعت عينا الأب لبرهة من الوقت، قبل أن يتجهم وجهه صائحا
– وامتي حن ده اخيرا ،ماهر انت فاضي لايه ولا ايه مش شايف الولد اللى مرمي في المستشفي ورغم غضبي منه وكرهي لتصرفاته إلا انى مرغم احط كل مشاعري علي جنب واهتم بيه كراجل دافع عن بنتي وعرض حياته للخطر عشانها
جادله الأبن مبتسما بمكر
-مش يمكن حظه عشان يقدر يقرب منها ودينه ليك انه يطلب شادية
تذكر يوم طلب منه أن يصبح صديق أقرب لحبيب، هكذا قالها صراحة .. انه يرغب ان يتعرف عليها، وحينما حاول ان يفهم الى اين يصل بعد التعرف لم يجد منه أى جدية كما توقع
بل صحبة ممتعة،  متلاعبا بقلب صغيرته!!
-ده أبعد من البعد انه يكون عايزها
جادله ماهر للمرة الثانية
-بس انت عارف انه هو اجنبي ورغم كل تصرفاته وأفعاله وعيلته الا انه اتربي في جو غربي
حدق معتصم بعينين مستنكرين تجاه ولده، هل تأثر هذا الاحمق بالتيار الغربي
هل مكوثه لمجرد سنوات فى التيار الغربي أثر على فكره ؟!!!
عقد جبينه بعبوس تام وهو يتقرب منه قائلا بتهكم مبطن
-لما يكون ليك بنت ويجي ولد بكل وقاحة عايز يصاحبها ويستأذن منك ابقى خلينا نشوف رد فعلك ،اللى عايز بناتي يجي يشرفني في بيتي ومع عيلته طالب الجواز غير كدا مش هيشوف حاجه مني
آثر ماهر الصمت بعدما ما قاله والده، بالنهاية والده محق، هو حاول ان يفكر بالموضوع من زوايا مختلفة كونه يعلم الغربيين وأفكارهم وعاش معهم لفترة، حل الصمت فى رواق المستشفى قبل أن يستمعا الى صراخ مفاجئ أدى الى رفع الجالسون رؤوسهم وتوقف الماريين ناظرين ناحية ذلك الدخيل
-غسااااان
بهت وجه غسان وهو يشاهد التتار الذين اقتحموا الرواق ليصيح بتذمر
-اللعنة يا أحمق ،هل جلبت العائلة معك!!! أهذا ما اتفقنا عليه بسرعة وجودك بمفردك هنا دون علم أحد !!
*****
فى قصر السويسري ،،
نظرت جيهان برضى شديد تام بعدما رصت جميع الاطباق وجلبت حزمة البصل الأخضر لتشمر عن ساعديها وهي تسمي الله قبل أن يأتي والدها ويأمر بإلقاء طعامها المفضل خارج المنزل
حسنا هو قال المنزل داخله، ولم يقل خارجه فى الحديقة تحديده، نظرت باشتهاء الى الفسيخ لتميل بأنفها تشمه بتلذذ
تشكر عبده الفسخانى الذى وصى لها بكيلو لكلا  من الرنجة و الفسيخ، الطعام الوحيد الذى أحبته من والدتها ورفضته شادية وشقيقها ووالدها
على الاقل هى الوحيدة التى أخذت تلك الصفة من والدتها، وضعت أول لقمة ومضغته بتلذذ لتقضم قضمة من البصل أدى الى اغماض عينيها متلذذة بطعم البصل الحارق
عادت تضع عدة لقيمات ثم تقضم من البصل، وهى تتأوه بتلذذ
حمقى لا يعلمون كيف يأكلون، كيف يكرهون طعام سمك كهذا، كيف يحبون تناول طعام سمك نى عن سمك مملح
شهقت بذعر على صوت وسيم الذى قرر من بضعة دقائق أن يتسلل من باب الحديقة الخلفية القديم المتصلة بحديقة منزله
-يا مجنونة بتاكلي ايه
وضعت جيهان يديها على صدرها تربت عليه من نبضاته المجنونة، نظرت الى وسيم بشرر قبل أن تجيبه بحدة وهي تقضم البصل بحدة
-فسيخ تعالى اقعد ومتقلبش وشك زي شادية اللى اول ما شمت ريحته رجعت
تقزز وسيم ما ان ذكرت أمر القئ أمام وجهه، ليزجرها بحدة
-نقي الفاظك
اشاحت بيدها قائلة بفظاظة شديدة
-يوووه ،سيبني بقي شوية اخد راحتي قبل ما يجي بابا ويشم خبر
تنهد وسيم بيأس قبل أن يشاركها هو الآخر جالسا أرضا ليأخذ رغيف عيش بلدى وأشار نحو حزمة البصل التى اوشكت على الجلوس فى حضنها قائلا
-ناوليني بصل أخضر
عبست جيهان وهى تنظر الى وسيم بشك، هى لم تره يوما اكلها، ولم يخبرها مسبقا أنه تذوقه قبلا!! أعطته البصل ولم تمنع أن تقول بتهكم
-ايه يا حبيبي ناوي تاكل معايا ،لا انسي روح خد من البرطمان وكل فى البيت ..هنا انا باكل لوحدى
حدق وسيم نحو الأطباق المتراصة ليغمغم بدهشة
-انتي هتاكلي كل ده !!
رفعت جيهان وجهها ” تخمس فى وجهه” مانعة الحسد متمتمة “الله أكبر” ثم علا صوتها لتقول بسخرية لاذعة
-انا خايفة منك انت يجيلك انتفاخ وتتعب والصراحة انت عارف خروج من البيت  ممنوع وبابا ماشاء الله معين حراسة زي الدبب حوالين البيت
رفعت الطبق الذي تأكل منها حينما أنهت سخافتها، ليزجرها بحدة قائلا
-ملكيش دعوة بيا هاتي
وضعت الطبق بنفاذ صبر وجلست عاقدة ذراعيها على صدرها منتظرة بداية توعك منه لتلقيه خارجا من منزلها، يكفيها شقيقتها التى عزلت نفسها عن الجميع بعدما لفظها والدها حرفيا و اخبرها انه مات فى نظرها مادامت تتصرف دون الرجوع له
تعلم ابيها قالها فى لحظة غضب منه، لكن شقيقتها لم تتحمل جفاءه وغلظته وانهارت باكية مانعة أى شخص من الدخول، لكنها بين الفينة والاخرى تفتح باب غرفتها بباب احتياطي يلازمها دائما لتطمئن عليها فى فترة نومها وتضع الطعام ثم تلتفت مغادرة بصمت …
كتمت تنهيدة حارة لتنتبه إلى وسيم الذي يأكل بشراهة لتعقد حاجبيها بريبة متسائلة
-اكلت فسيخ قبل كدا؟
هز وسيم رأسه موافقا
-جربته على مرات متقطعة وعجبني
لوت جيهان شفتيها بامتعاض لتحاول تلين رأس هذا الحجر
-يا وسيم مش هتستحمله قولى لو دى أول مرة
رفع وسيم رأسه واقترب منها بعينيه الباردتين ليسألها
-خايفة عليا؟
هزت رأسها موافقة ولم تختار الانكار ككل مرة
-ايوا خايفة، “توردت وجنتيها اثر رؤيتها للظلام الحالك فى عينيه، تعثرت شفتيها لتميل بجسدها للخلف حينما لاحظت اقترابه لتهمس بتردد” وبعدين ابعد شويتين كدا عشان انا واكلة بصل وهتقرف من ريحتي
انفجر وسيم ضاحكا وزادت ملامحه وسامة لتزداد تحسرا على هذا الرجل البارد وهو يغمز بأحدى عينيه قائلا
-وماله احنا الاتنين ناكل بصل
استطاع ان يلجم لسانها ويزيد من حمرة وجنتيها ليتابع قائلا بجدية
-اول ما نطمن على شادية هجيلك البيت مع عيلتي وقسما عظما يا جيهان لو لقيتك رفضتيني هدخلك الاوضة وهخلي معتصم باشا يوافق بالاجبار على جوازي منك
جحظت عينا جيهان وشهقت بصدمة قبل أن تحاول التخلص من صمتها قائلة
-ايه ايه ايه ومين اصلا هيسمحلك تدخل اوضتي
أجابها بثقة
-انا
اتسعت عيناها باستنكار لتجيبه بحدة
-انت مين يا عنيا ،وسيم اتغطي كويس قبل ما تنام
نادى اسمها بحدة
-جيهان
ارتسمت ابتسامة ماكرة على شفتيه  ليغمز لها بعينه قائلا
-هتجوزك
همت بالصراخ في وجهه، الا انه وضع لقمة في فمه قائلا
– وأعلى مافي خيلك اركبيه
اشاحت جيهان وجهها مرة اخرى، وقلبها يكاد يخرج من ضلوعها من شدة ثورته، القلب الغبي يتأثر من كلمة منه
كلمة واحدة تستطيع أن ترفعها لعنان السماء، وكلمة تسقطها لأسفل السافلين
غمغمت بغيظ شديد
-غلس
صاح ببرود قائلا
-بتقولي حاجه
نظرت إلى الطعام المغري وقد فقدت شهيتها لتنفض يدها عن الطعام  قائلة
-مقولتليش قبل كدا انك بتاكل فسيخ
يعلم أنها لن تكف عن الحاحها، أجابها قائلا
-عزمني عليها صديق قبل كدا فى شم النسيم وعجبتني
ارتفع صراخ قوي زلزل أرجاء المنزل الكئيب افزع جيهان التي انتفضت من مجلسها لتصيح بلهفة
-شادياااا
جرت جيهان بسرعة متجهة نحو الداخل صاعدة السلالم بسرعة رهيبة، ليعلو صريخ اخر أسقط قلب جيهان و كادت تتعثر ساقطة على الارض الا انها سارعت بالتوجه ناحية غرفة شقيقتها التى وجدتها مفتوحة على مصرعيها
دخلت الى الغرفة ليشحب وجهها وكادت أن تفقد وعيها لولا شعورها بجسد وسيم الذى دعم جسدها ..
رفع وسيم عينيه ناظرا نحو شادية التى تبكي بصمت، مغمضة عينيها باستسلام تام و فوهة المسدس مصوبة على صدغها ليصيح معاذ بنبرة فاقدة للسيطرة مهددا اياهم بسلاحه ليضغط ذراعه بقوة على جسد شادية التى آنت بخفوت شديد مستسلمة إلى موته الوشيك
-اللي هيقرب منها هقتلها

يتبع..

لقراءة باقي حلقات الرواية اضغط على (رواية أترصد عشقك)

اترك رد

error: Content is protected !!