روايات

رواية أنا جوزك الفصل السادس 6 بقلم شيماء سعيد

رواية أنا جوزك الفصل السادس 6 بقلم شيماء سعيد

رواية أنا جوزك البارت السادس

رواية أنا جوزك الجزء السادس

أنا جوزك
أنا جوزك

رواية أنا جوزك الحلقة السادسة

بمكتب الضابط.
جلست على المقعد المقابل إليه بتوتر ظاهر على كل جزء من ملامح وجهها، نظراته ترعبها يبدو و كأنه شخص غريب عليها لأول مرة تراه، قررت عدم الصمت مثل عادتها قائلة بتساؤل :
_ أوعى تقول إنك ظابط و كل اللي حصل ده فيلم هندي منك..
أخذ أحد الأقلام من على المكتب و بدأ يلعب به و عينيه لا تفارق أقل تفصيلة تصدر عنها، أبتسم ببعض الهدوء قائلا :
_ نص كلامك صح و النص التاني أوفر منك، من ناحية إن اللي حصل فيلم هندي فده حقيقي، أما موضوع الظابط ده خرج منك شوية أنا خريج طب و بس…
لماذا تشعر أنها أصبحت مكشوفة أمامه و هو يستمتع بخوفها منتظرا لحظة اعترافها على نفسها بالحقيقة كاملة،، عدلت من وضع حجابها ثم قالت :
_ مش فاهمة يا باشا…
ضرب على المكتب بقوة ثم قال :
_ أنا هفهمك كل حاجة، أنتِ نجحتي في الاختبار دخلتي السجن و مع ذلك مجبتيش سيرتي في أي حاجة كدة أقدر أقولك إنك بقيتي واحدة من رجالة صالح الحداد…
فتحت فمها بصدمة، عن أي اختبار يتحدث؟!.. أهو فعل كل هذا فقط ليضمنها قبل أن يعطي لها عمل معه، ضحكت بسخرية من غبائها مردفة :
_ طيب و بعد ما نجحت في اختبار الثقة بتاعك يا باشا تقدر تقولي هخرج من هنا إزاي بقى؟!.. أنا مقبوض عليا في مكان السرقة حضرتك فاهم طبعا لو مفيش إساءة أدب مني…
ألقى القلم من يده مستمتعا جدا و هو يلعب بأعصابها لأقصى درجة ممكنة ثم أردف ببساطة قبل أن يقوم من على المقعد :
_ أنتِ مراتي و البيت اللي اتقبض عليكي فيه بيتي يعني بيتك و أكيد مفيش واحدة بتسرق بيتها، باقي شوية إجراءات بسيطة و تمشي هستنى أنا برة…
خرج لتجز على أسنانها من الغيظ، لم ترى رجل بحياتها يحمل هذا الكام من البرود على الإطلاق، لعبت بحاجبها قائلة بمكر :
_ يا إبن ***** أستنى عليا بس اما خليتك تلف حوالين نفسك مابقاش أنا سمارة…
______ شيماء سعيد _____
بمنزل صالح الحداد…
إنتهت حبيبة من إعداد طعام الإفطار لزوجها حسن و شقيقها صالح، تنهدت بملل من النظر لكل جدران المنزل دون أن تخرج منه، خوف صالح الزائد عليها جعل منها سجينة سنوات بهذا المكان، وضعت آخر طبق على السفرة ثم جلست تنتظر قدوم أي منهما يأكل معها أو لتأكل بمفردها مثل العادة..
تعلقت عيناها على ساعة الحائط فالساعة تخطت الحادية عشر صباحاً، مطت شفتيها للأمام بحزن و مدت يدها لتأخذ أول لقمة تقربها من فمها لتسمع صوته الخشن :
_ ريحة البيض جايبة من أول الجنينة حاجة تفتح النفس معقول هتاكلي من غيري…
ظهرت أسنانها من ابتسامتها الواسعة ثم اقتربت منه بلهفة ليفتح لها ذراعيه ألقت نفسها بينهما مغلقة عينيها، يا الله من هذا الشوق الذي لم يمت مع مرور السنوات بل أصبح أكثر عمقا و قوة، قبل أعلى رأسها قبل أن يأخذها و يعود بها للسفرة قائلا :
_ طول عمري نقطة ضعفي ريحة أكلك يا حبيبة..
ردت عليه بلوعة قلب :
_ أكلي بس يا حسن؟!…
بكل أسف استعجلت بهذا السؤال ما أتى من أجله إليها، رغم سنوات زواجهما التسع إلا إنه لا يأتي إلا قليلاً جداً، ابتلع ريقه متوترا ثم ترك الشوكة من يده و عينيه تترجى عينيها بقوة أن لا تبكي قائلا :
_ حبيبة أنا جاي النهاردة و عارف إن الأولاد في المدرسة و صالح مش هنا لأني حابب أتكلم معاكي في موضوع مهم جداً…
توتره إنتقل إليها بالعدوى، نظراته بها نوع من الشفقة و هذا ما يرعبها، ضمت كفيها لبعض مردفة :
_ قول يا حسن أنا سامعك و حاسة بيك…
أومأ إليها مبتلعا تلك الغصة المريرة بحلقه و بعدها أخذ نفس عميق كتمه لعدة ثواني مخرجاً إياه بتنهيدة قوية ثم قال :
_ أول يوم جواز بنا قولتلك إني عمري ما حبيتك أو شوفتك زوجة ليا، فاكرة يومها كان ردك إيه؟!..
أومأت إليه بترقب للقادم ليكمل هو :
_ كان ردك إبتسامة أحلى من إبتسامة القمر و قولتي مش مهم تكون بتحبني المهم إنك اخترتني أشيل أسمك و ده كفاية عندي لأني بعشقك، صح يا حبيبة؟!…
حركت رأسها عدة مرات متتالية تحثه على قول ما يريد الوصول إليه بلا لف أو دوران، همست بنبرة متقطعة :
_ حصل يا حسن أنا بحبك و هفضل أحبك…
لماذا دائماً بحبها و طيبة قلبها تصعب عليه القرار و تزيد من ضرب ضميره إليه، أخذ قطعة من الطعام و وضعها أمام شفتيها لتفتح فمها تأخذها منه، أبتسم إليها و يده تلمس بشرتها ثم ابتعد عنها سريعاً مكملا بنبرة متهدجة :
_ فاكرة الوعد اللي كان بنا اليوم ده، إننا نعيش زي أي زوج و زوجة بنا المودة و الرحمة و إن حبيتك في يوم أجي أقولك و ان لقيت حب حياتي بعيد عنك برضو اجي أقولك، ردي عليا يا حبيبة…
انقطع عنها الهواء فجأة، الذي عاشت طوال تلك السنوات الماضية تحاول الهروب منه ها هو أتى لها الآن و ليس بيدها شيء لتفعله، أغلقت عينيها بحسرة ثم قالت :
_ قول اللي عندك يا حسن أنا تعبت من حرق الأعصاب ده…
تخيل أن يكن الموقف أقل قوة من الآن و يمر ببعض السلام، أزال عرق وجهه ثم قال بجدية :
_ أنا حبيت واحدة يا حبيبة و عايز اتجوزها…
صمت منتظر لحظة الانهيار، الصريخ، الضياع، أو حتى فقدان الوعي، خائف عليها فهي لها مكانة غالية بقلبه الا أنها لم تفعل شي سوا عينيها الخائنة أسقطت دمعة وراء الأخرى رغما عنها، تحترق و الجميع يشاهد فقط لحظة تحولها لمجرد رماد، أزالت تلك الدمعة بقوة ثم قالت بنبرة ثقيلة :
_ و أنا لسة عند وعدي يا أبو صالح، هروح أخطبها لك بنفسي أنت من حقك تحب و تعيش مع الست اللي اختارها قلبك وروحك…
_ بس هي متعرفش إني متجوز و لو عرفت أكيد هترفض أنا قولتلها إننا متطلقين من سنة و أكتر…
_____ شيماء سعيد ______
بمنزل شعيب…
عاد للمنزل و هو يعلم خطأه الكبير بحقها، بحث عنها بعينيه و لم يجدها ليقترب من باب غرفتها ثم دق عليه بهدوء قائلا :
_ صافية افتحي لو سمحتي محتاج أتكلم معاكي شوية…
طال انتظاره و لم يأتي إليه أي رد منها ليقرر فتح الباب دون سابق إذن، جز على أسنانه بغضب منها و من نفسه، فهي تغلق عليها من الداخل دق مرة أخرى ثم تحدث بصرامة :
_ صافية بلاش شغل عيال أطلعي عايز أتكلم معاكي شوية…
أتى إليه ردها من خلف سورها المنيع قائلة :
_ اتفضل قول عايز تقول إيه لكن أفتح الباب ده بعينك أنا ماليش مزاج أبص في خلقتك حتى…
ضرب الباب بقوة أرعبتها يبدو أنه كان حنون معها زيادة عن اللازم لذلك بدأت تتخطى جميع الحدود، هو لم يفعل شيئا خطأ ليأتي و يعتذر منها فهي ضيفة ببيته لا أكثر و لا أقل، تحكم به غضبه ليقول :
_ أنتي بنت قليلة الذوق و الظاهر إن شفقتي عليكي خلتك تفتكري إنك حاجة مهمة بالنسبة ليا، أنتِ في البيت ده مجرد ضيفة و ضيفة غير مرغوب فيها كمان، خطبتي بالليل كنت جاي أقولك تنامي و إياكي ترني عليا…
لم يسمع لها صوت ليزيد غضبه و يترك لها الشقة بالكامل، أما هي ظلت عدة لحظات ثابتة مكانها بلا حركة تحاول استيعاب ما وصل إليها، وصل إليها صوت رحيله لتفتح باب الغرفة و تنظر للمكان حولها بقوة قائلة :
_ بقى كدة على جثتي يا إبن الحداد العب مع حد غيري…
_____ شيماء سعيد _____
بالمساء بسيارة صالح…
أستيقظت من نومها بالمقعد الخلفي للمرة التي لا تعلم عددها، منذ خروجها معه من قسم الشرطة صباحا و هو يغلق عينيها بوشاح سميك لا ترى منه شيء و لكن على ما يبدو أنهم على طريق سفر، تأفأفت بملل قائلة :
_ هو في إيه يا باشا بقى لنا فوق العشر ساعات على الطريق أنا عايزة أدخل الحمام مش قادرة أمسك نفسي أكتر من كدة بقى…
أستمر بالقيادة و عينه على الطريق إلى أن سمع جملتها الأخيرة، ضرب على رأسه لا يعلم كيف نسي دخولها للمرحاض نظر للطريق من حوله بحيرة مستحيل إن يكون هنا مرحاض بتلك الصحراء، رد عليها بهدوء :
_ ادامنا ساعتين و نوصل أمسكي نفسك بقى لحد ما نوصل ممكن..
ماذا يقول هذا الأحمق فهي متبقي لها دقيقة واحدة و تنفجر من الوجع، وضعت كفها على بطنها صارخة بقوة :
_ مستحيل أستنى خمس دقايق كمان بقولك مش قادرة أفهم بقى، أقف في أي أستراحة حرام عليك…
أوقف السيارة بأحد الأماكن و فتح بابه لينزل متجها إليها، فتح بابها ثم جلس بجوارها و أزال الوشاح من على عينيها، بدأت تفتحها رويدا رويدا بتعب من كثر إغلاقها فركت بيديها ثم أردفت بضجر :
_ إيه يا جدع الظلم ده بقولك هموت مش قادرة أنت مفيش في قلبك رحمة، اوع خليني أنقذ ما يمكن انقاذه..
صمتت فجأه من خلو المكان حولها، أين هما الآن؟!.. وضعت كفها أسفل بطنها من كام الوجع ثم أردفت بصعوبة تحاول بقدر المستطاع السيطرة على حالها :
_ أنت ساكت ليه أتصرف أنا مش قادرة هعملها هنا و خلاص..
لم يتحمل و انفجر بالضحك كأنه يفتح أحد الأفلام الكوميديا، هذه الفتاة لو ظلت صامتة سيضحك فقط من تعبيرات وجهها، أخذ نفس عميق ثم قال بجدية :
_ أنزلي أعملي في أي مكان إحنا في صحرا مفيش حمامات، أنا هفضل هنا و أنتِ اخلصي بسرعة…
اتسعت عيناها بذهول و عادت لتنظر للمكان حولها بتوتر، مهما كلفها الأمر يستحيل أن تنزل بهذا المكان بمفردها، حركت رأسها برفض و رفعت كفها لتتعلق بعنقه مردفة :
_ أكيد في حيونات مفترسة هنا أنا مستحيل أنزل لوحدي سامع و الا لأ…
رد عليها بسخرية :
_سامع بس مفيش حلول أنزلي أو استني لحد ما نوصل اخلصي بقى بدأت أصدع منك…
مطت شفتيها للأمام بخوف، ثم نظرت إليه برجاء قائلة :
_ طيب تعالى معايا….
قطع حديثها بغضب :
_ أجي معاكي فين يا بت أنتِ، دماغك القذرة دي هكسرها احترمي نفسك..
جزت على أسنانها بغيظ ثم قالت و هي تبتعد عنه :
_ إحترم نفسك أنت هو أنا في ظروف أفكر فيها في أي قلة أدب، بلاش سوء ظن بقى و اتقي الله…
قطعت تلك المجادلة بطنها بإعلان انها غير قادرة على التحمل أكثر لتفتح باب السيارة و تركض للخارج، حرك رأسه ثم قال :
_ ابتلاء لازم أتحمله…
مر بعض الوقت لتمر عشر دقائق و لم تأتي بدأ يظهر عليه القلق ينظر من السيارة يبحث عنها و لكن لا يوجد لها أثر بالمكان….
_____ شيماء سعيد _____
على الصعيد الآخر بحفل الخطوبة المقامة للكاتب و المحامي الشهير شعيب الحداد، دلف للحفل و بين يديه إمرأة أقل ما يقال عنها فائقة الجمال، عيون سمراء واسعة و خصلات شعر حريرية بنفس لون عينيها، ببشرة بيضاء بمنتصف ذقنها تاج الحسن، ضمت كفها إليه قائلة ببعض التوتر :
_ مع إن كل الموجودين أهلنا و بس لكن أنا مكسوفة أوي من الموقف يا شعيب…
أين هو شعيب؟؟ معها بجسده أما العقل فهو مع تلك الجنية التي قدرت على سلب جزء كبير منه، فاق على نداء غادة عليه ليقول بابتسامة حاول رسمها :
_خير يا روحي بتقولي حاجة…
أردفت بعتاب :
_ أخص عليك يا شعيب أنت مش معايا خالص كدة عقلك فين يا ترى؟!..
قالتها ببعض المرح ليقول لها بغزل صريح :
_ هيكون فين يعني في جمالك يا روحي..
ابتسمت إليه بثقة تأخذها دائماً غزله بها ثم قالت مرة أخرى :
_ بقولك مكسوفة من الموقف…
حرك كفه على يدها قائلا بهدوء :
_ مفيش داعي للكسوف أنا معاكي أهو…
قطع تلك اللحظة الرقيقة صوت عالي يأتي من الخلف يعلم صاحبته بشكل جيد، ارتفعت دقات قلبه و نظر خلفه لتتسع عيناه بصدمة من فعلتها تلك، ترتدي سالبوت من اللون الأسود تحته قميص أبيض و تعمل خصلاتها على شكل قطتين، أقتربت منه بابتسامه واسعة قائلة :
_ حبيبي…
سألت غادة بغضب :
_ مين دي يا شعيب…
ردت الأخرى ببراءة غريبة و بملامح قدرت على اظهارها فتاة صغيرة بالثالث عشر من عمرها، مدت يدها لتسلم على غادة و باليد الأخرى تمسك كف شعيب بقوة :
_ أنا صافية بنته، أنتِ بقى ماما الجديدة اللي بابا قالي عليها مش كدة ….

يتبع…
لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا
لقراءة باقي حلقات الرواية اضغط على : (رواية أنا جوزك)

اترك رد