روايات

رواية دايما جنبك الفصل الأول 1 بقلم جنة جابر

رواية دايما جنبك الفصل الأول 1 بقلم جنة جابر

رواية دايما جنبك البارت الأول

رواية دايما جنبك الجزء الأول

دايما جنبك
دايما جنبك

رواية دايما جنبك الحلقة الأولى

– الجاكت الأزرق، ولا الإسود؟
– الإتنين حلوين.
نفخت خدودي:
– هو أنا بسألك علشان تقولي الإتنين، ما أنا عارفة إنهم حلوين أنهي أنزل بيه دلوقتي؟
– الأزرق.
– فُل أوي هلبس الإسود.
هَز راسه بيأس، ولبس الجاكت بتاعه هو كمان، وطفينا كهربة البيت، ونزلنا سوا نجيب أيس كريم زي ما كان واعدني.
– مُتحمسة لرمضان بشَكل يا أدهم.
إتنهد وهو بيبص لجردل الأيس كريم اللي حضناه:
– هاتي العلبة دي، كفاية هتتعبي.
– لا علشان خاطري سيبه، أنا مش طفلة هتاخد برد.
ضِحك، وهو بيشاور بتأكيد:
– لا إنتِ للأسف طفلة.
– لما أنا طفلة وزنانة، متجوزني ليه يا سي أدهم.
وَقفنا بالعربية في إشارة:
– أنا مقولتش إنك زنانه.
قاطعته بدراما:
– كُل اللي بينا إنتهى، كل واحد يشوف طريقه.
لاعب حواجبة:
– أه ما أنا فاهم، حيث كدا هشوف طريقي مع نانسي.
عيوني وِسعت وهو بيضحك:
– أه قول كدا بقا، الحُب القديم!
الإشارة فَتحت، فإتنهد وهو بيمسك إيدي يدفيها، وبيسوق بإيده التانيه:
– ولا حُب ولا بطيخ، بطلي هَبل، دي أُختِ.
– أه بإمارة لما بيحصلها حاجة ترن عليك إنتَ، لا هو إشمعن إنتَ بقا يا حبيبي، معندهاش أخ ولد.
– مسافر يا جَنَّة.
– مش قصتي، ومتضحكش عليا.
– خلاص متزعليش نَفسك، مش هرد عليها تاني.
– أه كُل بعقلي حلاوة.
– خدي جردلك أهو، مش مستاهلة خناق على المِسا.
خَدت العلبة منه، وفَتحت أكل أيس كريم بغيظ، وعصبية!
– عملتلك صنية مكرونة بالبشاميل تاكل صوابعك وراهم.
خَدت منه الجاكت، وعلقته، وهو بياكل أول معلقة:
– جميل أوي، تِسلم إيدك.
– بالهنا على قَلبك.
شَديت الكُرسي بتاعي وقَعدت أكل أنا كمان:
– تحب تشرب إيه بعد الأكل؟
– لا إرتاحي، أنا جبت عصير وأنا جاي نحلي بيه، وحَملت فيلم أكشن جديد زي ما بتحبي.
سَقفت بإيديا بحماس:
– يعني هنسهر إنهارده؟
– لا مش هقدر عندي شُغل الصُبح بدري، هنتفرج على العشا سوا يدوب كدا وننام.
قاطع كلامنا، تليفونه بيرن وببص على الإسم لقيتها نانسي، فَ رفعت حاجبي ببصله مستنيه رَد فعله، فقال:
– جَنَّة يمكن حاجة ضروري.
– بَس.
مقدرتش أتكلم لما فاجئني ورَد عليها:
– ألو أيوه يا نانسي، بجد، طب تمام، لا لا مش هتأخر مسافة السكة.
قَفل معاها وبصينا لبعض فَ قولت:
– خِير؟
قام من على الأكل وهو بيقول:
– محتاجة دوا ضَروري لخالتي.
غَمضت عيوني بعصبية، وبعدها قُمت أنا كمان:
– تمام خُدني معاك.
– هتتعبي والجو بَرد.
– لا معلش متخافش عليا إنتَ.
دخلت جهزت، وأنا بستحلف من جوايا لو طلعت خالته كويسة، هجيبها من شعرها!
– أهلًا أدهم إتفضل.
يَدوب هتقفل الباب، كُنت حاطة رجلي، ودَخلت:
– مش تاخدي بالك يا نانسي.
إرتبكت:
– أه جَنَّة، إنتِ جيتي ليه؟
رَفعت حاجبي:
– نَعم!
صَححِت:
– أقصد تعبتي نَفسك بجد.
مِسكت إيد أدهم، ودخلنا لجوا:
– وإنتِ مالك؟
أدهم بَرقلي، فَ هزيت راسي بغيظ:
– خلينا نشوف خالتك، مش هنقضيها سلامات.
إدىٰ لنانسي الدوا، ودَخل لخالته يسلم عليها، وأنا معاه كانت نايمه مش باين إنها مش كويسة، ونانسي صَحتها بتوتر ظاهر.
– أدهم، إبني، إيه اللي جابك في البَرد ده؟
قَفلت عِيني نُص قفلة، وأنا بتفرج على اللي بيحصل حوليا أدهم إتكلم:
– يا خالتي مش مهم البَرد، المُهم صِحتك.
كَشرت بإستغراب:
– ما أنا كويسة أهو.!
نانسي إتدخلت في الحوار، وهي بتقول:
– ماما الدوا بتاعك خلص وكلمت أدهم يجيبه.
خالته إبتسمت:
– تسلم يا إبني تعبناك معانا.
قَعد قصادها ومِسك إيدها:
– متقوليش كدا، تعبك راحة أهم حاجة تبقي كويسة.
– تسلم وتعيش يا إبني.
خَرجنا من عندها، ونانسي لازقة في أدهم ونازلة رَغي، وهو بيشاركها الكلام، وأنا عيوني شوية كمان وكانت هتاكلهم، قَربت عليهم وهَمست:
– أدهم يلا بينا نروح، إتطمنا على خالتك خلاص.
هَز راسه وعملها باي باي، لا والله عملها بجد باي باي.!
– عملتلها باي.
مكملتش كلامي، حطلي شكولاته في بوقي، وأكَل هو كمان واحدة:
– إيه رأيك نعوض الفيلم اللي اتضرب ده؟
ضَيقت عيوني بإستفهام:
– إزاي يعني؟
– هنروح نتعشى برا مثلًا.
– إمم، ماشي يا عمنا.
– عمنا!
إتنهد طَلع لوح شكولاته:
– خدي إتسلي فيها لحد ما نوصل.
وشَغل إليسا زي ما بَحب على أهدى صوت:
– وأدي الأغنية اللي بتحبيها كمان.
– حبيبي والله.
غَمز:
– عارف.
– جنة، جنجون إنتِ فين؟
سِمعت صوته وأنا في المطبخ فَ رديت:
– أنا هنا يا أدهم.
دخل بيتكلم بحماس:
– جنة، نانسي جايلها عريس يتقدملها بليل.
إبتسامتي وسعت من الودن للودن، وأنا بتنفس براحة، وأخيرًا نانسي هتبعد عننا!
لما الليل ليل كُنت قدام المرايا بشيل الماسك اللي حطيته، بسرح حواجبي، وحطيت ليب بالم، ولبست أبسط حاجة ممكن تتلبس، شربت كوباية شاي وأنا مستنية في الصالون أدهم يخلص، ولأول مرة أجهز قبله.
– بس أنا مش موافقة يا أدهم.
كُنا واقفين في المطبخ إحنا التلاته، وأنا زي الماية اللي بتغلي على البوتوجاز ورايا.
– مقولتليش ليه طيب، قبل ما أديلة معاد يجي فيه البيت يا نانسي، ينفع كدا؟
مِسكت إيد أدهم:
– أنا أسفة بجد، بس كنت محتارة، مش هو ده الشخص اللي بحلم بيه.
شيلت إيدها من على إيده وأنا بجز على سناني وبقولها:
– طب ما تديله فرصة يمكن يطلع شخص كويس.
– لا يا جنة أنا عارفاه، ده زميلي في الشغل فَ أنا عارفة شخصيته.
طبطبت على إيدها:
– معلش يا حبيبتي، شكلنا وحش قدامه، لما أدهم يديله معاد ويجي نقوله بعد خمس دقايق إتفضل معندناش بنات للجواز، وهو معملش حاجة دي قلة ذوق، إطلعي وإسمعيه.
عيونها دَمعت:
– لاء يا جنة مش هطلع.
بَصت لأدهم:
– إتصرف أرجوك.
أدهم هَز راسه بالموافقة، وأنا غمضت عيني بغيظ!
– بص بقا أديك شوفت الإحراج اللي سببتهولك الهانم إنهاردة، بعد كدا لما يبقى فيه حوار ياريت فيديو كول محترم لأخوها يظبط هو الدنيا.
بَصلي بتعب:
– مش هقدر يا جنة دي أمانة.
هَزيت رجلي بعصبية وهو بيكمل كلام:
– هي عندها أسبابها، وأكيد مش هنغصب البنت على حاجة، أخوها في غربة ودي لوحدها هَم، مش هنشيله هَم فوق همه.
مِسكت راسي بضيق:
– أدهم نزلني هنا.
بَصلي بإستغراب:
– ليه؟
– بقولك نزلني هنا.
– لا مش هوقف العربية الا لما أفهم ليه؟، كلامي معجبكيش؟.
لفيتله بضيق، وإتكلمت بتريقة:
– هو أنا أقدر أعترض، ولا ميعجبنيش كلام سيادتك، أصل أنا لو إتكلمت هبقى الشريرة، وبسلامتها هي الملاك أبو جناحات بيرفرف.
إتنهد بعصبية، وركن على جنب:
– بلاش الاسلوب ده وقوليلي إيه اللي مضايقك؟
– نانسي كبيرة دي واحدة عندها ٢٢ سنة، عندها عقل تعرف توزن بيه امورها كويس أوي، وأكم بنات بيتصرفوا بإمورهم الشخصية بدون ما يدخلوا حد فيها، وفوق كل ده عندها أخوها، ومش قصتي بقا عنده هَم، ولا هَمين، مش دي أخته يتحمل مسؤوليتها، مش إنتَ، إنتَ عندك بيت وقريب عيال كمان.
غَمض عيونه بتعب:
– جنة اللي بتقوليه ده مينفعش، خالتي هي اللي ربتني، ونانسي أختِ.
قاطعته:
– مش أختك إفهم بقا.
زعق بإنفعال:
– أنا بعتبرها أختِ.
زعقت قصاده بعصبية:
– وهي مش بتعتبرك أخوها، ولا مرة قالتلك إنتَ أخوها، ولا مرة نظرتلك زي أخوها، أنا سِت وفاهمة نظرات الستات كويس أوي.
عدى يومين على خناقتنا دي، وكل واحد فينا واخد جنب من التاني!
وفي اليوم التالت كُنت داخلة البيت مكشرهه، ومش طايقة نفسي، حاولت أفتح النور ومبيفتحش، بصيت على مفتاح النور وإبتسمت بسخرية لما لقيته مقفول، فَ فتحته، ويدوب ببص ورايا لقيت أدهم بيخضني:
– سنة حلوة يا جميل.
بصيت حواليا بمفاجأة كان ماما وبابا موجودين، وإخواتي، خالته، ونانسي كمان، بس هي مكشرة، فَ تلقائي إبتسامتي وسعت قدامها، وبصيت لأدهم:
– يعني طلعت أهو فاكر عيد ميلادي؟
هَز راسه بيأس:
– هو علشان متخانقين أنسى عيد ميلادك؟
إتكلمت بدهشة مصطنعة:
– متخانقين، مين قالك إننا متخانقين؟
– واحدة كدا، ربنا يسامحها بتحطلي الاكل لواحدي زي القطط، وبتسيبني أشرب الشاي لواحدي وقت المغرب.
– يا عيني، صعبت عليا.
رفع حاجبة:
– والله.
قاطع كلامنا مع بعض، نانسي وهي بتولع الشمعة:
– مش هتيجي تطفي الشمعة، ولا هتفضلوا واقفين بتتكلموا بصوت واطي كدا، هو سر حربي ولا إيه؟
إتكلمت وأنا بقرب من السُفرة، وكلنا وقفنا سوا عند التورته:
– ولو سر حربي، هيخصك في إيه؟.
طفيت الشمع، وقطعنا الكيك، وقعدنا كلنا سوا نتكلم في مواضيع مختلفة، وصدقًا كُنت مفتقدة تجمعنا العائلي، وإكتشفت إن مشكلتي مع أدهم خدتني من حياتي الطبيعيه، علشان كدا قررت هحط نظرية المؤامرة على جنب، وأعيش!
– أدهوم بُص الهاف كول الكُحلي ده، على بنطلون بيج هيبقى تحفة.
بَصلي بإستغراب، وأنا بكمل وبحط الساعة في إيده:
– والساعة دي إشتريتها إنهاردة، وأنا بجيب طلبات للبيت، إيه رأيك؟
بَص للساعة وإبتسم:
– جميلة، تسلم إيدك، بَس كُل ده ليه؟
– مفاجأة، يلا إلبس بسرعة.
بعتله اللوكيشن، وهو ساق العربية، لحد ما وصلنا للمطعم، دخلت وأنا إيدي في إيده ولما شاف صُحابه المقربين فجأة لقيته بيبصلي:
– إنتِ بتهزري؟
بدأ يسلم عليهم بفرحة علشان مشافهمش من زمان، وأنا كمان بسلم على مراتاتهم اللي يعتبروا صحباتي، إتعشينا كلنا سوا، وأدهم وصحابه لعبوا سوا بلايستيشن، إتلاقت عيوني أنا وأدهم، ولمست فيهم نظرة دافية.
– بُص إيه رأيك في الفيلم ده؟
حَط الفشار وبَص بالفعل على التلفزيون:
– أه جميل شغليه.
لسه هشغله، سمعنا رنة تليفون أدهم، أخدت فشاريتين، وهو بصلي بتساؤل، فَ إستغربت:
– فيه إيه؟
إتكلم بترقب:
– دي نانسي.
شغلت الفيلم وهديت الصوت:
– طب ما ترد، يمكن محتاجاك في حاجة مهمة.
كُنت قادرة وأنا مركزة على الفيلم أعرف إنه بيبصلي بإستغراب، وبعدها رد، مفيش ثانيتين، وإتنفض:
– إنتِ بتقولي إيه؟، طب إستني وإهدي، هجيلك!.
إتفزعت من فزعته، وسألته وأنا وراه وهو بيجري يسحب جاكت:
– فيه إيه يا أدهم خضيتني؟
– خالتي يا جنة.
مِسكته بخضة، وصوته شِبه مش موجود:
– مالها يا أدهم؟
لفلي وهو مش عارف ياخد نَفسه، وده حسيته من صوته اللي بينهج:
– خالتي توف-ت.
ضَميته وأنا شيفاه هينهار، أنا عارفة خالته بالنسباله إيه، دي أمه اللي ربته، وده بمثابة خسارة أمه للمرة التانية!
وقت الدف-ن، كُنت مركزة مع أدهم، اللي واقف صامت تمامًا، وبيأمن ورا الشيخ بهدوء، وفي وسط الحُزن ده، لقيت نانسي بتضم أدهم وبتبكي وهو واقف جامد، الصدمة من الموقف لجمتني، بس بعدها قربت منهم وشديتها حضنتها أنا:
– تعالي يا حبيبتي في حُضني أنا.
بَصت لأدهم:
– ماما مات-ت يا أدهم.
طبطبْت على راسها:
– هي في مكان أحسن، ولا إيه يا أدهم؟
بَصلنا إحنا الاتنين بهدوء:
– أحسن بكتير من هنا.
فضلت تلات أيام العزاء، بطبطب، وأضايف الضيوف، قهوة رايحة وقهوة جاية، الهالات طلعتلي، وعلى طول ضامة أدهم لحضني، وبحاول أنقذ مواقف نانسي تجاه أدهم علشان مخرجش عن شعوري، مرة ورا، مرة ورا، مرة، وأنا حاسة إني بضغط على نفسي.
– هو أدهم ده أخوكوا يا نانسي؟
كُنت بحط القهوة لطنط اللي من ضمن الناس اللي جاية تعزي، وسمعت الكلام ده، فَ قعدت على جنب أسمع هترد تقول إيه:
– لاء مش أخونا يا طنط.
إبتسمت وهي بتمسك إيد نانسي:
– شكله خطيبك، اللي يشوفه يفكره أخوكِ التاني.
نانسي إبتسمت وسكتت من غير ما ترد، وده خلاني أتصدم من وقاحتها، فَ وقفت وأنا بقدم نفسي:
– إزي حضرتك يا طنط معرفتكيش بنفسي، أنا زوجة أدهم.
حرجها بان في صوتها:
– ما شاء الله، معلش يا بنتي اللي ما يعرفك يجهلك.
إبتسمت بتكلف:
– ولا يهمك.
بَصيت لنانسي اللي بتتهرب بنظراتها:
– روحي يا نانسي ضايفي بقيت ضيوفك.
على الرغم إني كان ممكن أزعلها، بس تمالكت أعصابي علشان خاطر مامتها اللي لسه متو-فيه، وحسيت إنها متستاهلش إني أقف جنبها، وأضايفلها ضيوفها، وأتعبلها.
– أدهوم عملالك محشي ورق عنب اللي بتحبه متتأخرش.
بعد شهر، من وف-اة خالته، بحاول أخرج أدهم من الإكتئاب على قد ما أقدر، وأعمله الحجات اللي بيحبها، رغم الاعياء الشديد اللي صابني، فوقت من سرحاني لما عَمل سين للمسج ورَد:
– عيوني يا حبيبتي.
مر ساعة، وإتنين، وتلاتة، وفضلت مستنياه، علشان ناكل سوا، الساعة بقت تسعة بليل، قلقت كتير، ورنيت كتير، دورت على رقم أخو نانسي بما إنه بقى في مصر، بس مبيردش هو كمان!
وقفت بحث وإتصالات، لما لقيته داخل البيت الساعة عشرة بليل، غمضت عيوني براحة وتعب:
– كُنت فين يا أدهم، إتأخرت كدا ليه؟
– كُنت عند نانسي.
إتصدمت، بس داريت ده:
– ومقولتليش ليه؟
– مجاش على بالي إني أقولك، تصبحي على خير أنا داخل أنام.
وقفته، وأنا بحاول مبانش مهزوزة:
– طب مش هتاكل؟
لف وبصلي بتعب:
– أكلت خلاص.
وقتها بس حسيت إن كل مجهودي علشان أحافظ على بيتي بيروح على الأرض، أدهم معتش شايفني، ولا حاسس إني تعبانة وبتألم ومحتاجة دكتور، معتش بيقدر أي حاجة بعملها.
قعدت قدام الدفاية، ودموعي جامدة جوا عيوني، براجع كل حاجة، كل تصرفاتي، وتصرفاته، وفضلت كذا ساعة مش عارفة أنام.
فوقت على صلاة الفجر وأدهم بيقومني علشان نصلي سوا زي ما متعودين، عملت سندوتشين خُفاف وكوباية شاي وقعدنا سوا في البلكونة علشان نتفرج على الشروق، والصمت هو المسيطر، قطعه أدهم بكلامه:
– عارفه يا جنة، نانسي صعبانه عليا أوي.
كُنت يدوب بشرب الشاي، فَ شنقت، بَس حاولت أكون هادية:
– أه ربنا يصبرها.
كَمل وهو بيتنهد:
– إتيت-مت بدري أوي، مبقالهاش لا أب، ولا أُم.
– ربنا معاها فعلاً.
– وأخوها خلاص يومين ويرجع يسافر تاني، هتبقى لواحدها.
بَصيتله بنفاذ الصبر:
– أه وبعدين، تعالى دوغري يا أدهم وقولي إنتَ عايز إيه؟
إتكلم بترقب:
– عارفة بفكر أجيب مثلا بيت كبير نقعد فيه كُلنا، فيلا مثلًا، إيه رأيك؟
حواجبي إترفعت من الصدمة:
– نعم؟
حَمحم:
– طب شقة في العمارة مثلًا.
إنفعلت وأنا بتكلم:
– أدهم دي كبيرة مش طفلة صغيرة لسه بتروح الحضانة، دي بتشتغل، وبتصرف على نفسها، ومسؤولة.
قاطعني:
– بس مينفعش برضو تقعد لواحدها كدا.
وقفت وانا متعصبه:
– أخوها فين ياخدها معاه وهو مسافر كمان يومين.
وقف هو كمان قصادي:
– إتقي الله، حرام عليكِ، يشيل هم فوق همه.
مِسكت راسي بجنان:
– الكلام ده من عقلك بجد؟
هَز راسه بتأكيد:
– أه طبعًا دي أمانة في رقبتي.
– إنتَ مالك يشيل هَم ولا ميشيلش، كُنت ولي أمره؟!
إتكلم بإصرار:
– يا جنة ده واجبي.
هِديت تمامًا، وصوت أنفاسي بس هو اللي مسموع، تحت إستغراب أدهم، وأخيرًا إتكلمت:
– تصدق وتؤمن بالله.
– لا إله إلا الله.
إتكيت على كل حَرف بقوله:
– إنتَ معندكش ريحة الدم.
سيبته ودخلت جوه، وهو دخل ورايا بيزعق:
– إنتِ إزاي كدا، دي يتيمة.
وقفت قدامة برضوا بعلي صوتي:
– يتيمة ولا لاء دي مش قصتي، أغنيهالك يا أخي، إرحمني بقا من سيرتها.
صوته على أكتر:
– هتتحاسبي والله على كلامك ده، ربنا مُطلع عليكِ.
متمالكتش نفسي، من كُتر زعيقي فيه:
– والله إنك كان حد هيتحاسب فهو إنتَ، أنا متحملة حجات إنتَ مش واخد بالك منها، ده أنا في العزاء البنت مرحمتش نفسها، والناس بتقول عليك خطيبها، وأنا أقف أقول إني مراتك، كُل ده ليه؟، علشان سيادتك مش مركز في أي حاجة غير نانسي وبس، قولي بالله عليك أخدت بالك إني تعبانة وبالرغم من كدا بطبطب، وأحايل، وأهدي، وأصبر، مخدتش بالك صح؟
إتكلم بصوت مهزوز:
– ما أنا كُنت زيك، ليلي نهاري، ونهاري ليلي، ومحدش حاسس بيا، من الشغل، للنانسي، لمشاكلك، ومكنتش بنطق، ولا بشتكي، ولا بعمل مشاكل زيك.
لقيت طبق فاكهه قدامي وكان جوايا شعور قوي إني محتاجة أفضيه وأفت-ح دماغه بيه، سَحبته وبدأت أكل، وأنا بتكلم:
– هو إنتَ مش ملاحظ إننا بنصطبح بنانسي، وبنتمسى بنانسي، وإنتَ قاعد تبررلها ولا كأنك محاميها حاجة غريبة.
سِكت تمامًا قُدام كلامي، فَ كملت:
– مش وراك شُغل ولا إيه، روح إلبس يلا علشان تلحقه.
إتكلم بغضب:
– هسيبلك البيت، و رايح فعلًا.
روحت عند ماما أزورها، ويا حبيبتي إدتني علبه محشي من اللي أدهم بيحبها، وأنا مروحة شوفت رنات كتير من أدهم، بس مكنش عندي طاقة للكلام، ولا للنقاش، ولا إني أسمع سيرة حد بيعصبني.
– كُنتِ فين؟
فَكيت الطرحة بهدوء قدام المراية:
– كُنت عند ماما.
إتنهد بضيق:
– ومقولتليش ليه؟
لفيتله ببرود:
– مجاش على بالي إني أقولك.
ضِحك بسخرية:
– إنتِ بتردهالي يعني؟
كَتفت إيدي بزهق:
– إنتَ عايز إيه؟
إتنهد وقعد بهدوء:
– أنا تعبت من شكك اللي مبينتهيش ده، ومش عارف أثبتلك إزاي إني بعتبرها أخُتِ اللي مسؤولة مني.
إتنهدت أنا كمان من حيرته، وقعدت قصاده:
– أنا مش عيزاك تثبتلي حاجة قد ما تسيبها هي اللي تتولى مسؤولية نفسها، وأخوها ياخدها معاه على الأقل أو هو حُر يعمل اللي هو عايزه، مش حابة اللاقيك كُل يوم عندها، وإنتَ تقريبًا اللي بتجيب طلباتها، وبتقف جنبها في كُل صغيرة وكبيرة.
حاول يقاطعني بس كَملت:
– أدهم أنا عارفة إنك بتعتبرها أُختك، بس الموضوع وصل لطريق معقد، عارف لدرجة إيه؟
هَز راسه بإستفهام، فَ قولت:
– لدرجة إنك مش واخد بالك من بيتك وأهملته، مش واخد بالك مني أنا أصلًا.
مَسح وشه وسِمعته وهو بيقول:
– إنتِ اللي وصلتينا لكدا.
هَزيت راسي بإستفهام:
– وصلتنا لإيه؟
– إننا نتطلق.
قالها بكل هدوء، وإبتسامتي الهادية قُدامه جِمدت، وعقلي مش بيردد غير إنه فضلها عليا، فضلها عليا وبس!
– نتطلق وهديلك كُل حقوقك، إنما عيشة بالمنظر ده، أسف مش هستحمل خلاص.
فوقت من صدمتي وهو بيقولي:
– إيه رأيك؟
أنا شيلته كتير، وإستحملت كتير، وحاولت أطنش، ومع أول خناقه بينا، كان مصيرها المحتوم هو الطلاق، قُومت بتوهان وأنا بهز راسي وبقوله:
– أه فعلًا لازم نتطلق، أنا مش هضيع خمس دقايق كمان مع إنسان زيك.
إتعدل وقام بيضحك بسخرية:
– ده إنتِ حتى ممسكتيش فيا.
كُنت بلف حجابي تاني بإيد بتترعش:
– وأمسك فيك ليه، هو إنتَ كُنت بقيت عليا، علشان أبقىٰ عليك؟
مِسكني من دراعي:
– تمام، خليكِ فاكره إيه اللي وصلنا لكدا، إنتِ طالق.

يتبع…
لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا
لقراءة باقي حلقات الرواية اضغط على : (رواية دايما جنبك)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *