روايات

رواية أترصد عشقك الفصل الحادي والعشرون 21 بقلم ميار عبدالله

رواية أترصد عشقك الفصل الحادي والعشرون 21 بقلم ميار عبدالله

رواية أترصد عشقك البارت الحادي والعشرون

رواية أترصد عشقك الجزء الحادي والعشرون

رواية أترصد عشقك الحلقة الحادية والعشرون

الماضي حينما يعود .. وخصوصا المؤلم

ذلك الماضي الذي دفنته في وقت سابق ، أعلنت وقتها الفوز على ذاكرة عقلك متحديا انك لن تتذكره مرة الأخري ..

هو ذلك الماضي .. بكل ألمه

يخبرك كم كنت ساذجا ، مغفلا ، احمقا

كم كنت ضعيف ، تندفع بقلبك البرئ في زمن مزق البراءة ولطخ الطهر .

عينا شادية تنظر بجحوظ مخيف وقد تسرب ايقاع لحن الموت

ازدردت ريقها بتوتر وجسدها وضع تحت فحص ذكوري قذر يعاين ويكشف عن بضاعة له ..

ثم همسته الاجشة جعلتها تشهق بفجع

– وحشتيني يا شادية

ذكريات وأحداث كثيرة ظلت تضربها دون هوادة ، ككرة مطاطية تعبث في أرجاء غرفة ضيقة دون نافذة ، دون باب للخروج .. كسجن تم القاء السجين ثم شيد اربعة حوائط ليصارع السجين بين شيئين الصمت ثم الموت .

اغمضت شادية جفنيها بإرهاق تحاول ازاحة تلك الصورة المميتة لروحها ، والتي مزقتها حرفيا .. جعلتها تعاني من الخوف الشديد ان تنزلق في بركة آثام ، هو الذي كسرها

حطمها

دمرها حرفيا

لعب معها بكل براعة .. اساليب صياد لا يخطئ ابدا استدراج صيده الثمين الي فخه

قناع الحب والوداعة خدرها .. استدرجها ببطئ حتي حصل علي غايته

وكله اسفل خطبة بعقد زواج ، سحبت نفسا عميقا وزفرته على مهل لتفتح عينيها وهي تحدجه بغضب

صاحت بحدة متوترة فضحه ارتعاش لسانها وارتجاف جسدها

– انت .. انت بتعمل ايه هنا

ارتسمت ابتسامة ذئبية ، غزالته الناعمة ما زالت كما تركها بعد فسخ خطبتهم طلاقه … يعترف انها أرهقته كثيرا .. لم تسمح له بالكثير واضعة حدود بينهما ، ظن الخطبة ستلينها لكن للاسف رأسها كان كحجر صوان .. قرر أن يعقد قرانهما قبل الزواج حتى يستطيع هدم تلك الحدود المستفزة .. المتقهقرة لجيوشه ، ويعترف انه فاز كما لو فاز باليانصيب

كل يوم يرويها بكلمات حب تحب النساء سماعها ، ترهف قلبها ويلين جلمود عقلها حتى صارت قطعة لينة يسهل تشكيلها .. رغم حذرها لكن النساء تستطيع تخديرهن ، أليس كذلك ؟!!

انتعش قلبه بتسلية وعينيه تمشطان منحيات جسدها ، رغم أن جسدها كان سابقا به منحنيات رائعة لكن الآن تبدو قطعة من عروس باربي .. بعض التغذية سيعيدها إلى شادية التي يعرفها .

وضع يديه في جيب بنطاله وهو يقول بنبرة بها بعض الاستفزاز والتصميم

– هكون بعمل ايه يعني يا شادية ، جيتلك

يعلنها بكل صراحة الوقح ، الفاسق ، الكاذب ، مهما سبته لن تفي صفة بحقه ابدا ، اشتعلت غيظا وسخطا لتنفجر هادرة في وجهه

– اطلع برا

لم تتأثر به عضلة في وجه وهي تطرده بوقاحة من مكتبها ، ألقي نظرة نحو مساعدتها التي تتابع بقلق ما يحدث ، تنهد قائلا بنبرة لعوب

– مكنش ده استقبالك لما رجعت حياتك وعملتيلي فرحي

يوم مشئوم مثل وجهه ، استغفرت الله سريعا وهي تحدج نجوي نظرات نارية تمنعها من المغادرة ، دقت بعصبية مفرطة بكعب حذائها العملي على الارضية المصقولة تنفجر في وجهه

– وانت ليك عين يا بجح ترجعه تاني ، اطلع برا لاحسن اناديلك الأمن

ما زال بوقفته العنجهية ، ألقي نظرة نحو نجوي وقال

– تقدري تسبيني يا انسه اتكلم شوية مع الانسة

أنهى كلمته بتهكم مع نظرة صريحة وعينين لامعتين بمكر .. يعطيها رسالة واضحة لشادية التي أشاحت برأسها ترفع رأسها تنظر نحو سقف الغرفة تزفر بنفاذ صبر

– شادية

نطقتها نجوى وهي بين اختيارين ، تخشى أن تتركها ويؤذيها ، هي تريد ان تدافع وتثأر .. ذلك النوع من الرجال لا تعلم كيف كانت ربة عملها ارتبطت به ، وهو بكل قذارة وخسة حينما قرر الزواج ترك منظمي الزفاف وقرر أن تنظم زفافه .. رمقته بقرف شديد ليأتيها صوت شادية الحاد

– متتحركيش ، ونادي الأمن يرموا البتاع ده برا

انفجر معاذ ضاحكا ضحكة مجلجلة ، كانت كأصوات صفير حاد على وشك أن يخترق طبلة اذنها ، كشر معاذ ملامحه ليقول بنبرة ساخرة

– اظن انك مش محتاجة فضيحة اكتر من كدا يا شادية

شدت من قامتها ، وقلبها يحترق ببطء بعد ان تحول رمادا .. يحاول حثيثا اشعال الرماد الذي اخلفه ، لوت شفتيها قائلة

– والله انا مش شايفة سبب يخليك قاعد لحد دلوقتي قدامي ، الا لو انت مهزق

غزالته تحولت للبوة … لا يعلم كيف استطاعت أن تكتسب بعض الشراسة تلك التي من المؤكد ستجعله راغبا بها اكثر .. لن يقدر على تركها تلك المرة .. ربما تطول مدة علاقتهم عكس المرة السابقة ، همس بهدوء خبيث

– هتزعلي مني يا شادية

ثم قال بهدوء ونبرة متهكمة

– ده انا سبتك يوم فرحي تعبري عن مشاعر الغيرة والكره اللي جواكي

كانت نجوى تنسحب ببطء تاركة كلاهما يتناطحان مقررة انها ستكون في الخارج وان شعرت بالوضع يسوء ستجلب الامن ، رفعت شادية حاجبها لتضحك ساخرة ثم عقدت جبينها لتصيح بصرامة

– وهو انت فاكر شادية بتاعت زمان عايشة دلوقتي ، ومستنياك ترجعلها ، فوق مش بنت السويسري اللي تهين كرامتها على حتة راجل ميساواش في سوق الرجالة

تهينه بكل بجاحة عل يوجد كرامة ليحفظ ماء وجهه  ، لكنه كائن لزج .. تتعجب كيف كانت معمية البصر والبصيرة لترتبط برجل مثله .. حظها سيئ بل اسود مع الرجال

رفعت رأسها تحت صوته اللعوب وهو يقترب بحذر وتروي منها

-من امتي طلعلك ضوافر بتخربش يا قطة

عقدت ذراعيها على صدرها تقول ببرود

– عايز ايه ، اخلص

ارتسمت ابتسامة على شفتيه ليقول

– نرجع زي ما كنا يا حبي

صمتت شادية لثانية .. اثنان .. ثالثة ثم اتبعها بضحكة مجلجلة لتشرس ملامحها وهي تندفع تهب في وجهه ، منفثة نيران اندلعت في جوفها

– ضحكتني ، نرجع تاني .. هو انت فاكر ارجع لواحد قذر زيك بعد ما خلصت منه

اياك ان تندفع في علاقة وتجعل شخص يبتزك .. يذكرك أسوأ لحظة في حياتك

اياك ان تسلم رأسك كهدية لعلاقة ان تعلم ابعادها .. ستنتهي بالفشل ، لوي معاذ شفتيه ليحك طرف ذقنه بابهامه قائلا

– يا خسارة .. ده انتي وقتها  شوية وهتترجيني عشان ارجع عن قراري

شملته في نظرة مزدرية لتقول بشموخ

– مش انا اللي اتذل لشخص ملهوش لازمة يا معاذ

كاد يصفق علي كلامها الملئ بالكبرياء .. وهي بعيدة كل البعد عن تلك الصفة ، سألها بنبرة ساخرة

– معاذ الحب الاول يا حبيبتي مش كدا

لم يسمح لها لاكمال حديثها بل تابع يقول بنبرة خشنة

– كنتي صعبة للكل يا شادية ، صعبة بس مش مستحيلة

مالت برأسها تنظر نحو نقطة وهمية ، رفعت رأسها وقالت

-خلصت

ابتسم .. تلك اللبوة سيستمع معها ، كثيرا … مال برأسه ثم قال

– جيت اقولك انك للاسف نجحتي انك تشوقيني ليك تاني ، اصل وحشتنا الايام بتاعت الخطوبة ونفسي اكررها

– بتحلم

قالتها بشراسة واندفاع رافض ليقول باستفزاز

– زي ما حلمت انك تبقي ليا مش صعب عليا ، المحاولة الأولى صعبة لكن التانية …..

قاطعته بحدة

– مستحيلة

صحح كلمتها قائلا ببرود

– سهلة

سحب نفسا عميقا ثم زفر علي مهل ليقول

– انا طلقت مراتي لانها للاسف معرفتش تمتعني زيك ، شوفت بالصدفة خبر فسخ خطوبتك .. شوفتي قدرنا نتجمع لبعض ازاي

رمقته بازدراء وتقزز ، لتلتفت نحو مكتبها تجلس عليه قائلة

– عايزاك تحلم يا معاذ

هز رأسه وهو يرى أن اكتفي حاليا بما أراده ، همس وعينيه تنظر بتصميم اليها

– سلام يا قطة ، بالمناسبة مشوفتش الحارس اللي كان ملازمك المرة اللي فاتت .. كويس عشان يسهل مقابلتنا

اندلعت نيران هوجاء في عينيها الكهرمانيتين لتمسك بقطعة خزفية ترميها في وجهه الا انه تفادها بمهارة على صوتها المهتاج

– قذررر

انفجر ضاحكا و صدى صوت ضحكته يتردد في أذنيها دون رحمة … ضحكات تسخر منها ومن عدم معرفة أصله المتدني ، امسكت بعدة اقلام وهي تستقيم من مقعدها على خروجه تجئ تارة وتذهب تارة أخرى ، انتبهت على صوت نجوى التي اندفعت للمكتب حينما خرج معاذ لم تنسي أن ترمقه بشرز ثم اقتربت من شادية قائلة بخوف

– شادية

زمجرت بحدة وهي ترمي الاقلام على الارض

– القذر ده لو جه الشركة يطرد فورا ، ولو أصر تتصلوا بالبوليس يا نجوى

هزت رأسها وهي تقول بقلق وهي تري حالة شادية و الهستيريا التي اصابتها تدمر كل ما تطيله بيدها

– حاضر اهدي بس

مررت يدها بعصبية علي خصلات شعرها المعقودة .. فكت ربطة شعرها لتعبث بخصلات شعرها بحدة .. تود قتله .. لما لا تجرأ على قتله .. لما لا تستطيع إيذاءه كما أذاها ؟!!

همست بعصبية شديدة والدموع تتجمع تمنعها من السقوط

تزجرها بعنف

– سبيني اهدي يا نجوى

هزت رأسها بطاعة وهي تبتعد بقلق وخشية لكن ليس بيدها الحل ، دعت الله ان يبعد عنها ذلك الحقير أو تراه معاقبا بقسوة

– حاضر

انفجرت وانهارت تبكي على الأرض حينما اغلقت نجوي الباب خلفها ، تزجر نفسها وعلى ضعفها الذي أودي بحياتها الي التهلكة … ظنت انه انتهي ، ذلك الشبح الذي يقتات من روحها لحظة النوم ، لكنه ليس كابوس ينتهي حين استيقاظها بل واقع .. واقع لا تعلم كيف ستتخلص منه !!

………..

ترجل سرمد من السيارة حاملا القطة في صندوقها الخاص ، رفع عينيه نحو شركة برتقاليته .. ارتسمت ابتسامة ناعمة على شفتيه .. برتقاليته المهلكة امرأة ناجحة في عملها ، يشهد بذلك حينما عمل معها في حفل زفاف صديقه ، عملية وصارمة وأوامرها تلقي علي الرجال لا يتجرأ أحد على التقاعس عن العمل ، لن ينكر أن حتى عامليه في طاقم التصوير اعجبوا بها … رأى نظرة الاعجاب في أعينهم لكنه قرر صرفهم ثاني يوم الى الطائرة المتوجهة لإيطاليا ..

برتقاليته هي ملكه وحده ، انفرجت عن شفتيه ابتسامة ماكرة .. لتراه والدته أصبح متملك وغيور ، دعائها مستجاب والدته .. يمرر أنامله نحو موضع السلسلة التي طلبت والدته ارتداءها ، ثم رفع الصندوق ليحادث القطة التي تموء بنعومة

– حسنا يا صغيرة ، كيف تتوقعين ستقابلك برتقاليتي

وصله  مواء صوتها الضعيف وهي تنظر اليه بعينيها البراقتين ليقول بهدوء

– ليس بتلك المأساوية يا صغيرة ، لكن يوجد لدي رفيق يجب أن تتوافقا معا في المستقبل .. لا اريد أي شجار بينكما

اندفع نحو الشركة يرتقي السلالم حتى يتوجه للباب الرئيسي ، تفاجأ بعاصفة غاضبة خبطت كفه ليرفع سرمد رأسه قائلا بنبرة غليظة

– انتبه يا رجل

القي معاذ نظرة ساخرة وهو يرمقه بملابسه الفوضوية المهلهلة البعيدة كل البعد عن حلته العملية ، هبط بعينه نحو صندوق به القطة .. ليشيح بيده قائلا بعدم اكتراث

– يا عم انا مش فاضيلك

جز سرمد علي اسنانه ، يكاد يحترق غضبا وقتل ذلك المدلل الغبي حينما قرأ الازدراء في عينيه له وللقطة الخاصة لبرتقاليته

– سيد سرمد

انتبه من أفكاره السوداوية صوت نجوى المرتبك التي رحبت به ببعض التعجب ، لكنه اختفي وهي تعتاد علي زيارته لمقر عمل رب عملها  ، تقرأ الإعجاب في عيني ذلك الأجنبي لربة عملها لكن الى متى ؟!! متى ستفرض شادية حل نهائي كي يكف ذلك الأجنبي عن ملاحقتها ؟!!

وان كان الأجنبي جدي وهي تشك بذلك ، يجب أن يكون مؤهلا لها

ابتسم سرمد بهدوء وهو يسألها بنعومة يستخدمها للنساء

– مرحبا يا جميلة ، أخبريني هل السيدة هنا؟

رفعت ونجوي عينيها ترى ملامحه الوسيمة الرجولية الخشنة ، هي تكاد تخر ساقطة من جاذبية الرجل امامها ، لو تملك رجلا يتودد لها لم تكن لتسمح له بالابتعاد عنها ، ابتسمت بحلاوة وهي تندفع بتهور لتجيبه إلا أنها تراجعت في آخر لحظة

– ااا .. لا …لا ليست هنا

شملها سرمد بنظرة ضيقة ، عابس الوجه ، عاقد الجبين ليقترب منها دانيا برأسه ليقترب من مستوى رأسها قائلا

– اتعلمين ما أكثر شئ اكرهه في النساء ؟

نظرت اليه بقلق لتزدرد ريقها هامسة

– م .. مماذا يا سيد سرمد

أجاب بحدة طفيفة وهو يرفع الصندوق لتحمله

– الكذب يا جميلة ، ضعي تلك الصغيرة في سيارة السيدة الخاصة

حملت نجوى الصندوق ثم قالت بقلق

– لكن يا سيد سرمد ألا يجب أن ….

صاح بلهجة امرة وسواد عينيه تموج بالخطر

– نفذي دون مماطلة

عبست قائلة بصوت به بادرة الغضب

– افندم

ارتسمت ابتسامة على شفتيه قائلا

– كوني لطيفة ، انه شئ خاص بها

نظرت الي القطة ثم إليه لتقول بيأس

– حسنا

هز رأسه باستحسان حينما لم تماطله تلك الجميلة ، رفع عينيه نحو درجات السلم ليقول بنبرة تحمل شوقا

– لنرى البرتقالية

ارتقي درجات السلم وهو يمني نفسه بشوق رؤية تقاسيم وجهها المليح وتلك العاطفة المتأججة في عينيها ، رفع رأسه حينما رآها

بكل بهائها وجمالها تسير بكل … عصبية وتوتر !!

صاح بنبرة مرحبة

– صباح الخيريا…

لم تعطي له مجالا للرد ، بل لم تلتفت بل كانت في مجال وعزلة خاصة ، تدارك الأمر وهو يصنع بجسده حائلا .. كادت أن ترتطم به إلا أنها توقفت ترفع رأسها تري من اوقفها بكل قلة تهذيب .. همست اسمه

– سرمد

وياليتها لم تنطقه اساسا ، كيف تشعل به مراجل ووحوشا تعربد طالبة بالانقضاض على تلك الناعمة ، لم يري سبب سهاده وارقه ، تضع نظارة شمسية ليقلق

كونها تخفي عينيها عن الجميع انها في حالة نفسية سيئة ..

تحركت شادية وهي تغمغم ببعض الحنق ، بكاءها لم يساعدها لثانية أن تهدأ .. متى ستقوي ؟ متى ستقدر على دعسه بكل جبروت كما فعل معها

– مش انت وهو

استمعت إلى اسم ذلك المعذب الثاني لها ، أغمضت جفنيها وهي تسحق شفتها السفلي متابعة سيرها

– شادياااه

رفعت رأسها نحو الحارس قائلة

– مفاتيح العربية

أخرج الحارس مفاتيح سيارتها من جيبه بعد ان ذهبت للصيانة صباح اليوم ليقول بنبرة هادئة

– اتفضلي يا استاذة

شكرته في خفوت وقدميها تتحرك بتعجل تسبقان الريح ، تحاول تفكر بعقلها أين تذهب في ذلك الوقت ، لا تريد العودة للمنزل ولا الذهاب لفريال .. يجب أن تتصرف تلك المرأة بنفسها .. تواجهه هو .. يكفي المرة السابقة أن والدها وشقيقتها هما من دافعا عن حقا وانكسارها …

شهقت برعب حينما شعرت بيد غليظة تمسك زندها دافعا بجسدها تستند علي جسد سيارتها … رفعت رأسها لتراه ينزع نظارتها بكل خشونة اعتادتها منه ، تلك الجرأة الكبيرة اعتادتها ، أشاحت بعينيها متهربة من النظر إليه .. تبدو مريعة .. بل طفلة صغيرة دائما تبكي ليست امرأة تخطت منتصف العقد الثالث ..

اغضبه انه تتجاهله ، تجاهلته البرتقالية مرتان .. مرتان ، كيف جرؤت ؟!!

ما ذلك الجبروت الذي تملكه عليه ؟!! تلاقت عيناه المشتعلة بغضب اهوج بعينيها المنتفختين اثر البكاء .. عبس وهو يسألها بصوت أجش

– ما بك ؟

نزعت ذراعها من قبضة يده ، متوجعة بصوت خفيض من قبضته المؤلمة .. لما لا يتعطف عليها ويترك يدها او ذراعها لمرة واحدة عند محادثاتهم

تحشرج صوتها والدموع تتجمع في مآقيها لينظر سرمد بقلق حقيقي .. يكاد يستفسر عن حالتها إلا أنها همست

– اريد ان اكون بمفردي ، هل تسمح لي ارجوك

ببساطة تركته تستقل سيارتها وتنبذه للمرة الثالثة .. اندفع غضبه يجلي كمراجل يكاد يهشم رأسها .. رفع رأسه طالبا الصبر كي لا يقتلها ميتا او صريعة في عشقه ، توجه نحو السيارة يستقل بجانبها .. استمع الي شهقتها الخفيضة ثم همسها

– سرمد ارج…

قاطعها بحدة وغضب مستتر

– قودي السيارة على مهل ،لا نريد أن نصاب بحادث

انفجرت صائحة بتوسل

– أخرج ارجوك ..اخرج اريد ان اكون بمفردي

لم يرد .. لم يكلف نفسه عناء الاستجابة لطلبها ، تنهدت بيأس وهي تتحرك بسيارتها تقودها برعونة تضغط بكل عنف على دواسة الوقود .. الدموع متجمعة في عينيها .. القذر معاذ .. القذر كيف تجرا ان يلمح باشياء مقززة كتلك هي لا ذنب لها

هي كانت بريئة .. كانت دقيقة وصارمة ، وتزوج بها ليأخذ ما سعى له في الخطبة .. كيف لم تنتبه له .. كيف لم تعلم أن شخص مثله هوائي .. ينتقل كل فترة وفترة للنساء .. انتبهت من زخم افكارها لصوت الايطالي

– ما الذي أحزنك ؟

القت نظرة نحو سرمد .. مختلفان في طريقة اللبس ، المعاملة ، حتى طباعهم .. لكن وإن تعددت الاختلافات كلاهما يسعى لشئ واحد

إشباع رغباتهم ودفنها حية … همست بصوت ميت

– تريد أن تعرف

ضغطت على دواسة الوقود وهي تتخطى بعض السيارات في الشارع الهادئ ، لتسمعه يجيب

– نعم

مسحت دمعة انزلقت من عينيها لتقول بجفاء

– لن اخبرك .. ليس هناك شئ بينا يستدعي اخبارك

سب بعنف وهو يقول بلهجة امرة

– قودي بحذر

ضربت المقود عدة مرات بعنف والدموع تهبط من عينيها لتهمس

– انا غبية .. غبية وضعيفة

صاح بلهجة آمرة وهو يرى أنها حظت على أول مخالفة سبب انها قادت رغم إشارة المرور الحمراء

– أوقفي السيارة

انتفض جسدها يرتجف وانفلتت اعصابها غير قادرة علي الرؤية لتهمس وهي تضم قبضة يدها لتضرب بقوة علي قلبها

– نفسي اموت لو ده هيخليني ارتاح

سب للمرة العاشرة وهو يهدر في وجهها

– أوقفي السيارة

استمع سرمد إلى مواء القطة والي هذر برتقاليته ، لينزع حزام الامان وهو يتسلم المقود متفاديا لاخر لحظة السيارة التي كادت ان تصطدم بهما ، سمع الي انطلاق الزمور من صاحب السيارة العنيف … وضع ذراعه حول مقعدها ليسحب مكابح السيارة بعنف لتتوقف السيارة فجأة متحميا برأسه ليصطدم بمسند المقعد وجسد برتقاليته يصطدم بصدره … جز علي اسنانه مزمجرا بغضب وهو يهبط بعينيه ليراها تبكي

ألجم لسانه الصمت وهو يسمعها تهمس

– عايزة اروح لماما ، عايزة اقولها تسامحني اني بقيت وحشة .. مش ذنبي ، والله مش ذنبي .. هما اللي خلوني ابقى كدا

مرر انامله علي وجهها الباكي ، مزيلا دموعها بابهامه قائلا

– هوني عليك يا جميلة

لم تتحمل الصمود لتغرق في بكاء حار أثر لمسته لوجنتيها

– وانت جيت كملت عليا

رفعت شادية رأسها تحاول استيعاب كيف اقترب منها ، توردت وجنتيها ما ان اكتشفت انها تكاد تكون محتضنة إياه ، رفعت عينيها المعذبتين له وازداد معدل الشهيق والزفير .. ابتعد بصعوبة شديدة .. رغم رغبته المتجلية في عينيه لتقبيلها ، حاول أن يصمت عقله ومتجاهلا صوتها المعذب (انت تلوثني ) حاول جاهدا ان يتناساه لم يستطيع .. انتبه علي صوت مواء القطة الضعيف لترفع شادية رأسها هامسة من مصدر صوت قطة

– ايه دا

عاد يجلس في مقعده رغم بداية حبه واغرامه أن يكون ملاصقا له ، ليتشبع برؤية ملامحها الفاتنة الباكية .. قال بصوت متحشرج محاولا نفض أفكاره الخبيثة كابحا رغبة اندلعت في جوفه

– قطة

اتسعت عيناها بذهول لتردد

– قطة

ادارات برأسها للخلف لترى صندوق صغير ملقى على أرض السيارة ، بحذر رفعته لتضعها على ساقيها … فتحت باب الصندوق لتخرج قطة صغيرة ذات فراء أبيض ناعم … اندفعت الدموع تخرج من عينيها تلك المرة فرحا

لولو .. انها لولو ، قطتها التي جلبتها والدتها ، رفعت عينيها لتراه ينظر إليها بعاطفة خشنة قائلا

– جلبته لك لعيد مولدك ، كل عام وانت فاتنة يا جميلة

مررت شادية اناملها النحيلة في فراء القطة ، حركت القطة رأسها وتميله ناحية مصدر الدغدغة لتهمس شادية بدموع غير مسيطرة

– لولو

اجلي سرمد حلقه ليهمس بتوسل

– لا تبكي ارجوك .. لا تبكي

رفعت شادية رأسها تهمس

– سرمد

ضاع سرمد .. اهلكتيه يا شاديااه .. هلك تماما بصوتك الشجي لاسمه .. من امامه طفلة صغيرة فقدت مصدر امانها وسرقت فرحتها بموت اقرب فردين لها .. راقبها وهي تمرر أناملها السمراء النحيلة على فراء القطة لتهمس

– لولو

هز راسه وهو يهمس بحشرجة متغلبا على رغبته الآن في عناقها

– نعم لولو يا جميلة

شكرته بلطف بالغ وهي تنظر للقطة بافتتان وشوق شديدين

– شكرا .. هديتك قيمة للغاية

ابتلعت غصة في حلقها وهي تلمس فراء القطة ، تتذكر يوم أن تجاهلت لولو وماتت في حادثة طريق وهي خارجة من أسوار منزلها .. همست بنبرة متحشرجة

– كنت امتلك قطة صغيرة للغاية جلبتها لي ماما ، رغم عدم حبها للقطط لكن لم تقدر علي احزاني وجلبتها لي واسميتها لولو ..عاشت صغيرتي لفترة حتى وفاة ماما

غامت عيناه بتأثر .. تلك المرأة .. قادرة أن ترفعه لأعلى عنان السماء .. ثم قادرة على أن تسقطه لقاع  الأرض

– آسف لسماع هذا

لوت شادية شفتيها تكبح نوبة بكاء أخرى

– فقدت ماما وبسبب حزني فقدت لولو ايضا

رفعت عينيها تهمس بعذاب

– شعرت ان قلبي مات يا سرمد .. بل قلبي ميت

بل مات قلبي انا يا برتقالية ، لاول مرة يختبر شعور بالعجز

يراها تتعذب بصمت غير قادر على الإتيان بحركة ، ترفع علامة محذرة للاقتراب أو التمادي ، ثم رسالتها الواضحة المرة السابقة جعلته يحاول تهذيب بعض خصاله المندفعة … هو يحاول .. لا يعتقد أن يكون مهذبا لكنه حاول على الاقل

همس بنبرة عاطفية شديدة

– انا بجوارك

توقفت عن مسد فراء القطة لتقول بجمود

– لا أحد يظل بجوار الآخر لطوال العمر ، الجميع يرحل ما أن يأخذوا غرضهم من الشخص الذي يريده

صاح بلهجة بها عنيده

– اذا انت لم تعلمي سرمد جيدا يا صغيرة

لفها بنظرة متملكة اصبحت تعلمها ، لتسدل اهدابها استحياء وهي تسمع جملته المتملكة

– سرمد النجم…لا يتخلى أبدا عن شئ خاص به وغالي عنده … لا يتركه ابدا وما دام لي نفس يتردد لا اهدر شئ ثمين وخاص ابدا

رفعت رأسها تنظر اليه ساخرة ، وتسخر من حالها … ما ان اقترب معاذ من دائرتها حتى اصبحت شئ رخيص .. اغتاظ سرمد من رؤية السخرية في عينيها ليقول بحدة

– لا اريد رؤية تلك اللمحة الساخرة ، انا لا اخرج كلمات جوفاء

مالت برأسها هامسة بسخرية

– كلكم شبه بعض

رغم حبها للقطة وانها تشبه راحلتها لولو الخاصة ، عادت ملامحها للجمود وهي تضع القطة في الصندوق مرة أخرى مودعة إياها لتقول

– لااستطيع الاحتفاظ بها ، شكرا علي هديتك لا اقدر علي قبولها

رفع حاجبه بسخرية يراها تكاد تموت و متشبثة بالصندوق ليقول

– ولما ؟ هل تخشين منها ؟

نظرت الي القطة بخوف ورهبة ثم همست بقلة حيلة

– اخاف ان لم ارعاها كفاية

رقت نظراته واختفت السخرية ليقول بنبرة هادئة

– كان هذا في الماضي ، لا اريدك ان تتعلقي بالماضي .. الماضي انتهى بفرحه ومساوئه .. الإنسان يسعى قدما لحياته لأجل نفسك ولأجل من بجوارك .. لا تكسري وتطعني مساعدة الشخص الذي يقدم يد العون لجعلك أفضل

عينيها مغويتين .. حتى بنظرات التيه المظللة عينيها ، يكاد يقسم أنه في أوج لحظاتهما العاطفية ستدفعه صريعا .. هذب أفكاره الجامحة وهو يقول

– لولو ستعتنين بها جيدا ، القطة احبتك منذ اول وهلة ، لقد كشفت عليها وهي بصحة جيدة لا تقلقي

ابتسمت شادية بقلق لتمر رعشة طفيفة سرت في جسدها بنظرته العميقة لها ، يعجبها هذا السرمد عن الوقح والعابث ، همست تسأله بأسمه

– سرمد

الصبر ، الصبر فقط .. قالها وهو يهز رأسه ليسمع سؤالها

– من انت يا سرمد حقا ؟ أي وجه هو وجهك الحقيقي ؟

هالة غريبة احاطتها ، وسكينة لفتها وهي بجواره .. اهتمامه .. وحرصه على أدق تفاصيلها جعلها

مرعوبة

مذعور مما ينتويه .. ألقت سؤالا وهي عاجزة عن فهمه لترفع عينيها المهلكتين لتسمعه يتمتم

– إذا كنت تريدين المعرفة ، تجرأي وخذي خطوة للأمام

عبست حاجبيها بعدم فهم قائلة

– خطوة لماذا؟

خطوة اقترب منها والمحيط بينهما يزداد تقلصا .. رجفة مشاعر اثارتها لثانية وهي ترى هذا الرجل برجولته التي لا تنكرها وجاذبيته يسعى خلفها .. فغرت شفتيها وهي تري النظرة القاتمة المظللة حدقتيه

– لتعرفيني عن قرب

تلك النظرة لطالما قرأتها سابقا في عيني معاذ ، وفي عيون رجالا آخرون … نظرة جسد يشتهي لعناق وما هو أكثر … ارتجف جسدها بنفور فوري قائلة

– لا

عقد سرمد حاجبيه وهو يرى انقلاب ملامحها الوديعة إلى أخرى قلقة ومتوترة

– لا !!

تكاد تتماسك أمامه ، غريب امرها .. تبكي امامه ولا تشعر انها ضعيفة ، بكائها هو سر توقفه عن عبثه وعربدته … لا تعلم كيف تأمنه لتلك الدرجة حتى في أوج لحظاتها ضعفا لا تخشاه .. أي ثقة هو زرعها لتكون امامه بتلك الهيئة المزرية أمامه ؟!!

نصيبها من الحب قليل ، ربما لا وجود لقدسية الحب القديم ، الارض تحولت الارض شهوة ورغبة ويتصارع الجميع لاملاء فجواتهم الناقصة .. ارتعشت شفتيها وهي تهمس بصوت مميت

– ما تنتظره مني لن أستطيع أن اقدمه لك اسفه ، لن أقدر

خبط بعنف على الزجاج لترتجف شادية بعنف وهي تشعر بأنامله القاسية أخذت طريقها لذراعها وهو يدفعها دفعا للاقتراب منه

تري الشراسة والانفعال في حدقتي عينيه المظلمتين اللتان تنفسان نارا

راقبته ببعض الانبهار ، سرمد قلما يفقد رزانته وتحكمه ، أليس من حقها أن تخشى ؟! تخشى وتأمن من مكره الآن ؟!!!!

اتسعت عيناها بجحوظ حينما استمعت إلى سؤاله الذي يكاد يلفظه

– هل تحبينه ؟

أيغار !!!!!

سؤال ضربها في مقتل وهي تري فتحتي انفه تنقبض وتنبسط دلالة علي كبت غيظه وتهوره الذي يربطه بلجام تظن انه غير قادر على التحكم به ، عيناها هبطت لا اراديا الي قميصه المفتوح كاشفا عن سلساله الجلدي الذي لا تعلم ما نهايته ، رفعت عيناها تهمس بعدم فهم

– من ؟

جز على اسنانه ساخطا … تلك الغبية ، او التي تتعمد التغابي معه ، قسي بعنف علي ذراعها ، يعلم انه سيترك أثرا على جلدها المغري لكن ليكن شئ تتذكره به في كل لحظة تأوه يخرج من شفتيها المغريتين لقطافهم ..

– خطيبك ، هل تحبينه ؟

همت أن تخبره أيهما … او تجيبه بنعم كي يخرج خارج حدود دائرتها إلا أن هزت رأسها نافية .. لتسمع همسه العنيف المتملك

– اذا من هو الرجل الذي يمنعك عني  ؟ أجيبي

تأوهت بوجع حقيقي لم تقدر على تحمله إلا أنه لم يخفف قبضته ، توسلته بعينيها ان يتوقف … إلا أن نداء عينيها رفضه لم تجد بدا سوى أن تهمس اسمه

– سرمد

يكاد سرمد يخرج زئيرا او يسحبها لعناق ملتهب الانفاس في التو واللحظة ، لكنه يلجم شياطينه ويهذب أفكاره المنحلة لها

ألا ترى ما هو بفاعل معها ؟!

ألا ترحمه ولو للحظات .. تهمس اسمه وهل تراه قديسا ؟!!

هدر في وجهها بعنف وصوته اجش بدا على وشك فقدان السيطرة

– لا تنادي اسمي بتلك الطريقة يا برتقالية ، ابدا لا تتجرأي على نطق اسمي بذلك الغنج والدعوة المغرية للاقتراب منك

طالعته بذهول .. أي دعوة ذلك المجنون يقصده .. هل تمادت معه ؟! هل تمادت ولو قليلا ؟ همست باختناق

– تفهم أرجوك ، لست انا تلك المنشودة .. انا بعيدة كل البعد عن تصوراتك ، لن تجد ما تريده مني

خبط بعنف بابهامه على جانب رأسها لتتأوه بتوجع جعله يزمجر في وجهها وهو يقول بحدة

– ومن اخبرك بما أريده منك ، اسمعي يا محدودة الفكر والعقل الغبي هذا

صاحت بعبوس ونفي وهي تراه يقلل من شأنها

– عقلي ليس غبي

رفع حاجبيه دلالة على بعض السخرية ، ليقول بسخرية

– اسمعي يا صغيرة انت

عارضته بوهن شديد وبعض التمرد يتلألأ كهرمانية عينيها الفاتنة

– لست صغيرة سرمد

لاحت على شفتيه ابتسامة متسلية ، ويده تترك ذراعها ليراها تمسك ذراعها التي ظلت تحت اسره لفترة وهي تنظر اليه بغضب ليقول بنبرة لعوب

– اسمعي يا برتقالية .. حاولي ان تعترضي على هذا

قالها وهو يراها تهم بمعارضته للمرة الثالثة ، اقترب منها وهو يقول بإصرار

– هذا أصدر فرمانا ووجب تنفيذه .. لن يعوقني أي شئ يا برتقالية للتوغل لروحك التائقة لي .. انا الوحيد فقط من يسمح له بالدخول لجنتك المحرمة ولا شخص اخر غيري سيتجرأ للدخول من بعدي

خشت منه … بل هي تخشى .. لكن نبرته الجدية الخالية من العبث المعتاد ، لكن أي جنة محرمة عليه وقد بقت استحالت إلى أرض قاحلة لتسدل أهدابها وعلي شفتيها مرتسمة ابتسامة حزينة ..

مهما تعددت الشخصيات الا كلهم يبتغون غاية وحيدة في المرأة .. همست بنبرة هادئة وهي تعيد تحريك محرك السيارة

– يجب ان اغادر

رفعت عيناها تتوسله حرفيا وهي تري الرفض في عينيه

– سرمد .. احتاج حقا مساحة لي

تأفف سرمد بحدة وهو يغادر السيارة بعد إلقاء بوابل عن سيارتها المتهورة الرعناء بل لم يكتفي بهذا فقط ، بل صفع باب سيارتها بعنف لتنظر اليه بحدة قبل أن تنطلق بسيارتها ينظر إلى أثرها ليهز رأسه يائسا

طريق مليء بالشوك .. لكنه جسور سيتابع الطريق ما دام سيصل لزهرته البرية !

*****

في النادي ،،

تتحرك وجد بحماس تقطع الملعب وهي تسدد الكرات بقوة وملامحها متوهجة بإصرار ولمعة حياة جعل المدرب يعجب بعودة البطلة الغائبة للحياة .. عينيها لا تكترث لبعض الشباب الذين يتابعون تدريبها ، شخص واحد فقط تمنته هنا في تلك اللحظة

صاحب العينين الخضراوين المقتحم لحياتها ، وجعلها تكتشف حياة جديدة

هل وجود رجالا مثله في هذه الدنيا .. لا تعرف إذا كانت ستقابله في حفلة خطبة اسماء الليلة  ام سيكون مشغول ولن تتشبع عيناها من رؤيته ..

طالبت وقت مستقطع وهي تمسح العرق المتصفد في جبهتها لتزفر بحرارة وهي تلتقط انفاسها المتأججة من فرط شغلها المجهود ، لتسمع الي تعليق المدرب قائلا بحماس

– برافو يا وجد ، عجبني حماسك في اللعب عن المرات اللي فاتت .. ارجعي وجد اللي اعرفها

ابتسمت بهدوء شديد وهي تتوجه نحو حقيبتها تمسح حبات العرق قائلة

– شكرا يا كابتن

هز رأسه قائلا بجدية

– الاهم الاستمرار ياوجد ، مش عايز أي حاجة تأثر علي الحضور والتمرين ، عضلاتك لازم تكون مرنة

– حاضر

قالتها بعدم اهتمام وعينيها تتفقد اي رسالة صباحية او مسائية منه كالتي اعتادت عليها سابقا ، لكن لا شئ .. اصابت بالاحباط و هاجس مخيف بدأ ينتشر كالهشيم

هل يراها مريضة ويعالجها كطبيب … انقبض قلبها وترنحت للحظة .. تقسم انه موتها علي يده هذا الرجل ان كان حقيقي ، اهتز الهاتف من يدها للحظة وهي تري المتصل جدته … عقدت حاجبها بتعجب وهي ترفع رأسها للمدرب تطلب منه الاستئذان

– بعد اذنك

ردت ببعض التوتر ، خشية أن يكون عاصي قد يصاب بشئ

– الو

تنفست براحة وتسمع صوت جدته المحبب واهتمامها لترد قائلة

– بخير الحمدلله …لا يا توحة مش ناسية ان النهاردة الخطوبة

عقدت حاجبيها وهي تقول بعد برهة

– يعني ايه هي مش عايزة تروح البيوتي سنتر

اتسعت عيناها للحظة حينما سألتها ان كانت تستطيع أن تقدم يد العون لمساعدتها ، ارتجفت لثواني .. لكن دافعها للقاء عاصي كان أكبر لتقول بابتسامة ناعمة

– أنا النهارده معنديش أي مواعيد ، نص ساعة وهتلاقيني عندك

استمعت إلى رفض توحة معللة أنها ترهقها لكنها قاطعتها بلطف

– مفيش تعب يا توحة ، طمنيني بس الفستان طلع مضبوط عليها

رفعت الهاتف تنظر إلى الوقت الذي تخطي الثانية عشر ظهرا لتقول

– تمام يا توحة ، اديني نص ساعة وهتلاقيني عندك

أغلقت المكالمة وعقلها يلعنها .. ماذا تفعل هي مع امرأة مثل أسماء ، لكن كله يهون لمقابلة ذلك الذي ينزوي بعيدا عنها ، تحتاج العودة للمنزل وجلب اشيائها الخاصة لتنطلق إلى حي عاصي .

****

ترجلت شادية من سيارتها بعد أن تلقيها العديد من رسائل سرمد متسائلا هل عادت الى منزلها أم ماذا … لم تجيبه .. اكتفت بقرائتها دون الاكتراث برده … نظرت الى صندوق القطة الصغيرة لترتسم ابتسامة ناعمة على شفتيها وهي تتوجه به داخل منزلها ..

كادت تصعد اول درج في السلم لتسمع إلى صوت والدها المتفاجئ من وجودها

– شادية !!!

ارتعش جسد شادية بارتجاف لتضع صندوق القطة جانبا وهي تندفع بقوة إلى عناق والدها تبكي

علي ما فرطت فيه

بغبائها واندفاعها الحثيث للحب ، ولتصديق لذئب مثل معاذ الذي عاد ينغص عليها حياتها

ثم وجود قنبلة موقوتة كسرمد في حياتها ، دفنت وجهها في عنق والدها الذي تحمل كل خيبات قلبها وعقلها كأسد جسور لم يخلق بعد من يكسر كبريائه

همست بعذاب شديد ودموعها تخرج من محبسها تلتمس فيه قوة تجدها عنده فقط

– بابا

خفق قلب الاب بهلع شديد ، ليرفع رأس ابنته قائلا بنبرة يحاول التغلب بها عن فزعه

– مالك يا روح بابا ، طمنيني بس عليكي

استكانت برأسها على صدره ، كيف تخبره ان معاذ عاد ؟!! ليعود لفرض حصار لها ويمنعها من الحياة ، هل سيفرض قوانين وتعود خاضعة

تعلم عاجلا ام اجلا سيعلم ، لكنها تريد اثبات انها ليست امرأة ضعيفة مغلوبة على أمرها … لقد أصبحت قوية .. قوية لدرجة أن تسمح لأحد باتخاذ حياتها لعبة في يده .

شعرت بأنامل والدها تمسح دموعها لتهمس باختناق

– مخنوقة .. مخنوقة يا بابا

تنهد معتصم بألم ، هل عادت لها ذكريات ماضيها ؟!! .. يخشى أن تنتكس حالة صغيرته وتذبل بتلات وردتها دون وجود شخص قادر على رعايتها ، همس بقلق

– ايه اللي حصلك بس يا حبيبتي

لفت شادية ذراعها حول جسد والدها لتقول بتصميم شديد

– بابا .. عايزة اقعد جنبك وبس .. مش عايزة حاجة تبعدنى عنك

هم بالرد الا ان صوت مواء قطة استرعى انتباهه ، عبس حاجبيه وهو ينظر الى الصندوق الجالب مصدر الصوت ليقول

– ايه الصوت ده !!

ارتسمت ابتسامة سريعة وحنين غمرها وهي تنسحب من عناقه لتتوجه نحو صندوقها الثمين قائلة

– قطة يا بابا

عقد معتصم حاجبيه بريبة ، هل هذا سبب بكائها ؟ّ!! تذكر ماضيها ، لا لا ليس هذا السبب .. ليقول بعبوس واضح

– انتي جبتي قطة ، مش انتي رفضتي يكون في حيوانات في البيت ده

راقب معتصم ابنته وهي تخرج قطة صغيرة ذو فراء ابيض تداعبها باناملها ، همست شادية بحنين شديد وهي تضمها خشية فقدانها

– دي لولو يا بابا

اتسعت عينا معتصم بشدة ، هل اصبحت مخبولة مثل بلوته الاخري ، وعلي حين ذكر اسم بلوته انتبه علي صوتها الحماسي وهي تدلف من باب الفيلا

– يا صباح الجمال عليكم

اتسعت عينا جيهان للحظة وهي تري القطة بين يدي شادية ، ذلك الايطالي اللعين ينتهز فرصة ، اتسعت ابتسامتها وهي ترى تلك اللمعة في حدقتي شقيقتها ، اجلت حلقها وهي تقول بحماسية عالية

– كويس انك جيتي عشان ورانا يا هانم شغل كتير عشان عيد ميلادك

انتبهت شادية علي صوت شقيقتها ، لتنظر اليها عابسة وهي تلتفت الى والدها لتقول

– بابا انت موافقها علي الجنان ده ، عيد ميلادي فاضله شهر ايه لزمته النهاردة

هزت جيهان رأسها رافضة أي شئ يفسد من مخططاتها التي ظلت لأيام تنفذها

– مفيش مفر منها

تراقصت حاجبيها بمشاكسة وهي ترى نظرة والدها الغامضة لتقول بتحذير لشقيقتها

– حطيتلك الفستان اللي هتلبسيه ، عالله تغيريه

ثم اندفعت تصيح بتفاجئ أمام والدها الذي ينتظر منها تفسيرا على وجود قطة في المنزل وحالة شقيقتها الهائمة بالقطة

– ايه ده !!! حيوان في البيت هنا ، على جثتي يقعد

اندفعت شادية تقول بشراسة شديدة متشبثة بالقطة

– دي لولو ، هتقعد معايا

ارتسم على وجهها القرف لتقول بتقزز

– وترمي قرفها في كل حتة ، لا يعني لا

داعبت شادية فراء القطة التي تموء بسعادة لتهمس

– هخصص ليها مكان تقعد فيه وهتكون نضيفة ، صح يا لولو

سمعت مواء القطة لتقول شادية

– شوفتي قالت ايوا

رفع معتصم يداه الى السماء يبث شكواه ، في منزله ليست انستين على وشك الجواز بل مخبولتين على وشك دفعه إلى العباسية

– يارب صبرني

انفجرت جيهان ضاحكة بمرح وهي تغمز لوالدها بشقاوة ثم اندفعت تقبله من وجنته بقوة قائلة

– تستحق جايزة أوسكار يا عصوم ، متنساش تلبس البدلة اللي اخترتها عايزاك تبقي قمر كدا و تخلي البنات تحبك

ضيق معتصم عينيه وهو يسبر أغوار تلك المجنونة التي تعلم شيئا وتخفيه كلتا الفتاتين عنه ، غمغم ببعض الحدة

– طول عمري وسيم يا بنت ،امشي ومن وشي من ناقصك انت كمان

ودعته جيهان وهي تتوجه الى درجات السلم تصعده بخفة ، ليقف معتصم وهو يتمتم ببعض الحنق

– البنات كبرت وفاكرين يقدروا يعتمدوا على نفسهم واحدة هبلة والتانية مروشة

دعي الله بصلاح أحوالهم والسعادة لابنه الذي لم يزره حتى الآن ، قالها سابقا لو استطاعت زوجة ابنه ان تبعده عنها فقد فتحت ابواب من ابواب الجحيم ، هز راسه بيأس ثم التفت يمينا ويسارا قبل ان يدلف المطبخ طالبا من الخادم أن يصنع له فنجان من القهوة قبل أن تقبضا عليه متلبس !! ثم يفكر في هدوء ما يخبئن عنه فتاتيه .

******

يدخل هواء ملئ بالنيكوتين ثم ينفثه بكل استمتاع

تلك عادته

السيجار يخلفه دخان

وحياته ستتحول رمادا

والجزء الأخير من لفافة التبغ تسحق بعنف

كما يسحق هو من يعوق طريقه

نظر إلي الدخان ببعض المتعة ، كما يحب رؤية الأشياء التي تستحيل رمادا

حتي الاشياء الصلبة مصيرها في النهاية اما الاحتراق او التحلل

هز نضال راسه يمينا ويسارا يحاول أن يخفف من الوجع الذي ألم عنقه ، زفر بحنق وهو يستمع الي نقرات كعب حذاء أنثى مهووسة بالأحذية النسائية

قلب عينيه بملل وهو يعود لسياسية للتفكير بعمق شديد متحاشيا هذر أسرار وهي تصرخ

– انت كدا يعني عملت اللي يريحك

ضاقت عيناه ببطء وخمول شديدين ، مراقبا تلك الابنة العم

متى تحولت لكائن غاضب ، عصبي ، حاد المزاج

متى استبدلها ذلك الاحمق بذلك الكائن المزعج

نفث دخان سيجارته ليقول بهدوء شديد

– تقصدي ايه

رفعت اسرار عيناها للسقف .. تقتبس منه بعض الصبر لتعيد النظر إلى ذلك صاحب العقل المتيبس .. كانت هي أكثر منه صلابة لكن قلبها أمرها أن تأخذ هدنة وتكون بصحبة من تحب

لما ذلك الجاحد يضيع من يديه الفرص ؟!! … وضعت كلتا يديها على طاولة مكتبه لتقول بهدوء شديد

– نضال ، ارجوك افهم .. الست مننا عايزة اللي يطمنها مش اللي يهددها طول الوقت

دعس عقب سيجارته في المنفضة يرد بهدوء شديد

– ومين قالك اني بهددها

نظرت اليه بعدم تصديق لتعقد حاجبيها وهي تنفجر في وجهه بحدة

– نضال اركن غبائك ده على جنب من فضلك

رفع نضال حاجبه بشر لتلتمع نظرة تحدي في عيني ابنة عمه ، اشاح نضال رأسه قائلا

– عارف انا مستحملك بس عشان انتي حامل غير كدا كنت طردتك

خبطت بعنف على طاولته قائلة

– مش أسرار الغانم اللي تتطرد يا نضال

انفرج عن شفتيه ابتسامة ساخرة وهو يقول

– هنبدأ دلوقتي نقول القاب العيلة ، ارجعي اللي اعرفها رغم أنها غريبة بس احسن من وشك ده

مررت انامله في خصلات شعرها ببرود شديد لتقول

– لولا اني في مزاج حلو الايام دي مش هرد عليك واتعب اعصابي

هز نضال رأسه ، تقنيا لم يغير زوجها اسرار التي يعلمها ، همس بصوت ساخر

– لسة باردة من جوا

رفعت حاجبها بشر لتقول

– بتقول حاجه

ابتسم بلطف مبالغ وهو يرتسم اغبي ابتسامة رأتها اسرار قبلا

– بقول مشرفاني في مكتبي ليه .. الباشا تعب وقت ما بيلاحقك كل مرة في الكورنيش

شرست عيناها لتقول بحدة ونبرة بها بعض الوهن

– ملكش دعوة بسراج يا نضال ، بعدين حاسة اني مش كويسة الايام دي

عقد حاجبه وهو يراها تعود جالسة علي المقعد تحاول ان تتنفس بهدوء كي تتجاوز نوبة الغثيان .. استمعت الي نبرته المتهمة

– تعبانة وفيكي حاجه

زمت شفتيها بعنف لتقول بحدة

– لا كويسة ، وفر اهتمامك لمراتك وبنتك

رفع نضال حاجبه ، واصبحت جاحدة ايضا … تمتم ببرود

– ومين قالك اني مش مهتم

ضحكت ساخرة لتمتم

– هتقولي ،ده انت لوح تلاجة

انفجر نضال في ضحكة هستيرية ليغمز قائلا بعبث

– من بعض ما عندك

امالت اسرار برأسها لتهمس ببعض نفاذ في صوتها

– تقدري تقولي مستفاد ايه من الوش اللي لابسه ده عليها

أمرته بعدم الرد لتناوب عنه الرد قائلة

– انت  خايف تتعلق بيها مثلا !!! انت اتعلقت خلاص يا نضال .. متكابرش وتنكر ، فرح بتحبها وبتغير عليها غيرة غبية .. خلاص يا اسد انت وقعت

وضع نضال يديه في جيب بنطاله ، ينظر اليها بهدوء شديد والي تحليلها .. المكابرة طالما كانت ليست من صفاته

لكن الحب غير من صفته

يؤمن بكل شئ وأي شئ الا الحب ، ما هو الحب الذي جعل الناس تكاد تموت باحثين عنه ، لا يريد أن يكون ذليلا مرة اخري بعد ما عاشه

هو السيد

و الأمر

و المتحكم في مقاليد أمره وليس شخص يسلم له عنقه على طبق من فضة ..

همس بسخرية متهكمة منه ليقول

– وايه كمان

قامت من مقعدها وهي تهمس وطفقت الدموع تغزوها

– فرح ملهاش حد غيرك يا نضال ،تفتكر ليه لحد دلوقتي صابرة عليك ومرجعتش لعيلتها ، فضلتك عليهم يا نضال دي مش حاجة كبيرة يا نضال

ضم قبضة يده بعنف وانقبضت ملامح وجهه ليقول بحدة

– انتي مشوفتيش النجس ده عمل ايه معاها

تعابير متجهمة ، النبض في الصدغ يكاد ينفجر ، عينان مظلمتين وذبذبات سلبية تفوح من جسده

الرجل عاشق لحد النخاع ، همست بها اسرار وهي تري ذلك الاسد المكابر … ابتسمت أسرار وهي تقول بمكر

– فرح بعدها عن غيرتك ، عايز تنتقم انتقم من النجس ده ووريه مقامه ، عرفه انت قد ايه مهتم بيها

رفع رأسه وكم يحب جانب الشر اللذان يشتركان به ، همس نضال بمزاج عكر

– شرسة يا أسرار ،متوقعتش منك ده

شمخت برأسها وهي تقول ببعض العبث

– أسرار تقطع بسنانها اللي يقرب من جوزها

رفع كلتا يديه مصفقا ليقول

– سراج باشا لازم يسمع الكلام ده

التقطت حقيبتها وهي تغمز بعينها قائلة

– عارف من غير ما احتاج اقوله

ودعته وهي تنظر اليه ببعض اليأس .. نضال لن يشعر بما في يديه إلا أن فقده .. تلك هي الطريقة الوحيدة ربما تعيده للصواب !!

****

في حي عاصي ،،

وقف عادل بجوار عاصي المستند على عكازه رغم انه تخلص من جبيرة يده إلا أن الطبيب نصحه بعدم عمل أي مجهود شاق .. وهو الآن يقف كشخص عاجز يتابع مع عادل ترتيبات الحفل الذي سيقام في الشارع حسب أوامر توحة العليا … مرر عادل يده بسخط على شعره القصير ليقول بسخط

– انا مش عارف لزمتها ايه بس نعمله في الشارع ، هي اصلا مش بتحب تكون فرجة قدام الناس

هز عاصي رأسه بيأس وقال بنبرة جادة

– عادل ، اعمل اللي عليك وانت ساكت .. توحة اللي مقررة يتعمل في الشارع عشان البيت هيكون ضيق

رفع عادل رأسه بنفذ صبر ليقول بسخط

– يعني مالها القاعة ، هتقول لأ

لو عليه يكتفي فقط بوضع المحبس في اصبع اسماء ووقتها يستطيعان الاحتفال ولو في سطح منزله .. هز عاصي رأسه وهو يقول بنبرة مشاكسة

– روحلها وقولها الكلمتين دول

جحظ عادل عيناه ليهمس ببعض التوتر

– اروح مين بس يا عم ، خلينا ساكتين

انفجر عاصي ضاحكا ، وهو يرى عادل بجسده الذي يماثله يخشى من جدته .. الحق يقال جدته في بعض الأحيان تصبح كائن مرعب له .. تنهد للحظات وهو ينتظر انتهاء علاج ساقه ليعود للعمل وليري صاحبة العينين الداكنتين والتي اوهمته بعمل حلة له .. زفر عاصي بحرارة وهو يكاد يكبح شوقه لمكالمتها

بأي حجة .. ثم يتوقف عند آخر لحظة ويسأل

بأي حق يسألها … هي لم تصبح بعد امرأته الخاصة ، انتبه على صوت عادل قائلا بنبرة غامزة

– فاتنة الحي الجديد ظهرت

ارتفعت عينا عاصي لتحط عيناه عليها ..بأ فتنتها القاتلة وابتسامتها التي تجلب العدوي لشفتيه

عيناه تتابع بافتتان وشغف شديد لابسط حركاتها العفوية وهي ترفع نظارتها القاتمة من عينيها لتتشبع عيناه من احتفاظها داخل ذاكرته .. ليعاني ليلا من سهاد بسببها

ما ذنبه ان قلبه لا يتحمل كل ملامحها الفاتنة .. وما ذنب قلبه ليتحمل بصعوبة بالغة من نظرات آخرون يخدشونها بعيونهم النهمة …

مرر يده على مصدر قلبه .. يهدأ من ضربات خافقه كي يستطيع الصمود أمام حضرتها البهية

اغلقت وجد باب سيارتها بعد أن حملت في يدها علبة مستحضرات التجميل لتقدم المساعدة لاسماء التي رفضت رفضا باتا ان تضع شيئا علي وجهها ، توحة كانت تطلب منها ان تساعدها ولم تطلب منها تحديدا أن تأتي لكن هي اندفعت بالمساعدة .. رفعت رأسها حينما وجدت رجل متسلق سلم عالي .. تقريبا لأول مرة تري سلم خشبي بهذا الطول والرجل يتحرك به بسلاسة شديدو معلقة المصابيح الملونة … عقدت حاجبيها وبعض الانبهار وهي ترى يستخدم السلم كقدمين متحركتين .. هل يعمل في السيرك ؟!!!

جحظت عيناها حينما مر هاجس ان عاصي كان في مكان الرجل ، شهقت بذعر وهي تتابع الرجل بقلق شديد لتشهق من صوت صبي

– يا هلا ومرحب بيكي يا ست الكل

رمشت بأهدابها عدة مرات وهي تزفر براحة لتعقد حاجبيها وهي تحاول تذكر اسم صبي القهوة ، لتقول بنبرة هادئة متسائلة بعض الشئ

– انت .. اسمك هيما صح

هز هيما راسه قائلا بابتسامة متسعة

– مضبوط يا ست الكل .. هاتي عنك

قالها وهو يمد ليأخذ الحقيبة لتهز رأسها رافضة بابتسامة لطيفة

– مش عايزة اتعبك يا هيما

هز هيما رأسه وقال بنبرة متحمسة

– ولا تعب ولا حاجه يا ست الكل ، ست توحة نبهتني أول ما توصلي اوصلك علي الشقة علطول

تحت إصراره العنيد لكنها كانت اعند وهي ترفض بتهذيب شديد جعل هيما يتفهم رغبتها وانطلق متوجهها نحو العمارة لتتابع عيناها ببعض الشغف للعاملين الذين اتخذوا بقعة من الشارع ليحولوه إلى احتفال ، انتبهت على نظرة داكنة من صاحب العينين الخضراوين لتتخضب وجنتيها بالحمرة وهي تراه واقفا على بعد مسافة بسيطة من مدخل العمارة … اقتربت منه والحمرة تتدفق وجنتيها .. لأول مرة يسري شعور كهذا

شعور ما بين الشوق ، والسعادة المحفوف ببعض الخوف … همست بصوتها الرقيق كرقة عظامها اللينة

– صباح الخير

هبطت عينا عاصي تدريجيا مقيما ثوبها الكلاسيكي المكون من بنطال أسود وسترة من اللون الكشميري وأسفله قميص أبيض رقيق انثوي مبرزا بعض تكوين معالمها الانثوية الرقيقة … اندلعت النيران في عينيه وهو يراها أطراف القميص أسفل البنطال .. لم تترك فقط ان تبرز هشاشة بنيانها بل وتحديد خصرها

صاح بصوت اجش ونظرات عينيه تلتهمها التهاما

– صباح الخير

توترت وتلعثمت شفتيها .. هل وجودها غير مرحب به ؟!!

هي حرصت أن تكون موجودة لمقابلته وتستغل مقابلة كتلك أصبحت نادرة لمقابلته ، اشتاقت

تشتاق لذلك الرجل

لكلامه ودفء عينيه ومرحه .. كل ذلك تشتاقه منه ودعمه

ظهر بعض خيبة الأمل على وجهها لتهمس بتلعثم شديد

– جيت .. جيت علشان اساعد اسماء

تلعثمت قليلا وهي ترى نظراته النارية موجهه لبعض الاماكن تحديدا جعلت اناملها سريعا تغلق زر السترة بارتباك شديد .. شعرت بجفاف في حلقها ونظراته لا ترحمها وتوترها وتجعلها كغبية امامه .. همست بارتباك

– اللبس كويس ومناسب

نظر باستحسان لما فعلته ليقول بنبرة دافئة

– أي حاجه بتليق عليكي يا وجد

رفعت عيناها لتنظر الى عينه وهالها ما رأته

وعد .. وصر قديم يتجدد ، يعدها بكل ما كانت تبحث عنه

شهقت بصوت خفيض لتشيح عيناها وتنتزعها انتزاعا من عينيه هربا

– عن اذنك

– جبانة

تمتم بها عاصي بسخرية ثم توجه بجوار صديقه وهو لا يصدق جدته ومخططاتها ..

……..

زمجرت توحة بعصبية لتنفجر في وجه أسماء قائلة

– بنت انتي متجننيش

هزت اسماء قدمها وهي تقول باستنكار

– قولت مش هحط احمر واخضر ، عايزاني ابقي بلياتشو يا توحة

ألقت توحة نظرة ممتعة الى الوان الربيع الذي ترتديه لتشيح بيدها قائلة بسخرية

– انتي بلياتشو لوحدك اصلا

زمت اسماء شفتيها بعبوس لتقول ببعض الحنق

– بتقولي ايه توحة سمعيني

ألقت توحة نظرة خاصة لأمها التي تندب حظها العثر في فتاتها مولولة لتصيح بنبرة زاجرة

– يا ام اسماء روحي حضريلنا الغدا وكوباية  شاي عشان جابتلي الصداع بنتك

هزت ام اسماء رأسها وهي تتوجه نحو المطبخ الا ان رنين جرس المنزل جعلها تتوجه للطارق ، فتحت الباب ليلقي هيما سلاما ل ام اسماء .. ارتفع صوت توحة حينما استمعت لصوت هيما

– اتأخرت ليه يا وااد

تقدم هيما نحو المنزل تتبعه وجد التي ألقت سلاما وبعض الحرج يتملكها كونها غريبة بينهم

– يدوب اول ما جت جبتها علطول يا توحة

وقفت وجد متحرجة بعض الشئ لتهز رأسها وهي تلقي ترحيبها لتوحة والعروس الغاضبة

– صباح الخير

شعرت وجد بالتوتر يتسرب لخلاياها وهي ترى المرأة التي تخمن انها والدة أسماء تنظر إليها بتفحص مريب .. صاحت توحة بسخرية

– هو من فين الخير ده

ابتسمت وجد وهي تري شحنة التوتر تزداد في الغرفة .. عيناها مرت سريعا علي المنزل ..ليس تفحصا او تقيما .. لكن فضول يدفعها للمعرفة فقط .. ابتسمت بتوتر شديد وهي تري تأفف اسماء لتقول

– الف مبروك

استقامت اسماء بحدة من مقعدها لتتوجه نحو غرفته بوقاحة شديدة دون الرد عليها ، تفاجئت وجد من وقاحة تلك المرأة لتنظر نحو توحة التي استعطفتها بنظرات عاجزة .. غمغمت توحة

– عندك الحالة جوا

هزت وجد رأسها لتعقد العزم على إقناع تلك العقل الصلد … حينما اغلقت الباب خلفها تقدمت ام اسماء من توحة قائلة بفضول

– جبتي البنت دي من فين يا توحة

قلبت توحة عينيها بملل قبل أن تزجرها قائلة بحدة

– خشي يا ولية روحي حضري الغدا ، هو انا هجيبها منك ولا من بنتك

هزت اسماء رأسها رافضة دون حتى النظر الى الالوان لتقول

– لا مش هحط احمر ولا اخضر

خلعت وجد سترتها وشمرت ساعديها وهي تسمع منذ عشر دقائق هذر اسماء وخوفها من أن تصبح عفريته ملونة بمساحيق التجميل ، ظلت اسماء تنعي حظها حينما وافقت علي ذهابها الي صالون التجميل التي شوهت وجهها … نظرت اسماء بحزن الي وجهها الاحمر المكدوم ، تتذكر كيف امسكت شعر الموظفة لكن الموظفة اخبرتها عن حساسية وجهها الزائدة .. نظرت ببؤس شديد وهي تتطلع عبر المرآة لتشعر بيد حازمتين تجلسانها علي المقعد وصوت انثوي امر

– اقعدي هنا

رفعت اسماء رأسها وهي تنظر اليها عاقدة الحاجبين …تمتمت وجد وهي تخرج أدواتها .. اخرجت عدة ماسكات مغلفة وانتقت واحدة لتقول بحزم

– لازم اعملك الاول ماسك عشان يهدي الاحمرار من وشك وبعد كدا ابقي نشوف الاحمر والاخضر

همت بالاعتراض

– بس

وضعت وجد القناع علي وجهها ثم قالت بأمر

– ولا كلمة .. الوقت اتأخر اصلا ويارب الحق اخلص

زمت اسماء شفتيها بعبوس وهي تشعر بان وجهها يعود للاحتراق مرة اخرى

– مش عايزة احط احمر

زفرت وجد بيأس لتهز رأسها قائلة بمهادنة

– مش هحط ، اهدي وارتاحي ، كل اللي هعمله بس هبين عينيكي

صمتت اسماء ببعض الحنق وهي تشعر بأن تلك اللسعات الساخنة في وجهها تهدأ تدريجيا ، دلفت توحة الغرفة وهي تحمل صنية الضيافة لوجد .. رأت سكون اسماء ووجد التي تخرج مستحضرات التجميل لتضعها على الطاولة ، انشرحت أساريرها قائلة

– ايوا كدا الله اكبر

عقدت توحة حاجبيها لتشير قائلة اللي ما في وجه أسماء

– ايه ده

ابتسمت وجد وهي تأخذ الصينية منها لتقول ببعض الحزم

– ماسك مغذي للبشرة يا توحة ، اسماء انتي لازم تهتمي ببشرتك لانك بدمريها .. هكتبلك علي حاجات بسيطة تقدر ترجع نضارة للبشرة بتاعتك لحد يوم الفرح

لم تكترث اسماء ان ترد عليها بل اغمضت عينيها تحاول أن تأخذ غفوة لفترة قبل ما ستفعله بها … نظرت توحة بفخر إلى زوجة ابنها المستقبلية لتهمس

– ايوا كدا ما يجيبها الا ستاتها

****

في مطعم نزار ،،

توجه كلا من غسان والكلب سيد نحو الباب الخلفي من المطعم ، بقدر ما يثير ضخامة سيد من رعب للناس الا انه ايضا يكون مصدر فخر وقوة له وهو يرى نظرات الحسناوات عليه ، لن ينكر انه اشتاق للايام الخوالي … ثم ذلك اللعين منذ ان ترك له سيد يدور حول حسناوات وهو مرتبط بكلب جائع طوال الوقت …

صوت نباح الكلب جلب انتباه نزار الذي أنهى حديثه مع رجل ثم اقترب منها قائلا

– لك شو جابك لهون

ابتسم غسان بصبيانية قائلا بهدوء

– لك سيد جوعان واجيت طعميه

ألقي نظرة للكلب الذي يهز ذيله ناظرا اليه بحماس ، ليعود النظر نحو غسان قائلا بحدة

– خلي عيوشة تطعميه

هز غسان رأسه رافضا ليغمز بعينه قائلا

-لا هو عجبته اللحمة يلي هون

ظلل الغضب في عيني  نزار ليقول بنبرة جادة

– غسااااااان

تأفف غسان وهو يقول بملل

– بلا غلاظتك ولووو وحاجتك بخل وأنشحة، لك بتاخدلك ثواب فيو

رفع نزار عينيه للسقف ثم عاد ينظر للكلب الذي اتبع سياسة اللعب بالعاطفة من نظرته تلك التي جعلته يستسلم قائلا

– ليك في لحمة مشوية عندك بس لاتاخده كلو لانه لحفلة شادية

نبح الكلب وهو يهز ذيله ليقول غسان بلا مبالاة

– سيد بياكل قد مابدو ،مافيني احرمه احسن ماياكلني انا ،لكن كيف صار متل الديناصور

دفعه نزار خارج المطبخ قائلا

– لك خلصني وطلعو مو ناقصني تطب عليي الصحة فجأة ويشوفوه

صفر للكلب جاذبا انتباه … ليشير إليه نحو مخرج الباب الخلفي قائلا

– تعا تعا سيد شو بدك احسن من هيك الاكل رح يجي لعندك

الطعام للكلب كان ملكي وفخم للغاية ، لطالما كان سرمد حريص على نوعية طعامه وجودة اللحم ، هز غسان رأسه وهو جالس على الكرسي ينظر للحديقة الخلفية الهادئة … لا وجه حسن مر ولا صاروخ يستطيع أن يجذب انتباهه

اصبح اب لكلب يجحد عليه طيلة اليوم ، زفر ساخطا

-غبي

انفجر يصيح حانقا

– لك هالدب سرمد مو عاتق وحدة من شره وخصوصا هديك السمرا ولك فوق حقه دقه مخليني البيبي سيتر تبعك

استمع الي نباح الكلب المعترض ليزم غسان شفتيه عابسا

– ليك ليك لك حاج تنبح ولو يعني مو عاجبتك القعدة معي، لك طعميتك اكل بعمرك مابتحلم فيه لما هالمغضوب سافر وتركك عندي

عاد الكلب لتناول وجبته الشهية تاركا اياه يتخبط في حطام أحلامه المتكسرة ، رفع عيناه حينما شعر انه ليس الوحيد في المكان .. ضاقت عيناه حينما رأى صاحبة العينين الدابحتين بجمالها الذي لا ينكره وهي مرتدية فستان صيفي ناعم طويل عند كعبيها

-شو عم تعملي هون

شهقت بيسان وتراجعت خطوة .. لم تتوقع ان تجده هنا .. بل لم تتوقع ان تجد احدا هنا في ذلك الوقت ، تجهمت ملامحها للحنق لتحتد عينيها الخضراوين

– وانت مالك يا بني آدم

شهقت بفزع حينما وجدت معالم وجهه تنقلب مائة وثمانون درجة ممسكا بزندها منفجرا في وجهها بغضب هادر

– احكي معي منيح فهمتي، وقليلي شو عم تعملي هون

للحظة ألجم لسانها الصمت وخشت من ذلك الغضب المظلل حدقتيه ، الا انها حركت خصلات شعرها الكستنائية بفتنة غير مقصودة جعلت غسان ينظر مبهورا لخصلات شعرها المتوهجة أسفل أشعة الشمس لتشع بتوهج آسر ، صاحت في وجهه بحدة

– وانت بأي حق تسألني بعمل ايه هنا ، المطعم بأسمك مثلا

يحرقه مجرد فكرة انها تفكر في أخيه العاشق لخطيبته

تكون غبية

ان حاولت ان تفسد العلاقة بين شقيقه وخطيبته

سيقف لها بالمرصاد

اشتعلت خضرة عينيها لتزمجر في وجهه بحدة

– دي حاجة متخصكش يا بتاع انت

ضغط بقسوة على زندها لتخرج تأوه موجع خافت وعينيها تتسع بجحوظ .. كيف تجرأ ذلك الوقح لامساكها بل واوجاعها … همت بالصراخ في وجهه الا ان بدنها ارتجف لذلك الشرر المتراقص في عينيه

أجلت حلقها وهي تنظر إلي بقلق .. هل هو مريض نفسي ؟

– بدك اقلب ع وشي التاني آاااه

زادت قسوة أنامله وهو ملتمس جلدها القشدي بانامله الخشنة ، كل ما بها ناعم وجميل يعترف … كل شئ بها فاتن لكن سواد من الداخل يبتلعها

تأوهت بوجع حقيقي وهي تحاول بيأس ان تفلت يدها لتصيح بحدة

– افندم

اتسعت عيناه بما يشبه البسمة القاسية ليقول بجنون

-بكون واحد قليل ادب بسبب رفيئي حابة تشوفيه ياعمري

اقترب

لتعود خطوة للخلف .. .واقترابه الغير برئ بالمرة جعل عيناها تتسع بجحوظ ولسانها الجاهز للرد صمت … تحاول حثيثة ان تخرجه الا ان صوتها خرج مهتز ببعض الشئ

– اننن .. انت بتعمل ايه

يتأمل بعبوس ملامحها الجميلة … لطالما قابل من هن اجمل منها جمالا واكثر رقة وانوثة علي عكس لسانها الحاد الذي سيكون مسرور باعادة تربيتها

أن فشلت خالته ووالدته سيكون هو مسرور بشدة لتعليم تلك الوقحة معني ان لا تنظر لشئ ليس ملكها

مال برأسه يقترب من اذنها … شعر ارتجافة جسدها اثر زفيرة الحار على عنقها واضطراب نبضات قلبها ليهمس بصوت عابث

– عم كون قليل ادب ياروحي شو رأيك

لأول مرة تواجه اقتراب رجل منها لتلك الدرجة ، رجل عابث .. ولسخرية القدر يشبه نزار شكليا … لكن طباعهم مختلفة كالسماء والأرض

رفعت عيناها لتنظر خلفه ، اتسعت عيناها جحوظا حينما وجدت نفسها أمام الكلب المزمجر بغضب ، ينظر اليها بشراهة  ، كأنه حصل على وجبة اضافية  لطعامه الذي تناوله منذ قليل

التفت جانبا لترى غسان الذي ترك الساحة أمامها ، لقد تركها تواجه الأسد بمفردها … اهتز بدنها لتخرج صرخة مرتعبة جعل نباح الكلب يرجف أطراف بدنها

– يا مامااااا

اقتراب الكلب وعينيه المتوعدتين جعلها تقف ساكنة .. غير قادرة على الحركة ، وكأنها تواجه قدرها المحتوم … امتلئت عيناها بالدموع لتهمس

– ساعدني

رق قلبه .. اللعنة قلبه المسكين رق لتلك المخادعة ، ضرب بكفه على نبضات قلبه الذي يتوسله لارحامها وزرعها بين جنبات صدره ، لكنها تستحق .. تستحق كل قطرة عذاب لتفق تلك المخبولة من أحلام يقظتها

– مستحيل

اهتز جسدها برعب شديد والكلب صار علي مقربة منها لتغمض جفنيها وهي لا تعلم أسيبدأ من ساقيها أم اطراف يدها؟؟ لتهمس بارتجاف

– بخاف من الكلاب

اشاح غسان بلا مبالاة قائلا بسخرية

– خليه ياكلك خرجك بتستاهلي

شعرت بزمجرة الكلب يزداد قوة ، بدأ الهواء يقل تدريجيا من محيط المكان ، واستسلمت للحظة ان يلتهمها .. ازدادت رجفة حينما شعرت بشئ يقترب يتشممها لتعض على شفتها ثم همست بتوسل

– غسان من فضلك

للحظة ود أن يخبرها ان الجحش سيد يريد التعرف عليها ، لم يمنع نفسه من السخرية من خوفها الغير مبرر

– شو هالاحترام يلي نزل عليكي فجأة ياآنسة

انطلق صوت أجش معاتب

– غسان

رفع غسان رأسه لينظر إلى شقيقه الذي ينظر إليه ببؤس وغضب غير مبررين له ، احتدت عينا غسان وهو يرى تلك الغبية تنظر اليه بنجدة وكأنها راهنت حياتها عليه

– لك ياجحش شو عم تعمل

صفر غسان لسيد كي يبتعد عن محيط بيسان التي تبكي برجفة غير مبررة له ، التمع الشرر في عينيه

هل تبكي الان امام حبيب القلب ، غمغم بحدة

– ما عم اعمل شي، هالهبلة بس شافت الكلب صررخت

هز نزار رأسه بيأس من شقيقه الجلف ليقول بعتب

– بيسان بتخاف من الكلاب يا جحش، أنت منيحة بيسان

رفعت بيسان رأسها نحو نزار … تكاد تخفي شعور قهرها وغضبها من امها وخالتها .. تحاول التأقلم ان الحلم الذي دفعوها إليه بات مستحيلا لها … هزت رأسها لتهمس وشحوب وجهها جعل نزار يرفع عيناه بغضب الى شقيقه العابس

– كويسة بخير

تابع بنزار باهتمام نحو ابنة خالته قائلا

– صارلك شي، تعي فوتي

صاح غسان بحدة مزمجرة

– ما رح تفوت

رفعت بيسان رأسها لتنظر الي ذلك الغاضب امامها ، لا تنكر انها اصبحت تخشاه .. لديه ميول متطرفة للقتل .. ازدردت ريقها بتوتر ليقول نزار بعدم فهم

– شو

حدجها بنظرات خاصة قاتلة .. يحذرها من شئ لا تعلم ما كنهه لكن الاسلم لها ان تظل صامتة ، ليقول غسان بنبرات جادة

– بيسان حكتلي انو مضطرة ترجع عالبيت لانو وراها التزامات كتير

ثم القي نظرة نحو بيسان التي وافقته بهزة من رأسها لتهمس

– فعلا .. كنت جيت عشان نسيت كام حاجه هنا خاصة بيا بس هاخدها بعدين الوقت اتأخر

وقف نزار ينظر لكلاهما بعدم فهم ليسمع صوت غسان الأجش

– ارجع عشغلك نزار

صفق نزار كلتا يديه متعجبا من ما يحدث ليعود إلى مطعمه ، وقفت بيسان تنظر اليه بحدة ، لا تصدق انها جارته .. بل اذعنت لذلك الاحمق ، همت بالصراخ في وجهه الا انه صاح بنبرة غاضبة

– وانت شو عجبتك القعدة هون يلا قومي رح وصلك

ازدردت بيسان ريقها بتوتر وهي تجده يصفر للكلب ليأتي إليه ، كان الكلب يهز ذيله وهو يتفحصها لفترة من الوقت ظلت هي كاتمة انفاسها ، حتى أشاح الكلب برأسه وتقدمها ماشيا بخيلاء .. أمسكت بحقيبتها وهي تسير خلف غسان متحاشية النظر إلى عينيه العاصفتين بغضب لا تعلم سببه ..لكن الأمن ان تظل صامته كي لا تمد اصابع بطشه ناحيتها !!!

****

المكان يعمه الظلام والسكون وهي تتقدم بخطوات بطيئة تصعد درجات السلم لترتقي لسطح الباخرة  .. مررت اناملها علي فستانها البيج ، لقد ضربت بكلام جيهان بعرض الحائط ، كانت تريدها ان ترتدي فستانا مبهرجا لامع .. فضلت ثوب كلاسيكي وتسريحة كلاسيكية لخصلات شعرها… نظرت لما حولها .. كل شئ ساكن سوى من صخب السيارات الصادر من على بعد بعيد نسبيا …

انقشع الظلام فجأة لتسمع صوت موسيقي العيد ميلاد … تراجعت شادية خطوة واحدة وهي ترى والدها وشقيقتها التي ارتدت فستان مشابه للذي تركته امس بلون فضي عكس خاصتها باللون الذهبي ، ثم فريال وزوجها ورهف الجميلة .. اتسعت ابتسامتها تدريجيا وهي تشهق بذهول هامسة

– ده انتوا كلكم هنا

لاحظت نظرات شقيقتها الممتعضة لفستانها الكلاسيكي لتشمخ برأسها وهي تسمع ضحكات فريال المرحة

– طبعا هو حد يقدر يغيب عنك

نظرت الي شقيقتها بامتنان شديد ، تعلم انها تريد مصالحتها وكل ما فعلته يجعلها تشفع لها غلطتها الكبيرة نوعا ما ، تفاجأت من قرص فريال لخصرها لتتأوه متوجعة وهي ترى نظرات فريال الشقية

– سمعت عن قطة لطيفة جتلك ، قولت مش هتيجي غير من شخص مهتم

عضت على طرف شفتها السفلى واحتقن وجنتيها لترد ببعض الحدة واليأس

– حتي انتي

قررت الهروب وهي تتوجه نحو والدها الذي يلقي اوامرا لشقيقتها لتقترب من والدها قائلة

– بابا مكنش لازم التعب ده كله ، انا لسه عيد ميلادي الشهر الجاي

لوي معتصم شفتيه وهو يري جيهان التي تصر على عدم التفوه بحرف واحد سوي من الغاز يمقتها

– قولي لأختك مش ليا

نظرت شادية بعبوس الي ربطة عنق والدها الغير ملائمة لحلته ، اخرجت من حقيبتها ربطة عنق جديدة اشترتها لتخلع ربطة عنق وتلبسه الجديدة تنظر بفخر إلى والدها الوسيم الذي زادت خصلاته البيضاء وسامة فوق وسامته ، اقتربت تلف ذراعها حول عنقه ليربت معتصم والدموع تترقرق من عينيه .. مال مقبلا رأسها ليصدر صوت جيهان وهي ممسكة بمكيروفون خاص

– بمناسبة تجمعنا اللطيف ، ايوا يا عصوم ركز معايا الله يباركلك .. جمعتكم قبل ميعاد اختي بشهر بس ده مش معناه اني هتمرمط واجهز حفلتها للمرة التانية ، لا .. قولت نضرب اتنين في واحد

انفجر المدعوين من بين زملاء جيهان عبر شبكات التواصل الاجتماعي وبعض المعارف الذي خصهم معتصم للحضور ، ليهز معتصم رأسه .. الشقية لن تتغير ابدا .

وقفت رهف بجوار فريال وهي تنظر بعينين مترقرقة بالدموع الي عناق شادية لوالدها ، تشعر بالغبطة لعلاقتهما المتماسكة .. همست فريال بابتسامة متسعة وهي تميل عليها هامسة

– مجنونة

ثم استطردت فريال بشقاوة

– ادعيلها اللي يجي ويعقلها

انفجرت رهف ضاحكة وهي تزيل دمعة خائنة لتقول

– جيجي استحالة تكون عاقلة

ألقت فريال نظرة لرهف .. ما زالت صغيرة على كل ما عاشته تلك الفتاة ، تتعجب من قوة ثباتها حتى الآن بل وجسارتها على أن تكون خطواتها ثابتة .. همست فريال بجدية

-قولتي لنزار

أجلت رهف حلقها ، كل ليلة تتشجع وتكون على وشك اخباره بما عانته إلا في الثانية الأخيرة تتراجع

خوفا

بل قلقا

ان يغادر نزار من حياتها

رغم انها تعلم انه ينتظرها لتخبره بما تخفيه عنها ، لكنها ببساطة تود النسيان

تود وأد تلك الذكري من حياتها نهائيا ، هزت رأسها نافية

– مش قادرة .. بحاول اتشجع واقوله بس بخاف

ثم رفعت عينيها الزرقاوين نحو شادية ووالدها لتهمس بنبرة كئيبة

– علاقتهم حلوة اوي

شعرت بذراع حانية تلف ظهرها وصوت شقيقها الدافئ يهمس

– وانا فين يا رهف

تجمعت الدموع في عينيها لتدفن نفسها بين ذراعي شقيقها هامسة

– انت عيلتي يا وقاص

ابتسمت فريال ومسحت دمعة خائنة ، تلك الهرمونات الغبية افسدتها نهائيا .. عادت تنظر نحو الاحتفال الهادئ نسبيا وهذا بعيد كل البعد عن جيهان ترى ماذا تخفي جيهان في جعبتها ؟!!

وقف سرمد علي مسافة بعيدة نسبيا عن برتقاليته المتوجهة بفستانها الأنثوي ، اللون البيج أبرز سمرتها الناعمة .. عض على شفته السفلى بحسية شديدة .. تري متي ترحمه تلك كتلة المشاعر الأنثوية وترحمه مشاعره المتأججة كمراجل ..

عدسة كاميرته الخاصة تلتقط صورها لها فقط ، وهي تنحني لوالدها

تعانق والدها

تساعده في ارتداء ربطة عنقه

متى ستقوم بمثل تلك الأشياء له

بداية أنه رأى بث مباشر خاص لجيجي وهي تصور شقيقتها وهي تحلق لوالدها … ضم قبضة يده بعنف وهو يصبر نفسه .. ما بقي القليل مادام يسير علي الطريق الصحيح تلك المرة

هبطت عيناه متأملا قدها الرقيق كحالها وهو يرى فتحة الفستان الامامية ..مثيرة للغاية .. تعده بالنعيم المحرم عليه أن يطئه

لكن ان كان ممنوع عليه لفترة أفضل من أن يكون محرما للأبد … هبطت عيناه بتقيم صريح وشكر قماش ذلك الفستان الخادع .. المحتشم ظاهريا لكن بعينه فقط كل شئ اسفل نسيج قماشها ظاهرا له ..

النيران المستعرة داخل جوفه لا تهدأ وهو يقترب منها وهي غير واعية .. بل غير مدركة أنه على مقربة منها .. كل حواسها فقط علي والدها وهي تلتصق به التصاقا .. كأنها تخشى أن تواجه وحش مفترس على وشك التهامها

ارتسمت ابتسامة ساخرة على شفتيه وعينيه على كاميرته يلتقط صورة وهي تدلل على والدها بكل تلك الرقة وانوثتها

زفر بحرارة وشعور بالغضب محفوف بالغيرة … لما والدها فقط تظهر كل ذلك الدلال المائع

لكن صبرا .. كل شئ .. هي بكليتها ستصبح ملكه !!

انتبهت شادية علي صوت جيهان الماكر وهي تنظر نحو جهة معينة

– اضحكي يا حلوة خلي المصور ياخد صور حلوة

رفعت شادية عيناها نحو مرمى بصر جيهان لتتسع عيناها بصدمة

كيف … كيف .. لما أتى إلى هنا ؟!!

انحبست انفاسها وهي تراه يقترب كما لو انه صياد متربص على وقوع الفريسة في المصيدة ، ازدردت ريقها وهي تري قميصه الأبيض الذي عانق جسده العضلي بصعوبة .. فتحة قميصه التي تراها واسعة للغاية ، حتى علاقتها مع الرجلين الذين ارتبطت بهم لم يتركوا أول ثلاثة أزرار من قميصهم محلولة ولا حتي لم ترى أحدا منهم مشمرا قميصه كمثله

فوضوي

عابث

خصلات شعره كانت حالة تمرد خاصة ، فضحتها مشاعرها وهي تتنفس بصعوبة والهواء الذي يدخل ويخرج من صدرها كله التقطه سرمد بعينه وعدسة كاميرته النهمة ..

اسدلت شادية أهدابها باستحياء شديد ولم يخفي تورد وجنتيها عن والدها الذي ينظر عن كثب شديد إلى الرجل الذي جعل ابنته تفقد انفاسها

عاد معتصم يلقي نظرة لذلك الغريب ، بهيئته الفوضوية وعينيه الشغوفين لصغيرته جعلته يرفع عينيه نحو جيهان التي غمزت بمكر .. تخبره انه رجل صغيرته

قست عيناه وهو يقترب من جيهان وواقفا كليث مترصد لأي عدو ليستمع إلى صوت جيهان الماكر

– بابا

كان يعدها بالعقاب .. الا ان جيهان لم تلتفت نهائيا لعقابه لتسمعه يقول بحدة

– نعم يا اخرة صبري

اتسعت عينا شادية وهي تشعر انها تكاد تزوي من نظرات سرمد الحارة لتسدل اهدابها حياء وجسدها يرتجف باثارة شديدة ، تعترف انه اخذ جزءا من قلبها على ما فعله ذلك الصباح بجلب لولو الي حياتها
اقتربت جيهان من سرمد لتتسع شادية وهي تشعر ان شقيقتها تخطط لشئ عظيم
– تعالى اعرفك بالمصور اللي قولتلك بيعمل مشروع ترويج السياحة في الوطن العربي
القي سرمد نظرة خاصة لجيهان .. إمتنان ربما !! هكذا فسرتها شادية لتسمع صوته الاجش الذي يلعب على أوتار انوثتها يحيي والدها
– مساء الخير
رفع معتصم حاجبه للحظة وهو يستمع إلى لكنته الانجليزية ليلقي نظرة مميتة نحو جيهان التي ألقت قبلة عابثة في الهواء .. هل تمزح معه جيهان !!!
اكتفي معتصم ان يقول بنبرة باردة دون ان يكترث به ، عينيه واقعة على تلك الداهية الصغيرة
-مساء الخير
توجه نحو جيهان ليمسكها من عضدها قائلا حينما وجدها على وشك الهروب منه
– تعالي هنا
عقدت جيهان ذراعها لتسمع إلى نبرة والدها الحانقة
– انتي مقولتيش انه اجنبي
غمزت جيهان بمكر
– ايه يا عصوم ، مالها المنتجات الأوروبية زي الفل
القي معتصم نظرة ممتعضة نحو سرمد ، اجنبي … هل اخر نصيب ابنته رجل بارد الدماء … علي جثته أن سول ذلك الغريب للاقتراب منها ، قال بحدة وهو يتوجه إلى ابنته التي على وشك الافتراس
– ماشي كلامنا بعدين
كانت صامتة وهو الآخر صامت لكن حديث عينه الوقح جعلها تشيح بعينها بعيدة عن عينه ، اخر شئ تريد ان تحلم به هو مرة أخرى ، شعرت بيد والدها علي ذراعها لترفع رأسها قائلة
– عايز حاجه يا بابا
هز معتصم رأسه قائلا وهو يجذبها إلى ساحة الرقص
– نرقص
اتسعت عينا شادية بصدمة وهي تسير خلفه
– نرقص
لم يخفي عن عيني معتصم الخبرتين تجهم وجه ذلك الأجنبي وهو يعض على نواجذه .. راقص صغيرته علي الحان هادئة لتتسع عينا شادية قائلة بتساؤل
– قولي بتضحك علي ايه
اعاد نظره نحو صغيرته بعدما استشف بعينه الخبيرة لذلك الأجنبي ، يبدو مهتما لصغيرته
لكن هذا ليس كافي .. يجب أن يكون حريصا انه يناسبها دينيا وفكريا
فاخر شئ يرغبه اختلاف الديانات ، هذا ما ينقصه حقا
تشعر شادية بأسهم نارية ترشق ظهرها ، تعلم صاحبهما .. حرصت ان تخلع كعبي حذائها الذي يشعرها انها علي وشك الوقوع
هز معتصم رأسه وهو يقول بابتسامة ساخرة
– انتي كمان بتسأليني بضحك على ايه
احتدت عينا شادية لشد ربطة عنق والدها ببعض الحزم لتقول بنبرة جادة
– طبعا مسؤولة منك ، لازم اعرف معتصم باشا بيعمل ايه .. اوعي تكون بصيت كدا او كدا بقولك اهو
تجهمت ملامح الآخر للوجوم … النيران مندلعة في جوفه وزادت اشتعالا لتصرفات تلك الفاتنة لوالدها ، هذا آخر ما ينقصه .. تتمايل بخصرها ليتمايل معها قلوب آخرون
انفرجت عن شفتيه ابتسامة لعوب جعل شادية تنظر بعبوس إلى والدها وهو يقول بغموض
– المنظر حلو برضو
القت نظرة يمينا ويسارا حريصة كل الحرص على عدم النظر خلفها …صاحب السهام الغادرة لتقول بابتسامة مرتعشة
– معتصم باشا ، هنرجع نلعب تاني
زفر معتصم وحنين غمره ليقول
– لا تاني ولا تالت ،حرمت خلاص بعد ثريا مفيش ست تقدر تملا عيني
غامت عينا شادية … لترفع شادية عيناها تسأل والدها بيأس
– تفتكر هلاقى واحد زيك يا بابا
رفع معتصم عيناه نحو ذلك الغيور ، يغار منه ذلك الغبي !! ارتسمت ابتسامة ساخرة على شفتيه ليرد بغرور
– مفيش من معتصم السويسري غير شخص واحد بس
انفجرت ضاحكة وهي تميل بعنقها للخلف لتعود تقبل وجنته هامسة
– بحب غرورك يا بابا
حمحمة خشنة من قربها جعلتها تعلم أنها ليست من صاحب السهام النارية ، مازال يرشقها بسهام طاعنة وهي بالكاد تقف علي قدميها
صدر صوت خشن لم تسمع شادية طويلا
– انا ماليش رقصة طيب
دارت شادية برأسها لتتسع عيناها بجحوظ ثم شهقة صادمة قبل ان تهمس وهي تلقي بذراعها بين ذراعي الرجل
– م … ماهر
ضمها شقيقها باشتياق وحنين شديد لصغيرته ثم مال بشفتيه طابعا قبلة على مقدمة رأسها وصغيرته تدفن وجهها في عنق شقيقها الذي اتي من غربته لتهمس
– وحشتني اوي يا حبيبي
عينان مظلمتان كليل لم تزوره النجوم، فتحتي أنفه تنقبض وتنبسط ورؤية جسدها اللين الطري مغمور داخل جسد رجل غريب عنه وقريب .. قريب لدرجة الأب راضي
هل هو حبيبها ؟!!!!
اندلعت النيران وبركانه الثائر يلقي حممه البركانية … قبض يده بقوة وذراعها المحيطة لعنق ذلك الرجل جعلته على وشك قتلها … تلك … تلك الوقحة ، الكاذبة .. المغوية تفعل به كل هذا
زمجر بغضب وهو يحاول ان يلجم شياطينه الماجنة قبل ان يقوم بشد جسدها واشباع جسدها تقبيلا وضربا .. انفجر يسب بسخط
– اللعنة … اللعنة .. اللعنة
ابتسمت جيهان بمكر شديد وهي تري سرمد يختفي من بين الجموع لتزفر براحة
الإيطالي غيور لدرجة مثيرة .. كان الله في عونك يا شقيقتي عليه
ضاقت عينا جيهان بتسلية وهي تري شادية تهاتف احدهم وتتوجه بقدميها نحو وجهه سرمد
يبدو أن العقاب بدأ بسرعة !!!
كليث هائج .. يزأر في قفص حبيس لحدود حريته ونطاقه
الغدر يستوطن كل شبر في خلايا عقله
لقد خدعته .. القطة التي يعتني بها في بيته تتسم بطابع الغدر
تركته
ورحلت
برسالة رومانسية باهتة تعبر عن حالتها ” لا تحاول حتى البحث عني ، وكأنك ستفعل نضال ؟!!! “
تستخف به بقوته ونفوذه
تستخف بما هو قادر على فعله
صرخ بكل حدة والعروق بزغت في نحره
– فرااااح
خرج من غرفة النوم وواصل صوت جهيره المرتفع الذي ارعب الخادمة التي تعتني بشمس .. تابع صراخه وفكرة تلك الهرة تغادر بيت آمن لا يستوعبها حتى الآن
– فرااااح
تصاعد رنين هاتفه لينظر الي بهائم الذي يدفع لهم مبالغ طائلة .. رد وهو يصرخ في وجوههم
– انتو يا شوية بهايم ، قسما بربي ما هرحم حد فيكم
هو رجل الوعيد كلمة سيف في حقه
يأمر فيطاع
صوت بكاء الصغيرة زاد من إتلاف اعصابه المتلفة ليهدر في وجهها بانزعاج
– اسكتي
اتسعت عينا شمس الصغيرة قبل ان تنظر اليه بعتاب بعينيها الشبية بخاصته ، ثم انفجرت تلك المرة بكاء حار عكس السابق
زفر نضال بحدة وهو يتوجه نحوها يحملها برقة يقبل رأسها … يهدهدها قائلا بخشونة
– اسف
الصغيرة الماكرة لم يعجبها اسفه العديم الذوق ، بل تابعت الصراخ عابسة الوجه ، منعقدة الحاجبين ، مزمومة الشفتين ليرق قلبه ويلعن غبائه وهو يهمس
– اسف يا شمس حقك عليا ، بابا غبي نصيبك بقى
اتسعت عيناها ببراءة شديدة وهي تكرر الكلمة الجديدة
– غبي .. غبي
اتسعت عينا نضال بشرر لتشهق شمس واضعة يدها علي ثغرها وهي تسمع الي نبرة والدها الخشنة
– بنت اتعدلي مع ابوكي
زمت شفتيها الصغيرة ثم غمغمت بعبوس
– بابا .. مشت
اسودت عيناه قتامة لتتسع عينا الصغيرة بانبهار وهي ترى تغير لون عينه من مزاج لآخر … استمعت إليه بإنصات شديد وهو يقول بحدة
– عارفة لو اختفت هعمل فيها ايه
حتى تلك اللحظة لا يتخيل انها تركته
هو نضال الغانم بكل كبريائه الذي لا يسمح لأحد المساس به
تأتي صاحبة القامة القصيرة وعينها الشبية بعينين الغزالتين تطعن كرمه
زمجر بحدة وهو يتخيل حينما تصبح تحت قبضة يده
– هكسرها .. هتندم علي اليوم ده
تعالي رنين جرس الباب الخاص به ، يقسم ان كانت هي وتختبره في خدعة لن يرحمها
فتح الباب لتتسع عيناه وهو ينظر إلي زائر توقعه نسي عنوان بيته
انفرجت عن شفتيه ابتسامة ساخرة وهو يقول
– مارية
وقفت مارية وهي تصفف خصلات شعرها الشقراء باناملها لتلقي نظرة نحو صغيرتها التي قررت أن تتركها لولدها لفترة من الوقت قبل أن تأخذها منه مرة أخرى ، ارتسمت ابتسامة باردة على شفتيه وقالت بجمود
– اعتقد سبت شمس مدة كفاية معاك
رفع حاجبه لثانية قبل أن تنفلت من شفتيه ضحكة صاخبة
الجميع يتسرب من حياته واحد تلو الاخر
كأن نصيبه أن يعيش وحيدا ويموت وحيدا!!

يتبع..

لقراءة باقي حلقات الرواية اضغط على (رواية أترصد عشقك)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *