Uncategorized

رواية جحيم الفارس الفصل السادس عشر 16 بقلم ايمان محمود

 رواية جحيم الفارس الفصل السادس عشر 16 بقلم ايمان محمود

رواية جحيم الفارس الفصل السادس عشر 16 بقلم ايمان محمود

رواية جحيم الفارس الفصل السادس عشر 16 بقلم ايمان محمود

~ويا لحظ من إذا أراد البكاء وجد صدراً يضمه~
ربت علي ظهرها بهدوء محاولا السيطرة علي نوبة البكاء التي أصابتها فجأة دون أن يدري لها سبباً ، لم يشغل باله بتلك الوساوس التي سيطرت علي عقله لثواني مسوله له انها تبكي حبيباً خائناً تزوج من ابنة عمته منذ قليل وقد رأي أن انتظارها حتي تهدأ وتُفضي ما يعتمل بصدرها اليه افضل من اتهامها بجريمة بشعة كتلك!..
استمر بكاؤها لفترة لا بأس بها انتهت ببضع تنهيدات مُرهقة خرجت بصعوبة من جوفها ، هدهدها بحنان ليُبعدها عنه قليلاً هامساً برقة:
-ممكن أفهم بقي في ايه؟
تهربت من عينيه لتهتف بخفوت:
-مفيش.. كنت تعبانة شوية بس
ضغط علي ذراعيها بشئ من القوة وقد بدا أنه علي وشك الصراخ في وجهها ، تلك الحمقاء تكذب ولا تعلم أنها بذلك تُشعل نيران شكوكه التي تساوره منذ تقلب حالها في الزفاف ، تأوهت بسبب قبضته المؤلمة لكنه لم يهتم بل تابع بحدة:
-انا مبحبش الكذب يا زينة.. ايه اللي حصل وخلاكي بالمنظر دا ولاا…
أجبر نفسه علي الصمت كي لا يتفوه بالهراءات التي من الممكن أن تهدم تلك الخطوات القليلة التي خطوها معا في علاقتهما ، فقرّبها منه هاتفا بهدوء مُفتعل:
-يازينة انا جوزك ، المفروض اكون اقرب حد ليكي ، ليه مش عايزة تحكيلي!؟
رفعت عينيها اليه لتتلاقي بخاصته في لحظة سلبت أنفاسها ، كان وجهها قد تشبّع ببعض الحمرة فبدت لطيفة بأهدابها الطويلة التي ظللت علي عيونها السوداء ، ابتسم بثبات ليُبعد يديه عنها بهدوء ، اقترب منها ليلف يديه حول خصرها لينحني اليها هامسا في أذنها برقة وترتها:
-مش هتقوليلي برضه مالك؟!
أخفضت ذراعيها نحوه محاولة إبعاده عنها قليلا وقد شعرت بالتوتر بسبب قربه الغريب هذا ، شعر بتوترها فابتعد قليلا لكنه لم يُبعد يديه عن خصرها ، هتف بإصرار وهو يراقبها بتمعن:
-مش هتتكلمي بقي؟!
زفرت بإنهاك قبل أن تصمت لثواني بدأت من بعدهم الحديث بتلعثم محاولة شرح ما حدث له دون أن تنخرط في نوبة بكاء جديدة..
~فلاش بااك~
تأملك “زينة” تلك القاعة الكبيرة بانبهار وقد ارتسمت ابتسامة واسعة علي ثغرها ، لقد تركها “فارس” منذ دقائق فحاولت هي شغل تفكيرها بأي شئ عدا الخروج من القاعة كي لا تتسبب لنفسها بالمشاكل ، اختفت ابتسامتها سريعاً عندما رأت امرأة بدا عليها انها في اواخر عقدها السادس تتوجه نحوها وبجانبها شابة يافعة تألقت بثوب أحمر أبرز جمال قوامها ، أخذب بعض الأنفاس الصغيرة محاولة تهدئة نفسها وتذكر تلك السيدة التي لاح لها في عقلها بأنها قد رأتها من قبل في مكان ما ، جلستا الاثنتان أمامها لتبتسم “زينة” بتوتر كنوع من الترحيب بهما ، لم يعيراها اهتماماً بل هتفت الصغيرة سريعا بغيظ مخفي:
-هو انتي بقي زينة مرات الدكتور فارس؟
-ايوا انا 
لوت الاثنتان شفتيهما باستنكار لتهتف السيدة الكبيرة بسخرية:
-وليكي عين تيجي هنا كدا عادي؟
-ومجيش ليه يعني انا جاية مع جوزي 
تحدثت الشابة بتهكم ساخر:
-قلتيلي بقي.. جوووزك ، يعني مكافكيش انك خطفتيه من بنت عمته لا وكمان بتبجحي فينا؟!
– خطفت مين يا ست انتي وهيا؟
تظاهرتا بالصدمة لتهتف السيدة الكبيرة بتراجع:
-اي دا انتي متعرفيش اللي بيتقال عنك ولا ايه؟
عقدت “زينة” حاجباها بشدة لتُكمل السيدة سريعا:
-اصل البلد كلها يا حبة عيني ملهاش سيرة غيرك انتي وسلمي ، شوية بيقولو انك خطفتي منها فارس وشوية بيقولو ان سلمي هي اللي حاولت تبوظ الدنيا ما بينكو ، يالا اهو كلو كلام وخلاص بكرة نعرف مين الظالم ومين المظلوم
استقامت لتذهب بعيدا ومن خلفها الشابة التي كانت ترافقها تاركين “زينة” في حالة يُرثي لها وعقلها لا يكاد يستوعب كيف أنهم قد يذكروها كـالـ(عاهرة) التي سرقت من أصبح زوجها من قريبته!..
~اند فلاش بااك~
انتهت “زينة” من سرد ما حدث ليتنهد “فارس” بتعب ، كان يعلم بتلك الشائعات وظن أن حضورهما سوياً سيُصمت تلك الألسن المتحدثة لكنه لم يظن أن إحداهن قد تتجرأ وتعبث مع زوجته بهذه الطريقة ، فقط تبا لكل هذا!..
لم يعلم بما يجب عليه ان يتحدث فاكتفي فجذبها الي صدره من جديد ليضمها بقوة ، همس بمشاعر ثائرة لم يستطع تحديدها:
-معلش ، حقك عليا عشان سمعتي الكلام دا ، ملكيش دعوة بيهم وانا والله لو سمعت حد بيقول عليكي كلمة وحشة تاني لاكون قاطعله لسانه
استندت عليه بكامل جسدها لتغمض عينيها بتعب وقد بدأ النعاس يهاجمها ، البكاء جعل رأسها يؤلمها فكانت بحاجة الي الراحة وذلك الدفء الذي يغلفها به جعلها تستسلم لرغبة عقلها المُلحّة بالنوم فاغمضت عينيها بين يديه تاركة نفسها لسلطان النوم دون مقاومة ، شعر “فارس” بثقل جسدها فابتسم بمرح وقد رجح بانها نامت بين يديه من كثرة البكاء ،حملها وتوجه بها الي السرير ليضعها فوقه ليرتمي من بعدها الي جانبها وقد شعر بالتعب يتملك منه هو الاخر..
~_~ ~_~ ~_~ ~_~
-خلصي الجماعة جم برا
صرخ “سعيد” بيننا يطرق باب المرحاض بقوة علّه ينبه تلك الـ(مغفلة) علي حد قوله لتخرج ، كانت قد قاربت علي انهاء الأربع ساعات بداخل المرحاض وهذا جعله غاضبا بعض الشئ ، نادي عليها من جديد ليتركها ويخرج حالما سمعها تخبره بانها ستخرج بعد ثواني ، تركها وتوجه الي الخارج للجلوس مع عائلته ووالدتها حتي تخرج وبداخله يلعن زيارتهم تلك.. 
………
استندت “سلمي” في الداخل علي الحائط بألم وقد ترقرت الدموع بعينيها ، الشعور بالمهانة يسيطر عليها مضاعفا الام جسدها التي تسبب بها زوجها اللعين ، لم تكن تظن انها ستقضي الليلة الماضية بتلك الطريقة تحاول فيها الهروب من براثن _زوجها_ ذلك الحقير الذي عاملها بقسوة لم تعدها من قبل فظنت انها لربما تموت بين يديه ، خرجت بصعوبة مستندة علي الجدار بألم لتغير ملابسها الي عبائة استقبال مناسبة ، حاولت تعديل وضع حجابها لتخفي به وجهها المتورم لكن قاطعها دخول والدتها المفاجئ ، شهقت “بثينة” بذعر وهي تري ابنتها تستند الي الحائط بألم محاولة تعديل طرحتها وقد تلون وجهها ببعض العلامات التي نمّت عن عنف ماتعرضت له ..
اقتربت منها بلهفة لتمد يدها اليها محاولة تفحص وجهها لتتفاجئ بـ”سلمي” تدفع يدها بعيدا بكره وقد انكمشت علي نفسها بألم ، حاولت الحديث لكن لم تسعفها الكلمات فعي لم تتخيل انها ستلقي بابنتها لذلك المتوحش ليفعل بها هذا ، نعم أرادت وأد أحاديث الجميع وتلقينها درسا لكنها لم تظن انها ستجدها بهذه الحال المزرية عند مجيئها لرؤيتها..
ترقرت العبرات بعينيها وحاولت التحدث من جديد لكن خانها لسانها فأطبقت فمها من جديد لتتأمل حال ابنتها بألم ينهش قلبها..
اقتربت منها لتجذبها الي أحضانها لتتأوه “سلمي” بقوة ، تمتمت بالكثير من الاعتذارات المتتالية وقد بدأت باستيعاب تلك الجريمة التي دفعت ابنتها اليها رغما عنها ، انفجرت “سلمي” في بكاء مرير بعد ثواني وقد بدأ جسدها يرتجف بعنف..
-انا.. مش عايزة افضل معاه.. خديني.. معاكي عشان خاطري
تمتمت ببكاء لتضمها “بثينة” بقوة وقد انهمرت دموعها هي الأخيرة..
لم تصدق أنها هي من فعلت هذا بابنتها وهذا جعلها حانقة علي ذاتها تود لو ان باستطاعتها العودة بالزمن لرفض ذلك الحقير الذي قسا علي ابنتها بعذا الشكل المؤلم لكن هيهات ، فما حدث قد حدث وانتهي الأمر..
…….
تفحص “عزت” وجه ابنه ليهتف بعد فترة:
-طمني علي البت
قلب “سعيد” عينيه بسخرية ليتحدث بتهكم:
-طب مش تطمن عليا انا الاول؟
-اطمن عليك!! ليه هو انا مش عارفك ، انجز طمني علي مراتك ، عاملتها كويس ولا مديت ايدك عليها!؟
ارتسمت ابتسامة ذئبية علي محيا “سعيد” الذي بدأ يتذكر ما فعله بـ”سلمي” بانتشاء ، خمن “عزت” اجابة ما اراده من مظهر ابنه فتنهد بحسرة علي حال المسكينة التي لم يكن لها ذنب سوي أن ابنه وضعها في رأسه..
~_~ ~_~ ~_~ ~_~
نهض “فارس” بحذر محاولا عدم اصدار اي ضوضاء كي لا يوقظ زوجته والتي نامت بعد بكاء دام لفترة طويلة ، كاد يقف لكنه تسمر مكانه عندما….
يتبع…
لقراءة الفصل السابع عشر : اضغط هنا
لقراءة جميع فصول الرواية : اضغط هنا
 نرشح لك أيضاً رواية حبه عنيف للكاتبة ضي القمر

اترك رد