Uncategorized

رواية أتحداك أنا الفصل الثالث عشر 13 بقلم أميرة مدحت

 رواية أتحداك أنا الفصل الثالث عشر 13 بقلم أميرة مدحت

رواية أتحداك أنا الفصل الثالث عشر 13 بقلم أميرة مدحت

رواية أتحداك أنا الفصل الثالث عشر 13 بقلم أميرة مدحت

ليتنا نستطيع إيقاف الزمن على لحظات كُنا بها سُعداء. 
لكل فعل رد فعل، جملة شهيرة أنطبقت عليهما تمامًا، فهي “لينا الصاوي” التي لا تقبل بأي شيء يأذيهـا، بل تنتقم حتى من الممكن أن يصل الأمر إلى أن تسحقه من على وجه الأرض؛ تربيتهــا، معانتهـا، ما عاشته جعلت القسوة تملئ قلبهــا، في حين هو “مراد الحسيني”، الذي لا يقبل بالرفض، يحارب حتى يصل إلى ما يريده، حتى لو ظل يحارب لمدة مائة عام.
في ذلك اليوم، خرجت “لينا” من المشفى بعد أن ظلت لثلاثة أيام تقبع بداخلهـا، و”مراد” لم يتركهــا للحظةٍ واحدة، ولكن اليوم وصلت إليه مكالمة هامة من ضابط زميله، فـ أضطر أسفًا تركها برفقة الحراسة المشددة عليها، خرجت “لينا” من بوابة المشفى وخلفهـا ثلاثة من الحراس، فتح أحدهم باب السيارة لتقول له بصيغة آمرة:
-زي ما وصلتلكم الأوامر، مش عايزة مراد الحسيني ياخد خبر عن مكاني.
-أمرك يا لينا هانم.
أستقلت بداخل السيارة قبل أن تبتسم بسخرية وهي تغمغم:
-أما نشوف آخرتها معاك إيه يا مراد؟!..
*****
كادت أن تسقط نائمة ولكن إنتظار أخيهـا جعلهـا تحاربه بقوةٍ ضئيلة، وقبل أن تستسلم لنعاسها وجدت باب المنزل ينفتح، رفعت رأسهـا تنظر بعين مفتوحة لتجده يدخل يلقي سلسلة مفاتيحه على الطاولة، وألقى بجسده على أقرب أريكة متنهدًا بألم، وثبت “دينا” واقفة وهي تنظر له بقلق، جلست بجواره لتحتضن رأسه إلى صدرها وهت تهتف بصوتٍ مسموع:
-مراد، مالك؟!.. من يوم ما رجعت وحالك أسوأ من الأول.
لف ذراعيه حولها يتمسك بها بكل قوته وهو يطبق عينيه بقوة دافنًا رأسه بين أحضانها مخرجًا أنفاسه بارتجاف، ليبتسم بألم بعد عدة دقائق هامسًا بتحشرج:
-أمي كانت بتحضني كدا يا دينا.
كانت تمسد فروة رأسه حينما تراءى لمسامعها صوته الهامس لتبتسم بحنان:
-أرتاح يا مراد، أتكلم، طمني عليك.
سمعته يقول وهو يتحاشى النظر إليها:
-أنا وقعت في الحب يا دينا، ومش غير ما أحس ضيعتـــه، لأ.. أنا قتلتــه.
قطبت حاجبيهـا بإستغراب قبل أن تسأله بحذر:
-لينا؟!..
لم يُجيبهــا، فتابعت وهي تنظر أمامها بشرودٍ:
-حسيت إنك بتحبها، بس كدبت نفسي، كنت فاكرة إنك طالمًا واعد سلوى بإن بعد ما ترجع من العملية دي تتجوزوا وآآ..
فقال هامسًا بذات الصوت المختنق المعبأ بالألم:
-دينا، أنا موعدتش سلوى، إنتي إللي وعدتيهــا، وأنا لو كنت بفكر أتجوز كان هيكون عشان الأستقرار، لكن دلوقتي في ألف سبب وحاجز يمنعني عنها أو عن غيرهـا.
زفرت بحرارة وهي تقول بقلق:
-حتى لو، إنت عملت إيه في نفسك كدا؟!.. هي مش بتحبك؟!..
إبتسم بسخرية وهو يُجيبهـــا:
-بتحبني؟!.. كانت بتحبني قبل ما أعمل إللي عملتــه؟!..
هزت رأسها بعدم فهم وهي تسأله:
-وضح أكتر، وبعدين إنت أتعرفت عليها إزاي.
-لينا تبقى بنت تاجر المخدرات يا دينا، وكانت أفضل عميلة هناك.
أتسعت عينيهـا بذهولٍ صادم قبل أن ترتخي يديهـا عنها وهي تصيح:
-نعــــم؟!.. وزعلان؟!.. لأ طبعًا إنت تبوس إيدك وش وضهر إن علاقتكم أنتهت ده لو كان في؟!.. لا يُمكن مراد الحسيني إللي عاش أغلب عمره يحافظ على سمعته ويبنيها يجي يهدها لمجرد واحدة أبوها تاجر مخدرات.
أبتعد عنها وعينيــه قد تجمدت على وجهها الغاضب قبل أن يهمس همسًا خفيض شرس:
-لينا حاربت عشاني، لينا نزلت مصر من كام شهر وقدرت تتواصل مع مكافحة المخدرات عشان نعرف نقبض عليهم، يعني لينا هي إللي قبضت عليهم قبل مني يا دينـــا.
هبت واقفة وهي تقول بحدةٍ:
-إسمع يا مراد، أنا أتولدت لقيت أبويا كان النائب عام، وبعدها بقيت أنت ظابط في مكافحة المخدرات، وإنت لو فكرت تتجوزها، يبقى إنت بتجيب لأولادك واحدة لا تصلح أن تكون أم.
هدر بهـــا بغضب شرس وهو يهب واقفًا:
-دينـــــــا.
تابعت دون أن تعبئ بتحذيره وهي تقول بصوت قوي:
-أبويا قالي زمان، تاريخ البني آدم بيفضل يلازمه زي ظله، مش بيفارقه إلا ساعة الموت، أفتكر الجملة دي كويس يا مراد.
قالتهـــا وهي تتركــه في غضبـــه وذهوله من حديثهـا، ظن أنها ستقف بجانبه كما كانت تفعل من قبل لكن تلك المرة خذلتــه، عاود الجلوس على الأريكة، ازداد عبوسه المتألم وهو يسحب يده جواره قابضًا على كفه بقوة، هتف بحرارة ألم:
-إنتي حتى متعرفيش أنا عملت فيهـا إيه؟!..
*****
دخلت “لينا” غرفتهــا في القصر الخاص بهــا في مصر، أخرجت هاتفهـا ما أن تعالى رنينــه الصاخب لتجيب على طرف الآخر بصوتهـا الحاد وهي تضعه على أذنها:
-أيوة يا فندم، ها إيه الجديد؟!..
هتف اللواء “سامي” قائلًا بكل هدوء:
-هنعمل زي ما أتفقنا يا لينا، حريقة في قصرك الضخم، وإحنا هنخرجك بطريقة سرية، هنوهم العالم كله وهنذيع خبر موت بنت أكبر تاجر المخدرات بعد ما ضحت بحياتها عشان خاطر تنقذ البلد، وهتتولدي بشخصية جديدة.
أومأت رأسها بالإيجاب ببطء قبل أن يسألها:
-تحبي بعد الموضوع تعيشي فين؟!.. إيه البلد إللي تقدري تكوني مطمنة على نفسك فيهـا بعيد عن أي شبكة لغاية ما يعدي على الأقل سنة.
صمتت قليلًا قبل أن تجيبــه بشرود:
-ألمانـيا.
تنهد اللواء “سامي” وهو يسألهـا مرة أخرى بصوت أكثر جدية:
-تمام، ماتقلقيش هظبط أمورك زي ما وعدتك.
تسائلت “لينا” بتردد:
-ومراد؟!..
أجابهــا بتنهيدة حارة:
-لو عرف بإللي ناوية تعمليه للأسف، إنتي وهو هتتعرضوا للخطر مع بعض، ويمكن يوصل أنه هو كمان يتقتل، عشان كدا لازم ميعرفش.
نكست رأسهــا وهي تقول بضعف مفاجئ:
-طيب.
طرح سؤال آخر وهو يمسك بقلمـه قائلًا:
-تمام يا لينـا، نويتي تغيري إسمك لإيــه؟!..
هنــا.. رفعت عينيهـــا تنظر أمامها بقوةٍ جبــارة، إبتسامة ألم زينت شفتيهــا وهي تجيبـه بثقة:
-“لانـــــا”.
*****
سبعة أيام مرت دون حديث بينهم، حتى أتى ذلك اليوم الذي يكاد أنه سيدمر ما تبقى من روحهم، ولكن للقدر دائمًا رأي آخر، هل نملك شيء آخر؟!
-أخيرًا لقيتك، المرة دي مش هسيبك ولو فيها موتي.
رفعت «لينا» رأسها نحوه ببطء ودقات قلبها ترتفع بخوف، تبدلت نظراتها من هدوء إلى غضب وهي تنتفض من مكانها، صاحت بحدة وعينيها السوداء ترمقانه بغضب حارق:
-أنت إيه اللي جابك هنا؟؟، اتفضل اطلع برا.
سحب نفسًا عميقًا وهو يقول بهدوء:
-لينا، أسلوبك يتعدل معايا أحسنلك، أنتي عارفة أنا أبقى مين، وأنتي هتبقي مراتي قريب أوي.
صمتت قليلًا ثم ابتسمت ابتسامة جانبية وهي تقول بتهكم مرير:
-وياريتني ما عرفت أنت مين، كان عندي استعداد افديك بعمري كله، لكن بادلت الشعور ده بالإهانة ليا ومش بس كدا، ده أنت كمان حاولت تقتلني، مش كدا ولا أنا غلطانة؟!.. 
أرتجفت عضلة في فكه محاولًا أن يتناسى تلك اللحظات، تابعت «لينا» بقوة:
-أما بالنسبة إني هبقى مراتك، فنجوم السما اقربلك، واظن أنت عارف أنا أقدر أعمل إيه يا «مراد».
شعرت بيده تقبض بقسوة على ذراعها يجذبها نحوه هاتفًا بشراسة من بين أسنانه الذي كان يجز عليها:
-أنتي جبتي القسوة دي كلها منين؟؟.. أنا مش هسيبك يا لينا، قولتلك أنه خلاص قدري وقدرك بقوا واحد ولازم ترضي بكدا.
صرخت في وجهه بعنف ونظراتها تشتعل غضبًا وقهرًا:
-ولو قولت لأ، هتعمل إيه؟؟.. هتقتلني؟؟.. اقتلني يا مراد، هو أصلًا مفيش حد بيقتل نفس الشخص مرتين.
لمعت عيناه بألم وهو يقول بصوتٍ هامس:
-لينا، اديني فرصة تانية، أنا بحبك، خليني أصلح كله اللي فات.
هبطت دموعها وهي تقول بجمود:
-أنت شوهت روحي، طلعت زيهم، زي أبويا وأخويا وكلهم، مختلفتش عنهم، وأنا اللي يوجعني امحيه من حياتي كلها.
تجمدت «لينا» في مكانها وهي تشعر ببرودة تتسلل إلى جسدها من نظراته المرعبة، وأيضًا حين أشتدت قبضته بقسوة حول معصمها، هتف «مراد» بلهجة صارمة قوية:
-مش هسيبك يا لينا، مهما عملتي انتي هتفضلي ليا، وأنتي عارفة كلمتي بنفذها زي السيف، والنهاردة هنتجوز سواء رضيتي أو لأ.
وقبل أن تصرخ فيه بغضب يكاد أن يحرق الأرض واليابس، أصدر هاتف «مراد» رنين صاخب، أضطر أن يحرر معصمها من قبضة يده، وأخرج هاتفه حتى يجيب عليه، وضعه على أذنه وهو يقول:
-أيوة؟
صمت دام للحظات قبل أن يقول بجدية:
-إيه؟؟.. طيب أنا جاي حالًا، مش هتأخر.
أنهى مكالمته وقد عقد حاجبيه بضيق، تنهد بحرارة قبل أن ينظر إليها وهو يقول بنظراتٍ نادمة عاشقة رغم عمق صوته:
-أنا هسيبك لمدة ساعة، في مشكلة حصلت في الشركة وأنا لازم أكون موجود، ساعة بس وهرجعلك تاني.
نظرت له نظرات طويلة دون أن تتحدث، شعر بنغزة في قلبه وهو يضيف:
-أنا خسرتك مرة، مش هقدر اخسرك تاني.
اشاحت بوجهها بعيدًا عنه، فتحرك بخطى هادئة نحو خارج القصر، ما أن خرج حتى شعرت بإهتزاز هاتفها في جيبها، فأخرجته سريعًا وهي تنظر على اسم المتصل ثم أجابت بلهفة:
-أيوة، آه هو مشي، إمتى التنفيذ؟؟..
صمتت للحظات قبل أن تقول:
-نص ساعة؟؟.. خلاص هجهز نفسي، بس لازم التنفيذ يكون بسرعة، أنا حياتي في خطر.
أنهت المكالمة ودموعها تهبط بألم قبل أن تقول بحرقة:
-أنت هتخسرني للمرة التانية يا مراد، بس المرة دي، هتبقى الأخيرة، أنت كتبت النهاية، دوق من الوجع اللي أنا حساه.
*****
بعد مرور أكثر من ساعة، أتسعت عيني «مراد» وهو يرى من على بُعد حريق هائل يشتعل في القصر الخاص بها، صف سيارته وهو يترجل منها دون أن يغلق بابها، ركض نحو القصر وهو ينطق بخوف شديد:
-لينا.
ركض رفيقه «أدهم» خلفه الذي كان أتى معه منذ البداية، تصلب جسد «مراد» وهو يرى القصر بأكمله يحترق، والجميع يحاول القضاء على هذا الحريق الهائل، تقدم نحوه مي يدخل ولكن ذراع رفيقه منعته من ذلك، نظر إليه بغضب وهو يهدر فبه:
-سبني، سبني يا أدهم.
منعه «أدهم» وهو يدفعه إلى الخلف هادرًا:
-أنت مجنون، مستحيل اسيبك تدخل.
دفعه بقوة كي يركض إلى الداخل ولكن ثلاثة من رجال المطافي وقفوا أمامه يقيدوا حركته، صرخ «مراد» بعصبية وهو يتملص منهم بعنف:
-سبوني ألحقها، لازم تعيش، مش هسمح للظروف تاني إني اخسرها
قال أحدهم بجدية:
-مش هينفع تدخل، المكان كله نار، ولو إحنا متأكدين أنها عايشة وأنه ينفع ندخل كـ..
لم يتحمل كلماتهم السامة، فقاطعهم بغضب حاد وهو يتشنج بينهم:
-أبعدوا عني، محدش له دعوة، أنا لازم ادخلها، لازم الحقها.
أتى رفيقه من خلفه وهو يحاول جذبه نحوه هاتفًا بقوة:
-مراد أهدى، أهدى يا مراد، دلوقتي هنعرف كل حاجة.
بعد قليل، ظل «مراد» واقفًا كالصنم منتظرًا ما سيتلقاه، أحاديث جانبية كثيرة حدثت أمامه بعدما استطاعوا إخماد الحريق، ظل رفيقه بجانبه وهو يشعر أن الأسوء قادم.
أتى أحد من الضباط ووقف أمام كل من «مراد» و«أدهم»، نظر لهما بعملية قبل أن يسحب نفسًا عميقًا قائلًا:
-للأسف، الآنسة لينا الصاوي كانت موجودة جوا في المطبخ، والحريقة حصلت من هناك، لسه هنشوف إذا كانت بفعل فاعل ولا قضاء وقدر.
بلع «مراد» غصة مريرة وهو يسأله بصوتٍ مرتجف:
-يعني إيه؟؟.. لينا آ..
لم يتابع جملته، ووجد رجال الإسعاف من بعيد يحملون فراش نقال وعليه جسد بلا روح، يغطونها بالكامل حتى لا يرى ما فعلته النيران بها.
جحظت عيناه وهو يحرك رأسه سلبًا، هتف بصوتٍ مرتجف:
-مش ممكن، ماتت، لينا ماتت.
اقترب منه «أدهم» وهو يقول بألم:
-أهدى، أهدى يا مراد.
هدر بصوت حاد مرتعش:
-ماتت إزاي؟؟.. إزاي قبل ما تديني الفرصة؟.. ماتت زعلانة مني، ماتت وهي كرهاني.
ظهرت دموع «أدهم» وهو يرى رفيقه منهارًا لأول مرة، هتف برجاء:
-أهدى علشان خاطري، ده أمر الله.
نظر له «مراد» بذهول وكأنه غير قادرًا على استيعاب:
-يعني أنا خسرتها خلاص، خسرت لينا؟؟.. مش ممكن، ماتت!!!.. ماتت زعلانة مني، ملحقتش، والله ملحقتش، آآه.
قال كلمته الأخيرة وهو يرفع يده يضعها على موضع قلبه، ألم حاد بدأ يضرب قلبه وهو يهمس بضعف:
-لينا، لينا ماتت.
نظر «أدهم» حوله وهو يصرخ في الجميع بغضب وخوف في آنٍ واحد:
-الإسعاف، الإسعاف بسرعة.
ثم نظر له وهو يقول بلهفة:
-مراد، أهدى وحاول تاخد نفسك، أهدى علشان خاطري.
صرخ «مراد» بألم عنيف وهو يضغط على قلبه قبل أن يهمس بثقل:
-قلبي بيوجعني أوي، أنا حاسس بوجع رهيب في صدري.
ثقل جفناه مع جسده، قبض «أدهم» على ذراعه ثم وضعها حول حول عنقه ليقول بخوف:
-قوم معايا يا مراد، أجمد أرجوك.
صرخ لمن حوله بحدة عنيفة:
-عربية يا بهايم وحد يساعدني بسرعة.
******
«عــــودة للوقــت الحـــالي» 
ثلاثة أيام، ثلاثـــة أيــــام مرت وهو بداخل حفرة عميقة من الظلام الدامس، بعد أن رأى الحريقة تشتعل في قصرهـا، يحاول أن يأنتي لهـا، يحاول أن يموت ألمًا حتى يراها، ولكن يبدو للموت رأي آخر، فته “مراد” عينيه فجـأة لتصتدم بسقف الغرفة البيضاء، ورائحة المشفى تجعله يزداد إختناقًا، أعتدل في جلستــــه وهو ينظر حولـــه بعدم إستيعاب، وجد نفسه موصول ببضعة أسلاك فنزعهم زنهض، دلف لخارج الغرفة فـ أوقفه “أدهم” بفزع:
-مراد، إنت رايح فين؟!.. أنت لسه قايم من جلطة فالقلب؟!!!..
دفعه “مراد” بضعف وتحركك بطء، إلا أن “أدهم” منعه وهو يقول بحدة:
-طب قولي بس رايح فين؟!..
أجابه بضعف:
-لينا.
عقد حاجبيه بقوة وهو يقول:
-مراد، لينا ماتت، وأتدفنت كمان، خلاص فوق لنفسك.
تحركت شقيقتـه “دينا” والدموع تنهمر من عيونها هاتفة بإسمه برجاء:
-مراد!!..
أشار بيده لهـا وهو يقول بخشونة ضعيفة:
-أبعدي عني، أبعدوا عني كلكم، أنا رايحلهــا.
تألم قلب “أدهم” لحاله وهو يتوجه ناجحيتـه يسانده قائلًا:
-مراد، فـــوق، لينـــا ماتت، ماتتت وده أمر الله.
رمقـــه بنظرات مبهوتة وكأنه غير قادرًا على أستيعاب، ترنح في وقفتــه ودوار جامح يصيبه بضراوة، رفع ذراعه يستند على الحائط، قبل أن يحرك جسده بضعف يستند به كليًا، نظر أمامه في نقطة فراغ قبل أن تمتلئ عيونه بالدموع دون شعور، أرتجف قلب “أدهم” على رفيقــه، وهو يقول بقوة:
-أجمد يا صاحبي، مش كدا.
-أنا إللي قتلتهـا، مش كدا؟!.. ماتت وهي مدتنيش فرصة أصلح إللي عملته.
كافح أن يحارب الدوار الذي يزداد إليـه، لكنـه شل في ذلك مع إزدياد إنهمار دموعه الحارقة، وضع يده على صدره وهو يحاول سحب نفسًا عميقًا، قبل أن يشعر فجـأة في إرتخاء جسده، وثقل كبير في جفنيـه، كاد أن يقع فـ أسنده رفيقـــه وهو يصرخ في الموجدين في الطابق:
-فين دكتور نــادر؟!.. دكتــور بسرعــــة.
أبتعدت “دينا” عنه وهي تشهق ببكاء عنيف، أغمضت عينيهـا بقوة تكاد أن تعتصرهمـــا وهي تقول بضعف:
-لأ، لأ مش هسمحلك تضعف كدا.
أخرجت هاتفهـــا سريعًا وهي تعبث فيه بيدًا مرتجفة، وضعته على أذنها منتظرة الرد وجسدها يرتعش بخوف، ما أن فتح الخط حتى بكت مرة أخرى بألم وهي تقول:
-“جاسـر”، تعالى سيب كل إللي وراك وأنزل مصر ضروري.
هب “جــاسر” واقفًا وهو يقول بحدة قلقة:
-في إيـه يا دينا؟!.. إنتي كويسة؟!.. مراد كويس؟!..
أجابتــــه بشهقات متقطعة وهي تنظر لـ”مراد” الي يتام نقله إلى غرفة العناية المركزة:
-مراد بيموت.
*****
نولت “لينا” من الطائرة وهي تشعر بالغثيان وأختلال في الضغط، أنهت إجراءات بصعوبة، تحركت وهي تنظر حولها بجمودٍ مخيف، هي الآن بـ”المانيا” وبمفردها تمامًا، لا تصدق الأمر، سارت عدة خطوات وهي تجرّ حقيبتهــا، قبل أن تشعر بثقل عنيف عليهـا، تنفست بصعوبة وهي تضع يدها على صدرهــا، شعرت أن الجميع ينظر إليها بقلق، دنى منها شخص ما يود الإطمئنان على حالها، وهو يسألهـا بالكنة الألمانية:
-هل أنتِ بخير؟!..
وجد نفسه ينحني فجـأة يلتقطها قبل أن تسقط أرضًا، وخلال لحظات نظر حوله بصدمة وهو يحمل شابة مصابة بالإغماء بين ذراعيـه والجميع ينظر إليه، همس بضجر:
-يا إلهي!!..
يتبع…..
لقراءة الفصل الرابع عشر : اضغط هنا
لقراءة باقي فصول الرواية : اضغط هنا

اترك رد

error: Content is protected !!