روايات

رواية أترصد عشقك الفصل الثاني والأربعون 42 بقلم ميار عبدالله

رواية أترصد عشقك الفصل الثاني والأربعون 42 بقلم ميار عبدالله
رواية أترصد عشقك البارت الثاني والأربعون
رواية أترصد عشقك الجزء الثاني والأربعون

رواية أترصد عشقك الحلقة الثانية والأربعون

الحياة كأمواج البحر
فى أحيان ترسل نسيم عليل يبدد من ضيقك، وتداعب أنامل قدميك بحب
وأحيان أخرى تجرك إلى القاع في حركة غادرة منها
تخبرك لا تأمني.. كما تتخذ حيطتك من البشر!!
فالحب والحياة وجهان لعملة واحدة، فمن دون الحب تفقد الحياة
وما ان تترك نفسك لأمواج الحب مستقبلا اياه بكلتا ذراعيك
تأخذك بغتة الى قاعها المهيب.
جرها لؤي حرفيا من المكان الذى كانت واقفة به، تستعرض لحمها وجسدها وهل تطلب منه تفهما مثلا؟!!
أو أن يكون رجلا متحضرا… كاشباه الرجال الذين يملؤون حفلة عقد القران ابنة عمه!!
الوقحة تخبره بكل صفاقة انها ترتدي ما ترغب، دون أن يعترض
ايام تجنبه كانت نابعة من داخله لكي تراجع تلك الشيطانة حساباتها، وأن تقتل أي بعد بينهما، لكنها تفهمت بعده .. جفاءً ويشهد الله كم هو يعاني من محاولات تحرشاتها به علنيا وفى غرفتهم..حتى أنه يضطر أن يأتي فى الغرفة لمدة لا تزيد عن الساعة يوما ثم ينطلق هاربا من شبح استسلامه
الشيطان الذي يؤازره لينهل من نبع انوثتها المشتاقة له، ورجولته التي تأن بحاجة ضارة
وضراوة رجل بدائي يقرر أن تلك الليلة.. سيمارس بعض من بدائيات رجل بوهيم للمرأة التي تخطت حدودها وكسرت جميع خطوطها الحمراء…
استمع إلى هدرها الصارخ ما أن وطئا داخل القصر لتحاول فلت يدها من أسر يده الكماشة على ذراعها
-مش من حقك تعترض انت فاهم
التفت اليها والجنون يتراقص فى حدقتيه بشرر
والشيطان يلعب على أوتار رجولته، يرجوه ثأرا
والقلب يعترض
ليقف فى متاهة.. متاهة تجعله بين شقي رحي نار رجولته .. ونداءات قلبه
ابتسم ولمعت عيناه بالغضب ليقترب منها وهو يقبض على عنقها المرمرى وعينيه تنخفض ينظر إلى صدرها البارز بفجاجة، لتشدد قبضته بلا وعي على عنقها وتورد وجهها الغاضب يستحل الى شحوب ليزأر بغضب
-متخليش جناني يطلع عليكي دلوقتي يا اسياااا
تزلزلت الجدران من صوته الجهوري، ليرتعد جسد آسيا بلا وعي منها
وهي تعلم أن ما تقوم به تخسر بها رصيدها عنده، يكفي ما قام به ليسمح لها بزيارة شبه يومية ولساعات أطول للصغيرة التي أصبحت فى كنف العائلة
تضاؤل معدل الاكسجين داخل أنسجتها لتهمس بتحشرج
– نفسك تضرب يا لؤي، أضرب لأن ورب الكعبة ما هبيت فى الليلة دي
رفع لؤي عينيه وعينيه تتسع بجحوظ إلى موضع المرأة الضعيف، ومازالت تكابر
وتثأر
تسعى لنيران.. ستطالها هي اولا .. وستخسره في النهاية!!
انها تدرك ما تقوم به، وما زالت تسعى.. وهو نفذت جميع حيله وكل وسائله للكف عن اذية نفسها وهو
تركها بل لفظها حرفيا، وهو يغمغم بجمود
– ايه البجاحة اللي انتي فيها دي
انفجرت آسيا بالضحك لتسعل بحدة وهي تنحني بجذعها محاولة أن تهدئ من وصلة السعال، لتهمس بتحشرج
-كل ده بسببك انت
تتهمه كأنه أوقعها فى فخ
لن ينكر أنه اتخذ وضع المفاجأة بعدما رأي الموافقة لتأخذ صفحة جديدة، لكنها تكذب
ترغب وصاله فقط وليحترق أي شخص آخر
عينيه كنصل سهام خارق يخترق ضلوعها ليهدر بضراوة ليث حبيس ويده محتفظة فى مكانها يمارس كافة الأساليب كي لا يصفعها
– عايزاني اشوف مراتي بلبس نوم وابقى راجل عادي ومتحضر زي ال**** اللي برا دول
اتسعت عينا آسيا للفظ البذيء الذي نطقه ببرود شديد، وكأن واجهة الرجل الاستقراطي تخبئ خلفها رجل لا تعرف عنه أي شئ!!
رأت آسيا من طرف عينيها الخادمة التي فرت سريعا كي لا يلاحظها سيدها ويصب جام غضبه عليها، والأمر احرقها
كونه يقلل من كرامتها المتبقية منها، لتسخر منه بخفاء
-ها تحب تسمع مين تاني، عشان يقولوا عليك راجل
وكلمة رجل وضعت أسفلها مئة خط وهي ترمقه باستهزاء، لتندلع براكين أخرى وهو يمسك كف يده بقوة ليصيح بنبرة خطرة
-اسياااااااا، اطلعي فوق
دقت نواقيس الخطر
والأجواء من حولها مشحونة بالغضب والسفك
لتهز رأسها نافية، وهي تنظر الي كلتا يديه محاولا السيطرة عليهما
-مش طالعة
وضع لؤي يديه فى جيبي بنطاله ليراها واقفة بكل وقاحة وبجاحة منها، لا يعلم متى بدأت ترتدي تلك الثياب القذرة، التي لا تعطي لرجل سوي معني واحد
انها غانيــــة!!
قرأت آسيا الكلمة من بين عيني وهي تراه يتفحص القماشة الخرقاء التي لا تستر الكثير من جسدها سوى عدة مواضع، ليزفر لؤي بسخط
-متخليش من نفسك الجانية، اتقي شري
انفجرت ضاحكة بشراسة، وعينيها تتسعان ببريق جليدي غاضب لتهمس
-وانا بقولك اعلي ما في خيلك اركبه
اتسعت عينا لؤي وهو يقرأ اهانتها من بين كلماته، ليندفع مقتربا منها وبلا أدنى تردد ألقي صفعة على وجهها جعلتها تسقط ارضا أسفل قدميه
تنفس لؤي بحرقة وهو ينظر إلى أسفل قدميه باشمئزاز واضح، ورضا تام
لطالما حذرها من التمادي، لكنها غبية .. أم أنها عالمة تماما أنه سيفقد سيطرته ورغبت به تماما!!
-لؤي
صاح غالب بخشونة والذى ما أن رأى المشهد أمامه حتى اهتزت الارض من قدميه، أجلي غالب حلقه وهو يرى النظرة النارية التي ترشقها آسيا بكل حقد لحفيده
التفت الرأسان نحوه ليوجه نظراته الصارمة تجاه آسيا قائلا
-اطلعي يا آسيا وغيري لبسك، محتاج اتكلم معاكي
وحينما رأى اتساع حدقتي عيناها، والرفض الجلي غمغم بلين
– من غير مقاوحة من فضلك
استقامت آسيا بحدة، وهي ترمق كلاهما بغضب يحرق المدائن
ليشيح لؤي وجهه للجهة الاخرى … صعدت آسيا تلتهم الدرج التهاما وداخلها حريق .. تقسم انه سيحرق الكل
وأولهما هي…
صاح غالب بنبرة جامدة، وعينيه تنظر بأسف إلى ما وصل إليهما من حال
-وانت، هتحصلني
دقائق مرت
والنفوس محتقنة
وتضمر شرًا
نظرات الأعين ساخرة، حانقة، متوعدة … وبركان خامد يقف يستقبل كل المشاعر التي تعتمل داخل الصدور
وقف غالب بين الجبلين اللذين لا يتحزحزان عن موقفهما
التزما كلا منهما الصمت، وبقي غالب يحاول اعادة السيطرة للخيوط التي انفرطت من يده
ليقول بصوت حاد وبه تقريع خاص لحفيده
– اعتقد خناقة زي دي مينفعش تحصل قدام الناس يا لؤي
ضحكة ساخرة انسلت من بين شفتي اسيا، ليزداد وتيرة انفاس لؤي حدة وهو ينظر نحوها متوعدا، ليقول لؤي بنبرة خاوية من أي مشاعر
– مش هتتكرر تاني
لقد قصد كل حرف حرفيًا، لن يقربها مرة اخرى
سيتركها هكذا معلقة، لن تطيل منه أي شئ
سيتفنن فى تحطيم انوثتها التي تطلقها لعيون غيره، وهو وحده معه المفاتيح الخاصة لدهاليز عقلها الداهية ليطلق فيروس خبيث
وينتظر هو حطامها!!
حذرها
حذرها من المساس برجولته، لكن الغبية .. تريد قطع الخيط الضعيف بينهما!!
– واضح ان مراتك حست انها تقيلة فى البيت ده
قالها غالب بنبرة فاترة، وهو يراقب بحدقتي عينيه المتفحصة الملل فى جلسة آسيا .. لتسارع بالإجابة
– انا مش حاسة، انا متأكدة
أومأ غالب رأسه وهو يجيبها بهدوء وتحفظ شديدين
– محدش هيجبرك يا آسيا تقعدى فى مكان انتي مجبرة فيه
اصدر لؤي أول تعبير بشرى، وهي الدهشة ثم الرفض الذى التمع بعينيه ليقول
– بس
رفع غالب يده مقاطعا اعتراض لؤي، وعينيه تتفرسان ملامح آسيا التي رغم ادعائها عدم الاهتمام بما يقوله
لكن بداخله يقين… أن كل ذلك البرود واللامبالاة، أذنيها ترهف السمع اليه، ليعطيها ما ترغبه وهو يصدر فرمانه
– من غير بس، مراتك طالما مش عاجبها تقعد فى بيت عيلة .. تقدر تاخد أي بيت تستريح هي فيه، انا سبتكم طول الفترة دي قولت يمكن تعرف تتصرف يا لؤي
ارتفع حاجبا اسيا للحظة قبل أن تنفجر ضاحكة بسخرية
وطنين أذنيها أثر الصفعة التي صفعها لؤي
الوغد
تمتمت بشراسة وعينيها تقتله حرفيا وهو فى موضع مجلسه
-محسسني ان انا بلوة ومش عارفين تتصرفوا فيها
زفر غالب بسخط وهو يدير عينيه تجاه حفيده  الذي ينظر إليها بوجوم
– اتفضل انت يا لؤي
استقام لؤي من مجلسه دون أن ينبس بحرف واحد، لكن داخل آسيا تعلم أن ما حدث
لم يجعلها تتقدم خطوة واحدة ايجابية اتجاه علاقتهما
ان كان يفهمها، سيفهم ما تعانيه هي
ان كان يحبها سيعذرها في لحظة تهور منها
لكن يبدو أنها أنهت جميع رصائد صبره … انتبهت على صوت العجوز الخرف
– انتي لو كنتي مصممة تخسري حفيدي مش هتعملي كدا
هل نبرته بها عتب؟!! ارتفع حاجبي آسيا بدهشة امتزجت بسخرية
– اعمل ايه!!!
لولا انه يعلم ان تلك الساخرة، الجاحدة تحب حفيدها، لما ابتلع كل الاهانات والسهام المتراشقة من عينيها ليقول بحدة
– انتي عارفة كويسة بتعملي ايه، مكنتش متوقع انك بالغباء ده عشان تخسري ضهرك فى الحياة
معنى كلماته ضرب وترا حساسا داخل قلبها، اهتزت أطراف يديها وهي تتذكر الراحل والقريب فى آن واحد
ذكرياتها الضئيلة تدفعها لأن تدافع عما سلف لتقول بحدة وهي تختصه بالحديث
– انا كبرت وانا مليش ضهر اتسند عليه، وانت السبب فى حرماني ده يا غالب
صاح بصوت جهور
– باشا
رفعت عيناها بتسلية وهي تري عقدته فى حفظ الألقاب، ليقول غالب بحدة
– لو مش هتناديني زي ما وجد بتناديني، يبقى نتعامل برسمية ونحفظ الألقاب
قلبت عيناها بملل شديد وعدم اكتراث من اتجاهها، ليقول غالب بيأس
– تهورك وغضبك ده صدقيني هيخسرك كتير، افتكرتك أعقل منه .. بس سبحان الله انتوا الاتنين أغبية، بتخسروا بعض بسبب الماضي
صمتت آسيا وهي تتشرب ملامحه اليائسة، لتسأله
– يعني مش ندمان على اللي حصل
كسي معالم وجه غالب القهر والندم ليعض على نواجذه وهو يجيبها بصراحة أجفلتها
– مين قالك اني مش ندمان، كنت ندمان من وقت ما مات ووقتها انا كنت مجنون بس كنت متحفظ منكم، معرفش مراته كانت بتغذي ايه فى عقولكم لما مشي
ما زال مصرا أن يضع أصابع الاتهام على والدتها التي حاولت الدفاع عن عائلتها، لتصيح بحدة
– قصدك اجبرته انه يسيبنا
نظر غالب اتجاهها ليحدق نحوها بيأس ليغمغم بغموض تشرب ملامح وجهه الهرمة
– مصممة تحطي كامل غلطي عليا انا بس، عموما براحتك يا آسيا
انطلقت ضحكة ساخرة، مميتة … تبث الرعب فى البدن، لتميل برأسها وهي تتشدق بكره
– ايه … دي وصية جديدة قبل الموت!!!
ضغط غالب بقوة على عكازه كي لا يقوم بدق رأسها الصلد هذا، يعذر لؤي حقا
المرأة معمية البصر والبصرية معًا، تلقي كلماتها كطلقات نارية طائشة
لا تكترث لأحد …سوي الدفاع عن غاية لن تصبو اليها!!!
رمقها غالب بأسف بالغ وهو يغمغم
– صدقيني لو خسرتي لؤي، هتحصلي ابوكي .. مستحملش يعيش لوحده رغم اننا كنا وسطيه بس كان غريب، مش عايزك تمشي في نفس اتجاهه
استطاع غالب أن يوقف هذيان اسيا، التي اتسعت عيناها بدهشة وهي تتشرب كل كلمة قالها
الاضطراب الخفيف، ورعشة جفناها واسم والدها قادرة على لجم ثائرتها، ليسمعها تجيبه بصوت أجش
– انا مش زيه
ابتسم غالب بيأس وهو يجيبها
– يبقى بتكدبي نفسك، متفتكريش الشيب ده من بلاش
أشار تجاه شعر رأسه الأشيب، زفرت آسيا بحدة وهي تشعر انها فى متاهة جديدة من حياتها
لا يعقل أن يكون هذا الرجل برئ .. ووالدها هو الشيطان الوحيد، وانها قضت حياتها فى عبث وثأر لا فائدة منه .. صاحت بحدة فى وجهه
– قولي عايز ايه من غير لف ودوران
أجابها غالب وعينيه تدقق النظر الى عينيها، محاولا أن يرى أي تراجع عن تحفزها الدائم
– عايزك تبقي مرات تليق بحفيدي، زوجة يعتمد عليها .. تكون سنده.. لؤي شايل شغل العيلة كلها لوحده ومش بيشتكي .. وعمره ما كان اناني الا فيكي انتي وبس
رأي اللمعة الداكنة التي ظللت محيط عينيها قبل أن تلف نفسها سريعا فى جليد صقيعي، استرسل فى حديثه وهو يعطي نصيحته الأخيرة علّها تلقى صدى في نفسها!!!
– مش هعمل نفسي عبيط واقولك اني مش شايف لمعة الحب اللى في عينيه ليكي، بس انتي بتخسريه، بتقلي منه ومن رجولته وعايزاه يسكت
زفرت اسيا بحنق، وهي تعترف انها ربما اخطأت قليلا
لكن لما هي بمفردها من تحاسب وتتلقى التقريع، والرجل في هذا المجتمع لا يمس شعرة له
يعززون من نرجسيته وغروره، وتبًا لأي شخص آخر
– وانت بأي حق تنصحني
قالتها بحنق … ليرد غالب بصلابة وهو يذكرها بالوصل الذي بينهما
-اني ابقي جدك زي ما انا جده، ويهمني مصلحتكم، لأن والله … لو لقيتك مش مناسبه ليه هختارله ست تليق بيه
تلك المرة اسيا لم تتحمل أن تسمع حماقة أكثر من هذا، هبت من مجلسها تصيح فى وجهه
– وهو عيل بقى عشان يسمع كلام عجوز زيك
رمقها بحدة وهو يجيبها بنبرة ذات مغزى
– وقت ما يحس ان الست مش مكفياه ساعتها بقي ليه حق يبص برا
اقتربت آسيا تفصل الخطوات التي بينهما، والحاجز الأصلي ما زال مشيدًا .. حصينا
لم يتجرأ أحد على زعزعته، فما ان تشعر بأنه يتم اختراقه، تعزز من حمايته
مالت نحوه وهي تتحدث بوقاحة متعمدة
– وانت فاكر اني مش مكفية من تلبيات زوجي على السرير يا غالب
احمر وجه غالب بغضب لينهرها بقسوة
– بنت
انفجرت تضحك بشقاوة متعمدة وهي تغمز بعينها اتجاهه لتقول
– هو انت متعرفش، اني متربتش ولا ايه
هز رأسه بيأس شديد لتسدير آسيا عازمة على الرحيل وهي تخبره بنبرة يشوبها الأمر
– ياريت تستعجله اننا نمشي
استغفر غالب محوقلا، وهو يحاول الاحتفاظ ببعض الصبر الذي لم يعد يملكه ليقول
– انا حذرتك
رمقته بعدم اكتراث وهي تستدير لترحل من غرفة مكتبه، نداها مرة اخرى
– استني
زفرت آسيا بحنق، ولا تعلم ما الدافع الذي أبقاها امامه كل هذا الوقت دون أن تمد يدها لتخنقه أو قتله، أو أن تصيبه برفع ضغط الدم كالمرة الأولي!!
دارت على عقبيها وهي تراه يقترب منها وفي يده حاملا رسالة قد اصفر ورقها من عوامل الزمن، يخبرها عن عقود مرت وما زال الورق محتفظا بأصالته!!
مد لها الورقة ليقول
-ده هيهمك
خطفت آسيا الورق سريعا لتقرأ اول ما حطت عينها عليه، اتسعت عينا آسيا بدهشة لتهمس
– ازاي
ابتسم غالب بتفهم وهو يخبرها
– كان مخصوص ليكي، واعتقد انك لازم تاخدي حقك
ثم استدار غالب مغادرا، تاركا لها الوقت مع الورقة التي ستعيد فتح أبواب الماضي..!!
انهارت آسيا على المقعد وعينيها سريعا تنهشان كل حرف من رسالة والدها.. الشئ الوحيد الذى أجبرها أن تظل فى هذا المكان القمئ
انهارت الدموع واطلقت العنان لشهقاتها الجريحة لتلامس دمعتها الأولي الحية، دمعة جافة لصاحبها الراحل على الورق الذي كانت رسالة خاصة لها…. دفنت وجهها وهي تناجي والدها الذى لم يكن محارب كافيا لعائلتها
والدها لم يكن رجل يستحق كل تلك الحروب الخاصة منها!!
******
في مبني الإذاعة،،
ينقر وسيم باعصاب مشدودة بقلمه على السطح المكتبي، يستمع بكل صبر عنده إلى محدثته وعيناه تتطلعان اتجاه الإضاءة الحمراء
متى ستنطفئ ؟!
تسائل بكل حنق، ليرفع ساعة يده وهو يري تبقي أقل من خمس دقائق، والمحدثة تسهب فى حديثها عن رجل محتال سرق قلبها لتقع في حب رجل آخر، وكان ندل عن الذي يسبقه، وحينما قررت أن ترتبط رسميا.. اختارت رجلا يعمل فى احدى دول الخليج … وتفاجئت بعد خطبتهم أن الرجل متزوج ومعه خمس اطفال
ابتسم وسيم بسخرية، وهو يهمس ببعض الكلمات المواسية ناعيا حظها التعس، ومبشرا لها ان الحب سيطرق بابها، وسينتهي حظها العثر كما قالت.. بنهاية سعيدة!!!
هل كذب؟
نعم وبجدارة، لا يعلم لما يصدقنه الفتيات، أم أن اليأس يدفعهن لأن يتشبثن بأي أمل يلوح في الأفق…
ختم برنامجه الإذاعي ببعض الكلمات اللطيفة، ونبرة صوته التي تطير عقول النساء علم أن كلماته لها أثر داخل قلوبهن
رفع عينيه تجاه المخرج الذى يرمقه بعبوس طفيف، استقام من مجلسه وهو يخرج من الغرفة ليقابل وجه المخرج العابس
– مش فى الموود يا وسيم
ابتسم وسيم بسخرية، ويده لا اراديا تتحسس فكه  اثر الكدمة التي تلقاها من ماهر، كـ علامة لن تمحي بعد أسابيع حتى!!
الضربة كانت علامة له لافاقته من هذيانه الخاص بها، وافاقته من حلم لن يتحقق فى الوقت الحالي، ليجيبه بسخرية مبطنة بالغضب
– ولا هعرف اكون فى المود، قولتلك مليش انا فى موسم الحب وعذابه، وبعدين حرام عليك أربع حلقات عن مشاكل الحب والهجر، ناقص نحكي عن قضايا الانتحار
نظر نحوه المخرج بوجوم، لطالما يعلم أن الأيام التي تمر على مذيعه اللامع مشاكل خارجية تتأثر بمحيط عمله، ولطالما حذره
لكن الأحمق يخبره كون ان الفتيات لم تشتكي منهن ولا يقصر فى عمله، فليتحمله!! اجابه بغلظة
– ما انت عارف لازم نجيب سلبيات وايجابيات الموضوع
زفر وسيم بحدة وهو يهتف بحدة وقد بلغ الصبر منه منتهاه
-بقولك ايه.. انا تعبت من المواضيع دي شوفلك منير ياخد مكاني، ده حتي البنات بتعشقه
هز المخرج رأسه موافقا، لتشرق معالم وجه وسيم ليقول المخرج ببرود
-خلص السيزون ده وارجع لبرنامجك
اتسعت عينا وسيم بجزع وسخط شديدين .. هم بالاعتراض وإن وصل الأمر للاحتجاج سيحتج
لقد استكفي حقا من تلك البرامج السخيفة، هو بالنهاية ليس طبيب نفسي، وليس خبير فى العلاقات العاطفية، كيف يأتون به وهو أكثر رجل تعاسة على وجه الأرض ولم يحقق حلم رجولته المبكرة حينما وقع فى غرام فأرته الصغيرة الملونة!!
نحنحة ناعمة وصوت انثوي ماكر متشرب الدلال وعطر اخبره صاحبته
– مساء الخير
رفع المخرج رأسه اتجاهها، ليرمقهما قليلا وبعض الجدية تتجلى ملامحه ليقول
– اهلا يا جيجي، تعالي عقليه
انفجرت جيهان ضاحكة بشقاوة لتغمز تجاهه وهي تقترب بتؤدة تجاه الوسيم الغاضب
– عنيا.. هجننهولك
فركت جيهان كلتا يديها بتوتر وهي ترفع رأسها تحدق تجاه حدقتي عينيه الباردتين، يتخذ دروع البرود واللامبالاة بعد تلك الليلة الصاخبة.. تعذره وتعذر تهوره وهي التي دفعته بيأس منها للتهور
صاح وسيم بحدة وعينيه بلا وعي ترمقان ثيابها المكونة من بنطال جينز ضيق يعلوه قميص أسود وسترة جلدية سوداء، وخصلات شعرها مجموعة فى كعكة مهملة
– خيير
تحفزت ملامح جيهان لتصفق كلتا يديها ثم سحبت ذراعه قائلة نحوه بحماس
-تعالي
سار خلفها وهي لا تكترث مطلقا لأي نميمة حولهم ليتوجهها تجاه المصعد، وما ان ضغطت على طابق الجراج سألها بدهشة لا تخلو من تعجبه
– هنروح فين يا مجنونة
اقتربت جيهان منه لتضع كفها على شفتيه وهي تهمس بتوسل
– بلييز متقاطعنيش
اسدلت أهدابها ووجنتيها تحترقان بحمرة قانية أثر أمواج عينيه الثائرة، وتفاحة ادم المثيرة التي ترغب فى اشباعها تقبيلا!!!
لعنت أفكارها المنحرفة، تتنحنح بحرج وهي تبعد كف يدها وانتظرت بصبر وصول المصعد للطابق المنشود… وشكرت صمته ولم يتفوه بأي حرف حتى فتح المصعد الطابق المنشود.. عادت لسحبه مرة أخرى وهي توجهه تجاه الدراجة النارية مما جعل وسيم يهدر صارخا فى وجهها
– جيهاااااااااااااان
استمعت جيهان الى صدي صوته الذى غلف المكان الصامت، لتسارع بنفي ما قد يطرأ على عقل هذا المجنون قائلة
– والله ما ركبته، بس وحشني اووي يا وسيم
اسبلت اهدابها المغوية تعلم اثرها جيدا على قلب هذا الأشقر، زفر وسيم بحدة وانامله تكاد تنزع خصلات شعره الكستنائية ليسألها بسخرية
– وانتي هتركبى فين؟
صفقت جيهان كلتا يديها بحماس شديد، لتهمس ببراءة شديدة وهي تحدق فى عينيه
-وراك طبعا
تراجع وسيم خطوة واحدة، وعينيه لا تستسيغ تلك البراءة المخادعة فى وجهها لينظر الي ثيابها ثم نحوه ليقول بتهكم
-عشان تتحرشي بيا
تجهمت ملامح جيهان لتتشدق بسخرية لاذعة
– وانتي يا حلوة سايبة البنات تتحرش بيكي كدا
انطفئت تعابير وجهه الساخرة، لتحتد عينيه وهو يقترب منها قائلا بتحذير
– اتلمي
غمزت بمكر شديد وهي تجيبه بيأس
– قولتلك مفيش غيرك اللي هيلمني
زفر وسيم بسخط وكلماتها المتلاعبة، لا تعلم كيف هي أثرها على نفسه
تطالبه بالكثير من الوصال وتلبية رغبة متوحشة تقتات من روحه
وبالنهاية هو مرغم للمحافظة عليها ولو عني هذا موته!!
تأمل الدراجة النارية ليلاحظ أنها مختلفة عن خاصتها وخاصته، تساءل بحيرة
-جبتيه من فين
اجابته ببساطة شديدة وهي تلاحظ لين ملامحه .. سيحقق حلمها للركوب خلفه كما حلمت منذ سنين، هي وهو والطريق السريع سينهبونه نهبا ليعدوان الريح!!
-زميل ليا بدلت عربيتي بموتسيكله النهاردة
تحفزت ملامح وجهه وهو يقترب منها ليمسك ذراعها بحدة آلمتها، لتتأوه بميوعة شديدة جعلت الشياطين تتجمع امامه وهو يسألها بغضب
– ومين ده يا هانم
اجابته بتسرع وهي تحاول مهادنة شياطينه المتحفزة لأقل همسة منها ليهب فى وجهها
– متقلقش من عيلة الحسيني، انت عارف سراج اللي عنده ورشة تصليح العربيات.. قصدته فى خدمة كدا وهو الصراحة مخيبش ظني
انطفئ حماس جيهان وقد توقعت أن ما قالته سيجعله يهدأ شياطينه النارية، لكن ظنها خاب حينما رأته يبحث عن سيارته الرياضية لتهمس بحذر
– اه نسيت ما اقولك.. قولتله ياخد عربيتك عشان الصيانة
اتسعت عينا وسيم بجحوظ، وهو يقترب منها ليصرخ فى وجهها
– انتي بتدبسيني
اخذ وسيم يبحث عن المعضلة التي أمامه، يلاعب خصلات أنامله تارة، ثم يشدها بقوة تارة أخرى .. ليسمع الي صوتها المتوسل
-يلا يا وسيم نركب، بجد مش هتندم
كي تكون تلك الضربة القاضية من شقيقيها، ولو بكت لن يستسلم ويجاري جنونها، يكفي أن شقيقها لم يذهب إلى والدها ويخبره بما كان على وشك ارتكابه فى لحظة ضعف منه!!
غمغم بهسهسة حادة
-انتي عايزاني اترقد على السرير يا جيهان مش كدا
هزت جيهان رأسها نافية لتهمس بتلهف
– بعد الشر عنك
صوت المصعد أنبأه أنهما لم يعودا بمفردهما، تطلع وسيم نحو الرجل الذي خرج من المصعد ليراه مهندس صوت برنامجه، تقدم نحو جيهان يمد يده لها قائلا بنفاذ صبر
-هاتي المفاتيح
اشرقت معالم وجه جيهان وهي تعطيه مفتاح الدراجة وسارعت بالركوب فى المقعد الخلفي وشفتيها مبتسمة باشراق
الا ان سرعان ما انطفأت ابتسامتها وهي تراه يتوجه نحو الرجل الذى خرج من المصعد، متبادلين مع بعضهما بأحاديث خافتة
ثم جحظت عيناها
وتكسر حلمها
ليتبادلا الرجلين المفاتيح
مفتاح دراجتها أصبحت فى قبضة ذلك الرجل، ترجلت سريعا من الدراجة لتقترب منه صائحة بحدة
– بتعمل ايه يا مجنون
حدجها وسيم بنظرة قاتلة وهو يتوجه تجاه سيارة الرجل الذى بدل معه دراجتها لتسير خلفه وعيناها معلقتان تجاه الرجل الذي ركب دراجتها وانطلق بها يبدد صمت المكان بصوت المحرك، لتتهدل كتفاها بيأس وحزن
لقد حطم هذا الأحمق احلامها الخصبة، لتقول بشراسة  وهي تندفع لتركل تلك الخردة التي ستركبها
-انت مجنون.. دي عهدة
حدق وسيم تجاه سيارة زميله ثم صعد مقعد السائق بكل برود يجيبها
-ودي عهدة
زمجرت جيهان بحدة وهي تعود تركل السيارة بكل قوة، انتهت بأن تصرخ متألمة
هل السيارة حديد أم ماذا؟!!
نظرت جيهان إلى قطعة الخردة التي ستركبها، ثم بيأس شديد أخذت مكانها بجواره وعلى وجهها ارتسم ملامح الألم
هز وسيم رأسه بيأس، ثم بهدوء شديد شق بطريقه تجاه منزلهما ليقول بعد صمت طويل
– اوعدك .. لما نكتب كتاب هنركب اللي نفسك فيه
لمعت عينا جيهان بحب شديد لهذا الرجل، ماذا ترغب أكثر من رجل يخشى من نفسه عليها
فيفضل التعذيب ببطئ واحراق نفسه على ألا تحترق هي، كانت تعلم انه لن يرضى بشيء كهذا
لكن كان هناك أمل ضئيل بعد أن تخفي سيارته سيضطر للموافقة، همست بصوت خفيض
– عشان كدا اختارتك
اختلجت عضلة فى فك وسيم، ويديه تضغط بعنف على المقود، يحارب كافة الحريق الذي يندلع ويلتهم كل ما يقابله
نظر اليها من طرف عينيه ليراها تنظر اليه بجرأة اعتداتها وان لم يخلو من بعض الحمرة الطفيفة التي زينت وجهها وشكر اضاءة الطريق من حوله .. لـ تسترسل جيهان فى الحديث قائلة
-وسيم انت الوحيد اللي عارفني وفاهمني
ازدرد وسيم ريقه، ليرفع عيناه عن الطريق ناظرا نحوها
يخبرها عن سر رجل أخفي عشقه لأمراة رأي تحول اليرقة الصغيرة الي انثي طاغية خلبت لبه واسرت قلوب الرجال
انتبه على الطريق حينما مرت سيارة تنطلق بسرعة البرق وقد أطلق السائق نفير بوق سيارته، ليسبه ببذائة وعينيه لا تحديان الطريق بعدما استعاد سيطرته، ليغمغم بخشونة
-ده انا شايلك على أيدي وانتي لسة بترضعي
صمتت جيهان وهي أحبطت من رده الأحمق، كيف تحملنه النساء الأجنبيات وهو أحمق بدلا من أن يهمس بكلمات الهوى والعشق، يخبرها عن ماضيها الأسود
انتبهت على دخول السيارة لبوابة المجمع السكني الخاص بهما، لتزفر بيأس وجميع خططها طارت كرياح الخريف مبعثرة أوراقها وأمالها.. لن تسامحه على ما فعله
ولن تغفر حتى ينفذ ما وعده إياها، انتبهت على تساؤل وسيم الحرج
– حمايا لسه غاضب عليا ولا ايه
لوت جيهان شفتيها بحنق وهي تترجل من سيارة صديقه لتجيبه ببرود
-راضي عنك، عقبال الصهر التاني
اتسعت ابتسامة وسيم وهو يستشعر غضبها وعبوسها، وكل هذا يعلم سببه
لكنه لا لن يبادر بأي فعل أحمق.. يجعله يخسر كل ما بناه السنين السابقة ليقول بعبث
-ابقي فكريه بميعاد الخطوبة، مجهزلك مفاجئة تجنن
همت بسؤاله عن المفاجأة لكنه غادر كالشبح، وهي تراه ينطلق بالسيارة خارج حدود المجمع السكني، لتهز رأسها بيأس وهي تنعي حظها البائس
الليلة ستقضيها نائمة بجوار لولو .. وباقي الشهر لن يلمح حتى طرف شعرها
فليحترق هو .. كما أحرق خيالها الجامح.!!
*****
بعد مرور شهر،،،
فى حي عاصي…
انكبت وجد تنظر باهتمام وتركيز الي يدين اسماء التي تقوم بتحضير محشي الباذنجان والكوسة قبل الحشو، وللحق يقال ان أسماء تملك من الصبر الذي كادت وجد تحسدها عليه لتعلمها كل شئ لعمل المحشي، ركزت وجد على خطوات اسماء وهي تنصحها عدة مرات لعدم عمل أي ثقوب فى الباذنجان، لتستمع اليها بصبر وهي تركز فى العملية المعقدة التنفيذ
رغما عنها أحدثت ثقب لكنها لم تلحظه لتستمر فى ازالة الزوائد لتنتبه على صرخة اسماء الفزعة
– ايه اللي انتي عملتيه ده، انتي بوظتي البتنجان
توقفت يدا وجد عن العمل، لتنظر الى الثقب الذى اتسع لتبتئس قائلة
– بجد!! انتي قولتي أوري المحشي ومخدتش بالي انه خرم
أزاحت اسماء يديها وهي تقول بصلابة
– لا انتي تسيبي ايدك منها خالص، وادخلي على ورق العنب
عقدت وجد حاجبيها باستنكار وهي تنظر الى اوراق العنب التي من المفترض أن تحشيها بالأرز، هزت رأسها نافية لتقول بيأس
– دي صعبة بجد يا اسماء
مصمصمت اسماء شفتيها بعدم رضا وهي تتابع عملها بمهارة شديدة تكاد تحسدها وجد عليه، القت وجد نظرها على كلتا يديها التي لم تتجرأ لصنع طعام خاص لزوجها الوسيم!!
احمرت وجنتاها بحمرة خجل وهي تتذكر الشهر الذي مضى سريعا بعد حفلة اعلان عقد قرانهم، لينشغلا في تجهيز المنزل … رغم كثرة عمل عاصي والضغط الذي وضع به .. لكنه يخصص لها وقتا من يومه تتعدى الساعة وبالعادة تكون الساعة قبل موعد نومه
ثم هي تبادر بمكالمة الصباح التي لا تتعدى الدقائق مخبرا إياها عن أي تفاصيل نسيها عن عمال المنزل … ابتسمت بحنين ودفء يغمر أطراف جسدها وعينيها تحتضن كل ركن فى هذا المنزل الذي شب فيه رجلا كحال رجلها!!
انتبهت من شرودها على صوت تحية التي خرجت من المطبخ حاملة قدر به خلطة الأرز لتسارع اسماء بالقيام من مجلسها تتناول منها القدر لـ تتساءل تحية باهتمام وهي تتخذ الأريكة مجلسا لها لتدعك ساقيها التي اجهدتها هذا الصباح
فاليوم يوم اليوم الأول الذي تدخل فيه عروسة حفيدها إلى المنزل كزوجة بعقد شرعي، ربتت تحية على ظهرها وهي تسألها باهتمام وداخلها فضول لتري ماذا ستفعل فتاة مثلها لحشو المحشي الذى صممت على مشاركتهما اياه رغم جهلها!
-عملتي ايه يا وجد وريني
رفعت اسماء عينيها بحذر تنظر الي وجد تهز رأسها برفض، هامسة بصوت هامس
-متوريهاش بقولك
لوت وجد شفتيها بيأس والخيبة ارتسمت على ملامح وجهها لتريها الباذنجان الذي احدثت به ثقب لن يغفر لها الأرز مطلقا عليه لتقول
-باظت مني يا توحة
اتسعت عينا تحية بجحوظ لتسارع اسماء وهي تمد لها بكوب ماء، تقبلته تحية وهي تتجرع المياه قبل أن تعود بنظرها تجاه الباذنجان، لتقول بهمس مسيطر
-كملي انتي يا اسماء
ستحتاج الى دورات تكثيفية مميزة ان ارادت تعلم الطبخ، ولا يوجد سوى أسماء خير معلم لها، استمعت إلى نبرة اسماء المتهكمة وهي منكبة لرص المحشي في القدر
-وهي أسماء وراها حاجة غير ده
رفعت تحية حاجبيها وهي ترى إصرار وجد على تعلم  صنع المحشي، وكل مرة ينتهي بها بعمل ثقوب واسعة يكاد الأرز يسقط متوسلا لترحم الباذنجان والكوسة
لتقول تحية ببعض التوسل وهي تنظر بأسى إلى ضحايا يديها
-انا قولتلك متتعبيش نفسك يا بنتي
همست وجد بإصرار شديد وهي تنظر الي الباذنجان الذى خرج بثقب أصغر عن سابقيه والذي رفضته اسماء لتقول وجد بخجل يعتري ملامحها المليحة
– انتي قولتيلي ان عاصي بيحبها، وانا .. وانا حاولت اساعد
أنهت جملتها بتعثر لذيذ أنعش قلب تحية وهي تردد المعوذتين ثم تهمس بالدعاء لحفظ علاقتهم بعيدة عن أي عين حسود، لتشير إليها تحية بالاقتراب.. انتفضت وجد مستقيمة من جلستها تجفف يدها لتقترب منها وتحية تسألها بصراحة
-انتي قولتيلي وزنك كام كيلو
اتسعت عينا وجد بتفاجئ لتحدق نحو جسدها الذي يميل للنحافة نظرا لاهتمامها بالحمية الغذائية ليمتعق وجه وجد حرجا
– توحااا
لكن تحية لم تكن تهتم سوى بما سوف يحدث مستقبلا، لتزم شفتيها بعدم رضا وهي تقول
-يا بنتي ميرضنيش تبقى بالمنظر ده، انا خايفة فضيحة الصباحية
اتسعت عينا وجد بادراك لتشهق بخجل وهي تدفن وجهها بين راحتي يديها، لا تصدق ما تفوهت به تحية منذ قليل!!
ازاحت يديها عن وجهها وهي تطالع ملامح وجه تحية الممتعضة ليتعثر لسانها للحظات محاولة أن تستجمع شجاعتها و نزع عباءة الخجل جانبا لتهمس بصوت خفيض
– متقلقيش عليا يا توحة
لوت تحية شفتيها باستنكار وهي ترى الفتاة التي توشك على الموت مختنقة من الحرج، يكفي وجهها الذى تحول لعصير طماطم، لتهمس بسخرية
-والله انا قلقانة علي التاني مش عليكي خالص
زحف القلق داخل وجد ولم تتجرأ للاستفسار عما تقصده، فالمعنى واضح .. حتى الأعمى فهم الكلمات المتجلية … زفرت تحية بيأس وهي تربت على فخذيها لتقول
– سيبنا من الحوار ده وقوليلي، الشقة عجبتك
اومأت وجد سريعا وهي تشكرها على تغيير مجرى الحديث الذي لا تعلم إلى أين سينتهي ؟!، لتهمس بابتسامة لطيفة
-تجنن يا توحة بجد
تنهدت تحية بارتياح وغمر قلبها السكينة وهي تتغني لمن أحسن فى تربية الفتاة التي لم تحاول حتى زجرها، ربما من حرجها وخجلها لم تجد ما تقوله!!
تنفست تحية الصعداء ما ان ابلغتها برأيها لتخبرها قائلة
-ريحتيني والله، كنت قلقانة من عمتك ..بس مش مهم حد فينا، اهم حاجة انتي وهو
والتثنية التي جمعتهما بها معًا
كانت كقدسية مكان مقدس .. لا يسمح لأحد أن يطأه سوي ساكنيها!!
استقامت تحية من مجلسها فجأة وهي ترمق تجاه اسماء المشغولة بصنع المحشي، لتقول بابتسامة ماكرة
– فيه البوم مخبياه كدا فى دولابي هلحق اجيبه تشوفي مراحل عاصي قبل ما يطب علينا
توجهت نحو غرفتها لتستمع الي اسماء وهي تبرطم ببعض الكلام لتصيح بتحذير
– بت يا اسماء بلاش برطمة وخلصي اللي في ايدك وخدي حلة محشي معاكي
توحشت ملامح اسماء وهي تنظر إلى ما في يديها وهي تشعر أنها الوحيدة التي ” اتدبست” فى صنع المحشي لتهمس بحنق
-اسماء دى فى الاخر هتطفش من البلد وتسيبهالكم، انا قولتلكم انا مدرسة العاب مش تخصص محشي
ظلت أسماء ترغي وتزبد وهي تدفس الارز بكل عنف داخل المحشي، لترى يد وجد وهي تتقدم نحوها تساعدها فى الحشو مشاركة اياها باستمتاع شديد ورغم أن يديها اتسخت بصلصة الطماطم وبعض الارز الذى علق على يديها لتغمغم وجد
– اسماء
هزت اسماء رأسها بعدم اكتراث وهي تقول
-نعم
القت وجد نظرة سريعة إلى الثوب الرياضي الذكوري الذي ترتديه اسماء لتسألها بحرج
-انتي طول الوقت بتلبسي كدا
لم تتردد أسماء ولو لثانية وهي تجيبها ببساطة، وكأنها اعتادت على هذا السؤال من أقرب الأقربين نحوها
-اه يعتبر ملابسي الرسمية فى البيت وبرا
عقدت وجد حاجبيها بريبة لتسألها
-حتى قدام عادل؟
لوت اسماء شفتيها بسخرية لتتشدق قائلة
-أنا وهو في وش بعض بعد الضهر فى الجيم
فغرت وجد شفتيها بصدمة لتسقط حبة الباذنجان من يديها
– بالشكل ده
وبصراحة شديدة واريحية أشد اجابتها أسماء قائلة
– اه
عضت وجد باطن خدها وهي تنظر الي ثيابها التي تعمدت ان تكون انثوية وفى الوقت ذاته حرصت على عدم احراج عاصي فلا ترتدي شئ يشف أو يكشف جسدها لتهمس بنفاذ صبر
– مش بتخرجوا مكان لوحدكم طيب بليل
رفعت اسماء حاجبا شريرا نحوها لترد عليها بفظاظة
– بنام بدري، عشان عندي مدرسة الصبح
شعرت وجد انها اصبحت فى متاهة أجبرت نفسها على الدخول اليه، لتسألها بفضول
-وهو بيكون فين بليل
مطت اسماء شفتيها مفكرة لبرهة من الوقت لتجيبها ببساطة
– بيقعد فى القهوة مع صحابه
فغرت وجد شفتيها بصدمة وهي تري عدم اهتمام الفتاة فى فترة الخطبة، حيث تعتبر تلك الفترة القصيرة هي فترة تتكاثر بها الهدايا والمقابلات … والفتاة لا تسعي حتى محاولة لتوطيد علاقتها مع الرجل، سألتها باندهاش
-يعني مش بتتكلموا بليل؟!
زفرت اسماء بحنق من كثرة الأسئلة المتوالية، والتي تقتصر على علاقتها بخطيبها… رغم كون الفتاة الأنيقة تساعدها كي لا تنعش انوثتها بمساعدتها فى مستحضرات البشرة والشعر والجسد .. لكن هذا لا يعني أنها ستدعها تتدخل عن علاقتها بخطيبها لتقول بحدة
– قصري يختي عايزة توصلي لايه
عضت وجد علي باطن خدها وهي تستشعر نفاذ صبر أسماء، لتسألها بصراحة
– يعني مش بتروحي كافية مع بعض سوا، وتحكوا حياتكم ومستقبلكم
اتسعت عينا اسماء بدهشة قبل أن تصيح بذعر
-اه عشان الاقي امي قامت ليا المذابح، الكلام ده عندكم .. مش عندنا
تلون وجنتي وجد بالحرج وهي ترفع عيناها تجاه غرفة تحية التي اختفت داخلها، لتهمس بلوم
– هو انا بقولك تعملي حاجة حرام يا اسماء
اشاحت اسماء بيدها لتصيح بحدة لم تقصدها
– عارفة تقصدي ايه، بس انا واحدة اتربيت ان خطيبي زي الراجل الغريب كدا بالضبط، عايز يقابلني يبقى وسط اهلي.. مش نداري انا وهو بعيد عن الناس
رغم حدة كلمات أسماء، إلا أن وجد تفهمت سر معاملتها الشبة الجافة لخطيبها،   ربما لو كانت هي فى موضعها لعاملها عاصي بنفس الرسمية … وكلمات لاذعة تخرج من شفتيه تؤذي تلهفها، لكن لاتقتل حبها
لفهما الصمت لتخرج تحية من الغرفة ممسكة بيدها ألبوم الصور لتغمز لها قائلة
– تعالي اتفرجي على الصور
استقامت وجد وهي تنفض ثيابها وقد اتسخت بقعة صلصلة على بلوزتها الحريرية، لتتنهد بضيق وهي لا تصدق أنها ستقابل عاصي ببقعة صلصلة على بلوزتها!!!
نظفت يديها لتتقدم نحو تحية الجالسة على الأريكة تقلب الصور الصور بحنين، لتجاورها بصمت وهي تستمع إلي سرد تحية لحكاية كل صورة
استمعت الى صوت اسماء التي استقامت من مجلسها بعد انتهاء القدر الثاني بملئ المحشي
– استأذن انا يا توحة
ضيقت تحية عيناها وهي تنظر نحو  اسماء التي غادرت المنزل، لتسألها تحية باهتمام
– اوعي تكون ضايقتك
سارعت وجد النفي لتمتم بصدق
– ابدا .. كنا بندردش
هزت تحية رأسها بتفهم لتضع الالبوم في يدي وجد التي تتابع بالصور تسلسل زمني لنضج ملامح عاصي
رجفة فى القلب تمكنت منها
ورعشة يدين لم تقدر على التحكم بها، وهي هائمة فى ملامحه الرجولية تتحسس ملامح وجهه فى صورته الأخيرة وهي حفلة تخرجه
اغرورقت عيناها بالدموع وهي تبتسم بدفء لصورة اخري فى يوم الحفل حينما قبل رأس تحية وأخرى وهو يحتضنها بتلهف
ابتسمت تحية بحنين وهي تتذكر اليوم الذي رفع به رأسها أمام الجميع، حينما جاهدت هي بكل قوة واصرار أن تربي حفيدها وبعض الجارات تكهن أن الطفل الصغير سيشب ليصبح مدمنًا للعقاقير أو تاجرا لها
لكن الأمانة التي طوقت عنقها جعلتها تحارب أغواء مرحلة المراهقة المجونة، لكن القدر كان رحيما بها لترى النضوج فى تصرفات حفيدها ومدى اعتزازه بذاته ..
انتفضتا فجأة حينما صدر صوت من خلفهم يصيح بخشونة
– جمعتكم دي مش عجباني
انتفضت وجد وهي تضع يدها علي صدرها تهدئ من نبضات قلبها الملتاعة، لتمصمص تحيى شفتيها بعدم استحسان قائلة بعبث
– بوريها فضايحك يا حبيبي
ضيق عاصي بين حاجبيه ليفرك جبينه بإرهاق بعد دوامه في العمل .. وقع انظاره  على الأميرة التي زارت منزله تلك المرة بصفة زوجته
بقدر ما يشعر بعدم اتاحة وقته للتسكع معًا، لكن بقدر ما اراحه عدم تذمرها وشكواها .. تتفهم ما يواجهه وهي تستمع بصبر وتبثه بكلمات مشجعة ثم تكتفي فى وقت دوامه ببعث عدة رسائل لطقم جهازها الخاص!!
صاح بسخرية وهو يرى تشبث انامل وجد بالألبوم
– هفكر احرق الالبوم ده عشان اتخلص منه
شهقت وجد بتفاجئ قبل أن تضم الألبوم بين أحضانها جعل عاصي يتحفز للانقضاض عليها
عينيه سقطت بلا وعي نحو البلوزة الحريرية ومن حركتها القليلة انحسر كم البلوزة ليظهر ذراعيها الناعمتين
ليدور السؤال الذي حيره ليالي وجعله متخبطًا
هل جلدها أشد نعومة من الحرير؟ أما الحرير يطالبها لتلتف به
فى خضم معاركه الداخلية و النيران التي شبت في كامل أرجاء جسده، استمع الى صوت تحية الحانق
– تحرق مين، كنت احرقك وراه.. قال يحرق الألبوم قال
لوت تحية شفتيها و تبرمت لتسأل تحية بفضول تجاه الفتاة
– عجبتك الصور
لم تحاول وجد التجرأ على رفع وجهها نحوه، وهي تشعر بسهام نارية
 تصهرها
وتربكها
ليرتجف جسدها وحمرة وجنتيها تحكي حكاية خاصة عن حوار حميمي يدور بين العاشقين
فغرت وجد شفتيها تفرغ الهواء الحار من صدرها، لتهمس بخجل
– انت تجنن فى كل حالاتك يا عاصي
جلس عاصي علي الأريكة المقابلة لها وعينيه تتجرأ لملامسة جلدها كما يحتضن القماش جسدها
وضع يده على فخذه ليعتصرها بقوة وهو يغمغم بخشونة
– اكيد مش أجن منك
ارتعد جسد وجد لترفع عينيها نحوه وياليتها ما فعلت
حدقتيه الخضراوين تحولت إلى بركتي سوداوين يبتلعها
طار المتبقي من ثباتها لتلهث بأنفاس حادى جعل تحية لم تقدر على الصمت أكثر من هذا
وحفيدها الوقح يتحرش بها امام عينيها لتهب من مجلسها صائحة بعنف
– الله الله الله، ما اجيب كامنجا واعزفلكم
لمعت عينا عاصي بعبث جديد عليها وهي تراه يركز ببصره نحو بعض مناطق انوثتها
والرسالة منه تصلها صريحة
همت بضم ذراعيها حول جسدها، لكن الوضع سيزداد سوءً أمام نظرات جدته المتفحصة لهما، لـ تترجاه أن يتوقف عما يفعله لكنه يضرب كل توسلاتها بعرض الحائط
لكنه التفت الي جدته ليقول بلا مبالاة
– مش من سنين عايزاني اتجوز، خلاص سبيني بقي اعيش الجو مع نفسي
تدلي فك تحية السفلي ببلاهة وهي تراه يغمز بإحدى عينيه تجاه الفتاة التي تكاد تذوب من فرط  الخجل لتصيح بغيظ
– ده انت ناقص تطردني من البيت
صمت عاصي للحظات وهو يرى أميرته تكاد تتوسلانه بعينيها أن يكف عن خجلها ليغمز بعبث
– وتطردينا ليه، ما لينا بيت يلمني انا ومراتي
شهقت وجد بصوت مرتفع، لتسارع بكتم شهقتها داخل فمها وتحية تهز رأسها بيأس مغمغة بأسف وداخلها يكاد يرقص
– قولتلك انا خافي من النوعية دي
تصنعت الجدية وهي قررت أن تتركهما لعدة دقائق بمفردهما لتقول بجدية شديدة
– ولاا، هروح اطمن على الحلة وهجيلكم.. أي حركة غدر منك اعتبر نفسك بايت على التخشيبة
اتسع عينا عاصي بذهول اتبعه بابتسامة عابثة وهو يقول
– وعلي ايه يا توحة، الطيب احسن
تركتهما وتكاد وجد تصرخ من فرط الخجل والإحراج الذي يمارسه عاصي بقوة
ونظراته ..  ربااااه
متى تحول هذا الرجل الصلب الي رجل عابث من الدرجة الأولى؟!!
– عجبك كده؟
نطقها بعبث واضح تتلألأ حدقتي عينيه جاذبًا انتباهها، لترفع وجد كلتا يديه تداري حمرة وجنتيها عن عينيه الثاقبتين لتهمس بخجل
– مكنتش متخيلاك كدا
اتسعت عينا عاصي باندهاش لبرهة انقلب لتسلية ماكرة وهو يقترب منها ليجلس علي نفس أريكتها.. ليلتصق ساقه بساقها، رعدة قوية مرت على أطراف جسدها، وتخشب جسدها لثواني وهي ظنتها لمسة عارضة منه!!!
لكنها لم تكن عارضة .. بل عامدًا متعمدًا!!
رأي انكماشها الزائد رامقة اياه بخجل ليهمس بصوت خشن
– كدا ازاي
شعرت وجد بحرارة الساخنة فى جسدها، من مجرد احتكاك ساقه بها، ازدردت ريقها بتوتر وخجل أربكها
وكأنها ليست الجريئة التي بادرت بأول قبلة لهم، لتهمس بتوسل
 -عاصي
شهقت حينما مد أنامله لخلف ظهرها مستريحا أنامله عليها قبل أن يمرر أنامله عليها مختبرًا نعومة قماش الحرير الذي أخبرته فى عفوية منها عن حبها له!!
رأها على وشك التفوه بما لا يحمد عقابه لينظر إليها محذرا اياها من اصدار صوت، ثم مال نحوها وشفتيه تطبع قبلة عميقة على خدها التي تخدرت
ليهمس بصوت أجش وعاطفة عينيه تذيب أي ذرة مقاومة تمنعه عنها
– وحشتيني
الشهقة الثانية كانت أكبر حينما شعرت بانامله الخبيثة امتدت تلك المرة بجرأة أكبر  لـ تلامس جلد ظهرها العاري ملامسا اياه بجرأة وثبات شديد
وكأنه يلمس جلدها ؟!!
انه بالفعل يلمسه ويختبره مدى نعومته!!
همست بنبرة متهدجة وفغرت شفتاها محدقة نحوه بوله شديد
– عاصي
النبرة التي تحثه على أخذ ما هو حقه..
التوسل الذي في عينيها يذبحه ..
ليميل ملبيًا طلب نداءها وهو يهمس
-عيونه
همت بالصراخ في وجهه
بل نزع يده الوقحة عن لمس جلد ظهرها
لا تعلم كيف تجرأ ليمد أنامله ويفعلها في عقر داره، ورغم كل العقل الذي يحاول محاربته
استمالت نحو القلب وهي ترفع يدها لتلامس جانب وجهه تصرخ بالعشق
– انا بحبك اووي
تجمدت أطرافه وقد استشعرت تلك المرة قسوة لمسة أنامله لخصرها الذي يداعبه لتنفلت منها تأوه خافت زاد من حدة انفاس عاصي الثائرة وهم بتقبيلها
الا ان صوت صارخ أخرجه من غمامته المسكرة مع أميرته!!
– عااااصي
وكأن جدته تعلم على ما هو يوشك على فعله!!!، فحذرته
وبالنظر إلى عينيها، رأي صراخها وتوسلها لقربه
اناملها تجذب قميصه وتشده نحوها ليميل يختطف ثغرها، وانامله تصاعدت لفوق ظهرها مما جعل وجد تدفعه بعيده وهي تكاد تختنق من الحرارة فى وجهها
ابتعد مختطف الأنفاس وعينيه ما زالت تلتهمانها حية
وحينما مال ليعود أسر تلك الجميلة بين ذراعيه، ارتفع نداء تحية الصارخ ليضطر بعدها يبتعد عنها وهو يهمس لها بلوم
– عجبك كده!! ، هتقطعلي الخلف من قبل ما اتهنى حتى
شهقت وجد بصدمة وهي تلقي الالبوم في صدره واضطرت النهوض لتهرب من حصاره وعاصي ينفجر ضاحكًا بمرح
ويده بلا وعي تمسد نبضات قلبه الملتاعة بشوق!!
الأميرة تستفز أسوأ ما به، وهو يستغل ذلك حرفيًا.
******
حدقت فرح نحو الجدران البيضاء المستفزة
من المفترض أنها تبعث راحة، لكنها تزيدها سخطًا ومقتًا
الأبيض لون وحيد وكئيب كما كانت حياتها، قبل أن تقرر أن تخلع رداء الخنوع
أغمضت جفنيها ولا تعلم سبب مجيئها للطبيب فى المركز
كانت لا تحتاجه، كانت ستراهن على حياتها التي تسطرها بيدها
لكن رغما عنها، رغبت بشخص عاقل رزين تخبره عن ما فعلته منذ طلاقها الفعلي منذ شهرين
وقد توقفت الدوران فى مدار نضال… استمع الطبيب بصبر إلى تخبطات حياتها وذكرياتها .. ليبتسم الطبيب بعملية مغيظة لها ليقول بهدوء
– لحد دلوقتي مش عايزة تساعدي نفسك
اعتدلت فرح من جلستها وهي تنظر اليه بعبوس جعله يرفع حاجبه بحذر وهي تندفع نحوه قائلة بإرهاق
– ما انا بقولك
اكتنف وجهها الضيق وبوادر الحنق يعتريها، ليقول الطبيب بهدوء
– انتي بتهربي من الكل، قبل ما تهربي مني
اجفلت فرح من صراحته الشديدة لترمش بأهدابها عدة مرات، ثم عادت تغمض جفنيها بيأس ويديها ترتفع لتخلل خصلات شعرها التي بدأت تتفنن فى اسدالها لتجز على أسنانها بغيظ
– مش بهرب من حد، بس انا لو فكرت لمرة واحدة لنفسي.. دي تبقي انانية؟!
انتظرت جوابه، والطبيب يترك ملحوظاته جانبا وحدق تجاه الساعة الرملية التي كانت اضافة جديدة لمكتبه ليهمس بصراحة
– لأ
انفجرت فرح تضحك بيأس و الأحجية والألغاز التي يستخدمها بدأت ترهق عقلها لتسأله باتهام
– طيب فين بقي الهروب اللي بتقولي عليه ده
رفع الطبيب حاجبه وعينيه تخبرها تحديدا عن التفاصيل الجديدة التي تتعمد إسقاطها من ذاكرتها، هي تكثر بالحديث عن الماضي متحاشية الموضوع الأصلي
بل فاجعتها الكبري، يوم المحكمة … رغم تردداتها لكنها قررت بالنهاية الاحتفاظ بهذا كـ سر صغير وتدفنه عميقا داخل بواطن ذكرياتها
عيناها بلا وعي تسقط على ملامح الطبيب خشنة المظهر، لكن مقبول الى حد ما.. مالت برأسها قليلا تتأمله كما يعتاد معها ليخترق مواطن جرحها
والطبيب وللعجب ابتسم بسخرية، وهو يخبرها بصراحة “ان لا تحاول حتى”
تحفزت ملامح فرح وهي تنتصب فى جلستها ليسألها الطبيب
– عملتي ايه في دراستك
سرعان ما عادت ذاكرتها وهي تتذكر أول شيء قامت به بعد حصولها على شقة مقبولة تسع وحدتها وتحتفظ بأسرارها داخل مجمع سكني لصفوة المجتمع، المكان الوحيد الذى سيقبل وحدتها، ولن ينحشر بعض الأفواه الغير مرغوبة لتصبح لقمة سائغة فى نميمتهم!!
لتجيبه بصراحة وهي تتذكر معاناتها مع قسم شؤون كليتها وقد انتهت ببساطة مع نفوذ اسم الغانم
– قررت ادخل امتحن الترم ده، رغم ان الوقت ضيق .. بس هلحق، لأن انا مش عايزة تأخير تاني
هز الطبيب رأسه باستحسان وهو يعطيها ابتسامة مشجعة، كونها تخطت أول عقبة فى طريقها ليسألها بصراحة
-قابلتي عيلتك؟
تجمدت ملامح فرح وهي تحاول البحث حثيثا عن أي مشاعر داخلية
حنين، أو اشتياق نحوهم
لكن لا شئ، لم تجد سوي انها تتذكر نسختها الباهتة القديمة، الخانعة، الملبية لرغباتهم لتنفرج شفتيها بابتسامة ساخرة وهي تقول
– تصدق انها محاولتش ترفع سماعة التلفون وتكلمني، بقالي فترة طويلة كلمتها ومن ساعتها محاولتش تسأل ولو من باب الواجب عليا
والطبيب قرر أن يلومها بقوة ويذكرها بما قالته فى لحظة تهور منه
يعرض بطاقته التي تدينها
– بس مع ذلك مرضتيش انك تكسري بكلامها، لما وافقت انك تتجوزي عرفي
فظاظته لا تتحملها من هذا الرجل مع صراحته الشديدة، ورغم أنها لم تجد غضاضة في صراحته لترفع حاجبها ساخرة
-عرفي من اتجاهه، واشهار من ناحيتي.. انت متخيل الخلل هنا
هز الطبيب رأسه بيأس وهو يغمغم بنبرة فاترة
– علي حسب كلامك، ان طليقك مكنش بيهمه الميديا
لوت فرح شفتيها بسخرية، ظلت لبرهة تنظر اليه قبل ان تغمغم بجفاء
– هو بالنهاية رجل أعمال، طالما مش هيأثر فى شغله يبقى مش مضطر يبرر لحد
توقف الطبيب عند تلك النقطة، ليعود يسألها بهدوء
– حققتي ايه تاني من أهدافك
اتسعت عينا فرح وبريق لامع يتلألأ حدقتيها وهي تقول
– روحت الملاهي، المكان اللي عمري ما روحته وانا وصغيرة.. مكنش عندي اصحاب.. وعندي حاليا واحدة، كان نفسي فى موضوع خروجات البنات والحاجات دي وحسيت ربنا عوضني بدا.. خروجات وفسح ولبس وأكل، كل ده كان جديد عليا وخلاني مبسوطة
الفرحة فى عينيها، والحشرجة المؤلمة فى صوتها جعله يبتسم بصدق تلك المرة، وهو يستشعر مدى حرمانها الحقيقي من احساس طفولتها المقتولة التي تعيد إنعاشها
هز الطبيب رأسه وهو يسألها باهتمام
– و ناوية تعملي ايه بعد كدا
حدقت نحو الجدران البيضاء ثم إليه لتقول
– هحاول انزل تدريب أي شركة، لاني مش بطيق اقعد فى البيت لوحدي
ترددت لثواني وهي تشعر ببعض الحرج الذي يكتنفها من اخباره بتفاصيلها الشخصية الهامة، وزاد توترها حينما رأت التشجيع فى عينيه
لتزفر بيأس وهي تقول بضيق
– البيت مش كبير، اصريت انه ميبقاش كبير… بس بحس بخنقة اني لوحدي ومحدش فى ضهري
تحشرج صوتها وترقرقت عيناها بالدموع لينتفض الطبيب من مقعده وهو يمسك بكوب الماء يقدمه نحوها قائلا بصوت هادئ
– أهدي
لم تقدر على رفع يدها لأخذ الكوب، ارتجاف يديها وجسدها يخبرها انها ستوقع بالكوب
فضلت ان تضغط على يديها بقوة توقف ارتجافهم بيأس لتهمس بألم
– الوحدة صعبة مش كدا، انا خايفة اوصل للمرحلة دي، ان حتي لو متجوزتش بعد كدا .. بس كان نفسي فى ونيس
انفجرت بعدها فى بكاء حار لتغطي وجهها بكفيها، وقد ابتعد الطبيب ليسمح لها بأخذ مساحتها الشخصية…
هواجس لعينة ترفع مخالبها لتنهش بالمتبقي منها، وكوابيس تكاد تؤرق مضجعها وهي تخشى حياته القادمة .. مشكلتها العاطفية ليست بتلك السهولة كي تتخطي من حطمها وتسعى لإعطاء أي مشاعر لرجل آخر
ستكون كاذبة ان قالت انها ستقع فى الحب مجددا، هي ترغب بمن ينتشلها من الدرك الذي تعيش فيه
شخص لا يقدم لها عاطفة .. بل دعم معنوي ومشاعر دافئة تطمئن جوارحها المذعورة
مسحت الدموع بكفي يديها لتسأل بصوت أجش
– اقدر اخذ اي ادوية
هز الطبيب رأسه نافيا بصرامة، هو لا يحبذ استخدام أي عقاقير للمرضى
بل يحفزهم لإفراغ أي طاقة قهر فى ممارسة من أي من هوايتهم المفضلة، ونظرا لحالتها المتذبذبة في تلك الفترة قال بحدة طفيفة
– فى المرحلة دي مش هنستخدم ادوية، هيكون قدام شوية ومش هيكون الا فى اوقات هكتبهولك
رفعت فرح حاجبها بدهشة وهي تسأله بسخرية
-ايه خايف انتحر
هز الطبيب رأسه نافيا وهو يجيبها
-انتي مش ضعيفة للدرجة دي عشان تقرري انك تنتحري
تمتمت بحنق بالغ، وقد ضاق بها الأرض ذرعا منه ومن كلماته
– اومال لحد دلوقتي انت رافض تديني دوا ليه
رفع الطبيب عينيه الجديتين ليقول
– قولتلك انتي مش مريضة، مش عايزة تصدقي ده ليه؟!
قلبت فرح عيناها بملل شديد وتلك الكلمات بمثابة الشوكة في خاصرتها لتسأله
– اومال انا هنا ليه؟
ابتسم الطبيب بمهنية شديدة ليخبرها
– انتي بتفضفضي، وانا هنا بس عشان اساعدك واحاول انك تتغلبي علي وجعك
لمعت عينا فرح بخطورة شديدة وهي تستقيم من مقعدها وتقترب منه لتضع كلتا يديها على سطح مكتبه هابطة بجذعها العلوي لتسأله بتهكم
– وانت بقي مين بيخفف وجعك يا دكتور
لم يخفي الطبيب دهشته عن تلك البادرة الجديدة نحوها، يتوقع منها حنق وغضب نعم
لكن اغواء ملفوف بتهكم، وكأنها تختبر مدى فعاليته تجاه مريضاته النساء .. غلف وجهه الجمود وقد تحولت ملامحه كقد من حجر ليسألها بجرأة
– وده اهتمام!!
مالت فرح برأسها جانبا لتضعه فى اختبار انثوي عالي الخصوصية، وحينما لم تراه يتأثر بما يراه أمامها، بل عينيه في عينيها
كحرب بدائي بين رجل والمرأة
حرب لم ينتهي بفوز أحدهما
والنزالات ما زالت مستمرة
فحينما خدعها ادم بإسم الحب
صدمته حواء بعدم النسيان.
وضعت فرح يدها على ذقنها وهي تقول بتهكم
– توقعت ترد وتقول ان حياتك الشخصية مش متداولة قدام اي مريض
اومأ الطبيب برأسه دون رد، وحينما وجدها مازالت على وضعها ويبدو أنها لن تتحرك قال
– جلستنا خلصت، اتمني الجلسة الجاية تيجي وتقولي انك نجحتي الترم ده
ابتسمت فرح بظفر وهي تري بوادر غضب أسفل الرماد فى عينيه، غمزت بمكر وهي تلتقط أول تصرف انساني منه فى حضرتها لتقول بثقة
– هنجح
******
يوم خطبة وسيم وجيهان،،،
صوت الأغاني الشعبية يصدح من غرفة الفأرة الملونة جيهان، وقد جمعت فتيات العائلة المكونين من شقيقتها البائسة وفريال ورهف، واثنتين فقط اعتذرا وهما مارية وفرح عن حفلتها الصباحية الخاصة وسيلحقنها فى حفلة الليلة…
توردت وجنتي جيهان وهي تحدق فى المرآة ولا تصدق أن والدها حدد الموعد المنتظر منذ سنين، لتقترب منها فريال وهي حاملة أسيل النائمة برغم أصوات الضوضاء الا انها تنام كملاك وديع، لتقول بمشاكسة
– يمكن ده اكتر يوم مكنتش متوقعة ان المجنونة ترتبط ومش من اى حد .. ده مز الإذاعة
انفجرت الفتيات فى ضحك جماعي من ضمنهم شادية التي كانت تشرد بين كل دقائق واخري وعينيها بلا وعي تسقطان اتجاه هاتفها
صاحت رهف بمكر وهي تساومها على إخفاء سر كبير كالذي تحمله الآن عن وقاص
– الفاظك يا فريال عشان متلاقيش جوزك بيديكي علقة سخنة
غمزت فريال نحوها بشقاوة، لتقترب جيهان من رهف وهي تضع ذراعها على منكبها لتناديها قائلة
-رهف
رفعت رهف عيناها نحوها وجيهان تسألها بعبث
– قوليلي بقي، الفرع الشامي شادد حيله فى المنافسة ولا خايب عشان اغير رأيي لو لقيت في تقدم عن المنتج المصري
قذيفة نارية عبارة عن وسادة سددت فى منتصف رأسها، لتتأوه جيهان بتوجع وشادية تهتف بصرامة
– اتلمي
انفجرت رهف بضحك، لتطفئ فريال المكبر واكتفت بالهاتف لتضع الصغيرة على فراش جيهان، ثم  اقتربت من شادية وهي تقرصها من خصرها
-المفروض انتي تسألي اختك عن المنتج الأوروبي، مش احنا
ابتسمت شادية بتوتر ورغم عنها تفكر به، ذلك الذي رحل دون مهاتفها
دون ترك رسالة حتي، او الاجابة على اتصالاتها!!!
الخبر الوحيد الذي وصلها من صديقه انه سافر، الى اين ؟!
لا تعلم، ترجح موطنه … لقد اخبرها بعد زيارته هنا سيعود للمنزل
قبضة مؤلمة تعتصر قلبها وهي تشتاق اليه
ذلك الجاحد الذى تمكن منها وما عاد القلب عليه من سلطان يشتاق الى الأحمق، الغيور، الوقح .. عضت باطن خدها وهي تحاول تجاهل التفكير به
لو كان يحبها لما هان عليه ذلك الجفاء الغير مبرر
انتبهت على صوت فريال الشقي المتسائل
 – انتي مش مرتبطة بأجنبي، يعني اكيد بيسمعك حاجات مخجلة للحياء
شهقت شادية بصدمة وتراجعت عدة خطوات لتصيح بيأس
-فريال
الا ان فريال لم تتركها بل اقتربت منها بمكر وهي تغمز لها بعبث قائلة
-بيقولك ايه
رغما عنها توردت وجنتيها وهي تتذكره، وعن مدى حنقها منه في السابق .. قبل أن يتملك كل ذرة فى جسدها لتهمس برفض
– انسي اقولك اي حاجة
والرفض زاد من اصرار فريال حتى انضمت لها جيهان ورهف ظلت تحدق نحوهم بصمت
– لا بليز، قوليلي اي حاجة
تحت إلحاح الفتاتان رضخت شادية وهي تبتسم بشحوب، لتهمس باعتراف
– مش بفهم كلامه الايطالي، وده اللي بيتعمد يقوله في أوقات معينة.. بحسه بيقولها لما بيفقد سيطرته أو لما يخاف اني انفعل
اتسعت عينا جيهان بدهشة لتقترب منها وهي تمسك ذراعها لتصرخ فريال فى وجهها صائحة بذعر
– اوعي تقولي انه جرجرك وباسك
شهقت جيهان بتفاجئ قبل أن تنفجر ضاحكة وشادية رغما عنها تستعيد مشهد قديم
” – كنت جذبت ذراعك الجميلة تلك … ثم اسحب خصرك الهش وجسدك اللين يرتطم بجسدي
– ثم اقبلك يا وقحة
– أقبلك حتى تزهق انفاسك”
تشعر به قريب من انفاسها، انفاسه الحارة ما زالت تلفح عنقها ورائحة اللبن بالقرفة تغلفهم لتضيف جو حميمي، لقدسية اللحظة!!
صاحت شادية بسخط شديد، وهي تتهرب منهم
– فرياااال
ادركتها جيهان وهي تربت على ذراعها بفخر
– متقلقيش عليها دي تربيتي، يعني مش هتخليه يمد ايده عليها الا لما تبقي مراته
همت فريال بالرد إلا أن بكاء الصغيرة أعلن عن موعدها لتلبية الصغيرة والرعاية بها، استأذنت منهما قائلة
– اسيل صحيت تاني، هروح ارضعها وأجيلكم
عقدت جيهان حاجبيها بتوتر وهي تقترب من شادية التي اختفى بها أي وهج حياة من عينيها، وقد لاحظه والدهما وبدأ يلقي فى بداية الأمر نكات سخيفة … وحينما لاحظ ان شادية تزداد سوءً توقف وبدي متحفزا لقتل الرجل الذي يتلاعب به ليجعله يوافق مرغمًا مستخدما ابنته كورقة ضغط!!
سألتها باهتمام شديد وهي تربت على كتفها بمؤازرة
– متصلش لغاية دلوقتي
أجلت شادية حلقها وهي تحاول تجاهله .. كما تجاهلها وتجاهل اتصالاتها، حتي دفع اليأس بداخلها، وانتظرت فقط مبرر منه
هي فقط لا تعلم أن مجرد زيارة عاصي لمكتبها تجعله لتلك الدرجة غاضب منها!!
غمغمت شادية بنبرة خافتة
– سمعت انه بلغ بابا انه سافر عشان شغله، ولسه منتظر موافقته
زفرت جيهان بيأس ولولا فقط الوعد الذى قطعته بعدم التدخل في خصوصيات المقربين لها، اقتحمت حاسوبه وهاتفه .. بل وتبعث برسائل تهديد له، لكنها اخذتها كمبدأ
العائلة لن تقترب منهم ولو عنى هذا موتها!!
سألتها بإقرار أكثر منه سؤال
– انتي خايفة
مررت شادية اناملها على خصلات شعرها لتهمس بحيرة
-انا مش فاهمة سبب انه يبعد فجأة عني، تلفونه طول الوقت مشغول ..وانا محاولتش ازن عليه بعد كام محاولة منى فى الاول اكلمه.. انا بس بعتله رسالة انه وقت ما يسمح ليه وقت انه يكلمني يكلمني
همت جيهان بالرد عليها وإبداء عدة اقتراحات، ليهتز هاتف شادية على طاولة الزينة لتتسع عينا شادية وهي تحمل الهاتف في يدها تنظر إلي صاحب المكالمة ليشحب وجهها وهي تهمس
– ده هو
صفقت جيهان يداها بمرح لتغمز لها بمكر قائلة
– كويس انه مخيبش ظني، قوليله انه يلبس هدومه ويحصلنا
هزت شادية رأسها وهي تخرج من غرفة جيهان لترد الاتصال وهي تضع يدها الاخرى على قلبها لتهمس باضطراب
– الو
صمت طويل دار بينهم وشادية تعتصر الهاتف بيدها، وضغط الاعصاب الذي يتفنن به يرهقها
وتشتتها
هل يكثر حتى بصوته عليها، هدير انفاسه الخشنة تصلها عبر الأثير ليبدأ قلبها بالحنين
شهقت حينما قال بفتور
– احتاج مقابلتك
لم يقل اشتاق
ولم يقل ارغب برؤيتك
شتان بين ما توقعته وبين الحقيقة، ازدردت ريقها بتوتر والقادم تتوقعه
لقد مل
كانت تحدي جديد وخضعها لأسره!!
يندفع العقل لارسال كلمات سموم فى القلب، والقلب يدافع بجسارة عنه
هل يدرك أي حروب هي تشن فى جسدها؟!!
وهي لم تعد لديها فرصة لالتقاط أنفاسها، همست بتهدج تسأله
– الآن؟
لم يتردد وهو يهمس بجمود
– نعم
فغرت شادية شفتيها وهي ترمش بأهدابها لتهمس بتردد
-لكن انا…
قاطعها بحدة ولم يتحمل الأمر تأجيل أو تردد منها
-لا وقت لقول لا.. أين انتِ؟
اجابته بصراحة وهي تحاول دفع أي دفء في حديثهما البارد
– انا فى المنزل نقوم باحتفال صغير لحفلة خطبة شقيقتي، لقد وصلتك الدعوة صحيح!!
لكن الجلف، البارد أجاب ببرود
– أعلم، سأكون عندك قريبا.. تجهزي سأصطحبك
زفرت شادية بسخط حينما أغلق المكالمة بوقاحة، منذ متى أصبح وقح معها وقليل الذوق
تهدلت كتفيها بيأس وهي لفترة من الوقت كانت ستضرب كلامه بعرض الحائط
لكن التغير الذي استشعرته فى صوته
أقلقها!!
ولن تنكر أي رسايل تحذيرية من المستقبل الذي يلوح لها من الأفق البعيد، أنها ستستقبل خذلان آخر!! .
****
راقب
الصدمات التى نتلقاها هي صنيع يدينا
صدمات من أشخاص
خيبة من آمال استطاع العقل أن يحيكها بمهارة
نضع الأشخاص فى مرتبة القمة، ونسوا أنه مجرد إنسان يخطئ وليس بمعصوم!!
يداه تحفران بقوة على المقود، وكلمات القذر تصيب رجولته فى مقتل، خيالات تؤرق مضجعه إن كان ما يقوله صحيحًا
الأمر ليس انه صدق كلام هذا الأحمق، لكن ثلاثون يوما يحترق داخل جحيم دخله مجبرًا
وهي لم تساعده لتخرج شياطينه، بل عززت من شياطينه وآزرتهم بكل ما تملك من قوة
عقله عاد يستعيد حواراتهم
حوار عن رجل دمر ثقتها بنفسها، رجل كان يرغب بقتله، أخطأ فى الأهداف.. والهدف كان قريب من مرمى عينيه
” تفهم أرجوك، لست أنا تلك المنشودة..أنا بعيدة كل البعد عن تصوراتك، لن تجد ما تريده مني”
وتزيد من حرائق رجولته التي تمرغت على يد الرجل، هو تأكيدها الخفي، أن علاقتهم كانت أعمق مما يمكن أن يتصوره
“أخبرتك أنه لا يوجد رجال فى حياتي، ولتعلم أنا لم أمر بعلاقة سوي واحدة فقط وفشلت فشل ذريع”
يتذكر تلك الجملة وكان وقتها يعتقد خطيبها الذي رآه والذي لم يكن يستحقها مقدار ذرة!!
رباااااه أين فخ أوقع نفسه به … وهي .. تلك المغوية بعينها الكهرمانية حذرته من مغبة السقوط
لكن السقوط لم يكن سقوطًا
لقد كان انتحارًا
رفع سرمد عينيه ناظرا نحو البوابة التي فتحت لتخرج اليه وهي ترتدي بنطال اسود كلاسيكي وتيشيرت أبيض يعلوه سترة  وقد عقدت خصلات شعرها بحزم .. بتدقيق ذكوري عيناه مرت على قدها .. يعيد رسم تفاصيل جسدها المحفوظة كراحة يده!!
هل نقص وزنها؟! أم أنه يخيل إليه؟!
رآها تفتح الباب المجاور لتلفح له تلك الرائحة المسكرة حالما جلست بجواره، لطالما الكثير من النساء اللاتي تعرف عليهن قبلا تضعن عطورًا ووقتها يحدد مزاجية المرأة ومفتاح دخوله لجناتهم، لكن هذه
مربكة، حالة من التعقيدات والنعومة ملتفة بحرير ناعم يستصرخ أي رجل ليمد يده ويختبر ملمسه!!
حالة من الصمت حلت عليهما، وهو يدقق النظر نحوها وهو يرى الهالات السوداء اسفل عينيها رغم مستحضرات التجميل التي عملت عليها لتخبئها، لكنها لم تستطع تخبئتها عن عينيه، فغرت شفتيها وهي تهمس بارتباك
– هل كل شئ على ما يرام؟
هز سرمد رأسه بتيه، والطواحين فى رأسه تجعله فى حيرة من أمره
هي ليست بريئة .. وليست الجانية
هذا ما توصل بالنهاية، هناك حلقة مفقودة وسيعرفه منها
غمغم بغموض شديد وانطلق بالسيارة التي استأجرها إلى وجهته المحددة
– ربما
عاد الصمت يطبق عليهما، ليبدأ الوسواس ينحر العقل دافعا اياها للجنون.. ارتبكت شادية من التغير المخيف له، سرمد الذى تعرفه لن يكون جافئا هكذا
طبعه الناري الذى تغير، لا يعجبها مطلقًا، همست اسمه بعذاب
– سرمد
نظرة واحدة القاها نحو عينيها ليقرأ عذابها، هل تعذبت فى رحيله المتعمد!!
عيناها التي تتوسلانه أن يرأف بها، جعله يتحاشى بنظره عنها..حتي يصل لوجهته
سيكون عازما على ما يفعله، لن يستسلم لها، ويترك نفسه لغمة سائغة لشياطينه المعربدة!!
عادت شادية تسأل بصوت خافت وهي تخشي أن تزعج الصمت الذي يحطيهم من كل جانب
– أين سنذهب؟
صمت سرمد للحظات وهو يخبرها بهدوء شديد
-سأقوم بعمل جلسة تصوير خاصة لنا
عقدت شادية حاجبيها بريبة لتهمس بدهشة
– الآن؟
اومأ برأسه وسيارته تنهب الطريق نهبًا، للوصول إلى وجهته
-نعم
عضت شادية على طرف شفتها السفلى وهو البعيد القريب يعد أنفاسها وهي من على بعد .. رآها تهمس باختناق
-هل أزعجتك فى شئ؟
يود أن يخبرها ان تكف عن النظر إليه بتلك الطريقة، وكأنه الجاني فى تلك القصة!! ليغمغم ببرود
-لما تقولين هذا؟
زفرت شادية بيأس وهي تمر بأناملها فى خصلات شعرها  المعقودة تتأكد من ألا تفلت من عقدتها لتهمس بتردد
– لا أعلم.. ربما بدر مني تصرف سئ، أو قمت بعمل سيئ لك ولم أكن أقصده
لو تعلمين انك أحرقتي الرجل بجوارك
ولم يعد يتبقي سوي رجل تزوره الأشباح، وكوابيس عنكِ وشبح رجل اخر شبع من تفاصيلك قبلي!!
كيف لا ينهي الأمر وهي من قالت ” أنت تلوثني أكثر سرمد، تلوثني.. ألا يكفي خطاياي”
سألها بتشكك وضيق التنفس جعل وجهه يتلون بالحمرة
– هل انتِ متأكدة؟!
زفرت شادية وهي تصرخ بسخط تلك المرة
– سرمد، توقف عن التلاعب بالكلام
انهارت دوافعها والرسمية التي يتعامل بها تثير الرهبة بقلبها، لتغمغم باختناق
-كنت بس بطمن عليك، انت اختفيت فجأة وانا قلقت
اجفلت فجأة حينما سألها بخشونة
– لماذا؟
يحاول عقلها حتى الآن أن تستوعب أن الرجل يفهم لغتها وإن كان لا يحبذ التكلم به، رفعت عينيها المعذبتين
لترشقه بسهام معاتبة
وخناجر الهجر الذي تفنن بطعنه بها
همست بصراحة شديدة وهي تحاول أن تستشف أي لمحة اشتياق داخل غضبه البارد الغير مفهوم بالنسبة إليها
-قلقت.. لأنني قلقت، بدون سبب سرمد.. ما السبب الذي يدفعني لأنني أقلق
لوي سرمد شفتيه بسخرية وهو يجيبها بنبرة لائمة
– ربما هناك أسباب كثيرة بعيدة كل البعد عن هذا
عقدت حاجبيها بريبة والمعنى الذي يقصده يصل إليها باستحياء شديد غير مفهوم، لتهم بسؤاله عما يقصده .. لتجده يقول بجمود
– وصلنا
رفعت شادية عيناها لتحدق نحو المبني السكني، لتعيد النظر إليه وهي تجلي حلقها بتردد
– هذا مبني سكني
أومأ سرمد برأسه وهو يضغط على المكابح ليغمغم بعدم اكتراث
– سنقوم بعمل تصوير خاص داخل المبنى
فتح باب سيارته وترجل منه ليستمع إلى صرختها المفاجئة
– ماذا!!
الرعب الذى تجلى فى عينيها وشحوب وجهها، اعلمه ان ذلك السيناريو الرخيص مرت به من قبل
اقترب منها وهو يسألها بصراحة
– هل تخشين مني؟
هزت شادية رأسها نافية رغم ضباب عينيه عاجزة عن الوصول إلى أعماق ما يقوم به، لتهمس بتعثر وهي تحاول التمسك بحقيبتها لاخراج هاتفها
– لا .. انا فقط فى حاجة لأخبار أبي
وضع سرمد يده على يدها التي امسكت بالهاتف ليسألها بجرأة
– هل لتلك الدرجة لست جدير بالثقة؟
رفعت عيناها بتشوش إليه، لينفرج شفتيها بلهاث حار لتهمس بتشبث
– انا.. انا .. فقط فى حاجة لأخباره
اطبق سرمد شفتيه وهو يضم كلتا يديها داخل يديه، وقد استشعر برودة اطراف اصابعها، ليدفع الدفء داخل جسدها وهو يهمس بوعد صادق
-لن نطيل، أعدك
سيناريو قديم يعاد.. حماس بدايات الخطبة .. ثم عقد القرآن ليفصل ايام عنها وعن اليوم الفرح الكبير
هاتفها وطلب لقاءها بهدف الشقة التي سـ يسكنان بها، وهي ذهبت بحسن نية
ولم تكن تعلم أنه أوقعها داخل مصيدته
بودار الوعي يعيدها تدريجيا، وهي تحاول حرق الذكريات الأليمة من عقلها
ذكريات بعثت من جديد، وجاءت لتعربد حياتها .. على سعى لخراب الترميم الذي نجحت به!!
يسألها جزء صغير داخلها، أتثق به؟
ترجلت من السيارة وقرارها كان نعم، كانت مقامرة خطرة فى عقلها
ما خسرته في الماضي، قد خسرته … وما ستخسره فى المستقبل ليس بنفس الخسارة الماضية!!
تصبر ببعض كلمات بائسة، لا منطق لها وهي تنادي اسمه
– سرمد
رفع سرمد عينيه وهو يراها تقترب منه بخجل وهي تهدئ من نبضات قلبها الملتاعة
ليس أنها رأت رجل قذر، يعني ان الجميع مثله، ربما أخذها الى الاستوديو الخاص به الصغير الذي أخبرها عنه
صوت داخلي سخر منها… أي استوديو صغير؟! ألم تتعظ قديمًا، لكن اعتراض صغير
يخبرها ان سرمد مختلف، برغم ما فعله سابقا واندفاعاته المجنونة لها.. الا انها تستطيع اعادته لوعيه!!
همست بثقة تبث به لنفسها قبلها ثم اليه
– انا واثقة فيك، وصدقني عمري ما اديت ثقة لحد من زمن طويل
تحجرت عينا سرمد عليها وهي تندفع بسهولة إلى المصعد بجواره، وسؤال انبثق داخله
هل اندفعت بثقة مثله؟!!!
اخفض رأسه وهو لا يصدق أنه يعاني من غيرة حارقة لأمرأة، امرأة تفننت فى جلده على صفيح ساخن
توجه نحو الشقة التي ظلت لأسابيع يقوم بتجهيزها، ليفتح باب الشقة وهو يضئ الأنارة لتقف شادية على الباب بصدمة
والماضي يلعب لعبته بخسة معها
الماضي اختلط بالحاضر ووقف المستقبل ينظر اليها بسخرية
الصورة لم تعد تتبينها نحو الواقف أمامها
تراه تراه معاذ، ثم هو
وطنين فى أذنيها، وجسدها تحفز للهرب لتهمس
– دي .. دي شقة
نظر سرمد بفتور تجاه الشقة ثم أشار إلى باب ما واخبرها بصدق
-نعم، بالداخل يوجد غرفة للتصوير
ارتدت خطوة للخلف، وبشرتها التي فقدت دمائها أخبرها أن الأمر لم يعد مزحة
لتهمس باضطراب
-انا .. انا محتاجة امشي
عقله بلا وعي يتذكر ما قالته ” لا أحد يظل بجوار الآخر طوال العمر، الجميع يرحل ما إن يأخذوا غرضهم من الشخص الذي يريده” ماذا تقصد بالغرض؟!!
اقترب منها وهو يمسك ذراعها ليسمح لقدميها الملتصقتين بالأرض بالتحرك ليهمس لها بنبرة ساخرة
– ما بك؟ ترتعبين هكذا، وكأنك ترين وحش على وشك الانقضاض عليك

يتبع..

لقراءة باقي حلقات الرواية اضغط على (رواية أترصد عشقك)

اترك رد

error: Content is protected !!