روايات

رواية حصونه المهلكه الفصل التاسع والعشرون 29 بقلم شيماء الجندي

رواية حصونه المهلكه الفصل التاسع والعشرون 29 بقلم شيماء الجندي

رواية حصونه المهلكه البارت التاسع والعشرون

رواية حصونه المهلكه الجزء التاسع والعشرون

حصونه المهلكه
حصونه المهلكه

رواية حصونه المهلكه الحلقة التاسعة والعشرون

“فرصة !” ” الأخير ج2 “

جلس “تيم” فوق المقعد الخاص بالمشفى و هو يدس جسد شقيقته التى أصابتها حاله انهيار فور تلك اللحظات الثقيلة داخل أحضانه ، لا زالت تنتفض ببكاء و شهقات مرتفعه تهمس بكلمات مُبهمه لا زالت بأسوأ حالاتها على الإطلاق إلى الآن لم يفهم تفسيراً لذاك المشهد الدامى الذى صعقه بل و صعق الجميع ابن العم مُلقى فوق جسد شقيقته ينزف الدماء من جميع أنحاء جسده و ذاك المُدنس يحاول الهرب لتنطلق خلفه أفراد الشرطه تلحق به ، و يظل ذاك المشهد الصادم كما هو بعقولهم …

عوده بالأحداث لساعات قليلة منصرمه …

ترجل ابناء العم من السيارات يهرولان إلى مصدر صوت الطلقات الناريه و صرخات “أسيف” تكاد تصم الآذان انتشرت أفراد الحراسة الخاصه و الشرطه بالمكان و بلحظات تحول المكان إلى ساحه قتال حيث بدأ الرجال بمحاولات الهرب المعتادة بتلك الحالات هرع “تيم” إلى شقيقته الملقاة أرضاً أسفل جسد ابن عمه لتصعقه الصدمه حين رأى ابن عمه الغارق بالدماء يحيط جسدها أسفله مُلقياً رأسه فوق صدرها و هى تصرخ بصوت ملتاع بإسمه تحرك إليها بعد أن استغرق الأمر لحظات يراقب المشهد هو و ابن عمه بأعين دامعه هبط أرضاً بجانبها يفك أسر تلك القيود عنها و هى تصرخ بذاك الساكن فوقها بلا هوادة تطالعه بأعين متسعه بارتعاب بالغ :

– فهههههد !!!! فههههههد أرجوك اووعى .. تيمممم الحقه ارجووووك …

مجرد أن فك أسر يديها دفعتها إلى رأسه ترفعها و تطالع ملامحه الغارقة بدماءه ببكاء حار ثم تشبثت فجأة بقميصه الغارق بدمائه حين اتجه أفراد الأسعاف إليهم ليرفعوا جسده عنها لنقله إلى المشفى جذبها شقيقها إلى أحضانه يحاول إيقاف حركاتها الهستيريه و صرخاتها المتتالية أثناء مقاومتها إياه بعنف لفك أسرها أسرع إليها “نائل” يجثو بجانبها يقول بصوته الباكى :

– أسيف اهدي لااازم ننقله المستشفى عشان يلحقوه ..

صرخت بهم بكلمات غير مفهومه تتابع جسده الذى تسطح بسكون فوق الفراش المتحرك الصغير ، ثم بدأت تحاول الاستقامه بجسدها بإصرار غريب تقول بغضب :

– اوعااا ، عاوزه اركب معاااه اوعااااااا ….

 

 

 

لم يكن توقيت صائب للاندهاش فك “تيم” أسرها لتقف مهروله إلى السياره قبل إغلاقها تدلف إليها ثم تختفى داخلها معه ..

صمتت فجأة عن البكاء أخيراً و بعد ساعات متواصله من الإنهيار التام لدرجه جعلته يرتعب عليها ثم خرجت من أحضانه تنظر إلى كنزتها البيضاء الصغيره المُلطخه بدمائه و تلك الدموع تسيل من عينيها بلا توقف تهمس أخيراً بكلمات واضحه لشقيقها و ابن عمها الجالس بالمقعد الصغير بجانبها :

– مكنش قصدى مردش عليه ، لو كنت رديت مكنش حصله كده …. أنا السبب ياتيم ..

كان من الصعب تفسير كلماتها ببادئ الأمر خاصه حين أصبحت نبرتها خافته و صوتها مبحوح إثر تلك الصرخات المتتاليه و البكاء المرير ..

لم يفهم أحدهم كلماتها اللوامه المعاتبه لحالها حيث تعمدت تجلد ذاتها بكلمات واضحه تشير إلى حالها باتهام صريح لتتابع همسها قائله بخوف واضح تنتطق به عينيها قبل شفتيها :

-هيعيش ؟!!!

كتم “نائل” دمعاته و أشاح بوجهه بعيداً حتى لا تسوء حالتها ليحتضن أخيها وجهها و يهمس لها بقوه :

– ان شاء الله هيقوم متخافيش .. فهد مش ضعيف و الاسعاف قال نبضه كان متواجد لحد ما وصلوا بيه هنا و هنا اسعفوه على طول .. مش مهم يأخروا بس هيخرج عايش ، ربنا مش هيسيبه …

انطلقت الدموع و الشهقات مره أخري منها تستسلم لأحضان أخيها التى طوقتها بلوعه يربت علي جسدها و دموعه تسيل بهدوء تام يشير لإبن عمه بعينيه ناحيه الغرفه عله يستطيع أن يستقصى عن حالته خلف ذاك الباب المُغلق منذ وقت طويل …

استقام “نائل” بنفس اللحظات التى انفتح بها الباب على مصرعيه و التى أتت بها العمه و العم و الجد و الفتيات بهروله من نهايه الردهه و قد وصلهم الخبر منذ وقت قصير عن طريق وسائل الإعلام حيث أوقف “تيم” إحدى السيارات الأجره لتصل الفتيات إلى القصر مُعلنا أنه طرأ عمل هام و لم يظن أن الأمور سوف تصل لتلك البشاعه ..

 

 

 

خرجت من أحضان أخيها تهرع ناحيه الطبيب بأعين متسعه و جسد يرتجف لفت انتباه الطبيب على الفور ليردف بنبره هادئه عله يمتص رعبها الواضح :

– اطمنواا ، الحمدلله الرصاصتين بعيد تماماً عن الأعضاء الحيوية للجسم ..

لم تنتظر حديثه لتقول بنبره متلهفه باكيه :

-يعني عايش ؟!!

ابتسم لها ابتسامه قصيره يهز رأسه لهم بالإيجاب قائلاً :

– أيوه الحمدلله و كمان الرصاصه جت فى الكتف و التانيه كانت خربوش واضح ان اللى ضرب النار مكنش متمكن من السلاح الحمدلله ، بس للأسف الكسور اللى فى جسمه كتير و فى منهم هيحتاج علاج طبيعي فتره …

لم تستمع إلى ما تبقى من حديثه حيث سمحت الآن لجسدها الصغير بالأنهيار لتسقط مُغشياً عليها بأحضان أخيها الواقف يحتضنها بقوه متوقعاً منها ذلك لقد مرت بلحظات عصبيه لم تخلُ من البكاء و الشهقات و الرعب المُسيطر على جميع خلاياها …..

رمشت بعينيها عده مرات تعود إلى الواقع مره أخرى حيث تشعر برأسها ثقيل للغايه لا تتمكن من الاعتدال لتعقد حاجبيها بغضب طفيف و تلك المشاهد الأخيرة تندفع لذاكرتها واحده تلو الأخرى لتهمس بصوتها المتحشرج العالى نسبياً :

– فهد !! تيممم !!

شعرت بظل أخيها أخيراً يحجب عنها الرؤيه لتفتح رماديتيها جيداً تستوضح صورته المهزوزه و تقول بقلق :

-فهد !

تنهد “تيم” و هبط بجزعه مُقبلاً خصلاتها بحنو قائلاً بلطفه المعتاد معها :

– متقلقيش ياحبيبتي ريحى إحنا كلنا هنا معاه و هو لسه مفاقش !!

همست بأعين دامعه مُنهكه تردد كلمته بخوف :

– مفاقش ؟!! ازا..

قاطعها يربت على خصلاتها و يقول بحنو :

– لا يا قلبى أنتِ فهمتي إيه .. ده طبيعي الدكتور قال من المخدر و تأثير العملية عليه متقلقيش حالته مستقرة ..

عقدت حاجبيها و لأول مره ترمقه بعدم تصديق و اقتناع استوعبه على الفور ليبتسم لها قائلاً بلطف :

– عاوزه تشوفيه ؟!!

 

 

 

هزت رأسها بالإيجاب بتوتر طفيف بنظراتها ليبتسم لها قائلاً بلطف :

– حاضر أول الدكتور ما يدخل و يشوفك أوعدك هوديكِ هناك هو أصلا فى نفس الدور ده ، غمضى عينيكِ و ارتاحي شويه ياقلب أخوكِ و البنات هنا معاكِ …

نظرت حيث أشار برأسه كيف لم تلاحظ وقوف صديقتيها و ابنه عمها معهم إلى الآن تكاد تُجزم أنها بعالم آخر لأول مره تُريده بمحض إرادتها الكامله ، تريد أن تراه بل و تتلمسه حياً أمام عينيها ليطمئن فؤادها ، انسلت الدموع من مُقلتيها بإنهاك و مشهد أغلاقه لعينيه و ارتماء رأسه فوق صدرها يثم بثه بعقلها .. كلماته التى كانت بمثابة وداع تتكرر الآن بأذنيها أغمضت عينيها بإرهاق تشعر بيد صديقتها تربت على خصلاتها بلطف ثم تميل تهمس لها بكلمات مُطمئنه اعتادتها منها …

أظن أنكم أوهمتم أنفسكم أنى أحب العُزله و الوِحده المُفرطه لكن لا أخفى عليكم سراً ، كنت أنتظر .. كنت أريد يدك صديقى لتربت على ظهرى بحنو تخبرني أن كل شيئ على ما يرام و أن صمتى معبراً عما يجيش بصدرى المكلوم يكفيك صمتى و يكفينى مداواتك ليسكن قلبي بين أضلعى دون مجهود ، و سرت معك الأمور كما خُطط لها ….

#حصونه_المُهلكه
#شيماء_الجندى

-***-

ابتسم “نائل” يُزيل تلك الدمعه الشارده أثناء جلوسه بمفرده فور مغادره غرفه ابنه عمه المكلومه ، اتجه إلى الغرفه الخاصه بزوجها و ابن العم الذي أظهر بسالته بذاك الحادث المروع ، لقد كاد يُزهق روحه فداء لها و لشرفه ، طالما كان يراه رجل صارم أحب براءه ابنه العم ليس إلا لكنه أظهر للجميع مدى عمق مشاعره بتصرفات و ليس كلمات حب زائفة و وعود خائنة …

توقف عن الحركه حين أمسكت “روان” طرف قميصه تقول بتذمر واضح :

– إيه يابنى خطوتك سريعه كده و مش بترد علياا ..

دس يده بخصلاته بهدوء بتنهد بحرارة مُعتدلاً يكمل سيره و هى تجاوره يقول باعتذار :

– آسف مأخدتش بالى …

نظرت إليه بحزن بطرف عينيها ثم قالت بلطف و هى تلكزه بذراعه بخفه :

– مالك كده الحمدلله أنهم بخير شكلك نكد مش زي ما فكرتك ..

عقد حاجبيه و هو يحتفظ بملامحه الحزينه قائلاً بخشونه حيث لم يكن بمزاج جيد للممازحه :

– نكد ايه ابن عمى اتكسر و مراته بنت عمى منهارة المفروض اعمل ايه ..

اشعرها بالحرج لترفع خصلاتها الكثه القصيره خلف أذنها و تسير بصمت وتوتر ، وقف فجأة متأففاً يقول باعتذار :

– آسف مقصدش اتكلم كده بس و أنا متضايق بحب أكون لوحدي لأنى ببقي بايخ شويه ..

ابتسمت و قد تغيرت ملامحها فجأه تقول بمشاكسه :

– أنت بايخ على طول ..

رمقها بنظره متأففه ثم اعتدل يُكمل سيره قائلاً بغضب :

– أنا غلطان انى كلمتك …

 

 

 

ضحكت بخفوت و سارت بجانبه تقول بمزاح خفيف :

– خلاص بقاا متبقاش قماص كده هتعدي إن شاء الله و هيبقي تمام .. و بعدين على فكره مراته دي صاحبتي و أزعل عليها أكتر منك كمان …

زفر أنفاسه بارهاق ثم توقف أمام غرفه ابن عمه مباشره و قال بحزن :

– أنتِ مشوفتيش منظره و هو غرقان في دمه و مغطيها بجسمه ، و على حسب كلام واحد من رجاله الحيوان اللى اتمسكوا انه عمل كده لما فارس حاول يتحرش بيها و أخد الطلقتين بعدها ، احنا كلنا كنا فاكرينه ندمان و عاوز يصلح غلطه أو من براءتها محبش يخسرها لكن اللى حصل غير كل أفكارى عنه و خلاني أحس بالذنب ناحيه أفكاري كلها ، فهد غلط و كان محتاج فرصه تانيه مننا كلنا ، و رغم انه عارف إن كلنا هنتعاطف مع أسيف و نرفض رجوعها ليه استحمل الفتره اللى فاتت كلها عشان يعالجها ، و دي كمان فسرتها أنه عاوزها ليه و قولت يمكن عالجها عشان تحبه أو بيدور على أمه في براءه أسيف لكن حقيقي غير كل أفكارى و كان هيروح فيها أحنا لازم نضحى بنفسنا عشان ناخد فرص تانيه فى عقول الناس ؟!! فهد لو مكانش عمل كده كنت أنا هفضل بأفكاري عنه و تيم و كل العيله حتى أسيف … احنا بنبقي كلنا غلطات و نمسك فى اللى اتعرفت غلطاته كأننا ملايكه مش بنغلط حقيقى أنا حاسس بقرف من نفسى أوى ابن عمى كان بيصارع الموت و متخلاش عنها دفع تمن غلطه أبوه و أمه منكرش انى كنت متعاطف مع أسيف أكتر منه بس أنا اكتشفت أن اللى كان محتاج تعاطف هو فهد ، فهد اللى وقف قصاد نفسه و اعترف أنه مريض نفسى و محتاج علاج و راح و اتعالج و لما خلص علاجه كمان استلم علاج اللى حبها و استحمل نظرات مننا سخيفه و مني أنا نفسي فى البدايه ، استحمل معامله تيم اللى عمرى ما شوفته بيعاملها لحد ، استحمل رفض أسيف و كلامها و انفجارها فيه أكتر من مره ، و فى الآخر كان هيموت عشانها .. مش فهد اللى محتاج علاج نفوسنا هى اللى محتاجه علاج عشان مانشوفش غلطات الناس كده و أن كل واحد فينا محتاج فرصه تانيه احنا بنتعامل اننا إله بنبقي القاضي و الجلاد … كل اللى بص لفهد أنه ملهوش فرص كان غلطان فهد كان ممكن يرجع أسوأ من الأول من أول رفض ليه لكن هو حقيقى اشجع واحد فينا و أفضل مننا كلنا دلوقت ..

نحن بشر نُخطئ و نُصيب فأحذر نظراتك و همساتك أيها السيد المُبجل الحياة ليست عادله و ما تُعيبه اليوم بأحدهم يأتي إليك غداً مهرولا يرتمى بأحضانك لتكون محط الأعين و الأنظار …

#حصونه_المُهلكه
#شيماء_الجندى

صمت أخيراً يلتقط أنفاسه بعنف و قد حضرت أغلب أفراد العائلة التى كانت بطريقها إلى الابن المُصاب يراقبن الابن المرح بأنظار متسعه ، آخر ما كان يتوقعه أحد هو انفجاره بتلك الكلمات الصائبة الموزونه للغايه ، سار “تيم” ناحيته ثم توقف أمامه وهو يراقب تلك الدموع التي تسيل فوق ذقنه المشذبه بهدوء مناقض تماماً لحاله صاحبها ، احتضنه بقوة صامتاً و راح يربت على كتفه و خصلاته بحزم خفيف ظلا هكذا لحظات قبل أن يستقيم “تيم” معتدلاً يتجه إلى غرفه ابن عمه بدموعه الحبيسه …

راقبت “ندى” ما يحدث بملامح صامته فقط دموعها التى تهطل كانت خير جواب على ذاك الوجع داخلها ، اقتربت منها العمه تهمس لها بهدوء :

– ندي تعالي معايا الكافيتيريا نطلب قهوة أو حاجه نشربها ..

 

 

 

انصاعت لها بهدوء تام و انصرفت معها إلى هناك علها تهدأ قليلاً من تلك الصدمات المتتالية بالرغم من تواجد الفتيات معها و دعمها منذ تلقي الخبر و بالرغم من عدم معرفتها الجيده بهم إلا أنهن لم يتركاها للحظه سوى حين انصرفت مع العمه …

جلست العمه و ابنه أخيها يتناولن المشروب الساخن بارهاق واضح على ملامحهم لتعقد العمه حاجبيها حين وجدت شاب ثلاثينى يقترب من الجانب يلوح لابنه أخيها المصدومه لحظات و كان ماثل أمامهم يقول بصوت متوتر قليلاً :

– ندى !! أنا لسه شايف الأخبار ، كنت في ميتينج و كلنا اتصدمنا لما سمعنا ؟!! هو عامل ايه دلوقت ..

رمشت عده مرات ثم نظرت إلى عمتها التى تتساءل بنظراتها عن صله ذاك الرجل بها ! لتقول بتوتر طفيف :

– عمتو ده أكرم رسلان .. أكرم دى عمتو !!!

لاحت ابتسامه خفيفه ترحيبية بالضيف المفاجئ على وجه العمه ثم قالت فى حين تستقيم بجلستها بهدوء مرحبه به :

– أهلاً و سهلاً يابني ! اتفضل ارتاح أنا هروح أشوف مراد عدى على الحسابات ولا لسه ..

ثم غادرت متجاهله عن عمد نظرات ابنه الأخ الممانعة لتركها تنهدت “ندى” بحزن حين استمعت إلى رده المهذب على عمتها ثم تلبيه الدعوه و الجلوس ليقول فور جلوسه :

– ليه مابلغتنيش ياندى ؟! آسف إني جيت منغير مااستأذن بس أنا قلقت عليكم .. و عليكِ أنتِ تحديدا ..

حدقت به بصمت لحظات ثم سرعان مانفجرت مره أخرى ببكاء مرير جعله بحاله صدمه حيث يراها بتلك الحالة من الانهيار لأول مرة منذ أن تعرف عليها !!!

-***-

تركت “فرح” ابنه خالتها و اتجهت إليه فهو فور خروجه من عند ابن عمه بعد أوامر من الطبيب جلس أعلي المقعد أمام غرفه شقيقته بانهاك واضح !!

سارت عينيها العاشقه على ملامحه الرجوليه الحزينه المهمومه لينتقل إليها عدوى الحزن و تتجه إليه علي الفور تجاوره بجلسته تتطالع هيئته المشعثه تقول بهدوء :

– متقلقش هيبقي بخير .. الحمدلله الدكاتره كلهم قالوا حالته مستقره جدا و شويه و هيبدأ يفوق من المخدر !!

نظر إليها بحزن شديد ثم إلى قميصه الذى يحمل آثار دماء ابن العم إلى الآن ليُغمض عينيه يقول بوجع :

-مكنتش اتخيل انه ممكن يعمل كده ، نائل عنده حق أنا مقدرتش أنسى اللى عمله فى أسيف و مراعتش أبدا انه اتعالج بنفسه و انه كان مريض ، بس دى أسيف يافرح كنت هسامح ازاي بس ..

 

 

 

انسلت دمعات خائنة من مقلتيها لتمد يدها الصغيره إلى يده تحتضنها بحنو بالغ تهمس له بحزن :

– و هو استحمل عشان عارف أنك بتعمل كده حب فى أسيف يا تيم متحملش نفسك فوق طاقتها مش مهم اللى فات يا تيم أنت لسه فى ايدك فرصه تقوله أنك سامحته ربنا عمل كده عشان النفوس كلها تصفى و لأنه يستاهل فرصه تانى …

حدق بها بابتسامه هادئه وعينيه تسير على ملامحها بهدوء تام دفعها أن تنكس رأسها بخجل شديد و ابتسامه خفيفة ثم وقفت متوترة تقول بصوت مرتجف قليلاً :

– اناا هجيبلك قميص غير ده من الهدوم اللى جت و هدخل أشوف أسيف ..

ثم هربت مسرعه يتابعها بهدوء يهز رأسه بابتسامه صغيره لازمته بعض الوقت ..

كان “نائل” يتابع المشهد من بعيد ليهمس أخيراً و قد عادت إليه نبرته المازحه بعض الشيئ :

– يعني كان لازم ابن عمي يشوف الموت عشان بنت خالتك تخف تقل على الواد ؟!!

رفعت “روان” حاجبها الأيسر تقول باندهاش من تحوله فجأة فى حين أنها تخشى الحديث بجانبه منذ وقت حتى لا تُثير غضبه لينظر إليها باندهاش لصمتها يقول بابتسامه بشوش :

– مصدومه من الكلام صح .. اصل انا نسيت اقولك احنا عيله بنت كلب مجنونه كلها من أكبر واحد لأصغر واحد عشان كده حاولي تتعايشى معانا …

حدقت به بذهول و قالت بصدمه :

– أنت اكيد بتهزر ده أنت كنت بتعيط و منكد عليا بقالك ساعه …

رفع حاجبه يجيبها باندهاش :

– الله ماقولتلك عيلتنا بنت كلب أنتِ غاويه اشتم فيهم .. و بعدين تعالى هنا شاايفه بنت خالتك مظبطه الواد ازاى مش شايفانى قميصى معفن و ريحتى طلعت بقالي ساعه قصادك ..

اجابته بصدمه :

– مش فاهمه اعمل ايه و بعدين أنت ايه البرود ده قاعد تهزر و ابن عمك و بنت عمك فى الحاله دي ؟!!

نظر إليها بسخريه ثم قال يشيح برأسه :

– الله مش عيطت شويه و خلصنا ، و الواد حالته استقرت و طلعت اللى جوا قلبى ، ابشر على الواد و اكمل عياط ، دلوقت يصحى إن شاء الله فهد زى الزومبي حتى الرصاص مقتلوش ..

 

 

 

رفعت حاجبها تصيح به باستنكار :

– ياساتر بتحسد ابن عمك يااابني ادم و أنا اقول يعينى الواد بيحصل فيه كل ده ليه طلعت أنت اللى حاسده !!

أشار إلى نفسه باستنكار لكلماتها و قال بصدمه :

– انااا بحسده و هو ده حد يحسده ده فكراه ضحيه بجد ؟! ده بلطجييي … بقولك ايه أنا قايم اغير هدومى خليكِ أنتِ هنا عيطي يااختي …

-***-

مرت الساعات ثقيله على الجميع و كلا منهم بعالم حيث جلس العم و العمه بعد أن اصرا على صرف الجد إلى المنزل ليرتاح قليلاً و هما ينتاقشا بصوت خفيض هادئ يهمس مراد بحزن :

– و بعدين ياسمر شويه عيال و حياتهم باظت بالشكل ده حقيقي ما يفعله الآباء يدفع ثمنه الأبناء دايما …

أغمضت عينيها وهي تعود بجسدها للخلف تمسح دموعها بأناملها وتهمس له بصوت متحشرج :

– الله يرحمه أخوك موت مراته و دمر ابنه و بنته بعمايله و احنا غلطنا بسكوتنا كان لازم نتوقع أن قعده فهد مع أبوه و هو مريض هتخرجه أسوأ من كده ..

هز رأسه بالإيجاب بخزى يقول بحزن بالغ :

– و فهد كمان قوى على رأى نائل تخيلى لو كان أضعف من كده أو مش معترف بمرضه زى ندى و أبوه ، شوفتي تعبنا مع ندي إزاى ؟!!

أيدته تلوم حالها بحزن :

– أيوه ! كلنا غلطنا كان لازم نتعامل بحذر مع البنتين بس أحنا كنا شايفين ندى قويه و قولت أسيف دايما محتاجه دعم عنها .. كل الغلطات بتطلع من الأهل الأول يا مراد لو كنا نجحنا فى المساواة بين ندى و أسيف كانت ندى هتبقى سويه و أسيف كمان مكنتش هتبقي ضعيفه حمايه تيم الزياده ليها و خوفه عليها المبالغ فيه كان غلط كان لازم يعلمها مواجهة العالم و انه عالم سيئ براءه أسيف فيه غلط ..

تنهد يفرك وجهه بارهاق ثم حل رابطه عنقه يقول باختناق :

– عندك حق كلنا غلطنا و اللى دفع التمن كان هيروح مننا الحمدلله انها جت على قد كده نخرج من هنا على خير بس و كل أمورنا هتتحسن …

 

 

 

توقفت الكلمات على شفتيه حين لمح ابنه أخيه تفتح باب غرفتها و “فرح” تجاورها تُمسك ذراعها تحسُباً لأى شيئ ، رباه هل تلك جميلتهم !! لقد شحبت ملامحها و كأنها جسد بلا روح تسير بشرود ليقف متجهاً إليها على الفور يتبعه ابنه فور أن لاحظها ، احتضنها العم يسندها بهدوء و يهمس لها بلطف :

– أسيف أنتِ بخير ؟!!

لم تجيبه بينما راحت تطالع بعيونها من حولها تتفقد وجود شقيقها ليبتسم لها “نائل” مُشيراً إلى غرفه بنهايه الممر يقول :

– لو بتدورى على تيم هو فى أوضه فهد بقاله فتره ، بس لازم تستني شويه لأن الظابط لسه سائل عليكِ و محتاجين ياخدوا اقولك عشان اللى حصل ده ..

عقدت حاجبيها بحزن و عدم استيعاب ليبتسم لها بلطف قائلاً :

– طيب تعالى ندخلهم و بعدها ارجعى كده كده الظابط معاه مكالمه تقريباً …

هزت رأسها أخيراً بالإيجاب ليصطحبها عمه بهدوء إلى هناك بالفعل ..

دلفت إلى الغرفه بهدوء تغلق الباب خلفها استقام أخيها واقفاً حين رآها و اتجه إليها يراقب تعبيراتها الواجمه حين وقعت عينيها على جسده المُسطح بالفراش يتصل بالأجهزة و تلك الكدمات الناتجة عن ذاك العنف الذى تعرض له تغطى جميع أنحاء ما ظهر من جزعه العلوى و ملامحه هبطت دموعها على الفور تسير نحوه بخطوات متوتره و سيطرت عليها حاله من عدم التصديق لقد كان يقف أمامها صباحاً يمارس طقوس مشاكسته لها كيف يصل بهم الأمر لهكذا ؟!

وصلت أخيراً إليه لتسمع صوت إغلاق الباب بهدوء من الواضح أن أخيها ترك لها مساحه من الخصوصية معه !

استمعت إلى همس خفيف صادر عن شفتيه لتتسع عينيها حين وجدته يرسم ابتسامه مرهقه على وجهه المليئ بالكدمات يهمس مره أخرى بصوته المتحشرج مما جعلها تهبط على الفور لمستوي رأسه تضع أذنها بجانب شفتيه ليكرر كلماته المازحه :

– بتعيطى ليه يابيبى لسه عايش ..

اندفعت الدموع من مقلتيها و تلك الابتسامه ترتسم على شفتيها لتحيط وجهه بحذر و لطف بكفيها الصغيرين و تحاول السيطره على أنفاسها المتهدجه بصعوبه تلصق جبينها بجبينه بخفه تحدق لحظات برماديتيه المُنهكه هامسه أمام شفتيه بسعادة يخالطها بكاء عدم التصديق :

– حمدلله على السلامه ياقلب البيبى !!!

 

 

 

لم تُعطيه فرصه لاستيعاب ما قالته للتو فى حين أنه يحاول من الأساس استيعاب عودته للحياه مره أخرى هو أفاق منذ قليل و تحدث قليلاً إلي ابن عمه الذى لأول مره يمدح صنيعه و يثنى عليه بكلمات لم يستعب أغلبها بسبب حالته لكن ما اشعره بالصدمه حقاً حين هبطت بشفتيها تلتهم شفتيه بخجل بالغ استشعره منها جيداً و ذلك دفعه للتبسم لاعناً تلك الجروح و القيود التى تمنعه عن دسها بأحضانه و هى تداهمه بشفتيها البريئه المتوترة لأول مرة ثم دست وجهها بخجل بالغ بعنقه .. صدمته بل كانت أشد الصدمات عليه تلك الفعله الجريئة من فتاته البريئة !!!!!

لكل منا حصونه المُهلِكه التي يصنعها بنا أحدهم بكلمه .. ذكري .. موقف لا يُنسى و لا يُغتفر تلك الحصون قد تهوى بنا من قمه الهاويه إن لم نضع لها حداً و نتركها تقود مشاعرنا و أفكارنا بلا هوادة و الهلاك الحقيقي يحدث حين تدفعنا تلك الحصون أحياناً لأفعال لا تمُت لأخلاقنا بِصِلة ، و لكل منا رفيق درب يهدم تلك الحصون ليُعيد تأهيل قلوبنا المُنهكه و أرواحنا الغارقه … فهنيئاً لمن قابل الرفيق و هنيئاً لمن صنع رفيقه من بقايا تلك الحصون المُهلكه !!!!

تمت

لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية حصونه المهلكه)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *