روايات

رواية القاتل الراقي الفصل الحادي والعشرون 21 بقلم سارة بركات

رواية القاتل الراقي الفصل الحادي والعشرون 21 بقلم سارة بركات

رواية القاتل الراقي البارت الحادي والعشرون

رواية القاتل الراقي الجزء الحادي والعشرون

رواية القاتل الراقي الحلقة الحادية والعشرون

“لكل جريمةٍ شاهد”
كانت أشرقت تحاول الوصول لمريم عدة مرات ولكنها أغلقت هاتفها منذ البداية .. لا تستطيع حتى الوصول إليها …
أشرقت بتأفف:”لا .. أنا لازم أروحلها.”
خرجت من مكتبها في نية منها للذهاب إلى القصر … أما مريم كانت تبكي بهيستيريا في أحضان ياسين الذي يربت على ظهرها بهدوء ومازال ينظر لذلك الإسم المنقوش على ذلك القبر .. إذا قلنا أن هناك بعض الذكريات نحاول أن ننساها لكي نستطيع أن نعيش؛ فتلك تكون حقيقة … لم تعلم كم مر من الوقت وهي تبكي هكذا حتى إبتعدت عنه ولكنها ظلت قريبة منه، نظرت في عمق عينيه وبدأت تتحدث بصوت متحشرج ..
مريم:”خدني من هنا، أنا محتاجة أرتاح، مش قادرة أمشي.”
إستقام ياسين وحملها بين يديه، إستندت برأسها على صدره واغمضت عينيها لعلها تهدأ من ذلك الصراع الداخلي الذي تعيش به … نظر ياسين للقبر مرة أخيرة ثم خرج من المقابر وهي نائمة بين يديه ..
……………………….
في المساء:
كان عماد يجلس بكرسية المتحرك ينظر لتلك الفتاة التي تريد التحدث مع مريم بشدة … فقد كان يقف بكرسيه في باحة القصر … كانت إحدى الخادمات تتحدث إليها ..
؟؟:”الهانم نايمة عشان تعبانة شوية، وياسين بيه أمر ماحدش يزعجها.”
أشرقت:”الموضوع حياة أو موت أرجوكي، أنا محتاجة أشوفها.”
كادت أن تتحدث الخادمة ولكن أوقفها صوته ..
ياسين:”إتفضلي يا دكتورة.”
أشرقت بإصرار:”أنا محتاجة أتكلم مع مريم.”
ياسين برُقِيّ:”إتفضلي إتكلمي معايا أنا.”
نظرت له قليلًا بتوتر ثم نظرت للخادمات الموجودات بالمكان ..
أشرقت:”طب ممكن أتكلم مع حضرتك على إنفراد.”
هز رأسه وتحرك وهي تبعته حتى دخل لغرفة منعزلة ودخلت خلفه … إلتفت لها ينظر إليها بإستفسار …
أشرقت:”دكتور طارق جالي النهاردة المكتب وقال ……”
سردت عليه كل ما أخبرها به طارق اليوم .. وبعد أن إنتهت همهم ياسين وتعجبت أشرقت من صمته هذا ..
أشرقت:”حضرتك مش هتقول حاجة؟، مش هتعمل أي حاجة؟!”
ياسين بإبتسامة هادئة:”هتصرف طبعا يا دكتورة، تقدري تتفضلي.”
شعرت بالإحراج من تعامله ذاك وقررت الإنسحاب أما ياسين ظل واقفًا لثوانٍ ثم خرج من الغرفة وخرج بعدها من القصر .. كانت نائمة بفراشها تنظر أمامها بحزن وشرود، هبطت دمعة من مقلتيها وهي تتذكر أختها الكُبرَى، تتذكر كم كانتا دائمًا معًا ولا يتفرقان أبدًا .. كانت كالأم بالنسبة إليها لأنها من قامت بتربيتها والعناية بها أثناء إنشغال والديهما بالعمل وعندما توفى والدهما بحادث تحملت سارة مسئوليتها مع والدتهما .. كان بينهما وعد وهو أن لا يتفرقا أبدًا سيظلان سويًا حتى النهاية .. لُم يُخفيا أيّ شئ عن بعضهما البعض ولكن حصل ما لم يَكُن بالحسبان أدى إلى فراقهما ..
منذ إثنا عشر عامًا:
كانت مريم في السادسة عشر من عمرها تقوم بمراجعة دروسها في غرفتها في جو هادئ ولكن بعد دقائق من الهدوء سمعت صوت شجار خارج الغرفة، إستقامت سريعا من مقعدها وخرجت من الغرفة ونظرت لوالدتها التي تتشاجر مع سارة التي ترجوها في شئ …
سارة ببكاء:”يا ماما، أرجوكي إسمعيني أنا بحب كريم وهو كمان بيحبني جدا ومستعد يعمل المستحيل عشاني، أرجوكي وافقي.”
ردت والدتها نادية بغضب وضيق:”قولتلك مليون مرة الولد ده مش شبهنا، سمعته زي الزفت، سألت عليه يا بنتي صدقيني مش شبهنا نهائي، وإستحالة أرميكي لواحد زي ده.”
كادت أن تهُمّ بالرد عليها ولكنها قاطعتها وهي تربت على كتفها ..
نادية بهدوء ورجاء:”يا حبيبة قلبي ماتزعليش، ربنا هيقدملك كل إللي فيه الخير وهيبعتلك واحد أحسن منه بمراحل، إنتي بس ركزي في حياتك بكرة آخر يوم إمتحان ليكي في الجامعة ركزي الله يباركلك عايزين نعوض السنة إللي راحت عليكي بسبب الشغل عشان أختك، ماتخليش واحد زي ده ياكل عقلك بكلمتين، .. *إبتسمت بحنان وقامت بضمها وإستأنفت* .. وبعدين مش عايزة حد ياخدك مني دلوقتي عايزاكي جنبي شويه عايزة أشبع منك يا روح ماما ……..”
مريم بحنق وغيظ مقاطعة لها:”طب وأنا؟”
قهقهت والدتها وإبتعدت عن سارة التي إبتسمت أثناء بكائها ..
نادية:”تعالي يا أروبة.”
إحتضنت مريم والدتها وقامت بإخراج لسانها لسارة تقوم بإغاظتها …
مريم:”ماما بتحبني أكتر منك.”
نادية بإبتسامة وهي تبتعد عنها:”كلكم عندي واحد، حتى إسألي سارة.”
تبدلت ملامح مريم للضيق أما سارة قهقهت ضحكًا فمعنى حديث والدتها أن سارة هي الأحب إليها وهذا المعنى تجهله والدتها …
مريم بغيظ:”طيب يا ماما.”
نادية:”طيب يا حبايبي أنا هروح المطبخ أحضر العشاء وإنتوا روحوا كملوا مذاكرة.”
دلفت للمطبخ بينما الإثنتان ظلتا واقفتان تنهدت سارة بحزن ثم إتجهت لغرفتها وجلست بفراشها، تبعتها مريم للغرفة وأغلقت الباب خلفها وجلست بجانبها على الفراش ..
مريم بإستفسار:”هتعملي إيه؟”
سارة بتنهيدة:”هعمل إللي ماما قالته، هنهي علاقتي بكريم ربنا يوفقه مش عايزة أزعل ماما مني كفاية إنها تعبانة في شغلها عشانا.”
مريم بإستفسار:”تفتكري بابا الله يرحمه لو كان عايش كان هيوافق عليه؟”
سارة بإبتسامة حزينة:”لا مكنش هيوافق عليه، ماما بتفكر بنفس تفكير بابا الله يرحمه، وهو ده الصح أصلا.”
مريم ممسكة بيدها:”طب ممكن ماتزعليش؟”
نظرت مريم ليد أختها الممسكة بيدها وبكت دون إرادتها إحتضنتها مريم وربتت على ظهرها …
مريم:”ماتزعليش، كله هيعدي .. *إبتعدت قليلًا ونظرت في عينيها* مش إنتي دايما بتقوليلي كده؟؟”
هزت رأسها وإبتسمت ..
سارة بتصميم:”بكرة بإذن الله هنهي كل حاجة بينا بعد ما أخلص إمتحان.”
إبتسمت مريم لها بهدوء .. ولكن سارة نظرت إليها بإستفسار …
مريم بتعجب:”إيه؟؟ في إيه؟؟ بتبصيلي كده ليه؟”
سارة:”إنتي قاعدة بتعملي إيه هنا؟ مش بتذاكري ليه؟”
كادت أن تُجيبها …
سارة بصرامة:”روحي ذاكري”
مريم بتأفف:”حاضر.”
خرجت من الغرفة أما سارة إبتسمت بعد خروجها وأمسكت إحدى كُتُبها لكي تقوم بالمراجعة …
………………………….
في اليوم التالي:
خرجت سارة من الإمتحان مبتسمة لأنها قد أجابت جيدًا في إمتحانها ووقفت مع إحدى زميلاتها ..
سارة بسعادة:”أخيرًا آخر إمتحان في المسيرة التعليمية إللي إحنا فيها دي.”
هلهلت زميلتها بسعادة معها، شعرت سارة بإهتزاز هاتفها بحقيبتها أخرجت الهاتف من الحقيبة وإبتسمت عندما وجدتها والدتها ..
سارة:”ألو.”
نادية وهي جالسة بمكتبها في العمل:”أيوه يا حبيبتي عملتي إيه؟”
سارة:”كله تمام يا ماما الإمتحان كان حلو.”
نادية:”الحمدلله، لما تروحي حضري الغداء عشان مريم أكيد هترجع من الدروس جعانة.”
سارة بإبتسامة:”حاضر.”
أغلقت مع والدتها وأشارت لزميلتها أنها ستخرج من الجامعة .. بعد دقائق كانت تقف أمام الجامعة تنتظر أحدهم .. ولكن مرت الدقائق وبعدها دقائق أخرى حتى رن هاتفها وجدته رقمًا غير مدون لديها، قررت أن تُجيب …
سارة بإستفسار:”ألو؟”
؟؟:”سارة معايا؟”
سارة:”أيوه.”
؟؟:”أنا أحمد صاحب كريم، هو عمل حادثة ومحتاج يشوفك ضروري.”
لم تشعر سوى بالتخبط والقلق عليه ..
سارة بقلق وتوتر:”طب ممكن العنوان؟”
أخبرها بالعنوان وهي هرولت لتراه وتقوم بالإطمئنان عليه متناسية إنتهاء علاقتها به، وصلت للعنوان الذي أخبرها به صديقه وصعدت للمبنى السكني وقامت بالطرق على باب الشقة … بعد عدة ثوانٍ فُتِحَ باب الشقة وظهرت أمامها فتاة تَمضُغُ علكة بإستفزاز لا تدري لماذا شعرت سارة بعدم الإرتياح عندما رأتها؟ … ولكن أكيد هذه أخته التي ستستقبلها كما أخبرها أحمد صديقه ذاك ..
سارة بتوتر:”كريم موجود؟”
نظرت الفتاة بنظرة غريبة بالنسبة إليها ..
؟؟:”أه يا حبيبتي موجود، إدخلي.”
دلفت سارة للشقة بتوتر ونظرت حولها وجدتها شقة مهترءة .. شعرت بباب الشقة يُغلق خلفها ولكنها تعجبت أكثر عندما سمعت إغلاقه بالمفتاح، نظرت للخلف وجدت الفتاة غير موجودة هرولت نحو الباب بسرعة وحاولت فتحه ولكنه مُغلق ..
كريم:”على فين؟”
إلتفتت سارة بخوف عندما سمعت صوته … كان يقف أمامها لا يوجد به شئ .. كان سليمًا مُعافى.
سارة بتوتر:”أنا عايزة أخرج من هنا.”
إقترب منها كريم بهدوء خبيث …
كريم:”مش لما أخد إللي أنا عايزُه الأول.”
إبتعدت عنه بسرعه وحاولت الهرب منه ولكنه أمسك بشعرها بقوة قامت بالصراخ ولكنه قام بتكميم فمها ..
كريم بإنتشاء:”أنا كنت مستني اليوم ده ييجي من زمان، أنا وإنتي في مكان واحد.”
كان من الواضح أنه شرب شيئًا ما، حاولت الهرب منه ولكنه كان يمسكها بقوة ومما زاد من خوفها وصراخها المكتوم هو باب الشقة الذي تم فتحه ودخل شابان آخران وأغلقوا الباب خلفهم …
كريم للإثنين:”أنا الأول وبعد كده براحتكم.”
حاولت الإنفلات من يديه وبالفعل إستطاعت وركضت نحو أحد الغرف ولكن أمسكها أحد الشابين إقترب منها كريم وقام بضربها بقوة حتى كادت أن تفقد وعيها … وقام بإرتكاب جريمته الشنيعة بها أمام أصدقائه وفقدت هي أعز ماتملك وفقدت الوعي .. وبعدما فرغ منها تمامًا، توالى الشابان بعده إغتصابها أيضًا وبعد أن إنتهوا منها .. لاحظوا نزيفها الشديد ووجهها الشاحب ..
كريم:”خُدها بعربيتك يا أحمد إرميها في أي خرابة.”
أحمد:”طب ماتيجي معانا.”
كريم:”لا أنا خلاص خلصت منها ومش عايز أشوفها، وإبعتلي أحلى سلام للبت نبيلة عملت إللي مطلوب منها بالظبط، قولها هكون عندها بليل.”
أحمد:”طيب.”
حملها أحمد والشاب الذي يرافقه وخرجوا من البيت ووضعوها بالسيارة .. ظل يقود سيارته حتى وصل لطريق لا يوجد به أحد وقام برميها في جانب الطريق وهرب هو وصديقه … أما هي كانت ملقاة بالطريق المظلم تنزف بشدة …. وبعد مرور وقت ليس بطويل مرت مجموعة من السيارات من ذلك الطريق وهنا توقف السيارة الأولى مما جعل باقي السيارات تتوقف … توجه السائق ومعه بعض الرجال نحو جثة الفتاة المُلقاة بالطريق وجدوها تنزف ولكنهم وجدوا أيضًا أن هناك نبضٌ ضعيف بها هرول أحد الرجال سريعًا نحو إحدى السيارات الأخيرة بالخلف حتى توقف أمام سيارة … طرق على نافذة المقعد الخلفي بهدوء، تم تنزيل النافذة الزجاجية وبدأ بالتحدث …
؟؟:” أنا آسف يابيه إن إحنا وقفنا بس في بنت مرمية في الطريق، بتنزف وحالتها صعبة.”
هبط شاب من السيارة وسار بهدوء نحو جثة الفتاة حتى وصل إليها .. كانت ملامحها لا يبدو منها شئ بسبب الكدمات التي تملأ وجهها مما يشير إلى أنها تعرضت للضرب المُبرَح .. أشار لأحد رجاله بالإتصال بالمشفى … أما هو ظل ينظر لجثتها بهدوء وبعد عدة ثوانٍ عاد لسيارته مرة أخرى وأمر سائقه بالتحرك تاركًا رجاله يقومون بما يلزم … إختفت سارة من حياة مريم ووالدتها التي قلبت الدنيا رأسًا على عقب وهي تبحث عنها بقهر والبكاء والحزن لا يفارقانها وكانت مريم مثلها أيضًا حاولوا الوصول لعنوان الفتى الذي يُدعى كريم ولكن جيرانه أخبروهم أنه سافر … أوقف الأطباء نزيفها بصعوبة وبسبب كثرة نزيفها بقيت تلك الفتاة مجهولة الهوية بغيبوبة بالمشفى التي تم وضعُها بها .. لقد تلقت العناية اللازمة بتلك المشفى حيث ركز كل الأطباء بجميع أقسام المشفى على الإهتمام بها ورعايتها و كان من بينهم طبيبًا في منتصف الثلاثينات حزينًا عليها كيف يحدث ذلك لتلك الفتاة؟؟ .. كان يعتني بها ويمر عليها في نوبته الليلية يَقُصُّ عليها بعض القصص والحكايات لعلها تسمعه ولكن كل ذلك كان بلا جدوى حتى مرت الأيام والأسابيع وإستفاقت سارة من غيبوبتها ولكنها كانت بحالة نفسية سيئة جدا .. كانت إنسانة بلا روح …. وفي يومٍ ما .. دلف الطبيب لغرفتها وجدها تجلس تنظر أمامها بشرود ..
تحدث بإبتسامة:”صباح الخير.”
لم تُجبه وظلت على وضعها ذلك .. إقترب نحوها ..
؟؟:”عاملة إيه النهاردة؟”
لم تُجِبه وظلت صامته … تنهد الطبيب ثم حاول أن يكون لطيفًا أكثر في حديثه معها …
؟؟ بإبتسامة:”طب إحنا متعرفناش، أنا إسمي طارق إنتي إسمك إيه بقا؟”
لم تُجبه أيضًا قرر طارق الإنسحاب لتركها على راحتها ..
طارق:”أنا هطمن على المرضى بتوعي وبعدها هعدي عليكي لو إحتجتي حاجة دوسي على الجرس والممرضات هيجولك علطول.”
خرج من الغرفة وبعد خروجه بدأت بالبكاء بسبب ماحدث لها لقد كانت فعلة شنيعة خسرت كل ماتملك بسبب ماحدث … جاء على بالها والدتها وأختها وزاد بكائها أكثر .. إنتبهت عندما فُتِحَ الباب ودلف شاب في بداية الثلاثينات يرتدي حُل سوداء لا تخص عصرنا الحالي ولكنها كانت راقية .. جلس ذلك الشاب بهدوء على كرسي في غرفتها ونظر لها بهدوء .. شعرت بالخوف من نظرته تلك ولكنها أيضًا شعرت بالأمان ولا تدري ما السبب … تحدث الشاب بهدوء …
؟؟:”سارة أحمد سعيد هنداوي.”
نظرت له بتعجب لمعرفته إسمها بالكامل ولكنه إستأنف حديثه بهدوء ..
؟؟:”والدتك نشرت خبر في الجرايد إنك إختفيتي، المستشفى هتتصل بيها في أقرب وقت عشان ت……….”
قاطعته برجاء ..
سارة:”لا .. أرجوك لا ..*بدأت بالبكاء* .. مش عايزاهم يشوفوني كده .. مش عايزاهم يعرفوا مكاني، ماينفعش أفضل معاهم بعد إللي حصلي .. أرجوك ساعدني.”
ساعدها وأخفى وجودها في المشفى وظلت هناك تجلس بغرفتها إما تأكل الطعام أو تشاهد التلفاز بملل وحزن .. وفي يومٍ ما … كانت تقلب بقنوات التلفاز وتوقفت عندما وجدت خبرًا يُعَدُ مُفرِحًا بالنسبة إليها … وهو جريمة قتلٍ غامضة للشاب الذي يُدعي كريم وأيضًا إثنين من أصدقائه، لقد قُتِل الذين إغتصبوها … مرت الأيام بعدها وطارق يقوم بزيارتها مرارًا وتكرارًا يقوم بالتحدث إليها ولكنها صامتة لا تُجيبه .. وفي يومٍ ما … كان يجلس بالكرسي في غرفتها ينظر إليها ولكنه إنتبه على هاتفه الي يصدر رنينًا عاليا .. إنتبهت سارة لهاتفه ونظرت إليه ..
طارق بإحراج:”ده إبن أختي بيرن عليا، لحظة.”
قام بالرد على المكالمة …
طارق بإستفسار:”نعم يا هشام عايز إيه؟”
صمت كأنه ينتظر الرد من الجهة الأخرى، أما سارة إنتبهت لحديثه مع قريبه …
طارق بإبتسامة:”طب ليه ماتخرجش؟ غير جو مش كل حاجة مذاكرة.”
إتسعت إبتسامته وتحدث بحنان أبوي …
طارق:”وأنا كمان يا حبيبي.”
أغلق المكالمة ونظر لسارة التي تنظر إليه بالمقابل ولكنها أبعدت نظرها عنه سريعًا … أردف طارق بتوضيح كأنها سألته ماذا هناك؟؟ ..
طارق:”ده هشام إبن أختي نفسيته تعبانة من المذاكرة ومخنوق؛ فكان بيشتكيلي وإقترحت عليه إنه يغير جو.”
نظرت إليه بإستفسار ..
طارق بتبرير وهو ينظر في عُمق عينيها:”أصل مش كل حاجة مذاكرة يعني، في حياة نستاهل إننا نعيش كل لحظة فيها.”
هزت رأسها وظلت صامتة قليلًا، وبدأت بالتحدث ..
سارة:”ممكن أطلب من حضرتك طلب؟”
طارق:”أكيد.”
سارة:”ممكن أعمل مكالمة من عند حضرتك؟”
طارق بإبتسامة:”إتفضلي.”
أعطاها الهاتف وترددت لثوانٍ ولكنها قامت بالضغط على عدة أرقام وبدأت بالإتصال وبعد عدة رنات سمعت صوت والدتها المُرهَق …
نادية:”ألو.”
هبط الدموع من مقلتيها وهي تستمع لصوتها …
نادية بتكرار:”ألو؟؟”
حاولت أن تكتم شهقاتها وخاصة عندما سمعت صوت أختها …
مريم:”مين يا ماما؟”
نادية:”مش عارفة، ماحدش بيرد.”
أخذت الهاتف منها وبدأت بالتحدث …
مريم:”ألو؟؟”
نظرت لوالدتها ..
مريم:”أكيد بني آدم معندوش ريحة الدم بيعاكس .. إحنا مش ناقصين.”
أغلقت المكالمة الهاتفية وهنا جهشت سارة بالبكاء .. تشتاق إليهما كثيرًا .. تريد أن تراهما ولكن لم يَعُد بإمكانها البقاء معهما .. إنتبهت على طارق الذي يربت على كتفها ولكن إنتفض جسدها بسببلمسته تلك ..
طارق وهو يُبعد يديه عنها:”أنا آسف .. أنا بس ماحبتش أشوفك كده … ماتزعليش.”
هزت سارة رأسها وأعطته هاتفه …
“رواية/ القاتل الراقي .. بقلم سارة بركات”
في الوقت الحالي:
كانت تبكي لذكرى أختها الوحيدة .. تتذكر كيف أخبرتها أختها أن طارق ظل بجانبها حتى شعرت بتحسن ومع الأيام بدأت بالتحدث إليه .. كانت تُخبرُها أن قصصه جميلة ورائعة يجب أن تستمع إليه في يومٍ ما … ظلت أختها بعيدة لمدة طويلة لا يعلمون أين هي حتى فقدوا الأمل في أنها حية ولكن في يومٍ ما …
منذ عشر سنوات:
كانت نادية تسير في أحد المولات تتبضع وتقوم بشراء بعض الثياب لمريم ولكنها صُدِمَت عندما رأت فتاة تشبه إبنتها سارة المُتغيبة عن المنزل .. هرولت نحوها بسرعة ولهفة ووضعت يديها على كتفها لتنتبه لها …
نادية:”سارة.”
نظرت سارة بصدمة لوالدتها، إحتضنتها نادية بقوة تَشُمُّ رائحتها العزيزة على قلبها لوقت لم تَحسُبه ثم إبتعدت عنها ..
نادية بعدم تصديق وهي تمسك وجهها بيديها:”حبيبتي، إنتي قدامي بجد؟؟ إنتي عايشة؟؟”
كادت أن تتحدث ولكن قاطعها حديث أحدهم ..
؟؟ لسارة:”في مشكلة يا هانم؟؟”
سارة:”لا مافيش، روح إنت.”
نظرت لوالدتها التي تنظر للرجل الذي يبدو عليه أنه حارس شخصي وتعجبت أكثر عندما إنضم لرجال آخرين يرتدون مثله ..
نادية بإستفسار وعدم إستيعاب:”مين دول؟؟ وإنتي روحتي فين؟؟ أنا تعبت أوي أنا وأختك وإحنا بندور عليكي، حرام عليكي يا بنتي توجعي قلبي عليكي.”
لم تُجَبها وتعجبت والدتها من صمتها ذلك ثم نظرت لملابسها التي تدُلُ أنها تعيش في مستوى أعلى منهم ماديًا، أي في تَرَف ..
نادية بإستفسار:”ردي عليا يا سارة، ساكته ليه؟”
حاولت التحكم بدموعها وقامت بالتحدث باللامبالاة ..
سارة:”نعم عايزة إيه؟”
نادية بإستفسار وتعجب:” يعني إيه عايزة إيه؟؟ أنا بطمن عليكي .. بطمن على بنتي إللي إختفت من حضني فجأة لمدة سنتين.”
سارة:”لا أنا ماكنتش مختفية ولا حاجة، أنا كنت عايشة حياتي إللي أنا عايزاها مع إللي بحبه.”
كان الألم يعتصر قلبها وهي تتحدث بتلك الطريقة مع والدتها … كانت نادية تنظر لها بذهول من حديثها الجرئ ذلك، لم تُربي إبنتها هكذا أبدًا! .. أرادت الهروب والبكاء بعيدًا عن أعين والدتها وكم تتمنى أيضًا أن ترتمي بأحضانها تبكي وتخبرها عن ما حدث لها في ذلك اليوم .. تقدم أحد الرجال نحوها ..
؟؟:”حضرتك هتتحركي إمتى؟”
سارة:”دلوقتي.”
تحسرت عندما رأت نظرة سخط من والدتها .. رفعت نادية رأسها بتعالٍ وتركتها ورحلت وهنا كانت النهاية بالنسبة إليها .. فقد رأت أنها ماتت في عين والدتها … وهنا تحررت دموعها وقررت الرحيل …
…………………………..
قامت مريم بمسح دموعها وهي تتذكر خدعة أختها لهم بأنها تركتهم بقصدٍ منها .. أمها صدقت تلك الخدعة ولكنها لم تُصدقها فهي تعلمها جيدًا .. هي من قامت بتربيتها وتعلم تصرفاتها وقراراتها … تتذكر ذلك اليوم الذي جاء به إتصال على هاتف البيت الأرضي وكانت سارة تطمئن عليها في غياب والدتها عن المنزل وذلك لأنها إستسملت لإشتياقهما .. تتذكر أنها عاتبتها ولكن سارة طلبت منها أن تقابلها لتَقُصَّ عليها ماحدث لها …. تتذكر كم بكت في ذلك اليوم معها ولكنها كانت سعيدة عندما أخبرتها أنها تحبُ أحدًا …
سارة بإبتسامة:”بيحبني أوي .. هو ممكن ميبانش عليه إنه بيحبني عشان هو مش بيتكلم كثير، بس عينيه واضح فيها كل حاجة ليا.”
مريم بإبتسامة:”إسمه إيه بقا؟”
صمتت سارة قليلًا وهي تنظر إليها ثم تنهدت وأجابتها ..
سارة بإبتسامة هائمة:”إسمه براء.”
مريم:”إسمه حلو أوي.”
سارة:”جدا .. وخاصة لما يكون إسم على مسمى .. تحسيه تركيبة غريبة كده .. شخص مش شبهنا، لا هو أحسن مننا بس ظروفة هي إللي خلته كده، بس في بيني وبينه عامل مُشترك.”
مريم بعدم فهم:”أنا مش فاهمة حاجة، يعني هو كويس طيب؟”
سارة بإبتسامة:”اه كويس.”
مريم بتنهيدة:”وده المهم طبعا، هتتجوزوا إمتى بقا؟”
إختفت إبتسامتها عندما سمعت ذلك السؤال ..
سارة وهي تغير مجرى الحديث:”صحيح شوفي جبتلك إيه؟”
أرتها الملابس الجديدة التي قامت بشرائها لها .. وهكذا ظلت لقاءاتها بأختها سرية دون علم والدتها ..
…………………………….
إستقامت مريم من الفراش تحاول أن تستفيق من الشعور الذي تشعر به، دلفت للحمام وتركت المياة تنساب على جسدها وهي تتذكر ذلك اليوم الذي لن تنساه طيلة حياتها وهو يوم وفاتهما … والدتها وأختها …
…………………………..
كانت تجلس معها بمكانٍ ما يدردشان سويًا ..
مريم:”هتكلمي ماما إمتى؟”
سارة بتوضيح:”تقصدي هكلمها للمرة الكام؟؟ تقصدي هتحايل عليها إنها تسمعني للمرة الكام؟”
مريم برجاء:”مهما يكن .. دي ماما وعمرها ماهتقولك لا، إنتي بس حاولي معاها بدل المرة 100 مرة، ماما بتحبنا إحنا الإتنين وبتحبك إنتي أكتر مني وإنتي عارفة ده كويس .. أي نعم لما تكلميها تاني هتمثل إنك مش مهمة بالنسبالها بس إنتي حاولي معاها وهي أكيد هتلين، وأنا المرة دي هكون موجودة وقتها وهقنعها.”
صمتت قليلًا تنظر إليها ولكن مريم شجعتها بإبتسامة ..
سارة:”طيب، هبقى أكلمها لما أروح بس خليكي قريبة .. يعني تكوني جنبها كده عشان تقدر تسمعني، أهو تخليها تلين شويه بدل ما هي كل مرة تقفل السكة في وشي.”
مريم بإبتسامة:”ماشي، ماتقلقيش.”
تنهدت سارة ثم صمتت تنظر لأختها ..
سارة:”مش عايزة حاجة تلفت إنتباهك عن دراستك أبدًا .. إنتي في طب يعني إهتمامك الحالي دلوقتي لازم يكون المذاكرة وبس.”
مريم بإبتسامة:”ماتقلقيش، أنا قدها.”
بعدما إنتهت مقابلتها مع أختها ذهبت للبيت وتناولت الغداء مع والدتها والتي إختفت الإبتسامة من وجهها منذ ذلك اليوم .. قررت أن تبدأ بالحديث …
مريم بحمحمة:”ماما.”
نادية بإنتباه لحديثها:”إيه؟”
مريم بإستفسار:”هو أنا ممكن أقولك حاجة؟”
نادية:”قولي.”
مريم بتوتر:”بالنسبة لسارة هي…….”
نادية بغضب مقاطعة لها:”إياكي تجيبي سيرتها تاني .. إنتي مالكيش أخت إسمها سارة أبدًا.”
مريم:”ماما إنتي فاهمة غلط، سا……”
نادية مقاطعة لها:”إخرسي، ماتجيبيش سيرتها تاني بقولك .. هي خلاص ماتت لما هربت وسابتنا ومشيت على حل شعرها.”
مريم بإصرار:”يا ماما أرجوكي إفهميني، بلاش تظلميها .. سارة بتحبنا ومستحيل تسيبنا أبدًا، أنا و………”
نادية بغضب:”بس مش عايزة أسمع ولا كلمة.”
كادت أن تتحدث مريم مرة أخرى ولكنها صمتت عندما سمعت صوت هاتف والدتها يصدر رنينًا .. إستقامت والدتها من المقعد وحملت هاتفها تنظر للرقم الغير مدون على هاتفها .. تنهدت ثم تحدثت بهدوء …
نادية:”ألو.”
كان هناك صمت تام …
نادية بتكرار:”ألو، مين؟؟”
سارة بصوت متحشرج من البكاء:”ماما.”
صمتت نادية عندما وصلها صوتها وكادت أن تغلق الهاتف، تحدثت سارة كأنها تراها …
سارة ببكاء:”ماما أرجوكي ماتقفليش، إسمعيني، أنا آسفة سامحيني عشان خاطري، كان غصب عني يا أمي، أنا ماقدرش أعيش من غير رضاكي عليا، إرضي عني يا حبيبتي وسامحيني وخليني أشوفك ماتعمليش فيا كده.”
نادية بحزم:”إياكي تتصلي هنا تاني، وكلمة ماما دي محرمة عليكي، إنتي لا بنتي ولا أعرفك، أنا زمان كان عندي بنت إسمها سارة وماتت يومها، لكن إنتي معرفكيش أ………”
صمتت نادية لأنها على مشارف البكاء وفي ذات الوقت تنظر لمريم التي تحاول الإشارة لها بالهدوء و تترجاها أن تستمع إليها…
سارة بإستفسار:”ماما، إنتي معايا؟”
نادية بتنهيدة وإستسلام:”أيوه.”
سارة:”أنا هاجي أزورك بكرة وأشرح……..”
تعجبت نادية من صمتها ولكنها إنتبهت عندما تحدثت سارة مرة أخرى …
سارة بهمس:”ماما إقفلي دلوقتي، هجيلك بكرة زي ماقولتلك.”
تعجبت نادية من همسها ولكنها ماتعجبته أكثر هو أن سارة نسيت و تركت المكالمة الهاتفية مستمرة!!!
ظلت نادية تستمع لما يحدث عند سارة غير منتبهة لمريم التي تقوم بالإشارة لها تستفسر عن صمتها ذلك … تعجبت مريم من تغير ملامح والدتها التي تنصت للهاتف جيدًا ولكنها بررت أنه من الممكن أن سارة تقوم بسرد ماحدث لها … تنهدت وقررت أن تتركها تستمع إليها، ذهبت لغرفتها تجلس بفراشها تفكر في أن أيامهم القادمة ستكون جميلة وستجعل والدتها وأختها سعيدتين بها فهي ستحاول قدر المستطاع أن تهون عليهما فهي لا تملك أحدًا غيرهما … مرت دقيقة إثنان وثلاثه وهلعت عندما سمعت صوت صراخ والدتها …
نادية:”قتلها .. قتلها .. يا سارة … يا سارة..”
هرولت مريم بسرعة نحو والدتها التي تصرخ بهيستيريا وتقوم باللطم على وجهها وتطلب الإستغاثة لإبنتها وعزيزة قلبها …
مريم بإستفسار وبكاء وعدم فهم لحالة والدتها:”ماما .. في إيه؟؟”
أبعدت نادية الهاتف عن أذنيها وهي تنظر لإبنتها بذهول وصدمة:”قتلها.”
مريم:”مين قتل مين؟”
نادية:”سارة .. قتلها.”
مريم ببكاء وصراخ:”مين؟؟”
بدأت أنفاس نادية تنقطع فقد أصابتها أزمة قلبية … أمسكت مريم بيد والدتها تحاول إسنادها … ولكنها ظلت تكرر تلك الكلمة .. “قتلها” ..
مريم ببكاء وهي تحتضنها:”مين؟”
لم تستطع أن تنطق إسمه لأنها لا تتذكره كل ما تذكره هو قتلها ….
نادية بنفس متقطع:”إللي هي … عايشه معاه … قتل سارة.”
أغمض نادية عينيها وإستكانت في أحضان إبنتها التي تبكي ولا تفهم أي شئ مما حدث .. حاولت أن تُفيق والدتها بعمل إسعافات أولية لها ولكنها لم تستطع … صرخت مريم بقهرٍ ترجو من والدتها الإستيقاظ ولكنها لم تستيقظ ورحلت عن هذه الدنيا.
………………………………….
في الوقت الحالي:
في المشفى:
كان طارق يقوم بتجهيز أشياءه للرحيل من المشفى والسفر وأثناء تعبئته لأشياءه أمسك بإبريق خزفي بمعنى آخر “مَج” لونه أبيض مدون به جملة ما .. “الإصرار على التفاؤل قد يصنع ما كان مستحيلًا” .. يتذكر ذلك اليوم الذي أعطته فيه تلك الهدية …
منذ سنوات عديدة:
كانا يقومان بالتمشية سويًا في أحد الأماكن سويًا ..
سارة بإبتسامة:”إنت لحد الآن تعرف عني كل حاجة وأنا معرفش عنك أي حاجة خالص غير إنك عندك إبن أخت وإسمه هشام.”
إبتسم لحديثها ثم أردف ..
طارق بتنهيدة:”عايزة تعرفي إيه مثلا عني؟”
سارة بتخمين:”إنت ليه متجوزتش لحد دلوقتي مثلا؟”
طارق وهو ينظر بعمق عينيها:”عشان لسه مالقتهاش.”
سارة بإستفسار:”هي مين؟”
طارق:”الإنسانة إللي شبهي.”
سارة:”لو الواحد فضل يدور على إللي شبهه هيفضل طول عمره أعزب زيك كده.”
طارق:”لا على فكرة أنا طول عمري ماكنتش أعزب أنا كنت خاطب قبل كده وفشكلت ماحصلش نصيب يعني.”
سارة بهمهمة:”تمام.”
في الوقت الحالي:
تنهد طارق بحزن وهو ينظر لذلك الكوب ولكنه إستفاق عندما سمع صوت باب الغرفة يُغلق خلفه .. إلتفت للخلف وتفاجأ بوجود ياسين المغربي يقف أمامه بهدوء طاغي .. صامت فقط ولكن كالعادة ملامحه الهادئة الباردة لا تبشر بالخير ..
ياسين بإبتسامة هادئة:”على فين يا دكتور؟”
………………………………………………………………..
أحداث موت سارة في البارت الأول

يتبع..

لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا

لقراءة باقي حلقات الرواية اضغط على : (رواية القاتل الراقي)

اترك رد

error: Content is protected !!