Uncategorized

رواية أنا والمجنونة الفصل الثاني عشر 12 بقلم الكاتبة يمنى عبد المنعم

 رواية أنا والمجنونة الفصل الثاني عشر 12 بقلم الكاتبة يمنى عبد المنعم

رواية أنا والمجنونة الفصل الثاني عشر 12 بقلم الكاتبة يمنى عبد المنعم

رواية أنا والمجنونة الفصل الثاني عشر 12 بقلم الكاتبة يمنى عبد المنعم

سارع يحيي وراءهم ، وفجأة توقفت سيارته عندما تناهى إلى سمعه صوت إرتطام سيارة منهم في أحد الأشجار الضخمة على جانب الطريق .
ترجل كل من يحيي وفهمي من السيارة عندما رأو ما حدث أمامهم للتو ، واستمعوا معاً إلى صوت صرخات أنثى تستغيث وتقول بصوت عالي : إلحجوني ….. حد يلحجنا يا خلج …… 
نظر فهمي إلى يحيي بصدمة من سماعهم  لهذا الصوت الأنثوي المستغيث ، وأسرع الإثنان من الاقتراب من مصدر الصوت .
تأمل يحيى السيارة التي قد ارتطمت بالشجرة الآن ، ففوجىء بوجود فتاتين إحداهما ثيابها ممزقة من أعلى كتفيها ، ومغشياً عليها من أثر الحادث ووجهها ملىء بالدم ، والأخرى هي التي تصيح ووجهها مشعث ومنزوع عنها حجابها وشكلها في حالةً يرثى لها وثيابها كأنها بالية منذ زمن .
وسائق السيارة ينزف دماً من جبهته ومغشياً عليه هو الآخر ، صدم يحيي بكل هذا هو وفهمي ، وحدق بالفتاة التي تصرخ مقترباً منها ليخرجها من السيارة ، فأنار ضوء هاتفه ، في وسط هذا الظلام الذي يعم الأرجاء .
صُدم يحيي عندما رأى الفتاة التي تصرخ قائلاً لنفسه بذهول : معجول اللي أنا شايفه ده .
ما أن لمحته الفتاة على ضوء هاتفه ، حتى صرخة تستغيث مرةً أخرى فقالت له الفتاة برجاء وذعر : ساعدنا أرجوك يسرعة ، صاحبتي بتموت …
كان على الجانب الآخر فهمي الذى كان يحاول إخراج الفتاة الأخرى من السيارة بسرعة والمغشيّ عليها.
ولكن هناك ما منعهم عن إنقاذ الفتاتين ، إذ فوجىء يحيي بمن يقول له من الخلف بصوت غاضب وساخر : ممكن أعرف إنت مين ، وعايز إيه بالظبط ….!!!
إلتفت إليه يحيي بحدة غاضبة قائلاً له : إنت شايف إيـــه دلوك ، اقترب منه الشخص قائلاً له بعبث : أنا شايف إنك بتدخل في حاجه متخصكش .
شعر يحيي بالإنفعال يسري في شرايينه وقبل أن يرد عليه فوجىء يحيي بمن يضربه على رأسه من الخلف .
فسقط على الأرض بشدة شاعراً بدوار شديد أمام عينيه ، لمحه فهمي وهو يسقط في الحال ، فالتفت خلفه ليهرول للناحية الأخرى لإنقاذ صديقه الوحيد ولكنه بوغت هو الآخر بمن كان سيضربه في وجهه .
لكن فهمي انتبه لذلك الشخص الآخر ومنعه من أن تصل الضربة إلى وجهه وعاجله فهمي بضربةً قوية في فكه جعلته يترنح بخطوات متعثرة للخلف .
ولم يستكفى بذلك بل استكمل ضربه مرةً أخرى في بطنه وفي وجهه عدة لكمات حتى سقط على الأرض مغشياً عليه .
أسرع بعدها فهمي في اللحاق بيحيي الساقط على الأرض ورأى شابين كانوا سيضربونه مرةً أخرى .
فقال لهم فهمي بسخرية : مش عيب تضربوا واحد مغمى عليه وواجع على الأرض إكده .
فقال له شاب منهم بغضب : ده جزاة اللي يدخل في حاجه متخصهوش .
وكان سيهم بضرب فهمي ، لكن فهمي سبقه ولكمه بقوةً على فكه هو الآخر وجاء الشاب الآخر يهرول ناحيته ، ليدافع عن زميله  ، لكن فهمي شاهده وهو مقبل عليه .
فركله بقوة وعنف بقدمه في بطنه فصرخ الشاب بقوة وحاول أن يدافع عن نفسه ولكن ركلات فهمي كانت الأسرع والأقوى .
حاول يحيي أن لا يغيب عن الوعى تماماً ، محاولاً النهوض من مكانه ، ولكن عدم تركيز الرؤية أمامه جعله يفشل في النهوض .
أسرع فهمي ناحيته يقول له بلهفة وجزع : يحيي إنت كويس فقال له بضعف : أنا بخير متجلجش عليه ، بس أهم حاجه البنات عايزين ننجذهم .
فقال له فهمي بسرعة : متجلجش هننجذهم دلوك ، بس تعالى إمعاي وجوم يالا ، حاول فهمي مساعدته على النهوض فاستند إليه يحيي ، وهو يشعر بعدم التركيز جيداً .
أخرجه من دواره هذا صوت صرخة فتاة شقت ظلام الليل تقول : إبعد عني يا مجرم ، إبعد عنييي ، حد يلحجني يا خلج .
نظر إلى فهمي بصدمة متذكراً إستغاثتها به منذ قليل عندما شاهدته يقف بالقرب منها ، فابتعد عنه بسرعة بالرغم من شعوره بالدوار ، عائداً مرةً أخرى إلى الفتاة التي تستغيث ، فوجد شاب يريد إخراجها بالقوة من السيارة .
لكمه يحيي مسرعاً في وجهه قائلاً له بصوت قوي : إبعد عنها يا ندل يا جبان ، ترنح الشاب للخلف ، فأسرع يحيي بركلة عدة ركلات في بطنه جعله يسقط على الأرض فاقد الوعي .
أسرع فهمي خلفه هو الآخر ، محاولاً إخراج الفتاة الفاقدة للوعي ، فحالتها صعبة للغاية من أثر الحادث الذي تعرضت له هي وصديقتها .
حدقت به الفتاة بأعينً باكية من شكلها المذري ووجهها الذي يوجد به بعض الكدمات ، قائلة له من وسط دموعها : طلعني من هنا أرجوك رجلي شكلها اتكسرت ومنيش جادرة أحركها.
رغم شعور يحيي الداخلي بالغضب حيال فتاتين مع هؤلاء الشباب في هذا الوقت المتأخر من الليل ، إلا أنه أسرع في انقاذها بحرص 
فتح يحيي الباب الذي بجوارها منحنياً بجسده داخل السيارة ، وحملها بين ذراعيه بحرص شديد ، من أجل قدميها التي تؤلمها بشدة .
فتح باب سيارته من الخلف ووضعها برفق على الأريكة ، فصرخت من الألم فقال لها بجمود : متجلجيش شوية وهنكون بالمستشفى فقالت له بجزع : طب وصاحبتي ، فقال لها : متخافيش هيه كمان هتتعالج .
أتى فهمي حاملاً بالفتاة الأخرى الفاقدة للوعي وفتح الباب الآخر من السيارة ووضعها بجانب الفتاة الأخرى بحرص متأملاً لها بقلق  
تحسست وجهها برفق الفتاة الأخرى قائلةً لها ببكاء : فوجي يا ولاء فوجي ، واتحدتي امعاي .
قال لها فهمي يطمئنها : إن شاء الله هتكون بخير متخافيش ، أسرع يحيي بالإتصال برقم الطوارىء بالمشفى الذي يعمل بها قائلاً لشخص ما : معاك الدكتور يحيي ، بسرعة جهزوا غرفة العمليات وعايز عربية إسعاف في حادث على الطريق الزراعي  .
أخذ الشخص العنوان وأسرع بتلبية طلبه ، والتفت إلى فهمي قائلاً له : إركب بسرعة يا فهمي ، وركب يحيي هو الآخر مسرعاً بقيادة سيارته .
صعدت مهجة إلى غرفتها ملبيةً لطلبه ، جاءتها نعيمة تقول : عايزة حاجه يا ستي جبل ما أنام .
هزت رأسها بضيق قائلة لها : لا يا نعيمة روحي إنتي نامي ، تمددت مهجة على الفراش وهي تحدق في خاتم زواجها من جلال شاعرةً بالحزن والأسى بداخلها على عكس ما كانت تود أن تشعر به في هذه اللحظة 
كان جلال مازال في مكتبه ولم ينم بعد ، نظر في ساعته فوجدها الثانية والنصف صباحاً .
تنهد بضيق فها هو تأخر قد عن ميعاد نومه الطبيعي ، واقتراب زفافه أيضاً ، جعله يشعر بالقلق حيال تصرفات مهجة الهوجاء ومهمته الذي يخشى من فشلها على يد فتاة مستهترة مثلها .
ركب سيارته عائداً إلى منزل والده ، استمعت مهجة إلى صوت انصراف سيارته فهبت من فراشها تنظر من خلف النافذة ، بانزعاج ، فها هو قد تركها مرةً أخرى وحيدة في وسط هذا الليل الحالك .
عاد جلال إلى المنزل ووجد الكل نيام ، فتنهد بارتياح ، حتى لا يستجوبه أحد .
صعد إلى غرفته وقام بتبديل ثيابه ثم تمدد على الفراش محاولاً النوم قبل بزوغ الفجر وإشراقة يوم جديد .
على عكس مهجة لم تنم جيداً على أثر ما هي مقبلةً عليه ، من مستقبلٍ مجهول ، لا تعرف مالذي يحدث لها بعد ذلك .
وصل يحيي إلى المشفى وتم إسعاف الفتاتين ، ووصلت الشرطة إلى مكان الحادث بعد أن أبلغهم يحيي بالأمر .
دخلت كل منهما إلى غرفة العمليات الخاصة بحالتها ، وقام يحيي بإجراء إحداهما ، وفهمي صديقه قام بالأخرى .
دلف يحيي إلى غرفة مكتبه بالمشفى بعد مرور عدة ساعات من إطمئنانه من نجاح العملية ، كان مجهداً ، شارد الذهن فيما حدث ويحدث إلى الآن .
اخرجه من شروده هذا صوت طرقات هادئة على الباب ، فقال يحيي بإرهاق : إدخل ، دلفت إليه الممرضة تقول باحترام : دكتور يحيي إحنا نجلنا البنت في إوضة خاصة بيها زي حضرتك ما أمرت ، وبدأت تفوج ، بس لساتها مش واعية ولا خابرة هيه فين .
تنهد بضيق قائلاً لها : طب والبنت التانية فاجت ، فقالت له : خرجت من العمليات ومعها الدكتور فهمي دلوك .
تنهد بضيق قائلاً لها يحيي : طيب خلاص عشر دجايج وهجوم أشوفها بنفسي وخليكي جنبها لغاية ما آجي .
فقالت له الممرضة : حاضر يا دكتور .
دلف يحيي إلى حجرتها  قائلاً للمرضة : إتفضلي إنتي دلوك ؛ انصرفت الممرضة وبقي هو بمفرده معها .
تنهد يحيي بضيق وعينيه عليها ؛ وقف بالقرب منها ووجدها وقد فتحت عينيها ببطء شديد ، غير منتبهه لما تعانيه الآن من أثر البنج . 
قائلة بألم وضعف : آه ….. آه رجلي …. رجلي وجعاني .
وقف يحيي يتأملها وهي تتألم هكذا ثم أتى بحقنة مسكنة ووضعها داخل المحلول ؛ المعلق في وريد ذراعها .
أتى يحيي بمقعدٍ وجلس بالقرب منها ؛ يراقبها ويراقب آثار الحقنة المسكنة الذي وضعها .
وجدها بعد قليل قد هدأت من الألم ؛ فقال لنفسه متساءلاً : إيه اللي يخلي بنت زييها تعمل إكده في نفسيها وفي أهلها وتكون وياها كذا شاب يجروا وراهم ؛ معناها إنها كانت وياهم وعارفاهم زين .
تنفس يحيي بعمق ، وهي تتلفت حولها من جديد بأعين زائغة قائلة بضعف :  آني فين ….. وإيه اللي حصلي منيش فاكره حاجه واصل .
نهض يحيي من مقعده ؛ ووقف بجوارها قائلاً لها بجمود : إنتي إهنه في المستشفى ؛ ركزت بصرها عليه تحاول ؛ أن تتذكر ما حدث لها ؛ دون فائدة فعقلها مازال تائهاً قائلة بتساؤل : وآني في المستشفى ليه .
وضع يديه في بنطاله قائلاً لها بضيق : علشان عملتي حادث بعربية كنتي راكباها .
أغمضت عينيها تحاول أن تتذكر ما حدث قائلة له : حادثة ….. عربية ….. فجأة هاجمتها صورة تمثلت أمامها ؛ قبل الحادث فقالت له بلهفة : ولاء ….. فين ولاء ؛ المجرم …. راح فين .
ضيق يحيي عينيه بتساؤل ، قائلاً لها بجمود : ولاء صاحبتك مش إكده ؛ هزت رأسها بضعف قائلة له : هيه فين جولي ….. ولاء راحت فين ليكون …. قاطعها بحدة قائلاً لها : إهدي  ولاء إهنه  بس  في إوضة تانية .
تنهدت بألم قائلة : طب وديني ليها ؛ هتف بها قائلاً لها : مش هينفع لساتك خارجه من العمليات ورجليكي التنين متجبسة .
شعرت بالفعل بثقلهما فقالت له : طب وهيه ؛ حالتها إيه دلوك .
أشاح ببصره بعيداً عنها ؛ قائلاً لها : لساتها في البنج ولسه مفجتش .
تنهدت بضعف قائلة له : وآني هخرج من إهنه ميته ؛ فقال لها بجدية : مش دلوك ولازم ترتاحي الأول 
تذكرت أهلها فقالت له : بس إوعاك حد يبلغ أهلي ؛ استغرب يحيي قائلاً لها : وليه بتجولي إكده 
صمتت بقلق وتوتر ولم تستطيع النطق ؛ فقال لها بحدة : طبعاً تلاجيهم مش خابرين بحاجه مش إكده .
لم تستطع أن تدافع عن نفسها أمامه ؛ فقال لها بغيظ مكتوم : نامي دلوك وارتاحي ثم ضغط بزر  منادياً للممرضة  التي جاءت على عجل .
نامت مريم شاعرة بالتعب من آثار العملية ؛ ورافقتها الممرضة باقي الوقت .
دلف فهمي إلى غرفة مكتب يحيي قائلاً له : ها البنت عامله إيه دلوك ؛ زفر بضيق قائلاً له : سيبتها دلوك ؛ ولساتها تعبانة طبعاً .
جلس فهمي شاعراً بالإرهاق قائلا له : والبنت صاحبتها حالتها صعب جوي ولغاية دلوك تعبانة ومفجتش من البنج  ؛ فقال له : شكلها حالتها أصعب ؛ فقال له فهمي : فعلاً .
طرقت عليهم الممرضة الباب قائلة له : دي معلومات عن البنتين بتاعت الحادثة .
أخذ منها يحيي الأوراق باهتمام ؛ وبدأ قراءته على الفور .
فاتسعت عينيه بصدمة قائلاً : معجول اللي آني شايفه دلوك .
طرقت نعيمة الباب على مهجة والتي مازالت في فراشها ولم تنهض بعد ، فقالت لها بصوتٍ يملؤه النعاس : أيوة يا نعيمة إدخلي ، دخلت نعيمة قائلة لها : صباح الخير يا ستي .
ابتسمت مهجة ابتسامة باهته وقالت لها : صباح النور يا نعيمة ، شعرت نعيمة بالإحراج عندما وجدت مهجة مازال النوم مسيطر عليها .
فقالت لها : معلش يا ست هانم ما كنتش خابرة زين إنك لساتك نايمة ، فقالت لها : لا عادي يا نعيمة ، جهزيلي الفطار والجهوة لغاية ما أجوم وآخد حمام .
فقالت لها : حاضر يا ستي .
تثاءبت مهجة بتكاسل وهي تقول : الله يسامحك يا نعيمة كان نفسي أنام كمان ، ده أنا طول الليل منمتش من التفكير .
هبت من فراشها غير متشجعة على النهوض من فراشها ، دلفت إلى المرحاض وخرجت منه بعد قليل .
وقفت أمام المرآة تمشط شعرها ثم تذكرت أن زواجها يوم الخميس 
تنهدت لهذه الذكرى التي لاتعرف ولا تدرى أتفرح أم تحزن لها ، فقررت الهبوط إلى الأسفل لتستعد للإفطار ، تناولت من على فراشها حجابها .
ولكن شىء ما جعلها تقول لنفسها : طب وأنا ألبسه ليه طالما هوه مش موجود ، يبقى خليني براحتي أحسن وكمان مفيش غير آني ونعيمة .
بالفعل تركت شعرها منسدل على كتفيها كما كانت تفعله من قبل ، وهبطت بالأسفل ، كانت قد أعدت نعيمة لها طعام الأفطار على مائدة الطعام ، ابتسمت لها نعيمة مستغربة وقالت لها : تعالي ياست هانم الفطار جاهز ، فابتسمت لها مهجة ، فأردفت نعيمة تقول لها : تصدقي يا ست هانم إنت شكلك إكده حلو .
فقالت لها مهجة بسعادة : بجد يا نعيمة فقالت لها بإعجاب : بجد يا ستي منيش بجاملك فقالت لها بتلقائية حالمة : ياريت يا نعيمة بقى تبقى تبلغي البيه بتاعك بكده ، علشان ده نظره ضعيف ومبقاش شايفني خالص قدامه ، استغربت نعيمة قائلة لها : بتقولي إيه يا ستي منيش فاهمة حاجه واصل  .
تنهدت قائلة بيأس : أبداً يا نعيمة ، إعمليلي كوباية نسكافية بسرعة ، جلست مهجة تتناول إفطارها بمفردها ، شعرت بالضيق فهي غير معتادة على ذلك .
أتت نعيمة بكوب القهوة المحلى بالحليب لمهجة وهي مازالت تجلس على مائدة الطعام ، بانتظار نعيمة قائلةً لها : اتفضلي يا ست هانم .
أخذت منها الكوب وارتشفت منه القليل ، واثناء تناولها للقهوة شعرت بارتجاف قلبها المفاجىء ، تعجبت من هذا الأمر .
قائلة لنفسها : هوه في إيه ….. قطعت تساؤلها عندما استمعت إلى صوت توقف سيارة بالخارج .
فقالت لنفسها بتوتر : ده شكله وصل ….. كانت ستظل في مكانها لكنها نظرت إلى ثيابها وإلى شعرها ، تذكرت بأنها جالسة بحريتها ولو رآها هكذا سينفجر في وجهها .
فكانت ستهرول إلى الأعلى لكن صوته أصبح قريب ، فأسرعت تنادي نعيمة قائلة لها : نعيمة …. نعيمة …. أسرعت نعيمة نحوها تقول : نعم يا ستي .
فقالت لها بلهفة : بسرعة إطلعي فوج، هتلاجي طرحتي على السرير في إوضتي هاتيها بسرعة جوام .
أسرعت تلبي طلبها ، وما أن تركتها نعيمة حتى إستمعت إلى صوت تكة المفتاح بباب المنزل ، فقالت لنفسها : يا لهوي يا مهجة ، لو شافك كده هيموتك ، بسرعة خديلك ساتر أحسن يخلص عليكي المرادي .
فتح جلال الباب وولج إلى الداخل تلفت حوله فوجد المكان هادئاً ، فكان سيتجة ناحية مكتبه ، لكن هناك أمر ما استوقفه واسترعى انتباهه .
وجود باقي الطعام  مازال على المائدة ، تنهد قائلاً لنفسه : طبعاً تلاقيها فطرت متجدرش تصبر دجيجة زيادة على الوكل .
إستمع جلال إلى صوت خطوات خلفه فالتفت باستغراب فوجدها نعيمة تبحث بعينيها عن مهجة دون أن تنطق ، اُحرجت نعيمة من جلال قائلة له : أحضرلك فطارك يا سيدي .
تنهد قائلاً لها بجدية : لا يا نعيمة إعمليلي شاى دلوك ، فكانت ستهرع إلى المطبخ ملبية لطلبه في الحال ، لكن جلال استوقفها قائلاً لها باستغراب : إيه اللي في يدك ده يا نعيمة .
تلجلجت نعيمة قائلة له بخوف : دي …. دي…… قاطعها بحدة : ما تنطجي ….. وجولي …. 
لم يكن يعلم أن هناك من تراقبه مختبأة بسببه وقلبها يرتجف من الخوف وتقول بصوت خفيض خائف : إوعي تنطقي يا نعيمة … إوعي ، لكن مع الأسف نعيمة خذلتها من كلمات ونظرات جلال المحذرة .
قائلة له بصوت مضطرب : دى …. دي طرحة ستي يا سعات البيه ، ضيق جلال عينيه قائلاً لها بغموض : طب هاتيها ، فقالت له بقلق : أنا هوديها لها آني يا بيه .
رد عليها بنفس غموضه قائلاً لها : لأ هاتيها ليه آني ، آني إللي هوديها لها ، إضطرت نعيمة أن تناوله الحجاب تحت ضغطه عليها قائلةً له بهدوء حذر : إتفضل يا سعات البيه ، فقال لها بهدوء غامض : إمشي إنتي دلوك يا نعيمة.
هرعت من أمامه مهرولة ، لكن مهجة من مكانها تراقبهم قائلة لنفسها : إيه الهدوء إللي هوه فيه ده ، شكله كده الهدوء الذي يسبق العاصفة ، ماشي يا نعيمة تبعيني كده بسرعة .
شكله هيموتك ياشابة ويتكتب عنك في الجرايد ، صمتت عند هذه النقطة قائلة لنفسها بتوبيخ : جرايد ….. جرايد إيه إنتي كمان …. ده هيقتلك …. ومحدش هيقدر ينطق ، ولا إنتي يعني مشهورة أوي ، علشان يهتموا بيكي وينزلوا قصتك في الجرايد  ….. إنتي مشهورة بالشبشب مفيش غيره وده كان جايبلك المشاكل كلها فوق دماغك .
شعر جلال بأن هناك أمر ما يحدث وهو يتمسك بحجابها هكذا متأملاً له ، قائلاً لنفسه : ما دام إنت هنا يبجى أكيد هيه عاملة مصيبة ماني خابرها زين وواعيلها جوي .
أمسكت مهجة نفسها عن الشعور بالدوار بالرغم منها وهي مازالت تراقبه ، اقترب جلال من المائدة ، فلاحظ كوب القهوة الكبير ، فمد يده وأمسكه فوجده دافئاً .
تبسم جلال بسخريةً بداخله عند ذلك ، وهز رأسه بكبرياء غامض ، أغمضت مهجة عينيها بخوف وقلبها يكاد ينخلع من مكانه من كثرة هلعها منه ، فها هي قدميه تقف بالقرب منها ، انحنى جلال فجأة تحت مائدة الطعام ، جاذباً إياها من ثيابها من الأعلى من خلف رقبتها .
مثل اللص الذي يتم القبض عليه ، هنا فتحت عينيها بصدمة شاعرةً بأنفاسه القوية على وجهها قائلة له بعفوية مضطربة : نبيه يا سعات البيه ما شاء الله عليك عرفت إزاي إني إهنه تحت السفرة .
رمقها جلال بنظرات متقدة كالجمر من منظرها وشعرها الذي تتركه منسدل ، بحريته على كتفيها ومن خلجاتها أيضاً .
شعرت من نظراته أنه يريد شنقها في ميدان عام لتكون عبرة لمن يعتبر ، كاد أن يغشى عليها من ذلك ، فجذبها جلال من معصمها ناحية حائط بقوة وألصق ظهرها بها بعنف ، متمسكاً بها بقبضةً قاسية قائلاً لها بصوت هادر : آني كام مرة هجولك ، إلبسي خلجات زي ما آني جايل عليها ها …. إنطجي ، شعرت بالدوار يلفها فلم تستطع النطق من الخوف .
ارتجف قلبها وشعر جلال من منظرها أنه سيغشى عليها ، فقاطع عليها كل ذلك قائلاً لها بحة وحذر : إنتي خابرة ما يغمى عليكي لهيبجى يومك إسود امعاي .
فأجابته بطريقة مضحكة : أكتر من إكده يا باشا ، ضغط بشده على ذراعيها فصرخت قائلاً لها بغضب وتحدي : أيوة يا مهجة أكتر من إكده تحبي تشوفي دلوك .
هزت رأسها بسرعة قائلة له برجاء : لا يا بيه مصدجاك والله منيش عايزة أشوف حاجة واصل ، آني آسفه .
حاول جلال ضبط أعصابه جيداً وخصوصاً ، بأنه شعر بقدوم نعيمة من وراؤه ، فتركها وألقى بالحجاب إليها بغضب قائلاً لها بحدة : إلبسية بسرعة وغيري خلجاتك دلوك ، ولولا نعيمة إهنه ، لكنت وريتك انتجامي منيكي ، هيبجى إزاي فاحذري من تصرفاتك امعاي .
تركها ودلف إلى حجرة مكتبه ، وانصرفت خلفه نعيمة بكوب الشاي ، شعرت مهجة بالراحة قليلاً بعد تركه لها .
وضعت الحجاب على شعرها ، وصعدت إلى حجرتها تفر من غضبه ، مغلقةً الباب خلفها وهي تستند إليه بقلب مرتجف .
أفاقت مريم من نومها مرةً أخرى متألمة ، صادف ذلك دخول يحيي عليها الحجرة وعينيه تحدقان بها بغضب داخلي .
فقالت له مريم متألمة : آني تعبانة جوي فقال لها : معلش ده كله بسبب  العملية وهتاخدي وجت لغاية ما الألم يروح منيكي .
أغمضت عينيها بضعف قائلة له : طب وولاء كيفها دلوك يا دكتور ؛ فقال لها بضيق : يادوب استعادة وعيها من شوي .
فقالت بلهفة : صحيح … فقال لها : أيوة وهمليها لحالها دلوك لانها لساتها تعبانه وأكتر منيكي .
فقالت له بعدم فهم : ماشي بس أهم حاجه إنها لساتها عايشه .
اقترب منها يحيي قائلاً لها بغموض : ها مش ناوية تحكي كنتي جاية منين إنتي وصاحبتك ولاء يامريم .
ألجم السؤال لسانها ولم تستطع النطق شاعرة بالهلع من نظراته ومن معرفته بأسمائهم فقال لها بحدة : ما تنطجي يا مريم ….. ولا خايفة ومستفضحة اللي هتجوليه .
اتسعت عينيها بصدمة وذهول قائلة ً لنفسها : بجى معجول عرف  أي حاجه عنينا وكمان عرف إسمي منين آني وولاء .
اقترب يحيي أكثرمنها ؛ عندما وجدها لم تنطق إلى الآن ونظرات القلق والرعب بعينيها قائلاً بغضب مكتوم :  ماتنطجي يا بنت عبدالرحيم .
انتفض قلبها بشدة عندما نادها بإسم والدها ، من الذعر إن عرف بالأمر ؛ فأشاحت مريم بوجهها من نظراته المتفحصة قائلة بهروب منه :  أرجوك آني لساتني  تعبانة دلوك وعايزة آخد علاجي وأنام وارتاح  .
ضم شفتيه بغضب قائلاً لها بحدة : ماشي يا بنت عبدالرحيم ثم تركها وانصرف وهو غاضب .
جاءت الممرضة بناء على طلبه بعد أن تركها فقالت لها : ها عاملة إيه دلوك 
تنهدت بتعب قائلة لها : لساتني تعبانة جوي فقالت لها بتعاطف : معلش بكرة تخفي وتبجي زي الحصان كمان .
هزت رأسها بصمت وهي تتذكر الدكتور الذي يتابعها .
فقالت لها بتساؤل متردد : هوه مين الدكتور اللي عملي العملية وبيتابع حالتي إهنه .
ابتسمت قائلة : بجى معجوله مخبراش لدلوك مين هوه 
فقالت لها بضيق وألم : لأ لساتني مخبراش فقالت لها : ده الدكتور يحيي المنياوي أشطر دكتور جراحة إهنه في البلد وحظك حلو إنه هوه اللي عالجك وعملك العملية كمان .
حدقت بها بصمت صادم غريب وبعدها ذهبت في النوم ؛ دون أدنى حرف من أثر الحقنة المكسنة والتي أخذته في المحلول المعلق .
كانت والدة جلال ، تقوم بتجهيز المنزل للزفاف ووالده أيضاً يقوم ببعض إجراءات خاصة بتجهيز الزفاف أيضاً بأشياء خاصة بالرجال .
كانت نور مع والدتها تقول لها : يعني أخوي جلال مش إهنه ولا يحيي كمان .
فقالت لها بهدوء : تلاجي يحيي لساته بالمستشفى وجلال إنتي خابراه زين بيطلع ويدخل بمزاجه ومحدش منينا بيجوله لا رايح فين ولا جاي منين .
تنهدت قائلة لها : طب وإنتي مش هترتاحي شوي يا إماي ، ده إنتي من ساعة ما عرفتي الخبر ومجعدتيش .
نظرت لها بذهول قائلة لها : إزاي تجولي إكده إذا ما كنتش أتعب لكبيرنا وعمدة بلدنا أتعبُ لمين يا بنيتي .
ابتسمت نور قائلة لها : يا بختك يا أخوي واكل الجو منينا آني ويحيي ، أتى والدها وهو يستمع لها قائلاً : يعني عايزانا نهملوا فرحوا يا بنيتي  فقالت له : لا يا أبوي إزاي تجول إكده آني بهزر وياكم .
فابتسم لها قائلاً : عجبالك يا بنيتي ، وأجوزك وآني لساتني عايش فاحتضنته قائلة : ربنا ما يحرمني منيك يا أبوي .
لمح إسماعيل دخول يحيي وهو في حجرة المعيشة ، وفوجىء بدخوله على غرفته بسرعة دون أن يسلم عليهم حتى .
استغرب اسماعيل من ذلك ، وكان سينادي عليه لكن نور قاطعت عليه تفكيره قائلةً له بهدوء حذر : مش من الواجب يا أبوي إننا نزور عروسة أخوي آني وأمي ونتعرفوا عليها زين وعلى أهلها ،  فقال لها : لما يجي العمدة ونجوله ونشوف رأيه إيه منجدرش نتصرف من دماغنا إكده عاد .
تنهدت قائلة له : ماشي يا أبوي .
تمددت مهجة على الفراش ، بضيق متذكرة أيامها مع نوال قائلة لنفسها : وحشتيني أوي يا نوال ، إنتي وأكلك المحروق مكنتش عارفه إني هعرف قيمة أكلك المحروق ده في يوم من الأيام .
كانت نوال في المحل عندما فوجئت بأم ياسين تدلف عليها مبتسمة قائلة لها : إزيك يا بنتي .
فقالت لها : بخير يا أم ياسين تسلمي فقالت لها : أنا هدخل في الموضوع على طول من غير لا لف ولا دوران .
فقالت لها بقلق واستغراب : قولي فيه إيه …!!! فقالت لها : بصراحة كده يا بنتي أنا جايبالك عريس لقطة .
اتسعت عيني نوال بصدمة ، شاعرةً بالخوف قائلة لها : عريس …. عريس مين ده يا أم ياسين … !!!! 
كان جلال في منزل والده عندما أتت الخادمة تقول له : سيدي المأمور بره يا سعات البيه .
فقال لها : خليه يتفضل دلوك .
أدخله جلال إلى حجرة الضيوف وقابله بترحاب شديد فقال له المأمور : ألف مبروك على فرحك ده أولاً ، ومبروك كمان مرة علشان جبتلك إمعاي ورج منصبك الجديد يا جناب العمدة .
ابتسم جلال بانتصار وهو يمسك الورق بين يديه أخيراً قائلاً له بفرحة : الله يبارك فيك يا جناب المأمور شكراً .
كان رضوان مع مصطفى في مكتبه عندما قال له مصطفى : إحنا لازم نعمل الحفلة دي ضروري ونعزم عمدة البلد ده أهم حاجه مش كده .
فابتسم رضوان قائلاً له : طبعاً يا سعات البيه ما احنا هنعملها علشان نحتفل بيه وبجوازه كمان ، ده خلاص فرحه بعد بكره وعايزين نحتفل بيه .
كان جلال في حجرته عندما استمع إلى صوت طرقات على الباب فكانت نور شقيقته فابتسم لها قائلاً : تعالي يا نور … فقالت له : جاعد لوحدك ليه إكده فقال لها جلال : أبداً كنت بجهز شوية حاجات إكده علشان الفرح جرب وكمان شغلي الجديد .
فقالت له بسعادة : ألف مبروك يا أخوي وياريت ، لو نجدروا آني وأمي نروح ونزورعروستك ونشوفها ونتعرفوا عليها كمان جبل الفرح ، زي تجاليدنا وعوايدنا إهنه في البلد .
اتسعت عينيّ جلال بذهول صادم قائلاً لها : يا دي المصيبة عايزة تشوفي مهجة ، دي مصيبة متحركة …..!!!! 
يتبع..
لقراءة الفصل الثالث عشر : اضغط هنا
لقراءة باقي حلقات الرواية : اضغط هنا
نرشح لك أيضاً رواية حبيبة بالخطأ للكاتبة سهير علي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *