روايات

رواية مملكة تارتين الفصل الخامس 5 بقلم اسماعيل موسى

رواية مملكة تارتين الفصل الخامس 5 بقلم اسماعيل موسى

رواية مملكة تارتين البارت الخامس

رواية مملكة تارتين الجزء الخامس

مملكة تارتين
مملكة تارتين

رواية مملكة تارتين الحلقة الخامسة

نسيت الطفله سامور، ليس نسيان تام ولكن أصبح بلا اهميه بالنسبه لها، مثل الأشخاص الذين يشبهون كعكة البرتقال القابلين للدهس فى اى لحظه، يخسر الإنسان مع كل قرار يتخذه، سألت الطفله كم يبعد جبل الضياع عن مملكة تارتين؟
مئات الأميال قال الشيخ بنبره غامضه
على ما اتذكر لم يمضى سوى يوم واحد منذ تحركنا من جبل الظلام، كيف ابتعدنا لهذا الحد؟
ستعرفين كل شيء فى حينه يا فتاه، استباق المعرفه يولد الهلاك، نحن لم نسير، بل انتقلنا ، هذا المعرفه قويه ستقضى عليك
تعلمني ماذا يا عم؟
بصق الرجل على الأرض بفوضاويه، لديك طريق لتقطعيه، سأضع قدمك على أوله
ماذا سأفعل بعدها؟
حينها يمكنك أن تحددى مصيرك، ما انا سوى شعله يمكن للريح ان يطفأها لكن انت ستكونين شيء مختلف
منذ اول لحظه أدرك الشيخ الكبير ان تلك الفتاه مختلفه ومميزه، كان قد قراء منذ مئتى عام عن ظهور شخص سيغير العالم الذى يعيش داخله، كان قد فقد الآمل بمرور السنين، يهيم فى الأرض بلا هدى حتى وجدها أمامه
سارافقك الان لمكان علينا زيارته كان يقول ذلك ونظرته كلها حزن
بعد أن عبر حدود جبل الضياع وقف الشيخ على مشارف صحراء شاسعه وكان الطقس تغير وأصبح شديد الحراره
نظرت الفتاه، صحراء لا اول لها ولا اخر ولا أثر لحيوان يرعى داخلها.
اين سنذهب يا عم؟
هناك وأشار بيده للفراغ
لكن انا لا أرى اى شيء يا عم؟
ان تمتلك عينين لا يعنى انك ترى
صحراء واسعه وقاحله يا عم كيف سنقطعها؟
يا طفله، بعض الطرق لا تقطع الأقدام تقطع بالقلوب ولا يمكن العوده منها
جذب الشيخ يد الطفله تبعته بلا مقاومه، الأطفال يثقون بسرعه ولا يحملون اى ضغينه، كانت اقدامهم تغوص داخل الرمال الساخنه، وكل خطوه تحتاج مجهود خارق، ويكتشف المرء رعونته، غبائه وحماقته بعد أن يكون قطع من الطريق الذى لا يناسبه للحد الذى لا يمكنه العدول عنه
كانت الشمس تسلق رؤسهم كأنها تسير فوق ادمغتهم، تصبب الشيخ عرق وبطأت حركته، ربتت الطفله على يد الشيخ بعطف وحاولت ان تمسح عرقه لكنه نهرها بعصبيه
انظرى امامك وواصلى السير
انا لا أرى اى شيء يا عم
انا ايضا، لا أرى اى شيء ولا اعرف لما قطعت هذا الطريق
عندما اجلس مع نفسى وافكر أجد ان أكثر القرارات التى اخذتها كانت خاطئه
بعضها متهور، بعضها متأخر والألم واحد
ما الفائده يا عم من السير فى طريق لا نعرف له آخر
لا يمكنك التأكد من وجود فائده من شيء لا تعرفه حق اليقين، علينا أن نصل اولا حتى نعرف جدوى الرحله
هبت عاصفه رمليه واصبحت حبات الرمال تلسعهم مثل الخناجر
الرؤيه منعدمه والسير مستحيل، توقف الرجل عن المشى
لقد تعبت، اعتقد انها نهايتى، واصلى انت السير
قالت الطفله كيف اتركك؟
اذا لم تتركينى سنموت معآ
سنموت على اى حال يا عم
نعم سنموت فى النهايه وتحصى الخطوات، واصلى السير ولا تتوقفى، لا تنظرى للخلف مهما حدث
هل تفهمى؟
أفهم، لكن لن اتركك هنا، انقذتنى من الموت، سوف انقذك
ماذا بيدك لتفعليه انت مجرد طفله؟
سوف اركض بكل قوتى واحضر النجده، من فضلك ابق حى حتى رجوعى
غطت الرمال أقدام الطفله كأنها تسير فى بحر من الرمال
جلس الشيخ على الأرض واستسلم للرمال، جعلها تغمره وتغطيه
ثم رفع يده وصفق “”
واصلت الطفل السير رغم نزول الظلام، كان الشيخ يسمع صوتها، لم تبتعد أكثر من خمسين متر عن مكان ما تركها
فى الظلام سمعها تكافح وتطلب المساعده من أجله، ارتشف رشفة ماء ساقع، مدد قدميه ونام
سوف تموت قبل شروق الشمس، كل قرار معادله، كل قرار موت، بعض القرارات اعلان دفن بالحياه
واقعية الهروب لا تؤجل الكارثه، كيف يمحى الإنسان جزء من تاريخه بلا تبعات او بواقى، كيف يختفى الألم الذى رسمناه بأيدينا، كيف نتحلل ونخرج فى مكان آخر بعيد عن عن كل شيء
زرعت شجره ورويتها بعد شهور ستكبر الشجره تنمو اغصانها واوراقها ، يكبر جذعها، تظلل الطريق، هذه الشجره نفسها ستموت وتتحلل، تبتلعها الأرض، ربما يجرفها النهر
تلك الشجره لم ترحل انها موجوده فى مكان آخر
كان هناك صهيل حصان داخل الغبار، صوت مجلجل يصرخ
الطفله غير قادره على الرؤيه، ريقها ناشف، بلعومها مترب، همست النجده
توقف الحصان، نظر الرجل لجواده وصرخ من هنا؟
سار الحصان بخطوات بطيئه حتى توقف جوار جسد الطفله
انقذنى يا عم
كيف انقذك؟ لا يجب على ذلك
لماذا يا عم؟
والدتى حذرتنى من مساعدة الغرباء
همست الطفله، لكنك رجل كبير ولست مجرد طفل، كيف تطيع والدتك وتتركنى للموت
اصمتى انت لا تعرفين والدتى ولا ما يمكن أن تفعله بى اذا عصيت أمرها
ارجوك والدتك لن تعاقبك اذا ساعدت طفله
اصمتى انت لا تعرفين والدتى، كيف لك ان تتأكدى انها لن تعاقبنى؟
اين الطريق ارجوك سأموت
لا يوجد طريق للخروج من الصحراء يا طفله
لكن عمى قال ان لكل طريق نهايه
يمكن لعمك ان يقول ما يرغب به، ستبتلعه الصحراء
ربما مات الان
اليس كل إنسان حر فى قراره
لماذا يتذمر عندما يحين وقت العقاب “”
لا يمكننى ان انقذك، انا اسف،تقبلى اعتذارى انا ايضا مرغم
شربة ماء يا عم
يا طفله لا توجد مياه فى الصحراء، الذين يلقون بأنفسهم فى الضياع يستحقون الموت
اذا كنت لا تستطيع انقاذى امنحنى الحصان، سأنقذ نفسى
انت لا تفهمى يا طفله، حتى لو منحتك الحصان والدتى لن تتركك ستعاقبك
ايعنى ذلك انك من الممكن أن تمنحنى الحصان لكنك خائف من عقاب والدتك؟
نظر الشاب نحو الصحراء، اسمعى يا طفله، اى شيء سيخرج من تلك الصحراء ستعاقبه والدتى، غير مهم ان كان شيطان او ملاك، انها تنتظر هناك بعيون مفتوحه.
كم جلده سيتحمل جسدك؟ عظامك لينه، ستقيدك بسلاسل تجبرك على حمل الصخور النارية
حمل الشاب الطفله ووضعها على ظهر الحصان ربت على كتف الطفله، سأضحى بنفسى وانقذك
اركب معى، لا تترك نفسك للموت
انا هارب، سأجد سعادتى هنا، انا بعيد عن الألم، اغلقت كل الأبواب واجلس مع نفسى فى صمت، الظلام يحيط بى من كل اتجاه
شمسى غائبه ، الشمس هنا لا تشرق الا مره كل عام
اكره شعاع الشمس الذى يصل عينى من بين فسحات الأشجار
ارحلى يا فتاه، انقذى نفسك، ثم لكز ظهر الجواد
انطلق الجواد يشق الغبار وحافره يدق الأرض لم يمضى سوى دقائق ووجدت الطفله نفسها خارج الصحراء، رأت عشب نابت على مسافات متفرقه قبل أن يلتصق ببعضه ويتحول لمرج واسع
واصل الجواد ركضه حتى توقف فجأه مما دفع جسد الطفله للسقوط داخل نبع ماء
ابتلت شفتى الفتاه، شربت الماء، غسلت نفسها، وجهها، شعرها
رأت الخضره تحيط بها
الازهار فى كل مكان، الطيور تشقشق، نظرت دقيقه بدهشه
اين المرأه الأم؟
قال إنها ستعاقبنى، لماذا لا أراها؟ تناولت حبة رمان من على الأرض
خلفها كانت العاصفه الرمليه انتهت، الصحراء ظهرت مره اخرى
لكنها ليست صحراء شاسعه، بل مجرد سبخه كيلو متريه
اين الشاب؟
اين عمى؟
لماذا اختفوا؟ ماتو جميعا؟ من يمكنه ان يعرف
اتبعينى بسرعه، صرخ شاب ملثم ظهر من بين الأشجار على الطفله
اسرعى قبل أن يصلو، لم تفهم الطفله لكن الشاب لم يمنحها فرصه، جذبها من يدها واختفى بين الأشجار فى اللحظه التى ظهر فيها مخلوقين مسلحين بدروع حديديه وحراب وقفو جوار الحصان وقبل ان يصهل قتله أحدهم بحربته
داخل دغل حشائش كتم الشاب فم الفتاه حتى اختفى المخلوقين، ثم ظهر رجل يرتدى وشاح اسود بيده مسبحه طويله متدليه من عنقه
تناول قبضة من الطين وقربها من فمه، كانت هنا يا اميرتى
كانت هنا
من العدم ظهرت فتاه بتاج مذهب ترتدى بنطال جلدى وحذاء أخضر مرتديه درع وبيدها سيف لامع شعرها ضفيره طويله اصفر كشعاع الشمس غرست السيف فى الوحل ثم رفعته واختفت كأنها دخلت من بوابه مختفيه وخرجت منها

يتبع…

لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا

لقراءة باقي حلقات الرواية اضغط على : (رواية مملكة تارتين)

اترك رد

error: Content is protected !!