روايات

نوفيلا لحظات خاصة الفصل السابع 7 بقلم آية محمد

نوفيلا لحظات خاصة الفصل السابع 7 بقلم آية محمد

نوفيلا لحظات خاصة البارت السابع

نوفيلا لحظات خاصة الجزء السابع

نوفيلا لحظات خاصة الحلقة السابعة

بابتسامةٍ عذباء ونبرة ماكرة أجاب حفيده الماكر:
_أنا مش عارف إنت ليه مصمم إنك حفيدي الوحيد بالرغم من إن في أحفاد كتير غيرك وفيهم الأكبر منك!
أتاه صوته الطفولي المستنكر لما يستمع إليه:
_بس أنا مش شايف نفسي غير حفيدك الوحيد لان مفيش حد شبهك غيري تيتا قالتلي كده!
ضحك حتى ظهرت أسنانه فبدى كشابٍ لا يتجاوز عمره الثلاثون عامًا، والغريب عليه اختبار تلك المشاعر الدافئة تجاه هذا الولد المشاغب، والجدير بالذكر بأنه لم يشعر بمثل قوتها تجاه أبنائه، ربما من قال أن الأعز من الابناء هم ابنائهم كان على أتم الحق، قطع الصغير وهلة الصمت القصيرة بينهما حينما ردد بدهشةٍ:
_روحت فين يا دنجوان!
اتاه رده يستمد الحزم باعجوبةٍ:
_مش قولنا تعاملني بشكل رسمي!
ردد حائرًا:
_حصل… أنا أسف يا ياسين باشا.
باستنكارٍ قال:
_مفيش حل وسط!
عبث بضيقٍ:
_مفيش أنا مبحبش أقولك يا جدو خااالص، حضرتك صغير وحرام اظلمك أنا مبرضاش بالظلم لحد.
تعالت ضحكات “ياسين” في صراع للتوقف ولكنه استسلم لنوبته، فردد من بين ضحكاته:
_أنت كارثة قومية.
ابتسم الصغير وهو يجيبه:
_أنا طفل صغير هبقى كنز قومي ازاي!
ازدادت ضحكاته فهو الوحيد الذي يرى وجهًا مختلفًا لياسين الجارحي لم يراه أحدًا غيره، ربما لذلك يعامله بتلقائية دون أي تحفظ، استعاد ثباته وعاد ليسأله بجدية:
_المهم.. أنت أول واحد عدي هيشك فيه.
بلا مبالاة واضحة أردف:
_عارف.. ما ده الطبيعي أنا موضع اتهاماته بأي حرب بين حضرتك وبينه بس مش عايز حضرتك تقلق أنا مرتب كل حاجة.
ضم حاجبيه معًا بذهولٍ لضخامة حديث هذا الحفيد الغامض، ثم ردد ساخرًا:
_أنت عندك كام سنة يا ياسين؟
أجابه ببعض الضيق من السؤال الذي بات معتاد:
_هكمل السبع سنين قريب.
وانقطع بلحظاتٍ من الصمت قبل أن يستطرد بنبرةٍ مرحة:
_انا حفيد ياسين باشا الجارحي يعني هتلاقيني لمض زيه حبتين.
تهجمت معالم وجهه وهو يردد ساخطًا:
_لمض!! انت بتجيب الالفاظ السوقية دي منين يا ولد!
سيطر الخوف على صوته الرفيع:
_أنكل حمزة دايمًا يقولي كده!
قوس جبينه بغضبٍ:
_حسابه معايا..
ثم قال بثباتٍ:
_الوقت إتاخر السهر مش كويس علشانك.
تفهم احدى قوانينه التي يحرص أن يخبره احدهم في كل مرة، ثم قال:
_تصبح على خير.
ابتسامة انبعت على وجه ياسين رغمًا عنه، فقال بحنانٍ دافئ لا يمت لشخصه الصارم بتاتًا:
_وأنت من أهل الخير يا حبيبي.
وأغلق الهاتف ثم وضعه على الكومود، وفور أن اعتدل بالفراش رآها تقف مقابله وعلى ما يبدو كانت تلصص لسماع مكالمته والابتسامة ترفرف على طرفي شفتيها باشراقةٍ وتناغم رقيق، فدنت حتى استقرت لجواره، فمددت ساقيها أسفل الغطاء، والتفتت بجسدها تجاهه لتكون قبالته، نظرة متفحصة احتواتها قبل أن يلتهمها نبرته الخشنة:
_أيه سر السعادة الغريبة دي!
تعمدت التباطؤ بردها لتراه متلهفًا لسماعها:
_لما بشوف علاقتك مع ياسين ببقى مستغربة بس في نفس الوقت سعيدة ومرتاحة..لانه شبهك فكنت خايفة ان علاقتك بيه تبقى شبه علاقتك بعدي!
نفى نظريتها المختصرة بشخصية حفيده الغالي:
_شبهي في الشكل بس لكن الطباع والشخصية لا وده اكتر حاجة بحبها فيه.
وارخى رقبته على الوسادة وهو يهمس بسخطٍ:
_على الأقل مش عنيد زي أبوه!
انفرجت شفتيها للاسفل في دهشةٍ عظيمة، فصاحت بفتورٍ:
_لحقت تكون فكرة عن شخصية الولد وهو يدوب سبع سنين!! ده طفل يا ياسين.
ذم شفتيه بتريثٍ:
_ياريت هو يقتنع بده.. شايف نفسه شاب ولابس توب مش توبه.
وبجديةٍ تامة قال:
_بستغرب حقيقي من طريقة تفكيره، وأوقات بحسه صديق قريب مني بشكل مش طبيعي لدرجة ان بحس نفسي مجنون في تفكيري بطفل صغير بالشكل ده..المفروض افكر اشتريله لعبة كويسة يفرح بيها بس هو مبيفرحش بالكلام ده!!!
وبابتسامة حملت فخرًا غامضًا:
_بيتولد جوايا فضول غريب اشوفه لما يكبر هيبقى أيه؟
جابهت انكاره للامر حينما تساءلت بشكٍ:
_ولسه مصمم انه مش شبهك!
رفض ذلك باصرارٍ:
_لا.
واصلت بحلقة عنادها وتمسكها بوجهة نظرها:
_انت لسه قايل انه مش شبه الاطفال ومش بيحب الالعاب ولا الكلام ده كله!
صفن قليلًا، وكأنه يحسم اموره سريعًا:
_لو واخد مني حاجة فهو واخد الكويس بس..
وبحزنٍ لمع بنبرته استرسل:
_لكن عدي أخد كل حاجة وزيادة.. حتى العيوب اللي بكرهها في نفسي.
وضيق عينيه بغموضٍ:
_وزي ما غيرتها فيا هغيرها فيه!
*******
مر وقتًا طويلًا ومازال يراقب حركة المياه وكأنه ينتظرها أن تهمس له بما يحدث من خلف ظهره، وحينما اشتدت البرودة انسحب “عدي” لغرفته لينال قسطًا من النومٍ قبل أن تحتل الشمس عرش السماء، فتح باب الغرفة، وحينما ولج للداخل وجد “عمر” يغط بنومٍ عميق، وكعادته كان يطرد الغطاء بأخر بقاع الأرض، ذم “عدي” شفتيه، وانحنى ليحمل الغطاء ثم فرده عليه هامسًا بسخريةٍ:
_مفيش فايدة فيك!!
وخلع عنه سترته ثم تمدد بارهاقٍ بدى بأنه يهاجمه منذ مدةٍ لا بأس بها، فحارب مرة أخرى ليستسلم للنوم، ولكنه عاد ليحملق بسقف اليخت بتشتتٍ لما سيفعله لينفد من الخطة المحكمة التي وضعها بها أبيه، يعلم بأنه من تعمد فعل ذلك ليختبر صموده بالمنصب الذي كان يخصه سابقًا، كم لعن ذلك اليوم الذي ترك به عمله واتجه للعمل بشيءٍ لم يرغب به من البدايةٍ، بل كان مفروضٍ عليه والآن يواجه اختبارات قاسية ليثبت نفسه بجدارة لياسين الجارحي المزعوم!
زفر “عدي” بمللٍ، وهو يحاول للمرة التي لا يعلم عددها ان يجد بديل لاقتراحه بوضع “رائد” في مواجهة “أحمد” ، فحاول أن يوزان الامور مجددًا بعد تلميح ياسين له بأنه أخطأ، فعاد ليؤكد لنفسه مرددًا بصوتٍ شبه مسموع:
_أحمد عاقل كفايا انه يتخطى الوضع ده..
وأقنع ذاته بأنه اختار الجهة الصحيحة للمنافسة وما يحدث من أبيه هي محاولة للتشويش عليه فرضًا بأنه نوعًا من اختباراته التي لا تنتهي!!
*******
اشراقة صباح أخير ضم اليخت في عناقٍ طويل، وكأنه يودعه في ساعاته الأخيرة التي ستنتهي فور أن يرسى على الشاطئ بعد رحلة كان مميزة وخاصة للغاية.
كعادتها كل صباح تتسلل من جواره لتؤدي فرضيتها أولًا ثم أسرعت لتعد الإفطار قبل أن يستيقظ “ياسين”، فبدأت بتحضير الجبن وغيره من مشروبات مفضلة وتختلف عن الاخرى،وكأن كل مشروبٍ كان يعبر عن شخصية زوجها وأبنائها، ابتسامة صغيرة رسمتها بحنينٍ لتلك الذكرى التي اصطحبتها فور تذكرها كم كانت تهرول مسرعة كل صباح لتجهز مائدة الطعام والشطائر المفضلة لكلا منهما قبل أن يصل باص المدرسة الصباحي، فكانت تسعى لحربٍ شرسة كل صباح مع عدي بمحاولة اقناعه بأخذ حافظة طعامه الصغيرة على عكس” عمر”الذي لم يجعل العناء يتكللها يومًا بشيءٍ يخصه، هزت رأسها بخفة وهي تهمس بحبورٍ:
_طول عمرك مغلبني في أكلك زي أبوك!
وضحكت وهي تزيد بوضع كوب القهوة الخاص به جوار كوب ياسين، بينما صنعت لعمر عصير طازج، انتابها اعتزاز بنفسها حينما انتهت من ملئ الطاولة بشكلٍ مثالي، ورفعت ساعتها لتتفحص الوقت فابتسمت في سعادةٍ لسرعتها في التحضير، واتجهت لغرفتهما، فوجدت “عمر” يقف أمام المرآة ويستعد بارتداء قميصه، أما عدي فمازال يغلبه النوم، استدار عمر تجاهها وسألها برهبةٍ متوترة:
_بابا فين؟
تعجبت من سؤاله ومع ذلك اجابته:
_لسه في أوضته. ليه؟
استقام بوقفته بابتسامةٍ مريحة:
_حيث كده صباح الخير يا جميل.
قهقهت عاليًا ثم قالت:
_صباح الخير يا حبيبي..
ومازحته قائلة:
_تقدر تأخد راحتك طول ما عدي هنا بابا مش هيركز معاك.
جلس على حافة الفراش، ثم جذب حذائه وقال وهو يرتديه:
_الوحش ما يتوصاش بمناكفة ياسين الجارحي اللي هتجيب اجالنا كلنا بإذن واحد احد.
ومال بجسده للأمام ومن ثم لكزه بقدميه وهو يناديه:
_مش كده ولا أيه.. فوق كده بقينا وش الظهر.
ضم “عدي” حاجبيه بانزعاجٍ، وخاصة من صوت عمر المرتفع، فتعمد بان يستفزه حينما ناداه مجددًا:
_يا وحش قــــوم انت نسيت الخطة ولا أيه؟
ضيقت عينيها وهي تتساءل بدهشةٍ:
_خطة أيه!
ارتبكت معالمه حينما استوحى ما فعله غبائه أمامها، فقال:
_لا ده انا آآ..
أتاته نجدة عاجلة حينما استمعوا معًا لصوت خطوات من فوقهما، فقالت وهي تسرع بالخروج:
_ياسين شكله صحي.
وتركته وغادرت فتنفس الصعداء وبتوتر همس لذاته:
_كانوا هيطيروا رقبتي لو نطقت بحرف!!
_أنا اللي هعملها مش هما..
قالها عدي وهو ينهض عن الفراش، فارتد الاخير للخلف وهو يحذره باشارة بائسة:
_مقولتش حاجة على فكرة.
حدجه بنظرةٍ قاتلة قبل ان يتجه لحمام الغرفة ليغتسل استعدادًا لاداء فريضته قبل الصعود للأعلى لتناول الطعام.
********

يتبع..

لقراءة الفصل التالي :  اضغط هنا

لقراءة باقي حلقات النوفيلا اضغط على : (نوفيلا لحظات خاصة)

اترك رد

error: Content is protected !!