Uncategorized

رواية لمن القرار الفصل السادس والثلاثون 36 بقلم سهام صادق

  رواية لمن القرار الفصل السادس والثلاثون 36 بقلم سهام صادق

 رواية لمن القرار الفصل السادس والثلاثون 36 بقلم سهام صادق

 رواية لمن القرار الفصل السادس والثلاثون 36 بقلم سهام صادق

كان غارق في أفكارة لا يُصدق أن ليلتهم ستمر بتلك البساطة، ستمر دون حائل ستضعه بينهم..
اغمض عينيه ينفث أنفاسه متسائلا
” معقول يا ملك تكوني عايزة نعيش سعادتنا من غير ما نفكر في اللي فات..؟..، لو الطريق بينا هيكون سهل كده، هكون أسعد راجل في الدنيا” 
ضاعت أفكارة المتخبطة وتساؤلاته، وهو يستمع لخطواتها نحوه ورائحة عطرها التي عبئ رئتيه من عبق عبيرها.
اقترب منها بخطوات متلهفة وقد اخفضت عينيها حرجاً تهمس بنعومة سلبت كيانه
– رسلان
مجرد همسها لاسمه.. جعله يتناسي تخبطه وأفكاره، ضمها إليه في عناق طويل حنون وسرعان ما كان يتحول العناق للهفة وتوق. 
لم تشعر بحالها وهي بين ذراعيه.. ولا بخطواتهم التي أخذت تتراجع نحو الفراش حتى لم يعد يتبقى إلا خطوة واحدة 
وبصعوبة كانت تدفعه عنها بقوة، تُخلص جسدها من أسر ذراعيه..
جعلته يقف مذهولًا لا يستوعب ما حدث
– قولتلك حياتنا مش هتنفع مع بعض يا دكتور
اغمضت عينيها وهي تنطق بها، تخفي دموع قهرها وخيبتها، فهي لولا الماضي لكانت أسعد عروس تلك الليلة.. ، لقد شعرت بمشاعر قوية قربه.. مشاعر ظنت أن الماضي ازالها ولكن لا شئ تغير معها.. قلبها مازال يحب هذا الرجل دون عن أي رجل أخر.
حاول تلاشي صدمته من فعلتها، فاقترب منها يجذب ذراعها يُديرها نحوه 
– ملك أنتِ كنتِ متجاوبة معايا، عارفه يعني إيه؟ 
طالعته بجمود تخفي خلفه مشاعرها 
– تجاوبي معاك يا دكتور.. عشان اخليك زي العطشان مجرد ما تقرب الازازة من بوءه تتسحب منه
ببساطة القت عبارتها.. تجمدت عينيه عليها لا يُصدق ما تفوهت به للتو، فتلك التي أمامه ليست “ملك”..،
“ملك” دوما صادقة في مشاعرها 
– لو كنت نسيت إنك اتجوزت اختي، أنا منستش ولا هنسي يا رسلان.. مش هنسي كل ليلة كنت بغمض عيني فيها وبتخيلك في حضنها
أعادت له تلك الليلة بتفاصيلها.. ليلة ظن التي أمامه هي
” ملك” وليست ” مها” ليلة كلما تذكرها كره نفسه وكره “مها” وخالته.. فاقتراح المخدر والمنشط، كان اقتراح السيدة “ناهد” العظيمة 
– لو مكنتش مها ماتت، قولي كنت هتتجوزني ازاي يا دكتور
اخرجته من شرودة وهي تتسأل بنبرة متهمكة، ثم طالعته بقوة تنتظر جوابه.. ، وهو كان يقف شارد الذهن، مهنك من كل شئ يحيطه.. فما قسوة الزمن عليه،
فحتى حينا ظن أنه وصل لحلمه وتزوج المرأة التي يُحبها وقد وجد طريقه نحو السعادة..، عاد كل شئ كما كان بل وابشع..؛ وها هي لعنة ومرارة الحب كما سمع عنها يوماً. 
عاد يقترب منها، وكلما كان يقترب كانت تبتعد عنه تنظر نحو خواء عينيه من أي شعور، فمن ظنها إنها ستستلم له وأن الماضي مضى خلفهم…، تخبره بحقدها لزيجتهم بعدما تصدى لكل شئ من أجلها 
– مردتش ليه يا دكتور؟ 
كررت سؤالها  وهي ترى القرب بينهما يزداد حتى التصق جسدها بالجدار، ف ابتلعت لعابها وهي تراه كيف يحدق بها دون حديث، تحولت نبرتها التي حاولت بكل استطاعتها أن تكون باردة جافية ولكن في الحقيقه كانت تخرج كلماتها بمرارة تُمزق فؤادها 
– لو مها مكنتش ماتت، كنت هتتجوزني برضوه
وعندما طال صمته وطالت نظرته إليها بعتاب..، حاولت تمالك أنفاسها الهادرة تنظر إليه بقوة مصطعنه 
– مافيش رد عندك يا دكتور
وقبل أن يهتف بشئ ويخرج من دوامة العشق التي جعلته ينغمس بها  
– صحيح جيهان مرات جسار بعتالك سلامها.. مش كنت تقولي من الأول إنك السبب إن جيهان تدخل حياة جسار وتفرقنا
– جيهان! 
هتف اسمها بصدمة، فابتسمت  “ملك” بمرارة ترمقه بنظرات محتقرة، فاخيراً قد نطق 
– بعت لجسار واحده كانت عشيقتك.. حقيقي وصلت لدرجة حقيرة يا دكتور
والصدمة كانت أقوى له، “جيهان” عشيقته 
– لولا الفضيحة اللي حصلت في الحارة مكنتش وفقت اتجوزك
ارتسمت الخيبة فوق ملامحه، فتراجع عنها ينظر إليها 
– واضح أنك رسمة صورة تقدري تكرهيني بيها، وطلعتيني اد إيه أنا إنسان حقير..، برافو يا ملك
كانت عينيه باردتين ببرودة جعلت قلبها يعلم أنه أصاب هدفه، خفق قلبها بندم ولكنها استمرت في هدم كل شئ 
– الصورة واضحة يا دكتور..، طول عمرك بتوهم غيرك بالحب..
والصورة بالفعل كانت واضحة بالنسبة له، ضحك بقوة بطريقه جعلتها تشعر بالخوف من حالته، تحاشت النظر إليه ولكنه أصر أن يجعل عيناها تُقابل عينيه 
– مدام التمثلية خلصت ونفذتي الدور عشرة على عشرة يا ملك، مش كفاية كده 
– قصدك إيه؟
تسألت بقلق وهي ترى نظرات عينيه الجامدتين، باغتها بجوابه وهو يحملها متجها بها نحو الفراش 
– مدام أنا راجل وحش، ومدام أنتِ هتفضلي طول عمرك شيفاني بالصورة ديه وعمرك ما هتنسي اللي فات، وهنفضل طول عمرنا عايشين في نفس الدايرة يا ملك
وصمت قليلاً بعدما وضعها فوق الفراش واختلطت انفاسهم، طالعت وضعهم وقد فهمت كل كلمة قالها، لتنظر حولها ثم إليه وسرعان ما كانت تدفعه عنها صارخة بعد أن رأت الاصرار في عينيه 
– لا مش هتلمسني واكون ليك يا رسلان
عادت ضحكاته تعلو وهو يتحكم في تقيد معصميها 
– أنتِ ليا يا ملك، انتِ مراتي.. الحكاية اتكتبت من النهاردة يا ملك.. أنا وأنتِ الحب جمعنا عشان يكون لعنه لينا، وانا قررت اتخلص من اللعنه ديه.. لأني تعبت..
لم تكن تُصدق أن الذي أمامها هو ” رسلان” لقد توحشت نظراته إليها، واصبحت عينيه ترمقها بنظرة أبرد من الصقيع 
– انا من زمان اتغيرت يا ملك، اتغيرت من ساعه الليلة اللي اكتشفت أنا أد إيه راجل أهبل ، اتجوز بنت خالتي عشان انفذها من الفضيحة ، و واحدة ضحيت عشانها بفرص كتير لمستقبلي عشان اعرف اخدها واسافر بعيد واكمل عمري معاها، واحده بسببها حطيت فجوة كبيرة بيني وبين اهلي عشان كانوا السبب، واحدة كرهت ولادي لأنهم مش منها.. حبك لعنة ومرض يا ملك وانا هتخلص منه الليله ديه
– رسلان، انت بتعمل إيه.. سيبني يا رسلان، ارجوك متخليش اكرهك
ضحك بمرارة وهو يستمع لعبارتها
– للأسف انتِ بتكرهيني يا ملك.. صدقتي عني اني ممكن اكون راجل زاني..، صحيح انا حاولت انتقم من كل ست إني اعيشها الحب وبعدين اسيبها وكل ده بسببك وبسبب اختك.. انتوا لعنة دخلت حياتي… ياريتني كنت فضلت طول عمري بسعي ورا مستقبلي وفضلت مسافر
كتم صرختها بقبلاته.. فخرجت أناتها بصعوبة.. ، لقد أعادت “رسلان” الذي كان عليه بعد وفاة ” مها ” لقد أعادت “رسلان” الذي أصبح يكره ذاته.
وبانفاس هادرة كان يخبرها
– اسف يا حببتي، بس لازم  ده اللي يحصل مش هنتخلص من بعض غير كده
ضعف صوت صراخها..، ومع استكانتها بين ذراعيه عاد همسه
– يمكن لما امتلكك… حبي ليكِ ينتهي وافهم إني أختارت الطريق الغلط.. يمكن اقدر احررك مني
سقطت دموعها تنظر إليه راجية، فلم يعد إلا خطوة واحدة وتكتب النهاية او البداية ومع قانون الحب 
” لا رفاهية للأختيار” 
هدأت أنفاسه الثائرة، يمد يديه يمسح عنها دموعها 
– نفسي احرر نفسي منك، نفسي  قلبي يفهم إنه مش لازم ياخد كل اللي عايزه من الحياة، ليه خلتيني احس إن خلاص حققت حلمي فيكِ
وبصعوبة كان ينهض عنها يرفع الغطاء نحو جسدها 
– ست شهور وهنفذ ليكِ رغبتك يا ملك، هحررك مني
اكمل خطواته نحو خارج الغرفة بعدما التقط قميصه يرتديه ولكنه توقف يمسح فوق جبينه المتعرق 
– أنا وضحت حقايق كتير لجسار عن جيهان لكن هو اللي عايز يفضل أعمى
غادر الغرفة ليتركها كما هي جاحظت العينين، تُطالع الفراغ الذي أمامها ودموعها تنساب فوق خديها.. لقد انقلبت اللعبة وبدل من أن تذيقة مرارة الانتقام اذاقها هو مرارة لا تعلم مذاق مرارتها 
………
دلف بها إلى ذلك المطعم الخالي من الزبائن وكما يبدو للعين إنه على وشك الغلق، تقدم منه أحد العاملين يخبره عن وجوب غلق المكان ولكن ” جسار” بماله استطاع أن يجعل العامل يذهب إلى مديره يُخبره عن حجز المكان بأكمله.
اتي صاحب المطعم مرحباً بهم، فوقفت تترقب بعينيها كل شئ، إلى أن انصرف مدير المكان والعامل لتجهيز وجبة لذيذة ستنال اعجباهم 
اشتد الجوع عليها وهي تجلس فوق المقعد بعدما أشار لها
” جسار” بالجلوس 
جالت عينيه نحوها ولنظراتها نحو المكان، فتنهد بارهاق 
– وتفتكري اخوكِ مش هيدور عليكِ
واردف بجمود، بعدما تذكر ما يمكن أن يصيب ملك من شقيق تلك المصيبة التي حطت عليه 
– هروبك ده ممكن يعمل مشاكل لملك، وملك عندي خط أحمر
توترت “بسمة” من نبرته واللحظات ورغماً عنها كانت تحسد “ملك” على حبه وخوفه عليها 
– ملك متعرفش إني ههرب زي ما قولت لحضرتك واحنا في العربية
– أخوكِ رد سوابق..، يعني ممكن يعمل اي حاجة أو يفضحها قدام جوزها وأهله
أطرقت” بسمة” عينيها والألم ينهش فؤادها، وهي تسمعه للمرة التي لا تعرف كم عددها بأن أخيها مجرم لا يأتي منه إلا الأذى
– لو أذى ملك هرجع أظهر تاني متقلقش..، أنا مش هفرق معاه.. فتحي لو عليه نفسه يخلص مني
– هربتي ليه؟
خرجت الإجابة من حلقها بمرارة وبنبرة مهتزة هتفت 
– كان عايز يشغلني في الكبارية 
– عيلة مشرفة، بصراحة مش عارف إزاي ملك كانت سامحه ليكِ تدخلي حياتها لا وكمان كانت مهتميه بيكِ
ابتلعت حديثه كالعادة بمرارة.. فما عليها إلا التقبل حتى تنال مساعدته وتجد لها عمل ومأوي
اخرج علبة سجائرة ينتشل منها واحدة ثم اشعلها،
سعلت “بسمة” بشدة ولكنه لم يعبئ لأمرها.. ساد الصمت بينهم لدقائق
؛ فاخفضت عينيها نحو كفيها، حيث اخذت تفركهما بشدة إلى أن ازداد احمرارهم، أرادت كسر ذلك الصمت فتحدثت بأي حديث حتى تجعله يتحدث معها 
– ملك قالتلي إنك عندك شركة كبيرة..
ولمعت عيناها وهي تتمنى مساعدته وأن يجعلها تعمل لديه..،توترت وهي ترى نظراته المنتظرة لتكملة حديثها
– يعني ممكن اشتغل فيها في البوفيه مثلا.. أنا بعمل شاي وقهوة حلو اوي
تلك الابتسامة التي رأتها فوق شفتيه.. ، خطفت قلبها .. أطرقت عينيها خجلا، ولكن سرعان ما كانت عيناها ترفعها نحوه وهو يُعطيها جوابه ساخراً
– اشغل واحدة هربانة ، اخوها رد سجون.. عندي في شركتي
ليته لم ينطق، ليتها لم تهرب، ليتها لم تأتي إلى تلك الحياة
– متطمحيش اوي في عشمك معايا، انا لو هقدم مساعده ليكِ هقدمها عشان ملك
أرادت النهوض حتى تخلصه من مصيبتها وعناء مساعدتها
– خلاص يا جسار بيه، أرض الله واسعة..
– اقعدي
أمرها بنبرة حازمة.. ترددت قليلا ولكن أعاد أمره مجدداً
– عندي ليكِ عرض كويس.. وبعد ما مهمتك تخلص هتاخدي مبلغ كويس تقدري تعملي بيه مشروع
انتظرت سماع عرضه، وقد ظنت لوهلة أن العرض الذي سيقدمه لها سيكون عرضً حقيراً سيستغل به حاجتها.. ،
رسمت العديد من السيناريوهات بل وذهب عقلها لأشياء بعيدة ولكن ها هو ينتهي من عرضه وها هي تزيل يديها عن جسدها بطريقة جعلته يضحك داخله ساخراً من حماقة تفكيرها وخيالها البعيد. 
مال  بجسده نحو الطاوله بعدما فرغ النادل من وضع أطباق الطعام، حتى تملئ معدتها وتستطيع التركيز في حديثه ودون أن تنتظر سؤاله عن موافقتها كانت تمنحها له 
–  موافقة
وصمتت لوهلة تدفع لسانها للخارج ترطب به شفتيها 
– مدام شاكك فيها، ليه متجوزها لحد دلوقتي؟ 
أرخي جسار جسده للخلف يرمقها للحظات 
– مدام وفقتي على عرضي يبقي مافيش غير أنك تنفذي وبس، لكن أسئلة كتير مبحبهاش
خرجت نبرته باردة مما جعلها تبتلع لعابها حرجًا، أطال النظر إليها يفحص خلجات وجهها وتوترها؛ فغاصت بعينيها نحو أطباق الطعام الشهية
– لا تعرفي ملك ولا تعرفيني.. أنتِ مجرد بنت غلبانه جاية من البلد اقصدني ناس معرفة اشغلك عندي 
……..
رتب أغراضه في حقيبته، ومن حيناً إلى أخر كان ينظر إليها وهي غافية، أنهى ترتيب أغراضه واقترب منها يلثم جبينها هامساً
– فتون
فتحت عينيها بصعوبة وحاولت النهوض ولكنها لم تستطيع تحريك جسدها، شعر بالندم وهو يري آثار ليلة أمس على جسدها
– فتون مش لازم تقومي، كملي نومك
– هقوم احضرلك شنطتك
عاد يلثم جبينها مبتسما
– أنا حضرت الشنطة، متتعبيش نفسك
ونهض عنها بعدما ودعها بقبلة أخيرة عانقة شفتيها
– سيبتلك فلوس في الدرج، والسواق هيوديكي النهاردة الضهر للمؤسسه عند حازم..، فتون أنتِ لازم تنزلي المؤسسة وتتعلمي من خبرة المحامين في القضايا.. عايز مراتي تبقى اشطر محاميه
رفرف قلبها وهي تسمعه..، ورغم إنه من قبل قد القى عليها هذا الحديث ولكنه لم يضعه قيد التنفيذ
ابتسم وهو يري عينيها التي لمعت بوميض أحبه بل وزاده غبطة
– شكرا
نُطقها لكلمتها، جعلته يترك حقيبة ملابسه التي التقطها منذ ثواني حتى يُغادر، اندفع صوبها يطوقها بذراعيه.
اغرقها للحظات في دوامة عشقه ولو لم يكن لدية موعد رحلة..، لكن استمر في دوامته المُحبه 
ابتعد عنها يسمح لها بالتقاط أنفاسها، يُداعب خديها بأطراف انامله
– هتوحشيني
علقت عينيها به ولأول مرة تعرف معه شعور الشوق او بالاصح شعور شوق الزوجة لزوجها..، تناست تلك اللحظة مخاوفها، تناست تلك الذكرى السيئة، تناست حتى عقدهم الذي لم يعد عقد ولكنها مازالت تقنع عقلها إنها تسير على بنوده. 
سطحت جسدها فوق الفراش ودون شعور منها كانت تلتقط وسادته تتنفس عبير رائحته
غفت واحلامها عادت تُرفرف داخل قلبها، وكلما كانت تنفض عقلها عن تلك الأحلام، كانت الأحلام هي من تُسيطر عليها
……….
صعدت “شهيرة” السيارة بعدما فتح لها سائقها بابها مُطرق الرأس قليلاً يهتف بأدب
– حمدلله على السلامة يا هانم
اماءت “شهيرة” برأسها واستقرت في مقعدها تُشير له بالتحرك
– على الشركة
نفذ السائق اوامرها، ففركت جبينها بأرهاق، فبعد رحلة عمل دامت لأربعة أيام تُريد اخذ قسط من الراحة؛ ولكن الأعمال متراكمة “وحامد” شقيقها قد ترك كل شئ وأصبح يعيش سنوات عمره المراهقة بين الزيجات للفتيات الصغيرات. 
تعالا رنين هاتفها تنظر لرقم المتصل بتأفف، فما الذي تريده منها “دينا” تلك الساعة من الصباح
– ايوة يا دينا، لو عندك موضوع تافه زي عوايدك فياريت تقفلي، انا مصدعه ومش فايقه
امتعضت ملامح “دينا” وهي تستمع لحديثها..، وازداد شعورها بالشماتة لذلك الحدث الذي تراه جليل
– عارفة إن وقتك ثمين يا شهيرة هانم، بس مظنش إن بنتك متستحقش جزء من وقتك
بهتت ملامح “شهيرة” قلقً على صغيرتها
– خديجة مالها، حصلها إيه.. إزاي سليم ميبلغنيش إن بنتي  حصلها حاجة
تجلجلت ضحكات “دينا” عبر الهاتف مما جعل “شهيرة” تلتقط أنفاسها وتُدرك أن أمر صغيرتها ليس كما ظنت
– براحة يا شهيرة هانم، خديجة كويسه وزي الفل.. ومتصوره كام صورة حلوين مع الزوجة الجديدة لسليم طليقك
تعالت أنفاس ” شهيرة” وهي تستمع لحديثها وخاصة تلك الكلمات التي ازادت من غيرتها 
” زوجة سليم الجديدة، طليقك “
تمالكت “شهيرة” غضبها، وقد احرقتها نيران الغيرة 
– فين الصور ديه
اتسعت ابتسامة “دينا” تزيح عن وجهها خصلاتها المصبوغة
– ثواني ابعتهم ، بصراحة يا شهيرة اضيقت اوي لما لقيت صحابي بيسألوني ازاي “شهيرة الأسيوطي” سايبه بنتها لواحدة زي ديه..
واردفت وقد ازدادت ابتسامتها اتساعاً
– اه لو يعرفوا إنها كانت خدامة يا شهيرة..، بنت شهيرة الأسيوطي تربيها خدامة والناس تفتكرها إنها امها الحقيقية
وقد صدقت المقولة التي قالوها يوماً
” اطرق فوق الحديد وهو ساخن” 
………….
وقفت تنظر نحو البناية التي اصطحبها إليها هذا الصباح، بعدما باتت ليلة أمس في احد الفنادق الفخمة، شعرت بالتوتر وهي تتسابق مع خطواته..، وابتلعت ريقها خشية مما سيحدث إذا اكتشفت زوجته إنها جاسوسة عليها وليست مجرد مستخدمة 
– انا مش هنفع في الشغلانه ديه، مراتك هتكشفني من اول مرة، انا خيبة صدقني
توقف “جسار” امام مصعد البناية، يُشير إليها 
– براحتك يا بسمة، الطريق قدامك اه تقدري تمشي
طالعته بضياع تنظر حولها 
– ما انا لو اعرف الطريق، وهروح فين ولمين مكنتش أقبلت اعمل كده 
ضاقت عينين “جسار” بمقت 
– أنتِ ليه محسساني إني هخليكي تتاجري في المخدرات، ديه شغلانه زي اي شغلانه اشتغلتيها يا بسمة، ويمكن افضل كمان 
– هكون جاسوسة يا جسار بيه، جاسوسة يعني خاينة
همست عبارتها بتأثر، فزفر أنفاسه يمقت تلك اللحظة التي صعدت فيها سيارته 
– متخافيش أنتِ جاسوسة من أجل الوطن يا بسمة، ارتحتي كده 
– أنت بتهزر
قلبت شفتيها بضيق بعدما هتفت عبارتها، ورغم عنه كان يبتسم على هيئتها الممتعضة.. مال ناحيتها، فتراجعت للخلف بانتفاضة وقد اخذ قلبها يخفق بقوة.. 
تعجب من انتفاضة جسدها بتلك الطريقة ولكن سرعان ما اختفى تعجبه وعاد لنبرته الأمرة التي تخلو من الذوق
– بصي يا بسمة وجودك هنا هينبهني على حاجات كتير، أنا واثق إنك انسانه ثقة
توردت وجنتي “بسمة” وكأنه القى عليها أبيات من الشعر هي بطلته، فابتسم وهو يكتشف اي نوع هي من النساء
– ومش هتكذبي عليا يا بسمة، كل معلومة هتنقليها ليا عن تحركات مراتي يا اما هتنقذيني، أو هتنقذي جوازنا ومنطلقش
– أنت بتحب مراتك يا جسار بيه
لا تعلم لما أخذها لسانها وطاوع فضولها لمعرفة جوابة، تجاهل “جسار” سؤالها، وأعاد تشغيل المصعد الذي لم تشعر لا بتوقفه ولا بصعودها له 
اتسعت عينيها في ذعر وقد أدركت للتو أين هي؟
– نزلني من هنا يا جسار بيه، اخاف الكهربا تقطع ونفضل محبوسين هنا
وقبل ان يفهم سبب لذعرها الذي حدث فجأة، كانت تضغط على ازرار تحكم المصعد بعشوائيه.. 
جذب ذراعها بعدما رأي الكارثة التي تفعلها
– بتعملي إيه يا مجنونه 
– بوقف الاسانسير 
– هو انتِ كده بتوقفيه
جذب ذراعها بعيداً عن موضع الأزرار ، فحدثت هزة خفيفة عندما عاد المصعد يصعد مجدداً، اختلي توازن “بسمة” بعدما التوت قدمها اسفلها ودون انتبه منها.. كانت تميل نحوه بجسدها فأصبحت بين احضانه تتنفس رائحته، وهو رغما عنه كان يطاوق خصرها النحيل بذراعه التي لم تُشفي بعد منذ الحادثة التي حدثت له “وجيهان” وبسببها توقفت إجراءات الطلاق وقد أعادت الفرصة لاستمرارية زواجهم 
……….
أندفعت “شهيرة” داخل الغرفة دون سابق إنذار ، وقد شعر الخدم بالدهشة من مجئ طليقة سيدهم بتلك الطريقة العاصفة وكأن هذا المنزل ما زال منزلها وهي سيدته. 
تجمدت عينيها نحو “فتون” التي نهضت للتو من فوق الفراش بذعر  تبحث عن مئزرها لتُداري جسدها 
انتقلت عينين شهيرة نحو بعثرة الفراش ثم إليها وقد ازدادت عيناها قتامة وهي تقترب منها وترى بضعة علامات فوق عنق “فتون” 
– بتحاولي تلعبي معايا ب بنتي..
وازدادت شهيرة مقربة وكلما اقتربت كانت هيئة” فتون” تتضح لها أكثر فيزداد حقدها وهي تتخيلها بين أحضان
” سليم ” 
– أنا شهيرة الأسيوطي خدامة زيك تظهر قدام  الناس ب بنتي 
يتبع..
لقراءة الفصل السابع والثلاثون : اضغط هنا
لقراءة باقي فصول الرواية : اضغط هنا
نرشح لك أيضاً نوفيلا ورطة قلبي للكاتبة سارة فتحي

اترك رد

error: Content is protected !!