رواية بنت الأصول الحلقة الأولى 1 بقلم نور زيزو
رواية بنت الأصول الحلقة الأولى 1 بقلم نور زيزو
رواية بنت الأصول الحلقة الأولى 1 بقلم نور زيزو |
رواية بنت الأصول الحلقة الأولى 1 بقلم نور زيزو
بالمستشفى العام فى حالة من الفوضي والجميع يركض هنا وهناك بذعر بين الأطباء والممرضين وبعض من الأهالى الذين جاءوا بعد أتصال المستشفى ليطمئنوا على أفراد عائلتهم ، دلفت فتاة عشرينية ذات الـ ٢٤ عام تبكى بقلق شديد وتمسك بيد والدها سألت هنا وهناك عن اسمه حتى أخبروها بأنه داخل غرفة العمليات ، أسرعت إلى هناك باكية وزاد القلق بعد أن علمت أنه يجري جراحة ، وجدت زوجة ابيه وابيه فى الأستراحة ، كانت “شيماء” زوجة الأب جالسة ببرود وواضعة قدم على الأخرى وتتحدث فى الهاتف مع صديقتها وكأن شيء لم يكن ، امراة فى الأربعينات من عمرها تهتم بالموضة والرشاقة ووالده رجل فى أواخر الخمسينات مُرتدي بدلة رسمية ، تحدث والده “خالد” بقلق خافت:-
– تعالى أقعدى يا حنين
تجاهلت جملته وقالت بذعر :-
– أسر حالته ايه يا عمه ؟ شوفته لما جت ؟
أجابها ببرود وكأن ابن لم يكن بين الحياة والموت :-
– مشوفتوش بيقولوا زمانه خارجة جوا بقاله ٤ ساعات
جهشت باكية بين ذراعي والدها ، اربت “عماد” على كتفها بحنان يطمأنها وقال :-
– أهدى يا حنين وكله هيكون تمام أن شاء الله
فتح باب العمليات فخرج “أسر” على الترولى هرعت نحوه بقلق تناديه ببكاء :-
– أسر .. أسر رد عليا
قربت يدها لتمسك يده فصدمت حين رأت يده اليسري بترت وملفوفة بشاش طبى جهشت فى البكاء وهى تحتضن ذراعه ، اخذه الممرضين إلى الغرفة وذهبت “حنين” خلفه ركضًا ، لم ترغب بفراقه لحظة واحدة عكس والده الذي يحتاجه برود فى القلق على والده ، ذهب خلفهم برفقة زوجته المتغطرسة ، جلست “حنين” بجواره تجفف دموعها وتحاول التوقف عن البكاء حتى لا يرى دموعها بمجرد أن يفتح عيونه ، تمسكت قدر الأمكان لتكون سبب دعمه حتى يتخطى تلك الأزمة ، تحدثت “شيماء” ببرود :-
– مفيش داعى للبكاء دا كله ، ايه ماهو زى القرد قدامك اهو
رمقتها “حنين” بأشمئزاز مُشتاطة غضبًا فقالت :-
– يا رب دايما يكون بصحة وخير ، وياريت لو مش هنتعبك تطفى السيجارة دى أو تطلعى برا احسن
– حنييين !!
قالها والده بغضب وهى تهين زوجته فلم تعريه أى أهتمام وعادت بنظرها إلى “أسر” ، فتح عيونه بصعوبة ويناديها بهلاوسة تحت تأثير البنج :-
– حنين .. حنين
قربت رأسها نحوه وقالت باسمة لأجله :-
– أنا هنا يا حبيبى ،جنبك أهو
بدأ يستعد وعيه شيئاً فشيء وقال :-
– أنا فين ؟
حاول الجلوس فساعدته بكل طاقتها لأراحته ، صُدم حين رأى يده وبدأ يصرخ بغضب :-
– أيه دا … لا … ايدى فين .. فين الدكتور
أربتت على كتفه بحنان باكية على صراخه فدفعها بعيدًا عنه بعنف ، خرج والده وزوجته وهو يقول :-
– أنا هروح الحسابات
تركها والدها مع زوجها الذي لم يكمل على زواجهم سوى شهرين فقط، عادت “حنين” إليه وأحتضنت رأسه بين ذراعيها وهى تقدر :-
– قدر الله وما شاء فعل ، الحمد لله أنها جت على قد كدة وأنك بخير ومعايا
تحدث بعصبية قائلاً :-
– هو فين الخير دا يا حنين
جلست أمامه تجفف دموعه بأناملها وقالت بنبرة هادئة :-
– متكفرش يا أسر ، أنت لو شوفت حال الناس اللى كانوا معاك فى العربية هتحمد ربنا طول عمرك أنها جت على قد كدة ، ربنا عالم بحالى وحالك وحال ابنك اللى فى بطنى
نظر لها بدهشة واتسعت عينيه فقال بتلعثم :-
– ابنى !!
أومأت له بنعم وقالت باسمة بفرحة عارمة :-
– اه أنا حامل
احتضنها بصمت لا يعلم كيف يفرح وهو لن يستطيع حمل طفله بين ذراعيه أو اللعب معه ، سمع صوت صرخ وبكاء فى الخارج ليعلم أن بعض الاشخاص توفوا فى الحادثة فقال مُتمتمًا :-
– الحمد لله على كل شيء
تبسمت وذهبت تحضر الطعام له ليقطعها دخول والدها حاملاً بعض الأكياس وقال :-
– خدى يا حنين اكلى جوزك
– متشكر يا بابا
تبسم “عماد” له وقال :-
– الحمد لله أنك بخير يابنى ، حنين كانت هتجنن عليك
تبسم بصمت وحرج حتى ذهب والدها وبقت هى معه ، جلس يفكر فى مستقبله وما ينتظره ، كان يعمل مدير قسم الحسابات بأحد الشركات الكبرى فهل سيظل بوظيفته ام سينتهى عمله بعد اعاقته ، فكر بوالده الذي لم يهتم لأمره منذ وفاة والدته وحتى وهو بغرفة العمليات الأن لم يعرى له انتبه ، منذ أن تزوج هذه الزوجة التى تشبه عرائس المولود وهو لم يهتم لشيء سوى زوجته فقط ، نظر إلى “حنين” وهى نائمة على الأريكة بوضعية الجلوس وتضع الوسادة على قدمها ورأسها فوق الوسادة ، هذه الزوجة التى عوضه الله بها لم يكن “حنين” مجرد اسم لها بل صفة أكتر فهى له أطيب قلب وأحن شخص عليه ، لم تكن زوجة له فقط فهى عوضته عن فراق والدته وكانت الأخت التى لم يملكها يومًا والصديقة والحبيبة ، هى له كل شيء ، تحدثت بصوت خافت مُناديًا لها :-
– حنين
كانت نبرة هادئة ودافئة لكنها أيقظتها سريعًا ، تبسم عليها حين وقفت مُسرعة من مقعدها وهرعت له تتسائل بقلق :-
– ايه يا حبيبى محتاج حاجة ، أجبلك حاجة ، فى حاجة بتوجعك
مسك يدها بيده اليمنى ثم وضع قبلة عليها وقال :-
– سلامتك يا حبيبتى ، تعالى نامى هنا عشان متتعبيش
– لا طبعًا انت تنام وترتاح
جذبها كى تجلس بجواره وقال :-
– متقلقيش أنتِ صغننة السرير هياخدنا ، وكمان مينفعش تنامى كدة عشان البيبى وراحتك
طوقها بذراعه الأيمن فوضعت رأسها على صدره وغاصت فى نومها سريعًا ، تأمل ملامحها الصغيرة بحجابها الوردى وعيونها الصغيرة التى يعلم لونه العسلي جيدًا وبشرتها القمحاوية ، كان حجابها غير مرتب من نومها ومقدمة رأسها بشعرها الأسود ظاهرة رفع يده ليغطى شعرها قبل أن يدخل أحد ويراه لكن توقفت يده المقطوعة وظل ينظر كثيرًا ويفكر ، دمعت عينيه ووضع يده بجواره مجددًا …
مرت الأيام وعاد إلى شقتهما بصحبتها ، وقف ليغير ملابسه وهى تحضر الطعام فوجد صعوبة فى التعامل ليشق تيشرته بقوة ، دخلت “حنين” حين سمعت صوت زجاج ينكسر ، رأته جالسًا على الفراش صامت وكسر الطفاية الزجاج من عجزه وتيشرته مقطوع ، أسرعت نحوه وقالت :-
– أسفة يا حبيبى
قالتها وهى تبدل له تيشرته ليدفعها بغضب بعيدًا عنه وقال :-
– أسفة ايه وزفت ايه ، سيبنى لوحدى لو سمحتى
اقتربت منه لتساعده فى تبديل ملابسه ليصرخ بها غاضبًا :-
– أنتِ مبتسمعيش قولتلك سيبنى لوحدى
ارتجفت من القشعريرة التى أصابتها من نبرته المُخيفة وخرجت للغرفة الأطفال باكية ، ظلت بها كثيرًا تقريباً حتى حلول الليل ، دق باب الغرفة ففتحت باكية ، تحدث “أسر” ببرود قاتل :-
– تعالى عاوز أتكلم معاكى
أومأت له بنعم مُتعجبة من بروده معها لكنها تغاطت عن الأمر ، جلسوا فى الصالون معًا لتقول :-
– أتفضل
– أنا عاوزك تأخدى شنطة هدومك وتروحى بيت أهلك
اتسعت عينيها على مصراعيها بصدمة قاتلة وقالت :-
– نعم ؟! ، أنت بتقول ايه ؟ أنت أصلاً مستوعب اللى بتقوله
– أنا مقدرش ابقى عبء على حد ولا أستنى شفقة من حد ، وأنا عاوز أكون لوحدى وبصراحة أكتر مقدرش أستن للحظة اللى أحرجك فيها قدام صحابك ولا أهلك او أعرك …
وقفت هى من مكانها صارخة به بانفعال :-
– أنت متأكد أنك عاقل مسرقوش عقلك فى أوضة العملية
وقف أمامها ببرود وقال :-
– خلينى زى ما دخلنا بالمعروف نخرج بالمعروف يا حنين…
تلعثمت بصدمة أكثر :-
– هتطلقنى ؟؟ …
يتبع..
لقراءة الحلقة الثانية : اضغط هنا
لقراءة باقي حلقات الرواية : اضغط هنا
نرشح لك أيضاً رواية الثائر للكاتبة نور زيزو.