Uncategorized

اسكريبت لن أعيش في جلباب أمي الجزء الأول 1 بقلم ريناد يوسف

 اسكريبت لن أعيش في جلباب أمي الجزء الأول 1 بقلم ريناد يوسف

اسكريبت لن أعيش في جلباب أمي الجزء الأول 1 بقلم ريناد يوسف

اسكريبت لن أعيش في جلباب أمي الجزء الأول 1 بقلم ريناد يوسف

فداء …هذا أسمي الذي اكتشفت مؤخرًا أنه ليس مجرد إسم سُميته لاُنادى به ولكنه واقع يتحقق.
تيقنت أن قدري هو أن أكون كبش فداء واتنازل عن كل ماهو حق لي بالرغم من أني لطالما كرهت هذا الشيء، واقسمت بيني وبين نفسي ألا يحدث معي، ولكن هناك مواقف تجبرنا على التضحية، والرفض في هذه المواقف يعد خروجًا عن الانسانية.
سأقص عليكم سريعًا ماحدث لي على مدار سنوات عمري ولكن عدوني بالإهتمام والانصات  الذي افتقده حد الجنون حاليًا.
أنا فداء … أبنة وحيدة لأربع اخوة صبيان كلهم يكبروني سنًا أي أنا اصغرهم وآخر العنقود كما كان يطلق علي. 
وصلت لسن العاشرة وتركت دراستي ومدرستي بأثر غير رجعي وأُغلق موضوع تعليمي نهائيًا.
ليتني أستطيع أن أقول إن تركي للتعليم كان بكامل إرادتي، أو أني لم أهواه مثل كثير من غيرى من الفتايات ممن فعلن هذا وتركن الدراسة بمحض إرادتهن لعدم حبهم للتعليم او بطئ استيعابهم  ، لكن للاسف اسبابي مختلفة كليًا؛
السبب الأول والأكبر كان ضيق الحال وقتها والذي لم يكن عائقًا أمام إخوتي بالمرة واستمرو  في مدارسهم، وكانت حجة أبي أنهم رجال ،ولابد لهم أن يتعلمو لكي يجدو العمل المناسب، والذي سيدر عليه الكثير من المال، أما أنا ففتاة وسأترك المنزل في وقت من الأوقات وسأذهب إلى بيت زوجي وماسيكون نفعه من تعليمي حينها؟
وكما ان إخوتي أحق بما يصرفه أبي من أجل تعليمي وسيفيدهم أكثر فى دروسهم. اعترضت كثيرًا وتذمرت وحتى أني امتنعت عن الطعام كوسيلة للضغط عليه، ولكن برغم كل مافعلته لم أجد منه إلا جفاء وتصميم على قراره ولم يأبه لاى شيء فعلته وكانه لا يرانى ولا وجود لى حوله. فاستسلمت لقدري ورضيت بحكم أبي منصاعة لأول تضحية فُرضت علي بدون رضى مني.
والسبب الآخر هو مرض أمي والذي كان صفعة قاسية تلقيناها جميعًا وأبي كان اكثرنا تأثرًا أو لأصدقكم القول أكثرنا غضبًا وتذمراً، 
وخصوصًا أنه لم يكن مرضًا عاديًا؛ بل كان هذا الوحش المتطفل الذي يحتل الجسد فيلتهم أجزائه ويتغلغل بين ثناياه معلنًا ان هذا الجسد أصبح ملكه الآن ولن يمر الكثير قبل ان يفتك به ويعلن انتصارًا جديدًا على بنو البشر.
انه مرض السرطان، كم كرهت هذا المرض الخبيث وما خاب من اطلق عليه هذا اللقب.
في البداية حينما كنت في العاشرة من عمري وفور تركي لمدرستي لم تكن أمي تثقل على عاتقي بأمور المنزل كثيرًا، وذلك لأن حزني على تركي للدراسة لم يخفى عليها ،
وكم تمنت أن تكون الظروف أفضل حالًا وكم من المرات جاهرت باستيائها من عدم توفر المال ولكن بالطبع من وراء ظهر أبي وليس امامه.
فهي تعلم إنه لو سمعها لن تجد منه مواساة أو دعوة للصبر، ولكن كل ماستجده منه هو عدة صفعات على وجهها مع ضربات متفرقة على كامل جسدها النحيل ولن يخلو الأمر من وابل من أقذر وابشع الشتائم ولذلك كانت تكتفي أمامه بالسكوت والتظاهر بالرضى.
وفي ظل استسلامها لخوفها منه لم  يتغير فالأمر شيء واستمر الحال كما هو عليه، لطالما كرهت ضعفها وقلة حيلتها وسألتها آلاف المرات لماذا لا تتركيه؟ لماذا لا تأخذينا من هذا الجحيم وتهربين بنا؟ ماذا تنتظرين من رجل كهذا؟ 
وكان ردها ثابتًا في كل مرة لا يتغير (لا أملك القوة لفعل ذلك ولا أملك الشجاعة لمواجهة الحياة بخمسة أطفال ورغم قسوة أبيكِ علينا إلا انه يوفر لنا المسكن والمأكل وهذا شيئ يجب ان نحمد الله عليه ونتمنى دوامه )
كم كرهت هذه الجملة وكم كان إحساس الذل الذي كنت أراه في عيون أمي يشعرني بالغثيان ولكني كففت عن هذا السؤال حين علمت بمرضها وكم هي مؤلمة فكرة ان تعلم أن عزيزًا على قلبك على وشك الموت وتنتظر معه النهاية في كل يوم.
كنا خمسة أطفال، أحد عشر شهرًا  او اقل هو فارق السن بين كل طفل والآخر فـأمي كانت كـالأرنبة كما كان يطلق عليها أبي دائمًا، نظرًا لأنها كانت تحمل بطفل جديد بعد وضعها باربعين يومًا فقط.
لم يعترض بشدة عندما كانت تنجب له الذكور، إلا أنه قرر اتخاذ قرار بشأن هذا الأمر الذي أصبح مرهقًا له أكثر من اللازم من بعد ولادتي.
قالت لي أمي أنه حينها صرخ في أروقة المشفى الذي وضعت به وناشد جميع الأطباء ممن كانت تقع عينه عليهم أن يفعلو شيئًا لكي يمنعو أمي من الحمل والولادة مرة اخرى بأي طريقة مهما كانت.
بعد حالة الهرج والمرج التي تسبب بها أبي فالمشفى قرر الأطباء ان يتم إجراء جراحة لأمي لمنعها من الحمل مرة أخرى؛ وهي عبارة عن ربط على المبايض وبالتأكيد بعد ان وقع أبي على إقراراً بأنه هو المسئول عن هذا القرار وانه لايريد اطفالًا أُخرى بكامل ارادته.
 تمت الجراحة وكنت أنا آخر العنقود كما يقولون ومن بعدي لم يأتي اطفالًا للعائلة.
كان أبي يعمل نجارًا جائلًا يحمل كل يوم أدوات العمل المعروفة بعدة الشغل وهي عبارة عن أشياء تستخدم لثقب الأخشاب وصنفرتها ومسامير ومطرقة وبعضًا من الأشياء الأخرى.
يخرج صباحًا يجوب الشوارع والطرقات عسى ولعل ان يطلبه احد لكي يصلح له كرسيًا او أريكة كسرت أرجلها او يركب له بابًا او شباكًا.
لا أعلم لمَ لم يعمل حينها بورشة نجارة ويكون له دخل ثابت شهريًا ولم أكن وقتها بالعقل الذي يستوعب او يطرح أسئلة من هذا النوع وللأن لم اعرف إجابة هذا السؤال ولكن مع الاحداث اللاحقة وجدت ان هذا  ليس بالأمر الهام وهناك الاهم.
والاهم هذا كان مرض أمي الذي ازداد وحالتها التي اخذت فالتدهور يوماً بعد يوم لأجد نفسي في سن الحادية عشر الانثى الوحيدة المسئولة عن منزل بأكمله من تنظيف واعداد طعام، وغسل ملابس، وفوق كل هذا مراعاة امي، وحيرتي وعجزي وأنا أراها تتألم امامي طوال النهار وأنا لا أستطيع مساعدتها  ولا أملك لمواستها غير دموعي وحضنى وقبلاتي للتخفيف عنها،
حينما كان يشتد صراخها كنت اضمها لصدري وانا اتألم اكثر منها كأم تحاول ان تسكت طفلتها ولا تستطيع وتصاب بإحباط بعد فشل كل المحاولات.
استمر هذا الحال عاما ونصف العام تحولت فيهم امي الى مومياء ، جلد على عظم، عيون غائرة،  خطوط وتجاعيد هاجمت وجهها مرة واحدة؛ وكأنها عجوز فالمائة من عمرها، خطان نُحتا بجانبي فمها صعودًا لاسفل عينيها  كأنهم طريقاً حُفر خصيصًا ليكون مجرى للدموع لا تحيد عنه يمينًا او يسارًا.
لن أخفي عليكم مدى ألمي وعذابي الجسدي والنفسي خلال هذه المدة، لدرجة انه وصل بي الحال في لحظة ضعف ان ادعو لأمي بالموت علها ترتاح مما تعاني، وارتاح أنا ايضا من عذابي معها.
عامًا ونصف العام لم يتعبني خلالهم اعمال المنزل بل كنت على استعداد ان أواصل الليل بالنهار وأنا أعمل بلا انقطاع، ولكن صوت آنين أمي وتحول نبرته من آنين لصراخ، ومن صراخ لإستغاثة هو ماكان يسلب حيلي وينغص راحتي. 
اخوتي انفضو عن دراستهم واحدًا تلو الأخر وانطلقو فالشوارع باحثين عن عمل يساهم في مصروف المنزل وايجاره، وعلاج أمي الذي أخذ آخر مانملك من نقود واثاث باعه أبي مؤخرًا ليستطيع ان يأتي لأمي بالمسكنات التي تساعدها على النوم لعدة ساعات  فقط حين يزول عنها الألم مؤقتًا، ونستطيع نحن ايضًا النوم قليلًا بشكل متواصل بسبب بعض الهدوء الذي أصبح نادرًا في هذا البيت بسبب تأوهاتها المستمرة.
لن انكر مدى فرحتي وانا أرى حزن أبي وهو ينظر لأخوتي فور رجوعهم من العمل آخر النهار منهكين، وسعادة قلبي حين اسمع حسراته مرة بعد اخرى لخروجهم من التعليم وفشل كل خططه لهم ولنفسه بمستقبل افضل، كنت اقول له في نفسي انظر إلى عدالة السماء ماذا فعلت. لم اشفق عليهم او يصعب علي حالهم فهم لم يفعلو حين  تركت انا مدرستي، بل كانو فرحين مؤيدين لقرار أبي متشمتين بي وكأني عدوة لهم لا أختهم.
لم اجد منهم رأفة على قلبي وهو يتألم وانا اغسل لهم ملابس المدرسة او ارتب كتبهم ويذكروني دوما ان احافظ على ادواتهم واقلامهم ودفاترهم والا اضيع شيئاً وإن حدث هذا فسأنال اقصى العقاب.
وها انا اليوم جمعت كل دفاترهم ومتعلقات دراستهم وكتبهم وقمت باضرام النار بها امام اعينهم بحجة انهم باتو يمثلون عائق أمامي اثناء تنظيف غرفتهم،هذا ماقلته لهم.
ولكن الحقيقة أني كنت اريد ان ارى تأثير احتراق احلامهم أمامهم وتحولها رمادًا يطير مع رياح العجز مثلما فعلت انا، وأرى صورة اللهب تنعكس في مقلتي كلًا منهم وبالفعل كان لي مارغبت ورأيت الكسرة في عيونهم وعيون أبي قبلًا منهم وهذا الشئ اراح قلبي كثيراً وشعرت بلذة العدل تسري في روحي.
أصبحت على مشارف عامي الإثني عشر؛ كنت حينها  لازلت طفلة في نظر الكثير، وكان من المفترض اني لازلت ألعب وألهو مع من هم في نفس عمري وأحلم  وارسم واتخيل مستقبلي كما احب واشتهي، ولكن مارأيته جعلني انضج في عام ونصف مئات الأعوام، وان اكتسب قوة وتماسك استعجب له الجميع وأنا اقف بثبات فوق غُسل أمي، وبالاخص حين كنت أقوم بصب الماء على جسدها لمن تقوم بتغسيلها، مع نظراتي لها بعينين جامدتين تحجر فيهم الدمع، من يراني يظن أن قلبي لم يحزن لحظة على موتها ، ولكن في الحقيقة أنا أكثر الموجودين حزنًا.
لم ارد ان تحجب الدموع عن عيناي هذا المشهد النادر الحدوث، وأنا آرى جميع المحيطين بها وقد انتابتهم نوبة حب مفاجأة لها جعلتنى اتعجب مما يفعلونه واتسائل في قرارة نفسي من أين يأتون بكل هذه الدموع وهم نفس الاشخاص الذين كانو يتذمرون من صراخها وصوت نحيبها طوال الوقت؟! 
صحيح لم يكن التذمر أمامي او أمام أحد من عائلتي مباشرةً ولكن اصواتهم كانت تتهافت إلى مسامعنا بجمل تتردد مزامنة مع صوت بكاء أمي؛ بأستغفر الله العظيم، او رحماك ياربي، أو إلى متى سيستمر هذا؟
تبادر لذهني آنذاك أن أصرخ بهم بكل ما أوتيت من قوة لكي أُخرس اصواتهم العالية وحزنهم المزيف ولكني اردفت لنفسي فلتصبري فما هي إلا دقائق معدودة وكلًا يعود إلى منزله، وتنتهي هذه المسرحية وينفض الممثلون؛ وبالفعل هذا ماقد كان.
عاد أبي وأخوتي من المدافن بعد ان قاموا بدفن أمي وجلسوا جميعا حولي ولازال أثار استغرابهم من اصراري على عدم ذهابي معهم لكي اودعها للمرة الأخيرة ظاهرًا على وجوههم، ومتجلٍ بأعينهم التي تنظر نحوي من حين لآخر، 
واعلم ان كلمة لماذا تقف على أطراف ألسنتهم جميعًا ولكن خوفهم حينها من ان تكون إجابتي صدمة لهم وأصرح بأني تعبت منها لدرجة أني لا ارغب في توديعها للمرة الأخيرة  وخصوصًا أنني الوحيدة التي كنت أقوم برعايتها كاملة دون حاجتي لتدخل أيًا منهم، حتى أبي لم أترك له مجالًا لكي ينوب عني بأي شيء يساعدها به في مرضها، وخصوصًا وأنا أرى نظراته المشمئزة منها ومن منظرها أول ما تغلق عينيها ألمًا أو تحود بعينيها بعيدًا عن موضع جلسته، جلسته التي كان يجلسها بجانبها احيانًا كتأدية واجب او لكي يطمئن ان حالتها مستمره فى التدهور وسيرتاح منها قريبًا.
كنت اتعجب وسألت نفسي كثيرًا أكانت تستحق منه كل هذا الكره والبغض والمعاملة القاسية؟! 
وأنا لا أذكر يومًا إنها قد فعلت مايغضبه او يشعره بأنها غير مستريحة معه او ينقصها شيء ؟ لم كل هذا الجفاء في قلبه عليها برغم انها كانت له نعم الزوجة وكانت لي ولأخوتي نعم الأم؟!
وأخوتي أين اختفى هذا التعلق بأمهم وصياحهم بإسمها طوال الوقت فيما مضى  لكي تحضر لهذا غرضًا ،وتساعد هذا في انتقاء ملابسه، واعداد الطعام لهذا ومساعدة ذاك بالبحث عن لعبته المفضلة فى كل انحاء المنزل؟ لماذا اختفت من أفواههم كلمة أمي مع عدم قدرتها على المساعدة والاهتمام ؟ 
ألهذه الدرجة تدنت المشاعر واصبحت مجرد منافع ليس اكثر؟ ألهذه الدرجة يهون الود حتى على الأبناء؟! ام أن إخوتي حالة شاذة ليس لأمثالهم  وجود إلا في عائلتنا نحن فقط ؟ 
كرهت حينها إخوتي، وكرهت أبي وكرهت ضعف أمي الذي لم يجلب لها إلا تهميشًا في حياة كل من حولها، واقسمت الا اتحول الى فاتن اخرى مهما كلفني الامر.
استمر عملي في المنزل كخادمة ولكن بدون اجر، مرت السنوات وها انا ابنة العشرين عامًا أنثى كاملة مكتملة لا ينقصنى شيء ولا يوجد ما أجهله من أعمال المنزل والعناية بكل كبيرة وصغيرة بخصوص ابى وأخوتي.
كم كنت اشعر بالقهر حين يأتي أحد لخطبتي ويُقابل طلبه بالرفض من أبي بحجة انه معدوم الحال ولا يمتلك شيئًا 
بدأت أشعر أن أبي يفعل هذا متعمدًا لكي أظل معهم وأكون في خدمتهم طوال الوقت ولكني شعرت بمدى قسوته حين اكتشفت ان لديه أسباب اخرى أسمى مما ظننت.
فقد وافق على الفور وموافقته السريعة وفرحته هذه المرة أثارت بداخلي دهشة سرعان ماتلاشت وانا أرى بيده الكثير من النقود يقوم بعدها مرارًا وتكراراً بسعادة عارمه وعرفت مؤخرًا أن هذا مهري.
لم يخبرني عن زوجي المستقبلي سوى أنه من علية القوم وأغنيائهم، لم يخض في اى تفاصيل اخرى وانا للصراحة لم اسأل، فقد اكتفيت بهذا الوصف من أبي والذي كنت أظن حينها انه كل ما احتاجه ..بل كل  ماتحتاج إليه اى امرأه من زوجها وتكمن فيه كل السعادة؛ فالمال هو السبيل الوحيد لتحقيق جميع الأحلام، وانا كنت أملك الكثييير من الأحلام التي تنتظر تحقيقها.
أن أغادر منزلي كان اول واكبر أحلامي، أن أتخلص من دور سيندريلا الذي كنت اعيش فيه كان اهم أمنياتي.
تعجبت حين أرسل زوجي المستقبلي اخيه وكيلًا ينوب عنه لعقد القران لان حسب ماسمعت ان من يلجأ لفعل مثل هذا هو فقط من يكون خارج البلاد ولا يستطيع النزول لظروف خاصة، ولكن ان يكون في نفس البلدة ويفعل هذا امر جدًا غريب، وهنا ارتسمت بداخلي اول علامة استفهام ولكني تجاهلتها وعاهدت نفسي ألا اغفر له عدم حضوره فهذه هي بداية الإستسلام لرغباته والخضوع له ان مر الموقف دون عقاب وهذا ماعاهدت نفسي ألا يحدث يومًا.
انتهى عقد القران بين وكيلي والذي كان أبي ووكيله واصبحت زوجة المدعو صبحى الذي لا اعرف عنه سوى أسمه فقط.
أخذني اخو زوجي وزوجته التي كانت تقريبًا في الخامسة واربعين او الخمسين من عمرها وقد ظهر عمرها جلياً من خلال جلد يدها المترهل حين امسكت ذراعي تقودني للخارج معهم إلى بيت زوجي.
غادرت معها بخطواتٍ تتقمص الرزانة وأنا فالواقع ارغب فالطيران بعيدًا عن هذه الوجوه التي طالما ارتويت القسوة من تعابيرها الحادة الغاضبة دائمًا بدون اسباب.
استقليت معهم السيارة التي احضروها لأخذي وهم أيضًا صعدو معي وتحركت بنا وبدأت أولى خطواتي نحو المجهول.
توقفت السيارة أمام مبنى مكون من خمسة طوابق مبنية على الطراز الحديث حينها ،ونزل اخو زوجي وزوجته وقام اخ زوجي بفتح باب السيارة من أجلي.
ترجلت من السيارة وبدأت أولى خطواتي نحو حياتي الجديدة، او جحيمي مثلما اطلقت عليه لاحقًا.
ادركت كم كنت غبية حينما ظننت ان راحتي خلف الباب الذي فتحه اخ زوجي ودعاني للدخول من خلاله
دلفت الى الداخل وما رأيته عقد لساني وعجزت عن النطق بأي حرف ونسيت الكلام كأني لم اعرف الحروف الابجدية من قبل.
رجل يجلس على اريكة بأريحية شديدة، سمين لدرجة الترهل، لا يملك فى رأسه شعرة نظرًا لإنعكاس الضوء على رأسه، يلبس جلباب فضفاض باللون الابيض.
ابتسم فور رؤيته لي وحاول القيام جاهدًا وتقدم نحوي بخطواتٍ ثقيلة مترنحة ولم استطع منع نفسي حينها من الا تراه إلا طن من الشحوم يتقدم نحوي فاشمأزت روحى  وارتعدت أوصالي خوفًا وأنا أنظر لعينيه لأرى تلك النظرة التي حينما اتذكرها حتى هذه اللحظة اشعر بالغثيان.
لم تكن نظرة رجل لإمرأة، بل كانت نظرة ذئب لفريسته الملقاة أمامه قبل ان يلتهمها بعد صراع مهول اجهده كثيرًا حتى يصل لهذه المرحلة.
فور تقدمه نحوي رفع يده على وجهي في محاولة منه ليتلمس وجنتي فنفرت منه ورجعت خطوة للوراء ابعد بعدها يده ونظر لاخيه وزوجته نظرة على اثرها غادرو المكان فوراً واغلقو الباب خلفهم.
اما هو فتقدم نحوي أكثر بوجه يعتريه الغضب ورفع يده مرة أخرى ليعاود الكره ويتلمس خدى مرة اخرى ولكنى هذه المره قمت بأزاحة يده وانا اعلم انه سيعاود الكرة مرة ثالثة ورابعه وقررت الإستسلام ان حينها حتى وان كان هذا خارجا عن رغبتى فليس هناك مهرب مما سيحدث بيننا ولا فائدة من تأجيله او المماطلة فيه.
اغمضت عيناي بإستسلام ولكني سرعان ما فتحتهم مرة اخرى على مصرعيهم من هول المفاجأة وانا أشعر بحرارة على وجنتي اثر صفعة قوية جعلتني أرجع خطوة للوراء من شدتها.
رفعت يدي اتلمس مكان صفعته وأنا أنظر له بإستغراب سرعان  ما تحول لغضب عارم داخلي وأنا أسمعه يتحدث بصوته الأجش المخيف ويخبرني أنني الآن صرت ملكاً له وأنه دفع في الكثير، بل واشكر صراحته حين أخبرني أنه لا يرى أنني استحق المبلغ الذي دفعه لأبي ليتزوجني.
صدمتي منه ومن كلامه ألجمت لساني وجعلتني لا استطع الرد عليه او التفوه بأي حرف.
اقترب مني اكثر في أبشع وأقذر علاقة تجمعني به رغمًا عن أنفي ورغمًا عن اعتراض عقلي الذي انعكس على تشنج جسدي الذي لم يرحمه أبدًا كانت هذه مرتي الأولى وذكراي المريرة وأول حلقة في سلسلة عذابي الذي استمر بعدها بشكل يومي مع قسوته وتلفظه بأقذر شتائم العالم.
اعترضت كثيرًا على اسلوب تعامله معي، افتعلت المشاكل، رفعت صوتي، اعترضت بكل طريقة ممكنة ظننت انها قد تفيد ولكن في كل مرة يكون الضرب هو الرد الوحيد منه على ماافعل.
لجأت لأبي، شكوت لأخوتي ولكن صدمتي كانت حين اجمعو جميعًا ان هذه هي حياتي الجديدة ويجب علي التأقلم معها والصبر والرضى بطبع زوجي لأن هكذا تكون بنات الاصول والا الجأ لهم مرة اخرى ..
التخلي، الخذلان؛ احساس كفيل بأن يميت القلب ويحرق الروح.
اتذكر يومها حين رجعت منزلي او مقبرتي مثلما كنت أراها، دخلت إلى حجرة نومي وبكيت كثيرًا، بكيت حتى اعتقدت أن جسدي قد فرغ من كل سوائله التي نزلت مني على هيئة دموع، شعرت بأني أصبحت جافة كجزع شجرة اصابه العطش لسنوات في ارض قاحلة مقفهرة.
قررت حينها الهروب من كل هذا، قررت أني سأفر من حياتي وأترك خلفي كل مايؤذيني وأبدا حياة جديدة في مكان جديد.
رتبت أفكاري وعزمت على الرحيل في القريب العاجل فور جمعي لمبلغ من المال من جيب زوجي الحبيب كل يوم بعد ان ينام، لم أكن أريد الكثير ولكن فقط ثمن انتقالي إلى مكان بعيد ومن هناك سابدأ حياتي.
استمر الاثنان عقلي وقلبي يدفعاني على المضي قُدمًا فيما أفعل ولكن حدث مالم يكن في حسباني أبدًا.
شعرت يومها بوعكة شديدة ذهبت على أثرها للمشفى وهناك اكتشفت أني أحمل في أحشائي طفل من صبحي.
نزل الخبر على قلبي كالصاعقة، شعرت بأن مافي رحمي ماهو الا سلسلة من نار خلقت لتربطني بصبحي لبقية حياتي.
قمت بإعادة حساباتي وقررت المكوث معه لحين ولادتي وتخلصي من هذا العائق، قررت تركي لما في بطني لأبيه والفرار بعد ولادتي مباشرة، وبالأخص مع هذا الشعور الذي يراودني منذ ان عرفت بخبر حملي وهو أني لن أستطيع ان أحب طفلي من صبحي ولن يكن له في قلبي إلا الكره الذي سيرثه من منطلق كرهي لأبيه.
بمعنى ادق؛ لن احمل له مشاعر الأمومة ولن أكون له أمًا.
كل هذه أفكار أختلجت عقلي طوال فترة حملي ولكنها تبخرت وتبددت تماما حين حملتها بين يدي لاول مرة.
نعم هي أبنتي، قطعة من روحي،  قلبي الذي انقسم ليبقى جزء داخلي وجزء آخر بين يدي، ضممتها إلى صدري لأشم فيها رائحة الجنة.
شعرت فور رؤيتي لها والتمعن في ملامحها التي نسخت من ملامحي بأنها سنوات النعيم التي أتتني بعد سنواتٍ عِجاف.
نسيت كل ماكان يجول في عقلي سابقًا عن مسألة هروبي ولمت نفسي على إحساسي بأني لن أحب طفلتي كما يجب ان يكون ولكن أمومتي فاجأتني حين تغلبت على عقلي وكياني.
قررت ان اتحمل كل شيء لأجلها هي فقط، قررت ألا أتركها مع أب ظالم مثل صبحي تواجه مصيرًا مجهولًا أو يأتي لها بزوجة أب تمارس عليها أشكال العذاب، أو حتى يحاسبها هو على مافعلت أمها ويحملها ذنب هروبي منه.
قررت أن أضحي براحتي وأحلامي واتنازل عن الإثنين  لأجل أبنتي، ومن هنا كانت هذه أولى تضحياتي وأكبرهم التي اخترتها بنفسي ولم تفرض على بدون أرادتي.
أسميتها هديه فقد كانت عطية من الله اهداها الى ليخبرنى بأنه لن يتركنى وحيدة فى هذه الدنيا ..أنجبت بعد هديه أحمد ومن بعدها أماني وكل طفل كنت احمل به بعد الاربعين مباشرة ..وها انا اسير على خطى امى فى هذا الشيء ودون ارادتى ايضا ،ومع ولادة كل طفل منهم كنت أشعر بأن قوتى تصبح أضعف وأضعف.
أستمر الشيطان المتنكر في هيئة بشر والمسمى صبحي في نفس المعاملة والاسلوب معي، بل وبدأ ينتقل عنفه لأطفالي وهذا ماكان فوق إحتمالي وطاقتي
ومن هنا عدت للتفكير بالهروب مرة أخرى ولكن هذه المرة مع ثلاث أطفال أكبرهم خمس سنوات وأصغرهم لم تكمل العام بعد.
بعد تفكير أضنى عقلي في هذه الخطوة اكتشفت بأني لن استطيع فعلها نهائيًا، لن اخاطر بحمل أولادي والذهاب بهم إلى المجهول فهم على الأقل الآن لديهم أربع حوائط تأويهم وتحميهم وأب يصرف عليهم وحتى ان قسى عليهم؛ أفضل من أن تقسى عليهم الأيام…وعند تردد هذه الجمله بداخلى تذكرت امى على الفور وهى تخبرنى بها …
أقنعت نفسي بأنه وضع مؤقت إلى أن يكبر أولادي ويستطيعو الصمود أمام عواصف الحياة حينها لن يكونو بحاجة أحد وسيكون تحريري من سجن أبيهم على يديهم.
حاول صبحي ان يكرر نفس نمط أبي معي وأن يحرم هدية من التعليم حين بلغت العاشرة ولكن هنا كانت انتفاضتي الكبرى حين رفضت قراره هذا وهددته لو فعل هذا سآخذ أولادي وأترك له المنزل ولن يعرف لنا طريقًا.
جذب وسحب، إهانة وضرب، جفاء مني وعدم إعداد الطعام له او تلبية أي رغبة من رغباته أو الاهتمام بأي شيء يخصه.
لن أنكر تعبت جدًا وأنا أفعل هذا، تعبت نفسيًا وتعبت جسديًا، وأصبحت منهكة القوى واستُنزفت كل طاقتي في هذه الحرب الضارية، ولكن كلما نظرت لأبنتي ورأيتها مكاني مستقبلًا زادت عزيمتي وإصراري على المضي قدمًا.
ثلاث اشهر هي فترة إجازة آخر العام انقضو جميعهم على هذا المنوال.
ولكن فرحة انتصاري في النهاية  برضوخ صبحي لمطلبي وسماحه لأبنتي بالمداومة في مدرستها والسعادة التي رأيتها حينها تشع من عينيها انستني كل هذا.
بقدر سعادتي بأني استطعت التغلب على تخلف زوجي صبحي كرهت أمي، كرهتها لأنها كانت تستطع فعل مافعلت أنا، اكتشفت انها كانت لديها وسائل كثيرة للدفاع عني ولكنها لم تستخدم أيًا منها واكتفت بالسكوت، شعرت بتقصيرها تجاهي وعدم حبها لي وتيقنت انها لو كانت تضمر لي حبًا لفعلت لي مثلما فعلت أنا لأبنتي.
ظننت أني نجحت وأنا ارفض ارتداء ثوب الإستسلام، انتصرت وأنا اتمرد على جلباب الضعف الذي كان سيضيق على روحي حتى يكتم أنفاسي ويوصلني إلى حتفي مثلما فعل بها، نعم فقد سمعت ان مرض السرطان من أحد أسبابه دخول الإنسان في حالة نفسية سيئة وصراعات داخلية لفترات طويلة مما يؤدي إلى دخوله في حالة اكتئاب مزمن.
ولكن كان للقدر رأى آخر حينما رن جرس الهاتف ليخبرني أحدهم بأن زوجي صبحي لقى حتفه ومات فورًا أثر تعرضه لحادث سير، إلى الآن لا أستطيع تحديد الشعور الذي خالجني حين تلقيت هذا الخبر، فهو مزيج من إحساس بالحرية، إحساس بعدالة السماء ، إحساس بأنه من هذا اليوم بات أولادي في أمان تام وينتظرني وأياهم مستقبل رائع حيث لا يوجد عنف أو ضرب أو قسوة من أي نوع لأيًا منا، ولكن على الرغم من هذا كله فلم يكن الذي بداخلى إحساس بالسعادة مطلقًا، بل كان هناك شيء بداخلي يخبرني أن ما أشعر به الآن زائل.
اكتشفت بعد موت صبحي ان لديه مبلغ من المال كان يخبئه مني في درج خزانته الخاص الذي لم يسمح لي يومًا بالأقتراب منها او قام حتى بفتحها وأنا داخل الغرفة نهائيًا، ولطالما تسائلت بيني وبين نفسي عن السبب ولم اتوصل لشيء ولكني بت اعلم السبب الآن بعد ان كسرت الدرج عنوة.
فرحت كثيرًا بالنقود وشعرت حينها بأن الله يخبرني بألا أقلق بخصوص أولادي وأنه لن يتخلى عني، شعرت أن هذه النقود مبلغ تعويضي من اجلي مثل الذي تصرفه الشركات للموظفين مكافأة نهاية الخدمة مع اختلاف أن الذي بين يدي هو مكافأة نهاية الظلم والاستبداد الذي عانيته.
لا أنكر السعادا والراحة النفسية التي شعرت بها أنا وأولادي خلال عامين متتاليين من وفاة صبحي ونحن نتذوق طعم الإستقرار والهدوء اخيرًا.
ولكن كل هذا بدأ يتلاشى على الأقل من داخلي أنا فقط وأنا أرى مامعي من نقود ينفذ رويدًا رويدًا، ندمت كثيراً لانى لم احاول ان افتتح مشروع خاص بى من هذه النقود  نظراً لخوفى من ان يأتى اخ زوجى ويستولى على كل ما معى وخصوصا انه اراد ان يجبرنى ان ابيع شقتى انا واولادى لكى ياخذ منها نصيبه فى ورث اخيه كما كان يدعى ففضلت الا يعلم شيئا عما معى من نقود وانفق منها حتى تنفذ ..  
قررت أن أبحث عن عمل أستطيع من خلاله توفير لقمة العيش لأولادي ومساعدتهم على الإستمرار في دراستهم ونبهت نفسي بأني يجب أن أتحرك نحو هذه الخطوة سريعًا وأنا لدى مخزون من المال يكفيني لأشهر قليلة سأغرق في شبر ماء إن نفذ ولم أتمكن من إيجاد عمل.
غادرت منزلي اجوب الطرقات بحثًا عن عمل يناسبني في كل الأماكن القريبة أولًا لكي أتمكن من الذهاب إليه مشيًا على الأقدام يوميًا وتوفير نقود المواصلات لأولادي فهم أحق بها.
ويالسعادتي حين وجدت ضالتي ووفقت أن أجد عمل في متجر لبيع  الملابس النسائية قريب إلى حد ما على بيتي وأيضًا أجره مناسب لي جدًا.
حمدت الله وبدأت العمل من اليوم الثاني بعد أن وليت ابنتي الكبرى أمر الإهتمام بأخيها وأختها وتركت على عاتقها هذه المهمة الصعبة.
مرت ثلاث شهور وأنا أعمل وبعد رجوعي أقضي كل وقتي مع أولادي اسأل و أهتم بكافة تفاصيل يومهم  كي اعوضهم عن فترة غيابي عنهم ولا يشعرو بأية تقصير مني.
استقرت حياتي إلى اليوم الذي هبت فيه عاصفة هوجاء على حياتي فبعثرت ودمرت وهدمت كل ما بنيته طوال الفترة التي تلت موت صبحي.
حين شعرت بذاك  الالم ينتابني مرة اخرى لليوم الرابع على التوالي وأنا في عملي، لم ألقي له بالًا في بادئ الأمر ولكنه بدأ يزيد كل يوم تدريجياً إلى أن أصبحت لا احتمله.
قمت بالإستئذان من العمل وذهبت الى المشفى لأضع حدًا لألمي هذا واتخلص منه هذا المزعج الذي قض مضجعي لعدة أيام وسلب راحتي.
لحظات قليلة، دارت  الدنيا فيها من حولي عدة دورات شعرت بأني فقدت بعدها توازني وبدأت استسلم لموجة الظلام القادمة نحوي من بعيد إلى ان تغلغلت بداخلي واغلقت عيناي لأسقط أرضًا، ولم أفق بعدها إلا على وخز في ذراعي، فتحت عينى لأرى الطبيب يوخر عن ذراعي إبرة قام بحقني بها، لم اكترث بكلام الطبيب وهو يخبرني أن ما أفعله غير صائب وأنا انزع المغذي من يدي واعتدل في جلستي استعدادًا للمغادرة ، ولم انصت لمحاولته الفاشلة لمواساتي والتخفيف عني في أمر بت أعلم جيدًا ما آخر المطاف فيه.
لبست حذائي ولم انسى يومها أن آخذ معي شهادة وفاتي التي خُطت قبل موتي، نعم لقد كانت تقريرًا بأني أعاني من السرطان ، وفي مرحلة متقدمة أيضًا، تمامًا مثل أمي.
ذهبت لبيتي مباشرة وغمرت  أطفالي وضممتهم إلى صدري و تسائلت وأنا انظر لهم، ترى ماذا سيكون مصيركم من بعدي يافلذات كبدي؟ 
تُرى ماذا تخبئ لكم الأيام في طياتها؟  
قررت من شدة خوفي عليهم ان الجأ لأشخاص لطالما دعوت ألا تجمعني بهم طريق ماحييت، من بعد أول وأخر مرة ذهبت إليهم راجية منهم الغوث فرفضو وتخلو عني ودفعونى مرة أخرى لجحيمي بكل دم بارد ولم تأخذهم بي رحمة ولا شفقة ومن وقتها لليوم انقطعت عني كل أخبارهم وانقطعت عنهم جميع اخباري، عن أبي و إخوتي أتحدث.
خرجت قاصدة مسكنهم تاركة خلفي كل كرامتي وكبريائي وعزة نفسي فلا فائدة لهم جميعًا حين يتعلق الامر باطفالي.
وقفت أمام عتبة المنزل كثيرًا أحاول أن أجد الكلمات المناسبة التي ساستهل بها كلامي معهم بعد كل هذه السنوات، أاخبرهم عن مرضي واقتراب موتي؟ أم اصبر إلى أن أرى كيف ستكون مقابلتهم لي؟ نعم هذا افضل قرار.
رفعت يدي وطرقت الباب واذ بي أُفاجأ بصوت أنثوي يجيبني من الداخل، أيعقل ان يكون أحد إخوتي قد تزوج ؟!
فرحت جدًا لمجرد الفكرة ورغم كل شيء تمنيت لهم السعادة من كل قلبي فليس لهم ذنب في قسوة ورثوها وتربو عليها أيضًا.
لحظات قليلة وفتح الباب وتفاجأت بأمرأة اربعينية تقف أمامي تناظرني بإستغراب هي الأخرى مثلما أفعل أنا، قلت في قرارة نفسي، لا يمكن ان تكون هذه المرأة زوجة أحدٍ من إخوتي بالطبع، إذن من تكون ياترى ؟
أخيرًا قررت هي أن تنهي حيرتها حين أردفت تسألني: من انتِ وماذا تريدين ؟
لم اجرؤ ان ابادلها نفس السؤال ولانهاء الموقف اخبرتها سريعاً : أنا فداء، أبنة علي وأبنة هذا المنزل أيضًا.
تعجبت اكثر وهي تنظر لي واردفت بعدم تصديق :
أبنة أي علي؟ علي زوجي؟ 
وهنا تأكدت شكوكي وزاد همي وأنا أرى تبخر الأمل الذي جئت به في أن أجد لأبنائي مكانًا في هذا المنزل وبين هؤلاء الناس وخصوصًا بأني أعلم أن زوجة الأب لا تطيق أولاد زوجها، فمابالكم باحفاده؟
يتبع…..
لقراءة الجزء الثاني : اضغط هنا
لقراءة باقي أجزاء الاسكريبت : اضغط هنا

اترك رد

error: Content is protected !!