روايات

رواية في حي الزمالك الفصل السابع و الأربعون 47 بقلم ايمان عادل

رواية في حي الزمالك الفصل السابع و الأربعون 47 بقلم ايمان عادل

رواية في حي الزمالك البارت السابع و الأربعون

رواية في حي الزمالك الجزء السابع و الأربعون

رواية في حي الزمالك الحلقة السابعة و الأربعون

“أنتَ بتقولها أنك بتحبها!!!”
“مقولتش حرفيًا! أنا براوغ بس هي مفهومة…”
“طب اقرأ كده اللي أنتَ كاتبه.” طلب رحيم من أنس بنفاذ صبر وهو يضغط على أسنانه بغيظ شديد لينظر نحوه أنس بهلع وهو يسأله:
“كله؟”
“أي حتة يا حبيبي اتفضل.”
“بقولك أيه يا ميرو هو الجو حر؟ أصلي حاسس أني بدوب فيكِ…”
قرأ أنس ما أرسله إلى ميرال بخوف تحت نظرات رحيم الحارقة قبل أن يضربه رحيم في كتفه وهو يسأله مستنكرًا:
“طب في حد عاقل يبعت لحد يقوله كده؟”
“اه… أيه المشكلة يعني؟ قولتلها إن أنا بحبها حصل أيه الدنيا خربت مثلًا؟”
“بطل قمص زي العيال الصغيرة واسمع… المشكلة يا أنس إنه مينفعش، وقبل ما تبصلي البصة دي سيبني اشرحلك… ميرال مش من نوع البنات اللي ممكن ترد عليك تقولك إنها كمان بتحبك، ميرال مش من النوع اللي بيحب الملاوعة لو أنتَ بتحبها فعلًا روحت اطلب ايديها.”
كانت وجهة نظر رحيم صادقة وقد راق ما قاله لأنس، فهو على حق لأنه حتى وإن كانت ميرال تهيم به عشقًة فما كانت لتخبره بذلك أو حتى تُجيب على حديثه بأنها تُحبه هي ايضًا… ابتسم أنس لبرهة قبل أن يُطالع رحيم بحماس وهو يتمتم:
“يا ولا يا خبرة أنتَ، أنا بقول بقى نكلم أفنان تيجي تشوف جوزها اللي عنده خبرة في تفكير البنات وشخصياتهم… وبعدين يعم الذكي ما أنا أكيد نفسي أتجوزها يعني بس الموضوع مش سهل وأنت عارف ده كويس!”
“طبعًا عارف… أنا مريت باللي بتقوله من كام شهر أنا مش جاي من الفضاء يعني.”
“أنا وضعي مختلف عنك يا رحيم وظروفي مختلفة وأنتَ فاهم قصدي أكيد…”
نبس أنس بنبرة تحمل في طياتها الحزن والخذلان… فهو يعلم أن وضعه مقعد لكن في الوقت ذاته هو ليس له أي ذنب فيما حدث فلقد كانت معظم الأحداث مفروضة عليه وليست بأختياره… وضع رحيم يده على كتف أنس بلطف قبل أن يقول بنبرة مستفزة بغرض تشجيعه:
“أنس يا حبيبي، لو فاكر إن حد فينا سليم ومش معقد تبقى مغفل كلنا عندنا عقد بس درجتها بتختلف من شخص للتاني ومن تجربة للتانية.”
“بقولك أيه بطل رغي بقى وفكك من التنمية البشرية دي وقولي أنا أعمل أيه في عيشتي؟”
“محتاج تهدأ كده وتاخد وقتك، تكمل علاجك وهي كمان تخلص الجلسات بتاعتها وبعدها تروح زي الشاطر وأنا وبابا في إيدك وعلبة Chocolate ‘شيكولاتة’ حلوة كده وتطلب ايديها بس كده.”
“مش هيوافق… باباها مش هيوافق.” نبس أنس بإندفاع وبنبرة يفوح منها الحزن.
“مش هيوافق ليه؟ ده بيحبك جدًا وأنتَ بتتعامل معاه بإحترام جدًا على غير العادة يعني.”
سخر رحيم من أنس ليقلب الأخير عيناه بتملل ومن ثم يُعيد خصلات شعره نحو الخلف بينما يُعلق بجدية وحزن قائلًا الآتي:
“هيرفض لما يعرف حقيقتي… لما يعرف كل حاجة عن فريد وعن علاقتي بأنس ومراته!”
“أنس اصحى! أنتَ أنس… اللي بتتكلم عليه فريد! متأكد أنه بن مش Alcohol؟”
علق رحيم ساخرًا من تلعثم أنس وتبديله للأسماء ليقذفه أنس بعلبة المناديل الورقية وهو يصيح بغيظ:
“خلاص اتلغبطت متبقاش تِنح زي نوح كده! اللي اقصده إن مفيش أي واحد عاقل هيرضى يجوزني بنته يا رحيم وأنا مش ناقص إحباط ورفض ووجع قلب اللي فيا مكفيني.”
“طب أيه دخل نوح في كلامنا دلوقتي؟ هو ممكن يتردد لكن أظن إنك تقول الحقيقة ومتخبيش حاجة وتعرفه إنك بتحاول تأهل نفسك لتكوين أسرة وتبقى مسئول عن بيت ولو ضبطت نفسك وشغلك الفترة اللي جاية أظن إنك ممكن تكسب Point عنده ولا أنتَ شايف أيه؟”
“مش عارف… مفيش في إيدي حاجة اعملها غير اللي أنتَ قولته والدعاء طبعًا…”
“براڤو عليك، ودلوقتي ممكن ندخل الإجتماع حضرتك؟ وأكد عليا هتسافر معايا ولا لا؟”
“هسافر واسيب أروى لمين يعني؟”
“خلاص خليها تيجي معانا أيه المشكلة يعني؟” اقترح رحيم حلًا على أنس ليومئ الأخير قبل أن يُعلق بنبرة استفزازية:
“طيب يلا بطل لكاعة بقى أنتَ بتعطلنا على فكرة، مش طريقة شغل دي ابدًا.”
“يارب ارحمني… I don’t wanna go to the jail ‘لا أريد الذهاب إلى السجن’ ولو روحت ميبقاش بسبب أنس يعني!”
تمتم رحيم بسخرية وهو يتحدث من بين أسنانه قبل أن يستقيم من مقعده ويسحب أنس من ذراعه كما تُسحب الأطفال نحو الخارج ليتجه كلاهما إلى قاعة الإجتماعات.
بعد مرور شهر ونصف كان رحيم يجلس برفقة أفنان ليلًا داخل الشرفة بعد أن تناول الغداء برفقة والديها، اسند رحيم رأسه على الكرسي بينما يرتشف من كوب الشاي الذي أعدته والدة أفنان وقد أضافت إليه ثلاثة أعواد من النعناع الطازج، بدت على ملامح وجه رحيم سعادة وارتخاء لم تراهم أفنان من قبل لتنظر نحوه وهي تبتسم بينما تُعلق بلطف قائلة:
“مالك يا رحيم؟ أيه الإنبساط ده أول مرة تشرب شاي ولا أيه؟”
“لا مش أول مرة طبعًا، بس أنا طول عمري بشرب قهوة على عكس معظم الناس في England ‘انجلترا’ ممكن أكون شربته مرتين تلاتة تقريبًا بس أول مرة أشربه وهو محطوط عليه Fresh mintss ‘نعناع طازج’.”
أجاب رحيم على سؤال أفنان ومازالت تعابير السعادة بادية على وجهه لتضحك أفنان ضحكة مكتومة قبل أن تُعقب على جملته ساخرة:
“فريش مينتس؟ يااه مع إن الواحد كان فاكره نعناع بلدي عادي يعني.”
“دمك خفيف أوي، بقولك أيه ما تيجي معايا بكرة البيت بتاعنا عشان تشوفي آخر التطورات وكده.”
“اه يا قليل الأدب! عايز تاخدني البيت لوحدنا يا رحيم أنتَ اتجننت!!”
صاحت أفنان بصوتٍ مرتفع ونبرة درامية ليضع رحيم أحدى قطع الكعك في فمها كي تصمت بينما يُردف بنبرة أقرب إلى الهمس:
“صه! بس هتفضحيني هو أنتِ دايمًا عندك سوء ظن كده؟ وبعدين عادي نروح لوحدنا أحنا متجوزين وعالعموم خلاص هاتي ميرال معاكي لو عايزة أظن كده تمام ولا أيه؟”
“اه طبعًا اجيب ميرال عشان تجيب الواد الصايع صاحبك وتشربونا حاجة أنا والبت الغلبانة لا يا أستاذ رحيم أنتَ فاهمني غلط خالص!”
“أنا حاسس إن اتضحك عليا في الجوازة دي بجد، لا اتدبست حقيقي…” نبس رحيم من بين أسنانه وهو يحك ذقنه بواسطة سبابته، سمعت أفنان ما قاله لترفع أحدى حاجبيها وهي تسأله بنبرة تحذيرية:
“بتقول حاجة يا حبيبي؟”
“لا بكح… بقولك أيه بصي كده على صور ال Hotel اللي بعتهالك عالواتساب عايز اعرف رأيك، مش عايزين نأخر حجز الفرح.”
“من دلوقتي؟ مش لسه بدري شوية ولا أيه؟”
“الفنادق الكبيرة بتكون محجوزة طول السنة تقريبًا وعشان نعرف نحجز هيطلع عينا فلازم نحاول ننجز، عمومًا لما بابي يرجع من السفر هنعمل قاعدة عائلية معاكوا كده ونختار يوم الفرح.”
اتفقنا، وأنا برضوا هحاول أعرف كده من الدكاترة في الكلية الترم التاني ممكن يخلص على أمتى عشان منحجزش الفرح ويطلع عندي تاني يوم امتحان كيمياء ولا ميكرو مثلًا.”
“لا لا متقلقيش هعمل حسابي يا حبيبي.” أومئت أفنان وهي تبتسم قبل أن يسود الصمت لبرهة بينما يكمل رحيم كوب الشاي خاصته.
قطع الصمت فجاءة صوت رحيم وقد اختلط صوته بخاصة أفنان بينما يُردف كلاهما في اللحظة ذاتها:
“عايز أقولك على حاجة”
قهقه كلاهما بقوة قبل أن يعلق كلاهما في الثانية ذاتها مجددًا قائلين:
“قول أنتَ الأول…”
“قولي أنتِ الأول…” ضحك كلاهما هما مرة آخرى قبل أن تُشير أفنان نحوه بأن يصمت قبل أن تُعلق هي بمزيج من الجدية والسخرية:
“لا لا، بص رحيم قول أنتَ الأول ماشي؟”
“لا ladies first ‘السيدات أولًا’ قولي يلا.”
نبس رحيم وساد الصمت لثوانٍ وكادت أفنان أن تتفوه بجملتها وفعل رحيم المثل لتختلط جملة كلًا منهما مع الآخر، وكان ما قيل كالتالي:
“نوح بعتلي Message ‘رسالة’.”
“أنا قابلت طنط إيڤيلين مامتك!”
“أيه؟!”
“أيه أنتِ؟!”
“ثواني بس… مامي؟ أنتِ شوفتي مامي واتكلمتِ معاها أمتى ومقولتليش ليه؟ وقولتلوا ايه؟”
سأل رحيم عدة اسئلة في دقيقة واحدة وكانت نبرته مزيج من الإستياء والقلق في الوقت ذاته فهو يعرف كي تدير والدته الحوار.
“ثواني بس… أنا مش هينفع أقولك أتكلمنا في أيه لأنه سر… بس أحنا اتقابلنا من شهر تقريبًا وأنا فضلت مترددة أقولك ولا لا عشان الحوار اللي حصل بينا يعني كان سر وهي أكيد مكنتش عايزاك تعرف، المهم بإختصار أنا وهي لاقينا طريقة نتفاهم بيها.”
“تمام جميل… أتمنى بس إن هي متكونش زعلتك ولا أنتِ زعلتيها… خلاص أنا مش هضغط عليكي عشان تحكي بس أنا مبسوط إنك عرفتيني حتى لو متأخر شوية يعني.”
“أنا كمان مبسوطة إنك قولتلي على موضوع نوح، بس ثواني فين المسدچ بقى وريني؟”
“تعالي.”
قال رحيم لتقوم أفنان بتحريك الكرسي خاصتها بحيث تقترب أكثر من رحيم وتجلس إلى جانبه وهي تأخذ هاتفه لتقرأ ما قاله نوح بينما تنبس:
“أنا مش فاهمة هو لسه ليه عين يتكلم؟”
“أفي Never judge a book by its cover ‘لا تحكمي على الكتاب من غلافه’ كملي الكلام للآخر وتجاهلي العبث اللي في الأول ده.”
“حاضر، لما نشوف.”
تمتمت أفنان بصوتٍ منخفض بينما تعاود قراءة الرسالة ومن ثم رفعت رأسها لتواجه رحيم بينما تُطالعه بحيرة والتي كان سببها ما قاله نوح، لم يهتم رحيم كثيرًا بردة فعلها أو بتعليقها على الرسالة لأنه في تلك الأثناء كان قد غاص في جمال عيناها وقد ثمل من فرط حبه لها، ابتسم ابتسامة جانبية صغيرة ثم أردف بنبرة يفوح منها الحب:
“أنتِ عارفة إنك أجمل بنت شوفتها في حياتي؟ لحد النهاردة مش عارف أنا عملت أيه حلو في حياتي عشان استحق إنك تكوني من نصيبي…”
صُبغ وجه أفنان بالحمرة وارتجفت أناملها على الفور قبل أن تضطرب معالم وجهها ومن ثم تنبس بالآتي:
“أنا… هقوم بقى… ماما بتنده عليا تقريبًا…”
ضحك رحيم بصوتٍ عالٍ بينما يراقب أفنان التي تغادر كرسيها بتوتر واضح حتى كادت أن تسقط بالقرب منه لولا أن أمسك بيدها وذراعها ليساعدها على إعادة توازنها وبمجرد أن فعل هربت هي نحو الداخل بحثًا عن والدتها.
في تلك الأثناء كانت ميرال تجلس داخل حجرتها تشاهد أحدى الأفلام الرومانسية الكئيبة القديمة في زمن ما قبل إنتاج الأفلام الملونة حيث كانت فقط باللونين الأبيض والأسود، قاطع مشاهدتها صوت إشعار من هاتفها معلنًا عن وصول رسالة جديدة وكانت من رقم تعرفه ميرال عز المعرفة بالرغم من أنها قد حذفت سابقًا اسم صاحب الرقم وقد كانت الرسالة كالتالي:
“ميرال أنا عارف إنها حركة سخيفة إتي أقولك اللي عايز اقوله في رسالة مش في مكالمة… أنا بس كنت عايز أقولك أسف، أسف على كل حاجة وحشة وكل وجع سببته ليكي… أسف أني كنت أخ ندل، قريب بشع وخطيب سيء… عارف إن الأسف ملوش أي معنى دلوقتي بس أنا مفيش في ايدي حاجة تانية أعملها… أنا حتى معنديش الجراءة إن أنا أكلمك وأقولك الكلمتين دول… المهم أنا بدأت اتابع مع دكتور وطلعت انسان مريض فعلًا زي ما أفنان قالت، نرجسي، مغرور وأناني… كل ده مش مهم دلوقتي المهم إنك لازم تعرفي إني فعلًا حبيتك ولكن أدركت ده متأخر جدًا بعد ما خسرتك…
عالعموم أنا هناقش الماچيستير بتاعي الأسبوع اللي جاي وأتمنى أني أشوفك في الحفلة وأحس بوجودك جنبي… وده هيكون آخر طلب اطلبه منك في حياتي أوعدك…”
نوح… (في حالة إنك مسحتي رقمي…)
طالعت ميرال الهاتف بصدمة وقد شعرت بعقلها قد توقف عن العمل لمدة من الزمن، نوح يحاول مجددًا التحدث إليها… يعتذر منها مرة آخرى… يخبرها بأنه ذهب للمتابعة مع طبيب نفسي، وفي النهاية يدعوها إلى حفل مناقشته للدراسات العليا!
هل يحاول استدراجها واستعطافها بتلك الطريقة؟ هل يستخدم المشاعر والعواطف لأنه يعلم أنها نقطة ضعف ميرال على عكس أفنان… أم أنه يشعر بالذنب تجاهها بحق؟ هل هو يشتاق إليها ويُحبها حبًا حقيقيًا أم أنه يُفكر على هذا النحو لأنه قد فقدها؟! وربما لو كانت استمرت في علاقتها معه لم يكن ليشعر بذلك الشعور ولم يكن ليتفوه بتلك الكلمات…
لا تدرِ ميرال كيف مر الأسبوع بهذه السرعة ووجدت نفسها في موضع اتخاذ القرار هل تذهب إلى حفل نوح لتوديعه وحذف كل شيء يتعلق به من ذاكرتها وقلبها أم تأخذ قرار بعدم الذهاب لتتجنب رؤيته كي لا تشعر بالحنين أو بالآسى من أجله…
لم تصل إلى قرار ولم يكن بإمكانها أن تسأل أي شخص عن ذلك فهي لم تخبر أحدًا قط بشأن تلك الرسالة حتى شقيقتها الوحيدة لم تكن على علم بتلك الرسالة، في نهاية المطاف قررت أن تسأل الطبيبة مسك عن رأيها في ميعاد الجلسة والتي تسبق الحفل بيومٍ واحد.
“مساء الخير يا دكتورة.”
“مساء الخير يا ميرال اتفضلي، أيه الإبتسامة الجميلة دي شكلك مبسوطة.”
“اه الحمدلله أنا كويسة ربنا يخليكي، هو بس في حاجة صغيرة كده حصلت بس غير كده أنا كويسة…”
“خير إن شاء الله، احكيلي… حاجة ليها علاقة بأنس ولا أيه؟”
سألت الطبيبة بنبرتها اللطيفة المعتادة وكانت ميرال تستمع بهدوء ولكن بمجرد ذكر اسم أنس إنفعلت ميرال قليلًا وهي تنفي حديث الطبيبة عن أنس، فهو ليس بالشخص الذي قد يقوم بجرحها قط…
“أنس؟ لا لا أنس عمره ما يعمل حاجة تزعلني، ده نوح… نوح بعتلي رسالة، عايزني أروح احضر مناقشة الماچيستير بتاعته…”
“طيب وأنتِ حسيتي بإيه لما وصلتك المسدچ؟ يعني فكرتي في أيه؟ قررتِ أيه؟”
“أنا اتخضيت طبعًا اتصدمت، حسيت بمشاعر متضاربة طبعًا بس المشاعر دي مفهاش أي حب أو حنين… أنا بس كنت بفكر إن أنا أروح أودعه… أشوفه لآخر مرة كشخص كنت مرتبطة بيه ورسمة حياتي معاه ومن بعدها هيبقى ابن خالتي وبس.”
“يعني أخدتي قرارك خلاص؟”
“لا برضوا… ما أنا بفكر برضوا في إن أنا مروحش واتجنب أني أشوفه أصلًا… مش عايزة أديله أمل كداب إننا ممكن نرجع وده استحالة يحصل.”
“بصي يا ميرال أنا مش هقدر أقولك تعملي أيه ومتعمليش أيه… في النهاية ده قرارك، لكن اللي أقدر أقوله من كلامك ومن الجلسات الأخيرة إنك خلاص تخطيتي نوح، مبقاش ليه وجود جوا قلبك ولا عقلك أنتِ كل الحكاية إنك كنتِ متعودة على وجوده وإنه جزء من حياتك وكنتِ دايمًا بتراعي مشاعره فكونك مش عايزة تروحي محسسك بالذنب شوية من ناحيته.”
“كلامك مضبوط… هو فعلًا نوح مبقاش فارق معايا بنفس الصورة بتاعت زمان وعادي جدًا قدرت أعيش حياتي من غيره وأنا اللي كنت ساذجة وفاكرة أني هموت لو بعد عني ومش بس كده… ده كمان يعني… بقيت قادرة أتخيل حياتي مع شخص تاني…”
أعلنت ميرال وأنهت جملتها بنبرة خجولة وحالمة بينما تعبث في أصابع يدها، لم يكن صعبًا على مسك تخمين هوية الشخص الذي تقصده ميرال فمن عساه يكون غير…
“هو أنس بقى كويس؟” سألت ميرال لتتسع ابتسامة مسك وتأخذ نفس عميق قبل أن تُجيبها بلوع قائلة:
“أنتِ عارفة إن مينفعش أقولك حاجة زي كده صح؟ بس مع ذلك بتسألي برضوا.”
“أنا مش عايزة تفاصيل عن حالته، أنا بس عايزة اطمن أنه بيتحسن وقرب يوصل…”
“بيتحسن يا ميرال وقرب يوصل متقلقيش.” أكتفت الطبيبة بهذه الجملة البسيطة بحيث لا تفصح عن أي شيء يخص أنس وفي الوقت ذاته تطمئن قلب ميرال الذي كان من الواضح أنه بدأ يميل إلى أنس وبصورة واضحة.
“الحمدلله… شكرًا بجد، اه هو ينفع احكيلك حاجة كمان حصلت ملغبطاني خالص؟ ليها علاقة بالشغل يعني وكده…”
“اتفضلي أنا سمعاكي.”
أردفت الطبيبة بلطف لتبدأ ميرال في سرد ما يجول في خاطرها وبعد نصف ساعة كانت الجلسة قد انتهت بالفعل وحينما كانت ميرال على وشك الرحيل توقفت لتسأل الطبيبة عن موعد الجلسة القادمة:
“الجلسة اللي جايه هتبقى كمان شهر برضوا؟ ولا أسبوعين زي الأول؟”
“خلاص يا ميرال، مبقاش في جلسات تاني… أنا شايفة إنك اتحسنتِ جدًا واتخطيتِ التجربة اللي كانت عملالك مشكلة وقدرتي تفهمي نفسك أكتر وتصححي وجهة نظرك في حاجات كتير.”
“بجد؟ يعني خلاص كده؟ بس… يعني مش هشوف حضرتك تاني؟ ده أنا اعتبرت إنك صاحبتي…”
كانت ميرال تتحدث بعاطفة شديدة والحزن قد أحتل مكانًا داخل عينيها وبالرغم من أنها سعيدة بإنتهاء الجلسات والشفاء إلا أنها اعتبرت مسك صديقة لها في الآونة الأخيرة فهي تعلم كل شيء تقريبًا عن ميرال وهي كذلك مستمعة جيدة بحكم طبيعة عملها بالطبع.
“بصي ده رقمي الشخصي، تقدري تكلميني في أي وقت وبرضوا معاكي رقم العيادة لو حسيتِ في أي وقت إنك مش كويسة تعالي.”
أومئت ميرال بسعادة شديدة قبل أن تودع الطبيبة وتتجه نحو الخارج لتصطدم بأنس الذي كان على وشك إقتحام المكتب، بتلقائية شديدة ابتعدت ميرال على الفور وهي تضع حقيبتها كحاجز بينها وبين الجسد الذي اصطدمت به والتي لم تكن تدرك أن صاحبه هو أنس.
“يا نهار أبيض… حقك عليا يا ميرال أنا مخدتش بالي بجد… أنا متأسف جدًا…”
أعتذر أنس بتلعثم شديد وهو يسب نفسه داخليًا فهو حقًا لم يتعمد فعل ذلك… كما أنه خشي أن يترك ذلك الموقف الصغير الغير مقصود صورة سلبية لدى ميرال حول أنس، حاولت ميرال إنهاء الموقف سريعًا وقد قبلت اعتذار أنس وهي تُردف:
“حصل خير، أبقى بس خلي بالك وبص قدامك وأنتَ ماشي بعد كده.”
“حاضر بس أنا والله مكنتش قاصد بجد.”
“خلاص حصل خير أنا مصدقاك من غير حلفان… عن إذنك بقى عشان لازم أمشي.”
“طب استني ثواني هطلبلك عربية توصلك.”
“مفيش داعي صدقني.”
“عشان تطلعي من هنا على الشارع هتمشي حتة كبيرة والمنطقة هنا هادية، أديني دقيقة واحدة وياستي ولا هكلمك ولا ههزر معاكي.”
أصر أنس على عرضه وما كان لميرال غير أن توافق، أومئت له بإستسلام وذهبت للجلوس على أحد الكراسي وهي تتحشى النظر نحوه بل وتحاول إقناع ذاتها بأنه ليس موجودًا على الإطلاق لكن رائحة عطره الثقيلة لم تساعدها على ذلك، مرت ثلاثة دقائق قبل أن يُشير إليها أنس بالذهاب.
اصطحبها أنس إلى الخارج وتأكد من ركوبها السيارة بأمان قبل أن يعود نحو الداخل كي يبدأ جلسته مع الطبيبة والتي كان عقله نصف شارد خلالها فلقد كان يُتابع الخريطة من الحين للآخر في التطبيق ليرى كم من الوقت تبقى كي تصل ميرال إلى المنزل.
وبعد مدة ليست بطويلة توقفت السيارة أمام المنزل وحينما سألت ميرال السائق عن ثمن الرحلة أخبرها بأنه تم دفع الحساب من خلال البطاقة الإئتمانية المُسجلة على الحساب خاصة أنس على التطبيق، شكرت ميرال السائق وغادرت السيارة وهي تبتسم ابتسامة لطيفة وهي تسترجع كل ما حدث بينها وبين أنس قبل قليل…
في صباح اليوم الموعود؛ يوم المناقشة… استيقظت ميرال باكرًا في ذلك اليوم واستعدت إلى الذهاب لعملها وقد قامت بإختيار ثوب مناسب، فستانًا باللون الأسود ومن الأعلى وشاح بألوان زاهية متداخلة ومتناسقة وعلى عكس العادة وضعت ميرال بعضًا من مساحيق التجميل على غير العادة، ألقت نظرة أخيرة على مظهرها في المرآة قبل أن ترحل متجهة إلى مقر عملها دون أن تخبر أحدًا بوجهتها بعد ذلك.
في تمام الثالثة والنصف كانت ميرال داخل مقر كلية الصيدلة وهي تبحث عن القاعة المنشودة، سألت أحد العاملين وقد أرشدها إلى المكان… كانت المناقشة على وشك البدء وقد اتخذ الجميع أماكنهم بينما وقفت ميرال بحيرة لا تدرِ أين تجلس في النهاية قررت الجلوس في آخر القاعة كي لا يراها نوح.
مر الوقت ببطء شديد بينما كانت ميرال تستمع إلى ما يحدث من عرض ومناقشات فهي لم تُحب قط أي شيء يتعلق بالكيمياء بالإضافة إلا أن مجال دراستها وعملها يبعد كل البعد عن ما يتم عرضه الآن، بعد مرور فترة زمنية لم تستطع ميرال تقديرها انتهى نوح من المناقشة وتم قبول الرسالة خاصته لتستقيم ميرال من مقعدها مع ابتسامة واسعة…
أخذت ميرال تسير نحو الخارج وبالقرب من باب القاعة في نهاية المكان وقفت ميرال وهي تصفق بحرارة كسائر الحاضريين عدا أنها كانت تختلف عنهم في أن عيناها لمعت بدموع لم تدرِ هي سببها، رمقته ميرال مع ابتسامة مُتألمة…
تأملت ملامحه التي أحبتها لسنوات وأخذت تبتسم على حركاته العفوية التي اعتادت أن تراقبه وهو يفعل قبل أن تتنهد تنهيدة قوية تنم عن آلم دفين داخلها قبل أن تُردف أخيرًا بصوتٍ يكاد يكون مسموع ومع ابتسامة صغيرة:
“مع السلامة يا نوح…”
ومع انتهاء جملتها تلك استدارت لتُغادر القاعة وقد أدركت الآن وفقط الآن أنها لم تعد تكن أي مشاعر تجاه نوح وقد أغلقت تلك الصفحة من كتاب حياتها بل وقامت بحرقها ونثر رمادها بعيدًا عنها…
غادرت ميرال القاعة متوجهة نحو الخارج لتلفحها نسمات هواء باردة بالرغم من أن الوقت مازال مبكرًا نسبيًا إلا أن برد الشتاء لا يميز بين النهار والليل، ارتجف جسدها وبصورة تلقائية وجدت نفسها تُحيط نفسها بذراعيها علها تحصل على بعض الدفء وقبل أن تخطو خطوة واحدة مبتعدة عن الأرصفة وجدت سيارة تتجه نحو بجنون وقد توقفت أمامها تمامًا…
شهقت برعب وكادت أن تسب السائق ولكنه قام بفتح الباب على الفور وقد ظنت ميرال أنه سيعتذر لها بلا شك لكنه لم يفعل بل قال الآتي:
“الجميل مش عايز توصيله؟ لو وافقتي في Offer ‘عرض’ توصيله وكوباية Hot chocolate ‘كاكاو ساخن’ والچاكيت بتاعي عشان بالوضع ده هتاخدي دور برد.”
“أنس!”
“عيون أنس، يلا خدي عشان تعرفي إن أنا Gentle man ‘رجل نبيل’ بس…”
تمتم أنس وهو يغمز بإحدى عينيه بينما يعيد خصلات شعره نحو الخلف، عقدت ميرال حاجبيه وعبس وجهها بينما تسأل مستنكرة:
“أنتَ بتعمل أيه هنا؟ أنا… أحنا مينفعش نتكلم أنا قولتلك قبل كده…”
“ها؟ بتكلميني أنا؟ أيه ده ازيك عاملة أيه يا ميرال؟ معلش مشوفتكيش خالص.”
“نعم؟ أنتَ بتقول أيه؟ بطل استعباط يا أنس!”
“أنا بتكلم في ال Airpods ‘سماعة لا سلكية’ يا بنتي! بكلم رحيم.”
“بتقول لرحيم الجميل عايز توصيله؟ وبتكلمه بصيغة المؤنث؟!”
سألت ميرال بتعابير وجه مضطربة والحيرة ظاهرة في نبرتها، انتبه أنس لمدى حمق ما قاله ليُعيد تكوين جملته بطريقة صحيحة هذا المرة قائلًا:
“ها؟ لا لا، أنا بكلم أروى… مقولتش رحيم أنتِ اللي قولتي رحيم.”
“يا سلام؟ عايز أيه يا أنس؟”
“رحيم كلمني وقالي اجيله واستنى هنا بالعربية عشان هاخده مشوار هو وأفنان.”
“رحيم وأفنان هنا؟!!” سألت ميرال بصدمة وعدم استيعاب وهي تلتفت نحو مدخل القاعة ليومئ أنس ثم يُخبرها الآتي:
“كانوا بيحضروا مناقشة ماچيستير دكتور نوح الكِلح، طيب هما الإتنين دكاترة صيدلانين وممكن يحبوا يسمعوا الرغي اللي بيتقال جوا ده، أنتِ أيه اللي جابك هنا مش قادر افهم؟!”
سأل أنس بنبرة تجمع بين المزاح والحنق… كان وجهه ممتعضًا وقد فاحت رائحة الغيرة منه، ضحكت ميرال تلقائيًا على حديثه وقد وصلها شعوره لكن ضحكتها تلك جعلت أنس يستاء لذا زم شفتيه لثانية قبل أن يتمتم بضيق:
“أنا بسأل سؤال مقولتش نكتة على فكرة.”
“طب هو أنتوا رايحين فين؟” سألت ميرال في محاولة منها لتغير الموضوع كي يزول غضب أنس لكن جملتها بطريقة ما زادت من استياءه حيث قال مستنكرًا وبتعابير وجه ممتعضه:
“أنتوا؟ اسمها أحنا… ولا هنسيبك لقيطة هنا ولا أيه؟ مش عايزة تيجي معانا؟ خلاص أحسن.”
“لحظة واحدة براحة! أديني فرصة طيب.”
“النهاردة يا ستي عيد ميلاد أروى وأحنا خارجين نتعشى كلنا برا مع بعض وأنتِ معزومة طبعًا.”
“طيب هي أروى هتتبسط لما تشوفني يعني؟”
“هو في حد عاقل مش هيتبسط لما يشوفك؟ وبعدين هي بتحبك… كلنا؛ كلنا بنحبك.”
أجابها أنس بتلقائية ومن ثم أدرك ما قاله لذا تلعثم قليلًا ومن ثم أشاح بنظره بعيدًا عنها وشرع يبحث عن علبة السجائر في أحد جيوبه ولكن توقف عندما خطر على باله أن ميرال ستشعر بالضيق من كونه مدخنًا لذا تخلى عن الفكرة.
“أنا كمان بحبها أوي… بس مش كنت قولت على موضوع العيد ميلاد ده عشان أجي بحاجة شيك؟”
“أشيك من كده؟ لا ده كده زي الفل أوي، ولو قصدك على ميكب أب يعني أو كده فصدقيني شكلك كده أحلى.”
أردف أنس بنبرة لطيفة وهو يتأمل ملامح ميرال لتحمحم الأخيرة بخجل شديد ثم تسأل الآتي في محاولة منها للهرب مما قاله:
“هو أفنان ورحيم اتأخروا ليه؟ ممكن ترن عليهم؟”
“بتتهربي من الكلام معايا يعني؟”
“أنتَ عارف إن كلامنا غلط وبتكابر.”
“عندك حق، بس أنا ناوي اخليه صح قريب إن شاء الله.” نبس أنس وهو يغمز بأحدى عيناه قبل أن يبتسم كلاهما في توتر.
“أهم جم أهم.”
“يا أهلًا وسهلًا بميرال هانم اللي جاية المناقشة في الخباثة من غير ما تقول.”
“طب ما أنتِ كمان مقولتيش!”
“يا ستِ المناقشة في كليتنا وحاجة ليها علاقة بدراستي واللي بيناقش ابن خالتي وفي كذا حد مم الدفعة حضر أصلًا فوجودي منطقي نسبيًا لكن أنتِ أيه بقى؟”
“بقول أيه كملوا خناق في العربية عشان أروى لوحدها في الكافية بدل ما حد يضايقها واضطر أني أدغدغ الكافية على دماغه وكده.”
تحدث أنس بنبرة مزيج من الجدية والمزاح، قهقه ثلاثتهم وهو يدلفون إلى السيارة بينما وقف أنس لثوانٍ يستنشق بعض الهواء وفي تلك اللحظة وفور انتهاء نوح من المناقشة هرول نحو الخارج بحثًا عن ميرال والتي لمح طيفها أثناء تحدثه وحينما وصل إليها بالفعل وجدها تدلف إلى داخل سيارة أنس الفاخرة برفقة رحيم وأفنان.
اقترب بضع خطوات ليجد ميرال وقد زين وجهها الذي أحبه ابتسامتها والتي ليست مميزة ولكنها دافئة، حنونة تبعث الإطمئنان والسعادة في النفس… تنهد نوح بإنكسار وهو يحاول ابتلاع الغصة التي في حلقة والوغز في قلبه وقد أدرك أنه قد خسرها، خسرها للأبد… وليست الخسارة وحدها ما يؤلمه بل كونه واثقًا بأن هناك شخصًا آخر جدير بها على وشك الحصول عليها…
رأه أنس وقد أدرك نوح ذلك، رمقه أنس بإبتسامة جانبية صغيرة واثقة ونظرات تُفصح عن الثقة فأنس هو من فاز في نهاية المطاف… كان نوح يُطالعه بإشمئزاز وغضب.
“يلا يا أنس هنتأخر على أروى.”
“حاضر يا ميرال.”
تمتم أنس بصوتٍ مرتفع متعمدًا أن تخترق جملته أذن ميرال، رمق أنس نوح للمرة الأخيرة بإزدراء قبل أن يدلف داخل السيارة وبمجرد أن انطلق أنس سألت ميرال بفضول واستياء شديد أفنان الجالسة إلى جانبها قائلة:
“أنا عايزة أعرف أنتِ جيتي ليه؟ ورحيم كمان؟”
“المفروض أنا اللي اسأل السؤال ده! أيه اللي جابك أصلًا؟ مش قادرة افهم.”
“والله أنا اللي مش فاهم أنتوا التلاتة أيه اللي وداكوا تحضروا مناقشة الواد السمج ده؟!”
“نوح بعت مسدچ لرحيم طلب منه إننا نحضر، واعتذر عن اللي حصل… هو برضوا عك شوية في الكلام في الأول بس في النهاية يعني عزمنا عالمناقشة النهاردة وبما إننا دكاترة أصلًا جينا، حضرتك بقى بتعملي دبلومة في الصيدلة ولا أيه؟”
“نوح بعتلي أنا كمان… طلب مني إن أنا أجي وطلب السماح، وأنا جيت عشان يعني… تبقى آخر مرة أشوفه فيها من منطلق نوح اللي كنت بحبه من النهاردة مبقاش في غير نوح ابن خالتي وعلاقتنا رسمية وبس… ممكن بقى نغير الموضوع؟”
كان أنس عاقدًا حاجبيه وهو يزفر بضيق بينما يستمع إلى الشق الأول من حديث ميرال لكن حينما أنهت حديثها وقد فهم أنها أخيرًا قد تجاوزت نوح وللأبد ابتسم تلقائيًا ابتسامة واسعة ليرمقه رحيم بطرف عيناه قبل أن يبتسم ابتسامة جانبية.
“بقولكوا أيه هو كله جاب هدية لأروى طبعًا عشان عارفين أنه عيد ميلادها وأنا مكنتش أعرف ومجبتش حاجة… شكلي هيبقى أيه دلوقتي؟”
“متشغليش بالك أنا عامل حسابي.”
“عامل حسابك ازاي يعني؟ فاتح محل هدايا في جيب البنطلون؟”
“لا في كم الچاكيته يا ظريفة، وبعدين أنا وجهتلك كلام أساسًا يا حِشارية أنتِ؟! أنا بكلم ميرال.”
“أنس كلم أفنان عِدل!”
“وأنتِ خفي على أنس شوية في أيه؟”
“يسلم فمك يا ميرال يا بنتي.”
“بنتك؟! Daughter zone؟! جديدة دي لا و Creepy ‘مُريبة’ كمان.” علق رحيم ساخرًا ليُطالعه أنس بإزدراء قبل أن ينظر إلى ميرال في المرآة ويتابع حديثه قائلًا:
“بصي أنا جبت هدية عارف إن أروى بتحبها وهي حاجة مش مكلفة أوي يعني وجبتها على اسمك ونبقى نتحاسب بطريقتنا أنا وأنتِ بعدين.”
“أحنا كده هنصفي حسابنا عالمعاش بقى.”
“معاش؟ ده القلب عمره ما عاش قبل ما يقابل الوش السِمح ده، عالعموم ياستي أحنا ورانا أيه؟ مفيش بين الخيرين حساب.”
“لا وأنتَ ذوق أوي ياض، وبعدين خف نحنحة ما أختي يا إما هتلاقي حتة قلم يا أنس من حيث لا تدري ولو مش مصدق اسأل نوح.”
“لا ثواني كده… أنتِ ضربتي نوح قبل كده؟”
“اه مرتين ليه؟”
“ما شاء الله، الواد متعلم عليه من كل الناس مفيش كده بجد… كرامته في اللا لا لاند.”
سخر أنس وهو يضحك لتضحك معه أفنان بينما أمتعض وجه ميرال من حديثهم المستمر حول نوح ولم يكن سبب ضيقها أنها لا تُريد منهم أن يذكروه بالسوء بل لأنها لا تريد سماع ااسمه أو أي شيء يتعلق به مجددًا.
“يا جماعة من فضلكوا قولت نغير السيرة دي.” طلبت منهم ميرال ليومئ أفنان وأنس ويسود الصمت لثوانٍ قبل أن يقوم أنس بتشغيل أغنية رومانسية قديمة للعندليب بينما يُطالع ميرال من خلال إنعكاس المرآة من وقتٍ لآخر.
بعد أربعون دقيقة تقريبًا توقفت السيارة أمام مطعم ومقهى فاخر في منطقة ‘مصر الجديدة’ ترجل الجميع من السيارة وهو يحضرون الهدايا خاصتهم من صندوق السيارة بينما وقفت ميرال تتابعهم بضيق لأنها لم تبتاع شيئًا من أجل أروى.
“بصي يا ميرال دي سلسلة فضة مكتوب عليها اسم أروى بالحروف الفرعوني، هي مهووسة بالحاجات دي وأي حاجة ليها علاقة بالآثار أو الحاجات الشعبية مثلًا وكده فالسلسلة دي هتعجبها جدًا ومتقلقيش هقولك تمنها وهاخده منك.”
“خلاص اتفقنا… شكرًا أوي إنك فكرت في الموضوع ده وافتكرت يعني أني مجبتش حاجة وكده يعني…”
“ده أنا اللي لازم اشكرك إنك جيتي معايا… قصدي يعني أروى هتتبسط أوي هي بتحبك جدًا.”
“مش يلا ندخل؟ الجو… الجو برد.”
همست ميرال وهي تنسحب مبتعدة عن أنس دون أن تُعلق على ما قاله ليبتسم هو ابتسامة جانبية ثم يتبعها نحو الداخل، كانت أروى تجلس على طاولة في أحد الأركان وهي ترتدي فستانًا باللون الأخضر الداكن وتعبث في خصلات شعرها بتملل وهي تشاهد بعد حالات أصدقائها من الخارج.
“مفاجأة ‘Surprise’.” صاح أنس وهو يقترب من الطاولة حيث تجلس أروى والتي انتفضت عندما سمعت صوته وقبل أن تُدرك ما يحدث قام أنس ورحيم بإستخدام زينة عيد الميلاد التي تنفجر مسببة تناثر أشرطة قصيرة ملونة في كل مكان.
“أروى القمر كل سنة وأنتِ طيبة.”
تمتمت أفنان وهي تأخذ أروى في عناقٍ لطيف ومن ثم تبعتها ميرال التي فعلت المثل، لتُردف أروى بسعادة غامرة:
“أيه ده وميرال كمان؟ شكرًا بجد، You all really made my day ‘لقد جعلتوا يومي سعيدًا/ أسعدتم يومي حقًا’.”
“طب مفيش حضن لأخوكي حبيبك اللي كلف ولم الناس دي وكده؟”
“أحلى حضن في الدنيا لأحلى أخ صغير شقي.”
بعد أن فصل أنس العناق أشار للنادل بيده بأن يُحضر قالب الكعك والذي كان متوسط الحجم وقد وضع عليه صورة قديم تعود إلى وقت طفولة أنس وأروى، حيث كان يقف إلى جانبها وهو يحتضنها على أحد شواطئ إنجلترا وكان عمرهم في ذلك الوقت يتراوح بين الخامسة والثامنة تقريبًا، فأنس لا يذكر أعمارهم بالتحديد في ذلك الوقت.
“يا إلهي هذا لطيف للغاية ‘Omg this is so cute’، شكرًا بجد يا أنس.”
“أي خدمة ياستي، هخليهم يشيلوها دلوقتي نتعشى الأول وبعدين نجيبها عشان نغني وتتمني أمنية والحاجات دي.”
“تمام اتفقنا.”
بعد نصف ساعة تقريبًا جلس جميعهم يثرثرون في مواضيع عشوائية وسط صوت ضحكاتهم وتعليقاتهم الساخرة وصخب أنس المعتاد، لكن ميرال كانت تختلف عنهم قليلًا فلقد جلست في هدوء شديد… هدوء يزيد عن هدوءها المعتاد، لاحظ الجميع ذلك لكن لم يعلق أحد حتى فعلت أروى.
“مالك يا ميرال زعلانة ليه؟” سألت أروى بإهتمام شديد وهي تضع يدها على كتف ميرال بلطف ليبتسم أنس تلقائيًا من حركتها اللطيفة تلك، ابتسمت ميرال ابتسامة صغيرة مشوبه بالحزن وهي تُجيبها قائلة:
“مفيش حاجة مشاكل في الشغل بس…”
“ليه بس حصل أيه؟”
“كان في مشكلة في الشغل والمدير اتخانق معانا كلنا وشبه هزقنا يعني وفي الآخر قال إنه هيضطر يمشي ناس مننا ولسه مش عارفين مين اللي هيمشي…”
أفصحت ميرال عن سبب حزنها لتضطرب معالم أنس على الفور قبل أن يصفع الطاولة بيده وهو يسأل بغضب حقيقي:
“ده مين الحيوان ده؟ يهزق مين ده عبيط ده ولا أيه؟ أديني اسم الشركة واسم مديرك ده وأنا هفرجه ومتشيليش أي هم أنا هشوفلك شغل في شركة تانية.”
“مفيش داعي صدقني… خلاص متعصبش نفسك أنتَ تعبان، أنا خلاص مش زعلانة أصلًا وهشوف شغل في مكان تاني.”
“وأنا مش هتهد بقى غير لما أخليه يعتذرلك أنتِ وزمايلك وبعدها هجبلك شغل في مكان أحسن.”
“هتعملنا فيها جدع بقى وتقعد تذلنا وتقرفنا.” أدرفت أفنان لتُخرجهم من الأجواء الجادة للحوار ليغمض أنس عيناه ويضم قبضته بإستياء قبل أن يُعقب على جملتها الساخرة قائلًا:
“يا بنتي حد وجهلك كلمة؟ أنا جيت جنبك دلوقتي؟ رد عليا يا بت أنتِ!”
“الحقيقة لا، بس مش مقتنعة أنك هتعمل حاجة بصراحة حاسه أنك بوق كده!”
“هتشوفي.”
بعد نصف ساعة آخرى قاطع حديث أفنان وأروى صوت رنين هاتف أفنان والذي كان بالقرب من رحيم ليُمسك بهاتفها ليرى من المتصل ولم يكن يفعل ذلك بدافع الفضول بل لأن أفنان قد سمحت له في السابق بالرد على هاتفها والعبث به كما يشاء.
“أفي موبايلك بيرن… ريماس؟ مين ريماس؟”
“بنت عمتي حكتلك عنها قبل كده، سيبك منها أعمله صامت… صحيح نسيت أقولك يا بت يا ميرال مش ريماس اتقدم لها عريس تاني وكلت دماغ بابا برضوا، لا وخطيبها القديم بيحاول يرجعلها تاني تلاقيها بتكلمني عشان كده.”
“فريد؟” سألت ميرال ليسعل أنس ويبصق الماء الذي في فمه ليتحرك جميعهم مبتعدين عنهم بينما تصيح أفنان:
“يا أخي جتك القرف!”
“فريد مين؟” سألت أروى بإهتمام بينما تُطالع أنس بطرف عيناها والذي كان يسحب أحد المناديل الورقية ويجفف بها وجهة ولحيته، حاولت ميرال أن تُشيح بنظرها بعيدًا عن أنس وتجيب على سؤال أروى قائلة:
“ده اسم خطيب بنت عمتي… كان خطيبها يعني.”
“وملقوش اسم أوحش من كده؟ أيه القرف ده؟”
صاح أنس بإستياء حقيقي لتعقد كلًا من أفنان وميرال حاجبيهما قبل أن تسأله ميرال بتردد الآتي:
“هو مش… هو مش أنتَ اسمك… أنس فريد؟”
“أيوا اسمي أنس زفت!”
أجاب أنس بحنق وهو يضع الكوب أعلى الطاولة بقوة حتى كاد الكوب أن ينكسر لكن أروى رمقته بحده وقامت ب ‘قرص’ في ذراعه ليتأوه أنس وهو يعتذر بنبرة طفولية قائلًا:
“خلاص أسف… مكنش قصدي.”
“أهو ألطف نسخة وأكتر نسخة pure ‘نقية’ ممكن تقابلوها من أنس وهو قاعد مع أروى.”
“لا أنا مش لطيف أنا رخم وعصبي.” تمتم أنس بنبرة طفولية أكدت ما قاله رحيم قبل ثوانٍ، ساد الصمت لبرهة قبل أن تُعلق أفنان مُردفة:
“بصراحة رحيم عنده حق، دي المرة الوحيدة اللي ممكن أحس إني طايقاك فيها.”
“أنا بقى عمري ما طيقتك ولا هطيقك ومتتكلميش معايا تاني يا بت أنتِ.”
“بقولكوا أيه، عشان تبطلوا رخامة على بعض… تيجوا نلعب بدل ما أحنا قاعدين كده؟” اقترحت ميرال لتتسع ابتسامة أنس قبل أن يُردف:
“أنا موافق على أي حاجة هتقوليها، بصي أحنا نلعب صراحة ونسأل بعض عن حاجات محرجة بقى اللي هو أنتِ بتحبي حد؟هو أنت صاحبت قبل كده؟ صفات فتاة أحلامك أيه؟ بتحبني بنسبة كام في المية والحاجات الكليشية دي، بس عارفة ناقصنا حاجة عشان نكمل المشهد المبتذل ده.”
“أيه هي بقى؟” سألت ميرال وقد كانت تنتظر منه أن يتحدث بجدية لكنه في المقابل قال الآتي:
“أزازة بيرة من الخضراء دي عشان نلفها.”
“أنس please shut your mouth we ain’t doing this bullshit ‘من فضلك أغلق فمك نحن لن نفعل هذا الهراء’.”
“خلاص أسف مش هفتح بوقي تاني، أصلًا محدش طايقني في القاعدة دي أنا هقوم أمشي ولا أقولك… هاتي التورتة نطفيها وهرميلك الهدية بتاعتك وهمشي.”
“جبتلي هدية أيه؟ حاجة حلوة زيك كده؟”
“شوفتوا نبرتها اتحولت ازاي؟ عمومًا جبتلك هدية خلت حسابي في البنك ينزل نزله محترمة كده.”
“طب فين الهدية؟ مش شايفة معاك حاجة.”
“طب نغني الأول ونطفي الشمع وخلي هديتي آخر هدية فيهم كلهم ماشي؟”
أومئت أروى بحماس شديد وهي تطلب من النادل أن يحضر الكعكة من أجلهم، وبعد الغناء وإلتقاط بعض الصور منح ثلاثتهم الهدايا التي أحضروها من أجل أروى بينما انتظر أنس ليكون الأخير.
“يلا طفينا الشمع وهما وروني الهدايا بتاعتهم فين هديتك بقى؟”
“هوريهالك تعالي برا.”
“برا ليه؟ جبتلها طيارة ولا أيه؟!” سألت أفنان بنبرة لا تخلو من السخرية ليُطالعها أنس بازدراء وهو يُجيبها مستنكرًا:
“طيارة!!! ليه هو أنا حرامي؟!”
“انس الساعة اللي في إيدك دي أصلية؟” سألته أفنان بخبث وهي تُضيق عيناها لتنتقل عين أنس إلى ساعة يده تلقائيًا قبل أن يُجيبها بغرور شديد:
“اه طبعًا أصلية، بس ليه؟”
“طب هي بكام؟”
“حوالي مية ألف جنية مصري ليه؟” سأل أنس بفضول وهو يقوم بضبط موضع الساعة حول معصم يده لتنظر نحوه أفنان بهدوء لثوانٍ قبل أن تصيح في وجهه مُردفة:
“يعني لابس ساعة بمية ألف يا مفتري وعايز تقنعني إنك مش حرامي! قولي ازاي يعني؟!”
“طب قبل ما تكلميني أنا عارفة البدلة اللي رحيم لابسها دي بكام؟ أو الجزمة مثلًا؟ بلاش كل ده… الساعة اللي هو لابسها، لكن صدقيني يا أفنان يا بنتي مش هي دي السعادة الحقيقية، أحنا اه لابسين لبس يخلينا نشتري بتمنة شقة هنا في المنطقة بس ده مش معناه إن حياتنا سعيدة.”
“يااه حياة الأغنياء دي صعبة بشكل.”
“ياستي هتبصلنا في حياتنا ليه؟! ما أنتِ شوية وهتبقي من الأغنياء معانا أنتِ وأختك.”
“طب أنا هبقى غنية معاكوا عشان اتجوزت رحيم، ميرال نظامها أيه بقى؟” سألت أفنان بمراوغة وقد فهمت مقصد أنس من جملته تلك، حمحم أنس وهو يعتدل في جلسته ويقوم بتعديل ثيابه بثقة شديدة بينما يتمتم بالآتي:
“مش يمكن ربنا يكرمها بعريس كده يبقى غني… ابن حلال ومؤدب جدًا وبار بوالديه وعمر السيجارة ولا الكاس ما لمسوا إيده ومحترم… محترم أوي وجذاب جدًا كل البنات هتموت عليه… فيما عدا هي تقريبًا…”
“ممكن كفاية رغي ورخامة على بعض ونقوم نشوف الهدية بتاعتي؟”
“يلا.” تمتم أنس وهو يستقيم ببطء لتجذب أروى ذراعه بقوة وهي تسحبه نحو الخارج بحماس شديد.
وكانت المفاجأة هي سيارة من أحدث طراز لهذا العام كانت باللون الأسود؛ لون أروى المفضل… منحها أنس المفتاح والذي قام بربط شريط من الستان باللون الأحمر أعلاه على هيئة ‘فيونكة’ لتهرول أروى نحوه وهي تضمه في عناق لطيف وهي تتمتم بكلمات غير مفهومة من فرط الحماس والسعادة.
“عربية زيرو موديل السنة يا أنس؟!”
سأل رحيم ببعض الدهشة وهو يُبعد أنس عن أروى قليلًا، ليبتسم أنس ابتسامة صغيرة بينما مازالت عيناه تتابع شقيقته الوحيدة وهي تفحص السيارة بسعادة كبيرة بينما يُعلق على ما قاله رحيم قائلًا:
“اه عادي متغلاش على أروى حبيبتي.”
“أكيد طبعًا متغلاش عليها بس أنتَ معاك فلوس كفاية عشان تجيب عربية زي دي؟”
“اه، أنا روحت للمحامي وبدأ في الإجراءات بتاعت نقل الملكية… أصلًا أروى عملتلي توكيل بصورة مؤقتة يعني لحد أما تحس إنها في حالة تسمحلها تمسك معايا إدارة المصنع والشركات.”
“ربنا يوفقكوا أنا واثق فيكوا أنتوا الإتنين.” قال رحيم وهو يضع يده على كتف أنس بلطف، قاطع المشهد صوت أروى وهي تصيح مُردفة:
“أنس تعالى معايا نجرب العربية.”
“لا يا قطة استني بقى لما نسترجع السواقة مع بعض تاني عشان بقالك كتير مش بتسوقي بدل ما تجرحي العربية ده أنا دافع فيها دم قلبي! دم قلب فريد… مش مهم المهم في دم في الموضوع!”
مرت ساعة آخرى قبل أن يقرر الجميع العودة إلى المنزل، قام أنس بإيصال أفنان وميرال إلى منزلهم ثم قام بإيصال رحيم إلى منزله، كان اليوم غاية في اللطف بالنسبة إلى جميع وبالنسبة إلى ميرال تحديدًا فلقد شعرت في هذا اليوم أن هناك شيء في داخلها قد تحرك تجاه أنس وأن مشاعرها نحوه قد اتخذت منعطفًا خطرًا لم يخطر على بالها قط…
بعد مرور شهر ونصف بدأت التجهيزات الحقيقية في منزل أفنان ورحيم حيث بدأت أفنان في نقل بعض متعلقاتها الشخصية إلى المنزل وقد قام رحيم بوضع بعض الاثاث الذي ابتاعه في المكان المخصص له.
“أفي تعالي عايز أوريكي حاجة.” قال رحيم وهو يسحبها نحو الطابق العلوي لتسأله أفنان بقلق:
“فوق؟”
“اه، في أوضتنا…” أجابها رحيم لتنظر نحوه أفنان بوجه مُصفر قبل أن تُخبره بأنها ستُعلم والديها أولًا.
“بابا ماما هطلع مع رحيم نشوف حاجة في الدور اللي فوق وهننزل على طول.”
“ماشي بس متتأخروش.”
“حاضر.” تمتمت أفنان ومن ثم صعدت إلى رحيم مجددًا ليُخبرها الآتي:
“بصي هي خلاص تعتبر جهزت أصلًا ناقص بس نحط اللبس بتاعنا وال Make up ‘مساحيق التجميل’ وأي حاجة related ‘متعلق’ بيكي و… هو أنتِ متصنمة كده ليه؟ تعالي مش هخطفك ما مامتك وباباكي وميرال وأنس موجودين يعني.”
أومئت أفنان مع ابتسامة صغيرة وصعدت إلى الطابق العلوي برفقته وهي تشعر بنبضات قلبها تزداد سرعة فهي لم تدلف إلى تلك الغرفة برفقة رحيم غير مرة واحدة تقريبًا حينما كان المكان فارغًا لكن الآن لقد وضع رحيم معظم الأثاث مما زادها توترًا… دلفت أفنان إلى الحجرة بأرجل مرتجفة لتفاجئ بمدى رُقي وفخامة الأثاث الذي ابتاعه رحيم.
“بسم الله ما شاء الله… الحاجة تحفة يا رحيم! أنا عارفة إننا كنا مختارين معظم الحاجة مع بعض بس شكلهم عالحقيقة أحلى كتير من الصور…”
“بصي هنا ال fitting room ‘حجرة القياس/الثياب’ عشان اللبس بتاعنا، وده ال Bathroom ‘دورة المياه’ بتاعنا برضوا… وممكن تبصي عال Balcony ‘الشرفة’ أنا مخطط إننا إن شاء الله نحط فيها نباتات كتير من اللي هي بتدي ريحة حلوة… نزرع Mints ‘نعناع’؟”
“نزرع منزرعش ليه؟ ده أنتَ النعناع لحس مخك المفروض ينزل جدول بجد… المهم كل حاجة فوق الروعة بجد…”
“طيب عايز أوريكي حاجة كمان بس wait ‘انتظري’ غمضي عينك.”
“ماشي بس من غير استعباط ها!”
“مفيش ثقة ابدًا؟”
سأل رحيم وهو يُقبل وجنة أفنان لتضربه في كتفه وهي تنتفض مبتعدة عنه، فتحت عيناها على الفور وكادت أن تعاود ضربه لكن لفت نظرها تلك الصورة الكبيرة نسبيًا المُعلقة على الحائط والتي كانت عبارة عن الصورة التي جمعت أفنان ورحيم في نهاية التدريب وقد وضعها رحيم في إطار فخم وقام بتعليقها على الحائط المقابل للفراش خاصتهم.
“دي حلوة أوي يا رحيم بجد… تحفة!”
“مبسوط أوي إنها عجبتك… عارفة كمان هنا هنحط صورة كمان بس هنحط صورة من صور الفرح إن شاء الله.”
“ايوا إن شاء الله… تعالى ننزل تحت بقى عشان كمان نتفق مع بابا هنيجي نفرش الحاجة أمتى.”
“تمام يا حبيبي.”
بعد مرور أسبوعان وعلى حسب الإتفاق بدأت عملية نقل جميع الأغراض وما تبقى من الأجهزة نحو عش الزوجية خاصة أفنان ورحيم، وفي أحد الأيام اقترح أنس أن يساعد هو ورحيم الرجال في نقل الأجهزة.
“أنا مش فاهم بجد يا أنس أحنا ليه بنتعب نفسنا كده؟ ما ممكن نطلب ناس يعملوا كل ده بكل بساطة يعني.” أردف رحيم بحنق وهو يحمل أحد الصناديق الكبيرة نسبيًا.
“يا ابني أنتَ! لازم تتعب في الحاجة وتتمرمط كده عشان تحس بقيمتها وبعدين ما نص الحاجة جت ومحدش فينا شال قشاية لازم بقى دلوقتي نتحرك كده ونسيب ذكريات حلوة في المكان ووقت التجهيزات.”
“يعني عشان اسيب ذكرى حلوة يجيلي الغضروف وأروح الفرح على نقالة يعني؟”
“دمك بقى تقيل أوي خف قاعدة مع أفنان، ده لمصلحتك يعني.”
“أخف قاعدة معاها اه حاضر… أنس أحنا فرحنا بعد عشر أيام تقريبًا، أنتَ معانا عالكوكب ولا في عالم موازي ولا أيه؟!”
“صح نسيت، مبدأيًا عيالكوا دول أنا اللي هربيهم مش هسيب البت السِمجة دي هي اللي تربي العيال دول هيطلعوا لسانهم طويل.”
“لا وأنتَ ما شاء الله ونعم الأدب والأخلاق الصراحة، بقولك أيه أنتَ وأفنان خفوا كلام على بعض عشان بجد بدأت اتضايق والهزار كده بقى سخيف.”
“ماشي خلاص متزعلش، ها قولي بقى كلمتها في اللي اتفقنا عليه؟”
“هو أيه اللي اتفقنا عليه؟”
“مش أنتَ قولتلي هتقول لأفنان إن أنا معجب بميرال وتسألها كده هل باباها ممكن يوافق ولا لا.”
“ياربي… I am so sorry ‘أنا أسف للغاية’ أنا اتشغلت بتجهيزات الفرح ونسيت أقولها… Don’t worry ‘لا تقلق’ هما جايين كمان يومين عشان ينقلوا حاجتها هنا لما أشوفها هتكلم معاها.”
“ينقلوا حاجتها هنا؟ اسمها يجيبوا العزال يا حبيبي، ده بتبقى هيصة بقى وزغاريط وبتاع أنا لازم أجي وش عشان اتفرج.”
“هو أحنا المفروض بنيجي؟”
“اه بنيجي بنشيل معاهم وكده، وهخلي أروى تيجي هتتبسط أوي هتقولك Wow oriental ‘واو شرقي’ وتقعد تندهش بقى وكده من الثقافة الشرقية والمصرية.”
“متخيل بصراحة، عمتًا ماشي هعدي عليكوا بالعربية يومها ونيجي كلنا مع بعض.”
أومئ أنس بسعادة وقد اتفق مع رحيم عالموعد المحدد حيث في ذلك اليوم ستنقل أفنان بعض الأغراض التي ابتاعها والدها ووالدتها من أجلها منذ زمن بعيد من قبل حتى أن يظهر رحيم في حياتها بالإضافة إلا نقل حقائب ثيابها وأدوات الطهي والأطباق خاصتها.
“ميرال معلش طلعي معايا الشنطة دي فوق… مريم بصي الكرتونة اللي مكتوب عليها احذر دي جواها الكاسات والكوبايات حسبي تقع منك…”
كانت أفنان تطلب منهم مساعدتها وتُخبرهم بمحتوى كل حقيبة وكل صندوق، وبينما كانت تفعل ذلك جاءها صوت عمتها وهي تُردف بصوتٍ منخفض:
“خدوا بالكوا يا حبايبي وأنتوا بتفرشوا الحاجة لحاجة تتكسر كده ولا كده أفنان تعمل مشكلة ولا تقولك حسدناها.”
“عيب الكلام ده والله يا عمتو، فداكوا أي حاجة كده كده في أي فرش لازم في حاجات بتتكسر وحاجات بتضيع ده عادي يعني.”
“كلك ذوق يا بنت أخويا، بس ما هو برضوا الحسد مذكور في القرآن.”
“مش معترضة أكيد، بس مش كل حاجة هتحصل هنقول حسد ما يمكن الحاجة مش متقفلة كويس أو وقعت من إيد حد فينا غصب عنه مش مشكلة يعني المهم محدش يتعور.”
قامت أفنان بإيجاد الرد المناسب على ما قالته عمتها، بينما طالعتها مريم بعدم اقتناع قبل أن تُعلق بالآتي بنبرة ساخرة:
“بتقولي كده وأنتِ لما فردة شراب تضيع بتعملي مناحة عليها يا أوفر.”
“دي حقيقة فعلًا، بس مش معقول تكونوا جايين من بيتكوا وسايبين كل حاجة وراكوا وجايين تهيصوا وتفرشوا معايا وهتخانق عشان طبق اتخدش ولا فنجان اتكسر ده حتى عيب يعني.”
“اه طبعًا ما تلاقي سي رحيم هو اللي جايب الحاجة وهيجبلك غيرهم على طول، ربنا يزيد ويبارك يعني.”
“لا يا عمتو، كل الحاجات اللي جت النهاردة دي من فلوس وتعب أبويا وميرال كمان عشان في كام حاجة اشترتهم هي من مرتبها ورحيم محطش جنية واحد فيهم… في حاجات ماما كانت مشترياها ليا أنا وميرال من زمان من قبل ما يبقى في رحيم أصلًا في حياتي.”
تحدثت أفنان بنبرة لا تخلو من الحدة ولكنها حاولت الحفاظ على أدبها وذوقها بقدر الإمكان وفي تلك الأثناء لم تنتبه هي لذلك الذي يقف من بعيد ويستمع إلى حديثها بسعادة عارمة وفخر شديد فأخيرًا لقد تدربت أفنان على السيطرة على غضبها وإنفعالاتها ولقد أدركت أن بإمكانها الدفاع عن وجهة نظرها دون المساس بإحترام الآخرين أو كرامتهم، حمحم رحيم قبل أن يُردف بنبرة ودودة دون أن يخطو خطوة واحدة نحو الداخل:
“مساء الخير… ممكن أدخل؟”
“ثواني يا رحيم… لو حد خالع رأسه يغطيها… خلاص تعالى يا رحيم.”
تمتمت أفنان وانتظرت من جميعهم أن يضعوا الحجاب على رؤوسهم وقد فعلت المثل قبل أن تسمح له بالدخول، وبالرغم من أنه لا مشكلة الآن أن تجلس أمامه بدون وشاح الرأس خاصتها لأنهم قاموا بعقد القران بالفعل إلا أنها فضلت أن تفعل ذلك بعد الزفاف كي يكون للأمر رونقًا خاص.
“تسلم ايديكوا معلش أنا وأفنان تعبناكوا معانا.”
“لا يا حبيبي مفيش تعب ولا حاجة.” قالت والدة أفنان بنبرة لطيفة وهي تقوم بوضع الكؤوس الزجاجية في المكان المخصص لها.
“طيب أنا جبت الغداء معايا أنتوا أكيد مرهقين جدًا… اتفضلوا في الجنينة نتغدى كلنا مع بعض.”
عرض رحيم عليهم بلطف شديد ليوافقه الجميع على الفور فلقد كانوا يتضورون جوعًا نتيجة المجهود الكبير المبذول، توجهت أفنان نحو الخارج أولًا لتجد أن رحيم قد طلب منهم إعداد الطاولة وقد قام بإحضار أصناف عدة من الطعام وبكميات وفيرة تكفي الجميع وقد تفيض، طالعته أفنان بإمتنان شديد وحب وهي تسأل نفسها ماذا فعلت كي يُكافئها الله برجلًا بهذا اللطف والكرم؟
فهو فقط لا يكتفي بسكب جرعات الحب والإعتناء عليها فقط بل يفيض على سائر العائلة وكل شخص تُحبه أو تفضله أفنان.
“أفي ممكن لو خلصتي أكل تيجي ثواني؟” طلب منها رحيم حينما لاحظ أنها على وشك الإنتهاء من تناول طعامها.
“حاضر يا حبيبي ثواني.”
تمتمت أفنان بتلقائية شديدة ولم تدرك أنها استخدمت لفظة ‘حبيبي’ إلا عندما وجدت الجميع يحدق بها، حمحمت هي بحرج واستقامت من مقعدها على الفور وهي تحمد الله بداخلها أن والدها لم يسمعها فابالرغم من كون رحيم زوجها شرعًا إلا أنها تخشى على مشاعر والدها وتحترمه.
“أفي بصي أنا عايز اتكلم معاكي في موضوع.”
“خير يا حبيبي إن شاء الله.”
“طيب هقولك بس مش عايز عصبية ولا تعليقات تضايق عشان الموضوع ليه علاقة بأنس وحاجة بجد مش هزار.”
تحدث رحيم بنبرة جادة لتعقد أفنان حاجبيها وقد شعرت بالقلق يتسرب إلى داخل قلبها، أمسكت بيد رحيم بلطف وهي تسأله بإضطراب:
“قلقتني يا رحيم خير في أيه؟”
“أنس معجب بميرال…”
“عايز يصيع مع أختي الواد الصايع ده؟ قوله أحنا بنتنا متربية و…” كادت أفنان أن تبدأ في موشح لسب أنس ووضع سيناريوهات درامية خيالية لكن رحيم لم يمنحها الفرصة حيث قاطع حديثها قائلًا جملة واحدة صريحة وحازمة:
“عايز يكلم باباكي ويتقدملها.”
“أيه؟! أنس؟ أنس عايز يتقدم رسمي؟ لا ثواني… أنس مين؟ أنس بتاعنا؟!” سألت أفنان عدة مرات متتالية وبكلمات متكررة ليقهقه رحيم بقوة قبل أن يؤكد على ما قاله في السابق مُردفًا:
“اه، شوفتي بقى إنك دايمًا بتستعجلي؟ بصي أنس عنده استعداد إنه يحكي لباباكي على كل حاجة وهيبقى صريح جدًا معاه وأنس كمان خلاص إتعالج من المشاكل اللي كان مسببها علاقته بباباه الله يرحمه ومامته وهو شاطر جدًا في شغله وحقيقي بيحب ميرال.”
“مش عارفة… يعني مش عارفة بابا هيوافق ولا لا بس أظن لو بابا عرف كل حاجة وحس إن أنس عايزها في الحلال بجد ممكن يوافق… هو أصلًا بابا بيحب أنس وبيستجدعه جدًا خاصة بعد موضوع شغل ميرال ده وواقفته جنبك وجنبنا في تجهيز البيت والحاجة.”
“خلاص يبقى بعد ما نرجع من ال Honeymoon ‘شهر العسل’ هاجي أنا وبابي وأنس عشان نتكلم مع Uncle أحمد.”
“تمام اتفقنا، وأنا هحاول يعني أقنع بابا إنه انسان كويس، أينعم هو بالنسبالي صديق سوء وعيل سخيف بس جدع وبيوقف جنبك واحترم نفسه الفترة الأخيرة.”
“ربنا يخليكي ليا يا أفي بجد، لو عرفتي تقنعيه فعلًا هجبلك هدية كبيرة أوي وجميلة زيك كده.”
“ولو معرفتش؟ مش هتجبلي هدية يعني؟”
سألته أفنان بتدلل ومراوغة وهي تعلم الإجابة عن سؤالها بالفعل لكنها أرادت أن تسمع إجابته وقد كانت كما توقعت هي:
“لا طبعًا، هجبلك هدية أحلى منها بتهزري ولا أيه؟ أنتِ بس شاوري عالحاجة اللي تعجبك وأنا اجبهالك In a blink of an eyee ‘في غمضة عين’ أنا عندي كام أفي يعني؟”
“ربنا يخليك ليا يا رحيم ونفضل دايمًا بنحب ونحترم بعض طول العمر، عارف أنا مدركة إن حياتنا مش هتبقى سهلة عشان الإختلاف الكبير اللي بينا ولأن الجواز نفسه صعب بس أنا مستعدة ابذل كل طاقتي عشان نتفاهم وعشان نبقى مبسوطين ومستعدة إن أنا أضحي بحاجات لأن أنتَ كمان بتضحي كتير عشاني.”
“أنتِ عارفة يا أفنان أنا عيشت طول حياتي عندي كل حاجة بحلم بيها وقبل ما أحلم بحاجة ولا أتمناها كانت عائلتي بتوفرها عشاني لكن دايمًا كان في حاجة ناقصة… كان قلبي مش حاسس بمعنى السعادة الحقيقية… مكنتش حاسس بمعنى الدفء والحب والإهتمام، مكنتش لاقي حد يحبني بدون مقابل… يحبني زي ما أنا… لكن لما قابلتك يا أفي كل ده اتغير ولاقيت الجزء اللي كان ضايع مني لما لاقيتك وحبيتك..”
“أنا بجد مش لاقيه رد عالكلام الحلو ده… مش عارفة هل في رد ممكن يكون مناسب أصلًا ولا لا… انا معنديش حاجة أقولها غير الحمدلله… الحمدلله إن ربنا رزقني بيك وعوضني بيك عن أي حاجة وحشة شوفتها في حياتي و…”
قاطع الحوار اللطيف الذي كان يدور بينهم صوت رنين هاتفها، أخرجت أفنان الهاتف من أحد جيوبها لكنها لم تنظر نحو اسم المتصل فلقد كانت منشغلة في تأمل لون أعين رحيم في أشعة الشمس، لاحظ رحيم ما يحدث ليقهقه بقوة قبل أن يقول ببطء شديد وهو يحاول إخفاء ابتسامته:
“أفي… تليفونك بيرن… مامي.”
“ثواني معلش.” استأذنت أفنان منه وذهبت لتُجيب على الهاتف ثم عادت بعد بضع دقائق.
“في حاجة ولا أيه؟”
“لا، طنط كانت بتكلمني عشان البروڤة بتاعت الفستان ما أنتَ عارف إنها صممت إنها تبقى معايا وأنا بختار لا وكمان صممت إنه يتفصل عشاني مخصوص ومشتريش حاجة جاهزة.”
“أنا عارف إن الموضوع غريب شوية وإن هي بتدخل في تفاصيل كتير…بس…” حاول رحيم أن يجد الكلمات المناسبة لكنه لم يستطع فتلك زوجته وتلك والدته وهو في المنتصف بينهما وكل ما يمكنه فعله هو الدعاء بأن يستطيع الإثنين التفاهم.
“عادي يعني لحد دلوقتي هي بتدخل في حاجات أو بتقترح حاجات أنا معنديش مشكلة في مشاركتها يعني… المهم متشغلش بالك أنا وهي هنعرف نتفاهم مع بعض.”
“ربنا يستر… صحيح مش ناوية برضوا تخليني أشوف ال design ‘التصميم’ بتاع الفستان؟”
“لا طبعًا مينفعش، هتشوفوا يوم الفرح إن شاء الله وكده كده أنا محجبة يعني الفستان مش هيبقى مفتوح مثلًا ولا شفاف ولا أي حاجة.”
“أنا واثق من كده… I just can’t wait for our weeding day ‘أنا فقط لا يسعني الإنتظار ليوم زفافنا’.”
أردف رحيم بنبرة هادئة تحوي في طياتها مخزونًا من العشق والهيام، طالعته أفنان لثوانٍ لتتعانق عيناه الخضراء مع البنية خاصتها ومن ثم فصلت أفنان التواصل البصري وهي تحمحم بخجل قبل أن تتركه واقفًا وحيدًا وهي تقول أثناء رحيلها:
“أنا كمان على فكرة.”
تبسم رحيم على ما قالته وعلى ردة فعلها بشكل عام بينما وقف يتأمل خطواتها وهي تبتعد عنه ومن داخله يدعو الله أن تمر الأيام سريعًا كي يحين موعد زفافهم لتقترب هي منه مجددًا… تقترب للدرجة التي لا تترك مجال للفراق أو الرحيل، حينما يحين ذلك اليوم ستصبح خاصته ولكي يصبح قلبه وعقله ملكًا لها لليوم الأخير في حياة كلًا منهما…
____________________________________
(تذكره: اللهم إني أعوذ بك من منكرات الأخلاق، والأعمال والأهواء.)

قرار ميرال إنها راحت تشوف نوح؟
نوح صعب عليكوا؟
المشاهد بين أنس وميرال؟
لطف أنس مع أروى؟
المشاهد بين أفنان ورحيم؟
الخناقات بين أنس وأفنان؟
تجهيزات البيت واستعدادهم للفرح؟

يتبع..

لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا

لقراءة باقي حلقات الرواية اضغط على : (في حي الزمالك)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *