Uncategorized

نوفيلا الحرمان الفصل الثالث 3 بقلم سهام العدل

 نوفيلا الحرمان الفصل الثالث 3 بقلم سهام العدل

نوفيلا الحرمان الفصل الثالث 3 بقلم سهام العدل

نوفيلا الحرمان الفصل الثالث 3 بقلم سهام العدل

◾ عاد بلال من العمل يوماً وأخبرني أنه مسافر عدة أيام في عمل هام وأعطاني بعض النصائح كالعادة وأنا أجبت بالسمع والطاعة… 
-مرت الأيام بدونه طويلة مملة رغم قلتها، واكتشفت حينها المعنى الحقيقي للوحدة، فالبيت بدونه مظلم ويومي يمر بهدوء مخيف… لم أخرج بتاتاً كما أمرني ولم يزرني أحد…ولكني كنت انتظر مكالمته اليومية على أحر من الجمر، رغم أنها كانت لا تزيد عن بعض الكلمات البسيطة الروتينية للإطمئنان أني على قيد الحياة وأشعر بعدها بخيبة أمل كبيرة لأني لم أحظي منه بكلمة حب واحدة وأنا اشتاق لوجوده كل لحظة… اقتصر يومي على القراءة كما اعتدت ومشاهدة التلفاز في بعض الأحيان ومكالمات أخواتي اليومية للإطمئنان على… وذات ليلة بينما أنا استلقي على سريري انهي قراءة أحد الكتب قبل أن أنام، سمعت رنين الهاتف فغادرت الفراش مسرعة لأجيب على المتصل،،، فابتسمت واطمأن قلبي عندما سمعت صوته يلقى السلام.. حيث أنها ثاني مرة يحدثني فيها ذاك اليوم وهذا لم يحدث منذ أن سافر فلم يزد عن مكالمة واحدة في الصباح… بادلته التحية بإبتسامة ولكن نبرة صوته السعيدة أسعدتني … شعرت أنها هناك شيئاً أسعده… فسألته ” هل حدث شيء؟؟” 
-أجابني ” هل أيقظتك؟” 
– أجبته مسرعة ” لا أبداً،، مازلت مستيقظة” 
-رد بـ ” حسناً… عندي لكِ مفاجأة سارة” 
-تحمست قائلة ” حقاً… ماهي؟” 
-رد قائلاً ” هناك شخص يريد أن يتحدث إليكِ” 
– وقبل أن أسأل  من هذا الشخص سمعت صوت ابنه باسل ينادي ببراءة ” هبه… اشتقت إليكِ”
-غمرتني السعادة وأجبته بحب وحنين ” باسل… اشتقت إليك بشدة… متى ستعود ياباسل؟” 
-أجابني” قريباً ياهبه… أمي ستنهي عملها وسنعود على الفور” 
– قلت بإشتياق ” وأنا سأنتظرك يا طفلي الحبيب “
-بعدها سمعت صوت بلال  يسألني بحماس ” هل أعجبتكِ المفاجأة؟” 
– حينها كنت ساذجة للغاية وثقتي فيه كانت تناطح السحاب… فبلال في نظري لم يكن سوي الرجل الملتزم صاحب الخلق الرشيد… وكل تفكيري فيه… أنه الرجل الذي لا يخطىء أبداً، لذا أجبته ” بالطبع أجمل مفاجأة ولكن كيف التقيت به؟” 
– أجاب بسعادة ” التقيته صدفة في أحد المطاعم، فأردت أن أشاركك هذه اللحظة… ألم تسعدي بذلك؟” 
– كم سعدت بذلك، بلال يريد مشاركتي لحظات سعادته … فأجبت ” بالطبع سعدت… فأنت تعلم مقدار حبي لباسل” 
-أكد ذلك بـ ” بالطبع أعرف… هل أنتي بخير؟ “
– أجبته بخجل شديد ” بخير ولكنني… ولكنني أشتقت إليك “
– أجابني بحنين” وأنا أفتقدك بشدة ياهبه “. 
-لم أصدق حينها وظننت أن سمعي قد خانني وماسمعته هو ماأتمناه في وحي خيالي فسألته للتأكد” حـ.. حقاً… اشتقت لي “
-فقال بشوق لمسته من نبرته” حقاً ياهبه أشتاق إليكِ وسأنهي ماتبقى من عمل لدي هنا وأعود في الغد “
-رقص قلبي طرباً لما سمعته وغمرتني السعادة وقلت بلهفة  ” سأنتظرك” 
– أجابني بصوت حاني ” انتظريني فهناك الكثير من الكلام لابد أن يقال … وانتبهي لنفسك جيداً حتى أعود” 
– “انتبه على نفسك أنت أيضاً… صحبتك السلامة” وانتهت المكالمة على ذلك… ولكن ابتدت ليلة طويلة فارقني فيها النوم من فرط سعادتي بما قاله بلال وظلت نبرته الحانية المشتاقة تتردد في أذني… 
-حاولت النوم فلم أستطع فنهضت وذهبت إلى المكتبة أبحث عن رواية رومانسية لأقرأها ،،، فمزاجي حينها لم يتطلب سوي رواية رومانسية أعيشها حتى يعود بلال وبينما أنا أبحث وجدت رواية من اسمها وصورة غلافها التي هي عبارة عن عاشقين يحتضنان بعضهما استنتجت محتواها فأخذتها وجلست على أحد الكراسي أبدأ قراءتها… ولكن عندما فتحتها وجدت في المنتصف صورة لشخصين أخرجتها وأمعنت النظر فيها لأجد بلال بجواره فتاة متحررة غاية في الجمال … من ملامحها عرفت أنها والدة باسل فهو يشبهها في الكثير… شعرت بالغيرة الشديدة والحقد عليها فهو يحتضنها وهي مائلة على كتفه مبتسمة ولكن بلال كان بلالاً آخر لم أراه من قبل،، فعينيه يشع منهما الحب وابتسامته تملأ وجهه يضمها بيديه وكأنه ملك العالم بين يديه… شعرت بالدنيا تدور من حولي… وأعدت الصورة مكانها فلمحت على ظهرها كلام بخط اليد فجذبتها لأقرأه وجدت ” سأظل متيماً بك حتى آخر أنفاسي…. عاشقك بلال”… عند ذلك سقطت الرواية بالصورة من يدي وشعرت بالدماء تفور في رأسي وشعرت بالحزن والحسرة… عام كامل لم أحظي فيه بكلمة حب أو نظرة عشق واحدة كالتي رأيتها في عينيه بالصورة وهو ينظر لها … وقفت اتنفس بصعوبة وادور في المكان مسترجعة ذكريات مريرة مصحوبة بوحدة قاتلة… دخلت غرفتي ووقفت أمام المرآة انظر لنفسي واتمعن في ملامحي… ماذا ينقصني عنها حتى لا يحبني… بدأت اعبث بشعري بهذيان وافرده خلف ظهري وأخمن هل أنا هكذا أجمل… هل سأكون هكذا أجمل بنظره… هل سيحبني يوماً مثلما أحبها… وفجأة تذكرت أنني حتى الآن لا أعلم ماذا يحب وماذا يكرهه… هل يحبني بالزينة أم بدونها؟؟؟… جلست على حافة فراشي واحتويت وجهي بيدي وانخرطت في بكاء حاد… أنعي قلباً احترق وتمني سعادة ولم ينلها… أنعي ليالٍ طويلة مرت وأنا أفكر هل يعاملني هكذا لأن هذه طبيعته أم أنني لم أستطع أن أكسب قلبه؟؟… وفجأة تذكرت مكالمته الأخيرة لي ووجوده مع باسل… والسعادة التي وجدتها في صوته… وباسل مع أمه… إذن فهو سافر إليها وكذب علىّ… ولم يقابلها صدفة كما أدعي… وللأسف لأول مرة يكون ناعماً معي هكذا… إذن سعادته مرتبطة بها… وأنا؟؟؟… لماذا تزوجني طالما يحبها ويسعى وراءها؟؟؟… وللأسف ليس لدي أي إجابة… فأنا الجاهلة التي كنت أطيع دون فهم وألبي دون نداء… أنا الساذجة التي لم تسأله يوماً لماذا طلقت أم ابنك ولماذا تزوجتني أنا خاصة؟؟؟… أنا التي كنت دائماً ألتمس له كل الأعذار وأوفر له جميع سبل الراحة… أنا التي لم تبحث عن حقها يوماً معه وكنت أكتفي بالمسكن النظيف والطعام الجيد وأقول لنفسي أنني الآن أصبحت أفضل من ذي قبل… ولكنني كذبت على نفسي فأنا لم أشعر بالدفء هنا يوماً وكان غطاء سرير بيت أبي المرقع يدفئني أكثر من ذلك… 
-ظللت أبكي طوال الليل ولا أعلم متى غلبني النعاس حتى استيقظت وأنا أشعر بالألم يمزق كل جزء من جسدي وكأن قلبي اكتفي وجعاً ووزع الباقي على جسدي.
– مرت ساعات النهار وأنا أشعر أنني إنسانة أخرى ميتة على قيد الحياة بعدما انكشفت أمامي الحقائق… ليس لدي رغبة في أي شيء… حتى الهاتف ظل يرن مراراً وتكراراً وليس لدي رغبة في الرد على أحد… كل ماأريده أن أقوى وأواجه بلال بحقائقه المشينة … وبالفعل جلست في غرفتي انتحب حتى حلَّ المساء وسمعت صوت باب الشقة يُفتح وينادي “هبه… هبه” 
-نهضت بتثاقل وخرجت له… اقترب مني بإبتسامة قائلاً “هبه… اشتقت لكِ… واقترب وضمني إلى صدره دون حراك مني…. 
-يالسخرية القدر… بلال يبتسم لي ويضمني ويخبرني أيضاً أنه اشتاق لي… اذا كان فعل هذا قبل يومين لكنت طرت لامست السحاب ولكنه تأخر للغاية… عندما لم يجد مني تجاوب احتضن وجهي بيده ورفعه مقابل وجهه، وتساءل ” هبه… ماذا بكِ؟… هل أنتي مريضة؟؟” 
-ابتسمت ببرود مجيبة ” لِمَ … هل لأنني لم أبادلك الإحتضان؟؟”…ابتعدت عدة خطوات مولية له ظهري واستكملت بأسي ” اعذرني فأنا أجهل كيفيته… فأنت لم تعلمني ذلك ولم أعتده منك” 
– لم أسمع منه جواباً، فألتفت له وجدت على وجهه علامات الإندهاش والتعجب… 
– سألته” كيف حال باسل؟؟”… فرد بخفوت ” بخير”… 
– اقتربت منه ونظرت له بأسي متسائلة ” وكيف حاله أمه؟؟” 
– ضيق عينيه ورد تلقائياً بتعجب” أمه!! “
– ابتلعت غصة حارقة وأكملت” نعم أمه… ألم تكن مع باسل؟” 
– تنهد قائلاً ” نعم كانت معه… ولكن لماذا هذه الأسئلة؟؟… ماذا بك ياهبه؟؟ “
– خنقتني العبرات وانفعلت قائلة ” لماذا كذبت على وقلت أنك ذاهب في عمل؟ … ولماذا كذبت وقلت أنك قابلت باسل بالصدفة؟… لماذا تزوجتني إن كنت تحبها؟ … لماذا أدخلتني حياتك وأنت على علاقة بها؟؟؟ (وصرخت) لماذا؟… لماذا؟ “
-اقترب مني مندهشاً ” ماهذا الذي تهذين به؟… اهدئي ياهبه واسمعيني”.. 
-نظرت له بوجه مغرق بالدموع وقلت” اسمعني أنت يابلال ولا تقاطعني… بحق مابيننا وحتى إن لم يكن بيننا شيء فبحق صلة الدم التي تجمعنا “
-هز رأسه بتعجب وأمسك يدي قائلاً” ياهبه… “
-ابتعدت عنه وصرخت به” لا تقاطعني واسمعني بالله عليك”.. 
– قال بشفقة مشيراً بيده للأريكة ” حسناً… حسناً… ولكـن اجلسي” 
– بالفعل اقتربت وجلست… ثم جلس هو الآخر أمامي وقال بحزن ” تحدثي ياهبه وأنا سأسمعك”
-نظرت له بعتاب ودموعي تسبق كلماتي ” تعلم يابلال أنك إنسان غريب الطباع… كيف لك أن تكون حنوناً وقاسياً في الوقت ذاته؟ … تحاول تهدئتي وأنت سبب انفعالي… تحاول ضمد جروحي وأنت من فتحها”
-رد بوجه متألم ” ماذا فعلت بك ياابنة عمى؟” 
– سألته بعتاب ممزوج بدموعي ” وألم تكن تعلم أني ابنة عمك وأنت تتزوجني؟..عمك الذي حُرِمتْ منه وتمنيت من الله أن يرزقني بزوج يعوضني حنان الأب وحُب الأخ… ولكن أنت ماذا قدمت لي يابلال؟… بماذا عوضتني؟… لم أجد منك سوي الجفاء… عاماً عشته في كنفك وأنا أتعجب ماذا ينقصني عن النساء كي لا أعجب زوجي؟ … منذ أن تزوجتك وأنت حريص جداً في الكلام معي وكأنني غريبة عنك… بالله عليك اذكر لي كم مرة منذ أن أصبحت زوجتك أسمعتني كلمة تشعرني أني أنثى؟ … كم مرة مدحتني كزوجتك؟ … كم مرة مدحت شكلي أو قوامي؟ … كم مرة مازحتني أو داعبتني؟ ماذا أعلم عنك؟… أنا أجهل ماتحب وماتكره… لا أعرف عنك شيء… حتى الفراش الذي يجمعنا بارد مثلك… أنت في عالم خاص حَرمت عليا تخطيه…وقبل ذلك حرمت عليا كل وسائل التواصل مع المجتمع غيرك… ومع ذلك قبلت ورضيت… طلبت منك أذهب إلى الطبيبة لأبحث عن سبب تأخر الإنجاب ورفضت وأنا رضيت رغم شوقي لطفل يملأ حياتي الفارغة وأنت فيها… ولكن جعلت إرضاءك فوق كل احتياجاتي… وأنت… وأنت تعيش معي كأنك مكلف بمهمة مُجبر عليها… كنت أتعجب من ذلك… ولكن أقنعت نفسي أن هذه طبيعتك وأنت لم تتعمد التقصير حتى رأيت صورة لك مع زوجتك أم باسل وعينيك تفيض غراماً بها ورأيت ماخطته يداك على ظهر الصورة… علمتُ حينها أنني كنت مخطئة… وهذه ليست طبيعتك وأنت تعرف وتجيد الحب ولكنك لم تحمله لي يوماً… ولكنك إنسان أناني ومتسلط… حرمتني من متع الدنيا وأنت تحب وتتمتع…لا أريد منك إلا أن تخبرني طالما تحب زوجتك السابقة، لماذا تزوجتني؟… لماذا ظلمتني؟؟… لا ولن أسامحك ما حييت يابلال… لن أسامحك ” وانخرطت في بكاء شديد حتى خارت قواي وشعرت أنني أنسحب من الحياة… ولم أشعر بنفسي بعدها إلا وأنا في فراشي ويدي متصلة بزجاجة تقطر ببطء في وريدي وبجواري أمي…
 – اقتربت مني أمي بلهفة عندما وجدتني مستيقظة” حمداً لله على سلامتك ياابنتي… هل أنتي بخير؟ “
– أجبتها بدموع ” بخير ياأمي… اشتقت لكِ… ماذا حدث لي وكيف جئتي إلى هنا؟” 
-مسحت على شعري بإبتسامة ” تعانين من بعض الضعف وبلال هو من أرسل لي سيارة تأتي بي حتى أكون بجوارك… فهو أسعده الله لم يتركك حتى أتيت” 
– تذكرت ماحدث قبل أن أفقد الوعي فسألتها” بلال… وأين هو ياأمي؟” 
– أجابت” قال إن لديه عمل هام سيستغرق بعض الأيام في محافظة أخرى وطلب مني ألا أتركك حتى يعود “
– انهمرت دموعي دون صوت… فلقد تركني مرة أخرى دون أن يحدد مصيري. 
يتبع…
لقراءة الفصل الرابع والأخير : اضغط هنا
لقراءة باقي فصول الرواية : اضغط هنا
نرشح لك أيضاً رواية أحببت قمراً للكاتبة مريم حسن

اترك رد

error: Content is protected !!