Uncategorized

رواية لمن القرار الفصل الحادي والأربعون 41 بقلم سهام صادق

   رواية لمن القرار الفصل الحادي والأربعون 41 بقلم سهام صادق

 رواية لمن القرار الفصل الحادي والأربعون 41 بقلم سهام صادق

 رواية لمن القرار الفصل الحادي والأربعون 41 بقلم سهام صادق

أصابها الذعر وهي ترفع عينيها محدقة بصاحب الصوت ، أسرعت في وضع الملف الذي التقطته للتو فضولاً ثم عادت تُطالعه بتوتر وتزدرد لعابها. 
اطرقت رأسها ، تمسح كفيها بثوبها من شدة توترها؛ فاقترب منها وعيناه تفحصها بنظرات ثاقبة
– إيه اللي مصحيكي لحد دلوقتي؟
تسأل ؛ فطال إنتظاره لسماع جوابها، تحرر لسانها أخيراً يمنحها الخلاص من ربكتها
– تليفوني وقع مني، فجيت ادور عليه هنا
اماء برأسه، وقد عادت نظراته نحوها تفحصها بتدقيق
– ولقتيه؟
هتف ، فمنحته الجواب سريعاً ترفع إليه الهاتف، وبنبرة جليدية، جامدة كان يصرفها متمتماً
– روحي أوضتك
اعتلى ملامحها الحرج، تلوم حالها على غبائها منذ البداية في إضاعة هاتفها، جرت قدميها دون النظر إليه،وفور أن دلفت الغرفة التي تقيم فيها مع السيدة ” سعاد”، أسرعت في إلقاء جسدها فوق الفراش تخفي وجهها بين كفيها وقد انسابت دموعها.
بكت لدقائق لا تعرف عددها، بكت على سنوات عمرها القليلة، وبكت على ألم يغزو قلبها ولا تعرف سببه، شعرت بتقلب السيدة “سعاد” فوق الفراش الذي يجاور فراشها؛ فاسرعت في مسح دموعها تؤنب نفسها على دراميتها وحسسيتها الزائدة حينا تكون معه.
ظل “جسار” واقف في مكانه، يُحدق بالفراغ الذي خلّفته خلفها، تنهد بضجر ، والتقط الملف الذي به بنود الحملة وعقدها وعلى ما يبدو إنها لم تلتقط شئ مما هو مكتوب به. 
……….
طرقات خافتة وصوت بكاء ضعيف كان يتردد داخل أذنيه، فتح عيناه بثقل يرفع رأسه قليلاً، ليُدرك الأمر سريعاً, فصغيرته تطرق باب غرفته باكية..،
اسرع في النهوض من فوق فراشه بعدما عدل من وضع
” فتون” وغطا جسدها.
فتح باب غرفته وقد اعتلى الذعر ملامحه وهو يري شدة إحمرار وجه صغيرته، انحني مجفلاً نحوها يلتقطها بين ذراعيه
– مالك يا خديجة، حببتي كفاية عياط
– سبيتني لوحدي يا بابي، وكذبت عليا
ضمها إليه يحتضنها بقوة، وقد اعتصره الألم..،والغضب أخذ يزداد داخله نحو فعلة ” شهيرة” ، فلم تُراعي سنوات عمر صغيرتهم
– حبيبت بابي، أنتِ عارفه بابي بيحبك أد إيه، يسيب كل الدنيا عشانك أنتِ
مسح لها دموعها بكفه، فعانقته الصغيرة بشدة وخوفاً من فقدانه كما أخبرتها والدتها.
التف خلفه بعدما أستمع لصوت ” فتون” الناعس , التي فور أن لمحت الصغيرة بين ذراعيه، أسرعت في إلتقاط ثوب نومها، اشتدّت الصغيرة في احتضانه.. فتحرك بها نحو غرفتها؛ فعادت الصغيرة لبكائها فتوقف في مكانه متسائلاً بعدما تعالت شهقاتها
– حبيبتي قوليلي عايزة إيه بس واعملهولك، ديدا بابي هيزعل منك
وبشهقات وكلمات متقطعه، كانت تخبره عن رغبتها في النوم بين ذراعيه، عاد بها نحو الغرفة وقد وقفت ” فتون” وسط الغرفة بمنامة محتشمة،
 أسرعت نحو الصغيرة حتى ترى ما بها ولكن نفور الصغيرة وحده ما تلقته، فمسحت فوق ظهرها تسألها برفق متُجاوزة كره الصغيرة لها
– الأميرة خديجة عايزة إيه وإحنا ننفذه ، بس المهم هي متزعلش
صمتت الصغيرة للحظات تدفن وجهها في عنق والدها، وقد اتجه بها نحو الفراش متسائلاً هو الأخر
– فتون قدمت عرض جميل يا ديدا، وحطت بابي في موقف وحش
واكمل مازحاً ينظر نحو تلك التي تسلبه فؤاده دون أن يعرف السبب، وقد لمعت عيناها بأمل أن تخبرهم الصغيرة برغبتها
– لأنكم لو طلبتوا أي حاجة حتى لو دلوقتي، هنفذها من غير نقاش
– إيه رأيك نروح بكره الملاهي يا ديدا
التمعت الفكرة في عينين ” فتون”؛ فالقتها سريعًا، ظنن منها إنها ستعجب الصغيرة.. ، التفت نحوها الصغيرة، فابتسمت
 ” فتون” على الفور ولكن تلاشت ابتسامتها, تستمع لطلب الصغيرة
– هي لاء يا بابي، مامي بس تيجي معانا
ابتلعت غصتها ونهضت من فوق الفراش تاركة الغرفة، ف
” خديجة” أصبحت تكرهها وهي التي كانت ترى فيها أشقائها الصغار،
تُحب حنان ” سليم” عليها، وكلما نظرت إليها تمنت أن تنجب طفله رقيقة مثلها.
اتكأت برأسها فوق طاولة المطبخ، تخبر حالها إنها الحقيقة التي تغافلت عنها ، هي زوجة الأب، هي الساحرة الشريرة التي ستسرق الأب من أبنته..
غفت الصغيرة مجدداً بعدما اطمئنت إنها اصبحت بين احضانه وهو جوارها، برفق وضع ذراعيها جانبها،
ثم نهض يبحث عن زوجته الصغيرة التي فرت هاربة تحبس دموعها.
اعتلت شفتيه ابتسامة حانية، بعدما وجدها داخل المطبخ… ، صغيرته الأخري وجدت ملاذها في المطبخ، مسح فوق شعرها برفق يهمس اسمها حتى يوقظها من غفوتها
– فتون
فتحت عينيها فور أن استمعت صوته، وبلهفة تسألت
– خديجة نامت، متخليهاش تكرهني يا سليم، أنا فعلا بحبها
أسرع في جذبها إليه، يدفن وجهها بحضنه، اشتد ارهاقه فقد وضعته ” شهيرة” في وضع كان يظن إنها أعقل من أن تسير نحوه. 
تنهد بزفرة طويلة، فالغيرة تحرق قلوب النساء بل وتظهر كيدهن مهما وصلت بهن حنكتهن وعقولهن
– خديجة مش بتكرهك يا فتون، خديجة خايفة تاخديني منها
وضحك وهي يتذكر وصف أبنته ، لتلك المرأه الشمطاء في الحكاية التي ترسخت في عقل صغيرته
– خديجة شيفاكي الساحرة الشريرة يافتون 
ابتعدت عن حضنه، تنظر إليه، فهل حقاً أصبحت بهذه الصورة، أم يمزح معها, داعب خديها بكفيه مازحاً حتى يقضي على ثقل تلك الليلة عليهما
– بس بذمتك في ساحرة شريرة حلوه كده، وعينيها بتزيد جمال كل ما كانت نعسانة
– خديجة شيفاني شريرة،أنا عملت إيه عشان تشوفني كده..، انا بحبها اوي وبحب حبك ليها
ابتسم مسترسلاً في تغزله لها
– خديجة بكره تحبك زي ما ابوها مبقاش شايف غيرك
استمر في مداعبتها بحديثه ولمساته، ظنن إنه سيتجاوز الأمر هكذا دون إستفاضة في الحديث، انسحبت من بين ذراعيه والسؤال الذي لم يرغب هو في سماعه تلك الليلة، هتفت به وقد رأي الإصرار في عينيها لتعلم الإجابة
– ليه خديجة اتغيرت معايا ؟ ليه شهيرة بتعمل معايا كده..، أنت قولتلي إن انفصالكم مكنش بسببي
فمسح فوق وجهه بارهاق، ودلك عنقه، متمتماً قبل أن يغادر المكان
– اكيد مش هنتكلم في المطبخ يا فتون
اتبعته حانقة من حالة الجمود التي يصبح عليها، حينا يكون الحديث عن حياته السابقه، دلفت خلفه غرفة مكتبه, فطالعها منتظراً إقترابها ،
خرجت زفراتها وهي تقترب منه، و دام الصمت بينهم للحظات
– لما اتجوزت أنا وشهيرة في البداية كانت علاقتنا، علاقة إعجاب وإفتنان،بالأصح كانت علاقة رغبة بتقودها الشهوة، هي لقت فيا الراجل اللي كانت عايزه، وأنا لقيت فيها الست اللي ترضى غريزتي
ورغماً عنه كان يصف لها تلك العلاقة، علاقة في الماضي لم يكن يراها بشعة، ولكن الأن أصبح يراها في ابشع صورة..، 
رغبة مقززة لمجرد إطفاء الشهوة، تلاقت عيناهم، فلم يجد داخل عينيها إلا الصدمة وبنبرة متعلثمة بعدما ازدردت لعابها تسألت
– يعني كل ست كنت بتتجوزها عشان كده..
بترت كلمتها الأخيرة، فابتسم وهو يلفظها إليها صراحة دون خجل
– ايوة يا فتون، مافيش راجل بيتجوز لمجرد علاقة عابرة، إلا لو كانت رغبته هي المتحكمة فيه، لا عيب بيكون في الراجل ولا الست مدام بيتجوزوا في الحلال
– شهيرة ست جميلة ومناسبة ليك، ليه محبتهاش
عادت عيناه تُعانق عيناها مع سؤالها، فتناول كفيها يحتويهما داخل كفيه
– أنا فعلا حبيت شهيرة، بس حب عن حب بيفرق يا فتون
طالع ملامحها التي بهتت من تصريحه، فابتسم وهو يشدّ أكثر فوق كفيها، مستطرداً
– حبي لشهيرة، مكنش لشهيرة نفسها.. ،حبي ليها كان جسد، مكانه، ست ناجحة، ست فيها كل المميزات اللي تبهر راجل زي، بيدور علي كل حاجة مميزة.. “وفي قانون سليم النجار” ، إنه ينول حاجة مقدرش يطولها غيره، لا وكمان تبقى في سريره. 
وتنهد أسفاً على ماضي يخجل منه
– شهيرة حبتني يا فتون، أي ست اتجوزتها قبل كده طرقنا افترقت دون راجعه، متعة بتخلص وفلوس بتتاخد مقابل، لكن شهيرة كانت غيرهم
ولأنها أمرأة, كانت تشعر بمشاعرها..، شعرت بكفه تسير ببطء فوق كفها، فرفعت عيناها إليه، انتظرت منه أن يُكمل حديثه، ولكن ضوء الصباح، بدء يشع أشعته الخافتة داخل الغرفة
– خلينا نطلع اوضتنا وبليل نكمل كلامنا
ظهر الحنق فوق ملامحها، ومدّت شفتيها دليلاً على تذمرها، ليري لأول مرة جانب اخر منها، فعلي ما يبدو أن الحديث وسبر الأغوار يأخذهم لطريق أخر، شكر داخله تلك الطبيبة التي أعطته بعض النصائح من أجل خلق حوار بينهم
– أنت مكملتش ردك على سؤالي، ليه محبتش شهيرة، وليه افترقته زمان..
وأصبحت الجلسة مزيد من الأسئلة، اسرع في جذبها إليه يُسكتها باكثر الأشياء تفضيلا لديه، بل ويقتنص الفرص..،
ابتعد عنه يتأمل ملامحها التي ازدادت تورداً
– كل يوم نعمل حلقة عن مغامرات سليم النجار
والاقتراح أعجبها بشدة، ليكتشف أن زوجته الصغيرة لا تحتاج إلا سوي المزيد من الأحاديث التي تجعلها تشعر بوجودها داخل حياته. 
………
نظرت للأغراض التي ملئت غرفتها وعلامات الدهشة ارتسمت فوق ملامحها، طالعت السيدة ” سعاد” سعادتها مبتسمة
– كل الحاجات ديه بتاعتك يا بسمة، جسار بيه بعتهم ليكي
رفرف قلبها وهي تستمع لاسمه، تتسأل داخلها هل حقاً يهتم لأمرها؟
أسرعت في نفض رأسها وصوت السيدة ” سعاد” يتردد
– بيقولك اجهزي لأن في واحدة جاية تقعد تدردش معاكي شوية
عادت الدهشة تعتلى ملامحها، ولكن تلك المرة دهشة يصحبها القلق، فلما يجعلها تُقابل ضيوفه وما هو الحديث الذي ستتحدث به معها؟
– اقابلها، طيب ليه.. هو في حاجة حصلت؟
تسألت مستفهمه، فنفت السيدة ” سعاد” معرفتها بالأمر،
وقد علقت عيناها بثوب جميل سرعان ما اجتذبته تعطيه لها
– خدي البسي يا بسمة، ويلا بسرعة قبل ما الضيفة تيجي
ارتدت الثوب الأنيق، لتعود السعادة لعينيها، فكم تمنت لليالي أن ترتدي ثوبً جديداً غير باهت اللون ومن الأسواق الخاصه بالثياب المستعملة
– الفستان جميل اوي، ومعاه كمان جذمته والطرحة، عندها حق ملك تقولي عليه إنه كريم وشهم
خاطبت حالها تنظر  لهيئتها بالمرآة، وأحاديث عدة اخبرتها بها
” ملك” تخترق أفكارها.
انتبهت على طرقات السيدة ” سعاد” تستعجلها للخروج، ف السيد ” جسار” ينتظرها قبل قدوم الضيفة المجهولة.
أسرعت في وضع حجابها، تنظر لملامحها بأسي، وقد اختفت تلك السعادة التي ارتسمت فوق ملامحها منذ للحظات، فكيف لها أن تنسى إنها عالة هنا في هذا البيت وعليه. 
خرجت بملامح باهتة ، وفور أن دلفت للغرفة، رفع “جسار” عيناه نحوها متمتماً بحشرجة
– قربي يا بسمة
طالعته في صمت وهي تتقدم منه ، فما الحديث الذي يُريده معها قبل قدوم ضيفته، ومن ملامح “جسار” الجامدة خشيت أن يكون حدث شئ
– جسار بيه، هو في حاجة حصلت
واسرعت في وضع كفها فوق شفتيها متمتمه بذعر
– هو عنتر متنزلش عن المحضر اللي قدمه فيا، والله أنا مظلومه 
– بسمة، موضوع عنتر انتهى خلاص
هتف عبارته, ناهضاً عن مقعده، مشيراً نحو تلك الأريكة القابعة في احد أركان الغرفة
– اقعدي يا بسمة، عايز اتكلم معاكي شوية
طالعته بتوتر بعدما جلست فوق الأريكة ورأت نظراته الفاحصة إليها بثوبها الجديد، تنحنح بهدوء واشاح عيناه بعيداً عنها، بعدما وجدها تقبض بكفيها فوق ثوبها. 
جلس فوق المقعد القريب منها، فانتبهت على فعلتها فاسرعت في إزالة كفيها عن الثوب 
– شكراً على الفستان، قصدي على كل حاجة جبتها 
واردفت بباقية عبارتها بعدما اطرقت رأسها أرضاً
– بس انا مش محتاجة كل ده 
– بسمة، عايزك تسمعيني كويس، موضوع الهدوم نبقى نتكلم في بعد كده
قطع عبارتها بفظاظة ، فعلقت عيناها به ..،ثواني من الصمت، ثم اتبعها الحديث الذي يُريد وضع نهايته وعقده. 
استرسل في حديثه، والحديث لم يكن إلا مصلحة يتبعها قانون ” الاستفادة لكلا الطرفين “.
استمعت، واستمتعت لكل كلمة تخرج منه، ثم وقفت مبهوتة الملامح ، غير مصدقة أن كرمه، وإستضافته لها في بيته وضيوفه الذين اجلسها معهم ما هم إلا شركاء في بنود صفقة يتم وضعها.. ، 
فقد كانت البدايه معه غرضاً ولكن لم يكتمل وطلق زوجته، أما الأن غرضه في نجاح عمله
– هتكوني أنتِ المستفادة يا بسمة، هتدخلي الجامعه، بيتهيألي ده كان حلمك اللي اتحرمته منه
اخترق حديثه أذنيها كحال ما سبق
– هطلع قدام الناس احكي حكايتي
بنبرة مهتزة سألته عما أخبرها به منذ لحظات، لعلها خانتها أذنيها في سماعه
– لازم يكون في مصداقية مع الناس يا بسمة
– الناس هتعرف اسمي وتشوف صورتي
والإجابة كانت ب ” نعم”، فهذا هدف حملتهم، أن يعرف الجمهور كل شئ حتى لا يظنوا إنها حملة وهمية
– طيب لو رفضت
والجواب كان قاسي عليها، قاسي على قلبها الذي عشقه منذ تلك اللحظة التي وقعت عيناها عليه، ثم معروفه معها
– لو رفضتي، اكيد كل اللي بقدمه ليكي هينتهي يا بسمة ، وجودك في بيتي عشان الحملة الدعائية وعشان اكون كريم معاكي هديكي فلوس وتبعدي عن طريقي, لأني مش مستعد اتحمل مشاكلك اكتر من كده
وبنبرة بادرة جامدة أصابت قلبها، اتبع حديثه 
– مافيش حاجة تربطني بيكي يا بسمة، المعروف وانا قدمته ليكي كذا مرة.. 
………..
نهض مرحباً بزوج أخته ” مهيار”، الذي فور أن دلف غرفة مكتبه تمتم معاتباً
– اسمع إنك اتجوزت بالصدفة، طيب كنت استنى لما ارجع من السفر 
حضنه ” كاظم” رابتً فوق ظهره
– صدقني الموضوع جيه بسرعة يا اشرف، أنت عارف مكانتك عندي إزاي
ابتسم ” اشرف” بعدما ابتعد عنه، وهتف مباركاً له بسعادة حقيقية
– مبروك يا كاظم، حقيقي أنا مبسوط إنك اخدت الخطوة ديه، رغم اللي سمعته من العيلة الكريمة مبشرنيش بالخير
” والعائلة الكريمة” لم تكن إلا زوجة والده السيدة ” منال” و والده السيد ” جودة “، و أخته “مهيار” المتقلبة المزاج حياله
ضحك ” كاظم” بعدما أستمع لوصف زوج أخته، فاردف اشرف متسائلاً
– قولي بقى يا سيدي العروسة حلوة
تجاوز ” كاظم” سؤاله 
– تحب تشرب إيه يا أشرف 
– قهوة مظبوطة
هاتف سكرتيرته، حتى تجلب له فنجانين من القهوة، وجلس قبالة” أشرف” يسأله عن سفرته الأخيرة ومتى أتى ، وهل سيتستقر بمصر أم تعب من الغربة
– انا لو عليا مش عايز ارجع مصر تاني، بس اعمل إيه في أختك، طول ما هي ماشية ورا امها حياتنا هتفضل كده، كل واحد فينا في بلد
امتقع وجه ” كاظم” عندما أتي ذكر اسم تلك المرأة
– منال هانم، عايزه ولادها حواليها..
ثم تمتم حامداً الله، أن إخوته لم يورثوا طباعها لا هي ولا طباع جودة النعماني 
–  الحمدلله إنهم مورثوش طمعها، وبيحبوك يا كاظم
ثم اعقب عبارته هاتفاً
– لكن الزن على الودان.. ، أمر من السحر  
توقف الحديث بينهم، عند دلوف سكرتيرته ووضعها لفنجانين القهوة أمامهم،
انصرفت السكرتيرة، واغلقت الباب خلفها، فعاد “أشرف” لحديثه 
–  العمر بيجري يا كاظم وانت داخل على الأربعين خلاص ، قضيت عمرك كله عشان تثبت لجودة النعماني إنك أقوى منه , واه انتصرت في صراعك وبقيت الأغنى والأقوي.. 
ساد الصمت للحظات وقد احتلت القسوة ملامح “كاظم”
– جيه الوقت اللي يكون ليك وريث يا كاظم 
وقف قبالة والده، وقد غامت عيناه بالحزن وهو يستمع للطرف الأخر عبر الهاتف.
أنهى “عزالدين” مكالمته، ثم اطرق رأسه لا يستوعب حتى الأن..، أن صغيرته ومدللته القريبة لقلبه تخون ثقته في بلد جعلها تذهب إليها من أجل الوصول للعلم وليس الخزي الذي جعلته يحمله اليوم فوق كتفيه. 
طالعه “رسلان” وقد تأكد هو الأخر أن شقيقته لا تهذي بالكلام، إنما ما تخبرهم به هو حقيقة
– أختك طلعت متجوزاه يا رسلان، اتجوزوا في أسبانيا، وقضوا اسبوع ورجعوا علي اليابان، اختك اللي مستنيها ترجعلي بشهادتها عشان افتخر بيها قدام الناس، حطيت راسي في الأرض
تمالك “عزالدين ” دموعه ونظر إلى ولده بقلة حيله, وقد ظل يسرد إليه ما أخبره به أحد رجاله ، ثم هوي بجسده فوق الأريكة خلفه ، يحاول إستيعاب ما وضعته به أبنته، فانحني صوبه ” رسلان” يُحاول تهدأته
– خلاص يا بابا اللي حصل حصل، وهي اتجوزته بعقد مدني والولد من نفس الديانه، نحاول نتواصل معاه وينزل مصر ويتجوزها بعقد شرعي وقدام الناس ونصلح المهزله ديه
– فات الأوان يا رسلان 
تعالت ملامح الدهشة فوق ملامح “رسلان”، فرفع “عزالدين” رأسه نحوه
– هنصلح إيه، الولد مات..، يا رسلان 
.. ……….
صرخت “ميادة” بقهر ، وهي تستمع لسَبَّاب والدتها ، وحديثها الذي لا يتوقف عن عارها..، لم تتوقف عن إخبارها أن زواجهم كان لمجرد خوفها منها هي خاصة، بعدما لمحت إليها لمرات عديدة إنها اختارت لها شريك حياتها ولن تقبل بتزويجها إلا بمن أقرب مكانه إليهم
– كفاية يا ماما، كفاية حرام عليكي
رمقتها ” كاميليا” بقسوة، بعدما لطمت فوق فخذيها
– أقول إيه للناس اللي كانوا مفروض يزورونا النهاردة، اقولهم إيه معلش، بنتي المهندسة العظيمة اللي مستنياها تاخد الدكتوراه من بره، رجعالي متجوزه، وإحنا أخر من يعلم
ضمتها “ملك”  إليها  ، فالوضع لا يحتمل اي حديث منها.. 
 خرج ” عزالدين” من غرفة مكتبه يتبعه “رسلان”، فهرولت “كاميليا ” إليهم، لعلا ما أخبرتها به ابنتها مجرد كذبه..
– عزالدين، طمني بنتك بتكدب علينا، عشان العريس
تعلقت نظرات “عزالدين” بأبنته، وقد نهضت هي الأخرى واقتربت منها على أمل أن يكون معشوقها بخير
– بِنتك كانت متجوزاه فعلا يا كاميليا، والولد كان دكتور جامعي بيدرس ليها وبيشرف علي رسالتها، وكان فعلا حاجز تذكرة الطياره عشان ينزل مصر، بس عمل حادثه وفضل في العنايه فتره في غيبوبة 
انسابت الدموع فوق وجنتي “ميادة” ف “رايدن” لم يخن معها العهد الذي أتفقوا عليه، تمتمت برجاء وتوسل
– خليني اسافرله يا بابا، وبعدين اعمل فيا كل اللي أنت عايزه
لم تتحمل ” كاميليا” وقاحتها، فاسرعت نحوها, ترفع كفها عاليا حتى تصفعها
– جوز بنتك مات النهاردة الصبح يا كاميليا
ورغم السعادة التي ارتسمت فوق ملامح ” كاميليا” إلا أن صرخة ابنتها ثم سقوطها أرضاً، وصراخ “ملك” باسمها.. ،جعلها تهتز داخلها وهي ترى “رسلان” يحمل شقيقته صاعداً بها نحو غرفتها. 
الخيبة وحدها ما كانت مرتسمة فوق ملامح “رسلان” من شقيقته، إلا إنه كان يتمالك حاله بعدما فاقت وأخذت تبكي غير مصدقة إنها فقدت الرجل الوحيد الذي احبته، مُعلمها الوسيم كما كانت تخبره في كل لحظة كانوا يجتمعون بها..
كانت عينين “ملك” لا تحيد عنهم في تعاطف على حال صديقتها التي أخفت عنها وما اقترفته في حق نفسها، تمتم
” رسلان” بخيبة لم تخفي عليها
– أنتِ يا ميادة تعملي كده، كنتِ قولتيلي، او قولتي لمحمد..، كنا هنقف معاكي وندعمك
طالعته بدموع اغشت عيناها والألم ينهش فؤادها
– وقفوا قدام حبك رغم إن ملك اتربت وسطينا، فتفتكر كاميليا هانم كانت هترضي بقصة حبي
تجمدت عيناه نحو تلك التي طالعته بألم، ثم انسحبت من الغرفة، وسنوات الماضي قد عادت إليها بأدق التفاصيل 
……….
لقد طالت اللحظة التي انتظر فيها جوابها،حدق بها وبتلك الدموع التي علقت بعينيها، ولا يعرف تفسيراً لها،
 إنها يضع أمامها حياة كريمة، حياة ستنال فيها كل ما افتفدته.. ، ف الحملة يوماً ما وسينساها الجميع لكن ما يعرضه عليها ستجني منه مستقبلاً، رمق الوقت الذي اهدره في إنتظار سماع جوابها
– بسمة، في غيرك ممكن يقبل العرض، وباقل شئ ممكن يوافق.. اتمنى أسمع ردك دلوقتي لأن مافيش وقت معايا..، والحملة لازم إعلانتها تنزل على مواقع التواصل الاجتماعي
اغمضت عينيها بعد حديثه ، تشرد في حياتها وما علمته للتو منه.
لقد جاء “فتحي” شقيقها يبحث عنها وذهب إليه ولولا المال الذي يلهث خلفه شقيقها ما كان تركها او رحل من هنا..، والحقيقة التي كل يوم تكتشفها إنها لا شئ في الحياة.
نهض “جسار” من أمامها بعدما ضجر من الأمر ، وقد أراد أن يُنهي نقاشه ويحسم وجودها في منزله وموعد رحيلها والمال الذي سيمنحه لها حتى يتخلص من وجودها بحياته، كل هذا أنتهي في كلمة واحدة منها
– موافقة
ابتسم “جسار” وقد اجتاحه شعور الشفقة نحوها، وهو يراها تطرق عينيها أرضاً.. ،تنهد بضيق فليست من طباعه إحتواء أحداً وخاصة بعدما اعادته “جيهان” لتلك النقطة التي تخطاها مع ” ملك”
– بسمة، الضيفة اللي هتيجي تتكلم معاكي النهاردة، هتحب تعرف تفاصيل كتير عن حياتك وإزاي اتحديتي الظروف ..، قصتك هتكون ملهمة لناس كتير يا بسمة
فرفعت عينيها نحوه، تزدرد لعابها
– حاضر يا جسار بيه
بعد دقائق كانت تدلف سيدة جميلة أنيقة، خرج هو حتى يعطيها مساحة في الحديث، كما إنه سيقرء التقرير الذي سيتم إعداده بعد الإنتهاء .
سردت “بسمة” للسيدة الجالسة قبالتها بعملية كل ما كانت تسأل عنه ، كانت حكايتها حكاية تحياها نماذج كثيرة، هي تتقبل حكايتها ولكن حينما وضع هو في حكايتها كانت تتجرع مرارة الحقيقة التي يُخبرها بها عقلها
” أن حبها الذي أصبح يتوغل في قلبها لهذا الرجل، حبً مستحيل وبعيد”
انتهت الجلسة ، فخرجت “بسمة ” من الغرفة بملامح حزينة بعدما تذكرت كل ما حُرمت منه وعانته على يد شقيق لا يعرف الرحمه
– أختيارك ليها من وسط البنات اللي رشحناهم، كان أمثل اختيار  يا فندم، هنبدء فوراً في التنفيذ بس طبعا هنحتاج وجودها في الشركة عشان تحضير الإعلان الترويجي 
…………
دلفت السيدة ” سعاد” خلفها، بعدما أخذها الفضول لتعرف ما سبب وجود تلك الضيفة، التي غادرت بعد دقائق من تركها للغرفة، ولكن السيدة ” سعاد” وقفت في مكانها مصدومة من هيئة ” بسمة” الباكية وقد ضاع فضولها وهي تهرول نحوها تسألها 
– مالك يا بسمة، هو حصل حاجة ضيقتك يا بنتي، هو أنا شكلي حسدتك ولا إيه لما شوفت الفستان جميل عليكي
حاولت “بسمة” الاعتدال من فوق الفراش، ومسح دموعها، فقد أخرجت كل ما يعتلى فؤادها وانتهى الأمر
– انا كويسه يا خالتي، متقلقيش
ابتسمت السيدة “سعاد” وهي تراها تمسح دموعها، فاقتربت منها  تضمها إليها بعدما جلست فوق الفراش جوارها
– خالتك سعاد هتسيبك لحد ما تهدي وتيجي تحكيلها، مش يمكن تلاقي عندي اللي يريح قلبك يا بنتي ، ويلا قومي معايا خلينا ناكل، ده أنا وعمك جميل مستنينك تتغدى معانا
عادت الدموع تلمع في عينيها، فاسرعت السيدة “سعاد” في جذب يدها حتى لا تجعلها تعود لبكائها
– عمك جميل جاع وممكن في لحظة نلاقي هنا في الأوضة
…………
أراد أن يجرب سياسته التي كانت تحصد له ما يُريد من النساء، ولكن مع “خديجة النجار” كانت قوانينه ضائعة،
لقد أعطاه   ” كاظم” فرصة في بقاءه هنا لبعض الوقت، وها هو ينفذ سياسته…
تجاهلته في البداية كلما كان ينظر إليها،  تنظر نحو الملفات وتتحدث مع الجالسين بعملية..، إنها بالفعل سيدة أعمال ناجحه، هو فخور بها ولكنه لا ينظر إليه بتلك الصورة،
هو لا يراها إلا بين ذراعيه في فراشه.. ،
 قضم شفتيه وهو يُحادث نفسه, بالمزيد من الصبر والصمود حتى تلين هي، فقد اعطته إشارة أمل بعدما طلبت وجوده في إيطاليا ما دام “كاظم” لن يأتي بدلاً عنه.
انتهى الأجتماع ونهض عن مقعده بعد الأتفاق نحو كل شئ، ومثلما فعلت هي كان يفعل، تجاهلها بعدما اعطي الأوامر لمدير مكتبهم هنا في إيطاليا, وغادر الغرفة دون الالتفاف خلفه مع ابتسامة واسعة ارتسمت فوق شفتيه.. ،فالمرأة الحديدية كما يُلقبها نزلت عن عرشها بعدما غادر أعضاء مجلس الأدارة والشركاء وانتظرت أن يُطالعها ويقترب منها بلهفة مثلما كان يفعل من قبل.
اتجهت نحو غرفة مكتبها بوجه عابس، وعندما دلفت خلفها مديرة مكتبها تُعطيها تقرير اليوم ، التقطت حقيبتها 
– ألغى كل مواعيدي يا جيداء
و “جيداء” وقفت مصدومه من قرار رئيستها المنضبطه في عملها. 
استقلت سيارتها، تجلد ذاتها نحو تلك المشاعر التي أصبحت تنتابها ولا تُفسر إلا شيئاً واحداً، إنها لم تعد تتحكم في غريزتها. 
– فوقي يا خديجة، فوقي من اللي أنتِ فيه وحساه، مش كفاية بدل ما تسعي ورا رحيله من هنا وتعيدي توازنك من تاني، اقتراحتي علي كاظم يخليه بديل له، ما دام مش هيقدر يجي إيطاليا ..
والمبررات كان يمنحها لها عقلها، حتى يعفيها من الخزي
– لا أنا معملتش كده, غير عشان الشغل 
– أنتِ كدابة، أنتِ بتضحكي علي نفسك
توقفت بسيارتها عند إحدى إشارات المرور، مدَّت يدها جوارها حتى تلتقط زجاجة المياة وترتشف منها، ولكن كل شئ كان يُعاندها.. ،وقعت عيناها عليه وهو يتجه نحو أحد المطاعم ثم جلس في إحدى الطاولات المطلة نحو الطريق.
انفتحت إشارة المرور، وبدلاً أن تُكمل طريقها نحو منزلها..، كانت تدور بسيارتها نحو الجهة الأخرى بل ونحو طريق اللاعودة. 
………….
ودعت ” أحمس” أمام بوابة الجامعة..، بعدما طلب منها مازحاً للمرة الثانية أن تتذكره عند زوجها السيد ” سليم” المحامي الشهير سابقاً ورجل الأعمال حالياً ،
هي بالفعل تتمنى أن يوافق “سليم” علي إعطاءه  تلك الفرصة، غير أن ” أحمس” شاب مكافح وضعت والدته كل أحلامها به و دوماً كان شقيق لها ول جنات ..
توقفت السيارة التي خصصها لها ” سليم”، فصعدت على الفور وقد بدأت تعتاد حقاً الدلال والحياة المرفهة التي يغمرها بها.
عادت للمنزل فاليوم لم يكن لديها تدريب بشركة المحاماه لتأخر محاضراتها..، ابتسمت لها السيدة “ألفت” فور أن دلفت من باب المنزل
– سليم بيه، جوه في مكتبه.. جيه من ساعة ومستنيكي تتغدوا سوا
اعطتها السيدة “ألفت” تقريراً صغير، ومن نظرتها كانت تري فيها أمً تخاف علي حياة أبنتها.. ،اماءت لها برأسها مبتسمه واتجهت نحو الغرفة تطرقها برفق، ثم دلفت بعدما سمح للطارق بالدلوف. 
ابتسم بحنان عندما رأها ونهض عن مقعده يفتح لها أحد ذراعيه، يدعوها للأقتراب منه
– تبلغني فوراً، أول ما ترجع من السفر 
لم تهتم بحديثه الذي أنهى به مكالمته، بل كانت لا تشعر بشئ إلا حضنه الذي غمرها داخله
– جيتي أمتي يا حببتي
رفعت عينيها نحوه، تنظر إليه بحب عاد يستوطنها كما استوطن قلبها من قبل
– لسا واصله
ابتسم وهو يري نظرتها المحبة إليه، يتحسس خدها بكفه
– أنا وخديجة مستنينك عشان نتغدا سوا 
– هطلع اغير هدومي وأنزل علطول
ابتعدت عنه حتى تُسرع من تبديل ثيابها، والتفت بجسدها مغادرة ولكن توقفت مكانها، تستمع لأخر شئ كانت تنتظره من
” سليم النجار”، الرجل الذي تُحاوطه كل رفهيات الحياة، الرجل الذي كان قديماً عابث بجدارة
– صلي فروضك يا حببتي، تمام
لم تشعر بقدميها وهي تعود إليه، تدفن حالها بين ذراعيه. 
ابتسم.. ، بعدما انسحبت من احضانه دون حديث، وعندما اغلقت الباب خلفها..، وقف يتنهد براحه، ثم عاد الغضب يرتسم فوق ملامحه وهو يتذكر فعلة “شهيرة” بصغيرته ثم سفرتها في رحلة عمل وكأنها تتهرب من لقاءه تلك الفترة. 
………..
أشارت الصغيرة لمربيتها برأسها متذمرة عن جلوسها فوق المقعد الذي اعتادت الجلوس عليه
– أنا عايزه بابي
خرج “سليم” من غرفة مكتبه على صوت صغيرته، فنظر للمربية حتى يفهم ما بها صغيرته
– والله يا سليم بيه، مش عارفه مالها
اقترب من صغيرته وانحني نحوها، يسألها عن سبب عبوسها، وعندما علقت عينين الصغيرة نحو “فتون” التي أتت نحوهم بابتسامة واسعة, ولكن سرعان ما تلاشت من فوق ملامحها وهي تستمع لصياح الصغيرة
– بابي متخليهاش تاكل معانا، خليها تمشي يا بابي
التف ” سليم” خلفه، حتى يفهم ما تتحدث عنه صغيرته، فتجمدت ملامحه وهو يري ” فتون” واقفة خلفه باهتة الوجه من حديث الصغيره، فعاد ينظر لأبنته مُعنفاً
– خديجة عيب كده
هرولت الصغيرة صاعدة, نحو غرفتها باكية ومربيتها تتبعها، لم يتحمل سماع بكائها فاسرع خلفها بعدما عانقت عيناه عينين الواقفة بأسف.
سقطت دمعتها، لقد كانت سعيدة منذ لحظات، وهذا ما تخشاه دوماً أن تزول أي سعادة تقتحم فؤادها. 
انسحبت هي الأخرى من المكان  نحو غرفتها، ولكن وقفت مكانها وهي تراه عائد بالصغيرة ، يمزح معها وتعانقه ضاحكة، متسائلة عن رحلتهم الجميلة هو وهي وحدهم. 
تبدلت ملامح الحزن علي وجهها وهي ترى سعادة الصغيرة
– ديدا لما بنعمل حاجة غلط ونقول كلمة وحشة، لازم نعمل إيه 
هتفت الصغيرة دون النظر نحو “فتون”
– بنعتذر يا بابي، عشان ربنا يحبنا
ازدادت سعادة “فتون” وهي تستمع للصغيرة، التي مازالت داخل أحضان والدها
– يلا قولي ل فتون، أنا أسفه
ورغم هتاف الصغيرة للعبارة حانقة، إلا إنها وصلت لقلب “فتون”، واسرعت نحوها تُقبلها 
لم تنظر نحوها الصغيرة، وازدادت سعادتها اكثر وهي ترى والدها يُجلسها فوق ساقيه ويُطعمها ويُدللها.
جلست تتناول طعامها بينهم بملامح سعيدة، وعيناها تُعانق كل شئ صغير يفعله..
انهت الصغيرة طعامها واسرعت لمربيتها حتى تغسل لها يديها، فابتسم بحب وهو يسمع هتافها 
– هغسل ايدي بسرعه يا بابي, وارجعلك
وعاد ينظر لصغيرته الأخرى، التي لم تمس طعامها بل ظلت تنظر له ولأبنته، انحني صوبها يهمس لها
– هنتعشا النهاردة في اوضتنا سوا
وابتسم وهو يراها تغمض عينيها، بعدما حرك خده فوق خدها وقد دغدغتها لحيته
– برنسيس فتون مأخدتش حقها النهاردة في الدلال، وأنا راجل عادل 
وبقبلة خاطفة وضعها بالقرب من شفتيها، كان يُنهي حديثه قبل أن تعود إليه صغيرته، فالصغيرة لا تُريد لأحد أن يشاركها في والدها 
………..
وقفت أمام المرآة تُجفف خصلاتها، وقد اتخذت قرارها..، ستعود لعملها، ستعود لجنات القوية وليس تلك التي بحثت عن مشاعر الحب..، لن تجعله يهزمها مجدداً ولن تصبح مجرد عاهرة في فراشه.
كانت شاردة في أفكارها ولم تشعر بوجوده ولا قربه وهو يقف خلفها وقد اصبحوا صورة منعكسة، نظرته كانت خاوية، وأفكاره كانت تتضارب برأسه، طوق خصرها بذراعيه..؛ فانتفضت مذعورة من أثر لمسته ونفضته عنها
– أوعى تلمسني تاني، أنا عمري ما هكون مجرد متعة ليك في سريرك
ولكن ” كاظم” كان حاسم الأمر بل وراغب أيضاً، تقدم منها ثانية يجذبها إليه
– هوس، مافيش ست محترمه ترفض جوزها 
– ده لما تكون العلاقة بينهم صح، زوج وزوجه بجد.. 
– وإحنا إية يا جنات؟
تاهت في نظرته وتلك اللمسة التي استباح بها جسدها، انصاع القلب للحظات ولكن عقلها أخذ, يُذكرها بما فعله بها وما فعلته بحالها
– ابعد عني، أنت كسبت وأنا خسرت، أنا كنت فعلا غبية لما وقفت قدامك…
اسكتها بطريقته، فلم تشعر إلا وهي تغرق في قبلاته التي سلبت أنفاسها.. ،اتجه بها نحو الفراش فقد باتت محاولتها في التخلص من أسر ذراعيه ضعيفه.. ،
جعلها عطشة لتجربة أخرى معه..، تجربة تعلم تماماً إنها ستستيقظ بعدها؛ لتُهان كرامتها أسفل قدميه.. ،وكلما حاولت محاربة ضعفها وضعف قلبها، كان يعود بها مجدداً للغرق بين ذراعيه، وبتعلثم كانت تخبره 
– مأخدتش الحبوب 
وهو وكأنه لا يسمع، أخذها في رحلة طويلة تمنى فيها حصاد ما يرغبه ..، سيجعلها تحمل طفلاً ثم تنتهي تلك العلاقة التي تجمعهم.. ،أما هي كانت تبادله ما تظنه حباً يجمعهما. 
اقتباس من القادم 
*****
نظرت إليه وقد توهج بريق عينيها وضاعت جميع قراراتها وعاد القلب يخفق من جديد دون أن يرحم صاحبته، عادت تنظر إلى المحتوى الترويجي للحملة صوت وصورة..،
لم تظهر ملامحها بل جعلها مشوشه حتى اسمها كان مجرد اسم وهمي..،
ظهرت للجمهور بالفعل ولكن بهوية مخفية،
 فالحملة مؤمنة باحترام المرأة وتقديرها،
 بضعة عبارات تم إقتناءها بعناية، بدء بها الإعلان الترويجي ثم بعدها بدأت الحكاية وانتهت ب دعم الشركة لنماذج أخرى مستقبلاً ، انتشر الإعلان الترويجي بقوة، فالحكاية وصلت للناس لصدقها
– جسار بيه، أنا كنت فاكرة إنك مرضتش اروح الشركة ونصور الإعلان هناك، عشان يعني حضرتك مكسوف من وجودي في شركتك
هتفت عبارتها بتعلثم وخجل عما ظنته به بعدما رفض ذهابها لشركته ، فابتسم إليها متفهماً سوء ظنها…, 
 ارتفعت دقات قلبها وهي تري ابتسامته
– ديه رغبتك يا بسمة ولازم تُحترم، والموضوع مخسرش الحملة  حاجة، بل بالعكس الناس اتبسطت جداً من الطريقة ديه
اتسعت ابتسامتها وبعدما ظنت إنها فاقت من حبها لهذا الرجل، عاد قلبها يمنحها حلم أخر  ولكنه كان مسكين
– مع بداية السنة الجديدة، هتبدأي دراسه في كلية التجارة..، وهتشتغلي عندي في الشركة
نهضت عن مقعدها وقد لمعت عيناها من فرط السعادة، ولكن كل شئ اختفي ولم تبقي إلا المرارة تتجرعها
– للاسف مقدرش اشغلك في أي مكان عند معارفي، مش ناقص مصايب تاني ولا اخوكي يظهر ويعملي مصيبة ، فمضطر اخليكي تحت عيني وأنتِ وشطارتك يا بسمة تثبتي نفسك ليا، أنا مش بتهاون في الشغل
تنهدت بألم وهي تري حالة صديقتها بعدما عانقت الوسادة باكية ولسانها يُردد وكأنه يُقنع صاحبته إنها ليست إلا الحقيقة..،
لقد مات ” رايدن” وتركها بمفردها بعدما حلموا بكل شئ معاً، بل وكان الأمر أكبر بينهم..، لم تصل علاقتهم للنقطة الأخيرة، ولكنهم وصلوا معاً لنقطة أكبر وأعمق..، نقطة رسخت داخلها.
انسابت دموعها بمراره بعدما استمعت لصوت إغلاق الباب وقد انصرفت “ملك” من الغرفة بعد أن دثرتها
والمقتطفات تعود إليها
” لا استطيع رايدن، انتظر حتى نُعلن زواجنا”
يتذمر قليلاً بعدما يبتعد عنها ناهضاً، وقد نزعته من لحظة الكمال التي يعيشاها معاً ، ولكن فور أن تتعلق عيناها بعينيه ويري أسفها..، يُعانقها متناسياً كل شئ، متمتماً
” لا بأس حبيبتي ، سانتظر”
عادت الحرقة تخترق فؤادها، بعدما اقتحمت الذكريات قلبها..، تتسأل داخلها ما الخطأ الذي فعلته حتى تضيع سعادتها..، لقد اختارت الحب، اختارت أن لا تكون حكاية أخرى بائسة مثل شقيقها . 
دلفت ” ملك” غرفتها بملامح مُرهقة، فتعلقت عيناها بعينين “رسلان” الذي رمقها للحظات، ثم عاد يغمض عيناه متسائلاً
– نامت
اقتربت من الخزانة تلتقط منامتها، وهي حزينة علي حال صديقتها، ثم هزت رأسها نافية.. 
زفر أنفاسه واعتدل في رقدته وأقترب منها، فانتفخت عروقه غضبًا وهو يتذكر ما مروا به اليوم
– الموضوع صعب علينا، مش علي الهانم، لحد دلوقتي مش قادر أصدق إنها تعمل كده في نفسها وفينا..، تتجوز من ورانا ليه؟
طالعته في صمت، ولكن عينيها كان بهما حديثًا أخر..
– عايزة تقولي إيه يا ملك، إن إحنا السبب!
وكأنها كانت تنتظر سؤاله، حتى تجيبه بحقيقتهم التي أصبحوا عليها
– ميادة مش لوحدها الملامة يا رسلان، انتوا كمان مذنبين زيها
والرد كان يخرج من شفتيه في ذهول، يُشير نحو حاله غير مصدقًا.. ،أن شقيقته التي تحظى علي كل شئ, ويضعونها في مرتبة عالية، ويروها لا تُخطئ وعقلها دوماً يفوق سنوات عمرها.., “ميادة”.. ،الطموحة
“ميادة” .. ،التي لا تبحث إلا عن التفوق..، ميادة التي لم تميل لمشاعر الهوى ..
– إحنا يا ملك
– أيوة يا رسلان أنتوا، طول عمرها هي اللي بتحاول تقرب منكم..، تظهر ليكم ميادة اللي أنتوا عايزين تشوفوها وفخورين بيها.. ،لكن عمركم في يوم ما شوفتوا ميادة نفسها عايزة إية
احتدت عيناه رغماً عنه وهو يسمعها..
– يمكن أنت اقل واحد فيهم مذنب يا رسلان
وعلقت عيناها به وهي تري نظراته نحوها
– محمد طول عمره بعيد عنكم، وأنت في الأول كنت بعيد عشان توصل لحلمك لكنك بعدت من التاني ..، عمي عزالدين بقى مشغول طول الوقت وطنط كاميليا بعد ما كنت بتمنى اكون ست زيها في يوم.. مظاهر الحياة اخدتها ومبقتش بتدور غير إزاي تكونوا فوق ديما، مهما كان التمن
والتمعت عيناها بالدموع وهي تتذكر رفضها لها، رغم إنها كانت تراها فتاة مميزة
– والدتك موفقتش ولا سعيت علي جوازنا غير عشان ولادك و ولاد مها يا رسلان..، حبها ليك ولأحفادها اجبرها إنها ترجع ملك من تاني لحياتكم ..
اقترب منها ، بعدما بدء يشعر برجفة جسدها
– مش قولنا نحاول ننسى الماضي يا ملك
انسابت الدموع فوق خديها، وهي تتذكر نظرات ” كاميليا” لها ، بأنها من شجعت ” ميادة” ، فلا احد يعلم باسرار أبنتها إلا هي ..
ارادت “كاميليا” البوح بما تشعر به ولكن ما كان يلجم لسانها وجود ” رسلان”.. ،فهي لا تُريد خسارة ابنها الحبيب مجدداً
– الماضي عمره ما بيتنسي يا رسلان، الماضي بيحفر جذوره جوانا..، خليك رحيم عليها يا رسلان.. ،أنت عارف ومتأكد إنها هتواجه غضب والدتك..
واردفت متحسرة علي صديقتها
– كاميليا هانم بتخاف من الفضايح ومش هتسكت غير لما تجوز ميادة ومش هيفرق معاها حزنها
حاول أن يُبرر أفعال والدته، فرغم كل شئ لا يُحب أن يراها إلا بصورتها القديمة..، الأم المحبه لأطفالها..، الأم التي لم تأخذها مظاهر الحياة وتصنع منها شخصية أخرى
– أمي مش وحشة اوي يا ملك، هتغضب شويه علي ميادة لكن بعد كده هتقف معاها..
وتنهد بارهاق وحرقة عما صنعته شقيقته بحالها قبل أن تصنعه بهم..، وما يجعله لا يجن أن صحة ما تقوله حقيقة
– لأنها في النهاية أم
ارتخي جسدها بين ذراعيه، وعبارته تتردد داخلها..، احتواها بحنان وهو يشعر باستكانتها
– أنا عايزه اكون أم يا رسلان 
……..
تثاءب بنعاس وهو يستمع لأخر سطر تسرده له من إجابة سؤاله..، بعدما ظل لساعتين يُدرسها بمهارة فمن سيكون أبرع منه في القانون كما يُخبرها “أحمس” دائماً،
 ابتسمت وهي تراه يغلق الكتاب أخيراً متنهداً براحه
– تصدقي وأنا طالب مكنتش بذاكر كده
رفعت حاجبيها دليلاً علي أن الأمر لم يدخل عقلها..، فشحص مثله كان بارع في تلك المهنة بالتأكيد كان متوفقاً ومميزاً في دراسته
– بتبصيلي كده ليه، مش مقتنعه!
هتف عبارته ضاحكاً علي هيئتها، وهي ترمقه بنظرة قد راقت له
– مش معقول، ده أنت أسمك علامة في عالم المحاماه
تنهد مسترخياً وهو يتذكر عمه الراحل، الذي جعله يحب تلك المهنة وقد أعطاه من سنين خبرته بل وتلك المؤسسة التي كبرت علي يديه
– عمي الله يرحمه هو السبب، كنت قريب منه اوي..، كنت بحب كل حاجة هو بيحبها.. ،تقدري تقولي كان قدوتي بجد
ارتسم الحنين فوق ملامحه، فاقتربت منه، بعدما شعرت بحزنه علي ذكرى ذلك الراحل
– هو مات من زمان
اماء برأسه إليها، يتذكر رحيله الذي كان نقطة فاصلة في حياته
– علمني أكبر درس في الحياة
صمت عن حديثه، فنظرت إليه بترقب.. ، تنتظر سماعه..
 عانقت عيناه عينيها, فابتسمت وهي تراه يُطالعها بتحديق
– أني مسيبش الحياة تسرقني يا فتون
اتسعت ابتسامتها، رغم إنها لا تعي مقصده..، لكنه درس جدير بأن تتعلمه..، فكم مرة سرقة الحياة من عمرنا وأخذت منا الكثير
– اجمل حاجة يكون عندك ناس في حياتك تتعلم منهم
كان يشعر بها وباحتياجها لأشياء تمنت ان تحظى بها ولكنها كانت ترضي بما تمنحه لها الحياة..، اقترب منها متسائلا بعدما حاصرها بجسده
– وأنتِ مين في حياتك بتتعلمي منه يا فتون
وانفلتت ضحكته وهو يراها تراوغه عن قصد
– جنات، ومدام سحر مديرة الجمعية اللي اتبنت حالتي زمان 
– والمدام ليه متتعلمش من جوزها ولا هو برة الحسبة
هتف بجدية مصطنعه..، فتغيرت ملامحها وهي لا تصدق إنه قد حزن منها..
– سليم ،انت زعلت
و “سليم” كان رجلاً ماكراً، مُحنك في خطواته وبارع في التلاعب..، عادت ضحكته تصدح في الأرجاء وهو يميل عليها يلثم ثغرها
– هتفضلي طول عمرك بريئة ونقية يا فتون
وقبل أن تدفعه عنها بعدما تلاعب بها، كان يحيطها بتملك، يذيقها من حبه..، حب أصبحت تحتاجه بل وأدمنته.
 ابتعد عنها بعدما افاقته من توقه الشديد ، ينظر إليها قبل أن يفهم، لماذا دفعته عنها برفق قبل أن يُكمل رحلته؟
– سليم، خديجة بتعيط
اغمض عينيه قليلاً حتي يفيق من نشوته، ثم نهض عنها بعدما التقط ثوبها يعطيه لها، اسرعت في ارتدائه بخجل متمتمه
– افتحلها يا سليم، ديه بتعيط بقالها مدة
عاد لثباته بعدما هندم هيئته سريعاً، واتجه نحو باب الغرفة يفتحه لصغيرته التي أندفعت لحضنه باكية
– الوحش كان هياكلني يا بابي
تألم قلبه وهو يري الدموع اغرقت خدي صغيرته، ثم اخدت تلتقط أنفاسها بصعوبة
– حببتي أنتِ في حضن بابي دلوقتي مافيش حاجة هتحصلك، مش بابي هو الفارس بتاعتك
اماءت الصغيرة برأسها تدفن وجهه في عنق والدها
– متسبنيش يا بابي
انفطر قلبه وهو يري حالتها، وقد ازداد حقده علي “شهيرة” لأول مرة دون تعاطف
– أنتِ عمري كله يا ديدا، بابي مستحيل يسيبك
وببضعة كلمات تحبها صغيرته، كان يخبرها بحبه.. ،تعلقت بعنقه بشدة تحت نظرات “فتون” إليهم.. ،
 تلاقت عيناه بها.., فوجدها تتخذ طرف الفراش تاركة للصغيرة مساحة بينهم تدعوه بعينيها أن يقترب بها،
 أستمع لتثاوب صغيرته تهمس إليه راجية
– بابي، ديدا عايزه تنام معاك وتحكيلها حكاية
ضمها بشدة بعدما وضع بقبلة حانية فوق خصلاتها
– حاضر يا حببتي
اقترب بالصغيرة من الفراش، فحاولت “فتون” الاقتراب منها ولكن الصغيرة تجاهلتها في صمت..، وبأسف كان يهز رأسه إليها, ألا تحزن
ورغماً عنه كان يبتسم وهو يري صغيرته الماكرة ، المتملكة تحتضنه بقوة وتفرد ذراعيها فوقه.. وكأنها تخبر الجالسة جوارها أنه ملكية خاصة بها وحدها.
ولم يكن الأمر مختلف علي”فتون ” التي طالعت الأمر بذهول، غير مصدقة غيرة الصغيرة منها، وبنبرة هامسة مضحكة كان يُخبرها 
– ديه ضُرتك يا فتون 
– بابي احكي الحكاية، ديدا عايزة تنام
فابتسم وهو يرفعها قليلا فوق صدره، ويحاوطها بذراعيه
– طيب إيه رأيك نخلي فتون تحكينا حكاية
طالعته ” فتون” بنظرة سعيدة، مرحبة باقتراحه ولكن سرعان ما انطفاءت تلك النظرة السعيدة من عينيها، وهي تستمع لصوت الصغيرة
– لا 
– بابي معندهوش حكاية يحكيها يا ديدا، اطلبي من فتون هي اللي تحكي..
ض
وبحماس اخذ يُخبرها عن بضعه حكايات لا تعرفها سوي “فتون”، تحمست الصغيرة قليلاً ولكن حمسها انطفئ وهي تغمض عينيها بقوة تتذكر مكالمة والدتها لها هذا المساء ..، فإذا أرداتها هي لابد ان لا تحب “فتون”، والصغيرة لا تُريد إلا والدتها في حياتها
– خلاص يا بابي، مش مهم الحدوته
انصدم من رفض صغيرته..، وسرعان ما ضمت نفسها إليه تهمس له برجاء
– بابي أنا عايزة مامي
غفت الصغيرة بعد دقائق، من شدة إرهاقها بسبب البكاء..، ليتنهد ” سليم” وهو ينظر نحو التي كانت تطالع الصغيرة ..،فهي تشعر بمشاعر تلك الصغيرة وشوقها لوالدتها
–  فتون…
أراد إكمال عبارته معتذراً، ولكنها أسرعت تخبره بصدق
– أنا مش زعلانه، لو مكانها هعمل كده صدقني..،أنا بحب حبك ليها، خديجة محظوظة بيك
التمعت عيناه بحب وهو يسمعها وقد زال الحزن الذي استوطن قلبه بسبب صغيرته، فلم يكن يتمنى لها يوماً أن تعيش مشاعر هكذا بينه وبين والدتها 
– حببتي العاقلة، واللي بسبب عقلها هتخليني أنام في الوسط، مع اني مبحبش أكون الوسط في أي حاجة
لم تستوعب ما يقصده، إلا عندما ازاح صغيرته قليلاً، ثم فرد ذراعه الأخر 
– ولا مش عايزة تنامي في حضني
أسرعت في تلبية دعوته..، سعيدة بتلك المشاعر التي يجعلها تعيشها.
……….
فرك جبينه مرُهقًا بعدما نهض عن مقعده في غرفة مكتبه، فالأعمال أصبحت تتثاقل فوق كتفيه.. ،والتوسع الذي أراده أصبح لا يعطي له متسع للتنفس ولكنه قد اختار الطريق..، أن يُهلك نفسه في العمل..
تقدم بخطواته نحو خارج الغرفة ولكنه توقف مكانه متذكراً ذلك التقرير والتسجيل الصوتي الذي به التفاصيل عن حياة تلك التي ستمثل حملته وتعيش معه تحت سقف واحد..، وما هي إلا كابوس ..، لم يتمني في حياته أن يرتاح من أمر أحداً اكثر منها..، فتاة مشرفة ذو أصل مشرف
والسخرية ترتسم فوق شفتيه يُخاطب حاله 
“يا لك من محظوظ يا جسار”
عاد لمكتبه ثانية حتي يلتقط ما يخص الحمله وعاد بادراجه نحو الخارج قاصداً غرفته.
وبعينين مغلقتين كان يستمع لما تسرده في التسجيل الصوتي ، خفق قلبه شفقة وهو يستمع لكل كلمة تنطقها بمرارة.
 ساعة مرت وهو جالس يستمع..، يتسأل داخله هل تعرضت لكل هذا في سنوات عمرها القليلة..، إنها لم تتجاوز الثاني والعشرون من عمرها 
تحرش وتعرضت، ضرب ونالت، عمل وعملت بأي شئ حلال، يُجلب المال دون خجل وحلمها الوحيد كان أن تعيش هي وأبيها حياة كريمة بعيده عن شقيقها, وتُكمل تعليمها ولكن والدها قد رحل وتركها تحت سطوة أخ لا يُرحم.
انتهى التسجيل أخيراً، فعن أي جزء سيتم أخذه من حكايتها في الحملة حتي يتعاطف الناس، والحكاية بأكملها نابعه من القلب ومن مرارة ما عانته صاحبتها.
شعر بالندم قليلاً، يتذكر حينما طلب منها أن لا تُهاتف “ملك” وتبتعد عنها, فهي ليست أهلاً لصداقتها،
وقد ذكرت “ملك” في حياتها.., ذكرت تلك التي احيانا يشعر بالحقد نحو “رسلان” لأنه نالها..
جفاه النوم ولكن لم تكن حكاية “بسمة” هي من جافته..، فقد أخذه الحنين نحو الأيام التي قضاها مع “ملك”.. ، كانت كشقيقه وصديقه لم ينظر لها يوماً بتلك النظرة التي ينظر بها الرجال للنساء، رغم إنه حاول أن تنجح علاقتهما، ولكنها كانت في عينيه في صوره الشقيقه..،
ليت قلبه الأحمق وقلبها كانوا اجتمعوا ما كان وقع في حيلة “جيهان” الخبيثه..، جيهان التي نالت المال الكثير لتخرج عن حياته وجعلته كارهاً للنساء. 
………..
داعبت “خديجة” عنقها بيدها وهي تري رسالته التي بعثها رداً عن رسالتها..، صحيح أن المراسلة بدأت بينهم من أجل الاطمئنان عليها بعدما كانت ستنزلق قدمها عند خروجها من المطعم اليوم..،
 لم يكن اللقاء صدفة من قِبلها ولكن هو كان أكثر من سعيد وهو يراها في المطعم الذي يأتي إليه دوماً.
ابتسمت وهي تري بعض الصور التي يبعثها لها في رحلة التزلج الأخيرة برفقة أصدقاءه، ولكن ابتسامتها تلاشت وهي تري في إحدى الصور فتاة تُعنقه..
تجمدت عينيها قليلاً نحو الصورة، ولم تشعر بحالها إلا وهي تغلق هاتفها تزفر أنفاسها وتمسح فوق خديها غير مصدقة..، أن شعور الغيرة اقتحم فؤادها. 
………..
فتح شرفته بعدما لم يجد أملاً في النوم هذه الليلة..، طالع السماء الملبدة بالغيوم واقترب من سياج الشرفة.. ،فعلي ما يبدو إنها ستمطر هذه الليلة أو في الصباح.
اغمض عينيه يزفر أنفاسه براحه.. ،و ظل هكذا حتى شعر بالاسترخاء..؛ ففتح عينيه..،
ولكن عيناه علقت بتلك التي جلست فوق العشب تحمل قطة فوق حجرها وتطعمها..
بدأت قطرات المياة ترتطم برأسه ثم اشتدَّ هطول المطر، 
ظنها ركضت نحو الداخل ولكنه وجدها تقف مكانها تبحث عن مكان ما..،
 تنهد بضيق ف في الصباح ستذهب معه للشركة حتى يبدأوا جلسة التصوير معها ولكنها كالحمقاء واقفة والمطر يهطل فوقها. 
اسرع في خطواته للأسفل، وخرج حانقاً، غاضباً
وجدها تتجه نحو مكان يمنع تسرب الماء فوقها ، ثم اسرعت تزيل عنها سترتها وتضعها فوق القطة بعدما وضعت لها الخبز الذي كان معها
– ميمي، خليكي هنا اوعي تمشي وعقلك يوزك تقولي اروح للقط اللي ماشيه معاه..
طالعتها القطه وهي تضيق عينيها، فرمقتها “بسمة” حانقة
– بلاش البصه ديه، ده أنا قفشاكي امبارح معاه
وانحنت نحوها حتى تُحذرها من الركض وراء ذلك القط
– أنتِ بتعملي إيه هنا، والدنيا بتشتي ؟
سكنت “بسمة” مكانها، لا تستوعب إنه واقف خلفها..، التفت ببطء نحوه، تنظر إليه برجفة لا تعرف أهي من شدة البرودة ام من تلك النظرة التي يرمقها بها
– جسار بيه
تمتمت اسمه والماء يتقطر منها، فاقترب منها يجذب ذراعها حانقاً
– لو حضرتك تعبتي دلوقتي، هنضطر نأجل التصوير عشان خاطرك..
انسابت دموعها ، وهي تستمع إليه.. ،فكل ما يعبأ لأمره هي حملته
– كنت بحط اكل ل ميمي، دادة سعاد قالتلي انك بتكره القطط 
– استهتارك بسبب قطه 
– ممكن تسيب دراعي
طالع ” جسار” يده التي مازالت تقبض فوق ذراعها، فتنهد بضجر، أمراً
– ياريت تدخلي تغيري هدومك وتنامي علطول..، وشوفيلك أي علاج للبرد بدل ما بكرة الاقيكي تعبانه
ابتلعت غصتها، فقد قررت أن تتحمل قسوته حتى تنال ما سيقدمه إليها ثم ترحل عن هذا المنزل وعنه دون رجعة…
تحركت من أمامه، وسرعان ما خرجت منها صرخة وهي تجد جسدها يميل للخلف، فاغمضت عينيها وهي تعلم أن الأرض من سترحب بها ولكنها لم تجد إلا ذراعيه تسندها وعيناه تُحدق بها 
…………
حتى بعدما نالها ونال متعته منها، مازال يتمتم باسمها راغبًا بها بل ويُخبرها وهي بين ذراعيه, إنه يُريدها
– يمكن لما انولها، انساها يا بت يا سميرة
ابتعدت عنه “سميرة” حانقة بعدما غطت جسدها بشرشف الفراش، تتذكر “بسمة”، والغيرة تنهش قلبها
– بعد كل اللي بعمله ليك يا عنتر، عايزاها برضوه 
ثم هتفت حانقة، تُشير نحو رأسه 
– ده أنت لسا راسك مخفتش، وعلمت عليك حته بت ملهاش أصل ولا فصل وهربانه من أهلها 
التمعت عينين ” عنتر” بالشهوة غير عابئ بحديثها ، يتذكر طراوة جسدها اسفله
– ما أنا بقولك يمكن لما أدوقها.. ،أنساها 
ثم نظر نحو “سميرة”، وقد أخذت تلتقط ملابسها حتى ترديها, وهي تسبه بصوت مسموع
– هعديلك طولة لسانك يا سميرة.. 
ثم مدّ ذراعه يلتقط علبة سجائرة
– ادائك النهاردة كان وحش، ولا شكلك مبقتيش نافعه
التمع الغضب في عينين “سميرة”، وعادت إليه تدفعه بقبضتيها فوق صدره وضحكاته تتعالا عليها
– بقى كده، ما أنا اللي رخصت نفسي يا عنتر
عاد لينلها ثانية بشراسه، وقد تناست حنقها منه.. ،طالعها وهو يلهث أنفاسه وابتسم وقد بدء يفقد صوابه قبل أن يغفو جوارها 
– بسمة 
بهتت ملامح “سميرة” ثم دفعته عنها وقد عاد الحقد يحرق قلبها 
– ماشي يا بسمة، مبقاش سميرة إلا ما فضحتك في المكان اللي بقيتي عايشة فيه، وقدام الباشا اللي معرفش عرفاه منين 
يتبع..
لقراءة الفصل الثاني والأربعون : اضغط هنا
لقراءة باقي فصول الرواية : اضغط هنا
نرشح لك أيضاً نوفيلا ورطة قلبي للكاتبة سارة فتحي

‫3 تعليقات

اترك رد

error: Content is protected !!