روايات

رواية أوهام الحب الوردية الفصل السابع والعشرون 27 بقلم بتول علي

رواية أوهام الحب الوردية الفصل السابع والعشرون 27 بقلم بتول علي

رواية أوهام الحب الوردية البارت السابع والعشرون

رواية أوهام الحب الوردية الجزء السابع والعشرون

رواية أوهام الحب الوردية الحلقة السابعة والعشرون

اصطحب عزام فرح إلى المستشفى لكي تخضع لتحليل الحمض النووي حتى يتأكد من صدق حديثها بشأن أنه والد الجنين الذي تحمله في أحشائها.
سأل عزام الطبيب وهو يضع ساق فوق ساق:
-“هو هينفع أننا نعمل التحليل وهي حامل ولا لازم نستنى أما تولد الأول وبعدين نعمله؟”
نظر الطبيب نحو فرح وأجاب بهدوء وهو يفكر بداخله فيما سيحدث لتلك البائسة التي ستنال الويلات من عزام بعدما يكتشف أنها تخدعه وأن ما في بطنها نتيجة لخيانتها له فجميع من في هذه المستشفى يعرفون أن عزامًا عقيم ولا يمكنه أن ينجب:
-“ده شيء يا عزام بيه هيتم تحديده من الكشف على المدام أولا عشان نعرف عمر الجنين”.
طلب الطبيب من فرح أن تتوجه نحو سرير الكشف وبالفعل تمددت فرح على السرير وقام الطبيب بفحصها ثم التفت نحو عزام قائلا:
-“الجنين عمره أكتر من شهرين وده معناه أننا نقدر نعمل تحليل الحمض النووي عادي جدا ومن غير ما يكون فيه أي مشاكل”.
تم أخذ عينة من فرح وعينة من عزام حتى يتم إجراء التحليل وبعد الانتهاء جلس عزام أمام الطبيب هاتفا بصرامة:
-“أنا عايز نتيجة التحليل ده تطلع في أسرع وقت ممكن ولو الموضوع ده هيكلف كتير فأنا هدفع أي مبلغ ينطلب ولكن أهم حاجة هي أني أستلم النتيجة بسرعة”.
أومأ الطبيب قائلا بطاعة ناتجة عن الرهبة التي يشعر بها فهو يعرف كثيرا من الأمور الفظيعة التي قام بها عزام والتي تبرهن على عدم وجود رحمة في قلبه:

 

-“اطمن يا عزام بيه، النتيجة هتطلع بسرعة وأول ما تكون جاهزة هبلغ حضرتك بيها على طول”.
أوصل عزام فرح إلى الشقة وقام بإغلاق الباب عليها من الخارج ثم وكَّل اثنين من رجاله وتحدث أمامهما بنبرة حازمة تدل على جديته التامة بشأن كل كلمة يقولها:
-“أنتم الاتنين هتفضلوا هنا قدام الشقة وإياك فرح تخرج أو تدخلوا عندها أي شخص عايز يزورها ولو أوامري اتخالفت فحياتكم هتكون هي التمن”.
أومأ الرجلان وهما يشعران بالخوف الشديد لأنهما يعرفان جيدا مدى إجرام عزام وأنه يقوم بتنفيذ تهديده دون أن يخشى من أي شيء.
صعد عزام إلى سيارته بعدما قام بوضع نظارته الشمسية وأخذ يفكر فيما سيحدث إذا كان الطفل الذي تحمل به فرح هو ابنه بالفعل مثلما تدعي.
سمعت فرح تهديد عزام للرجلين ولكنها وعلى عكس المتوقع لم تشعر بالخوف؛ لأنها تدرك جيدا أن النتيجة ستكون في صالحها وعندما يتضح لعزام صدقها سوف تتغير حياتها وتصبح هي الزوجة الرسمية لعزام ووالدة ابنه الوحيد الذي سيكون وريثًا لتلك الإمبراطورية.
▪▪▪▪▪▪▪▪▪
سمع محمد صوت طرقات على باب شقته فنهض من مكانه وتوجه نحو الباب حتى يفتحه ووجد أن الطارق هو ابن عمه الذي أتى إليه حاملا حقيبة ملابسه.
نظر محمد بذهول نحو ابن عمه قائلا بمزاح وهو ينظر إلى الحقيبة الكبيرة التي يجرها آدم خلفه:
-“إيه يا عم آدم الشنطة العملاقة دي كلها!! هو أنت مهاجر ولا إيه!!”
رمقه آدم بحدة ورد بغيظ وهو يجلس على الأريكة:
-“لا يا أخويا مش مهاجر ولا حاجة، كل الموضوع هو أني جاي أقعد عندك الفترة دي لحد ما نادين تخلي عندها دم وتسيب الشقة”.
ارتسمت الصدمة على وجه محمد وتمتم بصوت منخفض لم يسمعه آدم:

 

-”تقعد عندي فين يا أخويا!! هي المشرحة ناقصة جثث!!”
رفع محمد حاجبيه باستنكار وهو يفكر في طريقة تجعله يقنع ابن عمه بالعودة إلى شقته وابتسم بعد بضع ثوانٍ بعدما خطرت له فكرة ذكية.
جلس محمد بجوار آدم وربت على كتفه متظاهرا بدعمه لموقفه قائلا:
-“أنت عندك حق تزهق منها الصراحة بس فكر معايا كده، هي دلوقتي قاعدة في شقتك وأنت اللي سايب البيت وواخد شنطة هدومك ودي عيبة في حقك لأن المفروض العكس هو اللي يحصل”.
زفر آدم بحنق متسائلا بنفاذ صبر فهو على وشك أن يشد شعره من فرطِ الغضب الذي يشعر به نتيجة لبرود أعصاب نادين التي رفضت الخروج من شقته رغم تطليقه لها:
-“طيب وإيه الحل اللي أنت شايفه صح من وجهة نظرك؟ أنا مش طايق أشوف وشها ولا أسمع صوتها وهي مصممة تقعدلي في البيت زي اللازقة وبتقول مش هتخرج منه غير لما العدة تخلص وأني لو حاولت أخرجها بالعافية ساعتها هكون ارتكبت ذنب كبير”.
أومأ محمد وبدأ يتحدث بأسلوب هادئ حتى يقنع ابن عمه بالرجوع إلى منزله دون أن يشعر بعدم ترحيبه بوجوده هنا في شقته:
-“هي فعلا عندها حق في نقطة أنك مش هينفع تخرجها من البيت وأنها لازم تستنى أما شهور العدة تخلص بس ده مش معناه أنك تستسلم يا بطل، أنت المفروض أول حاجة تعملها دلوقتي هي أنك ترجع على شقتك وتتفنن في أنك تزهقها في عيشتها وساعتها هي اللي هتسيب الشقة وهتمشي وأنت وقتها هترتاح”.

 

فكر آدم قليلا في حديث ابن عمه واقتنع بوجهة نظره وقام بالفعل بحمل حقيبته وغادر شقة محمد.
ابتسم محمد بارتياح؛ لأن خطته قد نجحت وعاد آدم إلى منزله وهذا الأمر قد يساهم بشكل كبير في حل الخلاف القائم بينه وبين نادين أكثر بكثير مما سيحدث لو مكث كل منهما في مكان بعيد عن الأخر
▪▪▪▪▪▪▪▪▪
دلفت إلهام إلى غرفة نوم رامز حتى توقظه من النوم وأخذت تهزه برفق وهي تقول:
-“قوم يلا يا رامز، الساعة تسعة وأنت لسة نايم لحد دلوقتي!!”
تأفف رامز وفتح عينيه قائلا بانزعاج:
-“فيه إيه بس يا ماما، سيبيني أنام شوية أنا أصلا صحيت الساعة خمسة ونص وصليت الفجر حاضر”.
شد رامز اللحاف عليه لكي ينعم بقسط إضافي من النوم ولكن قامت إلهام بسحب اللحاف هاتفة بصرامة:
-“بطل كسل يا ولد أنت ويلا قوم عشان تفطر، أنا صاحية بقالي ثلاث ساعات ومستنياك تصحى عشان نفطر سوا وأنت البعيد نايم ومش شاغل دماغك بأي حاجة”.
نهض رامز وهو يردد بضيق:
-“يا ستار يا رب عليكِ يا ماما، أنت فعلا ساعات بيطلع منك حاجات غريبة في أوقات مش مناسبة”.
لحق رامز بوالدته وجلس على السفرة وأخذ يتناول الفطور تحت نظرات إلهام التي كشفت له أنها تريد أن تسأله عن شيء ولكنها لا تعرف من أين تبدأ.
وضع رامز الشطيرة التي كان يمسك بها جانبا ونظر إلى أمه قائلا:
-“يلا يا حبيبتي اتكلمي وقولي أنتِ عايزة إيه؛ لأن أنا عارف كويس أنك صحيتيني من النوم رغم أن النهاردة أجازة مش عشان أفطر زي ما أنتِ اتحججتي”.
هزت إلهام رأسها وأكدت صحة ظنه بقولها:
-“عندك حق يا رامز أنا عايزة أتكلم معاك في موضوع مهم وهو متعلق بسمية، عايزة أعرف أنت وصلت لحد فين في الموضوع ده؟”

 

استغرب رامز كثيرا من اهتمام والدته بهذا الأمر بعدما اعترضت عليه في البداية:
-“وأنتِ إيه اللي غير رأيك دلوقتي بخصوص سمية؟”
أجابت إلهام بصراحة وهي تبتسم:
-“قعدت أفكر شوية في الموضوع ولقيت أن نادين اتجوزت من زمان والموضوع بتاعكم اتقفل خالص ومحدش بقى بيتكلم فيه ومفيش مانع أن أنت وسمية تتجوزوا وخصوصا أني لما شوفتها لقيتها بنت جميلة جدا ومحترمة وأنا شايفة أنها مناسبة ليك”.
قهقه رامز متسائلا بلطف:
-“أيوة بقى، قولي بقى من الأول أنك شوفتيها وأنها عجبتك بس أنا مش فاهم أنتِ شوفتيها فين؟”
أخبرته إلهام عما حدث في اليوم الذي رأت به نادين وهي تشتري فستانًا تحضر به خطبة محمد وكانت سمية برفقتها.
تنهدت إلهام وهتفت وهي تقوم برفع الأطباق من فوق المائدة:
-“ربنا يصلح الأحوال بين نادين وآدم ويوفقك ويجمع بينك أنت وسمية”.
ابتسم رامز لأنه تخلص من مسألة عدم اقتناع والدته بسمية ولكنه شعر بالأسف على نادين وما تمر به في الوقت الحالي مع زوجها ودعا الله أن يصلح حالها؛ لأنها تستحق كل الخير.
▪▪▪▪▪▪▪▪▪
ذهبت حبيبة إلى المستشفى من أجل زيارة سمر والاطمئنان عليها وظلت بجانبها حتى تناولت الأخيرة أدويتها ونامت.
خرجت حبيبة من الغرفة وجلست بجوار شمس تستمع إلى ما تفصح به عن مكنونات صدرها وعلمت بكل شيء يتعلق بمحمد والكلام الذي قاله في اللقاء الأخير قبل مغادرته للمستشفى.
تنهدت حبيبة وتساءلت بحيرة:

 

-“طيب أنا مش فاهمة يا شمس، أنتِ إيه اللي مزعلك دلوقتي؟! مش أنتِ قولتيله أنك مش حابة ترتبطي بيه وهو وافق يطلقك بعد فترة؟! ليه بقى عمالة تشتمي فيه دلوقتي قدامي؟!”
أخذت شمس تقضم في أظافرها بعدما أجابت باستياء:
-“أنا مضايقة لأن البيه أما صدق أني قولتله مش عايزاه قالي خلاص براحتك”.
رفعت حبيبة حاجبيها وهمست بذهول وهي تتحسس جبين صديقتها حتى تتأكد من أنها بخير ولا تعاني من أي مشكلة تؤثر على سلامة قواها العقلية:
-“أنتِ شكلك كده عايزة تجننيني معاكِ يا شمس، دلوقتي أنتِ كنتِ عايزاه يتمسك بيكِ ومن شوية كنتِ بتقولي عليه بني آدم لازقة ومفيش عنده دم عشان فضل مصمم عليكِ بعد ما أنتِ أظهرتِ رفضك ليه أكتر من مرة، خليكِ صريحة وقولي أنتِ عايزة إيه بالظبط يا شمس؟”
تنهدت شمس قائلة بسأم شديد من رد حبيبة التي كانت تتوقع أن تتفهم حالتها وتؤكد لها أنها لا يمكن أن تكون قد وقعت في حب محمد:
-“بصي يا حبيبة، الموضوع باختصار هو أن أنا مضايقة لأني فكرته بيحبني وهيستحمل مني أي حاجة بس كل ده طلع فنكوش وهو كان بيتسلى ولما زهق قرر يرميني”.
-“لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم، ربنا يهديكِ يا صاحبتي لأن أنتِ شكلك كده عقلك فوت”.
تمتمت بها حبيبة بصوت خافت وهي تضرب كفيها ببعضهما مستنكرة حالة الاضطراب والتشتت التي تعيشها صديقتها.
كادت شمس تتحدث أكثر عما تشعر به ولكن توقفت الكلمات في حلقها بعدما رأت محمدًا الذي حضر إلى المستشفى وتقدم نحوهما وألقى عليهما السلام.
ردت حبيبة السلام وهي تبتسم ثم حملت حقيبتها وانصرفت بعدما ودعت شمس ووعدتها بتكرار الزيارة مرة أخرى.
جلس محمد أمام شمس وسألها باستغراب بعدما رأى حالة الضيق التي تظهر بوضوح على وجهها:
-“مالك يا شمس النهاردة، أنتِ كويسة؟”

 

زفرت شمس بغيظ وأجابت بحدة بعدما رأت عدم وجود إشارة تؤكد أنه سيتراجع عن وعده:
-“ومش هكون كويسة ليه يعني، شايفني بشد في شعري ولا قاعدة أعيط عشان هتطلق منك؟!”
اتسعت عينا محمد قائلا بدهشة:
-“إيه الكلام اللي أنتِ بتقوليه ده يا شمس؟! أنا مش فاهم أنتِ تقصدي إيه؟”
حاول محمد أن يجد تفسيرا منطقيا لجملتها الغريبة ولكنه فشل فشلا ذريعا؛ لأن التفسير الوحيد الذي دار في عقله هو عدم رغبتها في حدوث الانفصال بينهما وهذا شيء لا يمت للمنطقية بصلة.
أدركت شمس أنها قد تسرعت وتحدثت أمامه دون أن تفكر في الكلمات التي تتفوه بها فأخذت نفسا عميقا وهتفت بهدوء:
-“بلاش تركز في كلامي يا محمد لأن أنا دلوقتي متوترة بسبب موضوع سمر وعشان كده بقول أي كلام وخلاص”.
كسا الوجوم وجهه فهو لا يعرف كيف يتصرف معها، يريد بشدة أن يجعلها تمنح ارتباطهما فرصة ولكنه ليس بيده أي شيء أمام إصرارها بعدم الاكتراث بحبه لها.
قلبه يؤلمه بشدة كلما رأى أن مشاعره لا تعنيها وكأنه نكرة لا قيمة له بعدما صارت بالنسبة له نوره الذي يجعله سعيدا ونيرانه التي تكويه ببرودها معه.
هتف محمد بتفهم وهو يشيح بنظره ناحية باب غرفة سمر:
-“اطمني يا شمس واوعي تخافي، سمر بإذن الله هتكون كويسة وهترجع أحسن من الأول بس أنتِ لازم تسانديها وتكوني جنيها وحاولي تطمنيها على قد ما تقدري لأنها هتكون محتاجة ليكِ أوي طول الفترة اللي جاية”.
هزت شمس رأسها موافقة على كلامه وظلت تفكر وهي تنظر له فيما سيحدث بعدما تتعافي شقيقتها، هل سينفذ وعده لها وينفصل عنها أم سيظل متمسكا بها ضاربا بكلامه عن الانفصال عرض الحائط؟
▪▪▪▪▪▪▪▪▪

 

أوقف مهاب سيارته أمام المقابر وترجل منها، وسار بضع خطوات إلى أن توقف أمام قبر مكتوب عليه اسم “ماجد رضوان” وبجواره قبر أخر مكتوب عليه “فريدة سالم”
قرأ مهاب الفاتحة على روح كل منهما ثم جلس بين القبرين قائلا بمرارة:
-“كان ممكن تكون حياتي مختلفة أوي لو أنتم كنتم لسة عايشين معايا لحد دلوقتي”.
تنهد وهو يكمل بأسى ناتج عن عدم تمكنه من تخطي ما حدث معه في تلك الليلة البشعة التي فقد بها والديه وصار يتيما ليس له مأوى:
-“ياريت كنت أقدر أنسى كل اللي حصل بس للأسف مفيش عندي مقدرة على ده لأن لحد دلوقتي أنا مش قادر أعرف مين اللي قتلكم عشان أخد حقكم منه”.
ظل مهاب جالسا لبعض الوقت يتحدث عما يجري معه وعن خوفه من معرفة حبيبة للحقيقة التي بذل مجهودا كبيرا حتى يتمكن من إخفائها عنها.
دمعت عينا مهاب وهو يتحدث بنبرة حزينة:
-“أنا عمري ما كنت أتخيل أن يجي اليوم اللي أحب فيه واحدة بالشكل ده وللدرجة اللي تخليني عندي استعداد أتخلى عن أي حاجة عشانها حتى لو عزام نفسه”.
نهض مهاب وغادر المقابر بعدما أتاه اتصال من عزام الذي طلب منه أن يأتي إلى الشركة على الفور لأن هناك أمرًا عاجًلا يتطلب وجوده ولا يمكن تأجيله.
▪▪▪▪▪▪▪▪▪
دلفت هانيا إلى مكتب طارق في عيادته بعدما ظلت تنتظر بالخارج لمدة ساعة إلى أن حان دورها في قائمة الكشف.
ابتسم طارق بعدما رآها ورحب بها قائلا:
-“اتفضلي اقعدي يا هانيا، أنتِ ليه مش قولتِ أنك ناوية تيجي العيادة النهاردة عشان أخليكِ تدخلي على طول أول ما توصلي؟”

 

هتفت هانيا برقة وهي تتصنع الخجل:
-“بصراحة أنا حسيت بالإحراج في نقطة أني أكلمك وعشان كده قولت لنفسي بلاش أتصل وأجي أستنى هنا لحد ما تخلص كل الكشوفات اللي وراك”.
عاتبها طارق على هذا التصرف ولكن تبدد ضيقه بعدما رأى الابتسامة التي منحتها له وسألها بلطف:
-“ويا ترى أنتِ بتشتكي من إيه يا هانيا؟”
أشارت هانيا نحو قدميها قائلة بانزعاج:
-“رجلي بتوجعني أوي من فترة للتانية والموضوع زاد أوي عن حده وأنا مش عارفة أعمل إيه بجد مع الوجع ده”.
نهض طارق وفحص ساقيها ووصف لها دهانًا مناسبًا يخفف عنها ذلك الألم الذي يأتي لها من حين لأخر بسبب حركتها الزائدة عن الحد وتصميمها على ممارسة رياضة الجري من أجل الحفاظ على رشاقتها.
حذرها طارق من تناول الأطعمة التي تحتوي على نسبة كبيرة من الأملاح كما أن شدد عليها في مسألة أنه يجب عليها أن تكثر من أوقات راحتها وأن تتوقف بشكل مؤقت عن ممارسة رياضة الجري.
ابتسمت هانيا بعدما تأكدت بما لا يدع مجالا للشك من مسألة حبه لها، وانصرفت بعدما منحها موعدًا أخر للقدوم بعد أربعة أيام.
▪▪▪▪▪▪▪▪▪
جلست سمية برفقة نادين في أحد المطاعم واستمعت لها، وعلمت السبب الذي جعل آدم يرمي عليها يمين الطلاق.
أخذت سمية في لومها على قيامها بهذا التصرف الأحمق الذي جعلها تجرح مشاعر زوجها وتحرم نفسها من نعمة الأمومة:
-“تصرفك كان غلط جدا يا نادين وآدم ليه حق يفكر أنك مش عايزة تخلفي منه بسبب موضوع رامز لأنك مش اتكلمتِ معاه بصراحة من الأول ووضحتِ ليه كل مخاوفك”.

 

دمعت عينا نادين وأردفت بحزن وهي تخرج من حقيبتها منديلا ورقيا حتى تمسح به أي دمعة تهطل من عينيها:
-“أنا عارفة أن أنا غلطت جدا يا سمية لما عملت كده بس الموضوع والله العظيم ملهوش أي علاقة برامز وكل الحكاية هي أن أنا خوفت أن يجي يوم ويسيبني وأنا عندي منه ابن أو بنت يعاني زي ما أنا عانيت من موضوع انفصال والدي ووالدتي”.
وضعت سمية كأس العصير الخاص بها جانبا واستمرت في لوم صديقتها قائلة:
-“المفروض كنتِ تصارحي آدم بالموضوع ده من الأول وبعدين أنا مش فاهمة إيه اللي مخليكِ شايفة أن آدم ممكن يتخلى عنك ويسيبك وهو أصلا بيحبك وأثبت الموضوع ده في مواقف كتيرة جدا قبل كده؟”
لم تجب نادين على هذا السؤال فهي لا يمكنها أن تخبر سمية بحقيقة أن آدم كان يحب شمس التي صارت الآن زوجة لمحمد؛ لأن هذا التصرف سيزيد من غضب آدم منها.
تمتمت نادين بحزن وهي تحيط رأسها بكفيها:
-”المشكلة أصلا أن آدم رافض يسمعني ومش قابل يتكلم معايا نص كلمة، ده غير أنه ساب البيت بس الحمد لله رجع تاني”.
ربتت سمية على كتف رفيقتها قائلة:
-“اهدي يا حبيبتي وإن شاء الله كل حاجة هترجع بينكم أحسن من الأول بس أهم حاجة هي أنك تستحملي آدم الفترة دي لحد ما يهدى وأحب أطمنك وأقولك أنه أصلا مش بيفضل زعلان لفترة طويلة ومسيره هيهدى ووقتها ابقي اتكلمي معاه وفهميه كل حاجة”.
انسكب قليل من العصير على تنورة سمية، فزفرت بضيق وذهبت إلى الحمام حتى تتعامل مع البقع التي استحوذت على عدة مناطق من تنورتها، وتركت خلفها هاتفها الذي كان موضوعا على الطاولة أمام نادين.
اهتز هاتف سمية عدة مرات وأُضيئت الشاشة دليلا على تلقيه رسالة وهذا الأمر لم يشغل بال نادين إلا عندما وقع بصرها على الشاشة ورأت جزءا صغيرا من الرسالة التي تم استلامها.
تملكت الصدمة من نادين عندما وجدت أن المرسل هو نفسه رامز ابن خالتها وأرادت أن تفتح الرسالة حتى تقرأها ولكنها لم تتمكن من فعل ذلك بسبب وجود رقم سري يجب كتابته قبل الدخول إلى خانة الرسائل فاكتفت بقراءة الكلمات البسيطة التي ظهرت من الخارج وهي:

 

-“هفضل أحبك برضه حتى وأنتِ مش بتردي عليا”.
تلك الكلمات جعلت نادين تتأكد بما لا يدع مجالا للشك من حقيقة وجود علاقة غرامية بين رامز وسمية ولكنها لا تفهم كيف ومتى حدث هذا الأمر؟!
نهضت نادين وهتفت بعدما رأت سمية التي عادت مرة أخرى إلى الطاولة:
-“بعد إذنك يا سمية، أنا مضطرة أمشي دلوقتي لأن ماما اتصلت عليا وطلبت مني أروحلها”.
لم تنتظر نادين سماع رد صديقتها وإنما انصرفت بسرعة وكأنها تهرب من ثعبان شرس يريد أن يلدغها.
استغربت سمية من تصرف صديقتها ولكنها لم تشغل بالها بالأمر وإنما أمسكت هاتفها، وابتسمت عندما وجدت رسالة جديدة من رامز.
فتحت سمية الرسالة وأخذت تقرأها وكانت ابتسامتها تتسع مع كل كلمة تقرأها، وعلقت في ذهنها إحدى الجمل التي كتبها والتي أخبرها بها:
-“الظاهر كده أنك عايزة تعرفي غلاوتك عندي عاملة إزاي وأنا أوعدك أني هقدملك قريب هدية جميلة جدا هتخليكِ تتأكدي من حبي ليكِ وأني مش عايز أي حاجة من الدنيا غيرك”.
وضعت سمية الهاتف في حقيبتها وتركت الحساب على الطاولة وكادت تغادر المطعم ولكنها تصنمت فجأة بعدما رأت من بعيد لميس التي تجلس برفقة رامي وتتبادل معه الضحكات بشكل أثار استنكار كثير ممن كانوا يجلسون داخل المطعم.
حاولت سمية أن تستوعب حقيقة ما تراه أمامها في تلك اللحظة، فهي تعلم جيدا أن لميس لم يتم خطبتها بعد ووجودها الآن في هذا الوضع برفقة شاب غريب دليل على أنها تسير بقدميها وبمحض إرادتها نحو الهاوية.

يتبع…

لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا

لقراءة باقي حلقات الرواية اضغط على : (رواية أوهام الحب الوردية)

اترك رد

error: Content is protected !!