روايات

رواية جاريتي 3 الفصل الخامس والأربعون 45 بقلم سارة مجدي

رواية جاريتي 3 الفصل الخامس والأربعون 45 بقلم سارة مجدي

رواية جاريتي 3 البارت الخامس والأربعون

رواية جاريتي 3 الجزء الخامس والأربعون

رواية جاريتي 3 الحلقة الخامسة والأربعون

فى صباح اليوم التالى لم يستطع صفى اخذ عتمان لمعمل التحاليل فحالته لا تسمح ان يتحرك و ايضا لا يريد ارهاقه فى الصعود و النزول و الذهاب الى معمل التحاليل … فأتصل بهم و طلب منهم ارسال احد الى بيتهم ها هو ينتظر الطبيب عند الباب … و حين حضراخذه مباشره الى غرفه اخيه .. و حين انتهى الطبيب من اخذ العينات و كاد ان يغادر اوقفه صوت صفى و هو يسأله
– التحاليل دى هتظهر نتايجها امتى ؟
– يومين ثلاثه بالكتير
اجابه الطبيب بهدوء ليهز صفى راسه بنعم ليغادر الطبيب و ظل صفى على وقفته يشعر ان هناك حمل ثقيل فوق كتفيه و لا يعلم كيف يتخلص منه … انتبه من افكاره على صوت نسيم التى كانت تقف امامه تنظر اليه بقلق فهى كانت تقف منذ وقت و استمعت لحديثه مع الطبيب و كانت تراقب كل تعابير و جهه من قلق و خوف و حزن
– خير يا صفى عمى عتمان كويس و لا فى حاجه حصلت
نظر اليها بحزن كبير و يأس ثم تحرك خطوتان و جلس على (( المصطبه )) الموجوده بجانب الباب و قال
– معرفش يا نسيم .. معرفش كل يوم حاله بيدهور و بيبجا اضعف و انى … انى خايف .. خايف جوى
اقتربت منه و من داخلها تشعر ايضا بالخوف و لكنها اقتربت منه و جلست بجانبه و ربتت على يديه و قالت بأبتسامه
– جول يارب .. ربنا كبير و ان شاء الله عمى عتمان يكون بخير و نطمن عليه كلنا
نظر اليها و عيونه تحمل من التوسل و الرجاء الكثير و قال
– ادعيلوا يا نسيم ادعيلوا و خلى كل الناس تدعيلوا … هو محتاج دعوه الكل
– حاضر يا صفى .. و ان شاء الله خير
اجابته و هى تنظر اليه بحب حتى تقويه و تجعله يستطيع الاستمرار و القدره على الوقف على قدميه .. فهى حقا قلقه على عتمان لكنها تشعر بالرعب من الحاله التى ترى صفى عليها ….. فى وسط كل هذا كانوا لا يشعور بمراقبتها لهم و لا بنظراتها الحاقده التى تحمل الكثير من الشر لهم وايضا لمعه لا يراها احد و لا يشعر بها احد سواها لسعاده توعد نفسها بها انها اصبحت قريبه منها و حزن قوى يقتل تلك الجالسه بالاسفل جواره تقوم بدور من المفترض ان يكون لها هى

**********************************
كان يقف امام المرآه يرتدى ملابسه استعدادا للخروج و من داخله اكثر من احساس بين ندم على كلماته القاسيه و ايضا احساس بصحه ما قاله و ايضا اصرار لن يختفى الا اذا حقق ما يريد
حين استيقظ صباحا لم يجدها بجواره لا ينكر انه شعر بأحباط شديد الا انه لام نفسه على ذلك و قرر ان يحاول التأقلم مع فكره انها من الممكن ان تختار الابتعاد و لا تتحمل تلك الحياه و اذا حدث هذا فلابد من تقبله بصدر رحب فهذا حقها
انهى من ارتداء ملابسه و هو سارح فى افكاره المتخبطه و لم يشعر بها حين دلفت الى الغرفه تتأمله فى وقفته هذه … الان تفهم كل ما بداخله الان هى ليست حزينه من كلماته القاسيه هى الان مشفقه عليه من افكاره التى تنهش روحه اقتربت بهدوء و احضرت حذائه و اقتربت منه لكنه لم يشعر بها حتى الان و حين التفت ليحضر حذائه و جدها تقف امامه و بين يديها الحذاء ظهر على وجهه الاندهاش و لكنها جعلته يشعر بالصدمه ايضا حين جثت امامه و قالت
– ارفع رجلك يا ادم خلينى البسك الجذمه
ظل على وقفته لا يستطيع استيعاب الامر و حين كررت جملتها مد يديه يوقفها امامه و قال بشئ من العصبيه
– انتِ بتعملى ايه يا جورى ؟ّ!
ابتسمت بهدوء و قالت بدلال
– بساعد جوزى فى اللبس فيها حاجه دى ؟!
رفع حاجبيه بأندهاش وهو يقول
– لا مفيهاش حاجه بس ساعدينى فى اى حاجه الا دى … لانى مقبلش انك تعملى كده اصلا … مفهوم
– مفهوم
اجابته سريعا ليزداد اندهاشه من تصرفاتها و ما تقوم به و لكنه اخذ الحذاء من امامها و رجع خطوتان للخلف و جلس على الكرسى الكبير و بدأ فى ارتداء حذائه بصمت لتقترب هى خطوتان و قالت
– هو انت رايح فين … المفروض اننا لسه فى اجازه شهر العسل !
نظر اليها نظره خاطفه ثم عاد بنظره الى ما كان يفعله … لتقترب منه و جثت امامه لينظر اليها بأندهاش و قبل ان يقول اى شئ قالت هى بأبتسامه رقيقه
– انا مش خايفه … و فى ظهرك … و معاك فى اى حاجه …. هكون هنا فى غيابك راجل تعتمد عليه … هجيب ولاد كتير يمشوا على نهج ابوهم و بيحبوا وطنهم و ناسهم و مستعدين يضحوا بعمرهم علشانهم … انا هفضل جمبك يا آدم … لان فى الاساس مليش مكان تانى غير جمبك .
كان يستمع لكلماتها دون تعابير واضحه على وجهه لكن من داخله من جديد بدء يتصاعد احساسه بالذنب … لكنه لم يستطع قول اى شئ فقد جذبها بقوه الى صدره لا يعلم اذا كان يخبئها بين ضلوعه ام يخبئ نفسه بين احضانها الدافئه و امانها … هل يطمئنها ام يطمئن نفسه لكنه كان يضمها بقوه مؤلمه تحملتها هى بصبر و راحه فكلمات خالها تتردد داخل اذنها من جديد بعد ان ذهبت و اخبرته و هى تشعر بالضيق و بجرح الكرامه بكل ما قاله لها آدم ليبتسم ابتسامه صغيره و قال بهدوء
– أدم خايف يا جورى .. مرعوب … واقع بين خوفه علينا و عليكى و بين حزنه على صاحبه و نار تار بتحرق قلبه … و بين نار خوفه على وجع قلوبنا عليه …. آدم محتاج يطمن محتاج يحس اننا كلنا فى ظهره و موافقين على اى حاجه هيعملها حسسيه انه صح و انك مقتنعه بكلامه و شوفى ايه اللى هيحصل
لم تقتنع وقتها بحديث خالها لكن الان و هى ترى بعينيها خوفه الساكن فى عمق عينيه واعتصاره لها بين ذراعيه و تشبثه بملابسها و كأنه طفل صغير تأكدت و ايقنت ان عليها دور هام جدا و لابد ان تقوم به على اكمل وجه
ابتعد عنها قليلا ينظر الى وجهها ليجدها تبتسم ابتسامتها الرقيقه التى تخطف انفاسه و تسرق روحه لتمد يدها و تقوم بربط حذائه جيدا و نظرت اليه من جديد و قالت
– مش ناوى تقولى بردوا انت رايح فين بالشياكه دى كلها ؟!
اخذ نفس عميق و قال بهدوء
– رايح ازور بلال و اطمن عليه … كمان عايز اطمن على ارمله الشهيد و اشوفها لو محتاجه اى حاجه
– تحب اجى معاك ؟
قالتها بهدوء شديد لينظر اليها بتفكير ثم قال
– بلاش المره دى يا جورى خلينى اروح اشوف الدنيا ايه لوحدى
هزت راسها بنعم وقالت موضحه و هى تسير بجانبه حتى باب الجناح
– انا بس كنت حابه اعذيها … و كمان علشان زيارتك متتفهمش غلط من اى حد
وقف مكانه يفكر فى كلماتها لعده ثوان ثم قال
– ياريت تجهزى بسرعه
تحركت سريعا و هى تقول
– خمس دقايق و اكون جاهزه
– و انا هنزل اقعد مع بابا و ماما على ما تخلصى
و غادر الغرفه …. و بداخله يريد الحديث مع والده يريد بعض الدعم او التشجيع و يريد حضن امه الدافئ الهادئ و بالفعل حين دخل الى غرفه المعيشه قالت مهيره بأبتسامه واسعه
– حبيبى .. يا حبيبى نورت الدنيا
جلس بجانبها لتضمه الى صدرها بحنان و اغمض عينيه ببعض الراحه ليقول سفيان ببعض الضيق المصتنع
– انت يواد انت مش اتجوزت مالك بمراتى بقا
ليبتسم ادم ابتسامه صغيره و هو يقول بعند طفولى
– اه اتجوزت بس ده حضن امى هيفضل ليا ديما مكان فيه .. حتى بعد ما يبقى عندى عيال
رفع سفيان حاجيه خاصه و مهيره كانت تضم آدم اكثر الى صدرها ليقوم سفيان من مكانه و امسك ادم من يده و سحبه بقوه ليقف امامه و هو يقول
– لا يا حبيبى حضنها ده بتاعى انا بس
و قبل ان يكمل كلماته كانت مهيره تقف امامه و اخذت ادم بين ذراعيها و قالت
– ابنى مكانه فى حضنى يا سيفو … لان مكانه غير مكانك … و هيفضل حضن امه مكانه طول عمره و لحد ما موت
ليقول الاثنان فى صوت واحد
– بعيد الشر عنك يا حبيبتى
– بعيد الشر عنك يا امى
لتبتسم بسعاده و قالت و هى تفتح ذراعيها للاثنان ليقتربا يضماها بحنان و هى تقول
– ربنا يخليكوا ليا و متحرمش عمرى كله منكم
– طيب و انا
كانت هذه جورى التى تقف عند باب غرفه المعيشه تنظر اليهم و هى تلوى فمها بشكل طفولى ليفتح آدم ذراعيه لها و كذلك خالها و غمزت لها مهيره بمرح و سعاده لتركض اليهم سريعا تنعم بذلك الحضن العائلى المميز **************************************
كانت تجلس بجانب والدها داخل السياره تمسك بهاتفها تتحدث الى محمد عبر احد تطبيقات الرسائل و كان زين كل دقيقه و اخرى ينظر اليها بضيق … ينفخ الهواء بغضب مكتوم حتى يحاول تهدئه نفسه … كى لا يأخذ منها ذلك الهاتف و يلقيه من النافذه انه يشعر حقا بالغيره و تراوضه افكار كثيره تجعله يشعر بالثوره على رجولته و ابوته التى تسمح لابنته ان تتحدث الى رجل غريب بكلمات الحب و ايضا تضحك بسعاده لكلمات الغزل الذى يسمعها لها … انه حقا لم يعد يحتمل فنادا عليها بصوت عالى لتنتفض تنظر اليه بأندهاش و قالت بحيره
– نعم يا بابا فى ايه انا جمبك بتنادى عليا بصوت عالى ليه ؟
نظر اليها بجانب عينه و قال بأبتسامه صفراء
– سيبانى و مركزه فى التليفون و انا محتاج حد يفوقنى كده بدل ما انام و انا سايق و بعدين ما انتِ شويه و هتكونى معاه
نظرت اليه باندهاش اكبر ثم قالت بأستسلام
– حاضر يا بابا هفوقك .
ثم ارسلت رساله صوتيه لمحمد تخبره انها ستغلق المحادثه الان … ابتسم زين بسعاده و قال
– هو مش المفروض التنسيق يبان بقا و لا ايه
هزت راسها بنعم حين ارتسم القلق على ملامحها و هى تقول
– كمان يومين .. بس انا خايفه اوووى .
نظر اليها زين نظره خاطفه و هو يقول
– و الجميل قلقان من ايه مجموعك كبير و يدخلك الكليه اللى انتِ عايزاها يبقا ليه نقلق بقا
ابتسمت ابتسامه صغيره و هى تأخذ نفس عميق و قالت
– ايوه بس ده قلق طبيعى … نفسى ادخل فنون جميله و ابقا فنانه تشكيليه معروفه و مشهوره علشان اليق بمحمد لاعب الكوره المشهور اللى الكل بيجرى وراه
شعر زين بالضيق الشديد من كلمات ابنته و احساسها بالنقص امام محمد لا يفهم سبب ذلك الاحساس و رغم يقينه من حبها لمحمد و حب محمد لها … لكان شك فى ان مشاعر ابنته هى مجرد انبهار بنجوميه محمد و الهاله التى تحيط به
– زينه انتِ بتحبى محمد ؟
– طبعا
اجابته سريعا بعد ان علت ملامحها معالم الاندهاش ليقول زين من جديد
– و واثقه من حبه ليكى ؟
– اكيد
اجابته ايضا بسرعه شديده و ثقه ليقول هو
– طيب ليه حاسك مش واثقه فى نفسك و لا فى حبه ليكى
نظرت اليه بصدمه و حيره ليكمل كلماته
– خليكى واثقه فى نفسك يا زينه … خليكى متأكده انك تستاهلى ديما كل خير و تستهلى الحب و الاحترام و التقدير … خليكى متأكده انك مش اقل من اى حد و لا محتاجه انك تكونى فى مكانه معينه علشان تليقى بحد
كانت الدموع تتجمع فى عيونها و هى تقول
– الكلام سهل لكن لما ابقا طول عمرى شايفه الناس و هما بيبصوا عليا بشفقه و اصعب عليهم علشان خرسه .. و يقولوا يا حرام و يا عينى و مسكينه … و دى مش هتلاقى حد يتجوزها .. و لا حد يقبل بيها … حضرتك فاكر انى مكنتش بعرف و لا بسمع و لا بحس انى مش طبيعيه و لا زى زى باقى الناس و كل ده ظاهر و باين فى عيونهم … تفتكر ده سهل عليا
صمتت ثوانى دون ان تشعر ان زين قد اوقف السياره على جانب الطريق و ينظر اليها بأهتمام و اكملت كلماتها و دموعها تغرق و جهها
– لما حسيت بحب محمد كنت فاكراه بيشفق عليا او صعبانه عليه … عايزينى ازاى مشفش نفسى قليله و انا بسمع كلام المعجبين بيه و قد ايه هو مميز و جذاب و وسيم و طول بعرض .. تفتكر يا بابا كل ده سهل عليا .. تفتكر ده شئ بسيط ميخلينيش اخاف و احلم انى اكبر و اعلى و اكون على نفس المستوى … لانى مش هستحمل اسمع الكلام ده تانى و الله ما هستحمل
و انهارت باكيه بصوت عالى … و كان زين ينظر اليها بعيون دامعه و قلب اب يتألم و يشعر بالقهر على وحيدته غاليته نجمته العاليه و الغاليه …. اقترب منها يضمها الى صدره بحنان أب لا يرى فى ابنته اى عيب او نقص و ظل يربت على ظهرها بحنان حتى هدأت شهقاتها و قل بكائها و همس جانب اذنها قائلا
– بصيلى يا زينه
ابتعدت عن صدره تنظر اليه بعيونها الحمراء من كثره البكاء ليحاوط و جهها بيديه و هو يقول
– انتِ مش معيوبه و لا ناقصه و مش لازم كلام الناس يكون صح مين فينا كامل يا بنتى كلنا فينا عيوب الكمال لله وحده … انا كان فيا عيوب كتير و مازالت لكن ولدتك شافت فيا الحلو و حبتنى بجنون عمك سفيان كان شايف نفسه مخيف و رغم العرج اللى عند مهيره لكن هو شايفها احسن الناس اللى فى الدنيا كلها وانها مش ناقصه اى حاجه و مهيره نفسها مش بتحس بالامان غير فى حضنه …. و اقرب حاجه فجر و حبها الكبير لأواب و اللى كلنا شاهدين عليه … انتِ بنت جميله ادب و اخلاق و الف واحد زى محمد و احسن منه كمان يتمنوا تراب رجليكى … اوعى تقللى من نفسك خلى راسك ديما مرفوع انتِ مكنتيش معيوبه انتِ كنتى تعبانه و خفيتى و اى حد فى الدنيا ممكن يتعب و لا ايه
كانت تستمع اليه و هى تشعر بألم قوى فى قلبها و لكن ذلك الالم كان يختفى مع كل كلمه يقولها والدها كانت كأنها تفتح لها طاقه نور تنير لها طريق طويل مظلم عاشت فيه لسنوات طويله بين خوف و احساس بالنقص و ايضا الصمت المميت الذى عاشت فيه لسنوات طويله … لتلقى نفسها بين ذراعيه و هى تقول
– انا من زمان اوووى كنت محتاجه اسمع الكلام ده فى وسط الصمت اللى كنت عايشه فيه و الافكار المميته اللى كانت بتموتنى كل يوم .. انا كنت بموت بالبطئ بسبب الافكار دى … بس حضرتك معاك حق انا مش ناقصنى حاجه و استحق كل حاجه كويسه و وعد منى هحاول بكل طاقتى اكون سعيده و بس
ليبتسم زين بسعاده يشوبها الحزن ثم قال و هو يربت على و جنتها
– ايوه كده دى زينه بنتى القويه … ربنا يسعدك ديما يا حبيبتى … بس
– بس ايه يا بابا
قالتها باستفهام ليمسك يديها و قبلها بحب ابوى .. و بأحساس أب يشعر بالذنب تجاه ابنته و قال
– انا عايز اعتذرلك يا بنتى … عن عدم فهمى لاحساسك .. و لانى مقمتش بدورى نحيتك كأب
لتبتسم ابتسامه صغيره و رقيقه و هى تنحنى تقبل يديه بأحترام و تقدير وقالت
– حضرتك مش محتاج تعتذر … حضرتك مقصرتش معايا فى اى حاجه بالعكس … كمان يا بابا انا لولا وجودك انت و ماما و اسر فى حياتى انا مش عارفه كانت حياتى هتكون شكلها ايه ربنا ما يحرمنى منكم ابدا
ليضمها بحنان ابوى وابتسامة سعاده و قال بمرح
– ربنا يباركلى فيكى و فى اخوكى و يسعدكم
ثم لوى فمه و قطب جبينه كألاطفال و قال بأمر
– بس خفى شويه الحب و اللفلفه مع محمد بدل ما اخليكوا متشوفوش بعض خالص
لترفع حاجبيها بأندهاش ثم شعرت بشئ ما فالت بأستفهام
– بابا انت بتغير و لا ايه ؟!
ليقطب جبينه و نظر اليها نظره خاطفه ثم اعتدل و نظر امامه و ادار السياره و تحرك دون ان يجيب سؤالها لتبتسم هى بسعاده و فرح و احساس جديد مختلف فكم هو جميل و مميز احساس الفتاه بغيره والدها عليها … ظلت ابتسامتها على وجهها طوال الطريق و كان زين كل دقيقه و اخرى ينظر اليها بسعاده كبيره و راحة

وصل ادم امام ورشه بلال اوقف السياره امام الباب مباشره و ظل ينظر اليها و كأنه ينتظر خروج راجح الان له كما اعتاد احيانا … و لكن مر عده دقائق و لم يخرج ليغمض آدم عينيه بألم ثم اخذ نفس عميق و نظر الى جورى التى كانت تنظر اليه بحزن شديد و تفهم و قال بهدوء قدر استطاعته
– استنينى هنا على ما اتكلم معاه ماشى
هزت راسها بنعم ليترجل من السياره و ظل واقف مكانه لعده ثوان يحاول تمالك اعصابه ثم دلف الى الداخل يبحث بعينه عن رائحه راجح فى ذلك المكان يتمنى ان يجده امامه و لو لدقيقه واحده اغمض عينيه لثوانى يحاول عبور تلك الصدمه تصديقها عل هذا الالم يقل و يختفى فتح عينيه و نظر فى اتجاه مكان جلوس بلال ليصدم من هيئته و جهه شديد الارهاق و عينان شديده الحمره ذقنه ناميه و ملابسه غير مرتبه اخذ نفس عميق وتوجه اليه و هو يدعوا الله بداخله ان يستطيع التعامل مع هذا الموقف الصعب
حين شعر بلال بأقتراب احد منه رفع راسه عما كان نفعل لينظر من القادم و حين وجده آدم وقف سريعا و اقترب منه يضمه بقوه و كأنه يحتضن به اخيه الذى رحل و ترك خلفه جرح كبير لن يطيب يوما … من الممكن ان تهدء روحه المتألمه … و ان تشغله الحياه عن الحزن قليلا لكن سيظل جرح فراقه و وفاته ندبه واضحه لن تختفى و كان آدم يضمه هو الاخر يبحث فيه عن صاحبه صاحب الابتسامه المستمره و المرح الذى لا يتوقف و الرجوله التى لا مثيل لها كل منهم كان بداخله نار تشتعل و روح تتألم و لا سبيل امامهم للراحه بعد دقيقه كامله ابتعد بلال ينظر الى آدم بعيون دامعه و ابتسم ابتسامه صغيره حزينه و قال
– غبت عنى ليه يا آدم … مش كفايه اتحرمت منه
اخفض آدم راسه بخجل و هو يقول
– انا اسف يا بلال بس مكنتش قادر اصدق و لا استوعب كل الى حصل كنت موجوع و مصدوم … كنت تايه يا بلال تايه
هز بلال رأسه بتفهم و اشار له ان يجلس تقدم آدم خطوتان و جلس على الكرسى الموجود امام المكتب يجلس بلال امامه ليطمئن كل منهم على الاخر و كلمات مواساه لا تساعد بشئ حتى قال آدم
– اخبار ارمله الشهيد ايه ؟
اخفض بلال راسه قليلا ثم قال
– اصلا انا كنت هتصل بيك اول الاسبوع الجاى
ليقطب آدم حاجبيه بحيره و هو يشعر ان هناك خطب ما و قال سريعا
– هى موده حصلها حاجه ؟
ليهز بلال رأسه بلا و هو يقول
– كنت هتصل بيك علشان عايزك تشهد على عقد جوازى انا و موده
وقف آدم ينظر الى بلال بصدمه و غضب شديد ثم امسكه من مقدمه ملابسه و قال بصوت عالى
– اخوك مكملش اسبوع متوفى وانت طمعت فى مراته
– دى وصيه راجح
قالها بلال بهدوء و حزن ليتوقف آدم عن تحريك بلال بقوه و الصدمه ترتسم على وجه و الزهول ليخرج بلال وصيه راجح التى لا تفارقه و اعطاها لآدم الذى امسكها بيد مرتعشه و فتحه يقرأ ما فيها بعيون دامعه و قلب متألم و عند نهايه الوصيه لم تعد قدماه تحملانه يتهاوى على الكرسى و الحزن يرتسم على ملامحه و بقوه خاصه مع كلمات بلال
– انا ضحيت بعمرى كله علشان راجح … كنت عايش و بشتغل علشانه نسيت نفسى و نسيت اتجوز علشانه مفرحتش بحاجه فى حياتى علشان هو يشوف كل الفرح اللى فى الدنيا .. راجح مكنش اخويا يا آدم راجح كان ابنى اللى مخلفتوش و لا هخلفه
ثم جلس بتهالك على الكرسى المواجه لآدم و اكمل قائلا
– انا جوا قلبى حاجات كتير دفنتها جوايا من زمان علشان خاطره و بعد استشهاده دفنتها معاه فى قبره يا آدم و الميت مبيرجعش
خيم الصمت علهم و كل منهم لا يستطيع وصف احساسه و صدمته و حزنه .. و بعد عده دقائق وقف آدم و هو يمد يديه بالورقه وقال بصوت لا روح فيه
– انا اسف يا بلال مش هقدر احضر … مش هقدر
و غادر سريعا تاركا خلفه رجل لم تبكى عينيه يوما الا موت والده و اخيه الان يبكى ظلم كبير كتب فى قدره و لا يوجد امل فى رفعه عنه يوما
و كان آدم يغادر الورشه و كأن عفاريت العالم تتطارده غضب كبير بداخله و احساس قوى بالرغبه فى الصراخ بصوت عالى … رغبه قويه فى تحطيم اى شئ احساس خانق لا يستطيع استيعابه ولا تخيله … و حين لمحته جورى على تلك الهيئه شعرت بالخوف و حاله من الرهبه و عدم الفهم .. ماذا عليها ان تفعل الان .. ان آدم فى حاله غريبه تخشى اذا تحدثت ان تزيد ما به و تخاف ان لا تتحدث فيكون هو بحاجه الى صوتها و كلماتها لتهدئه و لكنه قطع تفكيرها و هو يصعد الى السياره و قادها بسرعه كبيره جعلتها تشهق بخوف و تتشبث بمقعدها بعد ان اعادت حزام الامان حولها من جديد … كان يقود السياره بسرعه عاليه و كأن غضبه هو ما يقودها و ليس هو و كانت هى تتابع الطريق تاره و تنظر اليه برعب تاره اخرى حتى وصل الى ذلك الجبل العالى اوقف السياره بقوه لتصدر صوت عالى جدا و جعلت جورى تنتفض فى جلستها و لولا الحزام لصطدمت راسها بمقدمه السياره … ترجل من السياره فور توقفها و تقدم من حافه الجبل و وقف ينظر الى كل ما هو اسفله واضع يديه على خصره يتنفس بسرعه و بصوت عالى … هدأت جورى قليلا ثم ترجلت هى الاخرى من السياره لكن قبل ان تتحرك خطوه واحده كان آدم يصرخ بصوت عالى اجفلها
– ليه يارب الوجع ده كله ليه .. ليه حرقه القلب … ليه ياااارب ليه .. راااااااااااجح … انا عارف ان ليك حكمه بس لييييه هو ليه
لتقترب منه سريعا تضمه من الخلف بقوه ليقول
– ليه يموت قبل ما يفرح قبل ما يعيش كل احلامه مع موده … ليه حلمه حد تانى يحققه لييييييييه لييييييه
كانت مع كل كلمه يقولها تضمه اقوى و كأنها تود لو تخبئه داخلها و تغلق عليه ضلوعها تحميه من ذلك الالم الحاد و القوى
– قلبى واجعنى يا راجح انت سامعنى قلبى واجعنى يا صاحبى مش هقدر اقف جمب اخوك فى يوم زى ده مش هقدر اشوف اسم تانى غير اسمك بيتكتب جمب اسمها حتى لو كان اخوك مش هقدر
استوعبت الان ان الامر يخص موده و لكن كيف ستتزوج و الان و لم يمر على وفاه راجح يومان الم تكن تحبه و كما فهمت من آدم كانت لهم قصه حب قويه تنافس قصص الحب و الرومانسيه القديمه … ظلوا هكذا لعده دقائق حتى هدئ آدم تماما و استوعب كل ما يحدث حوله ليبتعد عنها قليلا و هو ينظر اليها بضعف و لاول مره تراه جورى فى هذه الحاله و ترى تلك النظره فى عينيه لتفتح ذراعيها من جديد ليرتمى بين ذراعيها كطفل صغير يبحث عن الامان فى حضن والدته و هو يهمس
– انا تعبان اوووى يا جورى … اوووى
قبضه من حديد تمسك بقلبها لتقول من بين دموعها
– انا موجوده يا آدم ارمى حملك عليا و خلينى اشيلوه معاك
ابتعد عنها قليلا و هو يقول بأرهاق
– تقدرى تسوقى ؟
هزت راسها بنعم ليسير بجانبها حتى صعد الى السياره و صعدت هى على كرسى السائق و بدأت فى التحرك ليغمض هو عينيه بأستسلام و كأنه يهرب من الواقع الى النوم لتتنهد جورى بقلق و خوف و لكنها انتهزت الفرصه و ارسلت رساله صغيره الى خالها حتى يكون فى انتظارهم فحاله آدم سيئه بالفعل بقلمى ساره مجدى
***********************************
كانت تقف داخل المطبخ تحضر طعام عتمان بعد ان وضعت الطعام لحماتها و صفى و ضرتها التى تبغضها .. نعم هى ضرتها فهى لا تعتبر نفسها زوجه عتمان هى ترى نفسها زوجه صفى فقط و لن تسمح لها يوما بأن تنعم به
نظرت الى الباب نظره سريعه حتى تتأكد ان لا احد يراها ثم اخرجت تلك الزجاجه الصغيره التى تخبئها بملابسها و وضعتها فى الطعام كله لم تترك شئ لم تضع ما فى الزجاجه فيه و قلبته جيدا ثم خرجت و توجهت الى غرفه عتمان و بدات فى اطعامه رغم اعتراضه و نظراته اليها التى تخبرها انه يعلم جيدا ما تفعله و ما تقوم به … و لكنه اصبح بلا حول و لا قوه لكنه يريد ان يخبر اخيه بما يشعر سيحاول ان يتكلم
كانت تبتسم له بشماته و هى ترى عجزه امامها صحيح لم ترى من عتمان شئ يؤذيها و لكنه كان عقبه كبيره فى طريقها لحلمها كان السبب فى هدم حياتها بأكملها و كان عليه ان يدفع ثمن ذلك
انتهت من اطعامه و تأكدت من انها اعطته ما تريد حتى يتم مرادها و من الواضح انه اقترب بشده عادت الى المطبخ تغسل الصحون سريعا قبل ان يراها احد بقلمى ساره مجدى
*****************************************
كانت تجلس فى المدرجات تنظر اليه و هو يقوم بتدريبات الاحماء بعد ان رحب به زملائه و مدربه ترحيب شديد و بعد ان قام بتعريفهم بها اجلسها فى مكان مميز حتى يستطيع رؤيتها بسهوله و طوال الوقت
انتبهت الى اصوات خلفها لكنها لم تلتفت و لم تهتم فشئ طبعيى حضور بعض اعضاء النادى للتمرينات … و لكن ما يقولوه وصلها بوضوح
– الا صحيح من البت اللى كانت داخله متشعقله فى دراع كابتن محمد دى
لتجيبها فتاه اخرى بأستهزاء
– تلاقيها معجبه .. و لا يمكن واحده قريبته و شبطت فيه تيجى معاه النادى
لتقول الاخرى
– انسوها بقا و قولولى ايه رأيكم نروحله بعد التمرين نسلم عليه و نعرض عليه انه يقعد معانا شويه و كمان نطمن عليه بعد الحادثه اللى حصلت
كانت تشعر بالضيق و كأن ما كانت تخشاه قد حد امامها لكن فى وسط كل ذلك لمعت كلمات والدها فى عقلها و ايضا سعاده محمد بها و هو يقدمها لزملائه و مدربه و يخبرهم بفخر
– احب اعرفكم زينه خطيبتى .. فى الحقيقه كاتبين يعنى بس لسه خطيبتى
لتضحك بخجل مع اصوات الجميع المهنئه و السعيده من اجلهم و حين اجلسها فى مكانها الان و قبل يديها بسعاده و قال
– هنا هبقا شايفك طول الوقت
انتبهت من افكارها على احدى الفتايات تقول
– معقول يكون كابتن محمد بيشاور لنا يا بنات
لترفع زينه يديها تشير له … و ترسل اليه قبله فى الهواء ليردها لها بسعاده و هو يقترب من مكان جلوسها و قال
– حبيبتى هغير بس و اجيلك هوا
لتهز راسها بنعم … ثم وقفت على قدميها و نظرت الى الفتايات و قالت
– انا اللى كنت متشعبطه فى ايد محمد … و انا مش معجبه و لا قريبته .. انا مراته عن اذنكم
و غادرت بثقه و ثبات و هى تدعوا لوالده و تاركه خلفها الثلاث فتايات فى حاله صدمه … وقفت على اول الدرج تنتظره و على وجهها ابتسامه سعاده حين وقف امامها قال
– ها حبيبتى تحب تروح فين ؟
– و لا اى مكان خلينا هنا فى النادى ايه رايك ؟
قالتها بأبتسامه واسعه ليقول هو بأبتسامه
– انا تحت امرك … تعالى بقا افرجك على النادى كله
هزت راسها بنعم بسعاده كبيره و حاوطت ذراعه و سارت بجانبه بفخر … و كان هو رغم ساعدته التى لا توصف بتصرفاتها التى تلمس قلبه و روحه الا انه يشعر بالاندهاش لكن لا يهم ما يهمه انها تتقرب منه تحبه و غير ذلك لا يهم

***************************************
اليوم لم تذهب الى الشركه فهى حقا تشعر بألم قوى فى راسها و تعاملت بمهنيه و اتصلت لتأخذ اجازه اعتدلت من نومها لتستند بظهرها الى السرير و اغمضت عينيها بألم فمن الواضح انها على وشك الاصابه بالانفلونزا ظلت مغمضه العين لبعض الوقت حتى تستطيع الوقوف و الخروج من الغرفه حين علا صوت هاتفها لتجيب دون ان تفتح عيونها ليصلها صوته الغاضب و هو يقول
– انتِ فين يا هانم و اجازه ايه اللى واخداها و معرفتينش ليه ؟
كانت لا تستطيع الحديث فعلا فكل جزء فى جسدها يأن الماً و لكنها جاهدت نفسها حتى قالت
– صهيب انا بجد مش قادره اتكلم
حين وصله صوتها وقف على قدميه بخوف وهو يقول
– مالك يا بلسم فيكى ايه ؟ انا جاى حالا
لم تستطع قول شئ وهو لم يسمح لها من الاساس فقد اغلق الهاتف سريعا ظلت هكذا حتى شعرت بالباب يفتح وصوت امها يناديها برفق لم تستطع ان تجيبها بشئ لتقترب منها والدها تضع يديها على وجهها حتى توقظها لتجد ان حرارتها مرتفعه بشده لتشهق بخوف و خرجت سريعا تنادى على والدها فى نفس الوقت الذى علا فيه جرس الباب
اتصل صهيب بالطبيب الذى لم يتأخر فى الحضور و اخبرهم انها مصابه بنزله برد قويه كان صهيب يشعر بخوف كبير عليها حين كان الطبيب يعاينها لم يستطع الجلوس كوالدها الذى كان يراقب كل حركه منه بسعاده رغم قلقه على ابنته الا ان رؤيه خوف صهيب عليها تجعله يشعر من داخله بالاطمئنان على وحيدته انه زوجها الى رجل حقيقى و حين خرج الطبيب دخل اليها سريعا و جثى ارضا على ركبتيه بجانب السرير ينظر اليها بقلق و خوف و يديه تربت على اطراف اصابعها الموصول فيها المحلول … اقترب الاستاذ عبد الرحمن منه و ربت على كتفه و قال
– قوم يا ابنى اقعد على الكرسى
لم ينظر اليه و لم يتحرك من مكانه و لكنه قال
– انا كويس كده يارب بس هى تكون كويسه
ليربت على كتفه من جديد و قال بأصرار
– ان شاء الله هتكون كويسه بس قوم اقعد على الكرسى انا قربته ليك
ليرفع صهيب عينيه اليه لشير له باصرار فوقف سريعا و زاد من اقتراب الكرسى اكثر للسرير و عاد ينظر اليها بقلق … ظل والدها ينظر اليه ثم ابتسم ابتسامه صغيره و غادر الغرفه حين شعر صهيب انه اصبح بمفرده معها اقترب يقبل جبينها بحب و خوف واقترب من اذنها وهمس باسمها ثم قال
– – الف سلامه عليكى يا بلسمى و بلسم جروحى … انا خايف عليكى اوووى بس كمان هفضل جمبك هنا مش هسيبك هفضل ماسك ايدك لحد ما تفتحى عيونك و تضحكيلى
عاد وجلس على الكرسى و رفع يديها برفق و وضعها فوق كفه و حاوط اصابعها بأصابعه بعد ان طبع عليهم قبله حانيه بعد بعض الوقت دلفت الى الغرفه السيده فاتن و بين يدها كوب من العصير و بعض الكيك و هى تقول
– قوم يا ابنى اشرب العصير ده و كل الكيك
نظر اليها بأبتسامه صغيره و قال
– شكرا لحضرتك مش عايز انا بس عايز اطمن عليها … هو الدكتور قال هى هتصحى امتى
لتشفق عليه بشده و ربتت على كتفه و قالت
– قال ان النوم فى حالتها دى كويس … يمكن تصحى بكره الصبح
– بكره الصبح ده انا وعدتها افضل جمبها لحد ما تفتح عيونها
قالها بيأس و احباط شديد لتبتسم فاتن ابتسامه صغيره و هى تقول
– طيب فين المشكله تبات معانا هنا … اتصل بوالدك بلغه و انا هجبلك هدوم من عند عمك عبد الرحمن
نظر اليها بأستفهام سعيد
– بجد .. بجد اقدر ابات هنا … انا متشكر اووى
و اخرج هاتفه بعد ان خلع الجاكيت و اتصل بوالده وابلغه بما حدث ثم وضعه على الكومود بجانبه و نظر اليها و قال
– انا جمبك يا حبيبتى و مش هسيبك غير لما اطمن عليكى
لتغادر فاتن و هى تبتسم بسعاده و راحه فلا توجد ام على وجه الارض تتمنى لابنتها شئ سوا ما يقوم به صهيب لابنتها من حب و احترام و تقدير بقلمى ساره مجدى
****************************************
فى المساء ذهب بلال الى منزل موده يريد ان يطمئن عليها و ايضا يحدد معها و مع والدها موعد عقد القران فهو لا يثق فيه خاصه مع ما سمعه من حديث جانبى بين اثنان من عمال الورشه انه يبحث لها عن عريس غنى بعد ان اخبرته ابنته انها تبرعت بكل ارثها من راجح فعليه ان ينهى الامر و يوقف ذلك الرجل عند حده
كان يجلس فى صالة منزلهم ينظر الى ذلك المصلحى بغضب خاصه مع استقباله الجاف له و لكنه ينتظر حضور موده حتى ينهى الامر و بالفعل دلفت الى الغرفه و رحبت به و جلست بجانبه حين قال هو ببرود
– انا جاى اطلب ايد موده
وقف مصيلحى ينظر اليه بغضب و قال
– ليه هو انت واخدها انت واخوك حكر … و لا هى خلاص الدنيا خلصت من الرجاله مبقاش فاضل غيركم … انا هجوز بنتى لحد يقدرها و يستاهلها
– تقصد يدفع فيها كتير مش كده
قالها بلال بغضب و عروق عنقه نافره … و صوره اخيه ترتسم امام عينيه ترجوه ان يحافظ عليها خلاف قلبه الذى سكنه حبها منذ كانت صغيره … و دفن ذلك الحب فى قلبه دون ان يعلم عنه احد … فبعد ما اغلق قلبه عن الحياه بكل ملازاتها سيكمل الى النهايه و يحافظ لأخيه على حبيبته و ليعينه الله على تلك الحياه المؤلمه التى لا يتحملها احد
اقترب اكثر من مصيلحى الذى تراجع الى الخلف خطوه و قال
– انا هكتب عليها وقتى … و ورينى هتعترض ازاى خصوصا و هى موافقه
لينظر الاثنان الى موده التى قالت بدموع عينيها
– ايوه موافقه
فهى لم يعد امامها اختيارات … فوالدها ينوى بيعها كما فعل سابقا صحيح هو باعها الى حب عمرها لكن تلك المره سيبيعها لاى شخص يدفع اكثر و لا مفر لها الان سوا بلال من يشعر بألمها و حزنها و سيقدر كل ذلك و سيشاركها حزنها على حبيبها الذى رحل
انتبهت من افكارها على صوت بلال و هو يتحدث مع شخص ما عبر الهاتف يطلب منه احضار المأذون و نظر اليها و قال
– ادخلى جهزى نفسك هنكتب الكتاب و نروح حالا .. مش هسمح انك تفضلى هنا دقيقه واحده كمان
و بالفعل تم كل شئ رغم عن مصيلحى الذى كان يغلى غضبا و ايضا خائف من بلال فرغم هدوئه الا انه يخافه و يهابه و فى حالته تلك لا احد يستطيع الوقوف امامه …. ورغم انه يشعر الان ان حلمه قد ضاع هبائا .. و انه لن يحصل على شئ جائت كلمات موده له و رغم قسوتها الا انها فتحت له باب الامل و اشعرته ان الفرصه لم تضيع بعد
– انا متنزلتش عن اى حاجه من ميراثى فى راجح يا بابا بس مش هطول منهم اى حاجه …. و كان لازم تفهم انى مش للبيع و مش هقبل ان ده يحصل تانى مهما حصل
و غادرت من امامه تودع والدتها بالدموع و الاحضان و غادرت مع بلال لا تعلم كيف ستكون حياتها **********************************
مر يومان و عاد صفى الى كليته فهو لا يتسطيع البقاء اكثر من ذلك خاصه و ان كل التحاليل لم تظهر اى مرض واضح كان عقله دائما سارح و يبدوا عليه القلق و التوتر دائما كان اسر يشعر بالخوف عليه و لكنه ايضا يتفهم موقفه و حالته
كانوا فى وسط التدريب حين حضر احدى العساكر و طلب من صفى ان يصعد الى القائد لترتسم معالم الرعب على وجهه و ركض سريعا ليذهب اليه و بالفعل كانت الصدمه القويه من نصيبه حين ابلغه القائد انه اجازه بسبب وفاه اخيه لم يشعر بنفسه و هو يتراجع للخلف يهز راسه بلا و دموعه تغرق وجهه الاسمر حتى اصطدم بالحائط و جلس ارضا يبكى و ينتحب بصوت عالى كالاطفال …. ذهب اسر مع صديقه فهو اساسا كان قد اخذ اجازه فلم يرد ترك صديقه فى ذلك الموقف و ذهب معه
كانت البلده على قدم و ساق و الجميع مجتمع امام بيت صفى الذى حين وصل امام الباب القى حقيبته و ركض الى الداخل سريعا الى غرفه اخيه الذى كانوا يخبئون وجهه ليقترب منه ببطئ شديد و جثى ارضا و مد يديه يرفع عنه الغطاء ينظر الى وجهه الذى فارقه الحياه و الى جسده الهزيل الذى ارهقه المرض ثم ضمه و هو يبكى بصوت عالى لعده دقائق يبكى اب و اخ و صديق يبكى داعم قوى فى الحياه و السند الذى كان دائما فى ظهره من حرم نفسه من كل شئ منه اجل ان يصبح ضابط … شعر بيد على كتفه فرفع راسه ليجدها والدته التى تقف بثبات و قوه عكس تلك الدموع التى تجتمع فى عينيها و تحبسها بداخلها بقوه جباره …. قالت بصوت لا حياه فيه
– جوم يا ولدى … جوم خلينا نكرم اخوك
ليعلوا صوت بكائه من جديد لتربت على كتفه بقوه قليله و قالت
– جوم يا ولدى جه دورك علشان تكون مكان اخوك انت دلوك راجل البيت
هز راسه بنعم و اقترب يقبل جبين اخيه ثم اخذ نفس عميق و قال
– انى اللى هغسل اخوى نادى الرجاله من بره
و بعد ساعه واحده كانت البلده كلها تسير خلف جثمان عتمان لايصاله لمثواه الاخير و كانت فتون تبكى بصوت عالى و تسير خلف الجثمان و هى تنادى عليه و تتوسله الرجوع و كانت سيده من البلده تساعدها على الوقوف و السير مع والدتها حين تم الامر و بدء الجميع فى تقديم واجب العذاء و الرحيل و ظل اسر يقف بجانب صفى الذى نظر اليه و قال
– سيبنى مع اخوى شوى يا اسر عندى كلام عايز اجوله ليه لوحده
هز اسر راسه بنعم و ربت على كتفه و ابتعد بضع خطوات حتى يسمح له بقول ما يريد بقلمى ساره مجدى
اقترب صفى من شاهد قبر اخيه و وضع يديه عليه و قال
– سامحنى يا اخويا … انا السبب فى كل ده لو كنت جولتلك انى بحبها مكنتش دخلت حياتك و اذتك بس وعد عليا اخد حقك .. وعد ادفعها ثمن كل اللى حصل .. هنتقم يا عتمان و حياتك عندى لانتقم منها

يتبع..

لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا

لقراءة باقي حلقات الرواية اضغط على : (رواية جاريتي 3)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *