Uncategorized

رواية أنا والمجنونة الفصل الثامن والثلاثون 38 بقلم الكاتبة يمنى عبد المنعم

 رواية أنا والمجنونة الفصل الثامن والثلاثون 38 بقلم الكاتبة يمنى عبد المنعم

رواية أنا والمجنونة الفصل الثامن والثلاثون 38 بقلم الكاتبة يمنى عبد المنعم

رواية أنا والمجنونة الفصل الثامن والثلاثون 38 بقلم الكاتبة يمنى عبد المنعم

من بعد أن هربت نوال من منزلهم ولم يعد ياسين ينزل إلى والداه ، فلم يعد يطيق نظرات الأتهام الموجودة في عينيهم.
تنهد وهو يرتدي ثيابه فهو ذاهب الآن إلى بيت نهى بناء على طلب والدها…. وصل بأسفل بنايتهم فاستقبلته نهى بوجه عابس.
تجهم وجهه عندما قالت له باستهزاء: أهلاً بالعريس…. زفر بقوة ولم يعيرها أدنى اهتمام.
جلس بانتظار والدها… أتى والدها بعد قليل قائلاً بجدية لابنته: نهى سبينا لوحدنا شوية… وتكوني عملتلنا الغدا.
فقالت له باعتراض: لكن يا بابا…. قاطعها بصرامة قائلاً: اعملي زي ما قلتلك.
زفرت بضيق وهي تنظر إليه بغضب فقال ياسين: لا متشكر أنا اتغديت قبل ما آجي.
فقال له: ازاي تقول كده… مفيش حاجه اتغيرت… ثم حدج ابنته بضيق مستطرداً : يالا اعملي زي ما قلتلك.
خرجت متذمرة تفعل ما أمرها به والدها…. رمقه ياسين بتساؤل فقال له: أنا طبعاً كأي أب بعتلك علشان نتكلم بجد… علشان التطورات الأخيرة اللي حصلت واللي صدمتني ومكنتش متخيلها انها تحصل منك انت بالذات يا ياسين وانت عارف كويس انا بحبك وبقدرك أد إيه.
شعر ياسين بالضيق لكنه أجاب بهدوء ظاهري قائلاً له: أنا عارف ان الأمور جات في وقت مش مظبوط بس غصب عني كان لازم أعمل كده… وخصوصاً إني مش ناوي لا أسيب نهى ولا أسيب نوال… ومش ناوي أظلمهم.
ضيق والدها عينيه باستفهام قائلاً له : طب وده ينفع يا ياسين… انك تتجوز من ورا نهى… طب خطبتها ليه من البداية.
أخذ نفساً عميقاً بقوله الجاد: أنا عارف اني غلطان والأمور اتعقدت …. بس انت عارف ان من حقي اني اتجوز اربعة والشرع قال كده ما دمت قادر صحياً ومادياً…. ونهى هتكون في عينيه الأتنين ومش هظلمها معايا أبداً وجبتلها الشقة اللي هيه عايزاها وبكره هاخدها وتنقي اللي هيه عايزاه من جهاز.
زفر الرجل بضيق قائلاً له : مش معنى ان الشرع حلل أربعة انك تعمله وتظلم بنات الناس معاك ومينفعش يابني الجواز بالطريقة دي وخصوصاً لما يكون بالعافية.
صمت ياسين وهو يشعر بالضيق قائلاً له بجمود: ومين قال ان نهى هتتجوزني بالعافية… هيه مختراني بإرادتها… محدش جبرها عليه من البداية ، ده غير انها بتحبني… ومتفقين على الجواز من زمان.
قطب الأب حاجبيه قائلاً له : بس كده هيه مش موافقة على الطريقة دي… وحتى لو بتحبك زي ما انت ما بتقول.
تأمله بتفكير قائلاً لها : يبقى خلاص ناخد رأيها الأول وهيه أكيد هتوافق تكمل معايا… فقال له بجدية: طب ولو مردتش تكمل على الوضع ده.
تنهد قائلاً له بجمود: يبقى هيه اللي اختارت….. صُدمت نهى التي اتت فجأة واستمعت إلى أخر كلماته قائلة له بذهول: ياسين انت بتقول إيه.
هب من مقعده قائلاً لها بصرامة: اللي سمعتيه…. يا نهى، هزت رأسها غير مصدقة قائلة بعدم فهم : معقولة هتتخلى عني بالسهولة دي.
فقال لها بضيق: ومين قال اني اتخليت عنك… أنا لسه بقول لوالدك اني حجزت خلاص الشقة ومن بكرة نروح سوا ننقي الجهاز اللي انتي عايزاه.
ابتلعت ريقها بصعوبة قائلة: طب وهيه…. هتعمل معاها إيه، زفر بتجهم قائلاً: هتفضل بردو علاقتي بيها زي الأول…. ولا هستغنى عنها ولا عنك وده آخر كلام عندي ومعاكي فرصة كويسة تفكري فيها وابقى بلغيني برأيك.
كادت أن تلقي بوجهه خاتم خطوبتها …. لكنه أسرع بالأنصراف… قبل أن يتحدث والدها أو هي.
فهو كل عقله وتفكيره في نوال التي تركته بغتة دون سابق إنذار…. وكأنها تنتقم منه.
دخل حسين على شقيقته قائلاً لها بضيق: جومي إلبسي خلجاتك ولد عمك حمدان وآني هناخدك  ويانا تشتري فستان للخطوبة.
امتقع وجهها بصدمة كبيرة قائلة بجزع : دلوك يا اخوي…. هز رأسه قائلاً بجمود : أيوة دلوك بسرعة إحنا مستنينك برة.
تهاوت على فراشها غير مستوعبة ما يحدث معها ومن هذه الخطوبة السريعة التي تحدث بالرغم منها.
قائلة لنفسها بعذاب: يارب مليش غيرك دلوك…. وانت عالم اني مظلومة كتير…. وحتى اللي ظنيت انه هيتجوزني وينجذني من عذابي اتخلى عني ومش طايجني واصل يارب حلها من عنديك يارب.
انهمرت دموعها وهي ترتدي ثيابها…. دخلت عليها والدتها فمسحت دموعها بسرعة… تأملتها والدتها تشعر بتعاستها قائلة بتساؤل: انتي لساتك مش موافجة يا بتي مش اكده.
أغمضت عينينها وألقت بنفسها بين احضان والدتها قائلة لها : غصب عني يا اماي  مش بريده ولا طايجاه ضمتها إليها بحنان قائلة لها: انتي متعلجة بالدكتور يحيى مش اكده.
صمتت برهةً قائلة بخفوت: غصب عني بردك يا اماي حبيته من جلبي…. لكن انتي شايفه تصرفات أخوي.
حارت الأم في نفسها قائلة لها: معلش يا بتي مفيش بيدنا حاجه نعملها واصل وياه… وحمدان ولد عمك ميجدرش أبوكي يجوله لاه… وانتي خابرة زين… عوايدنا اهنه في البلد…. محدش يجدر يعارضهم واصل وخصوصاً لو من الحريم.
تأملت والدتها قائلة بحزن: بس إكده ظلم كتير جوي يا اماي…. 
تنهدت بحزن هي الأخرى قائلة : خابرة يا بنيتي…. بس واحنا في يدنا إيـــه نعمله وياهم… عجبك الضرب الي بتضربيه….
صمتت الأم عندما اسمعت إلى صوت طرقات قوية على الباب فقالت لها بسرعة : يالا شهلي عاد جبل ما أخوكي يضربك تاني.
صُعق جلال وفوجئ مما إستمعه للتو من والدته…. قائلاً بعدم استيعاب: جولتي إيــه دلوك يا اماي…. تهللت أساريرها بفرحة طاغية وضمته لصدرها قائلة بسعادة: مرتك حبلى يا عمدة وهتجيبلنا الحفيد الصغير ينور دارنا ويكون زييك يا ولدي ويملى علينا الدنيا كلاتها.
لم يستطع جلال النطق وابتعد من بين ذراعيها والدته ناظراً بتجهم حوله فابتسمت له نور قائلة: ألف مبروك يا اخوي يتربى في عزك.
لم يجيبها من كثرة ما شعر بداخله من غضب يريد أن ينفجر بها قائلاً لنفسه بعصبية: يا وجعتك المطينة بطين… يا مصيبة انتي … مش هترتاحي إلا لما تجلطيني الأول…. بس لاه المرادي فوجتي الحدود.
أخرجه من شعوره هذا مهجة الذي لمحها من الباب الموارب لغرفة نور…. متمددة على الفراش… متظاهرة بالتعب…. من آثار الحمل.
ضم قبضته واتجه للغرفة فوجد سعاد بجانبها…. تقوم على خدمتها…. فقالت له بفرحة: ألف مبروك يا جلال بيه….. انتفضت مهجة عندما لمحته مقبلاً نحوها قائلة لنفسها بخوف: اثبتي كده ده انتي لسه في الأول… أمال هطلعيه من عينيه إزاي.
كانت نظراته إليها لا تبشر بالخير أبداً… بل كانت مملؤة بالتهديد والوعيد والشر الذي كاد أن يخترقها من قسوة هذه النظرات.
ابتلعت ريقها بصعوبة وهي تعود للخلف في الفراش وتستند بظهرها إلى الوسادة التي وضعتها سعاد وراءها…. شعرت بجفاف حلقها فقالت بصوت مرتعش: ناوليني كوباية الماية يا سعاد.
لم تستطع سعاد أن تناولها كوب المياه… فقد أخذها جلال مشيراً إليها بالخروج وإغلاق الباب…. لم يمهلها الكثير من الوقت لتخشى منه… فالمياه أثكبها جلال في وجهها قائلاً بغضبٍ ساخر: ها عايزة تاني ولا كفاية إكده.
شهقت مهجة بفزع من هذه المفاجأة قائلة بسرعة: لاه كفاية إكده…. آني شبعت… 
تفرس في ملامح وجهها بوجه شرس قائلاً بنبرة غامضة: آني بجى هربي شيطانك اللي خلاكي تجولي وتعملي إكده.
هرب الدم من وجنتيها قائلة بثبات مفتعل: لاه متخافش… آني هربيه بمعرفتي…. ضيق عينيه في قسوة غامضة قائلاً لها بسخرية غاضبة: بجى إكده لما نشوف…. ودنى منها فجأة وجذبها من شعرها بعنف.
قائلاً بغلظة: آني بجى دلوك الشيطان بذات نفسه…. على يدك يا مصيبة، وبالرغم إني قبضت على شياطين الأنس كتير جوي بس مجابلنيش شيطان عاصي زييك إكده وآني بجى هكون أجوى من شيطانك ياحرمة ملجتش حد يربيها.
جاءت تصرخ من قبضته…. فكتم أنفاسها بيده الأخرى…. قائلاً بنرفزة: إنتي إكده جيبتي آخري وياكي…. وآني بجى هسجطلك حملك الكاذب دلوك.
هزت مهجة رأسها بسرعة بالرفض من شدة وجعها ورعبها منه… وحاولت منعه مما سيفعله بها، لكنه لم يرى رجائها ولم يسمع إلى الآن….  فجذبها جلال على الأرض بإهانة كبيرة من شعرها الذي بدأ يقتلعه من جذوره…. واليد الأخرى مازالت على فمها…. وأخذ يجرها ويسحلها على الأرض في قسوة لم تراها منه من قبل…. كأنه شيطان بالفعل كما أخبرها.
وأشار برأسه إلى بطنها قائلاً لها بقسوة : مش إنتي حامل إهنه…. ولم يستكمل باقي جملته… إذ باغتها بضربةٍ قوية بقدمه في بطنها فصرخت صرخة أتت على إثرها والدته تطرق باب الغرفة.
قائلة بفزع: فيه إيه يا ولدي…. مهجة مالها…. تأمل مهجة بعينين قاسيتين باردتين…. قائلاً بتشفي: متخافيش يا اماي دول بس شوية مغص إكده علشان حبلها جديد.
صمتت الأم برهة قائلة: لما أروح أعملها طبج شربة يبر عضمها فهز رأسه قائلاً بغموض: يبجى أحسن بردك يا اماي وبراحتك خالص…. إحنا مش مستعجلين.
تركتهم من وراء الباب… وتمنت مهجة منعها من الذهاب وتركها مع هذا المتوحش الذي لقب نفسه بالشيطان من إثر فعلتها.
قائلة بوهن: كفاياك إكده عاد…. تبسم بشر وقسوة قائلاً بها بصوت هادر: هوه انتي لساتك شفتي حاجه مني… ورفعها من الأرض وضربها بقبضته في بطنها.
وقبل أن تصرخ كان واضعاً يده الأخرى على فمها، فشعرت أنه يريد أن يميتها هذه المرة فضربات قلبها قد ازدادت هذه المرة وشعرت أنها تختنق للأبد، فحاولت ابعاد يده عن فمها.
لكنها لم تستطع… فقال لها بانفعال: نفسي أعرف جدرتي تكدبي وتعمليها كيف… ومفكرتيش آني هعمل إيــه فيكي…. ثم صمت برهة ليتنهد بغضب مردفاً بقوله المنفعل:  خابرة إنتي عملتي ليه كيف اكده…علشان إنتي مجنونة وجنانك ده آني اللي هعالجك منيه يا مصيبة انتي.
فضربها مرةً أخرى في بطنها… حتى صرخة صرخة مكتومة وشعرت بأنها ستفقد الوعي فتركها تسقط أرضاً… وأتي بشفشق ماء آخر كان على منضدة صغيرة ،وأثكبه على وجهها مرةً أخرى وهو يقول بتشفي: ده علشان تفضلي فايجة من اللي هعمله فيكي دلوك.
ارتعبت من منظره هذه المرة … وهي تنفض عنها التعب والمياه التي أغرقتها… فسارعت إلى الزحف إلى الوراء على الأرض لتفتح الباب وتستغيث.
وكادت تقترب من الباب بالفعل وعينيه تراقبها كالصقر الذي يراقب فريسته لينتقي الوقت المناسب لالتهامها.
فوقف بقدمه على يدها… فصاحت به بألم قائلة : يدي هتتكسر يا عمدة…. فقال لها بشماتة غاضبة : يبجى أحسن علشان تستاهلي…. هوه إكده بيبجى مصير اللي يجف جصادي.
انهمرت دموعها من الآلم التي شعرت بها قائلة له بحنق: انت وحش وشيطان معندكش جلب… فانحنى نحوها…. ممسكاً إياها من شعرها بعنف… رافعاً رأسها إليه محدقاً في وجهها قائلاً بشراسة: آني فعلاً إكده مع اللي مترباش ولا شاف رباية.
أغمضت عينيها قائلة بتحدي رغم تعبها: آني بكرهك…. بكرهك… طلجني دلوك… ضيق عينيه قائلاً بقسوة: متخافيش هطلجك جريب أوي وهرتاح منيكي…. لكن دلوك جدامي على فوج من غير ولا حرف زيادة.
هزت رأسها باعتراض قائلة له بتحدي واهن: منيش طالعه امعاك… آني هجعد إهنه… فضم قبضته بقوة وجز على أسنانه بجنون قائلاً بتحذير: بجولك جدامي يا حرمه.
وقبل أن تعترض مرةً أخرى استمعا إلى صوت والده وزوجته تحدثه عن الخبر الذي كانت تتمناه منذ زمن بعيد.
فحدق بها بأعين مشتعلة كالجمر قائلاً لها بعصبية: سامعة فرحتهم بالكدبة اللي عملتيها دلوك… آني بجى هدفعك التمن غالي جوي جوي علشان تبجى تعملي فيهم إكده.
وقبل أن ترد عليه استمعا إلى صوت طرقات على الباب فأشار لها بأن تنام في السرير حتى لا يلاحظ أحداً ما فعله بها وضبطت من شعرها ودارت آلام جسدها فتدثرت بالغطاء أيضاً….. ومسحت دموعها بسرعة.
فكانت والدته التي أتت بصينية مملوءة بالطعام الصحي قائلة لها باهتمام : من إهنه ورايح مش هتاكلي وكل وخلاص إكده لازماً يبجى وكل مخصوص…. ده انتي حامل في ابن العمدة كبيرنا وتاج راسنا.
رمقها جلال بنظرات شيطانية من إثر ما فعلته من سعادة كاذبة لوالدته الطيبة والتي لا تستحق كل هذا الكذب.
ارتجف قلب مهجة من الرعب قائلة بصوت حذر: آني منيش جادرة أطلع فوج ممكن أبات إهنه النهاردة.
ابتسمت لها والدته قائلة بحماس: طبعاً يا بتي… وماله ده انتي تنورينا… وهخلي نور تبات في الأوضة التانية بتاعت الضيوف.
شعر جلال بأنها تستغل هذا الموقف لصالحها…. فأسرع يقول لها باعتراض: لاه يا اماي…. مهجة هتنام فوج… عادي في بيتها… علشان ابجى مطمن عليها أكتر.
ضربت على صدرها قائلة لها: واه يا ولدي… بجى معجول تجول إكده…. مين جال انه ده مش بيتها…. ما إهنه مطرحها بردك…. بس اطلع انت غير خلجاتك وتعالى اتغدى ويا الحاج اسماعيل…. ده فرحان لك جوي جوي.
أغمض جلال عينيه بضيق واضح، غير مصدق ما أوقعته مصيبته به الآن من موقف لا يحسد عليه… فقال لها بضيق: مليش نفس يااماي…. فقالت له باستنكار: وبجى معجولة في يوم زي إكده ويبجى ملكيش نفس بردك يا ولدي يالا بس اطلع غير خلجاتك وتعالى نكون جهزنا الوكل.
دخل جلال إلى الغرفة واستبدل ثيابه بسخط، لا يعرف كيف السيبل من الخروج من هذا المأذق الذي أرغم عليه فقال لنفسه بضيق: وبعدهالك يا عمدة في المصيبة الجديدة اللي عملتها المجنونة دي…. آني خلاص بجت على آخري منيها… وجدرت تضحك وتغش الكل بحديتها الماسخ وياهم…. كأنها بتنتجم لنفسيها مني.
جلست ام مصطفى مع نوال…. بعد تناولهم للغداء قائلة لها بود: لامتى هتفضلي حزينة كده يا بنتي…. تنهدت قائلة لها : بس انا مش حزينة أنا كويسة.
هزت رأسها بالرفض قائلة لها: لا يا نوال عينيكي كلها حزن وأسى وواضحة أوي كمان.
أشاحت ببصرها بعيداً قائلة لها: بس أنا بجد كويسة.
فقالت لها بهدوء : اسمعيني يا نوال… في الكلمتين دول…. انتي دلوقتي مراته يعني لازم تقرري هتكملي ولا هتفضلي هربانه منه كده على طول.
تنهدت قائلة لها بوجع: مش عارفه انا حاسه اني ضايعة يا خالتو ام مصطفى.
ربتت على كتفها قائلة لها بحنان: فكري كويس لسه معاكي الوقت خدي وقتك.
تنهدت قائلة لها: وتفتكري انه هيسكت ولا هيصبر لغاية ما يعرف مكاني…. وأكون أخدت وقتي كويس.
فقالت لها بتفكير : لو شاريكي مش هيسكت غير لما يلائيكي أكيد.
شردت لثوانٍ قائلة لها بحزن: أظن كده انه هيدور عليه شوية بس مش عارفه ممكن يمل مع الوقت ولا لأ.
تأملتها المرأة قائلة لها بتساؤل: نوال… انتي بتحبيه…!!!
رمقتها بنظرات مصدومة…. حائرة ولم تستطع الجواب الذي أخافها…. وخشي منه قلبها.
ابتسمت أم مصطفى قائلة بحب: مادام مردتيش على سؤالي دلوقتي…. انا كده عرفت الإجابة.
تخضبت وجنتيها أكتر قائلة لها بخجل: انا حيرانة يا خالتو…. وقلبي السبب في الحيرة والألم اللي أنا فيها دلوقتي.
عاد ياسين إلى منزله غاضباً أكثر من ذي قبل…. أغمض عينيه بضيق…. ثم ألقى بسترته على الفراش.
قائلاً لنفسه: بس لو أعرف انتي فين كل ده…. أول مرة تحصل انك تبعدي عني… تلاتة أيام بعيد عني….. نوال أنا مخنوق منك وعلى آخري وجات نهى وكملت عليه.
تمدد فوق الفراش ونظرات نوال الخائفة منه لا تفارقه…. عندما صفعها أمام باقي الحاضرين من جيرانهم.
تنهد وهو يتذكر جزعها وإحراجها أمام المدعوين…. قائلاً لنفسه: هيه السبب في اللي احنا فيه…. دلوقتي لو مكنتش هربت كان زمانها كانت تبقى موجوده… قاطعه رنين هاتفه فأمسكه بضيق ظاناً منه أنها نهى لكنه رقماً من الدوله الذي يعمل بها.
فقال باهتمام : ألو سلام عليكم …. فرد الطرف الآخر قائلاً له : وعليكم السلام ازيك يا ياسين…. تنهد ياسين قائلاً له : الحمد لله بخير…. أكيد في سبب لاتصالك دلوقتي.
ضحك قائلاً له : دايماً كده فاهمني على طول 
… على العموم يا ياسين لازم ترجع هنا في خلال عشر أيام ضروري ومتتأخرش.
صُدم لهذه الأخبار الطارئة قائلاً له: بس ليه أنا أجازتي لسه قدمها شهر ونص….. فقال له باهتمام جاد: ده قرار من الشركة مش ليك لوحدك لكل زمايلنا….يعني لازم يتنفذ.
صمت برهةً وقال : ماشي اتفقنا…. مع السلامة…. أغلق هاتفه متأففاً…. كيف سيسافر في ظل هذه الظروف…  الذي يمر بها…. وبالأخص مع اختفاء نوال.
اضطر ياسين أن يقوم بالحجز بالمطار ليسافر بعد عشرة أيام… تفاجئ والده بهذا القرار الحاسم فسأله قائلاً بدهشة: طب ليه يا ياسين يا بني… تسافر فجأة كده ليه.
تنهد بضيق قائلاً له: غصب عني يا بابا… أنا لولا اني مضطر مكنتش حجزت فقطب والده حاجبه قائلاً له : طب ومراتك اللي مختفيه دي بقالها كذا يوم ومش عارفين راحت فين…. هتمشي كده وهتسيبها، هز رأسه بحيرة قائلاً له: مش عارف يا بابا…. مش عارف…. انا حاسس ان  مخي وقف عن التفكير خلاص…. وبدور عليها لدلوقتي وبردو مش لاقيها.
غادر ياسين والده بعد جملته الأخيرة… فقال والده: ربنا يسترها عليك يا ياسين يابني.
تطلعت إليه زوجته فقال لها: مالك كده بتبصيلي كده ليه…. تنهدت بضيق قائلة :  مش عارفه يا أبوياسين…. أنا حاسه إني مخنوقة من ساعة ما نوال سابت البيت وكأنها مش بتنتقم من ياسين لا بتنتقم مننا كلنا.
تنهد قائلاً لها: هنعمل إيه في ابنك….. وانا فكرت ان لما ياسين يتجوزها هنطمن كده عليها أكتر… لكن طلعت كل حساباتي غلط.
تطلعت إليه بقسوة ثم تركته ودخلت إلى غرفتها كأنه هو المتهم الوحيد في هذا الموضوع.
جلس مصطفى بداخل مكتبه…. وكان بصحبته رضوان مدير مكتبه… الذي قال له: طب والعمل إيه في الصفقة الكبيرة اللي الكل داخل فيها… دول بيهددوا انهم ينسحبوا منها.
تنهد بضيق قائلاً له : مفيش حل غير نحدد ميعاد ليها خلينا نعوض البضاعة اللي خسرناها من كام يوم.
قطب رضوان حاجبيه قائلاً له: معقول هتتحدد كده على طول…. هز رأسه بحيرة قائلاً باقتضاب: مفيش قدامي غير كده وقبل ما حد فيهم ينسحب وابقى خسرت الصفقة الكبيرة وخسرت معاها شركائي كمان… وأنا مش هقدر اتحمل كل ده لوحدي.
تنهد قائلاً له باستسلام: يبقى لو كده نعمل اجتماع معاهم بكرة في الشركة… ويبقى معانا العمدة بما انه هيسهلنا الشغل.
فقال له بجدية: تمام حدد ميعاد معاهم وأنا جاهز في أي وقت خليني أخلص قبل ما أي حد فيهم يرجع في كلامه وخصوصاً انهم لسه خسرانين معانا في المخزن اللي اتحرقت بضاعته.
في اليوم التالي اجتمع بالفعل الجميع…. وكان جلال من أوائل الحضور….. جلس الجميع في أماكنه المحددة له.
جلس مصطفى يترأس مائدة الأجتماعات وأمامه من الناحية الأخرى يجلس جلال ينظر إلى جميع من حوله بحذر ويدرسهم جيداً على حسب خطته الذي يتبعها من البداية.
بدأ مصطفى محرم في الحديث قائلاً لهم: انتم طبعاً تلائيكم مستغربين أنا اجتمعت بيكم ليه النهاردة، وخصوصاً في الظروف اللي مرينا بيها من كذا يوم.
فقال له أحدهم: انت عارف انا خسرت أد إيه….!! تنهد مصطفى قائلاً له بجمود: عارف… وأنا عن نفسي خسران كتير أوي بس دلوقتي نبص للي جاي علشان نعوض خسارتنا اللي خسراناها الفترة دي.
رمقهم جلال بصمت والجميع يتحدثون إلى بعضهم البعض إلى أن قال له مصطفى : ليه ساكت لدلوقتي يا عمدة.
ابتسم بسخرية قائلاً له بهدوء: علشان بسمعكم بتركيز وأي حاجه هتجروروها آني وياكم فيها.
فقال له : وده اللي أنا منتظره منك يا عمدة…. قطب حاجبيه باهتمام : حددوا ميعاد الصفقة اللي هتدخل البلد وأني هكون مستعد لكل اللي تطلبوه مني بعد اكده.
بعد أخذ كل القرارات في الأجتماع تحدد ميعاد الصفقة بعد اسبوع، ابتسم جلال لنفسه بانتصار، فها هو خطته تسير إلى النهاية بنجاح وسيتم القبض على هولاء المجرمين كلهم على يديه أخيراً بإذن الله.
عاد مصطفى إلى فيلته فوجد زوجته تستقبله بوجه متجهم…. فلم يعيرها أي اهتمام… وتركها ودخل إلى مكتبه.
شعرت زوجته بالضيق من هذا التجاهل المتعمد من جانبه قائلة له: انت مخصمني ولا إيه…. تنهد قائلاً بضيق: مش مخاصمك بس مشغول ومش فاضي اتكلم مع أي حد.
تأففت قائلة له بغضب : لكن طبعاً فاضي للغندورة بنتك اللي ظهرت كده فجأة…. قاطعها بحدة قائلاً لها: ياسمين اتحرمت من وجودي سنين…. ولازم أعوضها شوية عن اللي عاشته بعيد عني.
عقدت ذراعيها أمام صدرها قائلة : وانت من امتى والحنية بتاخدك على أي حد أوي كده.
تأفف منها قائلاً لها : اعتبريها من دلوقتي ياريت تكوني ارتحتي وياريت كمان تخرجي برة خليني أشوف شغلي.
تذمرت قائلة له : بقى كده يا مصطفى ماشي…
تنهد مصطفى بضيق قائلاً لنفسه : أصل أنا ناقص جايه تكملي على دماغي.
مر يومان آخران ولم تصعد مهجة إلى المنزل وأصرت على ذلك…. بالرغم من عدم راحتها النفسية في بعده عنها.
إلا إنها لم ترد التحدث إليه أو مجالسته.
دخلت إليها نور تبتسم بقولها : إيه مالك إكده سرحانه في العمدة.
خجلت مهجة قائلة لها: لاه اني بس كنت بفكر اني أخدت إوضتك منيكي.
اعترضت نور قائلة : ازاي تجولي إكده إحنا بجينا أهل وانتي زي خيتي تمام.
ابتسمت لها مهجة بدون أن ترد…. بالرغم من كذبها الا أنها اكتشفت حبهم والاهتمام الزائد بها وهذا ما أغضب جلال بشدة.
كانت الأيام تمر ببطء على ياسين في بُعدها عنه كل هذه المدة.
ورغم ذلك لم يمل… من البحث عنها… ذهب إلى المسجد مرةً أخرى لعله يجدها.
لكن محاولته باءت بالفشل… فذهب في اليوم التالي…. إلى نفس المسجد على أمل أن يجدها بالرغم من عدم يقينه في وجودها هناك.
عاد إلى سيارته بعد أن صلى صلاة الظهر في المسجد… وكاد أن تمتد يده ليفتح بابها.
لكن هناك شيئاً ما استرعى انتباهه…. فقد كانت هناك سيدة تتجه نحوه…. مبتسمة بحنان.
قائلة له بتساؤل: إزيك يا بني .
رد مستغرباً بقوله: الله يسلمك…. في حاجه أقدر اقدمها لحضرتك.
ابتسمت له مرة أخرى قائلة له: لا يا بني أنا بس بطمن عليك…. شكلك حيران أو تعبان… مش كده.
استغرب من حديثها قائلاً لها بحيرة: أنتي تعرفيني منين علشان تقوليلي كده.
تنهدت قائلة له بهدوء: عادي يابني أصل مشفتكش قبل كده هنا.
فقال لها بهدوء: أنا فعلاً مش باجي هنا كتير… لانها بعيدة عن بيتي بشوية.
فقالت له بطيبة: معنى كده انك هتيجي على طول بقى.
هز رأسه بأسف قائلاً بشرود: لا للأسف مفيش وقت خلاص.
قطبت حاجبيها باستفهام قائلة له: وليه يا بني بتقول كده.
ابتسم لها قائلاً : أصل احتمال امشي خالص عن أنا دلوقتي علشان ورايا ميعاد تاني.
استقل سيارته وقبل أن يقودها… اقتربت السيدة منه تقول له: مع السلامة يابني ربنا يريح بالك…. وان شاء الله هتلاقيها.
دخل جلال كالعاصفة الهوجاء على مهجة في غرفة نور ففزعت من ملامحه قائلة له بتلقائية : بجى إكده تخضني يا عمده…. مش خايف على ولدك… ليتخض.
ضم قبضته بغضب مقترباً منها بحده منحنياً ناحية وجهها قائلاً لها بعصبية: كفاياكِ إكده…. قاطعته ببرود قائلة له بجمود: وكفاية ليه…. انت مش اكده مرتاح مني… وآني مرتاحه من اهناتك وضربك ليه طول الوجت…. أغمض عينيه ليأخذ نفساً عميقاً ويحاول تمالك أعصابه قائلاً لها بغضب: انتي هترجعي تتحديني من جديد يا حرمه…. ثم متنسيش انك السبب في اللي انتي فيه دلوك…زفرت بتذمر قائلة له ببرود: ممكن تمشي  دلوك من جدامي…. مش جادرة أخانج وياك…. يالا مش عايزة أعطلك آني خابرة إنك مشغول.
رمقها بصدمة من طريقتها في التحدث إليه بجرأة قائلاً بانفعال: إنتي ناسية نفسيكي ولا إيه…. قاطعته بحدة قائلة بتحدي: آني مش ناسية انت مين….. انت جوزي كبير وعمدة البلد ولا آني مين…. آني مرتك يا جناب العمدة ومتجدرش تجول غير اكده.
تطلع إليها بشراسة وشر مما أرعب قلبها على عنادها معه قائلة له بثبات ظاهري: يالا اخرج من اهنه نفسيتي تعبانة دلوك… ومليش نفس اتحدت وياك أكتر من اكده…. بعد اللي عملته.
وقبل أن يرد عليها بثورة فتحت له الباب التي كانت بالقرب منه…. وأشارت له بيدها للخروج من الغرفة قائلة له ببرود: شرفت يا عمدة….!!!
عند دخولها إلى المشفى تسمرت في وقفتها عندما تلاقت نظراتهم معاً…. وهي تناول إحدى الممرضات بطاقة دعوة خطوبتها.
لم يتحرك يحيى هو الآخر من مكانه لم يعرف ماذا أصابه…. وقد سمع حديثها مع الممرضة عن خطوبتها.
اقتربت منه بثبات رغماً منها… تناوله بطاقة دعوة لثبت له عكس ما تشعر به بداخل قلبها الموجوع قائلة بجمود: عجبالك يا دكتور يحيى….!!!
يتبع..
لقراءة الفصل التاسع والثلاثون : اضغط هنا
لقراءة باقي حلقات الرواية : اضغط هنا
نرشح لك أيضاً رواية حبيبة بالخطأ للكاتبة سهير علي

اترك رد

error: Content is protected !!