روايات

رواية جاريتي 3 الفصل الثامن والثلاثون 38 بقلم سارة مجدي

رواية جاريتي 3 الفصل الثامن والثلاثون 38 بقلم سارة مجدي

رواية جاريتي 3 البارت الثامن والثلاثون

رواية جاريتي 3 الجزء الثامن والثلاثون

رواية جاريتي 3 الحلقة الثامنة والثلاثون

مر اسبوع لم تغادر المنزل و لا غرفتها لا تعرف عنه اى شىء لا يجيب على هاتفه و لا يرى رسائلها اصبحت كالاشباح صامته هادئة لا تتناول الطعام بين خوف و قلق و بين احساس بغيض بالنبذ بين تفهم لما يدور بداخله و احترام لخوفه و بين عدم استيعاب انها لم و لن تحصل عليه يوما سيظل شبح الماضى يخيم على مستقبلهم و يتحكم به
و كانت خديجه تلاحظ تلك الحالة التى عليها اختها و يتلوى قلبها ألمًا عليها و لكنها حقا لا تعلم ماذا عليها ان تفعل كذلك محمود الذى على تواصل مع عمر و يعلم بما يحدث معه خطوه خطوه خاصة اخر موقف
حين كان نزار يقف امام الورشة كعادته منذ اسبوع و حين رأى عمر يغادر بالسيارة بمفرده اقترب من الورشة يبحث عنها و سأل الامن الواقف عند الباب
كل ذلك و عمر يقف فى مكان متوارى حتى يرى ماذا سيفعل و حين تحرك نزار بسيارته سار عمر خلفه ليجده يوقف سيارته فى نفس الشارع التى تسكن به مريم و ترجل من السيارة و ظل يسير بالشارع على غير هدى و عينيه تنظر الى البيوت و النوافذ
وحين لم يستطيع ان يصل لشىء عاد الى سيارته و غادر
حينها شعر عمر بالرعب حقا
فهو يشعر ان طاقته تنفذ منه بسبب بعدها عنه انها الان اصبحت طاقته الكبيرة و قوته العظيمة و سبب رغبته فى الحياة …. انها حربه الان الذى عليه ان ينتصر بها او يستشهد من اجلها
اخذ محمود قراره عليهم ان ينهوا الامر سريعا فالاثنان فى حاله ضياع و لابد من ايجاد حل فاتصل بعمر و حين اجابه قال
– عدي عليا النهاردة فى الجامعة
صمت لثوان ثم قال
– خلاص هستناك متتأخرش
اغلق الهاتف ثم طرق باب اخته و دلف دون ان يسمع رد ليجدها تجلس فى منتصف السرير مقطبه الجبين و داخل عينيها ذلك اللؤلؤ الصغير يلمع فمريم بكائها ليس بسهل
جلس بجانبها و ضمها الى صدره و همس بجانب اذنها قائلا
– عايزه تشوفيه
رفعت عيونها تنظر اليه بشك و عدم استيعاب ليقول هو بأبتسامه
– جايلى الجامعه الساعه ١١ ها تحبى تشوفيه
هزت راسها بنعم ليربت على ظهرها بحنان و قال موضحا
– نزار بيدور عليكى فى كل مكان و وصل لحد الشارع هنا ….. اعذرى عمر يا مريم مش سهل عليه يبعد عنك طول الوقت ده انا راجل و فاهم احساسه كويس
هزت راسها بتفهم و قالت بصوت ضعيف
– انا كمان خايفة و مش سهل عليا بس ليه مانقفش قدام نزار انا و هو ليه يحارب لوحده
– لانها حربه لوحده
قالها محمود مقاطع سيل كلماتها لتنظر اليه بصدمة ليكمل موضحا
– دى حرب عمر لوحده مش حربك يا مريم عمر بيحارب مع نزار اشباح الماضى و دى مش حربك انتِ عمر لازم يحارب لوحده و لو كسب يبقا كسب حياته الجديدة و كسبك و لو خسر يبقا خسر نفسه و ماضيه و ….. خسرك
لينقبض قلبها بألم و شعرت ان روحها تغادر جسدها و سالت تلك الدمعات فوق وجنتيها ليضمها اخيها الى صدره و هو يقول بحنان
– لو حبك فى قلب عمر كبير يبقا هيكسب حربه و يرجعلك مستعد لبداية جديدة و حياة انتوا الاتنين تستحقوها
رغم ان كلمات محمود جعلت قبضه من فلاذ تعتصر قلبها و تخنق انفاسها داخل صدرها الا انه معه حق فى كل كلمه يقولها
لتهز راسها بنعم رغم ذلك الالم الذى يرتسم على ملامحها
ليربت على ظهرها من جديد بحنان و قال
– يلا قومى اجهزى علشان تنزلى معايا
هزت راسها بنعم من جديد ليبتسم لها ابتسامة صغيرة و غادر الغرفة ليجد محمد و خديجة يقفان هناك ليبتسم و هو يقول فى محاوله لطمئنتهم
— هتخرج معايا دلوقتى …. متقلقوش ان شاء الله كله هيبقا كويس
لينظر محمد الى خديجة باستسلام و كل منهم يدعوا الله ان يمر الامر على خير
•••••••••••••••••••••
دخل طارق مكتب أدهم دون طرق وعلى وجهه معالم الضيق و التقزز ايضا ليقطب أدهم حاجبيه بحيره و هو ينظر اليه يجلس بصمت على الكرسى المقابل له
ظل الصمت سيد الموقف لعدة دقائق ليقول أدهم بحيرة
– ايه يا ابنى فى ايه ؟
ليرفع طارق راسه ينظر اليه لعدة ثوان ثم قال
– انا كنت النهارده فى بيت الست اللى اسمها منال
ليقطب أدهم حاجبيه بعدم فهم ليقول طارق موضحًا
– ام نور
ليهز أدهم راسه بنعم بأدراك ثم قال
– لسه النهاردة يا ابنى انت قايلى الكلام ده من اكتر من ست ايام
ليصمت طارق من جديد ثم قال بعد ان اخذ نفس عميق و اخرجه سريعا
– انشغلت فى القبض على باقى الناس
– طيب فين المشكله
قالها أدهم بعدم استيعاب لتلك الحاله التى عليها صديقه
فرغم فرق العمر بينهم الا انه يعتبر طارق صديقه و خاصه بعد ما حدث قديما
اغمض طارق عينيه لثوان ثم قال بتقزز ما اثار غثيان أدهم
– لقيتها ميته فى صاله بيتها من غير هدوم و الجثه متعفنه و متحلله
لينهض أدهم سريعا الى الحمام يفرغ ما بمعدته و كلمات طارق تلاحقه
– والطب الشرعي كمان بيقول ان فى اثار لممارسة جنسية
خرج أدهم من الحمام و هو مقطب الجبين ويظهر على وجهه التقزز و جلس امام طارق الذى اكمل
– الشارع كله كان بيقول ان بعد ما عرفوا حقيقتها محدش كان بيرضى يبيع لها اكل او علاج و لا حد كان بيتعامل معاها و لما غابت افتكروا انها سابت الشارع و مشيت لكن الريحه خلتهم بلغوا البوليس فى نفس الوقت اللى كنت رايح فيه علشان اقبض عليها
ظل أدهم صامت لا يستطيع الرد على كلمات طارق فالموقف لا يتحمله و يا لها من موته بشعة عاشت زانيه تمارس الفاحشه و ماتت عليها و جعل الله منها عبرة لكل الناس
و لكن الاهم الان هو نور هل سيخبرها بذلك هل سيأثر هذا الخبر عليها بالسلب ام بالايجاب هل سيفرق معها بالاساس
انتبه من افكاره على ركض طارق الى الحمام و خروجه بعد عدة دقائق و يمسك بمعدته قائلا
– كنت محتاج اعمل كده من اول ما شفت المنظر
ليضحك أدهم و هو يهز راسه بلا فائده
••••••••••••••••••••••••
كانت تجلس امام الطبيب و يجلس هو الاخر امامها يمسك بيديها يدعمها و ينظر اليها بأبتسامة و كان الطبيب يتابع ما يحدث باندهاش كبير جعله ينشغل عن رؤية التحاليل و خريطة الضغط
وحين طال صمت الطبيب نظر اليه سفيان و هو يقول بقلق
– خير يا دكتور التحاليل فيها حاجه
انتبه الطبيب لينظر الى الاوراق بتوتر قرأ اوراق التحاليل ثم نظر الى خريطه الضغط
ثم و ضع الاوراق فوق مكتبه ونظر اليهم و قال بعمليه
– تحاليلك كلها سليمه و مفيش غير شوية ضعف بسيط هاكتب على شوية فيتامينات و نهتم بالاكل الصحى و الراحة …. لكن
– لكن ايه ؟
سأله سفيان بقلق ليقول الطبيب موضحا
– خريطة الضغط بتوضح ان مدام مهيره مريضة ضغط منخفض
لينظر سفيان الى مهيره بخوف حقيقى و قلق و ظهر على ملامحها هى الاخرى بعض القلق و الخوف ليقول الطبيب محاولا تطمئنتهم
– حضرتك متقلقش كده هى هتلتزم بالعلاج و تحاول تريح نفسها و بعدين ده نص اهل الارض مرضى ضغط
نظر سفيان الى مهيره بقلق و خوف و ضغط على يديها التى بين يديه بقوة بسيطة ليوقفها و اخذ الوصفة الطبية من الطبيب و غادر
فى السيارة يدها لم تغادر يده لم يتحدث لم يقل شىء و هى ايضا ظلت صامته الامر بسيط مقارنة بما كان يدور فى راسها من افكار اكثر سوء
ولكنها تعرف سفيان جيدا الامر معه الان مختلف انه لا يتحمل ان يصيبها شىء و لو بسيط يصبح قلق و متوتر و حزين طوال الوقت
ابتسمت و هى تتذكر وقت حملها و كم كان يرتعب حين يرى تورم قدمها
كتمت ضحكتها العالية بصعوبة و هى تتذكر يوم (( سبوع )) خديجه حين كان يود ان ترفع قدميها فوق قدميه امام كل الموجودين فى الحفل
نظرت الي وجهه العابس الان وقالت بهدوء
– ممكن تركن فى مكان هادى ؟
نظر اليها نظرة خاطفة لعدة ثوانى دون رد ثم عاد بنظره الى الطريق لتأخذ نفس صغير بيأس و نظرت من النافذة تتابع الطريق و بعد عدة دقائق وجدت السياره تنحرف يمينا فى طريق هادىء نسبيا ثم توقفت امام مرج كبير محاط بسور من الحديد المزخرف ظل الصمت سيد الموقف داخل السيارة و لكنها تشعر بتوتره و قلقه و اهتزاز ساقه يدل على ذلك
نادته بصوت ضعيف فنظر اليها لتصدم حين رأت عينيه تتلئلىء بها الدموع لينتفض قلبها داخل صدرها و تحركت يديها تحتضن يديه و هى تنادى عليه دون صوت ثم قالت بصوت يكاد يسمع
– انا كويسة … و الله كويسة
ليسحبها سريعا يضمها بقوة ….. يعتصرها بين ذراعيه حتى كاد ان يستمع لصوت تهشم عظامها بين يديه
و كانت هى مستسلمه تماما له تتفهم ما يمر به رغم عدم تأكدها ان كان هذا خوف ام ارتياح انها ليست مصابة بمرض خطير
اه الم صدرت عنها من كثرة الضغط على عظامها ليبتعد عنها ينظر الى عينيها لتقول هى بابتسامة صغيرة
– انت مكبر الموضوع ليه كده معظم الناس مريضة ضغط ده صديق الشعب
ليقطب حاجبيه برفض و هو يقول بشىء من العصبية
– ايه الاستهتار اللى بتتكلمى بيه ده … الضغط مش لعبة يا مهيره ده مرض خطير و مش بسيط
صمت لثوان قايله ثم قال
– ديما واجعة قلبى و مخوفانى و تعبانى
لتتجمع الدموع فى عينيها و ظلت صامته تنظر الى النافذة حتى لا تنظر اليه فهى حقا لا تفهم معنى كلماته و لكن لا احد لها سواه و لا تستطيع الابتعاد عنه و ليس لها حياة بعيد عنه فلتصمت و تتحمل فهى لم تكن يوما تلك الفتاى التى تليق به و كأن القدر اراد ان يذكرها ما قد نسته
ظل الصمت هو سيد الموقف لم يلاحظ هو تبدل حالها فكان عقله مشغول بترتيب افكاره حتى يبعد عنها اى ضغط نفسى سىء يسبب لها انخفاض فى ضغط الدم فهو ليس على استعداد لخسارتها
ادار السيارة عائدا الى البيت و كل منهم عقله يدور فى دوائر مؤلمة و مخيفة
••••••••••••••••••••••
كانت تقف امام النافذة الكبيرة تنظر الى الحرم الجامعى و عقلها شارد فى كل ما قاله لها محمود
فى تلك اللحظه و صلها صوت طرقات على الباب و صوت اخيها يسمح للطارق بالدخول لم تلتفت و كانها تخشى ان تنظر اليه تخشى ان ترى عمر القديم العابس صاحب النظرات السوداوية ان ترى تلك العكاز القديم الكريه
اغمضت عينيها و هى تستمع لصوت خطوات ثابتة قوية تطرق الارض بقوة
كانت تشعر بصدى تلك الخطوات داخل قلبها و كأنه يخطوا فوق روحها الجريحة يوقظها من ثباتها المؤلم
ظلت مغمضة العين و رائحته تتغلل الى روحها تملىء رئتيها حتى تستطيع التنفس دون الم و كأن تلك الرائحة هى رمز الحياة و مفتاحها و اكتمل كل ذلك حين و صل الى اذنها صوته الهامس بأسمها بشوق و عذاب
– مريم
لتنحدر تلك الدمعة الحبيسة فوق وجنتيها ليهمس بأسمها من جديد لتلتفت اليه لتشهق بصوت عالى حين وقعت عينيها عليه شاحب البشرة فقد الكثير من وزنه هالات سوداء حول عينيه و لكن
نظره عينيه التى تسطر اساطير عن الشوق و اللهفة و السعادة برؤيتها بالاحتياج لها
رعشة يديه التى رفعها حتى يلمس وجهها لكنها تعلقت فى الهواء كل ذلك يؤلم القلب رغم ذلك هى سعيدة به و برؤيته و بشوقه اليها و ان حبها بقلبه لم يكن يوما كذبة او خدعة تخدع قلبها بها
كان محمود يتابع ما يحدث امامه بتفهم شديد رغم غيرته على اخته لكن لم يتجاوز احد منهم حدود الادب اشار اليها عمر ان تجلس
لتتوجه الى الاريكة الكبيرة و جلست و هى تنظر اليه بشوق ليجلس بجانبها و هو يقول
– اخيرا روحى رجعتلى و اقدرت اتنفس
لتبتسم ابتسامة حزينة و هى تقول
– انا كمان كنت زى السمكة اللى خرجت من المايه
ليخفض راسه ارضا و هو يقول
– مش سهل عليا كل اللى بنمر بيه بس كمان انك تكونى بعيدة عنى بخير احسن من انك تكونى جمبى و يحصلك حاجة
– و هنفضل كده لحد امتى فى العذاب ده … و بعدين انت خاسس كده ليه
ليضحك بسعا رغم ذلك الحزن الساكن فى عينيه و هو يقول
– ان شاء الله مش هنفضل كده كتير … و خسيت لانى مليش نفس اعمل اى حاجة حتى الاكل و انتِ بعيدة عني
– لاحظ ان اخوها موجود
قالها محمود دون ان يرفع راسه عن ذلك الكتاب الذى يقرأه فيه لتتلون وجنتى مريم بخجل و ابتسم عمر ابتسامة صغيرة
ليقف محمود و اقترب منهم و هو يقول
– ياريت فعلا الموضوع ده يخلص بسرعة علشان فرحكم يكون فى نفس المعاد اللى اتفقنا عليه
وقف عمر ينظر الى محمود بثقة و قال
– اكيد هيكون فى معاده
و مع سماعها لتلك الجملة رغم سعادتها بها و لكن لا تعلم سبب تلك القبضة القوية التى تمسك بقلبها تعتصره بقوة
****************************
كان يتناول الشاى معها فى حديقة بيتهم و هو يستمع لكلماتها الحائرة
– امبارح كان بيكلم اللى اسمه اكرم ده و بيسأله عن واحده اسمها نور …. و بعدين سمعته بيقول بلسم و انه حاسس انه بيغلط فى حق نور … و حاسس بالذنب و محتاج يشوفها و يطمن عليها
كان يستمع الى كلماتها يحاول فهم معناها و ان يصل الى معلومة تريحه هو و هى
فلقد ظل شهر كاملا فى حالته المزاجية السيئة لا يتحدث مع احد دائمآ جالس بمفرده … و عصبى لاقصى درجة …. و بعد ذلك الشهر بدء يظهر على وجهه شبح ابتسامة و بعض الهدوء ثم خروجه خارج تلك القوقعة التى اغلقها على نفسه حتى عاد صهيب القديم الذى يعرفانه نسبيا فهم يعلما سبب حالته السيئة و ألمه الكبير من جرح الحب الاول و لكن ما سبب عودته الى طبيعته هذا ما لم يكن يعرفونه حتى ذلك اليوم ابتسم و هو يتذكر ما حدث و ما اكتشفه حين ذهب الي الشركه … ثم نظر اليها و قال بابتسامه
– شكلنا هنفرح بصهيب قريب
لتنظر اليه ميما باندهاش و ابتسامة سعادة وحيرة ليغمز لها بشقاوة و مرح
•••••••••••••••••••••••••••••
كانت تصب كامل تركيزها على الاوراق التى امامها فى محاولة منها لابعاده عن تفكيرها انه لم يحضر حتى الان و لا تعلم سبب ذلك التأخير …..و لا تعلم لماذا لا تتوقف عن التفكير فيه … فلقد اصبح شخص اخر غير ذلك العصبى
اخذت نفس عميق وهى تتذكر ذلك اليوم و ما حدث فيه
كانت تجلس على مكتبها تراجع بعض الاوراق حين حضرت سكرتيرته تطلب منها الذهاب اليه امام نظرات الفضول من كل زملائها خاصة و انه لا يمر يوم دون ان يطلبها الى مكتبه ….. خرجت من الغرفة و توجهت الى مكتبه و من داخلها كانت تشعر بغضب شديد و قد اخذت قرارها و ستنفذه حين تدخل اليه
طرقت باب مكتبه و دلفت اليه و كالعادة كان ينظر اليها تلك النظرة التى تتفحصها بدون وقاحة و ابتسامته التى تخترق قلبها و تأسر روحها … و كالعادة يظل يسألها عن بعض الامور الذى يعرفها اى شخص حتى حارس الامن امام البوابة يفهمها ….. شعرت بالغضب فالامور زادت عن حدها و هى لم تعد تحتمل فوقفت امامه و هى تقول ببرود
– حضرتك طلبتنى
ليشير لها ان تجلس لكنها رفضت قائله
– شكرا لحضرتك مش هقدر اقعد علشان انا عندى شغل كتير
وقف على قدميه و دار حول المكتب ليقف امامها و قال و الابتسامة لم تغادر وجهه
– و انا صاحب الشغل و بقولك اقعدى
لتقطب جبينها بغضب و قالت بعصبية
– حضرتك عايز منى ايه ؟! ….. لان اللى بيحصل ده بقا اوفر جدا بصراحه و انا مقبلش ان اى حد يتكلم عليا كلمة واحدة و اللى حضرتك بتعمله ده فاتح مجال لكلام كتير …. فممكن حضرتك تفهمنى عايز منى ايه ؟ و ليه كل شوية تطلبنى لأسباب مقدرش اقول عنها غير انها حجج لان صعب اصدق انك مدير شركة من اكبر الشركات اللى فى السوق و تكون مش فاهم فعلا الحاجات اللى بتسألنى فيها
كان يستمع الى كلماتها بصمت تام و اهتمام شديد مصاحب لتلك الابتسامة التى تسرق روحها و لكنها لم تعد تتحمل نظرات زملائها لها
ظل الصمت يخيم عليهم بعد ان انهت كلماتها لعدة ثوان ثم قال هو بهدوء
– معاكى حق انا فعلا كنت بتحجج علشان اشوفك و اتكلم معاكى بس اكيد مكنتش اقصد اضايقك و لا اقبل ان اى حد يتكلم عنك بشكل وحش … بس اكيد فى سبب لكن على العموم ….. انا اسف
جحظت عيناها بصدمة من ذلك الاعتذار التى لم تتوقعه ….. و لم تكن صدمتها اقل من صدمة والده الواقف عند الباب دون ان ينتبه له احد
ظلت تنظر اليه غير مستوعبة ما قاله و لكنها تحركت سريعا لتغادر المكتب بعد ان شعرت بالاحراج و الخجل و تلونت و جنتيها باللون الاحمر القانى ….. لتجد شخص يقف هناك لترتد خطوتان للخلف بخوف … لينظر صهيب نحو الباب ليجد والده يقف هناك ينظر اليهم بابتسامة صغيرة رغم تقطيبه حاجبيه ليقول صهيب بجديه دون ان يبعد عينيه عن والده
– اتفضلى يا انسة بلسم على مكتبك
لتتحرك من فورها و غادرت المكتب ….. لا تعلم ما حدث بالداخل و لكن حين كان يغادر ذلك الرجل و مر من امام مكتبها و لمحها غمز اليها بمشاغبة غريبة على شخص فى مثل سنه و لكنها لم تشعر بالضيق من تلك الحركة و لا تعلم السبب … و ها هى منذ ذلك اليوم لم يطلبها الى مكتبه … و يالا العجب زاد الهمس حولها لم ينتهى كما ظنت … فبدلا من قولهم ان هناك شىء بينها و بين المدير اصبح محور الحديث انه قد مل منها وتركها
اخذت نفس عميق و هى تحاول تجاهل كل ذلك فهى تحتاج الى العمل و لا يمكنها تركه بعد ان حصلت عليه و هو بالاساس فرصة كبيرة لها ان تعمل فى شركة كبيرة كشركة الهاشمى …. انتبهت من افكارها على صوته لتشعر بالصدمة حين رفعت راسها و وجدته يقف عند باب المكتب بأبتسامته التى تفعل بها الافاعيل و كأنه خرج من افكارها ليتجسد هناك بطوله الفارع و جسده الرياضى الممشوق
– مساء الخير على الجميع
ليقف الجميع احتراما و اندهاشا فلم يحدث من قبل حضور مدير الشركة الى قسم المحاسبة هو دائما يطلب حضورهم الى مكتبه
تقدم خطوتان لداخل الغرفة و جلس على الكرسى الذى امام مكتب رئيس قسم المحاسبة ليجلس الجميع و هم ينظرون اليه باندهاش و كان هو ينظر اليهم جميعا و هو يتذكر كلمات والده بعد مغادره بلسم لمكتبه
– ممكن افهم ايه اللى انا شفته ده ؟
ظل صهيب صامت لعدة ثوانى ثم قال بهدوء
– دى بلسم
ليرفع جواد حاجبيه بأندهاش و قال بتعجب
– والله بلسم … مين بقا بلسم دى؟!
ليبتسم صهيب ابتسامة غامضة و قال ببساطة
– موظفة فى قسم المحاسبة
ليلوى جواد فمه و هو يفهم جيدا ان ابنه لن يتحدث بأكثر من ذلك فأقترب من ولده و ربت على كتفه و قال
– لو واخد الموضوع جد يبقا بلاش الحركات اللى ملهاش لازمة دى …. و بلاش تخلى الموظفين يتكلموا و يجرحوا فيها علشان بدل ما تحبك تكرهك و بدل ما تتمنى قربك تبعد عنك
ثم ريت على كتفه من جديد و قال بأبتسامة
– ربنا يسعدك يا حبيبى
و غادر ليتركه غارق فى افكاره بعد ان اوضح له ما لم يفكر فيه من قبل
عاد من افكاره ليقول هو مباشرة
– شركه الهاشمى من زمان و كل فرد فيها هو فرد فى عيلة كبيرة قوية و متماسكه و مفيش حد فيهم بيتكلم عن حد تانى من وراه … و الكلام اللى وصلنى مش هقبل بيه لانه خالى تماما من الحقيقة و علشان احنا عيلة واحدة حبيت قدامكم كلكم
و صمت لثوانى ثم وقف على قدميه و اقترب من مكتب بلسم و قال بهدوء شديد مع ابتسامته الساحرة
– انسة بسلم عبد الرحمن حسين تقبلى تتجوزينى
شهقات متتاليه من زميلاتها و اندهاش من باقى الموظفين ….. مصاحبة لشهقه لها و نظرة اندهاش و صدمة ليكمل كلماته
– ممكن تحددى معاد مع الاستاذ عبد الرحمن علشان اجى اخطبك
لم تستطع ان تجيبه بشئ و ايضا لم ينتظر هو اى رد فتحرك خطوتان الى الخلف ثم قال للجميع بابتسامة
– ادعولى توافق بقا
ثم غادر المكتب تارك خلفه عيون جاحظة و مصدومة و ايضا ابتسامة ترتسم على شفتيه و قلبه خاصة و هو يتاكد من داخله ان ما كان داخله إتجاه نور مجرد حمية رجل لا يقبل بالظلم او بالحرام و نخوة ترفض ما كان يحدث معها و ايضا هو لن يتخلى عنها مهما حدث خاصة بعدما فهم جيدا مصيرها و ما سيؤل اليه حالها
••••••••••••••••••••••••••••
كانت تجلس بجانب محمد داخل سيارته فى طريقهم للجامعة حتى يأخذوا مريم لتعود الى البيت …. كانت تنظر من النافذة سعيدة بموافقه و الدها على تلك النزهة رغم اعتراض والدتها و لكن بالأخير هى معه
نظر محمد اليها و هو يقول بسعادة
– انا محضرلك حتة مفاجئة انما ايه تجنن .
نظرت اليه بابتسامة واسعة و اشارت اليه بما يعنى
– اى مكان معاك اكيد هيكون يجنن … انا بجد فرحانة اوووى يا محمد
لينظر اليها بسعادة كبيرة و هو يعدها بينه و بين نفسه ان يكون دائما سبب لسعادتها والمسؤول الاول عن رسم تلك الابتسامة على وجهها
– هنروح مريم بس البيت و بعدين هفجأك
بعد لحظات كان يقف امام باب الجامعة ابتسمت و هى تتخيل نفسها بعد أيام ستكون طالبة جامعية و تحقق حلمها …. خرج عمر بمفرده و بعد قليل خرج محمود ومعه مريم دون ان ينتبه اى منهم لذلك الواقف بعيدا يراقب و ينتظر الفرصة
اشار لهم عمر بالسلام و غادر سريعا ثم صعدت زينة الى الكرسى الخلفى فى السياره بخجل بعد ان القت التحيه على مريم ابتسم محمود قليلا و القى السلام على زينة ثم نظر الى محمد و قال
– توصلها لحد البيت و تطمن انها طلعت ماشى
ليهز محمد راسه بنعم ثم ادار السيارة و هو يقول
– اطمن
التفتت مريم الى زينة وهى تقول بأستفهام
– انت نزلتى و قعدتى وراء ليه … يا بنتى ده مكانك جمبه متتنزليش عنه بسهوله
لتبتسم زينة بخجل وتحرك محمد بالسيارة و هو يقول
– بكرة تتعود يا مريم … متقلقيش بعد كده هتقولوا عليها مرات اخونا عقربة و عايزة تبعده عننا
لتضحك مريم و هى تفهم اسلوب اخيها فى جعل زينة تتفاعل معهم دون خجل … و ضحك هو بصوت عالى لتضربه زينة على كتفه بلوم و اشارت لمريم بلا اكثر من مرة ثم اشارت لها و شرح محمد اشارتها لمريم
– و الله انا مش كده ابدا ده بيهزر
ليضحك محمد بمرح و قالت مريم بهدوء
– عارفة يا زينة انه بيهزر … انت طيبة اوووى و احنى كلنا بنحبك
طوال الطريق كان محمد يمازح مريم التى بدأت ضحكتها فى الظهور من جديد … فالجميع الان يقدر مدى حب مريم لعمر و كم هو كبير … و غيابه عنها طوال تلك المدة بالفعل كان له تأثير سلبى عليها خاصة بعد رؤية تورد وجنتيها و تلك الابتسامة التى ترتسم على ثغرها بعد مقابلتها له
انعطفت السيارة يمينا لتسير فى احدى الشوارع الجانبيه … و فى لحظة خاطفة ظهرت فجأة سيارة مسرعة امامهم … و كأنها قد خرجت من باطن الارض ضغط محمد على مكابح السيارة حتى تتوقف و لكن تلك السيارة التى امامه و كانها تسير بمفردها لم تتوقف و لم تهدى من سرعتها ليصرخ محمد بالفتايات ان يخرجن من السيارة سريعا
و حين حاول هو خلع حزام الامان كانت السيارة قد اصطدمت به بقوة
لتعلوا صرخات مريم بخوف و هلع و خرجت صرخة مدوية بأسمه و لاول مرة بصوتها
****************
كان الجميع يجلس فى رواق المستشفى …. بين دموع و خوف و رعب …. مهيره تجلس فى المنتصف و تحتضن كل من خديجة و مريم … و سفيان و ايمن و حذيف يقفون جميعا بجانب محمود الذى يجلس ارضا ينظر الى غرفة العمليات بصمت و كانه يناجيها ان تطمئنه على تؤمه … الان فهم لماذا كان يشعر بألم قوى فى قلبه حين استمع لأخر كلمات اخيه له حين اخذ منه مريم … و كانت ملك تجلس بجانب زينة النائمة بفعل المهدئات فبعد صراخها بأسمه سقطت مغشى عليها و كان عمر يقف فى احدى الجوانب مع افراد الشرطه يقص عليهم كل شئ منذ البداية فمن كان بالسيارة الاخرى و الموجود هو الاخر فى غرفة العمليات هو نزار
انتبه الجميع الى صوت مريم و هى تقول بألم و قهر
– انا السبب … انا السبب .. انا اللى عملت فى اخويا كده .. انا اللى مفهمتش انه مش ليا و اتمسكت بيه … انا اللى قررت اعمل بطلة وارجعه للحياة .. مكنتش اعرف ان تمن رجوعه هو اخويا … انا السبب
كانت تلك الكلمات تسقط على عمر و كانها طلقات نارية … و تصيب فى الاماكن القاتلة .. اخفض راسه بحزن شديد … و ضعف لاحظه سفيان و اشفق عليه بشدة فأقترب منه و وقف امامه و قال
– متزعلش منها … هى مش فى وعيها و لا عارفة بتقول ايه .. الرجل الصح مش هيحاسب واحدة مصدومة و شافت اخوها بيتعرض للموت
ابتسم عمر بحزن و نظر الى سفيان بعيون تملئها الدموع و قال
– انا همشى بس لو سمحت انا عايز رقمك علشان اطمئن على محمد … كمان من فضلك لما كل حاجة ان شاء الله تبقا كويسة … عايزك توصلها رسالة
صمت لثوان ينظر اليها بين احضان زوجة الواقف امامه و قال
– هى كانت حلم جميل حلمته و اتعلقت بيه … طاقة نور فكرتها دليل على توبة و قبول مغفرة .. حياة جديدة و فرصة من ربنا .. لكن من الواضح ان ذنوبى ملهاش مغفرة .. وانى مليش مكان تحت نور الشمس … قولها انى اسف و انى عمرى ما فكرت انى اكون سبب فى اذيتها من قريب او بعيد … قولها انها اغلى عندى من حياتى … و انى خلاص مبقاش ليا من النهاردة حياة …. قولها انى حبيتها … و قولها انها مش هتشوفنى تانى
و غادر سريعا دون ان يسمح لسفيان بالحديث او محاولة منعه و ايضا لم يأخذ رقم هاتفه … و لا يعلم ماذا عليه ان يفعل ان ذلك الموقف يذكره بموقف قديم … و هو يعلم من بيده حله لكنه لا يستطيع ان يطلب منها ذلك الان فهى فى حالة لا يرث لها
نظر اليها بين احضان مهرته التى تنئ عنه نفسها منذ ايام يرى نظرة حزن فى عيونها و تباعد بينهم لا يفهمه و ايضا ابتعادها عنه … وعدم ايجاد فرصة للانفراد بها فدائما هناك ما يشغلها … و دائما تدلف الى النوم قبله … و يالا العجب بالفعل تكون غارقة فى النوم
انتبه على صوت زين و فرح وهما يسألان عما حدث و عن زينة …. لتركض فرح الى غرفة ابنتها .. و وقف زين مكانه ينظر الى محمود و مريم و خديجه و من داخله الم قوى يعتصر قلبه على حالهم و ما حدث لمحمد
– هروح اطمن على زينة و جاى على طول
هز سفيان راسه بنعم و عاد ليقف بجانب محمود .
ظل عمر جالس فى الاسفل لم يستطع الرحيل يريد ان يطمئن على حالة محمد و ايضا يريد ان يعرف ماذا سيكون حال نزار … عليه ان يطمئن تلك المرة انه لن يسبب المشاكل لاحد و لو كان هذا اخر ما يقوم به
مر الوقت بطئ على الجميع … انهارت قوة مريم فطلب سفيان لها الطبيب الذى اعطى لها حقنة مهدئة و تم و ضعها مع زينة بنفس الغرفة و ظلت ملك وفرح بجانبهم
لم يتحرك محمود من مكان جلسته ارضا … حتى حين حضرت ندى و جوري … و ايضا لم يلتفت لاحد
خرج الطبيب من غرفة العمليات و التف الجميع حوله ليقول بابتسامة عمليه
– الحمد لله … كابتن محمد بخير
– وضح اكتر لوسمحت
تلك كانت كلمات محمود الاولى منذ ساعات ليقول الطبيب موضحا
– كان فى جرح قطعى فى اعلى الفخد الايسر .. و الحمد لله اقدرنا نتعامل معاه و ان شاء الله مش هيكون لها اى اضرار … فى كسر فى عضمه الفخذ الايمن لكن كسر الحمد لله بسيط و هيلتئم كمان ان شاء الله بدون مضاعفات … كمان كان فى جرح بجانب العنق و جروح متفرقه بالوجه بسبب تناثر الزجاج …. و كسر فى الذراع الايمن و كدمه قويه فى عظم الركبه
كان الجميع يشعر بالصدمة كل ذلك و فى بداية حديثه اخبرهم انه بخير و اذا لم يكن بخير فماذا سيكون حاله
– لما يخف ان شاء الله هيقدر يكمل لعب كوره و لا لا
قالها محمود مستفهما … ليجيبه الطبيب قائلا بعمليه
– مش هقدر أكد او انفى اى حاجة دلوقتى … كمان الحادثة كانت قوية جدا و لولا ان الكابتن محمد جسمه قوى كان ممكن تكون النتائج غير كده بالمرة … يعنى الشخص اللى اتسبب فى الحادثة مات
لتعلو الشهقات و ارتفع الهمس بالحمد لله … و الدعاء له بالشفاء … و كان هناك ايضا من يستمع لكلمات الطبيب دون ان ينتبه اليه احد …. و حين اطمئن ان كل شئ سيكون بخير غادر و هو يتخذ قراره ان لا عودة من جديد .. فالظلام يليق به
**********************
اوقف السيارة و ترجل منها لقد اخذ قراره عليه ان يبلغها الخبر بنفسه عليه ان يرى رد فعلها عليه ان يكون بجانبها دلف الى المبنى و توجه الى مكتب الدكتور فهمى مباشرة …. طرق الباب و دخل بعد ان سمح له فهمى بذلك و حين نظر الى من يقف عند الباب وقف سريع و هو يقول بترحيب
– اهلا اهلا يا فندم اتفضل
دلف أدهم و هو يقول بأبتسامة عملية
– اهلا بيك يا دكتور … اسف انى جيت بدون موعد بس انا ضرورى اشوف نور
انتبه فهمى لحديث أدهم و قال باهتمام
– هو فى جديد فى قضيتها انا معرفوش
ليهز أدهم راسه بلا و قال موضحا
– مش فى قضيتها لكن والدتها اتوفت
ليقطب فهمى حاجبيه بضيق و ظل صامت يفكر فى تأثير ذلك الخبر على نور … فهو لا يتخيل ماذا سيكون وفهم أدهم بما يفكر حين قال
– تمام … انا هستعد لاسوء الظروف
و هو يتوجه الى خارج الغرفه يطلب من الممرضه تجهيز حقنة مهدئة و تلحق به الى غرفة نور
توجه أدهم الى غرفة نور بصحبة فهمى … طرق فهمى على الباب عدة طرقات ثم فتح الباب و دخل ليجدها تقف امام النافذه كعادتها هادئة مبتسمة نظرت اليه ليقول بهدوء
– عاملة ايه النهاردة
– كويسة
اجابت بهدوء شديد …. ليقول هو من جديد
– معايا ضيف
نظرت اليه بأندهاش ليدخل أدهم و هو يقول
– ازيك يا نور
ظلت صامتة تنظر اليه … و عقلها يعيد اليها مشاهد متفرقة له … و بعض كلمات له تتردد داخل اذنها تذكرها ان ذلك الواقف امامها كان يهتم بها بشكل ما
اقترب أدهم خطوتان و هو يقول
– انت عارفة ان محكمتك بعد ثلاث اسابيع
هزت راسها بنعم ليقول بأستفهام
– خايفة ؟
لتهز راسها بلا مع ابتسامة هادئة …. ليبادلها الابتسامة و هو يقول
– طيب انا عايز ابلغك خبر و مش عارف اقوله ازاى
قطبت جبينها و هى تنظر اليه باستفهام مندهش لينظر هو الى فهمى ثم عاد بنظره اليها و قال
– البقاء لله
– مين ؟ّ!
قالتها ببعض القلق وخوف على شخص ساعدها دون غرض او سبب ليقول بحذر
– والدتك اتوفت
ظلت تنظر اليه دون تعابير و كأنها لم تسمع اى شئ ثم التفتت الى النافذة من جديد و قالت
– سراج مجاش النهاردة … معرفش ليه مش بيجى لما حد منكم يكون هنا
نظر أدهم الى فهمى بأستفهام و اندهاش ليرفع فهمى كتفيه بلا اعلم و اشر الى رأسه بما يعنى هلاوس ليعود بنظره اليها و قال
– نور انت سمعتينى انا قولت ايه ؟
نظرت اليه بصمت لعدة ثوانى تحولت نظراتها من السلام والهدوء الى غضب و كره شديد
– لجهنم و بئس المصير ….. ريحت و الدنيا نظفت لو كان ممكن كنت وزعت شربات
عاد خطوتان للخلف بسب ذلك الهجوم و التحول و لم تكتفى بذلك بل اقتربت منه خطوتان و هى تقول
– هو المفروض نزعل لما الشيطان يموت و لا هى كانت بنى ادمة المفروض نزعل عليها اصلا … دى عبدة جنس حقيرة … ضحت بكل حاجة علشان القرف اللى كانت عايشة فيه معاه … عايزنى اعمل ايه ؟
و قالت كلماتها الاخيرة بصراخ عالى … و وجهها يتحول من البرائه الى الوحشية و الحقد يكسوا عينيها ليقترب فهمى سريعا منها يكبلها بقوة …. و اقتربت محاسن وحقنتها بالمهدئ لتظل تنظر الى أدهم بغضب حتى اغمضت عينيها و سقطت فى الا وعى
وضعها فهمى و محاسن على السرير و ظل أدهم ينظر اليها و من داخله احساس كبير بالمسؤلية تجاهها يزيد و كأنها ابنته
**************************
رفض محمود بقاء اى احد معه و لكن زين و فرح سيبقيان من اجل ابنتهم التى مازالت تحت تأثير المهدئ و ايضا مريم … اقترب سفيان من محمود الذى يجلس على الكرسى القريب من غرفة الرعاية الذى تم نقل محمد اليها لا يتحرك و لم يتحدث سوى مرة واحدة بعد مغادرة الطبيب التفت الى خديجة التى كانت تبكى بصوت مكتوم و انتزعها من احضان مهيره ليضمها الى صدره بحنان اخوى …. و همس بجانب اذنها
– متخافيش محمد قوى و هيقوم احسن من الاول … ان شاء الله هيبقى كويس ان شاء الله
وظلت خديجة فى حضن اخيها لفترة طويلة حتى حضرت الممرضة و اخبرتهم انه قد تم نقل محمد الى غرفة الرعاية
– انا هروح اروح مهيره و خديجة البيت و هجيب اكل و راجع على طول
ليقف محمود ليقول بهدوء
– مفيش داعى يا عمو ارتاح …. حضرتك واقف على رجلك معانا من بدرى
ليربت سفيان على كتف محمود بأشفاق و قال
– مش هتأخر
و غادر من امامه و اخذ مهيره و خديجة ليعيدهم الى البيت بعد ان عاد ايمن وملك و اخذ حذيفة جوري و ندى و عادوا الى البيت ايضا
بعد قليل من الوقت انتبه محمود لعدم وجود عمر … و ايضا هو لم يعرف ماذا حدث مع الشرطه اخرج هاتفه ليتصل به ولكنه وجده مغلق … شعر بالاندهاش و لكنه قرر الانتظار قليلا و الاتصال به من جديد
وحين عاد سفيان اجبر محمود على تناول القليل من الطعام و اعطى زين و فرح ايضا … وجلس بجانب محمود الذى سأله مباشرة على عمر ليقص سفيان عليه كل ما حدث ليقطب محمود حاجبيه بضيق خاصة مع استمرار انغلاق هاتف عمر وظل صامت يفكر …… فالامر الان اصبح معقد و صعب
******************************
قبل ذلك بقليل كانت مهيره تجلس فى الكرسى الخلفى بجوار خديجة الغارقة فى النوم بسبب الارهاق و كثرة البكاء لينظر سفيان لها فى المراة الامامية و قال
– نامت
هزت راسها بنعم و اجابته بكلمة واحدة
– اه
ظل ينظر فى المرآة بأندهاش انها لم تنظر اليه و لو نظرة واحدة و لا يفهم السبب … ظل يحول نظره بين المرآة و الطريق و هى لم تنظر فى اتجاهه من الاساس
جين وصلوا الى القصر ادخلت خديجة غرفتها و عادت الى الغرفة لتجده جالس هناك هى لم تتخيل ان يظل هنا … توقعت ان يكون قد عاد الى المستشفى كما اخبر محمود … حاولت تجاهل الامر … و الدخول الى الحمام ليمسك يديها و يوقفها امامه و قال بشئ من العصبية
– ممكن افهم مالك … بقالك كام يوم متغيرة معايا هو فى ايه ؟
ظلت صامتة تنظر اليه ثم قالت و الدموع تتجمع فى عيونها
– مفيش حاجة … و سيب ايدى لو سمحت علشان اروح اخد الدواء بتاعى
ترك يديها و قال بعصبية
– هو انت لسه مأخدتيش دواكى كمان
ابتعدت عنه و هى تقول بهدوء شديد يصل حد البرود
– هاخده
و غادرت من امامه سريعا ظل واقف فى مكانه … يشعر بالذهول و الصدمة … منذ متى تتحدث معه مهيره بتلك الطريقة .. منذ متى باردة و غير مهتمة منذ متى لا ترتمى بين ذراعيه تحتمى من خوفها فى امان حضنه منذ متى هى تنئ بنفسها عنه …
خرجت من الحمام ترتدى منامتها و توجهت مباشره للسرير و لكنه اوقفها من جديد و هو يقول
– مالك يا مهيره من امتى فى بنا البرود ده … من امتى انت بعيدة عنى كده …. من امتى ؟
نظرت اليه و لم تتحمل اكثر لتنحدر تلك الدمعات التى كانت تحبسها داخل عيونها و قالت بألم
– انا بحاول ابعد عنك وجع القلب و الخوف و التعب … من زمان و انا كنت متاكدة انى عبئ كبير عليك و هيجى الوقت اللى هتتعب فيه من شيل الحمل الكبير ده … بس انا مفيش فى ايدى حاجه اعملها … ابعد عنك بيها كل المتاعب دى و لا ليا مكان اروحه علشان اريحك منى
صدمة ما يشعر به الان صدمة قوية … و من كثرة الذهول لم يجد كلمات تسعفه … فظل صامت ينظر اليها و مهيره القديمة ترتسم امام عينيه من جديد … مهيره الضعيفة المستسلمة الخائفة منه طوال الوقت التى كانت دائما تفكر ان عليها ان تقوم بعمل مفيد لتظل جواره مهيره التى كانت ترى نفسها دائما حمل ثقيل تعطف هو عليها و قرر حمله شفقة بها
و كانت هى تنتظر منه ان يقول اى شئ لكن صمته اكد لها كل ما تشعر به فلم تتوجه الى السرير بل تحركت لتغادر الغرفة لينتبه هو لها و اوقفها سريعا و الغضب و لاول مره يظهر جليا على وجهه وهو يقول
– تانى … تانى يا مهيره … انا تقوليلى الكلام ده .. بعد كل السنين اللى بينا دى و حبى الكبير ليكى ترجعى تقولى كده تانى
صمت حين انتبه لشهقاتها و هدئ غضبه فى ثوان و اقترب منه بحنان يحاوط وجهها بكفيه و اكمل قائلا
– هو انا المفروض اثبتلك انى بحبك كام مره ها … انا بقالى عشرين سنه بثبت …. عمرك ما كنتى حمل تقيل و عمرك ما كنتى تعب … ولو على الجملة العبيطة اللى قولتها بعد ما كنا عند الدكتور …. فأنا اسف و الله مش ده كان قصدى انا من كتر حبى فيكى نسمة الهوا لو عدت جمبك و طرفت عينك انا بتوجع ما بالك بقا بمرض و خطر .. اذاى متوجعش .. ازاى ما خافش … ازاى متعبش
ظلت تنظر اليه و الدموع تغرق وجهها ليضمها الى صدره بحنان رغم ذلك الالم الذى يشعر به داخل قلبه من تفكيرها و تباعدها عنه إلا إنها هى الان بحاجته أكثر … هى تريد الأمان و دائما و ابدا سيظل حضنه هو مرسى أمانها
شعر بها تهمس بشى … اخفض راسه حتى يسمعها جيدا ليصل الى مسامعه همسها الذى ربت على جروحه
– أنا و الله بحبك و بخاف فى بعدك و زعلك بيخوفنى .. و بعدك عنى بيحسسنى انى تايهة … انا أسفة يا سفيان أسفة
ليشدد من احتضانه لها و هو يهدئها و همس بجانب اذنها
– و أنا كمان بحبك .. و هفضل أحبك لحد ما أموت و بعد ما أموت كمان
لتنتفض بين ذراعيه و وضعت يدها فوق فمه توقف سيل كلماته و هى تنظر اليه بلوم وتهمس (( بعيد الشر )) ليقبل اطراف اصابعها و هو يقول
– اخدتى دواكى
هزت راسها بنعم … ليبتسم وهو يسير بها ليضعها بالسرير و دثرها جيدا و قبل جبينها ثم عينيها ليتذوق ملوحة دموعها التى حرقت قلبه ثم اخذ شفتيها بقبلة طويلة و قوية و همس بمرح
– بحبك يا همي الكبير
لتضحك بخجل .. ليقبل جبينها من جديد بحب و غادر بعد ان تاكد من نومها

مر يومان لم يفق محمد بعد من تلك الغيبوبة التى وضعه بها الاطباء حتى لا يشعر بالالم الشديد الذى يمر به جسده …. لكن الطبيب قد طمئنهم انه بخير و ما يمر به طبيعى جدا
حين فاقت زينة اول شئ قالته محمد .. و لم يصدق زين و فرح نفسهم حين سمعوا صوتها الذى حرموا منه منذ سنوات فلقد فقدت صوتها بسبب حادث بشع و عاد صوتها بسبب حادث بشع ايضا
لم تهدء حتى ساعدها والدها و اخذها لترى محمد … وقفت امام النافذة الزجاجية تنظر اليه وهو موصول بالاجهزة و الضمادات تحاوطه من كل مكان لتنحدر دموعها متلاحقة خلف بعضها البعض ثم نظرت الى والدها و قالت برجاء ما جعل الدموع تتجمع فى عيون زين و هو يستمع الى صوت ابنته و لاول مرة بكلمات الرجاء و التوسل
– ارجوك يا بابا عايزة ادخله … لو سمحت يا بابا علشان خاطرى
ليضمها زين بحنان ابوى و هو يقول
– حاضر يا قلب بابا .. حاضر
ثم ربت على كتفيها و تحرك ليذهب الى الطبيب … اقترب محمود منها و هو يقول بحنان و ابتسامة حزينة
– متخافيش يا زينة محمد قوى و هيقوم منها … و بعدين هو لما يعرف انك اتكلمتى بسبب الحادثة هيندم انه معملش حادثة من زمان
ضحكت رغم دموعها و نظرت اليه بتوسل و قالت
– بجد يا ابيه .. محمد هيقوم و يكون كويس
ابتسم بحنان لكلمه ابيه ثم قال
– اكيد هيقوم انا واثق فى ربنا جدا
حينها حضر زين بصحبة الممرضة و قال بابتسامة
– روحى معاها يا زينة
لتهز راسها بنعم و تحركت مع الممرضة و البستها الثياب المناسبة و دخلت اليه ….. ظلت واقفة عند الباب لنصف دقيقة تنظر اليه و دموعها لا تتوقف عن الهطول لا تتخيل ما حدث و ذكريات تلك الحادثة البشعة تتكرر امام عيونها
اقتربت منه و ظلت واقفة تنظر الى جسده بالكامل تلك الجبيرة التى تلف ساقه الأيمن و تلك الضمادة حول فخذه الأيسر و تلك الجبيرة حول يده اليمنى و جروح وجهه و عنقه لتجلس على ركبتيها ارضا تمسك اطراف يديه و قبلتها برفق خشيه من إيلامه
كل ذلك تحت نظرات زين و محمود المشفقة …. همست بهدوء
– محمد ……. محمد انت سامعنى
صمتت لثوانى ثم قالت
– قوم يا محمد علشان تسمع صوتى …. قوم علشان آنادى عليك بإسمك و ترد عليا … قوم علشان اتكلم معاك و نتناقش فى كل حاجه … قوم علشان عندى كلام كتير أوووى عايزه اقوله ليك كلام محبوس جوايا من سنين
صمتت لثوانى و هى تمد يديها تمسح بها فوق جبيره ذراعه و اكملت قائلة
– رغم حزنى و المى و وجع قلبى على اللى انت فيه بس انا فرحانه اووى انى اتكلمت ان صوتى رجعلى … علشان متكنش خطيبة كابتن محمد عادل معيوبة …. و مش لايقة عليه
صمتت لثانية واحدة و اقتربت أكثر لتهمس بالقرب من اذنه
– قوم يا محمد قوم … قوم علشان امشى جمبك و احط ايدى فى ايدك قدام كل الناس .. و تعرفنى على كل اصحابك بفخر و سعادة
صمتت لثوانى و كادت ان تنحنى مره اخرى لتقبل اطراف اصابعه … ليأتيها صوته الواهن و هو يقول
– انا ديما فخور بيكي … بس من دلوقتى ممنوع تتكلمى قدام اى حد … علشان مدخلش السجن
لتنظر اليه بصدمة و عدم تصديق و وقفت سريعا تنظر الى عينيه الذى يحاول فتحها بصعوبة و قالت بسعادة
– محمد انت صحيت … صحيت يا حبيبى … حمدلله على سلامتك يا محمد
– احلى محمد سمعتها فى حياتى ياريتى عملت الحادثة دى من زمان انا لما هخرج من هنا هبوس اللى عمل الحادثة
قالها محمد بأبتسامة صغيرة مرهقة لتقول هى سريعا
– هخرج اطمن ابيه محمود ده بقالوا يومين قاعد قدام اوضتك لا اكل و لا شرب و لا نام
و خرجت سريعا ليرفع عيونه نحو النافذة الزجاجيه ليلمح وجه أخيه المرهق و القلق ليشعر بسعادة ان له أخ كمحمود يستطيع ديما الإعتماد عليه … اخبرتهم زينة انه قد فاق و نادى زين للطبيب الذى دخل فورا له و بعد قليل خرج و طمئنهم انه قد اصبح بخير و سوف يتم نقله الى غرفة عادية ليتنفس الجميع الصعداء
*********************
كانت مريم خلال هذين اليومين جسد بلا روح جالسه مكانها صامته لا تستجيب لكلمات اى شخص معها حتى محمود لم تشعر بغياب عمر وكأنها فى عالم آخر تتذكر فقط الحادث و كيف كان حال أخيها و الدماء تغرق جسده و وجهه
اقتربت زينة منها و جلست بجانبها و قالت بسعادة
– محمد فاق يا مريم …. محمد رجع لينا بالسلامة
نظرت مريم اليها و الدموع بين عينيها و قالت
– الحمد لله … هروح انا بقى
و وقفت لكى تغادر فامسكت زينة بيديها و هى تقول
– انت رايحة فين مش هتروحى تشوفيه و تطمنى عليه
نظرت مريم اليها بحزن و ابعدت يدها الممسكة بذراعها و قالت
– انتوا جمبه …. كفاية
و غادرت من فورها و الدموع تغرق و جهها لتشعر زينة بالصدمة و الخوف و عدم الفهم و لكنها قررت الذهاب الى محمود و اخباره بما حدث
*********************
وصلت مريم الى البيت فى نفس الوقت التى كان تغادر خديجة منه وقفت امامها و قالت بسعادة
– محمد عامل ايه دلوقتى طمنينى عليه انا نفسى أطير و أروح له
كانت مريم تنظر إليها بلا تعابير و كأنها جسد بلا روح و قالت
– معرفش انتِ رايحة اهو و هتعرفي بنفسك
و تركتها و غادرت لتقطب خديجة حاجبيها بإندهاش و حيرة ثم غادرت لتصعد الى السيارة التى ارسلها معها سفيان
دلفت مريم الى غرفتها و اغلقت الباب جيدا و القت بنفسها على سريرها تبكى بصوت عالى تخرج كل ما بداخلها من خوف و قهر … خوف كان يخنقها و يكاد يقتلها … وحدة مؤلمة وهى تتذكر غياب عمر عنها فى ذلك الوقت و خاصة ان الفاعل و المتسبب فى الحادث هو نزار … احساس كبتته داخل صدرها و لم تستطع اخراجه …. ظلت على حالها حتى تعبت و ثقلت جفونها و غفت و دموعها تغرق وجهها
*************************
مر اسبوع كان محمد يستعيد صحته شئ فى شئ .. و لكن مريم لم تذهب اليه و لو مرة واحدة و لم تخرج من غرفتها فى الأساس … فحسم محمود امره ان يتحدث معها خاصة و هو لا يستطيع الوصول الى عمر …. تذكر بعد أستعادة محمد وعية بيومان قرر الذهاب اليه و ترك عند محمد زينة و ميهره و خديجة و ذهب الى بيته ظل يطرق على الباب دون رد ليغادر … و بعد يومان عاد من جديد ولكن نفس الشىء لم يجد رد … لا يوجد مفر الان لابد ان يتحدث معها و يفهم لما تلك الحالة التى تتلبسها
طرق بابها فلم يجد رد ففتح الباب و دخل ليجد الغرفة غارقة فى الظلام … ضغط زر الاضائة ليجدها تجلس فى منتصف السرير تستند برأسها على ركبتيها تنظر الى الامام دون ان يرف جفنيها اقترب بهدوء و جلس امامها لم تتحرك و لم تنتبه له ظل جالس امامها لعدة دقائق لم تتحرك و لو حركه بسيطة تدل على احساسها بوجوده …. ليربت على قدمها فنظرت اليه بعيون خاوية فقال هو باستفهام
– لحد أمتى هتفضلى على الحال ده ؟ و ليه ؟ محمد و الحمد لله عدى مرحلة الخطر و ان شاء الله كلها فترة صغيرة و يبقى أحسن من الأول …. لا و كمان خلصنا من نزار الى كان مخوفنا عليكى و بعدك عن عمر
– عمر و هو فين عمر … عمر سابنى فى أكتر وقت محتاجاه فيه و أختفى
قالتها بغضب و ضيق شديد …… ليقول هو بهدوء رغم ضيقه
– انتِ السبب
قطبت حاجبيها بعدم فهم و قالت بأندهاش
– انا السبب … ازاى يعنى مش فاهمة … انا اللى قولتله يتخلى عنى و يسيبنى فى اصعب وقت محتاجاه فيه
– ايوة انتِ … لما تقولى ان هو السبب فى اللى حصل لمحمد .. و ان تمسكك بيه هو اللى خلى أخوكى فى الحاله دى … و ان مجهودك فى خروج عمر من ظلمته تمنه أخوكى يبقا عايزه منه إيه
قال محمود موضحا ببرود … وكانت هى جاحظة العينين بصدمة و بدء التوتر يظهر على ملامحها ليقف محمود و هو يقول
– و لمعلوماتك من وقتها انا معرفش عن عمر اى حاجه خالص ومش موجود فى بيته
لتقف سريعا و اقتربت من محمود و امسكت يده و هى تقول برجاء
– يعنى ايه مش لاقيه … يعنى ايه مش موجود فى بيته راح فين ؟
ظل محمود صامت لعده ثوان ثم قال
– معرفش يا مريم حقيقى معرفش .. بس اوعدك مش هبطل أدور عليه …. بس انتِ لازم تخرجى من الحاله دى بقا محمد نفسه يشوفك و زعلان منك
هزت راسها بنعم و قالت
– حاضر هروح له … هو كمان واحشنى اوووى و نفسى اضمه و اطمن عليه
ربت على كتفها … ثم تحرك خطوتان للخلف و نظر اليها و قال
– فكرى لما نلاقى عمر هتصلحى اللى حصل ده ازاى
لتجلس مكانها لشعورها ان قدميها لم تعد تحملها … و انحدرت تلك الدموع و هى تشعر بخوف حقيقى تلك المرة
و كان هو يفكر كيف يثأر لأخته هو حقا يتفهم موقف عمر لكن ايضا مريم لم تكن فى وعيها
*****************************
بعد مرور شهر …. كانت تقف امام النافذة كعادتها لكن اليوم مختلف تماما اليوم عادت من المحاكمه بعد ان تم الحكم عليها بإيداعها مستشفى الأمراض النفسية و العقلية ….. هى لا تعلم بماذا تشعر الآن هل هى حزينة لعدم إصدار الحكم التى تمنته وهو الإعدام و لم تستطع الذهاب لأخيها و والدها ام تشعر بالسعاده لانها عادت الى هنا من جديد حتى تظل مع سراج
ابتسمت عند تذكرها له فكم هو مرح و خفيف الظل دائما يجعلها سعيده مبتسمه …. و كأنه خرج من افكارها لتجده يقف امامها يبتسم ابتسامته المعهودة و هو يقول
– انتِ رجعتي تاني ؟!
لتبتسم بسعادة و هى تقول
– اه رجعت … شفت بقى
ليقول هو بغروره المعهود
– اه شفت و مستغرب
ثم قفز ليجلس على حافة النافذة و أكمل قائلا
– بس تعرفي انا مبسوط أنك رجعتي … حقيقي كنت هزعل اوووى لو مشيتي
جلست هى الاخرى على حافة النافذة و قالت بأبتسامة حزينة
– كان نفسى اروحلهم بس هعمل ايه القاضى مرضيش …. شاف انى استاهل افضل عايشة و اتعذب أكثر و أتعب أكثر
– و أنا روحت فين … أنا موجود علشان اخلى دنيتك أحلى و على طول ضحكتك منورة وشك
لتضحك بصوت عالى و هى تقول
– نفسى اعرف جايب الغرور ده كله منين ؟!
ليضحك بصوت عالي و هو ينظر اليها بغرور و قال
– يا بنتى ده مش غرور دي ثقة …. انا عارف قيمة نفسى كويس فى حياتك و حياة الناس
لترفع حاجبيها بأندهاش … و ضحكت بصوت عالى
و فى نفس الوقت كان الدكتور فهمى يقف عند الباب ينظر اليها باندهاش و هى تتحدث الى نفسها بحوار كامل مع شخص من خيالها … ليظهر الضيق على ملامحه … فحالتها لا يوجد فيها أمل للعوده الى طبيعتها من جديد للاسف و ظهر هذا بعد رد فعلها لموت والدتها و كأنها لم تسمع به من الأساس و الآن تعيش مع أشخاص خيالية من نسج خيالها بعيد عن الواقع
صحيح تكفل أدهم برعايتها و توفير كافة احتياجتها بما يتناسب مع فترة سجنها داخل المستشفى التى و للاسف و بالتقارير الطبية ستظل بها طويلا
***********************************
كان يقف بجانبها ينظرون الى و لده و زملائه بفخر و سعادة كبيرة فاليوم يصبح ولده ضابط شرطة يفتخر به و يحقق به حلمه القديم الذى لم يستطع اكماله بسبب الإصابة القديمة
و كانت جوري تقف بجانبهم تشعر بفخر و سعادة فذلك الرجل صاحب الهيبة المميزة هو خطيبها و زوجها المستقبلي
و كان كل من ادم و راجح يشعران بفخر كبير و سعادة فحلمهم لم يعد بعيد و اصبح فى متناول يديهم نظر كل منهم الى بعضهم بسعادة و غمز كل منهم الى الآخر
و فى نفس الوقت كانت تقف مودة و اخيه هناك يشاهدون احتفال تخرجه بسعادة كبيرة … و ظل اخيه يصفق بسعادة كبيرة حين كان يتم تكريم راجح فإنه اليوم يوم عيده و تخرجه اليوم أصبح ضابط شرطة يفتخر به
و حين انتهت المراسم كان استقبال سفيان لأدم سعيد مبتهج … غمره بحضنه وربت على ظهره بسعادة و فخر و حين ابتعد عن احضانه نظر الى والدته و وقف انتباه و القى التحيه العسكريه و هو يقول
– ملازم ادم سفيان صفوان الحديدى فى خدمتك يا فندم
لتدمع عينى مهيره بسعادة كبيرة و فتحت ذراعيها له لينحنى و يضمها الى صدره و رفعها عن الارض و دار بها بسعادة كبيرة و حين انزلها ارضا
ربتت على كتفه بسعادة و رضا ليقبل يديها بأحترام و يد والده …. ثم نظر الى جوري و غمز لها لتبتسم بسعادة ليقترب منها و قال بمرح
– خلاص بقيت ظابط بحق و حقيقى … و هظبتك
لتضحك و هى تقول بدلا
– حاضر يا حظابط
ليضحك بإستمتاع و هو ينظر فى أتجاه صديقه الذى انحنى يقبل يد أخيه بإحترام و خلع كابه و وضعه فوق رأس أخيه الذى ابتسم بسعادة كبيرة و ربت على كتفه برضى
ثم اقترب من مودة و ضمها بسعادة و هى بدأت بالنظر اليه و الى بدلته و قالت
– خلاص ربنا حقق حلمنا الأول … عقبال حلمنا التانى
لينحنى يقبل أعلى راسها و هو يقول
– قريب ان شاء الله يا مودتى
**************************
كان يجلس هو و والديه فى بيت الأستاذ عبد الرحمن بعد ان اهلكته بلسم فى المماطلة فى تنفيذ طلبه … كان يتناول كأس الشاى و والده يتحدث مع والدها فى مواضيع شتا و كان عقله يسبح فى ذكريات تلك الايام فبعد ان طلب منها الزواج امام زملائها و تحديد موعد مع والدها …. تغيبت عن العمل لمدة ثلاث أيام و حين عادت … تعمدت ان لا تظهر امامه .. لكنه لم يترك لها المجال .. بل قرر كسر ذلك الصمت الرهيب و تباعدها عنه و طلبها فى مكتبه و حين وقفت امامه كانت مقطبه الجبين و يبدوا على ملامحها الضيق ليقف امامها هو الاخر مقطب الجبين عابس و هو يقول
– فى واحدة تيجى تقابل خطيبها
– خطيبها
قاطعته بعصبيه ليقول هو بمرح ايضا
– بعتبار ما سيكون …. و بعدين متقطعنيش تانى و سيبينى اكمل كلامى
لوت فمها بضيق ليكمل هو قائلا
– فى واحده تقابل خطيبها بعد غياب ثلاث ايام مكشرة كده
ظلت صامتة تنظر اليه بضيق ليكمل هو كلماته
– ها هاجى أقابل بابا أمتى ؟
– هو أنت كنت بتتكلم بجد؟!
قالتها باستفهام مستنكر ليرفع هو حاجبه بتعجب و قال
– اومال كنت بهزر .. أعرفك منين علشان أهزر معاكى و بعدين بابا و ماما ديما ديما يقولولى متهزر مع حد متعرفوش
كانت تنظر اليه بتعجب لينحنى و يقرب و جهه من وجهها و كأنه سيقول سر خطير
– اصلهم بيخافوا عليا للناس الوحشين يخطفونى
لتبتسم دون إرادتها ليقول لها بسعادة
– ايوه كده النبي تبسم
و فجأة تحول و جهه و قال بجدية
– ها حددتى الميعاد و لا لسه ؟
لم تتحدث و ظلت تنظر اليه و هو يبادلها النظرات بالنظرات حتى قالت
– انت عايز منى ايه ؟
– دى تانى مرة تسالينى السؤال ده … المرة اللى فاتت جاوبت بصراحة على نص السؤال .. المرة دى هجاوب بردوا بصراحه
صمت لثوانى كانت هى تنظر اليه بتحدى ليبتسم ابتسامة صغيرة و قال
– اول مره شفتك كنت كاره الدنيا و الناس … كنت شايف الدنيا سودا مفيش فيها حاجة حلوة كنت خارج من قصة حب من طرف واحد او كنت فاكر انها قصة حب … و اول ما شفت عينك حسيت انى روحي بتتسحب مني و قلبى اتحرك من مكانه … حسيت انى محتاج اعرفك .. اعرف انتِ مين و اقرب منك .. كنت عايز اعرف اسمك باى شكل … و لما عرفته فهمت انا ليه انجذبت ليكى لأنك بلسم لجروحي الى كنت مجرح نفسى بيها .. بلسم … اسم على مسمى … مش هقول انى بحبك لان الكلمه دى كبيرة ومش لعبة تتقال .. هقول انى معجب بيكى حد اليقين اللى يخلينى محتاجك فى حياتى …. هقول انك بقيتى شئ مهم جدا فى حياتى و ان يومى من غيرك ناقص كتير
صمت لثوانى يتابع تعابير و جهها التى يرتسم عليها الذهول و عدم التصديق ثم قال بأبتسامته التى تخطف روحها
– يا ترى الأجابة دى كافية بالنسبة ليكى
رمشت عدة مرات حتى تخرج من تأثير كلماته التى اسرت قلبها و عقلها و روحها و هزت راسها بلا معنى ثم قالت بعد معاناه لايجاد صوتها …
– ممكن بس تدينى فرصة افكر
ليهز راسه بنعم و قال بأبتسامه
– ممكن بس لو سمحتى مطوليش عليا
لتهز راسها بنعم … و ها هى بعد شهر من ذلك الحديث و اخيراً حددت له موعد مع والدها
فى تلك اللحظه دلفت هى و بين يديها أكواب العصير …. تنظر أرضاً بخجل لتقترب منه ميما و هى تقول
– مبروك عليك يا حبيبى … عروستك زى القمر عرفت تنقي
ليبتسم بسعادة حقيقة رغم حزنه على نور التى لم و لن تكون فى يوم ما فتاة طبيعية .. تستطيع ان تعيش الحياة
لينتبه لكلمة والده
– نقرأ الفاتحة
لينظر الى بلسم بابتسامه و تسعه و غمز لها بشقاوة لتخفض راسها بخجل و اصبحت الآن بلسم عروس صهيب جواد الهاشمى

يتبع..

لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا

لقراءة باقي حلقات الرواية اضغط على : (رواية جاريتي 3)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *