Uncategorized

رواية جحيم الفارس الفصل التاسع عشر 19 بقلم ايمان محمود

 رواية جحيم الفارس الفصل التاسع عشر 19 بقلم ايمان محمود

رواية جحيم الفارس الفصل التاسع عشر 19 بقلم ايمان محمود

رواية جحيم الفارس الفصل التاسع عشر 19 بقلم ايمان محمود

جلست “درية” بجانب أختها التي لم تتوقف عن التذمر من تصرف “فارس” _الغير لائق_ والذي سافر دون مراعاة لوجودها ، قلبت “درية” عينيها بملل وما ان كادت تتحدث حتي قاطعها رنين هاتفها ، استقامت واتجهت لغرفتها بعدما استأذنت من أختها لتعطيها بعض الدقائق لترد علي ذاك الاتصال ، عقدت حاجباها باندهاش عندما رأت رقما غير مسجلا يظهر أمامها ، ردت سريعا هاتفة بود:
-السلام عليكم
أتاها الرد لتنفرج ملامحها بابتسامة قبل أن تهتف بتفسير:
-لا متقلقش يا محسن هو كويس بس هو سافر هو وزينة وكان قايل انه هيقفل تليفونه
صمتت هنيهة ثم تحدثت من جديد:
-لا هو كويس بس زي ما تقول كدا شهر عسل متأخر وكدا 
اتسعت ابتسامتها وهي تردد بفرحة مؤكدة علي دعائه بصلاح الحال بين ابنها وزوجته:
-يارب يابني ، ربنا يصلح حالك انت التاني وترجّع ليلي بقي 
قدّرت تهربه من الحديث فابتسمت بود منهية الحديث بعدما ألقي عليها التحية من جديد لتتنهد بحزن دفين داعية من قلبها أن يصلح الله الحال بينه وبين زوجته!..
……
جلست “انتصار” في الصالون تراقب الأجواء من حولها وهي تمصمص شفتيها هاتفة باستنكار:
-بقي معيش زينة بت التمرجي هنا!.. اه لو اللي في بالي يحصل وتعرفي تلفتي نظره يا بت يا نرمين.. والله لتتهني 
تنهدت بتمني قبل أن تتحمحم وهي تحاول استعادة انتباهها لذلك الحديث الذي كانت تتحدث به مع أختها قبل أن تستأذنها لترد علي الهاتف بعدما رأتها قادمة نحوها ، جلست “دريّة” بجوارها لتتحدث بتلقائية وكأنها كانت تعلم أن فضول أختها سيدفعها لتسأل عن هوية المتصل:
-دا الواد محسن زميل فارس بيقول ان موبايل فارس مقفول ومعرفش يوصله فرن يطمن عليه عشان فكر حصله حاجة 
-كتر خيره
تمتمت “انتصار” قبل أن تدغز “درية” لتلفت انتباهها لتقول بلهفة:
-تعالي اما اكملك بقي.. خلصنا كلام يختي وخلاص كنت همشي لقيتلك البت مسكت فيا و….
واصلت “انتصار” سرد تفاصيل تلك الزيارة الغريب في حين استمعت لها “درية” بشئ من الفضول تاركة اياها تقص عليها ما تريده دون مقاطعة..
~_~ ~_~ ~_~ ~_~
عند “فارس” و “زينة” 
توجه “فارس” الي حقيبة الثياب الموضوعة علي السرير ليبدأ بالبحث بداخلها عن شئ يرتديه ، كان قد اتفق مع تلك الحمقاء التي اختفت بداخل المرحاض منذ الساعة تقريبا علي النزول والتنزه قليلا في الأرجاء لكنها تأخرت كثيرا..
استقام وطرق الباب لتهتف بسرعة:
-خمسة وطالعة
خرجت بعد دقائق ليهتف بسخرية:
-اي تلات ساعات في الحمام! كنتي بتخترعي الذرة جوا!!
لم تهتم لسخريته بل همست بينما تتجه للحقيبة المفتوحة علي السرير:
-بايخ
لم يعيرها اهتماما وبداخله يقسم بأنه سيحاسبها علي فلتات لسانها الطويل هذا لكن ليس الآن ، فقط لتنتهي هذه الرحلة بسلام ومن ثم سيري ماذا سيحدث ، توجه للحمام واغتسل ليغير ثيابه ويؤدي فريضته كما فعلت هي الأخري ، انتهيا من الصلاة لتتحدث هي أولا بحماس:
-عايزة أنزل البحر
-مش النهاردة
قال باقتضاب فنفخت بتذمر ، لم تظن أنهما قادمان للتنزه فحسب ، لاحظ ضيقها فاقترب منها ليهمس بهدوء:
-خلينا نتمشي شوية النهاردة عشان انا تعبت من السفر وبكرة نبقي ننزل البحر
انفرجت ملامحها بابتسامة لتومئ بإيجاب حماسي في حين بقي هو يراقبها بابتسامة وهي تلتقط حجابها الأبيض سريعا لتبدأ بلفه بتلك الطريقة البسيطة ، انتهت لتدور أمامه بفستانها ذا اللون الأزرق الفاتح الفضفاض الذي زينه حجابها الأبيض المناقض للون بشرتها ليبتسم برضي عنه ، توجه الاثنان الي الخارج للتنزه وقد غلبهما الحماس فور خروجهما من الفندق الذي يقيمان فيه ..
~_~ ~_~ ~_~ ~_~
تمتم “محسن” بسبة سيئة وجهها لصديقه الذي لم يفتح هاتفه حتي الآن ، كان غاضبا بالفعل وتغيب “فارس” زاد من اشتعاله ، القي هاتفه الي الأريكة ليضرب الحائط بيده بغيظ وهو يتذكر تفاصيل تلك المكالمة التي جائته منذ فترة والتي أشعلت فتيل غضبه بتلك الطريقة السيئة..
~فلاش بااك~
أراد التخلص من وصلة جلد الذات التي حاصر نفسه بها فاستقام متوجها الي غرفته لينال قسطا من الراحة ، كاد يفتح الباب لكنه توقف عندما رن هاتفه بتلك الأغنية التي يحفظها عن ظهر قلب ، تعالت دقات قلبه تزامنا مع ارتفاع صوت (الست) التي هتفت بصوت شجي..
•يلا نعيش في عيون الليل
ونقول للشمس
تعالي تعالي بعد سنة
مش قبل سنة 
تعالي تعالي تعالي تعالي 
بعد سنة
مش قبل سنة
دي ليلة حب حلـ..
التقط الهاتف بلهفة ليقاطع الأغنية بضغطه علي زر الرد ، وضع الهاتف علي أذنه بتردد فلم يصدق نفسه وهو يستمع علي صوتها يوافيه من الجهة الأخري بينما تهتف بارتجاف:
-محسن
أطبق جفنيه بقوة في حين تسارعت أنفاسه ، علم أنها هي منذ صدع صوت أغنية (أم كلثوم) والتي كانت قد أصرت هي علي تخصيص تلك الأغنية خصيصا لها هي وحدها لكنه ظن لوهلة أن خطئا ما سيحدث فما الذي سيدفعها للاتصال به!.. لم يكن ليصدق أنها هي حقا لولا أنه يحفظ صوتها فاضطربت أنفاسه من جديد ، هتفت باسمه مجددا لتجذب انتباهه فتحمحم ليرد عليها بخشونة:
-مين!
-انت مش عارفني؟!
تجاهل تلك الصدمة التي أثرت علي نبرتها ليتحدث بجفاء:
-لا مش عارفك.. بس الظاهر ان حضرتك تعرفيني
-انا ليلي يا محسن
هتفت بلهفة لم تخفي عليه فأغمض عينيه بألم ، لما فعلت بهما هذا إذا كانت تشتاقه هكذا!..
مثّل عليها الجفاء ليتحدث ببرود:
-اها ليلي.. أفندم عايزة اي؟
-انت بتكلمني كدا ليه؟
-والمفروض اكلمك ازاي يعني؟
صمتت لمدة قبل أن تتحدث مغيرة الموضوع تماما:
-محسن ينفع نتقابل!
-لا
أجاب باقتضاب لتواتيه سريعا برجاء:
-عشان خاطري يا محسن والله ما هنكمل ربع ساعة ، وحياة اغلي حاجة عندك طيب ، انا عارفة اني مبقاش ليا خاطر عندك فبلاش عشان خاطري ، عشان خاطر ربنا حتي
قلب عينيه لا يدري ماذا عليه أن يفعل ليهتف بعد دقائق:
-عايزانا نتقابل امتي؟
-بكرة الساعة ٩ في كافيه ******
-تمام
أجابها ليغلق الهاتف سريعا وهو يكاد يضرب نفسه علي غبائه ، بعد كل ما صنعته به أسيذهب كالأحمق ليقابلها؟.. حقا!..
~اند فلاش بااك~
صدم رأسه بالحائط بحدة خفيفة ليهمس لنفسه بغضب:
-غبي ، غبي ، المفروض مكنتش توافق ، المفروض ، مكنتش ، توافق ، يا غبي
~_~ ~_~ ~_~ ~_~
انتفضت “سلمي” بعنف حالما شعرت ببعض المياه الباردة تُلقي فوق رأسها لتصرخ باستنجاد ، التقطت أنفاسها لتهدأ قليلا حالما استوعبت ما يحدث ، نظرت لـ”سعيد” الذي وقف يراقبها بتشفي لتتراجع للخلف بخوف ، لم تكن لتتحمل المزيد من ضرباته فهتفت برجاء مرتعد:
-والنبي ما تضربني انا آسفة
ارتسمت ابتسامة مَرَضية علي شفتيه وقد أعجبه نوعا ما خضوعها الخائف هذا فاقترب منها بتهديد ليتحدث بفحيح:
-مع اني كنت ناويلك علي ليلة فل زي وشك بس وماله.. نأجلها ، قومي حضريلي العشا
وقفت سريعا واتجهت للمطبخ وهي تدعو بداخلها ان تمر هذه الليلة بسلام في حين جلس هو يراقب حركاتها المتعثرة والخائفة بتلذذ مريض!..
~_~ ~_~ ~_~ ~_~
فتحت “زينة” ذراعيها لتستقبل نسمات الهواء الباردة بابتسامة ، كانت قد خلعت حذائها لتمشي حافية الأقدام علي رمال الشاطئ بعدما أصرت علي “فارس” ليصطحبها للشاطئ ، كان واقفا بعيدا عنها بقليل يراقبها بصمت..
جازف بعد مدة واقترب منها ليقف بجانبها لتخفض هي ذراعيها ، نظرت له لكنه ظل صامتا ينظر للبحر أمامه فعادت تنظر أمامها هي الأخري بصمت ، جلست بعد مدة بعدما أتعبها الوقوف لينظر لها بتساؤل:
-مش هتطلعي تنامي؟!
كانت السماء قد أظلمت بالفعل ليسطع نور القمر الخافت ليضئ المكان منعكسا علي صفحات المياه برقة خاطفة للألباب ، نفت برأسها وهي تتأمل المنظر من أمامها ليتنهد بتعب ويجلس هو الآخر ، تثائب بنعاس قبل أن يتمدد ليضع رأسه علي فخذها ، تسمرت مكانها للحظات لكنه جذب يدها ليضعها فوق رأسه ليهتف بصوت ناعس:
-العبيلي في شعري
استجابت بلا وعي لطلبه فبدأت يدها بالعبث في شعره بشرود في حين أغمض هو عيناه وقد غلبه النعاس ، ابتسمت بتلقائية وهي تنظر حولها لتستوعب أنهما لا يزالان علي شاطئ البحر..
لم تتخيل يوما أنها ستحظي بلحظات دافئة كتلك  يسمح لها فيها بالعبث بشعره بعدما يلقي برأسه في حضنها _بل لم تتخيل أنها قد تحظي بزوج مثله وهي من كان يلقبها البعض بـ(ذات الوجه الأسود) غير مراعين وقع حديثهم هذا علي نفسها_  وكم هي سعيدة بحق لحصولها عليها..
ظلت جالسة تراقب الأجواء أمامها بسعادة تلفح روحها ويدها تربت علي رأسه بمودة ، مر وقت طويل لم تشعر به فقد شردت في ثنايا الماضي قليلا لتستفيق حالما شعرت بارتجافته القوية ، كان قد انكمش قليلا علي نفسه محاولا تدفئة نفسه بعدما اشتدت برودة الجو قليلا ، انحنت اليه لتهمس بأذنه بخفوت:
-فارس.. فارس اصحي
هزته برفق ليستيقظ بعد مدة ، نظر حوله بتيه ليتحدث بنبرة مغلفة بالنعاس:
-في اي؟!
-يالا نطلعو عشان نناموا
تثائب ليحرك رأسه بحركة دائرية محاولا فك تيبسات عنقه ، استقام ليساعدها علي الوقوف لتستند عليه حتي ارتدت حذائها من جديد ، انتهت ليتوجه الاثنان للفندق سريعا..
…..
-لااا حول ولا قوة الا بالله ، انتي عايزة تجنيني؟!
صرخ “فارس” بعدم تصديق في وجه تلك الحمقاء التي تصر وبشكل غريب علي النوم علي أرضية الغرفة لتواجه هي صراخه بهدوء:
-ممكن تهدي شوية وبعدين اي الجديد؟ منا هناك برضه كنت بنام علي الكنبة
زفر بنفاذ صبر قبل أن يتحدث بنبرة قاطعة:
-الكلام دا في البيت اما هنا هتنامي علي السرير وجنبي 
حاولت الاعتراض لكنه لم يمهلها وقتا بل انحني اليها ليلف احدي ذراعيه اسفل ركبتها والأخري أسفل ظهرها ليحملها بسرعة ، صرخت باستنكار ووجهت له بعض اللكمات الخفيفة في صدره فقهقه علي ما تفعله ، رماها علي السرير فتأوهت بألم لتصرخ من جديد عندما قفز هو الآخر علي السرير ليلف ذراعه حولها محتجزا إياها بين يديه ليغمض عينيه سريعا هاتفا بتثاؤب:
-نامي بقي تعبتيني
تجمدت بين يديه للحظات قبل أن تعض علي شفتيها بتوتر لتغمض عينيها باستسلام لهذا الوضع.. المحبب!..
~_~ ~_~ ~_~ ~_~
بعد أسبوعان..
تقدمت “بثينة” من ابنتها لتهتف بلهفة وهي تراقب وجهها الذي شحب كثيرا:
-انتي كويسة يا سلمي؟
نفت “سلمي” برأسها بقوة قبل أن تنهار بين يديها بألم ..
-بيضربني جامد ، وبيعاملني وحش ، انا بكرهه ، بـ.. بيعمل حاجات وحشة اوي يا ماما ، انا مش عايزة افضل معاه ، عشان خاطري خديني معاكي 
ضمتها “بثينة” الي صدرها بحسرة وقلبها يتمزق علي حال ابنتها ، صرخت “سلمي” عندما جذبها “سعيد” من بين يدي والدتها فجأة ليهتف بقسوة:
-اظن كدا شوفتيها واتطمنتي عليها ، يالا بقي يا حماتي.. هوّينا
أدمعت عيناها من قسوة ذلك اللعين لتخرج سريعا وعقلها يعمل في جميع الاتجاهات محاولا التفكير في حل قد ينجد ابنتها من بين يديه..
~_~ ~_~ ~_~ ~_~
جاب “فارس” الغرفة بعصبيه يقطعها ذهابا وايابا وعقله يكاد يغادر رأسه ، لقد غفي قليلا فاستيقظ ليوفجئ باختفاء زوجته ، اللعينة لم تعطيه خبرا وتركته يبحث عنها لساعات حتي يأس بأن يجدها فصعد للغرفة ينتظر مجيئها ، أخرج هاتفه الذي فتحه منذ أيام بسبب إصرارها علي الاطمئنان علي والدته يحاول التفكير في حل ، هو كالأحمق يعلم أنها لا تمتلك هاتفا ولم يحاول حتي أن يجلب لها واحدا فماذا عليه ان يفعل الآن!!..
توجه لباب الغرفة ليرتدي حذائه ويفتح الباب ، كاد يخرج من الغرفة من جديد ليبحث عنها مجددا ليتسمر مكانه عندما وجدها تقف أمامه بتلك الهيئة المزرية وفجأة!…
يتبع…
لقراءة الفصل العشرون : اضغط هنا
لقراءة جميع فصول الرواية : اضغط هنا
 نرشح لك أيضاً رواية حبه عنيف للكاتبة ضي القمر

اترك رد