روايات

رواية أترصد عشقك الفصل الرابع 4 بقلم ميار عبدالله

رواية أترصد عشقك الفصل الرابع 4 بقلم ميار عبدالله

رواية أترصد عشقك البارت الرابع

رواية أترصد عشقك الجزء الرابع

رواية أترصد عشقك الحلقة الرابعة

قيل أن الحب للشجعان وليس للجبناء

وقيل أن

إذا أحببت شيئا بقوة فأطلق سراحه فإن عاد فهو لك وإن لم يعد فإنه لم يكن لك منذ البداية

عذرا فمن قال هذا جبان .. فكيف لا تخوض حربا وتظفر بما هو لك من الأساس بدلا من الاختباء والانزواء بعيدا ؟!!!

المرأة تحب رجلا ينشب حروبا .. يحضر سيفه إذا ما رأى رجلا يحوم حولها ، وفي وقت المغيب تمتطي حصانه ويطرب أذنها غزلا عن ما يكنه من عشق أضرم جوفه .

لكن هي …. ما أرادته ليس الكثير .. جل ما أرادته هو ابن عمها لؤي .. ذلك الرجل الذي يجب أن يشعر بما تكنه بداخلها فقط هي منتظرة الإشارة الخضراء حتى تفجر بما تحفظه منذ سنوات مراهقتها .. الذنب ليس ذنبها بالنهاية إذا رفضها .. فالذنب يقع على عمتها وجدها .. العمة هي ما كانت تحمسها على ارتباطها بالابن البكر للعائلة ، الجد رغم أنه لم يصرح بشيء .. لكن صمته بمثابة تشجيع لتتشكل مشاعرها نحوه …

لا تريده أن يمن عليها .. بل ترغب في عشق جارف يزحفها إلى طور الجنون .. عشقا كما سمعته في الأساطير الخالدة .. فبالنهاية ما المانع … ما الذي اختلف بين الحدثين  ؟ هل هو فقط الزمن ؟! .. أم ما عادت النفوس كما في السابق ؟! .. أم أنهم اتخذوا الحب متاجرة ؟! .. يستميلون عقول النساء ليتغلفوا بفقاعة وردية تجعلهم يطفون على وادي الحيوانات المفترسة .. ينظرن بكل انبهار للهيئة الضخمة التي تشكلت في الحيوانات المفترسة .. ينظرن إلي الأنياب بانبهار ولكنهن غفلن عن العيون التي التمعت بشراسة وظفر لعشائه المقدم علي طبق من فضة !!

سم الزعاف ينتشر في أوردتها … سم يقتل أي أمل أو أي فرصة ثانية .. بل الأولي للتقرب منه … لا تعلم لما يضع بينهما ألف سد وسد .. يقف أمام حصنه المنيع وهو يترصدها منتظرا خطوتها القادمة البائسة لتهد حصنه المنيع .

الخواء الذي تآكلها كان من نظرة عينيه وهو ينظر بجهل نحو عمته و نظرة ذات مغزى ألقاها لجده ودارت من هنا حديث أعين مشفرة جعل حاجبي وجد ترتفعان بتعجب .. تعلم أن لؤي رغم انه الحفيد الذي يحافظ على أساس عائلتهم إلا من الصعب جدا اجتماعهما معا … فدائما ينتهي الأمر بالشجار .. إذا كان هناك شخص رأسه يابسة فالثاني رأسه قد من الحجر .. لا يتنازل احدهما بل كلا منهما يقفان بأنفه واستعلاء لكن نظرة الحذر من العدو دائما تلمع في عينيهما .

وقف لؤي ينظر محاولا الفهم إلى أي مقصلة يقودونه إليها .. وكأن المشاكل والأعباء عنده لا تنتهي بل تتكاثر وتنتشر بطريقة تكاد تصبح مجنونة !! … بل أصبحت هي في الحقيقة مجنونة .

زفر متنهدا بحرارة وهو يتمتم بنبرة جاهد في إخراجها لينة

– عمتى ، مفيش موضوع جواز .. مبفكرش فيه اطلاقا ، لكن تقدروا تشوفوا وجد ولو لقيتوا شاب مناسب أعتقد غالب بيه هو اللي هيهتم بالموضوع ده أكتر مني

شهقة صادمة من وجد وأدتها من مهدها ، رفعت عيناها الدامعتان إليه .. تنظر إلي جسده الضخم وهو بكل بساطة يجردها من كل شيء .. انها ليست بتلك الأهمية التي تكنها له .. لا يعنيها ولا يكن لها بأى عاطفة تقدير حتي .. وكأنها عالة عليه !!

تجمعت الدموع في مآقيها وهي تتجلد بالصبر .. فهي في أقل من ثواني ستصعد غرفتها وتنعي حظها العثر مع ذلك الرجل بارد المشاعر … اشفقت جميلة لرؤية تتعرض لذلك الموقف من من ؟؟! … من الشخص الذي جعلته لصغيرتها هو عالمها .. تمتمت بحدة طفيفة

– اومال هتفكر امتى يا لؤي ، انت داخل على الأربعين

حك لؤي طرف ذقنه وهو يتمتم بنبرة غير قابلة للنقاش

– يا عمتى ارجوكى انا مش بفكر دلوقتي في الجواز

سخر من نفسه قائلا وماذا الذي فعله مع شادية السويسري ؟!! … لكن كلا أيتوقعون أنه سيقع في الفخ الذي نصبه جده … علي جثته إن سلم له نفسه ، لن يكون نسخة مثل غالب رغم التشابه بينهما في شخصياتهما الذي يكاد يدفعه للجنون !!!

اقتحم وسيم اجتماع عائلته وهو يتمتم بنبرة رخيمة وابتسامة هوليوود تزين شفتيه

– مساء الخير

امتعضت ملامح جميلة وهي تراقب أبناء شقيقيها الذكور … يا فرحتها بهما .. الأول معقد لا يرغب بالزواج رغم أنها تجزم ان هناك امرا عكر صفو مزاجه من رحلته … والثاني العابث الذي يتنقل من إمرأة لأخرى .. بالله فتيات عائلة من سترضي بهما !!

أشاحت بعينيها فورا منذ أن رأت وسيم لتمتم بسخرية

– شرف الباشا التانى

اقترب وسيم من عمته وهو يحتضنها من ظهرها يكبلها بقوة جعلها تزجره بحدة إلا أنه مال يقبل وجنتها قائلا بنعومة

– مالك يا ماجى .. مكشرة ومتعصبة ليه

تأففت جميلة حينما وجدت لا مفر من عناق ابن شقيقها الخانق ، تبرمت شفتيها قائلة

– مش هسيبكم كدا  … عايزة اشوف كل واحد مع مراته

شاكسها وسيم بمرح وهو يقبل وجنتيها يخبرها عن جمالها وسحرها الفاتن وأنه يرغب بإمرأة مثلها إلا أنه للأسف لم يجدها .. لم تنطلي الحيلة علي جميلة بسبب كلام وسيم الناعم القادر على تأثير عقول النساء .. استمعت الى صوت وجد المختنق

– طب عن اذنكم تعبانة

شيعتها جميلة حتى غابت عن انظارها لتنظر بلوم نحو والدها الذي لم  يعلق علي حرف مما حدث حتي انه كان في حوار عمل مع لؤي ، نظرت جميلة إلي وسيم ابنها الثاني الذي ربته .. تحاول الوصول إلى أقصي أعماقه التي يخفيها عن الجميع .. تلك ليست بابتسامة وسيم التي تعلمها وحتى مشاكسته يصطنعها للجميع ، همست بنعومة وهي تحتضن وجهه بكفيها تنظر إلي زرقة عينيه المنطفئة

– ايه مش ناوى تتجوز

انفجر وسيم ضاحكا وهو يحاول التحاشي والهروب من عمته كي لا يفتضح نفسه وتجبره جبرا على إخراج بما يكنه بداخله ، ابتسم بعبثية قائلا

– لا انا حلو كدا وحياتى جميلة جدا ، لا عندى واحدة تقولي انت فين وكنت مع مين ولا واحدة تجرجرني كل يوم ننزل ونسهر مع بعض .. واه العيال برضو مش بحب زن العيال ولا دوشتهم

صاحت جميلة بصلابة وهي تقف أمامه كـ أم تنتظر أن يقر ابنها بالمصيبة التي احدثها

– كنت فين امبارح بكلمك مش بترد

تنهد وسيم زافرا بحرارة ليتمتم بنبرة خفيضة

– سباق

اتسعت اعين عمته زعرا عليه وهي تتأمل ملامحه ترى إذا أصابه خدش .. الا انه طمأنها بعينيه يحثها علي عدم افتعال مشاجرة أمام جده ، الا ان عمته همست بصوت خفيض به بعض الغضب

– تانى .. تانى مش بطلتها

تنهد لثواني قبل أن يتمتم بنبرة يائسة وهو يحاول تذكر ليلة أمس بعد السباق كيف انتهى به الأمر في منزل صاحبة الخصلات الوردية .. تطلب من شادية ان تهدأ الأوضاع حتى لا يتفاقم الأمر .. ربما تصرف بطريقة صحيحة لكن في وقت حساس غير مناسب ، يدعو ربه أن يكون شيء علي ما يرام

– هي مبطلتش

قبل جبين عمته جميلة وهو يتمتم بنبرة خافتة وهو يرمق لؤي وجده يتحدثان عن اعمال العائلة

– مش عارفة ايه اللي دخلك السكة دي لأ وتهورك دخلتها .. يبقى متندمش وانت بتدفع تمن أعمالك يا وسيم

هز وسيم رأسه بيأس وهو يتخذ مقعد ينزوي عن الجميع ووسيلته للهرب هو التحديق في الفراغ … هزت جميلة رأسها بيأس لتتجه عيناها نحو لؤي .. وهي تمتم داخلها … تبيع ما تملكه وتعلم فقط ما بداخل قلب ابني اشقائها ، لما يجب عليهما أن يكونا غامضين .. ناقمون من الحب .. يدفعون الفتاتان البائستان من حبهما إلى الانتحار .. ذلك الغبي وسيم ايضا .. هل لتلك الدرجة أعمى الحب ؟!!! … تنهدت يائسة وهي تخبر حظها العثر ” انتي ايضا جميلة جربتي ذلك الاحتراق البطئ .. الطريق المسدود للوصول لقلبه .. وما استفادت إلي حينما انطفأت لتصفق بحرارة للمرأة التي اختطفته منها ” الألم الحارق لا تقدر على إخفاؤه وهي تحاول أخذ قسطا وفيرا من التنفس .. لا تفعل سوى أخذ شهيق وزفير تكررها عدة مرات حتى هدأت واستجمعت شتاتها وهي تدير بعقبيها لهما .. سألت لؤي بصراحة شديدة

– مش ناوي تتجوز وجد

أجفل لؤي للحظة وهو لا يصدق عمته .. ألم يخبرها أنه لا يرغب الزواج الان .. ما جلب سيرة تلك الصغيرة لتقترن به دونا عن باقي رجال العالم ، تمتم بنبرة ناهية لا تقبل النقاش وعيناه تقع علي الشارد عنهم

– وسيم اقربلها منى ، تصبحوا على خير

استقام من مقعده وهو يغلق زر سترته وتحرك مبتعدا لتنظر جميلة بغضب نحو والدها وحينما لم تستقبل أي رد منه ، تمتمت وهي على وشك فقد تهورها من عائلتها

– شايف عمايل حفيدك

وجهت غضبها تحديدا نحو وسيم الذي كادت أن تحرقه من نظراتها المشتعلة ليرفع وسيم يديه مستسلما

– متبصيش كده يا ماجى ،عرفانى مليش علاقة بالجواز ولا اعرف حكايته

وقرر الهرب منها كما فعل الآخر ، زفرت متنهدة بوعيد

– ماشي يا ابن المالكي وماله

لكن الجميع كان جاهلا عن التي كانت تضع كفها علي فمها ، تمنع من ايصال صوت شهقاتها والعبرات تدفق من عينيها .. أصوات حطام تسمعه .. الحبال تزهق روحها وهي تستسلم بيأس .. حاولت أن تلملم قلبها المفطور حتي لا يدعس علي بقاياه .. الرؤية أصبحت ضبابية وهي تتجه بانكسار نحو غرفتها فالحداد قد أقامته ليخيم الحزن روحها التي لم تتطلب من الحياة سوي شيء واحد !!

****

أغمضت جيهان جفنيها وهي تكور قبضتها وتلعن وسيم ويوم وفتحت عيناها لتقع عيناها علي ذلك الصبي الوسيم الذي حظي باهتمام الفتيات في أقرانه .. كانا ثنائيا رائعا منسجما في الماضي قبل أن يقرر أن لا يكتفي بإمرأة واحدة بل الحقيقة لم يهواه الجمال الشرقي وقرر البحث عن من هن مثيلاته في الصفات الأوروبية .. ذلك اللعين ذهب لوالدها ليصدر فرمان بحرمانها لرحلاتها الاستكشافية نهائيا .. الشئ الوحيد الذي يرفه عنها وهي تنتقل من بلد لاخري .. من ثقافة وعادات بلادن لأخرى وتشارك معجبيها على مواقع التواصل الاجتماعي ، لذلك بفضله ستصبح عاطلة عن شغفها بعد حرمانها من السباقات .. لن تتركه تقسم انها لن تتركه حتى يعلن هزيمته ذلك صاحب العيون الباردة أمامها …

حاولت جيهان أن تكظم غيظها وتركت الدموع جانبا .. فالدموع لن يكون حليفها .. طبعها الناري يجب أن يجعل من أمامها يخشى من غضبها ، صاحت هادرة وهي تقطع حديث والدها بقلة تهذيب منها

– يا بابا انا بعرف انا بعمل ايه

اتسعت عينا شادية وهي تمتم سرا ” غبية ” أما معتصم نظر نحو ابنته بجحوظ ليعلو بهدر قاطع ارعد بدني ابنتيه

– بنت صوتك ده ميعلاش انتي شكلك عايزة تتربى من جديد

انتبهت جيهان لفداحة ما قالته .. اللعنة هي سريعة الغضب تعلم .. احتقن وجنتيها حرجا لتنكس برأسها هامسة بأسف حقيقي

– اسفه ، لكن يا بابا انا فعلا بحب كدا

صاح والدها منهيا النقاش الذي طال بلا فائدة

– وايه مستنية منى احط ايدي على قلبي واقول رجعلى بنتى بالسلامة .. مفيش سفر يعني مفيش سفر

زمت شفتيها وداخلها يغلي من الغضب ، تكاد أن تلقي بحممها اللاهبة لكن ليس بالشخص المناسب الذي ستحرقه .. دبت بقدمها على الأرض متمتة

– يا بابا

نظر معتصم بتقيم نحو ابنتيه .. هل يعتقدن أنه سيدعهما مثل السابق يتخذن قرارات غبية لحياتهن .. وماذا يفعل هو ينظر صامتا دون التدخل .. إن رأين وجه الحنية والطلبات المجابة وذلك فقط قام به بسبب موت والدتهن وأراد وقتها أن يعوض فقدها لكن العمل أعاقه .. لم يقم سوى بما يمليه ضميره وقتها أن ينفذ طلباتهن حتى المستعصية منها .. وماذا استفاد من شادية لتخرج من علاقتها الأولى مكللة بالفشل الذريع والاخري تتخذ خطواتها ، صاح صارخا بانفعال

– جيهااااان ، مفيش نقاش ، مفيش سفر بعد كدا

نظرت شادية الي جيهان لتصمت وتنسحب من الجدال الذي بلا فائدة إلا أنها بعناد البغال صمتت علي رأيها وهي تحاول أن تعدله عن قراره

– وشغلي يا بابا والناس اللي بتابعني وشغلي اللي هخسره

هز معتصم كفه بلا مبالاة وقال

– شوفيلك اهتمامات تانية

زفرت جيهان وهي تقترب من والدها متخذة النبرة الناعمة كي تجعله يعدل عن قراره

– يا بابا ده شغفي … اكيد ميرضيش ان بنتك تنهار

نظر معتصم باستخفاف نحو ابنته الماكرة .. ربما سابقا كان سيتعاطف أو يوافق لكن الان لا … قوانين جديدة سيشرعها لتلك العاصيتان

– اسف .. اسمعوا انتوا الاتنين مش مستعد اضحى بواحدة عشان جنانها .. يلا اطلعوا على اوضكم

كان الوالد يتحدث كما لو انه يتحدث لبناته الصغار وليست لفتايات أصبحن في سن الزواج .. تمتمت جيهان بعبوس طفولي

– بابا

نظر معتصم بقرف نحو لون شعرها الوردي .. لقد انتهي من تلك الألوان الغريبة ليصيح بتهديد

– جيهان مفيش نقاش .. الكلام اتقفل وشعرك يا جيهان ترجعيه لطبيعته اقسم بالله لو بكرا شوفت اللون المقرف علي شعرك ده هقصهولك فاهمه

نظرت جيهان بخوف نحو خصلات شعرها وهي تلمسهم لتزم شفتيها وهي تدب بقدمها قبل أن تنطلق مغادرة متجهه نحو غرفتها ، اقتربت شادية نحو أبيها بحذر لتهمس

– صعب يا بابا اللى عملته ده

رفع معتصم عينيه نحوها ليحدجها بنظرة قاتلة جعلت شادية ترتبك فورا وهي تلعن غبائها تلك اللحظة حينما صاح موبخا

– بنت انتى هتناقشيني فى تربيتي ليكم ، اطلعى على اوضتك

مالت تقبل خده بسرعة وهي تعلم انه لن يقدر على إيذائها .. ابتسمت في وجهه ببشاشة لتسحب ذراعه وهي توجه نحو غرفته وقالت بنبرة ناعمة بها بعض الحزم

– الاول هنقيس الضغط يا بابا وبعدين هروح انام زي ما طلبت

ابتسم معتصم بحنين وهو يرى كل صفات محبوبته وزوجته زرعت زرعا في شادية ، يعلم ان زوجته كانت تخشى عليه حتى بعد شجارهما تجري نحوه تعطي له دوائه وتخبره  بعدها أن شجارهما لم ينتهي بعد ولكنها ستؤجله ليوم الغد .. وفي يوم الغد لا يتشاجران ربما بعد أسبوع تعيد إحياء الشجار .. أغمض جفنيه وهو يسمح تلك الدمعة الفارة منه وهو يذكر الرحمة لزوجته ودع ابنته تقوم بالاهتمام بصحته ودعي الله القوة حتى يقدر ترويض تلك صاحبة خصلات قوس قزح !!

تذرع الغرفة جيئة وذهابا .. وهي تعيد الاتصال بذلك الأحمق مرارا .. تشد خصلات شعرها جنونا وهي مجهزة اسلحتها بالشتائم .. تقصد القذائف ، لكن الضربة القاضية ليست حاليا .. وحينما رد عليها وقد بان أثر الصوت على صوته .. هل كان نائما قرير العين .. صاحت بعلو صوتها حتى تمنت أن تثقب طبلة أذنه في الوقت الحالي

– انت اللى عملته مش كدا .. قولت لبابا

بعثر وسيم خصلات شعره وتثائب والنوم ما زال يزور جفنيه .. مسح بكفه على وجهه ليتمتم بصوت أجش خشن

– قولتله يا جيهان

أغمضت جفنيها وقشعريرة باردة سرت في جسدها ودقاتها الصارخة  تحاول أن تهدأ من روعها ، لا تعلم ما حدث لجسدها لترتبك ووجنتيها تشتعل بالحمرة توجهت سريعا تنظر في المراة الى تلك الحمرة المزينة وجهها .. لما تخيلته اللعنة .. لما تخيلت تلك النبرة ستسمعها حينما تفتح جفنيها على فراشهما  يطل عليها بزرقة عينيه بوهج يلمع عشقا لها هي وحدها .. تهدجت انفاسها وهي تحاول أن تنفض صورة وهي تكون مستلقية على صدره العاري متخذه صدره وسادة وهو يداعب خصلات شعرها برقة …

شهقت بعنف وهي لا تعلم ماذا حدث لها من مجرد سماعها لصوته وهو نائم ، تردد وسيم وهو لا يعلم لما حتى الآن لم يصدر جيهان الرقراق لتطربه بصوتها العذب .. لم يكد  ينهي الجملة حتي ابعد هاتفه من اذنه حينما صاحت صارخة

– انت بتتحشر فى كل حاجه ليه ها .. بتتحشر فى اى حاجه ومعرفش مين مديلك الحق انك تتدخل وتدي رأيك

بعد فترة أعاد الهاتف لاذنه ليعود لفراشه ليتركها تحترق كما احرقته ,, تستحق ما فعله

اولا حتي ينتهي من ضميره الذي يؤنبه فهي تحتاج حقا شخص لا تقدر على أن تعصي كلمته فلم يكن سوي والدها .. ثم تجريدها من اعمالها الغبية علي صفحتها يجب أن تعلم أن لا تلعب بحيوات الناس .. تمتم بتسلية

– واحدة بواحدة يا جيجي السويسري ، لكن قوليلي الشويتين بتوع البرنامج ده كان ايه موضوعه بالضبط

استفزها .. استفزها يعلم ، شتمته وهي تصيح بجفاء

– معرفش حاجه عن الموضوع ده

انفجر ضاحكا بعبثية ليتمتم

– الإنكار عمره ما هيفيدك ، انتى مش قدى

ردت بتحدي شديد وعيناها تلمعان بالثأر

– ولا انت قدى يا وسيم

صمتت لثواني لتستمع الي زفرات وسيم عبر الاثير .. حاولت عدم التأثير .. فكما تقف أمامه تعلن وتجهر بكرها له تستطيع أن تغلف ذلك الحب المسموم وتنزعه سيتطلب وقتا لكن بما يفعله سيجعل خروجه من قلبها ، تمتمت بنبرة خبيثة

– بس كلها فتره وهرجع تانى ، يلا تشاو

هز وسيم رأسه بيأس … الغبية الصغيرة تظن أنه يكترث لالعابها الطفولية للثأر .. لكن من وجهت بحديثها الكلام .. الحرقة بصوتها لن تخدعه بزيفها اطلاقا ، قبض على الوسادة وهو يفرغ طاقته السلبية يتخيل الوسادة عنقها وهو يزهق روحها .. عله يرتاح منها … لكن لما تغيرت ؟؟! ما حدث لها لتتغير تلك الطفلة التي كانت متعلقة به جيئة وذهابا لتنفر منه بل وتكره لقائه وحمايته التي تعتبرها الآن انتهاك وسلب لحقوقها .. ماذا حدث لها ؟!

سؤال ألقاه عبثا لكن داخله يقين انه لن يعلم الاجابة الان ربما .. لكن لاحقا سيعلمه !!

****

محاولات شادية الحثيثة لتهدئة الأوضاع بين والدها وجيهان باءت بالفشل ، رغم أنها تعلم أن والدها لم يرفض طلباتهم أبدا منذ أن أصبح هو المسؤول عنهما وشقيقها المتزوج الان ويعيش بالعسل مع زوجته لكن لا تنكر ان انفلات جيهان بحاجة لشخص لكي يشد لجامها .. خرجت من باب القصر ومزاجها متعكر بعض الشيء

الأعمال متراكمة عليها بشكل يكاد تصرخ في وجوه الجميع .. هذا من ناحية و مشاعرها الأنثوية التي استيقظت من سباتها تؤرق مضجعها

هل هي الآن بحاجة لرجل ؟ .. لن تنكر أن منذ انفصالها من معاذ قررت أن تنصب تركيزها على عمل .. الرجال يخشون من المرأة العاملة ، المثقفة ، الذكية ثم الضربة القاضية حينما تكون حاملة تلك الصفات جميعا وانوثتها تنشر عبقا محرما على الرجال قائلة لهم

انظروا ولكن لا تلمسوا

احلموا .. فنهاية الحلم لن تكون بين ذراعي رجل

اقتربوا .. فالاقتراب هي جحيمهم

سيحترقون بالنهاية !!

تمتمت بشفتيها أغنية لزمن قديم … زمن أبيض وأسود حينما كانت الحياة هادئة بل رائقة .. أمنيتها كانت أن تعيش في عصر قديم .. لزمن يكون أقل سوادا الآن .. زمن كان الجميع يضعون الأصول والتربية أولا قبل الإقدام على شيء .. هلعت وارتدت لعدة خطوات حينما استمعت إلى صوت رجولي أجش

– صاحية ليه ؟

احتقنت وجنتيها حرجا وخجلا إن كان سمعها تغني .. جلسته المسترخية علي سيارتها الحمراء الباهظة الثمن أخبرتها بذلك .. ألم يغادر حتى الآن ؟!!!!

انفجرت في وجهه صائحة بجنون

– استاذ عاصي مش ملاحظ انك شوية وهتتطرد

ابتسم عاصي ابتسامة ملتوية وهو يتذكر منذ قليل اقتحام جنية الليل شروده

تبدو ناعمة …. لكن هناك صلابة بداخلها .. صلابة يلتمسها جيدا وهي تضع حواجز غير قابلة للاختراق من أي رجل يحاول أن يقترب من أنوثتها التي تخفيها .. راقب خصلات شعرها الطويلة … الطويلة للغاية وهي تصل الى نهاية ظهرها … اذا لما يري تسريحة السيدة الناظرة في العمل ؟!! .. حتى ملابسها المكونة من بناطيل واسعة عملية وقميص نسائي تدخل اطرافه  داخل بنطالها .. لكن بطريقة ما تعجبه ملابسها رغم ان قميصها النسائي يلتصق بحناياها الأنثوية يخبره انها مهما ارتدت فتترك شيئا أنثويا لا يعلم هل له وللجميع أم لها .. لكي لا تنسي أنها ما زالت زهرة شباب لا يجب ان تحني رأسها داخل الرمال كما تفعل النعام .

غمغم بابتسامة ماكرة وهو يحب جيدا رؤية الغضب في وجهها

– انا اطرد ؟ لا أعتقد انك عارفة كويس اني مش متحرك من هنا حتي لو انتي رافضة

عقدت ساعديها على صدرها وهي تزفر بحدة .. تعد ثواني قبل أن تقول شيئا لا يحمد عقابه .. عاصي أصبح كالعلكة لن تقدر على التخلص منه ابدا .. والدها أخبرها بذلك .. لا يعلم ما السر لجلب حارس لها فقط وهي الفتاة التي تذهب عملها صباحا وفي آخر الليل تكون في فراشها بعكس شقيقتها التي تجوب أطراف العالم !!!

رفعت عيناها وهي تنظر اليه بسخرية لتمتم

– الثقة حلوة لكن مش معايا مش عيلة السويسري

إن سأله شخصا لما تحب اللعب مع أنثى الأسد .. لأنها ببساطة ممتعة

فـ أسدها الخاص بها غائب .. ألا يحق له الاستمتاع ولو قليلا

فالمتعة لن تضيره ولن تضيرها بشيء ، تمتم بنبرة عابثة

– دوقتى جبنة سويسرية يا شادية ، لو مجربتهاش دوقيها

هل تسمع مزاحا ؟!! .. هل يعبث معها ؟! .. أي جبنة سويسرية ذلك المخبول يتحدث عنها ؟!!!! … لا تعلم ما الذي جعله يتطرق إلي الطعام في حديثهما إلا إنها نظرت اليه بتدارك وعيناها متسعتان بجحوظ لتمتم بحدة

– انت انسان قليل الادب

هز عاصي رأسه بلا مبالاة وعيناه تنظر بمتعة إلي وجنتيها المشبعة بالحمرة اللذيذة .. لمعة عيناها البندقيتين تجعله يبتسم .. غمغم بلا مبالاة لنبرتها الحادة

– سويسرا حلوة بردو جربى الشكولاتة ، تجنن شيكولاته العالم فى كافة وهى فى كافة

هزت شادية رأسها بتقزز لتهتف

– مبحبهاش

نظر عاصي بدهشة مصطنعة ليتمتم بعدها ببرود

-غريبة ،الستات بتحب الشوكولاتة

عضت شادية علي نواجذها .. هل يتطرق ذلك الغبي الأحمق صاحب الجسد العضلي إلي ما تشتهيه وتكرهه ، تمتمت برفض قاطع

– انا مبحبهاش

حك عاصي طرف ذقنه بسبباته ليشملها بنظرة ذات مغزي ليغمغم بنبرة رخيمة

– اومال بتحبي ايه ؟

هزت شادية رأسها يائسة وهي تتهرب من نظراته لتعود إلى مخبئها وملاذها

– اللهم طولك يا روح ، يا استاذ انت فايق ورايق دي مشكلتك انا ورايا شغل وعك بكرا .. تصبح على خير

شيعها عاصي بنظراته ليغمغم بهدوء

– بنت ذوات في النهاية

هي ابنة حسب ونسب بالنهاية ، والدها  يعتبره بمثابة ابن له .. حك مؤخرة رأسه وهو يغادر حي الأغنياء ويستعد للرجوع إلي منطقته الشعبية التي ما زال بها الضجة والصخب تعم في ارجاء الحي بعكس ذلك المكان المقفر لا تستمع سوى لحشرات الليل المزعجة .

عائلته فقط مقتصرة على جدته التي تعتنيها جارته أم فتحي التي تدخر وقتا لها وتسأل عنها وعن متطلباتها .. حالته ميسورة بل ويقدر علي الانتقال من الحي الشعبي لكن جدته ارتبطت بذلك المكان الذي قضت بها سنوات عمرها وتشربت من ذلك المكان الذي يسير في روحها … قضي سيارة الاجرة وهو يترجل من السيارة لينظر بعينيه ويرهف بأذنيه إلى ذلك الضجيج الذي أصبح معتاد عليه .. بل يؤنسه .. خلع سترته وحملها على يده وقدميه تتجه نحو بيته .. يحاول أن يعلم ما الشيء المثير بتلك الناظرة كما يسميها ؟!

يعلم ما يفكر به يجب أن يبعده تماما .. فبالنهاية هي ثرية بل وربما ان نظرت الي الحي الشعبي الذي يسكن به ستتفوه بحماقات كيف يتحمل الضوضاء ؟! وإلى ذلك الشيء الغريب المسمى “توك توك ” كيف يسير بين الأزقة والحواري الداخلية والي اغاني المهرجانات التي تخرج من المحركات العجيبة … ابتسم بيأس شديد .. هو بالنهاية عازف عن الزواج حتى يجد تلك التي ستتحمله .. بل وتتحمل جدته المتزمرة طوال الوقت التي لم يعجبها أي فتاة بالحي قائلة أن حفيدها الوسيم يجب أن يجد أميرة في بيته .. بالله يجب أن يعلم أين الوسامة التي تراها فيه لكي تأتي الاميرة الغائبة إلي بيته ؟!!

انتبه علي صوت محمود جاره المقارب له بالعمر والعرق يتصبب من راسه وصوت لهاثه أخبره انه ما زال يلعب كرة قدم في الشارع

– ايه يا نجم فينك

ابتسم عاصي وهو يصافح جاره بحرارة ليتمتم

– موجود

غمز محمود قائلا وهو يمسح العرق رافعا ذراعه يجفف العرق بثوبه الرياضي

– طب ايه ما تيجي ، ورانا ماتش مهم جدا

ابتسم عاصي بحنين وهو يتمتم بمشاكسة

– لسه التماسيح موجودين

تهللت أسارير محمود وهو يسحبه من عنقه وما ساعده علي ذلك طوله الفارع رغم بنية جسده المتوسطة ليقول بحماس

– موجودين يا وحش ، مش هيصدقوا انك هتلعب

صاح محمود مهللا وهو يرفع ذراعه الى زملائه الذين يأخذون قسطا من الراحة قبل بدء شوط جديد من مبارياتهم الأسبوعية التي يقيمونها في الحي وعلى اثرها يتباع رجال المقهى لعبهم ونساء الحي يشاهدونهن من شرفاتهن

– يا شباب ، التمساح بتاع حتتنا رجع

هز عاصي رأسه بيأس ليشمر قميصه عن ساعديه وهو يتجهز للمباراة الهامة حيهم ضد الحي المجاور لهم .. شكر محمود في سره وهو يحمد ربه انه وجد شيء يخرج به سلبيته وتفكيره الدائم ويستعد الى طلبات جدته وتذمراتها الدائمة كونه عازب حتى الآن ومن يصغرنه في العمر تزوجوا وانجبوا اطفالا … هو لا يريد زواجا عاديا بالنهاية

زوجة تراعي بيته وجدته وتراعيه هو … يريدها أن تكون شريكة حلمه .. تؤازره في محنته .. بل وتتطلع دائما للمستقبل والافضل لهما بدلا أن ترضى بحياتها دون شكوى !!

مجنون هو … نعم ويعترف

بل مختل .. اصدقائه يخبرونه بذلك

كيف لا يترضى زوجة مطيعة ويرغب في إمرأة متمردة

نعم يريد إمرأة متمردة .. مجنونة بصفة أدق

لكن تتذمر حينما يغيب عن بيته

وتجن حينما تشعر أنها مهددة بوجود أنثى ترغبه

هكذا هو يريد أنثاه .

***

وقفت رهف أمام شقيقها مرتبكة … خجولة .. بل كادت أن تموت من فرط خجلها لتخفض عيناها تتحاشى نظرات شقيقها المتفحصة ، غمغم وقاص بنبرة متسائلة

– يعني عايزة تبلغيني انك موافقة على الجواز؟

ارتجف جسدها وهي تتخيل نزار … كتلة الرجولة والجاذبية يصبح زوجها هي دونا عن نساء غيرها ، لا تصدق هي رهف التي تخشى الرجال .. بل كانت تنبذهم جميعا يأتي ذلك الشامي يحطم كل ما بنته من حصون رادعة … كان يحطم كل حاجز بنته بكلامه الذي يروي أنوثتها التائقة له .. يشبع غرورها و ثقتها المحطمة التي حطمها أقرب الناس إليها .. بل كانت تعتبرها شقيقة وصديقة عمرها … هزت رأسها وكأنها تطارد اشباحها التي تلقي سلاما عليها .. يخبرونها أنهم ما زالوا حولها ولم يغادروا كما تمنت !!

همست باعتراض قائلة بارتباك

– خطوبة الاول يا وقاص

استقام وقاص من مقعده .. لا يصدق ذلك الشامي قدر علي جعل صغيرته توافق .. رغم أنه طلب منه مساعدته لكنه رفض متعللا وطالبا منه ، إن كان حقا ويرغبها بحق فليريه ماذا هو بفاعل …..

والنتيجة مبهرة حقا … اخفى ابتسامته وهو يرى حمرة وجنتي شقيقته الصغيرة من الخجل التي تجرأت لتقتحم مكتبه وهي تخبره عن موافقتها على الزواج .. غمغم بسخرية وهو يستمع إلى تعليقها بخطبة .. بالله ما الفرق بين الخطبة والزواج إذا هي وافقت على المسألة نفسها

– تفرق

رفعت رأسها لتقع عيناه على عينيها الرائقتين والابتسامة الخجولة التي تزين ثغرها … صغيرته عاشقة .. عاشقة لذلك الشامي ، قالت بمجادلة وهي تغمغم بخجل يكن بكينونتها

– طبعا تفرق يا وقاص ، الجواز بعد ما اخلص

وضع وقاص يديه في جيبي بنطاله ليقول بنبرة ساخرة

– واضمن منين انك مش هتتشغلي ، واضمن منين انك تغيري رأيك وتقولي عايزة اتجوز

هزت رهف رأسها نافية عدة مرات … حتى الان لا تقدر على تخطي ليلة أمس .. الوقح أعلنها أنه كان سيقبلها ويضرب بكل شيء بعرض الحائط … قليل التهذيب والتربية ما الذي حدث له كي يفقد رشده ؟!!!

هل يتناول عقاقير أم كان في حالة سكر ؟! .. لا لا نزار شاب متزن عاقل .. يخشى الوقوع في المحرمات .. تعلم قوانينه الصارمة واقتراب النساء حوله في المطعم .. رغم نبرته المهذبة اللبقة لكن تلك اللمعة في عينيه تكون غائبة عنه .. حتى تقع عيناه عليها أو يحس بوجودها ليرفع عيناه وهو يبحث عيناها ، وما إن تقع عيناه عليها يخصها بحديث خاص لها .. يجعل وجنتيها تحمران خجلا ، تمتمت بنبرة مرتبكة

– مش هغير احنا متفقين

يخشي وقاص أن يكون نزار دفعها دفعا لتلك العلاقة ، يخشي أن يكون ملح شديد وهي اضطرت موافقة بالنهاية .. غمغم بشك وهو يحاول الولوج إليها

– رهف .. انت فكرتي كويس

هزت راسها باقتناع شديد لا تعلم كيف الثقة ملئتها ليلة أمس حينما اخبرته بموافقتها .. ربما منذ ليلتان أو اسبوع فائت كانت ستكون مترددة وليست واثقة وهي تضع قدميها في ذلك الطريق الذي تعلم نهايته … ألا هو نزار !!

– ايوا .. متقلقش يا وقاص انا كويسة متنساش انى بنت الغانم

غمغم وقاص بنبرة مهتمة وهو يحتضن وجهها بكفيه لينظر الي عينيها الغائمة بحب والوله

– مش عايزك تبقى مجبرة ، متعمليش حاجه انتى مش مقتنعة بيها

اسبلت رهف أهدابها لتتلعثم قائلة وهي تشعر انها تحت اختبار دقيق من وقاص

– انا مقتنعة يا وقاص ، مين قالك انى مش مقتنعة

هز وقاص رأسه وهو يغمغم بنبرة قلقة

– قلبي مثلا ؟!! ولانى عارفك

هل ما زال شقيقها يشعر بالذنب لانه لم يكن بجوارها ؟؟ .. هل يلوم نفسه ويجلد حتى الآن ؟! … هي تكاد تتناسي .. بل تتناسي ماضي مؤلم وليلة أشد ألما يجب أن تقولها لنزار يوما .. حتما يجب أن تتشجع وأن تقولها له .. لكنها تخشى .. تخشى أن تهتز صورتها عنده .. غمغمت لوقاص باطمئنان

– الماضى ادفن ، مش عايزة افتكره

ربت على خصلات شعرها قبل ان يطبع قبلة على جبينها ليغمغم قائلا

– تمام يلا روحي بلغي حبيب القلب وفرحيه ، لكن اتصرفى معاه بحدود ورسمية ملكيش دعوة بكلام فريال

تدخلت فريال إلى حديثهما بعد أن كانت تستمع بفضول رغما عنها .. تخشى رفض وقاص قائلا .. انها ما زالت صغيرة .. تجهل عالم الكبار .. لن تقدر على حمل مسؤولية المنزل كما يرددها كل ليلة معها ، لا تعلم لما لا يري وقاص ان رهف أصبحت مسؤولة من نفسها .. بل ثقتها ازدادت حينما عادت لجامعتها التي تغيبت عنها لعامان .. صاحت فريال بحنق شديد

– الله و فريال تدخلها فى الحوار ليه

أنبها وقاص بعينيه كونها تدخلت في حوارهما .. اعترى الندم والخجل في وجهها ليتمتم وقاص بنبرة مؤنبة

– علي اساس اني مش عارفك مثلا

تنحنحت رهف حرجة وهي تنسل من بين ذراعي شقيقها لتتركهما معا .. اغلقت الباب خلفها بهدوء وهي تتسابق الدرج للذهاب الى غرفتها و مهاتفته .

اقتربت فريال بنعومة منه وهي تلف ذراعيها حول قرصانها الأوحد .. لفظ القرصان ما هو لفظ محبب وفريد من نوعه ، ولأنها امرأة مميزة يجب أن يكون رجلها مميز هو الآخر .. تمتمت فريال بهدوء وهي تري الرفض يعتري وجهه

– متخافش اميرتك قوية ، قلبها شجاع والشجاعة اخدتها منك يا قرصان

ابتسم بعشق وهو ينظر الي حبيبته .. لف خصلة من شعرها وهو يرى خصلاتها الطويلة التي جعلتها ازدادت فتنة .. بل وطفلها الصغير .. لا يتخيل انه سيصبح أبا بعد شهور .. وضع يده على بطنها المسطحة ليغمغم

– متتخيليش متشوق اشوف ابنى ازاى

شاكسته فريال بمرح قائلة

– بنتك

عاند على عنادها ليتمتم

– ابنى

هزت رأسها رافضة وهي تمتم بصلابة

– بنت

جذب رأسها وهو يغمغم بخشونة

– اسكتى يا فريال .. اسكتى

صمتت الساحرة في حضرة القرصان وهي تلف ذراعيها حول عنقه لتزداد تشبثا وقربا منه ، وداخلها نغزة في صدرها تتمني من داخلها فرح أن تجد سعادتها في طريق آخر غير طريق نضال .

****

تشبثت فرح بحقيبتها وهي تنظر الي المبني ثم تعود تنظر الى حالها … ماالذي تفعله هنا ؟؟؟

هذا ليس مكانها ابدا … هذا مكان محرم عليها ..نعم .. بالله ألم تختار عملا اخر غير عارضة أو تكون صاحبة وجه اعلاني ؟!!

عضت على طرف شفتها السفلى والتردد طغي علي ملامح وجهها … تنهدت جيهان وهي تخرجها من شرودها

– انتى واثقة ؟

ثواني اخذتها .. قبل الجواب

تعلم أنه ليس هناك باب للعودة أو الرجوع

تشجعت وهي ترفع عيناها لتنظر نحو جيهان بصلابة قائلة

– واثقة

ترجلت جيهان من سيارتها وتبعتها فرح التي تنظر نحو المبني بقلق … تعلم جيهان ما يدور في خلد فرح .. فهي وضعت في ذلك المكان سابقا قبل أن تترك ذلك العمل وتعمل على مواقع التواصل الاجتماعي .. لكنها كسبت صداقة قوية في تلك الشركة والوحيد القادر على مساعدتها هو ناجي .. ربتت علي فرح التي انتفضت بهلع لتبتسم جيهان بتفهم

– فرح عايزة اقولك العالم جوا حاجه تانية عكس ما متخيلين

ازدردت ريق فرح بتوتر .. هي لا تعلم لما اختارت تلك الوظيفة لكنها في خطبة شقيق جيهان رجلا تعرفت عليه صدفة .. كانت تشعر معه بالراحة .. غير خاشية أو غير متوترة كما تشعر مع نضال ، بل كان لطيف ومراعي .. لا تعلم لما تذكرته بعد سقوط نضال مغشي عليه وقتها وهي تعيد ترتيب حسابتها ؟!!!

ربما لانها رأته مرتين والمرة الثانية في مركز تجاري أخبرها بعرضه ان وجهها يبحث عنه في مجال عمله للاعلانات .. من دهشتها وتعجبها لم تعلم كيف ترد عليه .. بل حتى لا تتذكر هل البطاقة التعريفية الخاصة به معها أم ضاعت بسبب الشجار الذي أحدثه نضال … اختنقت انفاسها وتجمعت الدموع الحبيسة طالبة التحرر لما نضال يظهر في كل حديث نفسي لنفسها … مسحت دمعتها المنزلقة لتمتم بهدوء

– هجرب

شجعتها جيهان وهي تسحبها سحبا نحو مقر الشركة لتقول

– بالتوفيق

صمتت فرح وهي تنظر بدهشة وعجب شديد .. وكأن المقر الداخلي عالم وحياة اخري غير التي تعيشها ، لفتت انتباهها التنورات القصيرة والملابس الشبه العارية … التصاق الرجال بالنساء … اشمئزت ملامحها رغما عنها وهي تعلم لولا ذراع جيهان التي تسحبها معها لوقفت متيبسة تنظر نحو الجميع ببهوت ، دلفت الي المصعد وبجوارها جيهان التي ضغطت علي الدور المنشود … رمقت جيهان فرح بعبوس شديد .. الفتاة انكمشت فقط من رؤية رجل يتلصق بأمرأة ماذا ستفعل اذا سمعت ان نساء تبيع عرضها وشرفها في سبيل الشهرة والأضواء ؟!!!

انفتح ابواب المصعد حينما وصلتا للطابق المشنود تمتمت جيهان ببرود

– الباشا عارف ؟

فرقعت جيهان باصابعها وهي تنظر الي ملامح فرح الشاردة لتجفل فرح وهي تسبل أهدابها لتسمع جيهان تقول بسخرية

– جوزك عارف

عبست ملامح فرح وتمتمت بعدم اهتمام

– مش فارقة معايا ، كل واحد يعمل اللى عايزة

لكن في داخل اعماقها تعلم .. صمت نضال المنذر بعاصفة .. لكنها ستتصدي لها .. تستطيع فعلها ، عضت على طرف شفتها السفلى وهي تحاول ان تنتبه لعملها القادم بجانب دراستها التي قررت أن تبدأها وستحفز نفسها أكثر حتى تنهي سنوات الجامعة وتقدر علي حمل شهادتها ومن بعدها ستعمل بشهادتها أو تتركها وتستمر بهذا العمل ان اعجبها الوضع !!

انفجرت جيهان ضاحكة بسخرية لتمتم

– لطاما كل واحد بيعمل اللى فى دماغه ، ايه اللى جابرك انك تكملى معاه

التفت فرح وهي تنظر إلى جيهان لتقول ببساطة

– لان حياتى احسن معاه ، احسن ما اكون وسط عيلتى

حياتها أفضل بكثير وهي مع نضال … عائلتها التي باعتها مرتين لن تعود لهما مرة اخرى .. الله اعلم ماذا سيحدث ان عادت .. من الممكن أن يخبروها تزوجي برجل كهل يمتلك أموالا بالطبع لا يريدون مصلحتها .. فالأموال هم من سيستفدون بها وليست هي … تسلحت باسلحة البرود واللامبالاة وهي تسمع همس جيهان الاسف

– اسفه .. بجد مش عايزة اكون ضايقتك

غمغمت ببساطة شديدة ، وكأن الأمر لا يعنيها !!

– لا عادى

تساءلت جيهان بفضول شديد

– يعني عايزة تقوليلى انك بتكرهيه

زفرت فرح بيأس لتزيح خصلة شاردة من عينيها قبل أن تجيب لجيهان ببرود شديد غير مصطنع

– نضال مش عايز يطلع من محيطه ، حابب انه يحبس نفسه جوا دايرته وعايز اللي حواليه يتحبسوا جوا .. لكن قررت اطلع

عبست ملامح جيهان وما زال الفضول يعتريها وهي ترى تلك الفتاة أمامها .. ملامحها البريئة انمحت تماما … لعنت ذلك الغبي زير النساء .. ما الذي فعله ذلك البغيض لتصبح هكذا ؟!! … لقد قتلها حية ذلك الغبي .. تساءلت بفضول

– وايه سبب التغيير ؟

ارتسمت ابتسامة ساخرة لفرح وهي تمتم بوجع

– مش كل حاجة نصدقها ، وجع الحب صعب اووي

ارتجفت جفناها لتسارع جيهان برسم اللامبالاة ثم الابتسام الواسع الخاوي وهي تحيي زهرة سكرتيرة ناجي

– صباح الخير يا زهرة

اتسعت عينا زهرة وهي ترى جيهان عادت إلى الشركة مرة أخرى بعد أن فسخت عقدها منذ سنوات ، استقامت واقفة وهي ترحبها بحفاوة

– صباح الخير يا جيجي

تمتمت جيهان بابتسامة مهذبة

– قوليلي ناجى جوا ولا برا

انقلبت تعابير وجه زهرة لتغمغم بامتعاض

– جوا ومش طايق حد

هزت رأسها وقالت وعيناها تنظر نحو فرح

– طيب هدخله .. خليكي هنا لحد لما اناديكي

توجهت سريعا نحو مكتبه وهي تطرق بابه ثم فتحت الباب لتبتسم بنعومة قائلة

– صباح الخير يا ناجي

تفاجيء ناجي من وجود جيهان في مكتبه ، وهو منذ الصباح لا يطيق سماع أي شخص بعد أن سمع رد العميل على العارضة التي عرضها عليه … اللعنة على الأجانب جميعا .. لما رغب بملامح عارضة مصرية تلمع بالبراءة وكأن الحياة لم تلقي عليها أي لعنة .. بالله من أين سيأتي بها وجميع العارضات هنا تلاشت معالم البراءة من وجوههن ، صافحها بمحبة وهو يغمغم بحدة

– هيجي من فين صباح الخير يا جيجي ، انتي شايفة رد العميل ايه .. الموديل مش عجباه قال ايه غير مطابقة للمعايير الخاصة للمنتج

رمي صور العارضة حينما أنهى كلامه لتنظر الي ملامح العارضة بملامح ممتعضة وهي تنظر إلي المنتج لتمتم بصراحة

– عنده حق الصراحة ، انت عارف صعب جدا نرضي العملاء ولكن جبتلك وش جديد هيقدر يجذبك

ضيق ناجي عينيه وهو يهتف بشك

– جيجي

غمزت بمشاكسة وهي تقول بثقة

– خليك واثق فيا يا ناجى

سارعت بالخروج من الغرفة لتنادي فرح قائلة وهي واقفة أمام الباب

– فرح تعالى .. تعالى وقولى رأيك عليها

هز ناجي رأسه بلا مبالاة وهو يخفض عينيه أرضا … ارهفت أذناه السمع إلى دقات الكعب العالي ليتبعه بلفحة من عطر أنثوي ناعم .. رغما عنه عيناه تعلقت علي  كعب حذائها الأسود العالي وهي تتهادى إليه .. خطواتها انثوية بل عادية .. بحاجة لبعض التدريبات لتقدر على السير على خط ممر الازياء .. ارتفعت عيناه وهو يرى ساقيها المرمرية ثم تنورتها السوداء التي تصل تغطي ركبتيها .. جابت عيناه بلوزتها الوردية الرقيقة … منذ متى لم يرى ذلك اللون ؟!! .. خصر منحوت وساقين ممتازة بل جسدها شبه مثالي .. وحينما ارتفعت عيناه لوجهها اتسعت عيناه ليهمس في اللحظة

– هو انتى ؟؟!!

ارتفعت عينا فرح لتنظر الى صاحب الصوت الأجش .. ضربها الإدراك لتكاد تشعر بـ اختلال توازنها … همست بنبرة خافتة مصدومة

– هو انت ؟!!!

وقفت جيهان بترقب بينهما وهي تنظر الي كلاهما … لا تعلم لما تشعر ان هذا لم يكن لقائهما الأول كما اعتقدت !!!

*****

دعس نضال عقب سيجارته وهو يحدق في النيل بشرود .. ها قد مرة أخرى إلى ملاذه الوحيد .. البيت أصبح خانقا .. بل مكبلا له بحبال متينه تخنقه ..

اراح بجسده على جسد سيارته وهو يمرر يده على خصلات شعره المبعثرة ، بعد سقوطه المخزي امام فرح الذي تدارك وجودها قبل أن تنقشع غمامته ويسقط مرحبا الظلام

ظلام ظنه خلاصا لحياته

تشبث به

ظانا أنها النجاة

لكن شمسه الوهاجة منعته .. انتشلته من دركه

وأجبرته العيش والعودة لحياته .. ومن وقتها ماذا يقول

حياته رتيبة ؟ مملة ؟ .. هل يجب عليه العودة لبعض الجنون الذي كان يفعله متعمدا ؟! .. ومن سيحاسبه الان ؟! .. بل من كان يحاسبه ؟ّ!

أسرار التي أصبح لها منزل الان وزوج ؟!

أم فرح التي راها تنسلخ بنفسها وتلوذ بالفرار هاربة منه

كأنه وحش اقتات من روحها الهائمة بحبه

بالله مالذي أحبته فيه لتلك الدرجة البائسة ؟

اختنق اكثر والدوار يكاد يفتك برأسه .. انتبه علي صوت زئير سيارة هائجة يعلم صاحبتها تماما ، رفع عيناه نحو السماء وهو يحاول عبثا الوصول إلى أبعد نقطة حيث تصل اليه عينيه المجردة.. غمغم بصوت ساخر والالم بداخله كسره

– ممكن افهم جيباني على ملا وشي ليه

تطاير الشرر من عيني أسرار لتقترب من نضال وهي تشم رائحة التبغ ..أمجنون هو .. يقتل نفسه ؟!

صفعته بكل غضب يعتمل داخلها ، صدرها يعلو ويهبط من فرط غضبها الاهوج لتصيح بنبرة هادرة

– اخرس

الصفعة التي تلقاها قوية .. لأول مرة منذ أن نضج تصفعه إمرأة … تلون الشرر في حدقتيه وتحفزت عضلاته للانقضاض عليها ليتمتم بنبرة خفيضة مزمجرة

– أسرار

دمعت عيناها وهي تجذب ياقة قميصه لتقترب منه وهي تنظر الي عينيه الخاويتين برعب

– الشويتين دول مش عليا يا نضال فاهم ، فوق يا بني ادم بقي

هزته بعنف عله يفق .. لكن المجنون أحب دور الضحية التي يمارسها عليها

يا إلهي هي تخاف عليه بشدة .. قلبها سقط بين قدميها وهي تتأمل ملامحه لتسمع حسيس الغضب من صوت نضال وهو يشيح بعينيه عنها كي لا يؤذيها هي الاخري

– انتي عارفة اني مش عايز اذيكي

صاحت صارخة بعنف وصلابة قوية وهي تتحداه أن يؤذيها كما يدعي

– مش هتقدر عارف ليه .. لانك بتعرض قوتك علي الأضعف منك وانا متخلقتش ضعيفة

ابعد يديها عنه وهو يلوي شفتيه قائلا بقرف

– لكن مع حبيب القلب عادي ولا ايه يا بنت العم

هزت أسرار رأسها وهي تحاول أن تضربه بشيء أثقل .. هل يسخر منها الآن ؟!!

– غبي وحيوان

يشعر بالخدر في موضع صفعته .. مرر بابهامه يمسدها وهو ينظر بجنون نحو أسرار الواقفة أمامه ببهائها .. تزداد كل يوم اشراقا عن اليوم الذي بسابقه .. وهو مكبل بالنبذ

شعور اليتم بداخله يحاول والله يشهد أنه يحاول ان يتخطاه .. لكن ليس الأمر بيده

ليته بيده لينزع طعم الحنظل هذا في جوفه .

صاح بحدة طفيفة

– وحبيب القلب ايه … مش غبي بردو

بكت أسرار وهي تري شقيقها وابن عمها يقتل نفسه دون قادرة على مساعدته .. الله يعلم كم حاولت أن تكون قوية وباردة المشاعر كما اسمت نفسها ..لكن منذ ان اتى سراج ونزع قناعها حتى أصبحت معراة أمام الجميع .. اختلج نضال قلبه وألمه بكاء أسرار التي تخفي وجهها بكفيها قبل أن تصيح صارخة ببكاء

– انا خايفة عليك ليه مش عايز تفهم

اقترب نضال منها بتردد وهو يربت علي ظهرها ليميل مقبلا جبهتها هامسا معتذرا بصمت دون أن تنبس شفتيه ببنت شفه .. شعر بخفوت بكاءها ليهمس بهدوء قائلا

– اهتمي بنفسك يا أسرار .. قوليلي فيه اخبار حلوة عنك

لمعت عينا أسرار الزرقاوين لتضع يدها علي بطنها وهي تنتظر بروز بطنها دلالة على حملها لتغمغم

– الدكتورة قالت مفيش حاجه تمنعني او تمنعه للخلفة ، لكن محتاج صبر

ابتسم نضال بحنين شديد وهو يتخيل بروز بطنها وهي تمسد بطنها براحة يدها .. غمغم بهدوء

– هتبقي احلي ام يا أسرار

رفعت عيناها لتنظر اليه متسائلة ببراءة شديدة ذكرته بشمس صغيرته

– تفتكر

هم أن يجيب الا انه استمع الى صوت نعق الغراب الذي جعل الطيور تهرب فزعة من عششها

– هو انا كل شوية يا مدام اجيبك من النيل مع الاستاذ

نظرت أسرار نحو سراج المتجهم .. لتنظر نحو نضال متوسلة إليه الاهتمام

– فرح يا نضال .. فرح

صاح سراج بحدة قائلا

– يلا يا مدام

كانت تنتظر وعدا خالصا من نضال وحينما أطال رده توجس في قلبها خيفة .. احست بذراع سراج وهو يسحبها معه الي السيارة لتعبس وهي تنظر اليه قائلة بحدة

– سراج بطل همجيتك دي

ورجل كهفها امال بوجهه ليهمس في اذنها

– بتحبيها يا مدام ولا تحبي افكرك

لكزته على الفور ووبخته وعنفته بشدة حتى وضعها داخل سيارته ومن بعدها انطلق الهمجي خاطفا زوجته بعيدا عنه .

ابتسم نضال بتفكه وهو يعلم أن أسرار يعجبها ما يفعله ذلك الهمجي بها .. هز رأسه وهو يلعن غبائها الذي جعلها تسقط في حب ذلك الهمجي .. وتوسل أسرار يطن في أذنيه

هل هو قادر على حمايتها منه ؟!

هو ليس قادرا على حمايتها من جنونه للأسف

لكن أليست هذا ما كانت ترغبه به

فضلت جنونه عن أهلها

فلتتحمل هي !!

*****

وقف لؤي متمللا وهو يستمع إلى صوت عمته جميلة التي صاحت بهدر في وجهه

– يعني ايه مش هتتجوز وجد ، أنت أولى بيها من الغريب

صاح زافرا بحرارة قائلا وهو يحاول أن يقتبس الصبر في ذلك المنزل

– عمتى وجد معتبرها زي اختي الصغيرة وعمر ما جيه فى بالى انى اشوفها مراتي

صمتت جميلة وهي تنظر اليه عبثا محاولة معرفة ما بداخل ابن شقيقها لؤي ، تساءلت ببرود شديد

– حد في بالك ؟

طفقت ملامح السخرية في وجهه قبل أن يجيب باقتضاب

– مفيش حد

تأكدت جميلة بحاستها الأنثوية وجود امرأة في حياته .. تعلم هي جربت شعور انها مهددة باختطاف رجلها المقدر لها .. احساسها لم يكذب أبدا لا في الوقت الماضي ولا الوقت الحالي .. فكيف اذا شعرت بوجود اهتمام تلك الفتاة جارة وسيم وذلك الغبي المنغلق حول نفسه .. فقط ستنتظره حتى يأتي بالنهاية ويخبرها بما يدور ويعصف بداخله كما كان يفعل في وقت مراهقته … نظرت جميلة نحوه بشك

– لؤى

اسبل لؤي أهدابه .. وهو يهرب من فحص عمته التي يعلمها جيدا .. ما ان تضع شيئا برأسها حتى تعلم تقرير مفصل عنه ، غمغم بنبرة جادة

– مفيش حد يا عمتى عن اذنك

استدار لؤي مغادرا غرفة عمته ويتوجه خارج المنزل قبل أن يفقد تهوره …

نظرت جميلة نحو وجد التي خرجت من الحمام الملحق بغرفة عمتها ، عينيها حمراوتين منتفختين .. وجهها شاحب وجسدها يرتجف بشدة .. رفعت عيناها تنظر بتأنيب نحو عمتها لتهمس بضعف

– ليه عملتى كدا ، بترخصيني ليه

ارتجف جفني جميلة ووجد نسخة مصغرة منها في الماضي … تشبهها إلى حد مفزع .. اختنقت انفاس جميلة وهي تشيح بعينيها لتهمس بصلابة

– لؤى مش هيطلع من برا العيلة وانتى الاولى بيه

كفي !!!!

هل هي غبية لتلك الدرجة أم مغفلة

لقد سمعته يرفضها مرتين … مرتين .. طعنها بغدر ، انفجرت في البكاء الصامت لتصيح بجنون نحو عمتها

– اولى بيه ؟!! … لؤي عمره ما شافنى .. شايفنى لسه صغيرة

حاولت جميلة عبثا تهدئتها إلا أنها كانت بمثابة نشط .. يخرج لهيبها .. رفضت وجد مؤازرتها حينما استمعت الى صوت عمتها تقول بهدوء

– انتى بايدك تقنعيه

انفجرت وجد ضاحكة بجنون لتشرس ملامحها قائلة

– اقنعه ؟!!

ارتعبت جميلة من ملامح صغيرتها وهي ترفض أن تؤازرها .. لكن يشهد الله كل ذلك في مصلحتها هي .. حتي تقدر علي لملمة شتات نفسها قبل أن تذبل أنوثتها ويتحاشي الرجال الاقتراب منها ، قالت بنبرة متزنة

– طبعا هو هيلاقى زيك فين

سكنت وجد ونظرت نحو عمتها بلوم شديد .. كونها المسببة الأولى في تحطيمها لتهمس

– من ناحية هيلاقي فهو هيلاقى كتير

عقدت جميلة ساعديها على صدرها لتقول بشك

– مش واثقة من نفسك

هل ما زالت أمها ترغبها بمتابعة الركض خلفه .. ألن ترتاح هي ؟! .. أليس من حقها أن يركض خلفها احدا ؟!

نعم حقها هتف عقلها وهو يخبرها .. انها ليست عانسة حتى تقترن بابن عمها

لكن القلب الخائن دمر ما يبنيه عقلها لتهمس بنبرة يائسة تسلل وجدانها

– مش واثقة فيه

سب ولعن لؤي الازدحام المروري وهو ينفس عن غضبه بمقود سيارته .. عينيه القاسيتين لم تحد عن النظر نحو الطريق ، يبدو انه سيظل عالقا لساعة اخري حتي يتوجه إلى مكتبه .. رنين هاتفه جعل يخرج سبه نابية قبل أن يرد على المكالمة وهم باخراج اسوء الشتائم التي يعلمها دون أن يعلم هوية المتصل الا انه تفاجئ باندفاع صوت انثوي ناعم يهمس باغواء

– ايه يا بيبي وحشتني مش كدا

ألم يتخلص منها منذ سفره … صمت قليلا قبل أن يتمتم بحدة

– عايزة ايه

استمع الي شهقة خافتة مصطنعة قبل ان تهمس بدلال مقرف جعل وجه يمتعض باشمئزاز

– هكون عايزة ايه يا بيبي ، عايزاك

انفجر في الهاتف صارخا بحدة وهو يخرج كبته .. بل وحوشه بالمعنى الادق في وجه تلك الحقيرة

– اخرسي

صمت ليغمض جفنيه بعدها يزفر بحرارة .. يمسح وجهه بنفاذ صبر ليأتيه صوتها الذي تغير من امرأة غانية إلي صوت إمراة غليظ

– تؤتؤتؤ .. لما بزعل صدقنى زعلى وحش ، عموما هسيبك كام يوم عشان واضح انك مش عارف بتقول ايه يا لؤي

أغلقت المكالمة بينهما كما تفعل هي … تتصل به وقتما اردات وتغلق المكالمة كما ترغب ، لكن والله قريبا سيصل اليها .. عاجلا ام اجلا سيصل اليها .. احساسه تلك المرة يخبره انها انثي … احساسه لم يخيب أبدا

ارخي عقدة ربطة عنقه ليخبط بكفه علي المقود هادرا

– مكنش وقتك خالص

يتبع..

لقراءة باقي حلقات الرواية اضغط على (رواية أترصد عشقك)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *