Uncategorized

رواية أتحداك أنا الفصل الحادي عشر 11 بقلم أميرة مدحت

 رواية أتحداك أنا الفصل الحادي عشر 11 بقلم أميرة مدحت

رواية أتحداك أنا الفصل الحادي عشر 11 بقلم أميرة مدحت

رواية أتحداك أنا الفصل الحادي عشر 11 بقلم أميرة مدحت

كالمغناطيس تمامًا تجذبين علاقات الحب الخاطئة نحوك.
تابعهـا بعينين مُظلمتين حتى وجد جسدها يتراخى وتفقد وعيهـــا ببُطءٍ، هنا.. لمعت عينــاه بضعف مفاجئ، وهو يشعر وكأن أحدهم يعتصر قلبـه بعنف، نكس رأســه وهو يسحب نفسًا عميقًا قبل أن يستدير حتى يبتعد عنها تمامًا؛ حتى لا يزداد ألمــه.
لكن سرعان ما ألتفت في شئ من الريبة وهو يرى صراخ بعض من الضباط يقولون:
-الإسعاف بسرعـــــة، لينــــا إتصابت.
بلع ريقه بذعرٍ وهو يشعر بنبضات قلبــه تتزايد، وجد زميل له يدنو منــه قبل أن يدفعه بعنف هادرًا فيه:
-إنت أتجننت، إزاي تضربهـا بالنار؟!..
أظلمت عيني “مراد” وتوحشت ملامحه بطريقة مخيفة وهو يهدر:
-دي لسه قاتلة ظابط قدامي، وآآ…
أجابه هادرًا:
-هو إنت أتعميت ولا الغضب مالي قلبك من ناحيتها، دي ضربت المجرم إللي وراه، ولو إنت ركزت من البداية هتلاقيها كانت بتحارب رجالة عماد.
علق عليه محذرًا بجمودٍ ليحثه على الاعتراف بما يخفيه:
-يعني إيــه الكلام ده؟!..
رفع صوته المتعصب: 
-يعني لينا الصاوي معانا في العملية دي من البداية، وزي ما إنت كنت بتجيبلنا المعلومات، هي كمان كانت بتجيب معلومات عن كل شخص هنا، عرفت بقى إنت هببت إيـه؟!..
هدر “يامن” متسائلاً وهو لا يزال غارقًا في صدمته:
-إنت بتقول إيـــــه؟!..
-زي ما سمعت كدا يا مراد، لينا كانت معانا في العملية دي.
عقله لا يستجيب لأي مؤثر خارجي، لا يسمع صوته الصارخ، هو فقط يعيش صدمته والآمه المبرحة بتروٍ، ثم فجأة اشتعلت عيناه وتأججت النيران فيهما وهو يصرخ مجددًا وكأنه استوعب الأمر للتو، متجهًا إليه بسرعة هادرًا فيه بغضب جامـح:
-وإزاي معرفش أنا الكلام ده؟!.. إزاي متبلغونيش، إزااااااي؟!..
أفتر عن وجهه بسمة ساخرة، فرد عليه بوجهًا متجهم:
-إنت عارف كويس إن الشغل يبقى كدا، وأن المعلومات إللي بتوصلك بتبقى جزء من إللي وصلهم، الأوامر كانت كدا يا مراد باشا.
أتسعت عيناه وقد تجمد محدقًا في الفراغ، ليهمس مبهوتًا بعد برهة بذهول عظيم:
-يعني أنا نهيت كل حاجة بإيدي!!..
وجه أنظاره المصدومة نحو “لينا”، ليركض في إتجاهها غير مستوعبًا الكابوس الذي يحيـاه، وجد أثنين من المسعفون يحملان جسدهـا على ناقلة طبية، فغر شفتيه قليلاً ينظر إليها بعدم تصديق لكنه أرغم نفسه قبل أن يصاب بالدوار ثم قال أخيرًا بصوتٍ مبهوت:
-آآ.. لينــا، إزاي؟!..
منعه أحد الضابط الإقتراب من جسد “لينا” أكثر من ذلك وهو يقول بتحذير:
مراد باشا، معانا أوامر بحراسة لينا.
صمت “مراد” وقد أظلمت عيناه على الأخير ليضيف بتمهلٍ مُرعب:
-وأنا هركب معاها عربية الإسعاف، وأظن إنت عارف مركزي كويس وأبقى مين.
أخفض الضابط رأسه قليلًا قبل أن يعود برفعها قائلًا بجدية:
-تمام يا مراد باشا، أتفضل وأنا كمان هركب العربية؛ لأن دي الأوامر ولازم تتنفذ.
*****
وكأنها تصارع الظلام الذي يغلفهــا، تحاول أن تخرج من تلك الحفرة العميقة التي وقعت بداخلها دون سابق إنذار، تحارب بما بقى لديه من قوة لتخرج إلى بر الأمان، أتاه صوتــــه فأخترق آذانها وهي تنساق نحو ظلماتها الحالكة، ندائه المتكرر بإسمها، أعطاها بريقًا من الأمل للتمسك بالحياة رغم أنه من قام بدفعها، فتحت “لينا” عينيها للحظة ليمتزج طيفه بصوته الذي يملؤه الألم وهو يقول:
-لينا، ماتسبنيش.
عادت إلى عالمها المُظلم بإستسلامٍ تام، لمعت عيني “مراد” بالدموع الندم، وغضبه إتجاه نفسه يشتعل أكثر وأكثـر، توقفت سيارة الإسعاف عند مدخل أستقبال المشفى، فُتح الباب الخلفي لتُسحب نقالتها الطبية بحذر، تحرك كبير الأطباء الذي أخذ على عاتقه مسئولية رعايتها حتى تتماثل كليًا للشفاء، أعطى تعليماته للطاقم الطبي التابع له بالتعامل مع حالتها بحذرٍ تام، لحق بها “مراد” بخطوات متعجلة، ليراها يضعونها بغرفة العمليات لمباشرة حالتها الصحية، تسمرت قدماه في مكانه مستصعبًا مواجهة ما يحدث بسببه.
ساعة وأُخرى وأُخرى، اتلوقت يمر ببطءٍ شديد وعليه أن يتحمل خوفه، من تطلع إلى وجهه لأدرك أنه منفصلًا ذهنيًا عم حوله، شرد “مراد” في لحظات بعينه مجسدًا طيفها في عقله، قاوم قدر استطاعته البكاء ألمًا وندمًا على من أحبهـا، ولكن كان للقدر رأي آخر.
أنتبه إلى صوت الضابط -الذي تولى أمر حراستها- وهو يحدث الطبيب المعالج لـ”لينا”، فأدار رأسه في إتجاه الأثنين، كان الأخير قد خرج لتوه من الداخل وبدأ في نزع قفازه الطبي من كلتا يديه، تحرك نحوه بخوفٍ وهو يحبس أنفاسه متوقعًا خبرًا سيئًا، أصغى إليه بأعصاب تحترق وهو يجيب بهدوءٍ معتاد:
-أطمن يا باشا، إحنا خرجنا الرصاصة، والحالة بقت مستقرة.
تسلل إلى “مراد” شعورًا مريحًا أزاح الكثير من قلقه عليها، تسائل بتلهف:
-طيب هي هتفوق إمتى؟!..
-أول ما مفعول المخدر يروح إن شاء الله، عن إذنكم.
غادر من أمامهم، ليأتي في نفس اللحظة “أدهم”، رفيقـــــه الوحيد والذي ما أن تلقى إتصال منه بوصوله إلى مصر، وأنه في إحدى المشفيات، ترك ما لديه من الأعمال؛ كي يذهب إليه، ركض نحوه بقلق شديد وهو يقول:
-مراد، إيه إللي حصل؟!.. إنت كويس؟!..
وقف “مراد” قبالته، وعينيــه المُظلمتين يظهر بداخلهما بريق من الألم، ابتلع غصة مسننة في حلقه وهو يجيبه بصعوبة وبطء وقد تضاعفت أشجانه:
-النهاردة قتلت روحي بإيدي يا أدهم.
عقد “أدهم” ما بين حاجبيه وهو يسأله بقلق:
-يعني إيه؟!.. إنت عملت إيـه؟؟..
قهقه ثانية وهو يقرع على صدره بقوة آلمة:
-ضربتها بالنار، ضربتها بالنار من غير ما أسمعها، ظلمتها زي ما الكل عمل، آآ.. أنا نهيت كل إللي بينا.
حاول “أدهم” أن يستوعب كلماته، ولكن دون جدوى، إزداد إنعقاد حاجبيه بشدة وهو يسأله:
-أنت بتقول إيه؟!.. أنا مش فاهم حاجة.
اختنق صوته ليخترقه ألم مضني هاتفًا بحرقة:
-مش هتفهم، محدش هيفهم، أنا غبــي، غبـــــي.
*****
ثلاث ساعات ونصف، تحرك “مراد” بقلبٍ متلهف نحو باب غرفتها، ما أن وصل إليه خبر إفاقتهــا، وجد ثلاث من الحراسة يقفون أمام باب غرفتهـا، تنحى أحدهم؛ كي يدخل الغرفة، فوجدهــا قد أعتدلت في جلستهـا، تنظر أمامها بعينين قاسيتين.. شاردتين، أغمضت عينيها للحظةٍ وهي تشعر بإقتراب خطواته من فراشهـا، رفعت عيناها تناظره بحدة وهي تسأله:
-إيه إللي جابك هنا؟!..
-تغضن جبينه بوجع أحمق ضرب قلبه كقبضة حديدية، قال بهدوءٍ زائف:
-لينا، أنا ظلمتك، ظلمتك زي ما الكل عمل، أنا.. أنا آسف.
ردت عليه بوجه جامد الملامح ونبرة باردة:
-كلمة آسف دي تروح تقولها لما تكون زقتني، أتكلمت معايا بطريقة صعبة، إنما تضربني بالنار وتظلمني في وقت واحد، يبقى لا وألف لا، مش أنا يا مراد إللي تسامح على حد ظلمني، ما بالك حد حاول يقتلني.
جن جنونه لما آل إليه الأمر، هل أفسد الموقف من جديد!! ليهب واقفًا يصيح بجنون:
-وإنتي فاكرة بقى أن أنا هسيبك، لا يمكن يحصل أبدًا، لا يمكن أسيبك تروحي مني، ولازم تقدري إنك كنتي في نظري مجرمة.
قالت بنبرة متحسرة ونظراتها الخائبة بهـا تقتله.. تنغزه كالسكين البارد بلا رحمة:
-قولتلك قبل العملية بيوم إني هحكيلك على كل حاجة، قولتلك تديني فرصة، لكن إنت سبتني ومشيت، يبقى تتحمل نتيجة تسرعك.
يبتلعه نشب في داخله جراء كلماتها اللعينة!.. فصاح بحرقة أوجعت قلبها العصي وهو يدور في الغرفة بشيء من الجنون:
-كنت هسمعك، حاولت كذا مرة أعرف إذا كنتي معاهم ولا ضدهم، حاولت أبينلك من غير ما أكشف نفسي، لكن النهاردة وأنا شايف الظابط بيقع، ومسدسك رايح ناحيته، ورغم أن المجرم وراه، لكن أنا عارف إنك زيه، لما الأتنين وقعوا قولت أكيد إنتي إللي ضربتي على الظابط، أنا غلط بس معذور يا لينـــا.
تجمدت نظراتها، بل تجمدت كل ملامحها ليحفر الألم بقوة في عمق عينيها هامسة بتعجب ونبرة مبهوتة لم تسيطر عليها:
-إيه يا مراد، عايز تطلعني غلطانة في الآخر؟!..
فقال هامسًا بذات الصوت المختنق المعبأ بالألم:
-عشان خاطري أديني فرصة، أديني فرصة وعذر بإللي عملته، أنا غلط ومش بنكر لكن كنت شايفك بصورة المجرمة المطلوبة من العدالة.
ثم منحها نظرة عميقة لعينيها عن قرب قائلاً ببسمة ألم:
-أديني فرصة يا لينا.
إتسعت بسمتها المخادعة التي تخفي ألم كبير وهي تقول: 
-أطلع برا.
دموع الرجال تعني القهر، هبطت دموعه وهو يدنو منها مستشعرًا خسارتهــا مناديًا بإسمها:
-لينا.
تطلعت “لينا” فيه بغموضٍ مريب، فتسائل وهو يمسح عبراته بقوة:
-بتبصيلي كدا ليه؟!..
أجابتــه “لينا” بصدق:
-بحتقرك.
أرغم “مراد” نفسه على الإبتسام ببرود قبل أن يرد بلهجة تمكن من جعلها عادية:
-هسيبك تهدي شوية، وبعد كد هنتكلم.
تحرك بخطى سريعة كي يلج إلى الخارج، تاركًا إياها تناظره بألم خفي، لكن ما فعله سيدفع ثمنه غاليًا، فـ”لينا الصاوي” لا يوجد لديها قانون الغفران.
*****
هو كان يحترق، كان يتلظى بنيران الوجع بعد تلك المواجهة التي كانت كل كلمة فيها كخنجر يغرز في صميم روحه، العرق البارد يتصفد من جبينه وهو يشعر ببوادر دوار، فتح الباب ودخل ملتاث الخطى كالمخمور.
وجد فجــأة “سلوى” تركض نحوه بعدما قام “أدهم” بمهاتفة “دينا” وهي كانت معها بنفس التوقيت، وقفت قبالته وهي تقول بلهفة:
-مراد، حمدلله على السلامة.
نظر أمامه بتشوش مجعد الجبين، فدنت منه أكثر لتقف هامسة اسمه بارتباك:
-مراد!!..
يتبع…..
لقراءة الفصل الثاني عشر : اضغط هنا
لقراءة باقي فصول الرواية : اضغط هنا

اترك رد

error: Content is protected !!