روايات

رواية تناديه سيدي الفصل الرابع 4 بقلم شيماء الجريدي

 رواية تناديه سيدي الفصل الرابع 4 بقلم شيماء الجريدي
رواية تناديه سيدي البارت الرابع
رواية تناديه سيدي الجزء الرابع

رواية تناديه سيدي الحلقة الرابعة

قصر زيدان السيوفي)
بعد مرور عدة أيام تعافى زيدان تماما من آثار الحمى واسترد صحته ،جلس ليعمل فى حجرة مكتبه واذا   بزينة تتسلل على أطراف أصابعها الصغيرة  وهى تحرص على ألا تصدر أى صوت ، لاحظ زيدان  وجودها و تظاهر بانهماكه ف العمل واقتربت من اذنه أكثر وهى تصدر صوتا مخيفا ولكن بطريقة طفولية مضحكة تظاهر زيدان  بالفزع لتقوب زينة بمرح
-خوفتك يابابي  (ليحملها على قدميه كما يفعل دوما ويقول لها )
-كدة بردو يا عفريتة بتخوفي بابي طب تعالي بقى
 وبدأ يدغدغها وهى تصرخ ضاحكة
-كفاية يا بابي كفاية ههههههههه
 وقبل أن ينزلها الى الأرض ويعفو عنها طلب منها أن تعده ألا تفزعه مرة أخرى و تقاطعه عن العمل قبلها قبلة كبير على جبينها الصغير وهى تعده أنها لن تعيدها مرة أخرى وقبل أن تخرج زينة لحق بها أخيها وهو يقول لوالده
-شكلك نسيت وعدك لينا يا بابي
-لا ياحبيبي مانسيتش ولا حاجة أخر الأسبوع ده هنطير على شرم وهنقضي أحلى أجازة ف الدنيا .
تسابق الأطفال لتقبيل والدهم شكرا له وركضا ليزفا الخبر لشمس والتى أبدت سعادتها لسعادة الأطفال .
(شركة زيدان السيوفي)
جلس زيدان وحسام في غرفة الإجتماعات مع مجموعة من الموظفين لمناقشة بعض الأعمال وتحدث زيدان قائلا:
-ها يابشمهندس أحمد أخبار مشروع مدينة الزهور إيه
-خلاص يافندم الشغل في أغلب الوحدات إنتهى  وحاليا في مرحلة التشطيب وبإذن الله هنبدأ تسليم الوحدات لأصحابها في ميعادها
-تمام جداا أنا مسافر شرم بعد كام يوم وهفضل هناك أسبوعين تلاتة أهو يبقى منها أجازة ومنها أتابع الشغل في  القرية السياحية وأشوف وصلوا لحد فين
-تمام يافندم ترجع بالسلامة إن شاء الله
-متشكر جدا وحسام  مكاني طبعا في أي حاجة تخص الشغل هو طبعا شريكي ومعاه كل الصلاحيات
-إطمن يا زيدان كل حاجة هتمشي في غيابك كأنك موجود
-أنا متأكد من ده طبعا يا حسام، تقدروا تتفضلو  انتوا دلوقتى وان شاء الله هكون على اتصال دائم معاكو
بعد انصراف الجميع غمز حسام بمرح وقال :
-الله يسهلو ياعم هتروح شرم بقى وتهيص مع الموزز وهتبقى مليطة
-يا أخى إحترم سنك وإكبر بقى ، وبعدين من إمتى وأنا ليا في الهبل ده
-أه صدق نسيت صح طول عمرك قفل وفقري ومش وش نعمة
-طب لم لسانك بقى بدل ما أقطعهولك
-وعلى ايه الطيب أحسن أنا كنت عايز مصلحتك يا زيدا شوفلك كدة حتة طرية تقضي معاها الأجازة أهي تطلعك شوية من الهم اللى انت فيه ده
-لا ياعم أنا هقضي كل الوقت مع ولادي ، صدق انهم معايا في بيت واحد ومع ذلك بيوحشوني أنا ع طول مشغول وبعيد عنهم
-ياسلام وكدة بقى انت هتبقى معاهم انت لسة قايل بنفسك انك هتتابع مشروع القرية السياحية الي في شرم يعني بردو هتشتغل
-لا أنا مظبط كل حاجة ماتقلقش
-ماشي ياباشا أجازة سعيدة ان شاء الله
-ربنا يخليك يا حسام معلش أنا بقالي فترة متقل عليك
-عيب عليك إحنا اخوات ولازم نشيل بعض
-تسلم يا صاحبي
وفي نهاية الأسبوع اصطحب زيدان  الأولاد  ومعهم  شمس فى سيارته الفارهة ، جلس زياد بجانبه فى المقعد الأمامى ، زينة وشمس بالمقعد الخلفى ظلت الأخيرة صامتة طوال الطريق بينما الأطفال لم يتوقفا عن اللعب والثرثرة وفى منتصف الطريق أعلنت زينة أنها تتضور جوعا وانضم إليها زياد فهو أيضا يشعر بالجوع توقف زيدان  عند أول استراحة قابلتهم على الطريق وقال لهم :
– يلا ننزل عشان ناكل يا ولاد بس بسرعة عشان نلحق نوصل قبل ما الليل يدخل علينا
 نظرت شمس لملابسها المتواضعة وهى تفكر كيف ستجلس فى مكان كهذا لا يرتاده سوى الأغنياء حتما سينظر لها الجميع بتعالي و ستشعر بالضآلة بينهم
استجمعت شجاعتها وقالت :
-شكرا يا فندم أنا مش جعانة إتفضل حضرتك مع الولاد وأنا هستنى في العربية
-أوك يلا بينا ياولاد
 ترجل زيدان من السيارة ولكن رفض الطفلان الإنضمام إليه وقالا في حزن :
-خلاص يا بابي إحنا مش جعانين
ابتسم زيدان وقد فهم السبب المفاجئ في تغيير رأيهما وقال :
-أوك براحتكم أنا بقى هروح أكل
تركهم وذهب وعاد بعد قليل وهو يحمل أكياس كثيرة مليئة بالطعام والعصائر والحلوى وصعد إلى السيارة وهو يقول
– أنا قولت ناكل وإحنا ماشيين أحسن عشان مانضيعش وقت يلا كل واحد ياخد الكيس بتاعه وياكل قبل الساندويتشات ماتبرد
-ثانكس يابابي (قالها زياد وزينة)
بينما قالت شمس بخجل وبصوت يكاد يسمع
-شكرا يافندم
 نظر لها فى مرآة السيارة و اكتفى بإيماءة بسيطة من رأسه لا تدري لما تصيبها نظراته بالخوف والارتباك
خفضت عينيها سريعا وبدأت فى اطعام زينة حتى لا تتسخ ملابسها التفت اليهم زياد وهو يقول بنبرة ساخرة
-ممكن تاكلى بقى ياشمس وتسيبي البرينسيس زينة تاكل لوحدها هي دى أشطر حاجة بتعرف تعملها أصلا
-إنت متغاظ عشان شمس لسة بتأكلني  وأنت لا (أخرجت له لسانها)
ابتسمت شمس لحديثهما الطفولى وقالت :
 -وبعدين يا حلوين مش قولنا ماينفعش نتكلم وإحنا بناكل
كل هذا  وزيدان  يراقب  بصمت  و سعادة .
 بعد مرور ساعتين توقفت السيارة أمام مبنى غاية فى الروعة والفخامة وأخبرهم زيدان  أن هذا هو الفندق الذي سيقيمون به طوال فترة العطلة مرة ثانية شعرت شمس بالضآلة فملابسها غير لائقة اطلاقا لدخول مكانا كهذا  فكيف تكون الاقامة به تسلل الحزن الى نفسها ولكنها حاولت  أن تظهر العكس وهى تترجل من السيارة وتساعد زينة . أمسكت بأيدى  الأطفال وسارت خلف زيدان  والذى كان يتعامل بمنتهى البساطة نظرا لاعتياده على ارتياد مثل هذه الأماكن الفخمة والتي لم تكن هي تحلم حتى بالمرور من أمام ابوابها . وقفت زينة مع الأطفال تنتظر أن ينهي زيدان إجراءات الإقامة بالفندق ولاحظت نظرات بعض النزلاء والعاملين لها وكأن لسان حالهم يقول ماذا تفعل تلك الفقيرة هنا ، تلألأت الدموع بعينيها وبينما كانت على وشك البكاء عاد اليهم زيدان ليتوجه بهم الى المصعد لاستلام غرفهم حتى ينالوا قسطا من الراحة فالطريق كان طويلا والجو حارا والأطفال قد أصابهم الارهاق .
 قام زيدان بحجز جناحا فخما يضم غرفتين متجاورتين يفصل بينهما بابا داخليا وخصص لشمس وزينة إحدى الحجرتين وهو وزياد فى الحجرة الثانية و بعد أن أعطاها التعليمات اللازمة طوال فترة الإقامة بالفندق أمسك بيد زياد وذهبا لينالا قسطا من الراحة فأمامهم ليلة حافلة تنفيذا لرغبة زينة بقضاء أول ليلة من العطلة في مدينة الملاهي
ظلت شمس جالسة على الفراش وعيناها معلقة بالباب الذي يفصل حجرتها عن حجرة سيدها فلأول مرة تكون بهذا القرب منه كم تخشاه وتخشى غضبه وأخيرا داعبها النوم واستلقت بجانب زينة ،التي غادرت إلى عالم الأحلام منذ برهة
و بعد عدة ساعات استيقظت على صوت طرقات أتية من الباب الفاصل بين الحجرتين  وسمعت صوت زياد من خلفه قائلا:
-ممكن أدخل يا شمس
ارتدت حجابها سريعا خشية ألا يكون بمفرده وقالت
-أدخل يا زياد
-انتو لسة نايمين ولا ايه يلا هنتأخر كدة
-حاضر دقايق بس اصحى زينة والبسها  بس لما ترجعو بقى تبقو تحكولى عملتو ايه
-ونحكيلك ليه انتى هتيجى معانا ،أه صح نسيت أقولك ثواني كدة (عاد زياد لحجرته ورجع بعد قليل يحمل أكياسا كثيرة)بابي قالي دول عشانك
لم تصدق شمس نفسها عندما نظرت بداخل الأكياس فقد أحضر لها سيدها ملابس أنيقة وغالية وأحذية وحقائب وأغراض نسائية كثيرة
كانت المرة الأولى التى يحضر لها أحدهم شيئا كانت سعيدة ومضطربة فى نفس الوقت
الا أن كبريائها أبى عليها أن تقبل شيئا كهذا فهي عاملة وتقبض راتبا وليست شحاذة لتقبل ملابسا ليست من مالها الخاص شعرت بإهانة كبيرة وطعنة نافذة في كرامتها ولكن من أين لها بالقوة لكي تتجاسر وتقف أمامه معلنة رفضها لهديته وهي لا تأمن ردة فعله والتي حتما ستكون قاسية فهي تعلم جيدا أنه لا يحب الظهور مع فتاة مثلها بملابسها المتواضعة والتي تعلن بوضوح عن مستواها الاجتماعي والمادي ، فطن لها زياد وكأنه سمع مايدور برأسها فسألها في ترقب قائلا
– عجبتك الحاجات يا شمس
– جميلة اوي ياحبيبي بس انا ماقدرش اقبل من زيدان بيه حاجة زي دي يا زياد
– أنا الي طلبت من بابي ننزل نجيبلك هدوم جديدة عشان أنا عارف انتِ مارضيتيش تنزلي معانا الاستراحة ليه ، أنا شوفتك لما كنتِ  بتبصي على هدومك  وأنا بحبك أوي وعايزك تبقى أشيك وأحلى واحدة في شرم كلها
– كدة بردو يا زياد كان المفروض تاخد رأي الأول
– بس دي هدية أخد رأيك في هدية ازاي وبعدين فاكرة زمان لما قولتيلي انك زي مامي فيها ايه لما اجيب هدية لمامتي
ابتسمت شمس بامتنان لهذا الرجل الصغير كم تحبه وتعشق ذكاؤه  وفطنته الي تسبق سنوات عمره القليلة ، نظرت له والدموع تتلألأ في عينيها العسليتين
– هدية مقبولة يا سوبر زياد
نظر لها بسعادة ثم ارتمى بين ذراعيها ولثمها على خدها قائلا
– طب يلا بسرعة بقى أحسن بابي هيحبسنا في الاوتيل لو اتأخرنا عليه أكتر من كدة
 بعد أن انتهت من تصفيف شعر زينة ومساعدتها في ارتداء ثوبا زهريا رقيقا يناسب طفلة في مثل عمرها بدأت هى أيضا فى ارتداء ملابسها اختارت ثوبا رقيقا فضفاضا يمزج بين اللونان الأبيض والأسود وحجابا أبيض أظهر جمال عينيها المكحلتين
وحذاءا رياضى أبيض وحقيبة بسيطة ولكن غاية فى الأناقة نظرت الى نفسها فى المرآة ولم تصدق نفسها فقد أصبحت كالأميرات نظرت لها زينة بإعجاب وهى تقول :
-وااااو انتي حلوة أوي ياشموسة أنا مبسوطة أوووى إنك هتيجي معانا الملاهي
-مفيش أحلى منك ياقلبي إنتي ، عارفة يا زينة دى أول مرة هروح فيها الملاهي
انتبهتا على صوت طرقا منتظما على باب الحجرة لتجد زياد يحثهما على الذهاب قبل أن ينفذ صبر والده هبط ثلاثتهما إلى بهو الفندق لتجد زيدان كما لم تراه من قبل يرتدي ملابس غير رسمية ولكن غاية في الأناقة وحذاء رياضيا فبدى أصغر عمرا وأكثر وسامة كان ينتظرهما بالأسفل وما إن إقتربت منه اشتعلت وجنتاها بحمرة الخجل مما زاد وجهها البرئ جمالا و همست شمس بصوت مرتبك خجول
-بعتذر عن التأخير يا زيدان بيه وشكرا على الحاجات الى حضرتك وزياد جيبتوعا عشاني
-يلا عشان مانتأخرش
قالها بغضب غير مفهوم وقد تجاهل  عبارتها مما ضاعف شعورها بالخجل  واصطحبهم الى السيارة وانطلق في طريقه إلي مدينة الملاهي .
 لم تتخيل شمس أنها ستقضى يوما رائعا كهذا أبدا فقد شعرت وكأنها عادت طفلة صغيرة مرة أخرى ضحكات زياد وصرخات زينة المرحة ملأت الأجواء حولها بهجة و سعادة هتفت زينة فى مرح
-بابي بابي عايزة كوتون كاندى(غزل البنات)
ابتسم لها والدها وهو يقول
-تحت أمرك يا برنسيس زينة اجيبلك انت كمان يا زياد
-لا طبعا أنا مش بنوتة
ابتسم والده فخرا فهو دوما مايشعر أنه رجلا في جسد طفل فتصرفاته دوما أكبر من عمره، أحضر الحلوى لزينة وشمس أيضا وبينما كان يناولها لشمس  تلامست أصابعهما فارتجفت كعادتها شكرته بصوت يكاد يكون مسموعا ،أخذت زينة تلتهم  الحلوى في سعادة ومرح .
اختار زياد أن يدخلوا لعبة بيت الرعب وتحمست زينة كثيرا لهذه الفكرة بينما شمس قد شعرت بأنها في مأزق كبير فهي قلبها ضعيف ولا يتحمل تلك الأصوات والأشكال المرعبة الموجودة في هذه اللعبة المخيفة
-بابي بلييييز عايزين ندخل بيت الرعب
-بلاش يازياد عشان أختك صغيرة ويمكن تتخض أو يجيلها كوابيس بالليل
-لا يابابي أنا مش بخاف مش كدة يا شمس
-هه أااه طبعا ياحبيبتي إنتي شطورة ومش بتخافي (لتقول في نفسها)أنا بس الي هموت من الرعب
-خلاص اللي يعجبكم يلا بينا
شعرت شمس بأنها على وشك أن تفقد الوعي وهي تدعو الله أن تتعطل اللعبة قبل أن يصلوا إليها ،أحضر زيدان بطاقات الدخول  وأمسك بيد زياد وأمسكت شمس بيد زينة ودخلوا لتصطدم شمس بوجه مرعب تقطر الدماء المزيفة من فمه هي تعلم أن كل هذا غير حقيقي ولكن قلبها أضعف من أن يتحمل مثل هذه الوجوه المرعبة والأشكال المخيفة وعلى عكسها كانت تسمع ضحكات الطفلين وكأنهم يشاهدون فيلما كوميديا وبينما كانت تسير وهي تتحسس خطواتها فالمكان إضاءته ضعيفة حتى يكتمل جو الرعب وتزداد الإثارة فجأة أراد زياد أن يلفت نظر لشيئ ما فشعرت شمس بأصابع تنقر بهدوء على ظهرها فأطلقت صرخة مدوية وتعثرت خطواتها لتجد نفسها بين ذراعي زيدان لترفع وجهها وهي ترتجف لترى في هذه الإضاءة البسيطة وهج عينيه الفيروزيتين والتي إمتلأت قلقا إنها المرة الثانية التي تسقط فيها بين ذراعيه ولكن هذه المرة كانت واعية لكل ما حولها شعرت بالقشعريرة تسري في جميع أنحاء جسدها تنتابها مشاعر كثيرة و متداخلة مابين خوف، ضعف ،ارتباك وشعور غريب بالأمان مرت لحظات وهما على هذا الوضع وأفاقت من أفكارها  على صوته الرخيم وهو يقول بهدوء جذاب لا يتناسب أبدا مع هذا المكان المرعب
-شمس إنتي كويسة حصل إيه
-مممفيش يافندم اااانا ااااسفة ببس أصل إتخضيت ،
-طيب اهدي ، يلا ياولاد كفاية كدة يلا بينا نخرج
وما إن أصبحا بالخارج تهاوت شمس على أقرب مقعد واقترب منها زياد وهو يقول بنبرة يكسوها القلق
– متأسف يا شمس ماكنش قصدي اخوفك
– ماحصلش حاجة يازياد انا كويسة والله انا بس الي خوافة شوية
كان زيدان قد أحضر لها زجاجة مياه ، شعرت بحرج كبير وهي تأخذ منه الماء ولا تدري ماذا تفعل بعد أن أفسدت النزهة على الأطفال وأخيرا أنقذها هو نفسه من هذا الموقف وقد قرر أنه حان وقت العودة للفندق فقد تأخر الوقت كثيرا ويجب أن يخلد الطفلين للنوم .
 عادوا جميعا للفندق واخيرا لامست أجسادهم الفراش الوثير تدثرت شمس بجانب زينة والتى ذهبت فى سبات عميق بمجرد أن وضعتها شمس  بين الأغطية . ظلت شمس مستيقظة تسترجع ماحدث طوال اليوم لقد تكشف لها اليوم جانب خفى من شخصية زيدان  فهو ليس بالرجل القاسى القلب عديم المشاعر والاحساس الذى كانت تعتقده فهو يتحول الى شخص أخر عندما يكون بصحبة أطفاله مازال لديه قلبا ينبض بالحب والحنان على الأقل لأطفاله كلما تذكرت ضحكاته وهو يركض ويلعب معهم اليوم وكأنه عاد طفلا مرة أخرة فقد كان على سجيته تماما اليوم لا ملابس رسمية ولا عبوس، لا أوامر ولا التزامات ، وقد مر بخاطرها أيضا تلك اللحظات المربكة في بيت الرعب لم تتخيل يوما أنها ستقترب من سيدها إلى هذا الحد شعرت بخجل شديد واحمرت وجنتاها وهي تتذكر ذراعيه القويتين وهما يلتفان حولها بقوة وإحكام ليمنعاها من السقوط وشعورها الغريب بالأمان على الرغم من ذلك الوضع المخجل ،ظلت تفكر في تلك اللحظات المربكة حتى استسلمت للنوم  لتشاهد حلما غريبا  حيث كانت عصابة شريرة تطاردها وتريد تريد قتلها وهي تصرخ طلبا للنجدة ويظهر فجأة فارس ملثم شجاع يختطفها على حصانه الأبيض ويذهب بها بعيدا عنهم .
(حجرة زيدان)
على الجانب الأخر فى حجرة زيدان لم يخلد للنوم مثل الباقين بل ظل ساهرا يعمل حتى الساعات الأولى من الصباح وأثناء انهماكه فى العمل بدى وكأنه تذكر شيئا هاما ثم أمسك بهاتفه ليتصل بحسام ليرد الأخير بعد ثلاث محاولات من زيدان
– في ايه يا زيدان حد من العيال حصله حاجة
-لا يابني احنا تمام صباح الخير الأول
-صباح الزفت على دماغك يا أخي نشفت دمي انت عارف الساعة كام يابني ادم انت
-معلش كلمتك بدري شوية بس كنت عايز أعرف هي حتةالأرض اللي قالنا عليها البشمهندس أحمد في خليج نعمة هتنزل المزاد ولا لا
-بقولك ايه أنا عايز أقطع العلاقة دي وبالمرة نفض الشركة الي بينا دي خالص وكل واحد يروح لحاله أدعي عليك بايه يابعيد
انفجر زيدان ضاحكا لأسلوب صديقه الطريف
-ليك نفس تضحك حرام عليك بقى انا قولت انت في أجازة وهرتاح منك بردو ورايا ورايا
-ماتخلص يابني عشان لو كدة أروح أبص بصة عليها
-هو إنت إيه مابتهمدش مابتشبعش شغل ياراجل إن لبدنك عليك حق
-انت عارف كويس اني بعشق شغلي ومقدرش أبعد عنه وكمان أنا بأمن مستقبل ولادي مش عايز أموت وأنا قلقان عليهم
-يابني انت محسسني ان عندك 100 سنة هتفضل دافن نفسك بالحياة لإمتى
-الموت ملوش عمر محدد يا حسام
-جتك داهية في فقرك ياشيخ حرام عليك إنت مفطوم على النكد المفروض انك في أجازة وفي شرم المقر الرسمي  للموزز لا وكمان انت في عز السيزون دلوقتي بس انت الى قفل لو كنت مكانك أنا كنت اتشهيصت وربنا
-ما قولتلك مليون مرة أنا مليش في السكة دي وخلينا في الشغل أحسن و شوفلي موضوع الأرض ده ورد عليا وروح كمل نومك بقى
-هي عاد فيها نوم ما خلاص بقى أدي اللي باخده من معرفتك يابومة
-طب ماتزعلش هنام أنا بقى لأني مطبق من امبارح تصبح على خير
– طب ياخويا اتخمد اللهي تصبح على موزة( قالها وهو يبتسم بخبث ومرح)
-مفيش فايدة فيك يلا سلام
أغلق زيدان هاتفه واستلقى في فراشه وهو يشعر بارهاق شديد ونظر بجانبه ليجد زياد يستلقي بجانبه في هدوء وبراءة قبل جبينه ودثره جيدا بالأغطية ليلاحظ جرحا قديما بجانب أذنه لتطوف بخياله ذكرى مزعجة ومؤلمة في آن واحد
Flash back
(إحدى النوادي الراقية)
تجلس سما على إحدى الطاولات في خيلاء وغرور ويلتف حولها عددا من أصدقاءها يتبادلان الأحاديث التافهة والتي لا تخرج عن نطاق أخبار المشاهير أو أخبارهم الشخصية والنميمة على بعضهم البعض، الحفلات والتسوق ….الخ ، سما مندمجة في الحديث ونسيت أنها أما لطفل لم يتخطى عامه الثالث بعد لتقول إحدى صديقاتها وهى توجه لها الحديث :
-أنا مش مصدقة يا سوو إنك بقيتي مامي
-أوووف بلييييز يا ماهي مش تفكريني بابي هو السبب أنا ما كنتش عايزة أتجوز وأخلف والقرف ده
-حرام عليكي يا سووو ده إبنك كيوت خالص وكمان باباه زيدان بيه السيوفي كل بنات النادي بتحسدك عليه
-إنتوا كلكو واخدين فيه مقلب ده واحد متخلف عايش في زمن الأبيض وأسود أوووف نفسي أخلص منه بقى بقولك إيه خلينا في المهم ماتجي نروح المول عند سوزي قالتلي إنها نزلت كوليكشن جديدة بس ايه وواااو جداا
وبينما هي تثرثر معهم في توافه الأمور كان الطفل المسكين ذهب ليبحث عمن يلعب معه طالما والدته غير مهتمة به ، وقد لفت نظره مجموعة من الأطفال يلعبون معا وحاول الإنضمام لهم لكن أكبرهم رفض ودفعه بقوة فسقط فوق حافة معدنية حول حوض الأزهار لتنفجر الدماء من رأسه  بغزارة شاهد أحد العاملين بالنادي ماحدث وركض ليخبر والدته حتى تأتي لإسعافه وصل العامل عند الطاولة وصرخ قائلا :
-الحقي يا سما هانم ابن حضرتك وقع ع الحديد الي عند حوض الورد الي ف مدخل النادي وبينزف جامد أوي
-أووووف بجد هو أنا معرفش أقعد براحتي في أي مكان أنا إتخنقت بجد سوري يا بنات هبقى اكلمكم فون باااي
سار خلفها وهو يضرب كفا بالأخر ولا يصدق أيعقل أن تكون هذه والدته حقا فهذه أغرب ردة فعل شاهدها في حياته لأم طفلها مصاب ويكاد ينزف حتى الموت ، عندما وصلت لمكان زياد وجدت أشخاص كثر قد تجمعوا حول الطفل يحاولون إسعافه ومن حسن الحظ أنه كان من ضمن أعضاء النادي المتواجدين أنذاك طبيبا وقد قام بإسعافه ولكن الجرح كان عميقا جدا و لابد من التوجه لأقرب مشفى لخياطته.
(قصر زيدان السيوفي)
-أنا مش عارف إنتي جنس ملتك إيه مستحيل تكوني إنسانة طبيعية إبنك كان هيموت وانتي ولا على بالك
-واهو مامتش ولسة عايش خلاص بقى
-أنا بكلم مين إنتي إنسانة مريضة
-أنا ما أسمحلكش (صفعها زيدان وجذبها من ذراعها ليثنيه خلفها مما جعلها تتآوه بصوت مسموع)
-إنتي تخرسي خااالص مش عايز أسمع صوتك ولازم تفهمي كويس إن لو المرة الجاية إبني اتخدش مجرد خدش بس أنا  مش هيكفيني روحك فيها اذا كنتي مش عايزاه أنا عايزه انتي فاهمة
كل هذا يدور أمام أعين الطفل المسكين وهو يختبئ في حضن مربيته يبكي ويرتجف وكأنه يستمد منها الأمان والحنان والذي حرمتهما إياه والدته
عاد زيدان لأرض الواقع مرة أخرى يضم طفله بين أحضانه  وهو يلثم جبينه وهو يتذكر تفاصيل هذا اليوم الرائع الذي قضاه بصحبة أطفاله لتظهر بعيناه لمعة غريبة وهو يبتسم إبتسامة رائعة وكأن ذكرى سعيدة قد مرت بخاطره سريعا ثم ذهب في سبات عميق ليشاهد في نومه نفس الحلم الذي يطارده منذ وفاة زوجته .
يتبع…
لقراءة باقي حلقات الرواية اضغط على (رواية تناديه سيدي)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *