روايات

رواية قلبي و عيناك و الأيام الفصل السابع 7 بقلم رحاب إبراهيم حسن

رواية قلبي و عيناك و الأيام الفصل السابع 7 بقلم رحاب إبراهيم حسن

رواية قلبي و عيناك و الأيام البارت السابع

رواية قلبي و عيناك و الأيام الجزء السابع

قلبي و عيناك و الأيام
قلبي و عيناك و الأيام

رواية قلبي و عيناك و الأيام الحلقة السابعة

~… ابتسامة على شفتيه…~
ذلك الكبرياء الذي قال بالأمس أنا ….. فقد ذاكرته حينما دقت عقارب الفراق…!
لم تكن أنفاسه المتسارعة تلهث من سرعة حركته إلى سيارته ….. بل من محارب خوف قلبه عليها …..
عاقب يا قلب عنيد ولكنك تحب بالتأكيد …..
فتح باب سيارته وسرعان ما شقت سيارته سير الطريق …. عينيه تلتفتان بجميع الاتجاهات بحثًا عنها ….
بينما هي أوقفت سيارة أجرة على بُعد أمتار بعيدة خارج المشفى …واستقلتها إلى عنوان شقة بأحد أحياء القاهرة كانت تعرف منذ سنوات أنها تابعة للعائلة …..
لم تثبت عينيه على شيء لأكثر من ثوانِ قليلة وهو ينظر هنا وهناك عل عينيه تلمحها …..
وأخيرًا وقعت نظرته على الوجه المستهدف …. أوقف وجيه سيارته وهو يتلفظ باسمها بصوتٍ عالِ…
لم تنتبه له….. ولم تدرك أنه موجود بالاساس بل استقلت السيارة الأجرة وابتعدت في دقيقة !
أطرق وجيه على مقود السيارة في عصبية، ثم حرك سيارته مرةً أخرى….وتعجب إلى أين تريد الذهاب !
هل ستستقل القطار لتصل إلى منزل عائلتها هناك ؟!
ماذا يدور بذلك الرأس المحكمة بحجاب اسود كأنه يحجب أفكارها !!
اعطت ليلى السائق عنوان الشقة …وتنهدت بدموع عينيها في حسرة ….
من بين تشوش أفكارها ….وذاكرتها المتأرجحة ….التي تُلقي ببعض الأحداث …كأنها تلفظ نواة !
إلى أين تأخذها الأيام ؟!
➖➖➖➖➖➖➖➖➖➖➖➖➖
بالمشفى …..
أنهى د.أمجد مروره على بعض المرضى…. وكأن حزنه أنعكس على ملامحه العابسة….وتقطيبته التي باتت وكأنه أحد سيماء ملامحه !
رفع حجر نظارته أعلى أنفه بعدما ارتخى قليلًا ، حتى توقف عندما سمع بالصدفة اسم الممرضة ” سمر”
استدار بلهفة ضجت بها عينيه حتى وجدها تأتي من مدخل الطابق وقد أوقفتها أحدى أصدقائها الممرضات في ترحيب …. وقف يتأملها بشوق وأنين قلبه يبكِ بخفاء ….
ظل هكذا حتى أنتهى الحديث سريعاً بين الفتاتين ولم يشعر إلا عندما ساقته قدميه اتجاهها …. فكادت سمر أن تنعطف لممر جانبي، ولكنها وقفت بابتسامة بسيطة عندما وقف أمجد أمامها :
_« أزيك يا دكتور أمجد …؟ »
قالتها ببساطة … ولكن ماذا يفعل بابتسامة تتسلل إلى قلبه گ شمس الصباح؟
تخرج الصبح على عتمة أحزانه ووحدته ؟!

 

قال ببطء :
_« بخير يا آنسة سمر …. أنتِ أخبارك إيه ؟ »
هزت سمر رأسها في نظرة راضية وقالت :
_« الحمد لله … جيت اسلم على زمايلي قبل ما أخد الأجازه بتاعتي ….عقبالك يا دكتور …»
كأن كلماتها حد السكين … تجعله يسير رغما عنه على أثيرها…. ابتلع أمجد غصة مريرة ورد عليها :
_« ربنا يراضيني باللي بتمناه …. من حقي اتمسك بحلمي حتى لو شايفه مستحيل يتحقق …. »
استاءت سمر من الحديث بهذا الأمر…. لما يريد هذا الطبيب الشاب أن يرغمها على الندم والتراجع في قرار زواجها ؟!
قالت وظهر بعينيها الضيق :
_« من حقك طبعاً يا دكتور …. بس الأفضل أنك تبص لأرض الواقع عشان ما تلاقيش نفسك في يوم من الأيام لوحدك !
مش كل احلامنا لازم ناخدها …. خصوصا ……»
قاطعها أمجد بنبرة بها لمحة عصبية وغضب :
_ « خصوصاً أني شايف أنك بتضيعي نفسك …. أنا محاولتش العب بيكِ يا سمر ! أنتِ مش بتحبي د.محمود… وغير ده كله هو مايستحقكيش صدقيني ! ….ارجوك راجعي نفسك لسه في وقت !»
رفعت سمر أصبعها بتحذير في وجهه، ونظرة منفعلة بضيق وقالت :
_« لو سمحت يا دكتور ….كفاية لحد كده لأني مش هسمحلك !
ما تنساش أن د.محمود يبقى خطيبي وبعد شهر هيبقى جوزي بأذن الله …. يعني مش هسمح لحد يتكلم عليه كلمة واحدة !
مش شايفة أني عملت حاجة غلط عشان حبيته واختارته !
ولا هو عشان أكبر مني بـ بكام سنة يبقى ماينفعليش وهندم وووووو ؟! »
ضيق أمجد عينيه بنظرة قاسية معذبة وقال :
_« مش السبب أنه اكبر منك ب ١٦ سنة بس ….أنتِ عارفة كويس أنه عينه زايغة وبتاع بنات … خايف تندمي …. مش هحب أشوفك حزينة … ومش هحب أشوفك برضو مع حد تاني …. ومش عارف اللي جاي إيه بس أنا بحاول ….»
زفرت سمر بضيق شديد من حديثه…لما يذكرها دائمًا بشيء تحاول تجنبه بالأخص في الفترة الأخيرة…..قالت بنرفزة :
_« كل واحد حر في حياته يا د.أمجد ….الحب مش بالعافيه ! »
تركته يقف وحيدًا يتأملها في صمت …گ الطائر الجريح الذي بترت أحد جناحيه ….
دلفت سمر لأحد الغرف الخاصة بالممرضات ووضعت حقيبتها في حركة عصبية…. تفاجئت بها الممرضة منى وابتسمت عندما رآتها ….توجهت لها مرحبة حتى لاحظت مدى الضيق على وجه سمر ….. خمنت منى السبب وقالت :
_« د.أمجد ولا د.محمود …؟ واحد فيهم اللي بيخليكي كده ؟! »
نطقت سمر بغيظ وهي تنفخ بعصبية :
_« المستفز اللي اسمه أمجد ! كل ما يشوف وشي يديني محاضرة في حبه وأحلامه …أنا مش فاهمة أزاي لسه عنده أمل وأنا خلاص هتجوز بعد كام يوم ؟! »
ابتسمت منى ببعض اليأس من تراجعها بامر زواجها وقالت لصديقتها :
_ « عشان بيحبك ….. وياريتك كنتِ هتتجوزيه هو…. بصراحة أنتِ عارفة أني مش بطيق د.محمود وعمري ما شوفته مناسب ليكِ أنتِ بالذات …..»
رمتها سمر بنظرة غاضبة وهتفت :
_« أنتِ كمان يا منى ؟! ماله محمود مش فاهمة ؟! ما في بنات كتير اتجوزت واحد أكبر منها بكتير وعايشة مبسوطة فين المشكلة ؟! لا حرام ولا عيب…… وبعدين أيه أنت بالذات دي ؟! »
أجابت منى وهي ترتب بعض أوراق تقرير طبي خاص بأحد المرضى :
_ « هو في نماذج فعلًا ناجحة وعايشين مبسوطين ….بس نسبة كبيرة برضو يا سمر عايشين في مشاكل ….بس مش هو ده السبب برضو…. اللي كلنا شايفينه وأنتِ رافضة تشوفيه ….. د.محمود بتاع بنات من الدرجة الأولى…هتستحملي ده يبقى كملي …مش هتستحمليه فكري قبل ما تدبسي ……»
وأضافت بتوضيح :
_« أنت بالذات بقى لازم تاخدي بالك ….عارفة أن اللي هقوله جارح بس حالنا من بعضه يا سمر…. أنتِ زي حالاتي ….لأ أب عايش ولا ليكِ أخ ولا حد يوقف في ضهرك لو في يوم جوزك هانك ….. يعني لما تختاري لازم تفكري الأول أنه أبن حلال وهيصونك وهيتقي الله فيكِ….زوج يبقالك كل اللي اتحرمتي منه …مش يحرمك حتى من وجوده في حياتك !
عارفة يعني إيه تبقي متجوزة وحاسة أنك لوحدك ومالكيش حد ؟!
ده احساس مش بيجي غير نتيجة اختيار غلط …خلي بالك …»
جلست سمر على مقعد بالغرفة أمامه طاولة بيضاء معدنية وقالت بتنهيدة عميقة والقلق يحوم بنظراتها :
_« مش هخبي عليكِ وأقولك أني مش خايفة …. بس كل ما أجي أفكر ألاقيه بيضحك عليا بكلمتين حلوين ….. الغريبة أنه مش سايبلي فرصة حتى أني أفكر في ارتباطنا قدام…. !
تعرفي …لما مرة أجي اتكلم معاه في بكرة….الاقيه بيكلمني عن دلوقتي…..كأنه مش شايفني معاه في اللي جاي …. بيحسسني أن وجودي فترة في الوقت اللي بنيت أحلامي كلها بوجوده معايا ! »
فقالت منى أخيرًا قبل أن تخرج من الغرفة :
_« فكري تاني وتالت ….قدامك شهر تقدري تاخدي فيه قرارات كتير….. فكري الف مرة قبل ما تغلطي مرة واحدة ….»

 

 

➖➖➖➖➖➖➖➖➖➖➖➖➖
وقفت السيارة الأجرة عند مدخل مبنى راقي من عدة طوابق عالية …مبنى أشبه بناطحات السحاب….. وحدة سكنية راقية بأحياء القاهرة …..
نظرت ليلى لشقة الطابق الرابع بالمبنى وتمنت أن يكن ظنها صحيح ….. تعرف أن صالح لا يعرف الأختباء فهو مثل الحاكم الظالم ….. يستبد في حكمه بمنتهى الجبروت ….
خرجت من السيارة سريعاً واقتربت من حارس المبنى وسألته ….تنفست الصعداء عندما أخذت الإجابة المرجوة بأن صالح أتى مع صغيرتها منذ دقائق …..
تركها الحارس تدخل للمبنى فهو يعرفها حق المعرفة ولم يأخذ إذن بمنعها من الدخول…..
ركضت إلى باب أحد المصعدين المتجاورين حتى دخلته …ولحظات قصيرة وكان يرتفع للأعلى حتى شقة الطابق الرابع …..
بداخل الشقــــــة …..
دفع صالح الصغيرة الباكية إلى داخل أحدى الغرف بقسوة كأنه خاطفها وليس أبيها !
بينما شاهده الجد ” صادق” وهو يجلس على أريكة من القطيفة بلون ذهبي …..يرتدي عباءة سوداء ثقيلة على كتفيه ويجلس بنظرة للأسفل ولكنها تبدو شاردة بعيدة…..
جلس صالح وهو يضع سيجارة بفمه ويشعل أطرافها بابتسامة شامته ….لم يتحدث …. نفث دخان سيجارته وقال بنظرة انتصار والسيجارة يهرب منها السنة الدخان بين أصبعيه :
_ « هتجيلي لحد عندي….تترجاني …. هحط رجل على رجل وتنفذ شروطي …..»
وضع صالح ساق على ساق بغرور …رفع الجد صادق رأسه ونظر له في ثبات وقال :
_« وأخرتها يا صالح ؟! ما تنساش أنها حفيدتي واللي بيحصلها مش راضيني …! »
وضع صالح السيجارة بفمه مرة أخرى وهو ينظر لجده في نظرة ضيقة حادة…كأنه ينذره أو يحذره …أو بالأصح يهدده !
ثم نفخ الدخان باتجاه جده وقال بنبرة بها تحذير :
_ « خليك فاكر يا حج صادق أن اللي بيعارضني بيخسر…. وما تنساش أن كل اللي عندك اتحول باسمي ….يعني بكلمة مني أطرد العيلة كلها في الشارع ومحدش ليه عندي جنيه …ومن حقي ….
من حكم في ماله ما ظلم ….يا حج ! »
أكد صالح على كل كلمة ….فنظر له الجد بنظرة بها ندم رجل لم يندم على شيء مثل ندمه على تسليم الأمر كاملًا لذلك المخادع الماكر….الذي استطاع أن يحول جميع ثروة العائلة منذ عقود باسمه !!
قال صادق بصوتٍ حاد :
_« حقك يابني ….. أنت مش غلطان ….. الغلط مني أنا …. أنا اللي ربيت تعبان لحد ما كبر ونهشني ….. ياريتك طلعت زي أبوك الله يرحمه …. كان زيك في كل شيء إلا أنه يتحداني ويهددني ….لولا أني مش هقدر على شماته الكل فيا مكنش همني اللي هتعمله ….»
وأضاف الجد بحسرة :
_« حتى ولادك اللي قولت هيعوضوني عنك …ماتوا …..السوالم فضلت ورايا لحد ما كسروا ضهري تاني !! »
جز صالح على أسنانه بعنف وقال :
_ « ما أبنك السبب …. »
هتف الجد بعصبية :

 

_« اسمه عمي …مش أبنك !
أبني ده اللي ادالك بناته الاتنين اللي اتسببت في انتحار واحدة ….والتانية كانت هتحصل أختها لولا ستر ربنا ….لولا أني مش راضي الفضيحة كنت عرفت الدنيا بحالها أن صافية انتحرت …مش ماتت موتة ربنا زي ما الكل فاكر! »
دث صالح عُقب سيجارته أسفل حذائه ودهسه بغلظة ….وبنظرة عنيفه لجده ثم قال بتحذير له :
_« أنت قولتها ياحج صادق ….أنت ربيت تعبان ….أنا تعبان … تحذيري لوحده سم ….مش هفكرك أني مش ببقى على حد …. ولا حتى هبقى عليك أنت….تربيتك وشربت منك اللي أنا فيه نقطة نقطة …. جاي تلومني على شيء أنت ربتني عليه في الأصل يبقى لوم نفسك ! »
خشي الجد من نظرات حفيده الشرسة …الذي يعرف أنه على أتم الاستعداد لفعل أقبح الأشياء دون رمقة ندم !
نهض صالح من مقعده وقال وهو يحكم الشال الثقيل حول كتفيه جيدًا :
_ « أنا خارج ….هقابل المنصوري في مكتبه عشان طلبية الخشب اللي بقالها أسبوع متعطلة …. »
توجه صالح بعد ذلك في اتجاه باب الشقة ثم غادرها ……
دخل المصعد وبعد نصف دقيقة خرجت ليلى من المصعد الآخر الجانبي وهرعت إلى الشقة رقم ١٠ …..
دقت جرس الباب وفتح لها الخادم الذي نظر بها بقلق وحيرة من السماح بالدخول….دفعته بحدة وركضت للداخل حتى توقفت عندما وجدت جدها يضع رأسه على يديه التي تضم عصاته التي يستند بها على الأرض ….يبدو أنه في حالة من الضيق والحزن ….كانت تعرف أن تلك اللمحة لا تظهر عليه بالصدفة !
قالت بهتاف وعصبية :
_« بنتي فين ؟! »
رفع الجد رأسه بهم ثقيل يطل من عينيه ….ثم نظر إليها بنظرة غامضة فكررت ليلى سؤالها بعصبية :
_« رد عليا بنتي فيـــــــن ؟! »
قال الجد وهو يهرب بعينيه في نظرة خزي وندم :
_« بنتك في الأمان يا ليلى ….هتلاقيها في الأوضة اللي على شمالك دي….خدي بنتك من هنا وأبعدي يا بنتي ….. أبعدي عن الشيطان ده…..»
هرعت ليلى للغرفة على يسارها وفتحتها سريعا حتى وجدت أبنتها الصغيرة تدفن رأسها بالوسادة وتكتم صرخاتها ….ركضت إليها وهي تردد اسمها حتى رفعت الصغيرة رأسها بعينيها تطرفان بسرعة عالية كأنها وجدت طاقة نور بآخر النفق المظلم …..
ضمتها ليلى باكية بقوة وتمسكت بها الصغيرة وهي تبك أيضاً وتعاتبها ببراءة على تركها فقالت ليلى بأسف ودموع مؤلمة:
_ « حقك عليا يا عمري….لو هموت مش هسيبك تاني …»
نهضت ليلى وهي تحمل أبنتها التي علقت ذراعيها الصغيرة حول رقبة أمها تناجي منها الأمان والحماية …..
خرجت من الغرفة فوجدت الجد صادق يقترب منها ….ابتعدت عنه وهي تحتوي أبنتها بين ذراعيها أكثر ….فقال الجد بشيء من الأسف :
_« حاولي تسامحيني يابنتي ….أنا عارف أنه صعب ….بس حاولي …. صالح مش هنا ….أمشي قبل ما يجي تاني …..»
قالت ليلى بنظرة شرسة ونبرة غاضبة :
_ « أنا جيت من الباب مجيتش متخفية ….جيت وكان نفسي أشوفه عشان أقوله أن من النهاردة هقدر اقف قصاده ….واللي هيقرب لبنتي يبقى نوى على موته …..»
قال لها الجد بصدق :
_« ده شيطان يابنتي …متقربيش منه …أبعدي عنه على اد ما تقدري ….. وخدي بنتك وأنا هبعتلك اللي يكفيكِ….أنا حتى مش عارف أروح أشوف أبني بسبب المجرم اللي نكر خيري ونهش لحمي وأنا حي ….. حرم عليا أزوره»
صدح صوت صالح من باب الشقة الذي ظل مفتوح …قال بابتسامة ساخرة :
_ « منورة بيتك يا ست الحسن والجمال ….كنت عارف أنك هتيجي ….البواب قالي أنك هنا ….رجعت أشوف مراتي ! »
جف ريق ليلى من مفاجئة وجوده ….وتظاهرت بالقوة ولكنه ترتعب من مجرد وجوده …..قالت وهي ترتجف :
_« أنا مش مراتك …مابقتش على ذمتك ….يمكن دي الحاجة الوحيدة اللي خليتني أقدر اقف رجلي من تاني …..»
اقترب صالح ببطء …. ورغم ذلك شعرت بسرعة اقترابه !
ضغطت على أسنانها بقوة حتى لا يظهر رجفة شفتيها وهي تبتعد خطوة للخلف …..وقف أمامها ونفث دخان التبغ بوجهها وقال :
_ « عايزة بنتك خوديها …حبيت بس أعرفك أني اقدر أخدها بأقل مجهود….. بس لو فكرتي مجرد تفكير تبقي على ذمة راجل تاني مش هتردد لحظة أني أموته قدام عينك ….وأظن أنتِ عارفة كويس أوي أني اد كلامي …..»
ضيقت ليلى عينيها باحتقار وكراهية العالم كله بنظراتها له الآن مع بريق سخرية من نعت نفسه بالرجل …!!
أسودت عين صالح بعنف وفهم ما ترمي إليه …حتى عندما رفع يده ليصفعها أوقف يده جده قائلًا بغضب :
_ « أمشي يا ليلى أنتِ وبنتك دلوقتي ….. وكلامنا بعدين ….»
قال صالح بنظرة عنيفة من بين أسنانه :
_« خلي الدكتور ينفعك ….. ده لو قدر يحمي نفسه مني لو فكر بس يقربلك ….. أنا محدش ياخد مني حاجة غصب عني …. ولو حصل ههد الدنيا على دماغك ودماغه….هتلافي نفسك خسرانة كل حاجة …. وأولهم هو ….»
نزفت عينيها دموع منهمرة وقالت بحسرة ومرارة :
_« أنت أزاي ناسي أن ربنا موجود ؟! أزاي مش خايف منه ومن كل سنين الظلم اللي دوقتني مرارها كل يوم في العشر سنين اللي فاتوا ؟! منك لله….منك لله …..»
اسرعت للخارج وهي تبكِ…..كانت أبنتها الصغيرة تحتمي بذراعيها ….الصغيرة لا تفهم معنى ما يقال….لا تفهم سوى لغة الصراخ والعنف التي طالته على يد أبيها …..

 

بالطريق ……
خرجت ليلى وهي تضم صغيرتها بقوة واستطاعت بصعوبة أن توقف سيارة أجرة من الطريق …..
جلست بالسيارة وكادت أن تخبر السائق العنوان حتى رأت من يفتح باب السيارة المجاور لمقعدها ويجلس بجانبها …حتى أن السائق تفاجئ …… قال وجيه بصوت متعصب وأخبر السائق بالعنوان ……
تحركت السيارة تحت نظرات ليلى المصدومة من مجيئه …
أرادت بقوة أن تبتسم …!
ترتمي بين ذراعيه وتطلب أن يبقى إلى الأبد ….!
أن تخبره بكل ما تستطع تذكره من تيهتها ….
ولكن ….أين المسير والمصير بعد هذا ؟!
يجب أن يبقى بعيدًا ….لابد أن يبقى بعيدًا ……
انتبهت الصغيرة لصوت وجيه فبدأت تبكِ مرة أخرى بعدما توقفت بعض الشيء…..
بكائها عتاب ! كأنها تعاتب والدها أنه ترك يديها بين الزحام ؟!
تنقلت نظرة وجيه على ليلى والصغيرة ….لم يريد أن يتحدث ليثير فضول السائق ….فقال هامسا للصغيرة الباكية :
_ « بطلي عياط …»
تمسكت الصغيرة بملابس أمها وقالت له في بكاء وعتاب :
_« مالكش دعوة بيا ….أنت سيبتني ….أنا زعلانة منك …»
اغمضت ليلى عينيها بدموع وعذاب…كأنها هي من تقول ذلك وليست صغيرتها …..!
صمت وجيه ونظر أمامه في تنهيدة يملؤها الهم والعذاب ….فقد لاحظ أن ليلى تأثرت مثله بكلمات صغيرتها …..
تاه كل منهما في حالة من الشرود …..ولكنه كان يشعر بأنين دموعها …..
هناك ضجيج بهذا الصمت….هناك رباط بينهما معقد لا يقبل الفكاك والهجر…..هناك شيء سيبقى بينهما دائمًا….!
بالمشفى ……
دخل مكتبه منذ دقائق عدة ….ذرع المكتب ذهابًا وإيابًا ….لم يستطع أن يغضب حتى وتلك الصغيرة التي تشبه الملائكة متمسكة بها ….يكفي أنه تركها وهي تستنجد به !
أتت لمكتبه رئيسة الممرضات “عفاف” وقالت له بهدوء :
_« رجعت يا دكتور … رتبتلها أوضة مجهزة زي ما قولتلي ….. بآخر الممر ده ….. »
هز وجيه رأسه وغادرت المرأة ….. ولم يستطع وجيه أن يقف أكثر من ذلك….خرج من مكتبه وتوجه لغرفة آخر الممر …..
وبالغرفـــــة……
تلقت ليلى زي خاص بالمشفى ووجبة طعام مسائية ….. أطعمت أبنتها ثم تركتها تأكل ثمرة من التفاح الطازج وبجانبها ثمرتين من الموز …..
دخلت ليلى حمام الغرفة لتغتسل وترتدي زي المشفى ولحظات وكان وجيه أمام الغرفة ….دق مرتين ولم يسمع أي صوت ففتح الباب بقوة…..حتى وجد الصغيرة على الفراش تحرك فمها بالمضغ …..
رقت نظرته عليها وأقترب لها بعدما أغلق الباب …..توقفت الصغيرة عن المضغ وبدأ القلق يضم ملامحها وهي لا تعرف من صاحب الخطوات …..
همس ليطمئنها :
_« أنا الشاطر وجيه …..»
ابتسمت الصغيرة ” ريميه” ثم أخفت ابتسامتها عندما تذكرت ما حدث منه وامتلأت عينيها بالدموع سريعاً….منتهى البراءة في المحبة وسرعة الخصام …..
مرر وجيه يده على رأسها بحنان …وأسفه أنه وقع بحب تلك الصغيرة أيضاً….. محبة أبوية صادقة زرعت بقلبه منذ رؤياها ….همس بأسف :
_« أنا أسف ….مش هسيبك تاني ….»
مسحت عينيها وكأنها بدأت تصفح عنه فتابع :
_ « مامتك فين ؟! »
أشارت الصغيرة للأمام وقالت :

 

 

_« راحت هنا …»
نظر وجيه للإتجاه المشار وانتبه لحركة بداخل حمام الغرفة ….. تسمر مكانه عندما شاهد ظلها خلف الباب الذي نصفه من الزجاج ويبدو أنها تبدل ملابسها ….. وتمايل ظل شعرها الطويل كان واضحا ….
ارتبك وابعد عينيه عن ذلك الاتجاه سريعا …. وقعت ثمرة التفاح الكبيرة من يد الصغيرة …..عبست بضيق فابتسم وجيه للحظة من عبوسها ……أخذ الثمرة والسكين من على الطاولة وبدأ يقطع الثمرة لقطع صغيرة ويطعم الطفلة…
ابتسمت الصغيرة وهي تأكل ….وكأنه لم يخذلها قط فقد غفلت عن ما حدث وضيقها منه بتلك الثوان البسيطة !!
اطعمها قطعتين مع بعضهما ….فضحكت ريميه ضحكة خافته جعلت وجه وجيه تتسلل اليه الابتسامة في دفء ومحبة … وقال ليشاكسها :
_« ضحكتك زي ضحكتها …. بتخطف ! »
تسللت الابتسامة لوجه آخر…كان وجه ليلى التي تبدلت دهشتها لوجوده إلى ابتسامة حنونة وهي تراه يطعم أبنتها ……
يبدو أنه لم يشعر بخروجها تحت ضحكات الصغيرة التي تعالت شيئاً فشيء ….
ثم أخذت الصغيرة قطعة التفاح من يده وبدلًا أن تضعها بفمها قالت له :
_ « هتاكل دي …هم نم ….»
وضعت يدها الصغيرة على فمها وضحكت …. ابتسم لها وجيه أكثر وأخذ يدها لتضع القطعة بفمه ….. ظهر صوت ضحكة ليلى الآن فنهض وجيه وتبدلت ابتسامة تقطيبة ونظرة غاضبة …..
حاول أن يترك أمر طلتها التي وكأنها أضاءت بذلك الزي الخاص بالمشفى … كان الزي من قطعتين…أحداهما قميص مفصل للسيدات والأخرى بنطال …..
ورغم أنه بسيط جدًا بلونه الزيتوني القاتم والحجاب المكون من قطعتين أيضاً من اللوني الأسود والزيتوني….. ولكنه أبرز لون عينيها العسلية أكثر….. لدرجة أربكته….
شملها بنظرة سريعة وكأن ذلك أغضبه أكثر وهتف بعصبية :
_« آخر مرة تخالفي آوامري وتخرجي….أنا سكت بس عشان ريميه والحالة اللي كنتِ فيها ….بس ممنوع تخرجي غير بأذني بعد كده ……»
نظرت ليلى لقطعة التفاح بفمه الذي يجاهد كي يتحدث دون أن تعيق حديثه فرغما عنها ابتسمت …..
دهش وجيه وصاح وهو يحاول ابتلاع قطعة التفاح ولكنه فشل :
_« بتضحكي على إيه ؟! »
أشارت له ريميه بثمرة من الموز وقالت له :
_« قشرلي دي ….»
كتمت ليلى ضحكة كادت تفلت منها …..أخذ وجيه ثمرة الموز من الصغيرة وعينيه على ليلى ويديه تزيل قشرة الموز وقال بعصبية :
_ « شغلك هنا ما ينفعش فيه استهتار لأني……»
وضعت ليلى يدها على فمها وضحكت رغما عن كل شيء يبكِ بقلبها ولكن مظهره حقا جعلها تضحك ….
اطبق شفتيه بغيظ ثم أعطى الطفلة الثمرة مقشرة ….قطعت الطفلة الثمرة لنصفين وقالت له :
_ « عايزة أقول حاجة في ودنك …»
نظر وجيه للصغيرة وبدأ يغتاظ منها بالفعل …..اقترب منها قائلًا :
_« هتقولي إيه ؟!! »
رفعت الصغيرة قطعة الموز لاتجاه مصدر الصوت وقالت بضحكة :
_« هم نم تاني ……»
استطاعت بذكاء أن تضع قطعة الموز بفمه فأنخرطت ليلى بضحات لم تستطع وقفها ………
ابتلع وجيه ما بفمه بنظرة غيظ لكلاهما قال بصوت محشرج من الفاكهة بفمه :
_« حصليني على المكتب ….»
هزت ليلى رأسها بالإيجاب وهي تضحك حتى غادر الغرفة بحركة عصبية ……ضمت ليلى صغيرتها بحنان ودثرتها بالغطاء جيدًا قائلة بهمس :
_« هجيلك كل دقيقة أطمن عليكِ يا حبيبتي ….ما تخافيش …»
وكأن الصغيرة أيقنت الأمر وشعرت به قبلًا…هزت رأسها بموافقة وتمددت أسفل الغطاء وهي تبتسم بقبول وهدوء …..
قبّلتها ليلى على رأسها برقة ثم خرجت من الغرفة ……توجهت لمكتبه مباشرةً….

 

 

➖➖➖➖➖➖➖➖➖➖➖➖➖➖
دقت ليلى على باب مكتبه حتى سمعت صوته وهو يسمح لها بالدخول…..
نهض وجيه من مكتبه وأخفى كل شيء كان يصيح بعينيه منذ قليل وتظاهر بالثبات وهو يقف أمامها…..للتو لاحظ أن مقاس الرداء مناسب تمامًا عليها….يفصل جسدها بعض الشيء…. زفر بعصبية ونعت من اختار لها هذا المقاس تحديدًا ….ثم قال بعصبية واضحة :
_« كلامي ما يتناسش ….عشان ما تحطيش نفسك في موقف وحش ….»
أرادت أن تبتسم حقا….ليس للمرح هذه المرة ….بل لأن حتى تهديده وأقسى شيء لديه هو أن يهتف بها هكذا !
يخفي ما يكنّه بتلك النبرة التي حتى لا تعتبرها غاضبة للحد الكريه والمنفر….
بينما هناك ما كان تهديده بالقتل …والموت !
شتان بينهما !!
قالت بهدوء :
_ « حاضر ….مش هطلع غير بأذن …طالما بنتي معايا وأبويا هنا مش هحتاج أطلع أصلًا ….كل اللي محتاجاه أنهم يبقوا في أمان ….»
أحتار وتردد في طرح السؤال …حتى قاله في عصبية :
_ « طبعا لقيتي طليقك وأنتِ بتاخدي البنت ….ضايقك ؟ »
قال كلمته الأخيرة بأكثر عصبية وكأنه ينتظر اجابتها ليذهب وينقض عليه ضربا …..قالت ليلى وهي تزدرد ريقها بقوة….لما تأبى ذاكرتها نسيان كل ما يفعله ذلك المجرم ؟!
بينما تعاقبها بنسيان أشياء تطيب مرارة أيامها ؟!
قالت بتنهيدة :
_« لأ…. »
كانت إجابتها مختصرة بالنفي…ورغم ذلك لم تريحه ولم ترضيه …كان ينتظر منها أن تخبره أكثر من ذلك ….أن تنفي أنها لم تحبه يوما …أي شيء …ولكنها لم تتفوه بأكثر من النفي !
قال بتعجب وسخرية :
_ « هدوئك وكأنك مش خايفة من اللي ناوي عليه يثير السخرية فعلًا !! »
نظرت له بثبات وقالت بنبرة عتاب :
_ « أنا مبخافش منك …..»
صمت للحظات وهو يحاول فهم إجابتها لأي منحنى تسير …قال بمحاولة حقيقية للفهم :
_ « تقصدي إيه ؟! »
ادمعت عينيها رغمًا وقالت بصدق :
_ « لو تعرف اللي أقصده يمكن مكنتش فكرت تعاقبني ! »
أطرقت رأسها للأسفل وهي تمسح عينيها من الدموع ….ف رقت نبرته فجأة وقال :
_ « كتر الكدب بيوصل الانسان أنه بيبقى نفسه يصدق حد معين….وخايف يصدقه ….لا عارف يقسى …ولا يرجع بطبيعته معاه !! »
دقت كلمات صالح بعقلها ….اغمضت ليلى عينيها بقوة كي تبعدها …..يبدو أن وجيه من بين جميع قسوته ينتظر بادرة منها ليقترب !!
قالت مقاطعة :
_ « طب بعد أذنك يا دكتور….دكتور عفاف قالتلي ما تتأخريش ….»
نظر لها بغيظ وعصبية ثم هتف بها :
_« طب أبقي قوليلي تغيرلك مقاس اليونيفورم ده ….!! »
تعجبت ليلى منه وتسائلت وهي تنظر لنفسها :
_« ليه ماله ؟! »
صرّ على أسنانه بحدة وصاح بحدة :
_« ضيق ….»
اتسعت عين ليلى بدهشة …..لم يكن المقاس بالضيق أبدًا ….ولم يكن بالفضفاض أيضا ولكنه مناسب تمامًا ولا يبدو فيه شيء مُلفت للأنتباه !!
أحمرت وجنتيها بحياء وخرجت من المكتب دون حتى أن تستأذن منه ……

 

 

➖➖➖➖➖➖➖➖➖➖➖➖
في إحد النوادي الليلية ….
جلس الرباعي الشباب من عائلة الزيان حول طاولة في قاعة يضج فيها كثير من الأضواء المتراقصة …..
قال يوسف بضحكة ساخرة :
_« عندي أحساس أنه كباريه ! »
رد رعد بسخرية وهو يضع ساق على ساق بثقة :
_« حاسس مش متأكد ؟! »
نفخ آسر بعصبية وهو ينظر حوله بنظرة ضائقة وقال :
_ « أنا جيت بس عشان أخد بالي منكوا ….حاسس أن الليلة دي مش هتعدي على خير …..»
نظر جاسر لهم وقال بغيظ :
_ « جاتكوا الهم…عيلة كئيبة !! أزاي حد فرفوش زيي يبقى قريب من ٣أكئب من بعض !! »
سومه رعد بنظرة ماكرة وقال :
_ « كنت عايز بوسي هي اللي قريبتك صح ؟! »
اشار له جاسر بتحذير :
_« كنت خنقتها بإيديا ….. ليه أنت شايفني إيه ؟ »
قال يوسف وهو ينظر لاتجاه آخر :
_« طرابيزة….»
ضحك رعد وآسر بينها هتف جاسر بعصبية وهو يمنع نفسه أن يلكمه في صدره :
_« طولة لسان مش عايز !! »
صحح يوسف وقال وهو يشير للطاولة المتحركة التي تثبت عليها حلوى عيد الميلاد وتقترب بيد النادل لنصف القاعة ….وقال :
_ « يابني أنا بتكلم عن الطرابيزة اللي عليها التورته …..هناك أهيه …. خطفت قلبي بفانليتها ….بالكيوي المدفون حواليها ….بالمانجا المترصصة بالراحة على طبقة الكريمة ….. »
كاد جاسر أن يرد عليه حتى أتت فتاة برداء فاضح قصير رغم برودة الطقس فهمس يوسف بدهشة بأذن رعد :
_ « إيه ده هي مش سقعانة ليه ؟! أنا سقعان وجعان !! »
أجاب رعد بهمس :
_« يابني البنات قدام اي فستان حلو بينسوا أننا في أيام الشتوية ….خليك أنت في المهلبية اللي في دماغك…..»
رحبت بهم الفتاة التي تدعى بوسي وقالت لجاسر بدلال :
_ « أحلى عيد ميلاد مر عليا ….. عشان أنت موجود معايا يا جسورة ….»
ضحك يوسف عاليًا ولم يستطع أخفاء ضحكته :
_« اتبسط من جسورة !! عامل علينا بس الشبح وأنت كوكو واوا خالص !! »
بالكاد كبت آسر ضحكته من حديث يوسف حتى رمق جاسر شقيقه يوسف بنظرة عنيفة تنذر بالضرب لاحقاً…
قال يوسف وهو يضع يده على فمه :
_« خلاص مش هتكلم ….أنا جاي أكل وبس……»
جذبت بوسي يد جاسر بقوة وشجعت الثلاثي أن يتبعوها لمنتصف القاعة …..وبعد دقائق أظلمت القاعة وهمس بوسي لجاسر :
_« ولع الشمع يا بيبي عشان يبدأ الأحتفال ….»
أخذ جاسر القداحة من يدها في الظلام وأشعلها….ولكن الجميع تفاجئ بأختفاء التورته …….!
وعلى نور القداحة وأنظار الجميع بذهول …همس رعد بضحكة مكبوته :
_« يوسف …»
هز آسر رأسه بضحكة وتأكيد :
_« يوسف ….»

يتبع…

اترك رد

error: Content is protected !!