روايات

رواية عروس الالفا (الهجينة 2) الفصل السادس والخمسون 56 بقلم ماهي أحمد

رواية عروس الالفا (الهجينة 2) الفصل السادس والخمسون 56 بقلم ماهي أحمد

رواية عروس الالفا (الهجينة 2) البارت السادس والخمسون

رواية عروس الالفا (الهجينة 2) الجزء السادس والخمسون

رواية عروس الالفا (الهجينة 2) الحلقة السادسة والخمسون

سبها بعبارات نابيه مما جعل “مارال” تتصدى لهُ وتقف أمامه بحده:
_أخيس ياحسان قطع لسانك ماتقولش عليها كده
تدخل بدر ليحجم الموقف :
_غدير عمرها ما كانت كده هي بس كانت مخنوقه و ..
قبل أن يكمل اشار لهُ بربروس بكف يدهُ حتى يكف عن الحديث قائلاً :
_نعلم جيداً بنات عائلتنا فمن صفاتهم الاحترام لا داعي بأن يدخل غريب بيننا ليعلمنا من هم بناتنا
طالع حسان بنظره حاده نظره جعلته ينظر للأرض بندم :
_وما قاله حسان عن ابنتنا ما هو الا تراهات ناتجه عن قلقه فقط
أشار برأسه لـ”مارال”يحثها على أخذ “غدير” للداخل وافقت تمد كف يدها لها وما ان مدت كفها حتى استجابت لها “غدير” تطالع ” بدر “بعيون دامعه يراها تبتعد عنه تحت ناظريه وما ان دلفت داخل المنزل حتى حث “بربروس”بدر على الرحيل وتوعد لـ “حسان” على فعلته منذ قليل ، رحل الجميع وقبل أن يلدف الى المنزل وجد “الطبيب” يصعد الى سيارته حثه على النزول بقول :
_أيها الطبيب أين أنتَ من ليله البارحه ؟
معلش يابربروس سيبني دلوقتي
قالها بلهجه طغت عليها اللامبالاه يعلم جيداً ما بداخله فنظر “بربروس “الى الساعه بمعصم يده وقد دقت التاسعه صعد جواره داخل سيارته وبدأ بقول :
_أنها التاسعه صباحاً وقد تذكرت شيئاً اريد منك أن توصلني الى مكان ما
وضع “الطبيب “المفتاح بالسياره وحركها وهو يسأل :
_عايز تروح فين يابربروس
أجابه “بربروس”بما لديه:
_الى المكان الذي تقصده ، فقد تذكرت أن لدي موعد هناك
_بس أنا مش عايز حد معايا يابربروس أرجوك تسيبني في حالي
قالها “الطبيب” بحده لم يقابلها “بربروس” الا بكل هدوء يجلس بأريحيه على مقعده وبدأ بقول :
_حسناً ، الى اين تريدنا أن نذهب
أدرك ” الطبيب ” مراوغه “بربروس” ضغط على دواسه البنزين يتحرك بالسياره وهو يردف بحنق :
_أنا عارف اني مش هعرف أخلص منك
—————-(بقلمي ماهي احمد)——————-
حلت الظهيره ولم يأت منها الا ضوء خافت جاء على استحياء أتجه “ياسين ” ناحيه الكوخ يطالعها بهدوء من بعيد يستند بظهره على الباب ، يطالع سكينتها متمنياً بألا يصيبها اي مكروه فشعور بأنك ستفقد من تحب يدفعك للجنون‏ يتحدث بعيونه ما لم ينطقه لسانه :
_ لو جرالك حاجه في يوم العيشه في بُعدك هتصبح مره والدنيا هتفضى من الونس على واحد عاش سنين محروم منه ، ومحسش بي الا بوجودك جنبه ، أنا الغريب في دنيا نابذه وجودي جواها ، متقيد بيها ومعاها وكأنك حريتي اللى فضلت سنين أتمناها
كلمات يرددها بينه وبين نفسه فأتى “عم نصير ” من خلفه بعدما رحلت حكيمه وهي تحذره من الا يعلم أحد بقدومها يمد يدهُ بكوب من الشاي الدافىء يعطيه لهُ يقطع شروده سائلاً :
_بتحبها يابن الصاوي
سؤاله اربكه ، شعر بأنسحاب الأنفاس من سؤاله أعطاهُ ظهره يجلس على الأريكه الخشبيه أمام الكوخ قائلاً بكلمات متقطعه نافياً سؤاله:
_عارف لما تبقى أكتر حاجه انت عايزها هي أكتر حاجه ماتنفعلكش ، اللي بتتمناه يبقى جنبك هو الوحيد اللي لازم تبعده عنك
أتى يجلس بجواره ومازال ممسك بكوب الشاي بيدهُ يعيد عليه سؤاله :
_مش ده رد سؤالي اللي مستنيه ياياسين
لاحت على شفتيه ابتسامه ساخره وتحدث نافياً :
_شمس عمرها ما انكتبت ليا في يوم
_وده أنتَ اللي قررته بنفسك
أغمض عينيه بتعب فأعطاهُ “عم نصير ” كوب الشاي الساخن ومد يدهُ يستقبلهُ منه وقال بوجه بشوش يتابع حديثه :
_ طب بلاش بتحبها ، على الأقل بتحس ناحيتها بأيه ؟
وقبل أن يجيبه اقترح عليه أن يجيبه كما يفعل سابقاً بطريقته الشاعريه بحديثه الفصحى كما كان يحب منذ سنين مضت وهو يدون كل شىء بداخل مفكرته ، حتى يخرج ما بقلبه ، صمت قليلاً ينظر أمامه وقد كان يحاول تجميع الكلمات قال وعيونه تدور في أرجاء المكان يشرد بما شعر بهِ :
_أشعر وكأن العالم مُظلم ووحدها من تضىء عتمته ، وكأنها الجار والجوار والدار والديار لا شبيه لها ولا مثيل ولا بديل
أجابه بغموض لم يروي ظمأ اسألته فنطق يؤكد عليه :
_يبقى بتحبها ياياسين
صرح ينكر جملته سريعاً :
_ ماتكبرش الموضوع مش للدرجه دي
أكمل حديثه يغير مجراه وتابع “نصير ” ردة فعله وهو يرى الغضب الذي كاد أن يلتهم وجهه :
_ أنا طلعت مغفل كبير أوي ياعم نصير ، كنت فاكر نفسي شديد ومحدش يقدر يضحك عليا ، لاء وكمان كنت فاكر أني اقدر أحمي اللي مني وطول ما هما جنبي هيبقوا في أمان ، عمار طلع
ميـ ـت مش عايش وكمان لما مـ ـات ، مـ ـات قدام عنيا وشمس اضربت بالنـ ـار وهي في حضني ومش هتطلع من حد غيره ، مش هتطلع غير من فريد
_وهتتصرف ازاي ياياسين ؟
وجه عم نصير سؤاله له وقبل أن ينطق أتت “زهره” تهرول وقد انتشر الخبر سريعاً بين اهل القريه الكل علم بخبر أطلاق الـ ـنار على “شمس ” في المساء بعدما رأهُ احد الماره يهرول بها بين طرقات القريه تنسدل دمائها منها متجه ناحيه الكوخ أتت “زهره” تهرول ناحيتهم ظنت أن ابنتها قد فارقت الحياه مجرد تخيل هذا جعل جنونها ينشط فتحدثت بصوت نال منهُ الفزع وعيون مستنجده قد نال منها الذعر تقبض عليه من تلابيبه :
_بنتي ، بنتي فين ياياسين حصلها ايه انطق
أغمض عينيه بتعب وفتحهما تلقي على مسامعه البقيه:
_شوفت ، شوفت أنا كنت خايفه بتي تبقى معاك ليه ، عشان مافيش خير بييجي من وراك ياياسين مهما حصل ،أنتَ اللي مكنتش فاهم ده ، حرقتلي بيتي وطلقتني من جوزي وأنتَ السبب في أذيه بنتي ، انا كنت كل همي في الدنيا أنها تتجوز واحد سوي تعيش معاه أيامها في أمان واحد ماتخافش معاه من بكره واهو قبل ما ييجي بكره يابن الصاوي كانت مضـ ـروبه بالـ ـنار ، هو ده اللي أنتَ عايزه ، أنتَ كده بتحميها ، أنتَ مابتعملش حاجه غير أنك تد مر اللي حواليك ايه اللي جابك بس ، ايه اللي رجعك ما أنتَ كنت بعيد وقولنا خلصنا منك عشر سنين عشناهم من غيرك كنا عايشين في أمان ومن وقت ما رجعت ماشوفناش غير وجع القلب وعدم الأمان روح منك لله
انهارت ، لم تقدر قدميها على حملها أكثر من هذا استشعر رعشات جسدها ، خانتها قدماها وقد خرت على الأرضيه ومازالت ممسكه بتلابيبه جلس معها وفعل عكس المتوقع ، فعل ما ادهشها تحدث معها هذه المره ووضع استفزازه لها جانباً ، ربت على كفيها بحنان يحدثها بعينين صادقه وقلب مكسور :
_أول مره اوافقك على كل كلمه قولتيها يازهره
حركت “زهره” رأسها بغير تصديق وعادت تنظر لهُ من جديد ساعدها على الوقوف وقد جلسا سوياً على المقعد الخشبي وضع كفه اسفل وجنته وهو يقول بهدوء واستسلام ، لم تعهده منه من قبل
يتابع قوله برفق:
_ماتستغربيش يازهره أنتِ فعلاً عندك حق في كل كلمه قولتيها أنا دلوقتي بس فهمت ان طول ما شمس جنبي هتشوف الأذيه الوان
الصدق ينطق في حديثه وفي مقلتيه وهو يدافع عن نفسه :
_بس مش هتبقى الأذيه مني ، هتبقى من اللي حواليا عشان أنا جنبها حاجه مكنتش فاهمها وفهمتها دلوقت حاولتي تنبهيني قد أيه أنا مؤذي بس مكنتش فاهم كنت فاهم أن اللي زيي ينفع يتغير ويقدر يعيش في أمان زي بقيت الخلق
برزت ابتسامه على ثغره يحاول بها أخفاء الألم الذي ينزف من كلماته :
_أه انا حرقت بيتك وعارف ان مكانش ينفع أعمل كده بس وقتها مكنتش بفكر ، مكنتش عايز حاجه تبعدني عنها كنت خايف لا تبعد وتتأذي محطيتش في بالي ولو لحظه ان انا السبب في أذاها ، اطمني شمس لحد دلوقتي بخير وانا همشي واسيبها يازهره ، بس مش قبل ما ابعد عنها اللي ممكن يأذيها واطمن قلبي عليها
عند هذه النقطه تحديداً انفجرت في البكاء ، تعالت شهقاتها وأصبحت تسرق الأنفاس بصعوبه من بين شهقاتها تحدثت تبرر لهُ:
_ياسين انا مش وحشه ، بس أنا شفت الوحش اللي جواك ، محدش فيكم باصصلي بعين أم خايفه على ضناها واللي هي حته منها ، انا اتحرمت من شمس ١٦ سنه وانتَ كنت بالنسبالي الوحش اللي حارمني منها كنت بنام واقوم وانا كرهاك ، عارفه ، عارفه ان كل اللي حصلك كان غصب عنك بس أنتَ مش ابني مش حته مني عشان احس بيك لكن هي لاء ، هي اللي طلعت بيها من الدنيا وكل اللي بتمناه انها تعيش في امان اللي باقي من عمرها واديك شوفت واعترفت بنفسك انها كل ما هتكون معاك كل ما الأذى هيجري وراها بالمشوار
تحدثت معه باستفاضه وتفهم هو مشاعرها وافقها على كل شىء وأتى الى النقطه الأصعب ولكنه كان بارعاً في التعبير:
_شمس تستحق ترتاح والدنيا تبقى ليها براح حتى لو أنا مش فيها ولا استحق براح الدنيا معاها ، شمس تستحق كل حاجه حلوه في الحياه هي أصلاً بالحياه ومافيها
صدق نبرته أذهلها ، وحتى حاول أخراجها من نوبه بكائها الزائده بقول :
_خلاص بقى ، ده أنتِ نكديه بزياده لي حق علي يطلقك
انكمشت تقاسيمها وزادت شهقاتها التي هتفت من بينها وتعالت نبرتها بغـ ـضب :
_ما أنتَ السبب أنتَ برضوا سبب طلاقي ياللي منك لله
حول عينيه للون الأحمر وتهكمت تقاسيمه وقد بان على ملامحه الجديه :
_صوتك مايعلاش يازهره ولا عشان قعدتك جنبي وطبطبت عليكي بكلمتين هتاخدي عليا
دب الذعر بقلبها ابتعدت عنه متجه الى طرف المقعد ابتسم “عم نصير “من فعلته ضاق نفسها فهي الأن بمفردها معهُ ، ابتسم يشير لها بيدهُ مازحاً بعدما أعاد عينيه الى لونها الطبيعي :
_والله يازهره أنتِ غلبانه بجد ، وماطلعتيش حيع ولا حاجه تعالي ، تعالي ، أنا بهزر معاكي في برضوا حد يأذي حماته
نفت كلمته وبشده :
_ماتقولش حماتي
انصاع لأمرها يخبرها:
_اللي تشوفيه يازهره حلو كده
صدرت عن “زهره” تنهيده متعبه ثم اخبرته:
_حلو ، بس عايزاك توعدني انك فعلاً هتبعد عنها وتطلقها
صمت للحظه وألقت عليه نظره وقد خيم على عينيه الحزن وجدته يطالعها بعينين وقد لمعوا ببريق ممزوج من الحزن وبالرغم من ذلك يجبر شفتيه على الأبتسام :
_هوعدك بس مش قبل ماتفردي وشك ده الأول
كانت نبرته هنا جاده عكس نبرته المازحه مسترسلاً:
حبايبي دول بارتين مع بعض التكمله تحت الصوره التانيه وارجوكي التفاعل يبقى من بره الصورتين ارجوكي علشان صوتنا يوصل لأكبر عدد وننقذ الاسره من الفلسطين/ييه

_وزي ما قولتلك هبعد لما اطمن عليها وابعد اللي عايزين يأذوها عنها بس لحد ما ده يحصل ، انا هفضل جنبها ومش عايز منك اي اعتراض اني ابقى قريب منها واللي اقولك عليه تنفذيه يعني وقت ما اقولك خليها معايا هتفضل معايا

_أيوه بس

قالتها معترضه فبتر حديثها بعدما علم مقصدها :

_مش هلمسها ، ولا هقربلها شمس عمرها ما كانت ليا في يوم يازهره اطمني دي حاجه أنا عارفها ومأمن بيها كويس

أشار برأسه يحثها على النهوض :

_يلا ، ادخلي لبنتك واطمني عليها هي قريب هتبقى بخير

——————–(بقلمي ماهي احمد)—————–

كانت في الحقيقه تبكي وكأنها المره الأخيره تفرغ كل ما لديها من الدموع ، شعرت “مشيره” بكل ما هو قا تل كلامه مزقها فعل كل هذا فقط حينما علم بأنها جارته بأن” عمار” ما زال حياً يرزق ابعدها عن حياته للأبد وأه كل الأه لو علم بأنها تدس لهُ الدواء بداخل مشروبه حتى يظل على عماه أخذت تحدث نفسها ماذا لو علم بأنها هي من تسبب بأطلاق النـ ـار على “شمس” ماذا سيفعل حينها كل هذا نفضته عن تفكيرها كل شىء مباح لديها فقط ليظل بجوارها عادت الى المنزل بعدما وعدته بأنها تريد الراحه ولو قليلاً وستغادر بعدما تلملم اشيائها المتبقيه من بيت “ال صاوي” وهي تعرف تمام المعرفه أنهم سيكتشفون مقـ ـتل “شمس” قريباً ومن ثم ستبقى بجواره لمواساته كما تفعل كل مره توقفت لدقائق تفكر لم تسمع نحيب احدهم ، لم يتحدث هو عن مقـ ـتل شمس وكل ما يشغل باله فقط هو “عمار” تحرك “حسان “امامها فاستوقفته مسرعه تسأله بلهفه :

_الا قولي ياحسان هي فين شمس

كمش حاجبيه باستغراب ثم ارضت هي فضوله بقول :

_اقصد يعني مافيش حد في البيت هو انتوا فين

بان عليه القلق بقول :

_أنتِ ماسمعتيش ، أختي شمس انضـ ـربت
بالنـ ـار كل اللي في البيت مش موجودين كلهم راحوا عند كوخ “عم نصير”

_يعني عايشه مامـ ـاتتش

كانت ترغب وبشده في مو تها رمقها “حسان ” وبشده وهو يعترض على ما يقول بقوله :

_بعد الشر ان شالله اللي يكرهها ، جت سليمه بس عم ياسين هيعرف يجيب اللي عملها ان شالله لو كان في جحر نمله

شلت الصدمه “مشيره ” الأن ماهذا الذي تسمعه اشتعلت عيناها ودت لو قتـ ـلته ولكنها تصنعت الشفقه ببراعه وهي تقول :

_أنا ماقصدش بعد الشر عليها طبعاً أنا بس كنت عايزه اطمن عليها

أشار بكف يدهُ للخارج :

_أنا كنت بجيبلها هدوم ورايحلها دلوقت لو حابه تيجي معايا استناكي

هتفت مسرعه :

_لا ، لاء هاروحلها وقت تاني أنا هدخل اوضتي عشان ارتاح

جاء رده جافاً :

_عن أذنك ياطنط

استدار ليغادر من هنا ترمقه بعيونها التي لو كانت سهاماً لأصابته وخر “حسان” أرضاً سريعاً الأن تمتمت بداخلها بقول :

_طنط لما تلهفك

دلفت الى غرفتها صافعها الباب خلفها بعدما أدركت أن ما خططت لهُ اصبح بلا فائده ركلت الطاوله التي امامها بقدميها بقوه مسحت دموعها بعنف تحاول كتم صرختها ولكنها فشلت وما أن وجدت زجاجه من المياه أمامها حتى ألقت بها بعرض الحائط ، تحولت الزجاجه الى قطع ألتقطت أحداها لكي تجرح يدها بعنف حتى تهدأ فهذه هي وسيلتها الوحيده للهدوء عبر جرح ذراعيها تتلذذ بالألم الخارج منها وما تجهله بأن “الخاله” مازالت بداخل المنزل تضعها تحت أعينها دون ان تراها وأن الألم الحقيقي قادم لا محاله

——————(بقلمي ماهي احمد)——————
أخيراً وقف “الطبيب” بسيارته أمام بيت مهجور
بيت قديم من الطين متهالك هبط من سيارته يقف أمامه يتأمله تبعه “بربروس” يقف من خلفه فقطع صمت الطبيب بسؤاله يربت على كتفه بابتسامه :

_هل هذا بيتك القديم

هز “الطبيب” رأسه وقد لمعت الدموع بعينيه وهو يقول :

_ كان بيتي انا وياسين

جلس على الطوب اللبني بهدوء يسرد لهُ ما كان يحدث منذ زمن :

_لما كنا صغيرين والدي كان دايماً شايف ياسين مستهتر مابيشيلش مسؤوليه كان كل ما يقعدو في قعده معاه وهو بيحل مشاكل اهل القريه ياسين كان بيزهق ويسيبهم ويطلع فوق السطوح جنب غيه الحمام ، الحمام أول ما يشوفوا كان بيتلم حواليه ويمسك دفتره اللي مكانش بيسيبه ويكتب قد أيه ان نفسه يكبر عشان يبعد عن القريه ويعيش حر زي الحمام اللي بيربيه ، أبويا لما كان يبص ما يلاقهوش جنبه كان بيعرف مكانه اكيد جنب غيه الحمام يطلع ويدور في الضرب ويديله كل قلم وقلم كان لسه صغير مايكملش العشر سنين ، وانا كانت صحتى على قدي ابويا كان عارف أني همـ ـوت زمان مكانوش يعرفوا حاجه اسمها كانـ ـسر كان عارف ان صحتي على قدي وبس ، ماقدرش امسك قريه بحالها مع أني كنت بحب اقعد معاه اوي بس هو مكانش بيرضى ، كنت بصلب طولي بالعافيه واطلع السلم عشان ادافع عنه ومخلهوش يضربه واقف في النص ما بينه وما بين أبويا وابويا مراعاه لصحتي التعبانه كان بيوقف ضر ب في ياسين اول ما يشوفني وينزل ويسيبه

لمع بريق في عينيه وهو يتابع من جديد :

_ كنت وقتها باخده في حضني ويفضل يبكي جواه ويقولي انا مش عايز أبقى كبير القريه ، مش عايز أبقى مسؤول عن حد

كان حديثه هذه المره غير المرات السابقه ، حرك داخله أشياء ساكنه دفعته للأنهيار وهو يقول :

_ولاقيته بيقولي اللي خلاني ابقى مسؤول عنه سنين طويله ، لاقيته بيقولي ياريتك كنت أنتَ أبويا بداله ، أخدته في حضني وانا بعيط ووعدته أني مش هخللي حد يمد ايده عليه بعد كده وجينا أخر القريه انا وهو وبقينا نعمل البيت ده من الطين حته حته و طوبه طوبه قعدنا فيه شهور نبنيه بس كنا مبسوطين وانا لما كنت بتعب كان بيكمل هو بدالي ولما كنا بنحب نهرب من القريه ومسؤوليتها كنا نيجي هنا ونفضل سوا ولما ظهر المهدي وحكيمه اشفقت عليا لأني خلاص جبت أخري وفي أيامي الأخيره حولتني وانقذتني من المو ت وحاكيتله اللي حصل قالي ماتسبنيش وانا كمان ماكنتش عايز اسيبه وطلبت من المهدي يحولوا زيي وبقينا من ساعتها سوا بس مكنتش اتخيل في يوم من الأيام اني أنكث بالوعد اللي وعدتهوله وانا اللي اضربه بدل ابويا ، مش فاهم عملت كده ازاي ، لأول مره ماقدرش أتحمل استفزازه ليا ، لأول مره اندفع في شعوري يابربروس وماتحكمش في نفسي قصاده ، خايف لا مايسامحنيش ويبعد عني وانا ماصدقت رجع يبقى جنبي من جديد ياسين مش اخويا الصغير وبس ، ياسين ابني اللي مخلفتوش وصاحب العمر ورفيق السنين الكتير اللي عيشتها

تابع من بين دموعه :

_محتاج أخده في حضني زي زمان وعارف أن هو كمان محتاج الحضن ده وخايف لا الأوان يكون فات

ربت “بربروس “على كتفه مهوناً:

_هون عليك يا أخي من خبرتي لسنين طوال فقد علمت بأن مصارين البطن تتعارك ولكنهم يظلوا مصارين في بطن واحده مهما تشاجروا سيعودون من جديد سوياً ، فقط انها الايام ستداوي الجروح
———————–(بقلمي ماهي احمد )————-
يوم جديد والأيام تتوالى على ركودها متدثره بفراش “عم نصير ” حالتها بدأت بالاستقرار التام تأتي لها والدتها طوال النهار وترحل بالمساء وهذا بعدما طلب “ياسين” من والدتها استكمال علاجها هنا تحت أنظاره حتى لا يلتقي “بـالطبيب علي ” داخل “منزل الصاوي ” هو الأن وفي هذه اللحظه هنا حيث الكوخ البسيط الوقت يمضي كسرعه البرق وككل ليله يسهر بجانبها ، يسهر على راحتها بعدما غادره “عم نصير ” واخبره بأنه سيقضي الليله لدى قريب لهُ فأصبحوا بمفردهما سوياً وكالعاده أشعل النيران بالأخشاب التي بالخارج في ليله شديدة البروده كهذه لعله ينعم ببعض الدفىء ، كل ليله يتمنى ان تستعيد عافيتها تعود لمحادثته من جديد وغالباً الشىء الذي نرغب بهِ بشده نجده يحدث بعد قليل عندما شعر بوجودها تقف خلفه دون أصدار اي صوت أغلق عيونه يستشعر وجودها يشتم رائحتها التي لطالما ميزها اقتربت منه تقف أمامه لتجد هيئته التي نمت على أنه ليس بخير حين رمقته تصرح بصدق معاناته نطقت وقد بدا على وجهها الأهتمام :

_ياسين أنتَ كويس

مجرد نطقها بإسمه يصيب قلبه بأضطراب ، ابتسم على سماع صوتها من جديد رمقها بنظره مشتاق يشتاق الى روحه التى كادت ان تسلب منه لاحت على شفتيه ابتسامه ساخره وقال :

_أنتِ بتسأليني أنا السؤال ده المفروض أنا اللي اسألهولك أنتِ اللي اتضر بتي بالـنـ ـار ياشمس وبقالك أكتر من تلات ايام نايمه ومس حاسه باللي حواليكي

شعرت بعدم الأتزان فحاوط كف يدها سريعاً يساعدها على الوقوف قائلاً :

_تعالي ارتاحي على السرير الجو هنا برد عليكي

أخبرته راجيه :

_لا عشان خاطري انا زهقت من جوه عايزه اشم شويه هوا

انصاع لطلبها يساعدها على الجلوس أمام النـ ـار ، دار بعينيه يبحث عن المزيد من الأخشاب بالجوار ومن ثم وضعهم بداخلها وقد أحضر غطاء من الداخل يحاوطها بهِ يضعه على كتفيها من الخلف قائلاً :

_خللي الشال ده على كتفك عشان يدفيكي

وضعت يدها تعدل من وضعيه الشال الذي وضعه هو بفوضاويه على جسدها فلامس كفها كفه رفعت “شمس”رأسها فتقابلت عينها بعينه ارتبكت من نظراته الثابته واستدارت تنظر جوارها فحمحم يخبرها وهو يجلس بجوارها :

_أعملك معايا شاي

أتى بالبراد الموضوع بجواره يضعه على النار المشتعل أمامهم طالعته بذهول ، عن اي شاي يتحدث فهي تعلم جيداً بأنه لا يحب الشاي فهم هو تعابير وجهها فابتسم بقول :

_أنا عارف أنك زمانك بتقولي أني مابحبش الشاي وازاي بشربوا دلوقتي بس اللي يقعد بقى مع عمك نصير لازم يحبوا غصب عنه مع أنه بيعملوا وحش اوي بس أتعودت عليه

تعالت ضحكاتها فابتسم هو على ضحكتها يمد كفه بكوب الشاي بعدما سكبه لها تناولت الكوب تقول وسط ضحكتها :

_المشكله انه بيجبرك أنك تشرب الشاي بتاعه عافيه اصلاً ومهما تقنعه أنه بيعمله وحش مابيصدقش

وذكرتهُ هي بحدث مر عليه أكثر من اثنى عشر عاماً تسرده بقول :

_فاكر لما دخلت عليا القبو وخليله كانت بتشرب كوبايه الشاي واول ما شافتك خافت واترعشت وبقت تغمي عنيها على طول بالقماشه وفضلت ماسكه كوبايه الشاي مارمتهاش ، وقتها نزلت علينا بخطواتك البطيئه وبنظرتك الشريره دي ومع أنها معملتش حاجه روحت باصصلها كده وكسرت كوبايه الشاي من ايدها

ابتسم بألم يرتشف رشفه من كوبه يبتسم على ذكرياته وهو يقول :

_المشكله مش في كده المشكله أنها معملتش حاجه ومش لاقيلها أي غلطه روحت مزعق فيها وقولتلها وأنتِ كمان بتشربي شاي

انكمش ما بين حاجبيه يكمل :

_مش فاهم ماتشرب شاي كنت بزعقلها ليه أنا ، غلطت في ايه عشان ابهدلها البهدله دي كلها وابهدلك أنتِ كمان معايا

أنمحت الأبتسامه من على وجهه ببطىء وتهكمت تقاسيمه يشعر بالذنب نادماً على ما فعله :

_كنت حارمها من كل حاجه من اولادها وبيتها وجوزها ومن جبروتي بعد ما فضلت ١٦ سنه تربي فيكي وماتشوفش الشمس في يوم أقتـ ـلها بد م بارد ولا أكنها بني أدمه وليها حياه ، ده انا كنت جبار

اعتدلت بجلستها كي تقترب منه طالعته بهدوء قبل أن تقول بابتسامه حزينه ونبره حنونه :

_ياسين أنتَ مكنتش في وعيك وأنتَ بتعمل كده كل ده كان غصب عنك كل ما تفتكر حاجه زي كده
قول لنفسك أن مش أنتَ السبب وأن اللي حصل ده أنتَ كنت مجبر عليه مش بأرادتك

ثم لانت نظراتها ورأى فيها خوفاً حقيقياً عليه تحاول الأ تشعره بالذنب :

_وبعدين أنا كنت بفرح أوي لما بتزعقلها بس برضوا كنت بخـاف عشان بعد ما كنت بتمشي بطلعهم عليا ، طب على الأقل أنتَ مكنتش في وعيك لكن هي كانت بكامل عقلها وهي بتعامل طفله ماتكملش السنتين بمنتهى القسوه

لمعت العبرات في مقلتيها وهي تحكي له:

_طبعاً مش فاكره كتير بس فاكره كويس أوي لما كانت بترميلي الأكل في الأرض عشان أوطي اكل منه مكانتش بترضى تخليني أستخدم أيدي ، كانت بتسيبني عطشانه بالأيام حتى الكلام مكانتش عايزاني انطقه مفكرتش ولو للحظه تاخدني في حضنها زي اولادها وخصوصاً ان هي اللي مربياني لما كرهتها وكنت بكره حتى اسمع نفسها على الأقل في ايام رغم أن الضبع كان مسيطر عليك كنت بتبقى حنين عليا فيها ، ولما كنت بتلاقي شفايفي زي الحجر رغم قسـ ـوتك كنت بتديني بوق المايه اه بعدين بترجع تطلعه عليا تاني بس على الاقل كان بيحصل

كل شىء يؤلمها وبان هذا في سؤالها بوجع طغى في عينيها:

_تفتكر أنا عملت أيه عشان يحصل معايا كل ده ولحد دلوقتي لسه بيحصل ، لسه بعاني

فرت دموعها تشعر بسخونتها على وجنتيها أثناء تنهدها بعمق :

_أنتَ ماتعرفش أنا عشت أزاي طول العشر سنين اللي فاتوا ، ماتعرفش حسيت بأيه بعد مـ ـوت عمار ياياسين وكمان بعد ما مشيت وسيبتني كنت وحيده فضلت سنتين مكنتش بعمل فيهم اي شىء في حياتي غير أني قاعده جنب قبره بفكر في الف سؤال لو كان لسه عايش كان ايه اللي هيحصل في حياتي دلوقت ، طب ليه مات ، ليه مش موجود لحد

صمتت لثواني يتابعها بنظراته المستفسره فأكملت وقد حاربت ترددها :

_ لحد مامذاكراتك وقعت معايا بالصدفه رجلي خدتني ليها من غير ما احس

لمحت التوتر الذي ظهر على وجه ياسين وهو يرد :

_مذكراتي !!

ردت تؤكد على ما قاله :

_أيوه مذكراتك ، هي دايماً معايا في الشنطه مابشلهاش أبداً منها لو كنت فتحت شنطتي كنت لاقيتها فيها

بدا على وجهه الأنزعاج فأضافت تبرر :

_أنا عارفه كويس أن اللي عملته ده غلط وان مكانش ينفع ابداً اني اقرا حاجه شخصيه ليك كده ولا أعرف عنك كل اللي عرفته بس هتصدقني أو لاء بس مذكراتك واللي قرأته جواها أنقذني من الوحده وخلاني أتجه للتعليم كان عندي فضول شديد اعرف ايه اللي مكتوب جواها

رد بهدوء جاهد ليستدعاه :
_وعرفتي !!
وردت بسؤال أخر :
_اتضايقت ؟
اختار الكذب وقال :
_لا ماضايقتش بس كنت عايز اعرف عرفتي ايه ؟

ابتلعت غصه مريره في حلقها قبل أن تضيف :

_أن حياتي زي ما كانت صعبه حياتك كانت أصعب
وان الحج يزيد باباك كان دايماً بيعاملك بقسوه وأنك ماشفتش حلو الدنيا غير من مامتك واختارت انك تعيش مع دكتور علي وانك تعيش ميـ ـت على أنك تمـ ـوت عايش مش ده كلامك اللي كاتبه في مذكراتك ، طول عمرك كان في غيرك بيتحكم في حياتك الاول باباك ولما يادوبك طلعت من تحت جناحه اتحطيت تحت جناح الضبع

رأت “شمس” الدموع في عينيه ولم يخفها “ياسين” بل طالعها معاتباً على النبش بماضيه ونظراته تطالبها بأن تكف عن الحديث ولكنها ختمت وكأنها لم تر هذه الدموع :

_ألظاهر ان احنا طلعنا شبه بعض أوي ياياسين كل واحد فينا ضحيه لغيره

شريط طويل يعرض أمامه الأن أمتزجت الذكريات بعقله بنبرته وهي تخبره

ده غير كمان البنت اللي حبيتها زمان و ..

_مش جعانه ؟

القى بسؤاله للهروب من مجرى الحديث او الهروب من نفسه طالعته بابستامه وعلمت قصده وقررت ألا تضغط عليه وجارته بحديثه بقول :

_بصراحه اه جعانه اوي بس مش عايزه اكل اي اكل عايزه اكل حاجه معينه

قبض حاجبيه بتساؤل فأشارت بعينيها خلفه استدار للخلف على البقعه الزراعيه وعاد يطالعها من جديد ببسمه حانيه يشير بعينيه بمعنى لكِ ما تريدين

———————( بقلمي ماهي احمد )————

في بعض الأوقات من المفترض أن تنفذ تهديدك حتى لا تشمت من هددته بك ولكن بحاله كحالتها لم تعد تفكر بشىء سوى محادثته حتى لو لدقائق
ظلت تنتظر “الطبيب” كالعاده أمام منزل ال صاوي ولكنه يتهرب منها ويوصد باب غرفته عليه ولكنها استطاعت ان توقفه هذه المره قبل ان يوصد باب غرفته عليه بقول :

_علي أرجوك ماتمشيش وتقفل الباب في وشي زي كل مره

وقف أمامها يطالعها ورد بابتسامه كادت ان تقتلها قائلاً :

_أي ده زهره أنتِ هنا غريبه مكنتش واخد بالي منك

علي بلاش كذب ، أنتَ شايفني وبتشوفني كل يوم

استدار “الطبيب” يطالعها ورأى غضـ ـبها في عينيها وخاصهً وهي تتابع :

_أنت من ساعه اللي حصل ما بقيتش حتى تبص في وشي خلاص نسيتني ياعلي ، نسيت زهرتك

لانت تقاسيمها بعض الشىء تقترب منه :

_أنا زهره ياعلي اللي لما كنت بقولك سيبني في حالي كنت بتقولي انا حالك ومكنتش بتسيبني مهما حصل

رد “الطبيب” وهو يمسح على عنقه بتعب يتخطاها بقول :

_أديكي بتقوليها بلسانك يازهره ، كنت حطي بقى تحت كلمه كنت دي ألف خط وخط قبل ما تقوليلي اني مش راجل قبل ما تعرفيني أنك بتبقي نايمه جنبي وخايفه لا اشتهي د مك ، قبل ما اعرف انك على استعداد انك تسبيني وتبعدي وتعيشي بعيد عني

أشار برأسه مستفسراً :

_أيه اللي مخليكي قاعده في بيت الصاوي لحد دلوقتي مش ده البيت اللي كنتي كار هه تقعدي فيه احلو دلوقتي وبقى عليه سكر

حاولت التبرير وقبل ان تنطق بتر عبارتها بقول :

_ماتقوليش ان عشان بيتك اتحرق بيت أخوكي أبو حسان لسه موجود

تنهدت “زهره” الدموع تلمع بعينيها :

_عمرك ما كنت قاسي عليا اوي كده ياعلي

رد عليها بما وجعها وجعل الدموع تنهمر من عينيها بغزاره :

_علي اللي كنتي تعرفيه أنتِ خسرتيه خلاص ومهما عملتي مش هتعرفي تكسبيه تاني يابنت الناس

القى بكلماته عليها كالسهام التى نخرت بفؤادها رأته يبتعد عنها ومع رحيله سلب أنفاسها منها

——————( بقلمي ماهي احمد)—————
كانت تسير وهي تنظر للسماء وقد زينتها النجوم
والقمر بالمنتصف كلوحه بديعه تسر النظر وتطرب القلب قاطع شرودها بقول :

_مش قولتلك بلاش نتمشى أنتِ تعبانه ياشمس

كان هذا قوله ممسك بكوز الذره بعد ان قام بشويوه على نار هادئه يتسايرون بالطريق بجوار الرقع الزراعيه الليل قاتم بالمكان ولا يوجد سوى عامود اناره واحد يضفي اضاءه خفيفه قضمت قضمه واحده من كوز الذره وبدأت بقول :

_لاء انا بقيت احسن دلوقت وبجد كنت محتاجه اتمشى شويه

وقفت أمامه بعيون سائله سؤال يلح عليها من اول جلستهم لاحظ هو اقتضابها وقام بأرضاء فضولها بقول :

_أنتٌ مستغربه أني لحد دلوقتي ماجيبتش سيرة عن اللي حصلك وشيفاني هادي صح

التحمت عيناهم وهو يلقي على مسامعها رده :

_علشان عارف هتقولي ايه ياشمس

تخطاها يتابع سيره فحاولت توسيع خطواتها للحاق بهِ تخبره بصوت عالٍ نسبياً :

_اقف ياياسين أنا مش قادره امد ممكن تقف عشان خاطري

لأجل خاطرها ، لأجل خاطرها فقط يفعل المستحيل وقف يعطيها ظهره يلبي طلبها ووقفت هي خلفه بعيون راجيه تتابع حديثها بقول :

_انا مش عارفه مين عمل كده

بتر حديثها بحده :

_بس أنا بقى عارف

تابعت وكأنها لم تسمعه :

_ومش عايزه اعرف ، مش عايزه اعرف مين اللي عملها ياياسين أنا عارفه مين اللي في بالك بس ده بالذات لازم نبعد عنه

تقصد بقولها فريد ، اضاف وقد تبعت الحده نبرته :

_أهوه ده بالذات اللي مش هسيبه لو سيبته اكتر من كده هيقـ ـتلكوا واحد ورا التاني

استعد لرحيل فتابعت بقولها الذي أثره :

_أنا بخاف عليك

أغمض عيناه من قولها لطالما تمنى سماع هذه الكلمات منها واليوم أخيراً قد اخبرته بها تقدمت تقف أمامه نزلت دموعها وهي تطلب منه برجاء :

_ أيوه بقيت بخاف عليك ولو وقفنا قدامه ابواب هتتفتح في وشنا ، اوعدني ان احنا نعيش في امان انا تعبت ياياسين وعايزه اعيش حياه طبيعيه زي اي بنت في سني ، فريد لو اكتشف حقيقتنا الدنيا كلها هتتقلب علينا والسر اللي فضلنا مخبيينه سنين هيتكشف وهنبقي مطاردين من كل الناس وانا مش عايزه كده ، مش عايزالك انتَ بالذات كده
اوعدني ياياسين ، اوعدني انك هتبعد عنه ده تعبان حي بلاش تقرب منه في كل خطوه بينصب فخ وفي كل فخ بؤره بيتمنى أنك تقع فيها ولو وقعت فيها هضيع مني

تنهدت تخبره بما داخل قلبها :

_وانا مش عايزاك تضيع مني ، اوعدني ياياسين ، اوعدني انك هتنسى الموضوع ده خالص ولا اكنه حصل

ختمت حديثها وضمها الى صدره فدبت القشعريره بجسدها شعرت بالأمان تشعر بكفه يربت عليها تتغلل اصابعه بين خصلاتها الطويله بحنان زادت دقات قلبها وشعر هو بأضطرابه تنطق من بين دموعها :

_عشان خاطري اوعدني

ابعدها عن حضنه برويه يطالعها بعيونه الصافيه كصفاء الليل القاتم يمسح بيده دموعها قائلاً :

_اوعدك اني هحاول عشانك هحاول انسى عشانك ياشمس

مازالت عباراتها تتوالى على خديها برزت ابتسامه على ثغره يمسح دموعها بقول :

_خلاص بقى كفايه دموع ، مابحبش اشوف الدموع نازله من حد عزيز على قلبي وبالذات لو من عيونك علشان

ابتسم يطالعها بعينين محب صادقه :

_عيونك حبايبي ياشمس
———————(بقلي ماهي احمد)—————-
أن شعور الأختناق مميت ، كانت “غدير”غارقه بنومها تشعر بوجود شخص ما بغرفتها يقترب رويداً رويداً هنا وباالرغم من بروده الطقس استيقظت “غدير ” لاهثه والعرق يغطي وجهها شهقت عند رؤيه “ياسين” فهو لم يعتاد على دخول غرفتها هكذا ابتلعت ريقها وقبل أن تنطق سألها هو بنبره حاده :

_عملتي أيه ياغدير ، انطقي ، قولتيله

اقتربت منه بجسد دبت به القشعريره من نبرته ولاكن لانت تقاسيمها حين أقتربت منه تخبره بابتسامه :

_ حصل حاكيت لبدر على كل حاجه زي ما اتفقنا بالظبط

ابتسم بسمه ماكره يثنى عليها ما فعلته :

_برافو عليكي

ابتسمت بغرور تغمز لهُ بطرف عينيها مازحه :

_عيب عليك ده أنا تلميذه ياسين الصاوي

——————-(بقلمي ماهي احمد)—————-
الايام متواصله تحسنت فيها حاله “شمس” كثيراً وهذا سمح لـ “ياسين” بالذهاب الى القاهره ، ذهب لغرض واحد فقط وهو مقابله “فريد” قرر مقابلته ورمى بطلب “شمس ” عرض الحائط وبالرغم من وعده لها الا انه لم يستطع تنفيده ذهب ، ذهب يتوعد لهُ ، يتوعد بأنه سيقلب حياته رأساً على عقب وكل أعتقاده أن ما حدث لشمس كان هو السبب فيه ، هو الأن هنا بغرفته تسري رعشه بكف يدهُ يقف أمامه يتواجهان وجهاً لوجه بتحدي ومع عقاب والدهُ لهُ بعدم تركه لغرفته وخاصهً أثناء تلك الأيام ظل “فريد” داخل غرفته مجبوراً ابتلع غصه مريره بحلقه فوجه “ياسين ” لا يبشر بالخير أبداً وكأنه تحول وعاد الى اسوء أيامه من قبل وخاصهً بعدما حول عيناه الى اللون الأحمر القاتم عاد “فريد “خطوات للخلف ببطىء لم تعد تتحمله قدمه من شده خوفه بلل سرواله من شدة رعبه انه هنا معه وبغرفته حاول “فريد ” التكلم من بين شفتيه بتقطع بقول :

_أنتَ ، أنتَ عايز ايه

صمت دون اجابه ولكن عينيه كانت تنطق بنواياه هرول “فريد ” بقدم مرتعشه يحاول الخروج من الغرفه وقبل أن يلمس المقبض الخاص بالباب كان “ياسين ” هو الأسرع وقد أغلق الباب بأحكام يقترب منه ببطىء ويصك على أسنانه وما قال سوى كلمه واحده كلمه واحده كانت تفي بكل ما يريده وهي :

_عايزك

——————(بقلمي ماهي احمد)——————
يلزمها اعتذار منه على غيابه لمده يومين ، يومين لم تعرف بهما شىءٍ عنه جلست على المقعد امام الكوخ كالعاده بأنتظاره ، الطقس اليوم أدفىء عن البقيه جلست “زهره “بجوارها تحثها على المغادره بهدوء :

_مش يلا بقى ياشمس قعدتك عند عم نصير طولت أنتِ بقيتي كويسه دلوقتي

لم تكف عيناها عن التدوير بكل مكان عنه فأخبرتها متحججه :

_اصل انا لسه مش قادره أمشي ياماما

اخبرتها سريعاً :

_ماتمشيش هجيبلك عربيه لحد هنا ترجعنا بيتنا انا فرشت بيت خالك القديم

تنهدت بتعب وقد نفذت حجتها :

_طيب ياماما اللي تشوفيه

كان القلق ينهش قلبها من كثره قلقها عليه حاولت مهاتفته للمره التي سئمت من عدها ولكنه دائماً مغلق دلفت الى الكوخ توضب حقائبها وقبل ان ترحل طلبت من والدتها الذهاب اولاً الى منزل الصاوي لأحضار بقيه أغراضها وعند وصولها وجدت حشد كبير يقف أمام المنزل من ظباط وعساكر وأهل القريه يحاوطون المنزل حاولت المرور بين الحشد وبعد معاناه قد دلفت الى المنزل ترى الضابط أحمد يضع الحديد بيديه
يأخذه جاذباً أياه خلفه الفضول كاد ينهش بها تستفسر بعينيها قبل لسانها بقول :

_وخدينوا ورايحين بي على فين ياحضره ظابط هو عمل ايه

جاوبها بأليه يسير بهِ الى السياره الحديديه :

_متهم بقضيه قتـ ـل فريد الدمنهوري

هوى قلبها أرضاً استسلامه لهم دون مقاومه يطالعها والضابط يجذبه من خلفه ومن بين صوت الحشد الكثير استطاعت سماعه من بينهم يخبرها بعينين بان بهم الصدق يحرك شفتيه نافياً :

_ماقتـ ـلتهوش

من جديد هناك جرح يتوسط القلب وكأن حياته ناقمه عليه وعلى راحته ، كلما حاول الوصول الى بر الأمان تجرفه الموجه الى الغريق مهما كان استسلم ، استلسم بعيون هاويه وكأنه سئم التجديف بقارب لن يصل ابداً

يتبع…

لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا

لقراءة باقى حلقات الرواية اضغط على : (رواية عروس الالفا (الهجينة 2))

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *