روايات

رواية أترصد عشقك الفصل الخمسون 50 بقلم ميار عبدالله

رواية أترصد عشقك الفصل الخمسون 50 بقلم ميار عبدالله
رواية أترصد عشقك البارت الخمسون
رواية أترصد عشقك الجزء الخمسون
أترصد عشقك
أترصد عشقك

رواية أترصد عشقك الحلقة الخمسون

وهل تظنين أن البُعد يقتلني ؟
وأنّ قلبي لا يقواكِ منفردا ؟
أنا التلاشي واللاّشيء فانتبهِي
أنا الوجود، وكل الناس لا أحدا.
” مقـتـبـسـة”
ما ظنك إن رأيتك مع رجل غيري؟
أغار؟!
تحلمين… ما خلقت امرأة تدفعني لأقع أسفل قدميها
وإن كان أسفل قدميها جنة الحياة.. فأفضل الموت وألا أرمي بكبريائي تحت قبضتك.
عينيها الدباحتين تلمعان بمكر وشراسة أنثى تعلم كيف تضرب الأوتار الحساسة في أي جسد رجل، بنصرها الأيمن المزين بخاتم ذهبي سينزعه ويدسه في حلقها كي تكف عن تلك الابتسامة اللزجة .. ابتسامة انثى تظن أنها تمتلك مقاليد رجل
او سعيدة هانئة لانها جعلت من رجل صياد حر وضعته في قفص ذهبي مبهر فى بداية الأمر
لكن الحمقاء .. لا تدرك أي هاوية أسقطت نفسها به
اقترب منها وكلتا يديه خلف ظهره، يمنع بكافة الوسائل الا يتم استفزازه علي يديها ليقول بنبرة جافة
-سمعت انك انخطبتي
لفت خصلة من شعرها وهي تنظر الى والدتها بإبتسامة من الاذن للاذن، كبلهاء ومخبولة خرجت من مشفى المجانين لتقول بكل برود واستفزاز
-وفيها مشكلة؟
مال برأسه وهو يشيح برأسه بنفي ولا مبالاة مذهلة يكاد يصفق بكلتا يديه على براعته وإتقانه لاخفاء ما يتلظى في دواخله من افكار بشعة وشنيعة سيكون أكثر من مرحب لتلبيتها واولي ضحاياه .. تلك الشقراء ابنة خالته
-لا مشكلة ولا هم يحزنون ،كنت حابب باركلك بس طالما ماكلفتي حالك وعزمتيني فبتحلمي باركلك
فغرت شفتيها بصدمة لثواني قبل ان تنفجر فى وصلة ضحك مغناجة، اسودت ملامحه قتامة
وشي داخلي.. اللعنة، شياطين معربدة داخل قفص حديدي يتمردون باحثين عن الخروج
وهو لأخر لحظة يحاول أن لا يمد يده ليدق عنق تلك الشقراء، فهي بالنهاية ابنة خالته
تلك الشقراء، الافعي، الملونة، الجميلة.. الجميلة جدااااا، لقد فتن بضحكتها
ألقي نظرة سريعة لشقيقه الذي رآه ينسحب بهدوء من المجلس، لينظر إلى تلك اللعينة الساحرة وهي تحاول كتم ضحكتها بكف يدها لتلهث قائلة من فرط ضحكاتها
– -ده عامل حسابه انه هزعمه، حقيقي تبقي وفرت عليا، ومتستناش دعوة كتب الكتاب علي العيد
اختفي الهزل المتبقي من ملامح وجهه ليعقد ساعديه على صدره وهو يميل برأسه يتأمل فستانها الملون ذات الشرائط الرفيعة، يميل كل مرة فى اقل حركة ليسقط باغراء من على كتفها، لتتسع عيناه بإدراك… هل ترتدي تلك الأشياء السخيفة امامه؟!!!
سألها بتهكم وهو يكظم غيظه
– كتب كتاب؟!!.. اوووف اوووف بهالسرعة واثقة فيو
تنحنحت عايشة تلك المرة وهي تجذب ساعد ابنها قائلة بنبرة محذرة
-غسان
ربت علي ظهر والدته وهو يبتسم بسماجة قائلا بنبرة خبيثة
-يا امي ياروحي لازم افهم هي لي مستعجلة كتير عالزواج ولا في ان بالموضوع….
صفعة ساخنة زينت خده الايسر ولم يستطيع أن ينهي جملته ليرفع عينيه ليقابل النيران المتقدة في عينيها وهي ترفع اصبع سبابتها فى وجهه لتهدر فى وجهه وملامح وجهها يشي بالتقزز والنفور
-انت واحد حقير وقليل الادب ومتربتش
التفت تجاه خالتها لتهمس باعتذار، لكن لم تنسي ان ترميه بنظرات قاتلة تتمنى لو اردته قتيلا أسفل قدميها
– انا اسفه يا خالتي، بس واضح اللي بتقولي عليه اخوكي الكبير ده للأسف طلع مش راجل
بصقت آخر جملتها وهي تنظر اليه بسخرية معجونة ببغض شديد لتلتفت مغادرة مع تعالي صياحه الخشن حينما أفاق من صدمته
– تعي لهون مين هاد يلي مو رجال
هم أن يسبها بأفظع الشتائم الايطالية التي تعلمها من صديقه، بل وجذبها من خصلات شعرها الحرة الطليقة ويقصه، أفكار سادية لعينة تغشي عينيه ولم يلاحظ خالته التي دمدمت بسخط
-ااااخ منك نزلت من عيني يا ابن عايشة ،لقوم امشي احسن ما اسمع كلام بسم البدن مرة تانية
استغفر الله سريعا، ولكن ثأره لم ينساه من تلك اللعينة الشقراء، سياخذه منها
اقترب من خالته وهو يقول بنبرة بها اعتذار صادق نحوها فقط، لكنه ليس أسفا على ما قاله لابنتها
-خالتو بالله عليكي روووقي شوي وحق الله ماقصدي بس بنتك استفزتني
زمجرت خالته بعصبية لتعقد ذراعيها على صدرها وهي تهدر فى وجهه بحدة
-لك هاد حكي بتحكيه لبنت خالتك يا منظوم!!
عض على نواجذه وهو لا يصدق ان خالته تعامله كطفل صغير لم يتجاوز العاشرة، سبها فى سره عشر مرات وهو يعتذر لخالته ويميل ليقبل جبهتها الا انها سارعت بدفعه بحدة معبرة عن استيائها وحزنها لمعاملته القاسية لابنتها الوحيدة
-انا اسف، خليكي ئاعدة وانا رايح راضيها وجيبا
رفعت رأسها بحدة لتنظر اليه وعلامات الرفض تلوح فى الافق، لتجيبه بكل صراحة
– لأ
ابتسمت عايشه وهي تجذب ساعد شقيقتها، لتنظر الي ابنها بتحذير، تشترط عليه ان يكون متريثا صبورا وهو فقط يهز رأسه لتبتسم وهي تعطيه الاشارة الخضراء لتقول لشقيقتها
-اتركيه، خليه يصالحا، هو غلط و رح يصلح غلطه
اعترضت خديجة قائلة برفض
-بس
قطعت عبارتها حينما وجدته كالقذيفة اندفع خارج الباب، همت بأن تلحقه، تخشى أي صدام مع ابنتها وهي التي توقعت ان يكون اكثر تعقلا وهدوئها كأخيه، لكن يبدو أنه ورث العند والتهور والمكابرة فقط، رفعت عيناها تجاه شقيقتها وهي لا تعلم متى ينتهي هذه الدوامة؟!
تعترف ان ابنتها لا تطيق رؤية وجهه، وهو لا يدخر وقتا ليجعلها تغير رأيها به
لقد ظننت في بادئ الأمر هناك شرارة، لكن كذبت حالها .. لكن أفعال ابن شقيقتها يزيد كراهية في قلب ابنتها
غمغمت عايشه بهدوء وهي تربت علي ظهرها، تهدأ من دوامات عقلها
-لا تخافي ابني وبعرفه
يركض خلفها محاولا ان يسبقها ويأخذ بثأره، صاح بصوت جهوري
-انتي يا بننتي
راها تستدير للخلف تنظر اليه شرزا لتتابع طريقها وهي ترغي وتزبد، تقسم انها لو استطاعت لقتله لفعلتها دون أن يرمش لها جفن، لكن أتضيع مستقبلها من أجل هذا النكرة!!!
صاح صوته الجهوري كنعاق غراب بدد من سكون الطبيعة لتتطاير العصافير من عشها
-انتي يا مرا
توقفت قدميها عن التحرك لتستدير إليه وقد تفاجأت من مدى قربه، لكن لم تعر الأمر انتباه، لترفع يدها بتهور قائلة بتحذير
-متقولش مرا عشان مديش اللي في رجلي على نافوخك
استبد معالم الهدوء إلى جنون وهو يرى تساقط كلتا حمالتيها، عينيه تركزت على شئ من المفترض أن يغض بصره عنه، لكن اللعنة هذا لم يزيده سوي جنونا… امسك عضدها بقوة المتها وهو يلتفت يمينا ويسارا باحثا عن مكان منعزل يلجأ إليه… اقترب من جذع شجرة ليدفعها بعنف جعلها تخرج صراخ مؤلم ويدها تمسك بظهرها إرادات الصراخ فى وجهه إلا أنها بهتت حينما هدر فى وجهها بتهديد
-فكري تعمليها بس تفكير وحق الله ساعتا لاكسرلك ياها فهمانة
انتفخت أوداجها غيظا وكمدا، والحنق يتملكها … الاحمق ماذا يظن نفسه؟
هل هو ابيها؟ اخيها؟ … عضت باطن خدها بقهر لتنتبه لانزلاق الحمالتين حينما انتبهت الي نظرات عينيه الحانقتين، تلونت وجنتيها خجلا وتملكها الغضب كونه لم ينبهها
الأحمق هل ظل ينظر الي صدرها كل تلك الفترة؟!!!
الغبي سيظن أنها ارتدت الفستان خصيصا محاولة التغرر بشقيقه، مظهره كافة انوثتها، تعلم الأحمق وتفكيره العقيم مثله، أعادت ترتيب هيئتها وهي تهتف بغضب
-انت متوحش و وقح وقليل الادب، و..
شهقت بذعر حينما مال بجسده منها، مالت بوجهها كي لا تلتقط رائحة فمه، حقا ستموت ان كانت رائحته كريهه، اهتز بدنها حينما دنا بالقرب من اذنها ليهمس بهدوء ثعبان يغري الفريسة بجلده الناعم
-وحيوان
رفرفت بأهدابها عدة مرات محاولة ان تسيطر علي تلك الرعشة التي اصابتها من قربه، رفعت رأسها لتنظر اليه من طرف عينيها لتهمس بغلظة
-الحيوانات ارحم منك يا خي، انت كابوس في حياتي
ابتسم غسان ببشاشة وهو ينظر اليها كنظرة ثعلب يعلم صيده الثمين؟
اللعنة هل انتهى بها الأمر كونها هي الفريسة؟
شحب الدم من وجهها وهي تبتعد عنه عدة خطوات تحاول أن تأمن مكره، وللحق يقال لم يحاول أن يقترب منها او يلامسها تعمدا كي لا …؟!
لا يعلم كي لا ماذا؟
كي لا يضعف؟
فبالنهاية هي امرأة وهو رجل … امرأة أمامه تعرض بسخاء شديد عن نعيم جسد يشتهي إليه عابد لتندس طهره
حاول أن يخرج أفكاره من طور هذا الجنون، منذ متى يفكر فى هذا الأمر مع انثي؟ بل هي بالاخص!!! علاقاته السابقة مجرد عبث واضح وهزلي، لا يقترب بأي شئ من المحرمات
مجرد لقاءات اولي ولا يكررها للمرة الثانية، صاح بحدة وهو يراها تحاول ان تهرب من المكان في أسرع وقت، كأنه سيفترسها !! هل تراه أسد وهي غزال برية تثير جوعه؟!
-خلصنا ولوو تعي لهون بقا
رفعت بيسان عينيها الدباحتين بحذر، لتضم كلتا ذراعيها على صدرها ولا ينسى النفور الذي ترشقه بسهام عينيها ليغمغم بجفاء
-لهالدرجة دايئتك بكلامي؟
صاحت بنفاذ صبر وهي لا تصدق ان هذا الجلف، عديم الشعور والإحساس، يمر بالكلمة مرور الكرام دون أن يشعر بالأسف
– ترضي حد يقول علي مراتك ست الحسن والجمال المستقبلية حد يقول عنها بكلمة وحشة
أجابها ببرود وهو يضم يديه في جيب بنطاله الرياضي
-مارح اتزوج ريحي حالك
رفعت رأسها للسماء بسخط، لترفع كلتا ذراعيها مناجية ثم تلتفت اليه بعيون قاتلة، تنهدت بحرارة لتقول
-انا تعبت
ثم تابعت بانفعال وهي تقترب منه مشيرة باصبع السبابة في وجهه جعله ينظر اليها ببرود منتظرا ان تنهي عرضها المسرحي الخاص
-تعبت منك حقيقي، مش عارفة واخد مني من اول مرة جانب عداوة ليه، افتكرت لما يكون عندي ولاد خالة يعني هلاقي اخ سند فى ضهري
كالصاعقة ضربته كلمة “أخ” في سمائه، لم يشعر أن الكلمة مستساغة وخاصة منها
لا يمكن أن يصبح اخيها، اللعنة لقد كان منذ قليل يفترسها بانوثتها التي انتبه لها منذ قليل من بين شجارهم
لم يتوقع ان تروقه، تفصد العرق على جبينه من منحني أفكاره الخطير ليجز على اسنانه وهو يقول بحدة قاطعا
-لا انت اكيد انجنيييتي ،خوات يخوتك الهي انا ماني اخوووكي فهمانة
عقدت جبينها بريبة وهي تري ملامحه المتحفزة، بل حمرة بشرته التي تشي بغضبه، اضطربت للحظة وهي ترى العرق النابض على فوديه ينضح بقوة لترفع ذراعيها باستسلام قائلة
-اسمع يا بني آدم، نزار علاقتي معاه مش لطيفة عشان اعتبره زي اخ ليا بعد اللي حصل، مفيش غيرك انت
وتعيد له كلمة أخ
هل هي مخبولة؟ أم جنت؟ ألم تراه إلى ماذا كان ينظر؟ لقد كان يتحرش بها وهي تخبره أن يكون أخيها
عاد ينظر مرة أخرى إليهما بالتحديد وهو يخبرها بنبرة قاطعة
-انت سخنة شي عقلك فيو شي يامجنونة انهبلتي يعني ،انا وانت موووو اخوات
راقب تساقط إحدى حمالتيها ليراها بكل هدوء تعيدها فى موضعها وهي تبتسم بانشراح قائلة غير منتبه إلى عينيه النهمتين
-ما انا لا بطيقك وانت كذلك نفس الشعور .. حاول تبقي لطيف معايا بلاش اخوة لو مضايقاك اعتبرني قريبة ليك
هز برأسه مستحسنا أنها قررت أن تلغي فكرة الأخوة بينهما ليقول برضا
-امممممم قريبة مبلوعة اما انو اخوات مستحييييل
ابتسمت وابتسامتها كانت خطرة
لا يجب على امرأة تمتلك كل هذه الفتنة أن تبتسم
اناملها تعيد تهذيب خصلات شعرها، وحملات فستانها تتساقط فى كل دقيقتين إحداهما شمالا والاخري يسارا
والحمقاء
الغبية
تعيد وضعهما بهدوء كما لو انها فى غرفة نومها وليس بأحد جوارها، رأها تقترب منه تنظر اليه بنظرة عيني جرو كسيد
يرغب أن يلبي طلبه لتقول
-صالحني
ضيق ما بين حاجبيه وهو يحدق بها بحيرة، تلك الابتسامة ويديها التي تفركها ببطء جعله يهمس باستنكار
-صالحك؟!!!وكيف يا ست الحسن
الكلمة خرجت منه تلقائيا، جعل بيسان تتسع عيناها ذهولا ثم اتسعت ابتسامتها أكثر وهي تراه للمرة الأولى يخبرها بكلمة غزلية
الأحمق بدأ يراها كالرجال الاخرون، انثى ناعمة، مشبعة بالدلال والاغراء دون تصنع لتعيد طلبها يهمس ابح
-اعتذر يا غسان وانا هسامحك
وعينيه النهمتين لا تترك أي انش في جسدها دون أن يستبيح رؤيته، ان كانت الحمقاء تعطي عرضا لمئات الرجال
فجحا أولى بلحم ثوره، قال مغمغما بجفاء
-انا بعمري بحياتي ما اعتذرت
تيبست البسمة علي شفتيها، بل قتلت لتنظر اليه بحنق ونيران تحرق هذا الأحمق من مجلسه لتدمدم ساخطة
-انت مفيش فايدة منك، ابعد بقي
امسكها من زندها بقوة لم يقصدها، بل لنفسه كي لا يتحرش بها جسديا وقد بدأت الساحرة تتحول لأميرة في عينيه ليقول بابتسامة متكلفة
-خلص خلص روقي ولو عم نمزح شبنا
نظرت الي كف يده الضخم علي زندها لتنظر اليه بسخط قائلة
-شيل ايدك، انت فاكرها وكالة من غير بواب عشان تمسكها وقت ما تعجبك
نزع يده عنها قائلا وهو يرفع كلتا يديه باستسلام حرب
-اسف يا ست الحسن منيح هيك
تكراره لكلمة “ست الحسن” جعلها تجفل ظنته المرة الاولي ينطقها ساخرا، لكنها ابتسمت… اتسعت ابتسامتها جنونا وهي تقترب لتضع إصبع السبابة على صدره قائلة
-مش مسمحاك للاسف
ثار البركان في داخله ليقذف حممه اللاهبة من أقل لمسة وإن كانت ازدراء منها لصدره
اللعنة
ماذا يفكر هو؟!!
راها تنطلق مبتعدة عنه ولثواني يحاول أن يفهم هل كانت تلقيه في شباكها؟
تلك الساحرة اللعينة سيقتلها يوما، انفجر هادرا بصوت جهوري
-تعي ولي مجنونة
التفتت اليه وضحكاتها تسبقها لتجيبه بغمزة ماكرة
كانت قتيلته
-انسي، فاكر نفسك اتجنيت عشان اصاحبك ولا ايه، ده انت متشرفنيش
زمجر بغضب وهو يرى تلك الحماقة اللعينة تتساقط لتعيد وضعها بكل بساطة
ضم قبضة يده كي لا يلكم وجهها وهو يصرخ بغضب
– وحياتك موتك عايدي
شهقت بحدة وهي تضم شفتيها لبرهة قبل أن تهمس بصوت مغناج
– علي ايد حبيب قلبي اللي خطبني مش بايدك انت يا متوحش
سيقتلها ويقتل ذلك الجرذ الآخر
سيقتلهما معا، بعد ان يتفنن بتعذيبهما ليغمغم بنبرة كريهة
-وحق الله لاقتلك انت والحيوان خطيبك
ازداد صدى ضحكاتها صخبا في أذنيه وهي تظنها مزحة من مزحاته ثقيلة الظل لتغمز بمكر
-بعد الشر عنه يا متوحش، هلحق اقابله بقي اتصرف مع خالتو واعتذرلها
لكن الوعيد في صوته كان حقيقيا
سيقتلهما الاثنان معًا!!
الأول لأنه تجرأ على أخذ شئ ليس ملك له
والثانية لأنها تحتاج إلي اعادة تربية وسيكون أكثر من ملبي لهذا الأمر!!
*****
في حي عاصي،،
اصطفت سيارة وجد إمام الحي وترجلت من السيارة كي تسرع فى تلبية واجبها الإنساني المكلفة بها تحت اشراف توحة، لطالما حاولت تحية ثنيها عن ما تقوم به خصيصا ان تهتم بجلب مستلزماتها الشخصية لزفافها الوشيك، لكن لم تقدر أن تترك الحي وهي تري الحي مزين بالكامل بزينة رمضان، صوت القرآن يصدح من محلات البقالة والجميع يعمل على قدم وساق فى تجهيز لمأدبة الإفطار، كما أخبرها عاصي أن مأدبتهم من أكثر المآدب شهرة في الأحياء المجاورة، القت نظرة سريعة تجاه جيهان التي أتت بصحبتها لأول مرة تحت الحاح وسيم لإبعادها عن عمتهما التي لا تتقبلها نتيجة ما قامت به من رفض علني لأول مرة تقدم لها، ومن ناحية أخرى اصطحبت آسيا التي رأتها تحاول التحجج بأي شئ لعدم حضورها فى افطار اول يوم فى قصر المالكي، أصر جدها على حضور جميع العائلة من ضمنهم جيهان التي ستصبح زوجة حفيده!!
تحركت بحرية ملقية السلام علي هيما الذي كان يساعد جارة طاعنة في حمل مشترياتها عنها، ومن خلفهما جيهان التي تلتقط عدة صور ثم تنشرها علي صفحتها الخاصة، اما اسيا فكانت تنظر ببرود شديد وهي ترى أن طائفة من الرجال انجذبوا نحوها، رغم أنها ارتدت طقم كلاسيكي بسيط تحت إصرار وجد، زفرت بحدة وهي تكاد تهب بغضبها تحرق الجميع
نظرات الرجال التي كانت تثير غرورها سابقا، لم تعد تثيرها مطلقا ولا تهدف حتي لتصبح تحت بؤرة تفحصهم واثارة غرائزهم.. تعلمت بقدر ما تغير علي زوجك .. بقدر ما تراعي هي مشاعره
ربما يظهر انه بارد المشاعر، لكن ما يمس رجولته وهي يتحول الكتلة الصخر إلى جمر متقد، عقدت حاجبيها بريبة وهي تنزع نظارتها من عينيها لترى حي بسيط ليس راقي، لكن يعج بالناس من كافة الأنحاء، نظرت بحيرة تجاه وجد التي تلقي سلام عابر للجميع
ابتسمت آسيا وهي تجد بعض من اطفال الحي يلقون تحية مهذبة مصاحب بلفظ “أبلة وجد” انفجرت وقتها ضاحكة وهي تنظر الي وجد بشقاوة لتزم شفتيها تجاهها بحدة قبل أن تتابع طريقها لتصل إلى مكان أشبه بمتجر يوجد عديد من النساء يعبؤون صناديق تحتوي على زيت وسكر وارز والخ
ابتسمت وجد وهي تقترب من اسماء التي ترتدي عباءة سوداء بدت مختلفة عما اعتادته من سراويل فضفاضة رياضية وكنزات رياضية، قالت بنبرة ناعمة يزيد من رفع ثقتها ا
-رمضان كريم
اجابتها اسماء وهي تقف على قرب من جارتها المتطوعة للعمل فى تعبئة صناديق رمضان، التي توزع للمناطق والاحياء الأشد فقرا … ربما توحة هي المشرفة على العمل الخيري، لكن كل عام تزداد المؤسسات الخيرية للمساهمة في العمل غير أن نساء الحي هن من يشاركن فى تعبئة الصناديق
– الله اكرم، شدي حيلك شوية عايزين نخلص النهاردة ونوزع الكراتين يا وجد
اومأت رأسها بتفهم وهي تشير خلفها نحو جيهان واسيا
-علشان كدا جيت متطوعتين معايا
رفعت آسيا عينيها تنظر نحو جيهان واسيا، لتتسع عيناها جحوظا ويتدلى فكها وهي تجد امرأتين لا تراهما سوي علي التلفاز ومجلات الموضة، وضعت يدها على صدرها لتشهق بجزع
-يالهوي
عقدت حاجبي جيهان بريبة وآسيا تنظر ببرود تجاهها لتقول وجد بتساؤل
-فيه ايه؟
اقتربت اسماء من صاحبة العينين الزرقاوين وهي تنظر الي ثوبها الفاضح، ظلت تضرب علي صدرها عدة مرات وهي تسألها بحدة مصاحب بشهقة مذعورة
-انتي دخلتي كدا ازاي، دي توحة تعمل مشنقة هنا
نظرت اسيا الى ثوبها الذي ينتهي طوله إلى ما بعد ركبتيها، يلتصق بحنايا جسدها دون إسراف وتكلف كما تراه هي، لكن من منظور اسماء تراه لا يصلح أن يخرج من غرفة النوم، سألتها آسيا ببرود
-فيه ايه
رفعت اسماء عينيها لتلاحظ بعض الشباب المنحرفين المعروفين بالحي، يلتصقون علي الباب، صاحت بحدة تجاه المراة القريبة تجاه الباب
-اقفلي الاوضة يا سعاد
هزت سعاد راسها ايجابا متفادية شجار مع اسماء، لتسارع بإغلاق باب المتجر لتلتفت اسماء بحدة تجاهها قائلة بامتعاض
-انتي لابسة ولا قالعة ولا ايه نظامك
شهقت آسيا بحدة، وهي تنظر إلى المرأة عديمة الذوق لتهدر فى وجهها
-لمي لسانك يا ولية، ايه اللي قالعة دي، انتي عارفة جيباها من اي براند
رفعت جيهان هاتفها وهي تبدأ بتصوير المشهد الذي يزداد سخونة، لتلكزها وجد بحدة تأمرها بغلق هاتفها، إلا أنها لم تلتفت لها حينما صاحت أسماء بحدة
-براند ايه جتك خيبة، انتي ازاي جيباها كدا يا وجد
عضت وجد على شفتها السفلى وهي تحاول تهدئة الأوضاع لتقول بحرج
-اصريت والله، بس هي دماغها ناشفة
نظرت آسيا باستنكار تجاه ضعف وجد بل تبرير وجد لتلك المرأة العنيفة، لتهز اسماء رأسها قائلة بنبرة جافة
-روحي علي شغلك وخديلك القمورة دي معاكي
اشاحت آسيا يدها بحدة لتقول بتجهم
-شيفاني بسكوت هيتكسر، ايه قمورة دي!! متعدلي لسانك يا حلوة
عقدت اسماء حاجبيها بريبة، وهي تري انفعال المرأة تجاه ما قالته، تتمني تلك اللحظة لو تراها توحة، حتما ستشمت بها حتي اخر اليوم لتقول بتساؤل
– جيباهم منين دول
ابتسمت وجد ببساطة وهي تجيبها معرفة على كلتا المرأتين
-دي اختي ودي خطيبة ابن عمي
انفتح الباب بحدة لترفع اسماء عينيها وهي تجد تحية تدخل المكان قائلة بانزعاج
– قافلة الباب ليه يا أسماء، اللهم اني صائم .. لا حول ولا قوة الا بالله
برمت تحية شفتيها وهي تري امرأة بملابس لا تصح أن ترتديها المرأة خارج منزلها، لتبتسم اسماء بشماتة قائلة
– ست توحة جت، الفضيحة بجلاجل
سبحت فى مسبحتها وهي تشيح بوجهها بعيدة عنها، لتغمغم بصوت هادئ
-بت يا اسماء اطلعي هاتي عباية نستر بيها الانسة
هل جاءت إلى هنا لكي يستهزءوا بها؟!، التفتت نحو وجد بحدة لتبتسم وجد بحرج وهي تكتفي باعتذار صامت من عينيها، لقد اخبرتها ان تحية تمثل لها قيمة كبيرة وان بدر منها ما لا يعجبها عليها أن تصمت، زفرت بحدة وهي تنظر تجاه المرأة العجوز بعبائتها الثمينة مقارنة بالعمالات واولهم تلك عديمة الذوق، لتتعامل بأنفة
-مدام بعد اذنك، بعدين مش عايزة عبايات انا مش محتاجة
لوت تحية شفتيها وهي تضغط علي المسلحة بعنف كي لا تدق عنق تلك المغرورة لتقول بجفاء
– احنا هنكسر صيامنا عليكي يعني!!، اداري في اي حتة المكان بيجي رجالة كتير هنا مش ناقصين في بداية رمضان نعمل ذنوب
صعقت آسيا مما تقوله العجوز، لتنفجر جيهان ضاحكة وهي ما زالت تسجل بهاتفها لتزمجر آسيا بعصبية تجاه وجد
– عجبك التهزيقة دي؟
اقتربت وجد منها وهي تشعر بالحرج الشديد لتميل هامسة في أذنها
-انا اصريت انك تغيري لبسك، بس انتي اللي رفضتي
صاحت تحية بحدة حالما رأت ان ما يعرض أثار انتباه النساء ليتوقفن عن العمل
– روحوا شوفوا شغلكم يلا، مش قاعدين في مصطبة احنا
اقتربت جيهان تهمس في اذن وجد بمشاكسة تجاه آسيا التي تستشيط غضبا
– حماتك دي من نوعي المفضل علي فكرا
كشرت وجد عن ملامحها الناعمة لتقول بانزعاج
– مش هنقسمها هي مش تورتة
اتسعت عينا جيهان بتفاجئ ولم تتوقع من تلك الناعمة ابدا رد كهذا، لتصفق بكلتا يديها قائلة
-لا واضح التغير بان فيكي يا بنت المالكي
نحنحة رجولية اقتحمت أجواء المكان، لتتعلق عينا وجد لا اراديا تجاه زوجها
غرقت فورا فى تفاصيل وجهه و عينيه التي لا يستطيع أن يشيح عنها سوي كل دقيقتين
-سلام عليكم
تلاعبت جيهان بكلتا حاجبيها وهي تغمغم بمكر
-الله ده الجو ملحقش يبعد اول ما سمع خبر انك جيتي
لكزتها وجد لتغمغم بحدة
-يابنتي انتي مش صايمة
لفت جيهان خصلة من شعرها لتقول بهمس
-للأسف كان نفسي، بس الظروف النسائية مسمحتش اصوم
مالت جيهان بنظرة تقييمية تجاه ما ترتديه وجد من عباءة مفتوحة لتقول بهمس ماكر
– وانا اقول لابسة عباية مفتوحة وشغل نسوان بتلف على رقبة رجالة
هزت وجد رأسها بيأس وهي تبتعد عن تلك الكارثة، تفاجئت بتحية تمسك ذراع اسيا خارجتان من المتجر، اقتربت من أسماء قائلة
– اسماء
عضت وجد على شفتها السفلى بقلق حقيقي، لتسألها
-تفتكري توحة هتقتل آسيا
نظرت أسماء نحو اثرهما لتلتفت إليها هامسة
-مش هتطلعها غير بعد الفطار
اتسعت عينا وجد بتفاجئ لتهز رأسها بنفي وهي تخرج هاتفها لتتصل بها
-لا بعد فطار ايه، ده جدو يقتلنا
هزت جيهان راسها بملل وهي تراقب الأجواء بهدوء، تفضل صخب مكان علي هدوء منزلهما بعد ان اعلن والدهما قطيعة خفيفة مع شادية التي بدأت تتصرف بغرابة تلك الأيام
هي حتى عادت للاهتمام بالقطة لولو، وجعلتها تسكن في غرفتها
والقطة الماكرة، نستها فورا وقفزت في حضن صاحبتها، لكنها لن تتنازل عن جلب قطة اخري نكاية بتلك الغدارة الماكرة، التي نست من آوتها فى غرفتها!!
رفعت رأسها فور سماعها لصوت صاخب يطرق بكلتا يديه على الطاولة
– يارب يا ساتر، اوعوا تكونوا بدأتوا الشغل من غيري
رفعت اسماء رأسها بحدة، لتغمغم ببرود
-فوزيااااا، احنا في رمضان مش عايزة اكسر صيامي عليكي من بداية اليوم
لوت فوزية شفتيها بنزق قائلة بأنفة وهي تعدل نظارتها الشمسية
-انا غلطانة، قوليلي كده من غير المشروع هيكبر ازاي
ابتسامة صفراء زينت شفتي اسماء وهي تتابع عملها لتقول بفتور
-شاكرين افضالك
اقتربت جيهان بصدمه وهي لم تكن تتصور آخر شخص فى هذا المكان، الفتاة صاحبة التذاكر ومن كانت زميلتها فى الجامعة
-فيفي هنا؟
لم يخفي التفاجؤ على وجه فوزية التي سارعت بعناق جيهان التي تقبلتها لتقول بتعجب
-جيجي؟! انتي لحقتي تعرفي المكان ده ازاي
غمغمت جيهان بغرور وهي تلعب بخصلات شعرها
-عندي واسطة
هزت فوزية رأسها بيأس، لتنظر الي اسماء التي تكاد تقتلها بنظراتها لترفع صوتها قائلة بابتسامة مطمئنة
-الشلة كلها جاية متقلقيش الحاجات الاكل هيجهز قبل الفطار يا كابتن اسماء
اشاحت اسماء وجهها بحدة وهي تراقب وجد التي بدأت بعملها بهدوء، يبدو أن من جلبتهم لا يضعن أيديهن فى العمل الشاق!!! جذبت جيهان انتباه فوزية لتسألها
-انتي بتعملي ايه هنا؟
صاحت فوزية باستنكار تام لسؤالها
-انتي بتسأليني سؤال زي ده ازاي!!، انا ساكنة هنا
ثم اقتربت منها لتسألها بصوت خفيض
– مش المفروض تكوني مع خطيبك؟
راقبت جيهان يمينا ويسارا، تخشى أن يسمعهم احدا لتميل لها هامسة بصوت عابث
-لأ هو قالي بعد الفطار، خايف يكسر صيامه عليا
شهقت فوزية لتلكزها بحدة قائلة وقد احتقنت وجنتيها للمعني المستتر لما قالته
– اللهم اني صائم، بعد الفطار ليا رد محترم
زفرت اسماء بحدة، وبدا من صوت الفتاتين يصيب رأسها بالصداع لتقول بحدة تجاه وجد
-قرايبك ميجوش تاني يا وجد، مش ناقصين احنا
رفعت جيهان رأسها لتلتفت تجاه تلك الثائرة، لتقول لها ببرود
-علفكرا سماعكي
ابتسمت اسماء بسماجة لتجز علي اسنانها وهي ترد عليها
-هو انا قولتلك متسمعيش
جذبتها فوزية للحديث مانعة جيهان من الشجار، تعلم امرأتين من عالمين مختلفتين ان تشابكا بالأيدي، سينتهي كلاهما فى اقرب مشفى.. خصوصا ان جيجي ليست بالخصم الهين مطلقا، لتقول
-الشلة بتاعت الجامعة بتيجي هنا في الصوان
اسوأ شلة تعرفت عليها جيهان، مكونة من شباب مائعين، وفتيات مدللات، لوت شفتيها بتقزز لتقول وهي قد اغلقت هذا الباب من حياتها نهائيا
-بطلت الجو ده، مكتفية بس بعيلتي
ضيقت فوزية عينيها وهي تلاحظ بعض التغيير الطفيف عن جيج، كونها من محبي الأضواء، ترفض ببساطة هكذا!! يبدو أن ما يتداوله الجميع حقيقي بعد الصور المزيفة التي انتشرت على المواقع الاجتماعي بعد ان تم اختراق كافة حساباتها الاجتماعية التي تساوي ملايين كثروة متنقلة مربحة، غمغمت فوزية بنبرة ذات مغزى
-شكلك اتغيرتي
أومأت برأسها لتقول
-عقبالك يا مجنونة، اذا كنت انا مجنونة فـ انتي بجد اللى هياخدك الله يكون في عونه حقيقي
وضعت فوزية كلتا يديها على خصرها لتسألها باستنكار
– شيفاني بشد في شعري يا اللي اسمك ايييه
مع تمطيط اخر حرف آخر الجملة، تذكرها بمشاجرات الحواري كما تشاهدها فى التلفاز لتقول بمشاكسة
-الله يا فوزية ما كنا حلوين
مع تذكيرها باسمها الحقيقي، تنهدت فوزية بضيق الا يكفي نساء المنطقة هنا ينطقون اسمها لتغمغم بحدة
-عجبك كده نبقي مسخرة الكلية باسامينا القديمة دي
ابتسمت جيهان رغما عنها، وهي تتذكر قديما كرهها لاسمها القديم لتقول
-عيلتي السبب ربنا يسامحهم، من قلة الاسماء ملقوش غير الاسمين دول
لكنها مالت بمكر تهمس لها فى اذنها
-بس وحياتك في كام فوزية في الجيل الجديد مفيش غيرك يا قمر انت
انفجرت فوزية ضاحكة وهي تعدل خصلات شعرها المجعدة التي تتميز به ويعطيها جمال مختلف عن باقي شلتها
-بس بقي عشان بتغر وانا ما بصدق
سمعت الفتاتان صوت انثوي حاد يكاد يرج المكان بأكمله
-كل واحدة علي شغلها يا بنتتت، مش في مصطبة خالتك هي
اومأت فوزية راسها باحترام، لكبيرة الحي، وعلامتهما الحية لأسطورة قديمة تحكي وتحاكي حتى هذا اليوم
-حاضر يا ست توحة
نظرت تحية الي فوزية بحدة، لتقول بسخرية
-ايه ده هو انتي شرفتي!! جاية على العصر يا هانم
ابتسمت فوزية بحرج وهي تغمغم
-ما انتي عارفة أخرى إشراف بس يا توحة
لوت تحية شفتيها وهي تغمغم بحدة
-عيني في عينك يا بنت، اشراف ايه..وانتي كل سنة بتجبيلي شيلة الفرافير دي
ابتسمت جيهان لتقترب فوزية منها وهي تعلم طبع تحية الناري تجاه من يتهاون في العمل، لتقول بعبث محبب
– والله ما بيقدروا يبعدوا عن القمر يا قمر انت، هو يوم قلت اعزمهم لقيتهم بيطبوا كل سنة في رمضان
رغما عنها ابتسمت تحية، وهي تشيح فوزية بحدة عن طريقها قائلة بحدة
– طب اوعي كدا خلينا اشوفهم عشان يساعدوا الرجالة
قالت فوزية بثقة رجل يعلم رجاله جيدا
-متقلقيش مع الرجالة، عارفين شغلهم وحافظينه
رمقتها تحية بشك، لا تصدق ان اصدقائها الناعمين يستطيعون العمل!!، استغفرت ربها سريعا لتقول
– لولا معزة اخوكي هيما، كان ليا تصرف تاني معاكي
ابتسمت فوزية بلطف مبالغ به، وهي تعلم مدي تعلق اخيها الصغير بتحية وحفيدها عاصي الذي يتخذه كقدوة له، استمعت الى صوت تحية الذي رق بهدوء
-تعالي اعرفك بمرات حفيدي
التفتت وجد تجاه تحية التي تبتسم ببشاشة لتبتسم وجد برقة وهي تحيي فوزية مصافحة يديها، شهقت فوزية بذعر لتميل تجاه تحية هامسة
– دي طلعت برنسيسة زي ما قولتي
اومأت تحية رأسها بفخر كبير قائلة
-اومال ستك قبل كدا كدبت عليكي في حاجة
اقتربت فوزية من تحية وهي تسألها ببؤس
-ما تقوليلي يا ستي، انا ايه نظامي هيفضل بختي مايل علطول؟
انمحت الابتسامة على وجه تحية لتقول بحدة وهي تبعدها عن طريقها
-لا اله الا الله، انا غلطانة اني بعاملك بني ادمة، اوعي خليني اشوف شغلي
لوت فوزية شفتيها بحدة وهي تلعن نصيبها العثر، فتيات الشلة ارتبطن بدلا من المرة عشرة … وهي تقضي يومها تعجب بهذا وبعد عشر دقائق تهيم فى اخر، وفي البيت تتصفح اخبار الرجال العزب الوسيمون، تتحسر طيلة الليل والنهار على عدم وجود حتي معجب سري ” كراش” اقتربت من جيجي لتقول بنبرة بائسة
– يا جيجي مفيش غيرك اللي هيساعدني
هزت جيهان رأسها بأسف لتربت على ظهرها قائلة بحزن مصطنع
-للاسف اللي اعرفهم مش رجالة كلهم نوسة
زمت فوزية شفتيها بحدة وهي لا تصدق انها عانس الشلة الخاصة بهم، تنهدت بضجر
– ورجالة الحتة هنا كلهم خلصوا، وبعدين بقي في الخيبة دي !!
كتمت جيهان ضحكة بائسة، وهي تتذكر يوم كانت به في مكان فوزية.. تري الجميع يرتبطن وهي كما يقولون “محلك سر”، اتسعت عينا جيهان باهتمام وهي تري اقتحام آسيا للمكان بعد تغييرات طفيفة
ارتدائها لعبائة سوداء مفتوحة فوق فستانها القصير، القت ابتسامة باردة للكل وهي تضم جانبي العباءة كما تعليمات العجوز لتتحرك مقتربة من الخائنة وجد تناديها
-وجد
صفير انطلق من شفتي فوزية وهي تمسك ذراع جيهان لتسألها
-انتي جايبة خواجاية هنا؟
رمقتها من طرف عينيها لتغمغم ببرود
– يابنتي اتهدي بقي، مش صايمة!!
لكن فوزية كانت في عالم آخر، تحدق نحو المرأة التي تعدت مقاييس الجمال بملامحها الأنثوية الحادة لتقول بصدمة
– دي جبتوها ازاي دي، يالهوي لو خطفتوها
هزت جيهان رأسها بيأس لتقول
-يا بنتي ارحميني بقى
كتمت فوزية شهقتها وهي تجدها تتحرك مغادرة المكان، لتلحقها بغية الاطمئنان عليها قائلة
-يالهوي دي خارجة هروح اطمن عليها عارفة انا الصيع بتوع المنطقة مش هسيبوها
امسكتها جيهان بحدة وهي تقول بحدة
-متجوزة اتهدي بقي، جوزها هيقوم بالواجب
فغرت فوزية شفتيها بصدمة لتحدق نحو أثر المرأة الغائب ثم عادت تنظر نحو جيهان قائلة بتحسر
-اتجوزت!! مين ابن المحظوظة اللي رضيت بيه ده
******
بملامح هادئة ظل لؤي داخل سيارته أمام الحي الذي توجهت اليه زوجته بصحبة ابنه عمه وزوجة وسيم المستقبلية
ابتسم لؤي وهو لا يصدق ان حياتهما بعد خروجهما من بيت العائلة، ازدادوا تفهما واصبحت الشيطانة كقطة وديعة بين جنبات صدره
تبثه شكواها للوحدة وامنيتها العظيمة لأن تصبح أم
لولا لهفته هو الآخر لأن تحمل الساحرة بذرة عشقهما في رحمها، إلا أنه متريث
العمل يحتاجهما هما الاثنان، يحتاج لشخص يثق به أكثر من نفسه، وهي مصدر تلك الثقة في عمله
يعلمها تستطيع كسب أي مناقصة ولو من جوف أسد، اتسعت عيناه بتفاجئ وهو يراها ملتحفة بعباءة سوداء ليضيق عينيه بعجب وهو يراها تبتسم في وجهه برقة تلقي سلاما عابرا قبل ان تفتح الباب المجاور وتصعد بجواره
زفرت اسيا بحدة وهي لا تصدق شدة حرارة اليوم، حركت بيديها تجلب بعض الهواء البارد من مبرد السيارة، لاحظت عدم تحركه لتلتفت اليه بتساؤل وهي تجده يتأملها بتمعن
-بتبصلي كدا ليه
راقب عباءتها السوداء التي يراها أول مرة عليها ليقول بتعجب
-غريبة
ابتسم لؤي وهو يتحرك بسيارته تجاه وجهته التي من المقرر التوجه اليها كما هاتفها منذ نصف ساعة، لتلتفت إليه اسيا باهتمام
-ايه هي اللي غريبة
ابتسم لؤي وهو يشكر وجود وجد في حياة زوجته، ليجيبها
-مكنتش عارف انك بتحبي الأعمال الخيرية
انفجرت آسيا ضاحكة وهي ترى نظراته المعجبة تجاه عباءة السيدة العجوز، اهدتها لها وهي تخبرها ببرود إن وجد لها عباءة أخرى وجيهان هي ايضا، لم تستطيع سوي ان تقبل هديتها وان كانت المرأة العجوز غريبة عنها، لكنها لم تستطيع أن تكسر بخاطرها وخاطر وجد لتقول بمكر
-لؤي
اعترف لؤي قائلا بنبرة خشنة
– شكلك حلو بالعباية
انتفخت أوداجها واقل كلمة حلوة تصدر منه، تجعلها تصل إلى عنان السماء..
تعلمه لطالما كان قليل الكلام فى الحب، لكن افعاله!!!
توردت وجنتيها وهي تتذكر افعاله التي تثير خجلها، تقر انه الوحيد الذي يستطيع أن يورد كلتا وجنتيها في اوقاتهما الخاصة لتهمس
– مستلفاها يعني لحد بعد الفطار
ثم تذكرت مكالمته الغريبة التي قاطعت حديثها مع العجوز لتلفت اليه بحدة قائلة
-عايز مني ايه يا لؤي
هز لؤي برأسه ومنحها نظرة خاصة ليقول بنبرة خشنة
-عايزك
شهقت اسيا بحدة لتلكزه على ذراعه العضلي قائلة بغضب
– في رمضان ؟ انت اتجننت
ابتسم لؤي وتفكير زوجته المنحرف جعله يتمتم بشقاوة
-دماغك اللي تفكيرها سيئات دي ربنا هيحاسبك عليها لوحدك
عضت على شفتها السفلى وهي تدفع أفكارها السيئة عن منحني عقلها، لتقول بغيظ
-ما انت فيها للأسف، فهنتحاسب انا وانت
تنهد لؤي بأسف زائف ولا يستطيع أن يمنع إخفاء ابتسامته ليقول بجدية
-اخدت اجازة لحد اخر اليوم فمحتاج اشوفلنا مكان نتكلم فيه
تنهدت آسيا بنزق وهي تلتفت اليه هامسة اسمه بحيرة
-لؤي
هز رأسه وهو يتابع الطريق المزدحم، ليسمع سؤالها المتعجب
– انت اعصابك باردة كدا معايا ليه؟، بتبقي ديب فريزر ازاي ؟
مع امرأة تكاد تغوي الشيطان بحد ذاته، احتاج ان يدرب شيطانه الشخصي حتى خضع له واستسلم، ليجيبها بمكر
-حد فينا لازم يوزن المعادلة يا آسيا
لوت شفتيها بنزق، وهي تشيح وجهها تجاه النافذة لتسأله
-احنا هنروح فين
اجابها بهدوء
-هتعرفي، اصبري على رزقك
اصطف بسيارته على جانب علي طريق لتعبس آسيا وهي تنظر نحو الطريق بتيه شديد
– مستنين مين
نظر لؤي تجاه الطريق منتظرا صاحبة المفاجأة ليجيبها
-اصبري يا آسيا
عبست آسيا ملامحها بضيق، وهي تشعر انها كالمغفلة، نظرت يمينا ويسارا محاولا التعرف على المكان، لتشهق بذعر حينما وجدت أحدهم يفتح الباب الخلفي ليأتي صوت ناعم يقول
-صباح الخير، رمضان كريم
وضعت اسيا يدها علي شفتيها وهي تري شقيقتها وشمس، طفلتها الحبيبة لتدمع عينيها وهي تنظر الي لؤي ثم اليهما
الصدمة شل لسانها وهي تنظر الي لؤي مرة اخري الذي ينظر اليها بتشجيع لتغمغم مارية قائلة بشقاوة
– مرضتش افوت يوم زي ده بدونك أنا وشمس
رفعت شمس كلتا يديها تجاه اسيا لتهمس اسيا بتعجب
-جبتيها ازاي
نظرت مارية بشكر خاص تجاه لؤي لتقول
-عيلة المالكي برضو متستهونيش بيهم
لانت ملامح اسيا وهي تداعب وجنتي شمس الحمراوين لتسألها
– هتقعد معاكي لحد امتي
اجابتها مارية ببؤس
-يومين للاسف، بس خطوة حلوة يعني لحد لما نزود الايام
القت اسيا نفسها بين ذراعي لؤي الذي تقبل عناقها في بادئ الأمر بصدمة، ثم سرعان ما ربت ظهرها لتشدد عناقها من حول عنقه وهي تبلغه شكرها بعناق صامت.. ابتعدت عنه بعدما استمعت الي نحنة مارية المشاكسة معبرة عن وجودها فى السيارة لتسارع اسيا بمسح دموعها قائلة وهي تمد كلتا ذراعيها لتحمل شمس
– وحشتني يا روح قلب مامي انتي
هزت شمس رأسها نافية لتعقد ساعديها المكتنزتين قائلة
-زعلانة
ابتسمت اسيا رغما عنها وهي تحملها علي ذراعيها لتميل طابعة عدة قبلات علي كلتا وجنتيها وراسها لتقول
-ليه يا قلب ماما زعلانة
اجابتها شمس بدموع تماسيح تجيدها تماما وتغلب بها والدها دائما
-بتغيبي كتير، زي دادا
رغم انها تعلم ان دادا هي فرح، لكن طالما اعتادت علي نطق اسم دادا كأسم حركي لفرح، لتهمس اسيا باسف
-مش بايدي والله، غصب عني
اشاحت الصغيرة بوجهها عنها قائلة
-زعلانة
امسكت اسيا وجنتي الصغيرة بلهفة، لتقول
-مقدرش علي زعلك انتي، قولي عايزاني اعملك اي وهراضيكي
زمت شمس شفتيها تكاد تكبح ابتسامة شقية وهي تري ما تبغاه علي وشك الحصول عليه، لتقول
-عايزة دادا
عقدت اسيا حاجبيها بعدم فهم، لتنظر الي شقيقتها التي همست
-قصدها فرح
رفعت عينا اسيا تستأذنه عن سماحه لهما بزيارتها، ليومأ برأسه وهو يعيد تشغيل محرك سيارته لتسأل مارية
-انتي عارفه عنوانها فين؟
اومأت مارية رأسها بايجاب قائلة
-ايوا بيتها الجديد اخدته من عمها
ابتسمت شمس ببهجة حينما هتفت اسيا
-نطلع يا روحي ونشوفها
وبنظرة ممتنة وضعت يدها علي ذراعه قائلة
-هتعبك يا لؤي
ونظرة عينيه كانت أبلغ من أي حديث يقال!!
رنين جرس متواصل جعل النائمة في غرفتها تكاد تسب وتلعن الذي يدق علي باب منزلها، تقسم ان كان حارس العقار او احدي جيرانها اللزجين الرجال الذين ما يعلمون انها مطلقة حتي يسارعون بوضع شباكهم
تثاءبت بحدة وهي تسير بقدمين حافيتين وشعر اشعث لفتح الباب، فتحت الباب لتتفاجئ بمارية التي تقول ضاحكة
– قاعدة لوحدك يا جميل ليه
الذهول طغي علي وجهها وهي تجيبها بصدمة لتجد الصغيرة محمولة بين ذراعي خالتها
– ابدا كنت بس .. شمس
اقتربت فرح وهي تحمل الصغيرة بين ذراعيها تميل طابعة القبلات علي وجهها قائلة
– يا قلبي انتي وحشتي فرح خالص
لكن شمس الشبيهة كأبيها غمغمت بحزن
-انتي وحشة
شهقت فرح بصدمة مصطنعة وهي تعلم سبب حزن الصغيرة، لتميل طابعة قبلات متناثرة علي وجهها قائلة بحزن
– ليه بس كدا يا روح فرح انتي
رفعت الصغيرة عيناها الشبيهة بعيني اليها لتهمس بشفتين مزموتين
-مشيتي، بابا قال
ابتسمت فرح ببرود وقد مر اسم نضال ببرود علي اذنيها، لتهمس بصوت خافت
– بابا ده عايز يتقطع لسانه
نظرت الي الصغيرة لتسألها باهتمام
– مش وحشاكي البان كيك بتاعى
لمعت عينا الصغيرة بشغف الا انها سرعان ما قالت
– نزار بيعمله احلي
كبحت مارية ابتسامة ماكرة لتهتف فرح بمساومة
– بس مش هينافس بتاعتي، تيجي نجرب ونشوف وانتي تحكمي
اومات شمس رأسها بايجاب لتنظر الي الحسناوتان اللتين اقتحموا بيتها في هذا الوقت لتقول باعتذار خافت وهي تشير لهما للدخول
– انا اسفه اتفضلوا ادخلوا
امسكت مارية بيد اسيا وهي تعرفها علي شقيقتها
– احب اعرفك علي اسيا اختي
لم تود فرح ان تخبرها ان شقيقتها سبق وتشرفت بزيارتها، لتهز رأسها قائلة
– ده مصر تخاف علي الجيل الجديد بتاعكم
*****
في قرية الغانم،،
راقبت اسرار بتسلي أثر الصيام على وجه نضال، تراه بين فينة والأخرى يكاد يحاول اطلاق شتيمة لكن ينتهي به الأمر قائلا بحدة
-يا ولاد الذين كانوا وعملوا الصالحات
انفجرت مقهقة وهي تكتم ضحكتها بكف يدها، وهي تعلم سبب جنون الرجل
لقد تعطي الصغيرة لتكون بين يدي إنها لأول مرة، سامحا لها أن تبيت لثلاثة أيام
هذا في بادئ الأمر ثم سيتطور الأمر أن تنقسم أيامهما بين الأب وأمها!!
ولولا أن ازدادت علاقة الأخوين قوة وحرص نضال على ألا يفسد العلاقة لكن يبدو ان وقاص يضغط عليه بقسوة ولا يهتم برأيه ولا رد فعله
غمغمت اسرار بمكر وتسلية شديدين
-بركاتك يا شيخ نضال
امسك نضال برأسه وهو يشعر بذلك الصداع سيفتك برأسه، ابتعاده عن الكافيين والدخان يؤثران بالسلب على حياته فى أول يوم صيام الشهر.. بل ما زاد الطين بلة هو الخبر الذي وصل إليه من شقيقه عن سماحه لمارية بأخذ ابنتها
توقع أن تقضي اليوم، لكن الفاجعة اتته حينما علم انها ستبيت معها، رفع عيناه للسقف ثم التفت اليها ليقول بأعصاب متلفة
-اتلمي مش ناقص، انا اعصابي سايبة
هددت اسرار صغيرها نور بين ذراعيها لتقول بعملية
-نضال حاول تتأقلم، البت عيلة امها تقيلة برضو وصدقني الجد لما يعرف هيطالب انها تقعد معاه، ده اللي وصلني من وقاص
ابتسم نضال بسخرية، وهو يعض على نواجذه يكتم شتيمة وقحة.. حتما صيامه سيبطل إن لم يتحكم فى أعصابه، اشاح بيده قائلا بسخرية
– خلاص يعني كل السنين اللي فاتت دي انها ساكتة وحبكت دلوقتي تقول لعيلتها
مالت اسرار تطبع قبلة دافئة لصغيرها، لتلتفت بهدوء لنضال محاولة امتصاص غضبه
-اقعد كدا صلي علي النبي، شوف شغلك كده وهتبقى كويس، هما يومين يا نضال
لوي نضال شفتيه ساخرا، طليقته غادرت حياته والان حياة صغيرته
هل يريدون تركه يعاني مرة اخرى؟
رغم انه لن ينكر انه لا يمضي اغلب الوقت مع صغيرته سوي عودته في الليل واخذها لتعيش معه فى المنزل الذي انتقل إليه حديثا في قرية أخيه الذكية
لكنه لم يعتاد على السكون
الهدوء القاتل فى منزله، الصغيرة تبهج حياته بشكل لا يصدق
بل لا يمكن أن يتصور حياته بدونها
هي صغيرته، مدللته، شريكه ونصفه الآخر، الصغيرة التي أصبحت تعلم ما يدور في خلد والدها؟ أبسط الأشياء التي تجعله راضيا.. واكثر الاشياء التي تثير سخطه أولهما المائع ذلك ماذا كان يدعي؟
نعم يوسف ووالدته التي سيحرص على اقصاءهما من حياة ابنته، لقد علم أنهما يقطنان في نفس القرية.. والمفاجئة الكبرى كان حينما علم هوية والد الصغير!!
ابتسم بتفكه، وهو يشعر بوجود أسرار التي تقترب منه وهي حاملة الصغير، ليلقي ببصره نحوها
اسرار يليق بها الامومة بشكل لا يصدق، ابتسم بحنين وهو يرى حرصها على طفلها المعجزة كما تسميه، وهو اخبرها ان هذا الطفل سيكون مائعا كيوسف ان لم تعلمه الصلابة!!
راها تمد بجسد الصغير لتقول له بطلب متوسل
-بقولك ايه خد العب مع نور شوية عشان محتاجة اكلم سراج يجيب شوية طلبات قبل ما ياجي
تجهمت ملامح وجهه ونظر لها بتعجرف ثم للصغير الذي يود اشباعه قبلات كي يعوض فراق صغيرته المؤقت، لكن بتذكره ان والد هذا الطفل ذلك الهمجي غمغم بتهكم
-احنا في رمضان يا هانم، خفي يا مدام .. وبعدين ابنك مين ده اللي اشيله شيفاني ايه بيبي سيتر
شهقت اسرار بحدة وهي تري خشونته للتحدث مع صغيرها بحنق وغيرة لم يتخلص منها بعد، همت بالرد عليه إلا أنها فوجئت باقتحام رهف حاملة أسيل الباكية لتقترب من نضال قائلة بنجدة
-نضال، هتعبك لو مسكت اسيل شوية، مامتها مشغولة في مكالمة شغل وانا مش عارفة اركز فى المذاكرة منها
ابتسامة واسعة زينت ثغر نضال ليحمل الصغيرة بصدر رحب، وان لم تتوقف عن البكاء… ظل يهدهدها ويلاعبها والفتاة بعد فترة استجابت لدعابته بل وتضحك على دغدغاته.. وكل هذا أمام مرأى أسرار التي تسمعه يقول ببشاشة
-هاتي اشيل حبيبة قلب عمو ده
طحنت اسرار ضروسها لتزمجر بغضب
-والله مش من شوية كنت بتقول انا مش بيبي سيتر؟!
شاكسها نضال بمرح وهو يميل ليطبع قبلة لابنة أخيه التي بدأت تجذب لحيته بقوة، امسك يدها بلطف محررا لحيته من براثنها ليقول
-دى فيها دم الغانم، أما سيد انوار ده فيه دم الحسيني
وله القدرة على أن يسخر من اسم ابنها، نظرت نحوه بحنق لتصيح بحنق
-دمك خفيف اووي في رمضان
نظر إليها من بين حاجبيه المعقودين ليقول بخشونة ونبرة قليلة الصبر
-اسرار، صاحي مخنوق بجد وراسي مصدعة و شوية هلاقي راسي بتنفجر من كتر الصداع
توجهت اسرار خارج غرفة المكتب حاملة ابنها لتقول بابتسامة صفراء قبل أن تغلق الباب خلفها
-افتكرها كويس وشوف مين هتساعدك بعد كدا لما تحتاجها
ألقي نظرة سريعة تجاه الصغيرة المفتونة بلحيته المهذبة، ليندفع يغرقها بالعديد من القبلات.. من كان يصدق ان منذ أمس كانت قطعة حمراء صغيرة بالكاد تظهر ملامحها.. الآن .. الفتيات تكبرن سريعا!! ابتسم بأسى وقطعة الفؤاد الخاصة به الله وحده أعلم أين هي؟ وماذا تفعل معها والدتها البيولوجية؟
تصاعد رنين هاتفه، لينسل الهاتف من جيب سترته الداخلية، توجع حينما جذبت أسيل بقبضتها الصغيرة لحيته لينظر اليها بعتاب وهو ينزع يدها مرة اخري ليجيب علي الاتصال قائلا بنزق
-خير
أرهف السمع إلى ما يقوله رجله المكلف بمراقبة شمس الصغيرة، لتتسع عيناه دهشة حينما علم ان الصغيرة الان بين ذراعي طليقته، نطق بحدة
-راحت فين؟ لا خليك زي ما انت
انهي المكالمة مع حرصه أن يمده بأي معلومات جديدة، ليبتسم بحدة وهو ينظر تجاه الصغيرة التي تنظر اليه بزرقة عينيها التي ورثتها من والدها، سألها بحيرة
– انتي شايفة اعمل معاها ايه، اقتلها ولا اخطفها
اصدرت أسيل ضحكة خافتة وهي تحدق فى ملامح عمها، ليهز عمها رأسه باستحسان قائلا
– اخطفها!!، انا كنت بقول كدا برضو
*******
في المشفى،،
وتسأليني ما الشوق؟
الشوق ان تكون قريبة بما يكفي
وبعيدة عن متناول يدي؟
وتسأليني ما الفراق؟
أن نعاند بعضنا البعض، وكلانا يتلظى في نيران الهجر
وتسأليني ما الحب؟
أن أبسط تفاصيل وجهك محفورة على جدران قلبي!!!
أتسألين نفسك الآن لما البعد والهجران
والافضل ان نجتمع
مساء أمس نزع الضمادات عن كلتا يديه، يواجه صعوبة فى حركة يديه لكن افضل من ان يصبح مقيد بهما، يحرص الطبيب على أن يباشر بجلسات العلاج الطبيعي بداية من يديه كي يستعيد مرونة حركتهما سابقا، لكنه عاند ورفض
لا يريد أن يدخل في أي دوامة علاج ستستنزف من باقي طاقته التي تجعله صامدا هادئا كبركان خامد في الظاهر.. لكن داخلي يتراقص من الفوران
لو بيده لأقيم الدنيا حربا حامية الوطيس، ولن يهدأ حتى يثأر بحقه
لكنه اكتشف أنه لن يجني شيئا من حروبه!
لا شئ سوي عذاب نفس وألم نفسي لم يعد يحتمله
ما يؤرق مضجعه هي
وهل لكهرمانية عينيها تدعه يعيش فى سلام، وهي تذكره بعظم جريمته معها؟
لو تعلم فقط انه لم يقصد ايذائها جسديا، ولم يؤذي مشاعرها
هو متهور، لعين، احمق، مدفوع بغضب رجل غيور على امرأة كانت تخصه
و”كان” محلها ماضيا .. و”التمني” محالا، وإن كان خيالا
فلا شئ من تمنيه سيغير حقيقة الوضع، ولا شئ من المستقبل يعطيه بصيص امل انه شئ سيحرك المياه الراكدة
فهو اصبح مشلول!!!
كتم تأوه يكاد يزلزل جسده وهو يستمع بصبر الي صديقه الاحمق غسان عبر الهاتف، لا يصدق ان الاحمق ما زال مكابرا لما يعرض أمامه من حياة ورفاهية
-تريد استفزازي وقتلي، تلك الساحرة الشقراء .. أتصدق تتصل بي اليوم وتخبرني ان تستعد لرؤية خطيبها الأحمق هذا .. كيف تنظر إلى هذا الرجل؟، ونظرات عينيه تكاد تلتهمها .. اللعنة تلك الحمقاء أتختار هذا الرجل بالنهاية؟
اغمض سرمد جفنيه بأسي وسماعات الاذن كانت فكرة مريعة، صوت صديقه يكاد يخترق طبلة اذنه ليقول بهدوء اكتسبه بعد فاجعته
– ماذا أخبرتك منذ البداية؟!
استمع الى زفيره الآخر الحانق، ليتابع سرمد بحدة
-انت يا احمق توقف عن ترديد كلمات حمقاء، اذهب اليها وصارحها بحبك
والمكابر للحب
الغارق حد الثمالة بها صاح باستنكار تام
-انا لا احبها، هل سأظل أغنيها لك
قلب سرمد عينيه بملل، وهو يرى والدته تقرأ وردها اليومي من القران وقد تركت له مساحة خاصة للتحدث مع صديقه.. غمغم بتذمر
– ماذا تريد غسان؟، انا بالكاد اتحمل تذمر الطبيب والممرضة وأنا صائم هذا اليوم
جاءه استنكار غسان ليغمغم بفظاظة
-هل صمت اليوم؟ يا احمق لقد اخبرك الطبيب ان تنتظر قليلا ، ثم هذه رخصة لن تذهب لجهنم اهدأ
أغلقت غيداء مصحفها لتستقيم من مجلسها قائلة بصوت آمر
– سرمد.. اغلق المكالمة الآن
رفع سرمد عينيه تجاه والدته ليبتسم وهو يسمع إلى تذمرات صديقه ليغمغم بمرح
– انتظري امي، ابنك الآخر يريد أن يذهب المتبقي من عقلي
نظرت غيداء نحوه بريبة، تعلم لطالما أراد أن ينفرد بصديقه يشمل حديثهما فتاة!!، سألته بحذر
– أيشمل فتاة في حديثكم؟
اومأ رأسه وقال بصراحة تامة متأصلة به
-نعم
ابتسمت غيداء بجفاء وهي تنتزع السماعات من اذنيه، اعترض سرمد بتذمر لتأخذ غيداء الهاتف صائحة بتوبيخ تجاه الأحمق هذا
– استمع يا ولد، ان كنت تريد ان تتسلى بأي فتاة هنا، اقسم لك سآتي في عقر دارك وسأربيك ولن تفعل والدتك أي شى حينما تري أنني أعيد تهذيب طباع ولدها البكري
غمغم غسان بتذمر طفولي دائما يثير بها امومتها
-يا امي
التمع فيض حنان جارف لكن تعلم ان الماكر إلى أين يريد أن يصل هدفه، لتقول بنبرة غير قابلة للنقاش
-لا تصدع رأسي، بالكاد اتحمل واحد هنا صعب المراس
انهت مكالمتها والقت بالهاتف علي الاريكة مريحة طلبتها خصيصا كونها تمضي معظم يومها معه، اقتربت من فلذة كبدها وهي تري رغم ملامح وجهه الهادئة.. عينيه تروي قصة وجع
ابتسم فى وجهها ومد يده ليمسك يدها يضغطه بخفة محاولا التحكم على سيطرة يديه بهدوء ليهمس
-احبك
مررت أناملها على ملامح وجهه لتطبع قبلة على جبهته هامسة
-وانا احبك يا صغيري
نظر بأسف إلى ما تعانيه والدته نتاج تهوره، ابتسم بأسف ليغمغم
-امي اذهبي الى البيت، يكفي ما فعلتيه اليوم، ستعتني بي الممرضة هنا
ضيقت غيداء عينيها لتنظر اليه بوجوم لتقول بحدة
-وهل سأتركك يا ولد بين الحسناوات هنا؟
انفجر ضاحكًا وهو لا يصدق، يبدو كرجل بائس اختفي سحره على النساء.. هم بالرد عليها إلا أن قاطعه طرقات على باب الغرفة، اشاح برأسه وهو لا يصدق الطبيب يأتيه في هذا الوقت ليطمئن عليه لعاشر مرة فى هذا اليوم كونه صائم واضطر أن يؤجل أي أدوية علاجية لبعد
أذان المغرب
الأمر ليس كونه مصرا على أن يؤذي جسده، أو كون له رخصة يستطيع أن يقضي الشهر حالما يسترد صحته
لكن شعر أن هذه أقرب فرصة له يتقرب من خالقه، يشكي همه ويستجيب دعاء قلبه
هالة روحانية تغمر جسده وهو يشعر بنسائم طيبة تبشره بصبره الذي لم يكن يتوقع أن تصبح من شيمه
انتبه الي حفيف ملابس وصوت انثوي يعلم مصدر صاحبته تهمس بخجل
-رمضان مبارك
ارتفعت عيناه لا اراديا ليصطدم بوجهها المتورد
هل توردت وجنتيها أم هو يخيل له؟ والصدمة الكبرى هو حجاب رأس أبيض يغطي شعرها لتنزلق عيناه برؤية فستان محتشم بلون أسود يصل إلى كاحليها لتزين قدميها بحذاء مسطح كلاسيكي.. فغر شفتيه بذهول
وهيئتها الجديدة قاتلة
تبدو في عينيه مصدر بهجة وطاقة سعادة تتغلغل أوردته
سرعان ما اشاح بعينيه وتساقطت الكلمات من شفتيه، ود لو عبر عن جمال هيئتها وبريق عينيها الذي يراه لأول مرة منذ فاجعته
هل تخطته؟ بتلك السرعة تخطته؟ ووجدت مسكن آخر غيره، اسودت ملامحه قتامة ليرفع بوجهه وهو يراقبها تحتضن والدته باريحيه ودفء جعل اعصابه تنفلت ليهدر بحدة
-ماذا تفعلين هنا؟ أجننتي؟
رفعت عينيها المعذبتين لتبتسم بهدوء قائلة
-طنط غيداء هي اللي سمحتلي ادخل
نظرة شكر عبرت بها عما تشعر به تجاه المرأة الحنونة التي تؤازرها كما تفعل مع ابنها المدلل، صاح سرمد بسخط
– ما هذا؟ اخرجي من الغرفة يا امرأة
اتسعت عينا شادية لوهلة، وهي لا تصدق وقاحته وهو الذي لم يفعلها قبلا أن يكون مضيف سئ لتهدر غيداء بحدة
– اصمت يا وقح، أهكذا نعامل الضيوف؟!
نظر سرمد بتردد تجاه المرأتين، هل تحالفت المرأتين ضده؟ هو المسكين المقعد وتلك هي الاميرة المتكبرة من المفترض أن تحمل ذنبا تجاه دفاعه عن حياتها… عض على نواجذه وهو ينظر بحدة تجاه شادية ليقول
-ضيوف من يا أمي!!، ماذا تفعل هذه هنا؟
ربتت غيداء علي ظهر شادية محاولة أن تهدأ ذلك الثور، لم تتوقع أن يكون بهذه الحدة والغضب عند رؤيتها .. توقعت ربما عتاب صامت أو أمل يسكن قلبه.. نظرت تجاه شادية بأسف التي هزت رأسها بتفهم لمشاعره لتقول غيداء بهدوء وهي تدفعها لتجلس علي الاريكة
-لك اتصلت فيني وئلتلها تجي تونسني
فغر سرمد شفتيه وهو يراها تمسك بحقيب بلاستيكة تضعها على مقعد ثم جلست على الاريكة بهدوء وطاعة وتورد وجنتيها يزداد احمرارا وقد جهل سببهما؟
لماذا تتورد تلك الغبية؟ هل اكتشفت فداحة ما قامت به؟
هل جاءت لتصفح عنه؟
لوى شفتيه بسخط وهو يقول بوقاحة
-تؤنس من؟! وماذا أفعل أنا معك؟
لكن والدته قررت ان تتجاهله كليا وهو يراها تسكن بين ذراعي والدته، رغما عنه صمت
واكتفي بجمال مشهد تمناه في الماضي وإن كانت الجدران تكون فى منزلهما بإيطاليا
اختنقت أنفاسه ليشيح بوجهه محاولا كبح جنونه، ألا يؤذيها بالكلمات وهو أدري أنها تري فى عناق امه عوض عن وفاة والدتها
سمع إلى همس والدته الجنون وهي تربت على ظهرها
-لك تؤبشي قلبي ياارض احرسي ماعليكي ،الله يثبتك ياروحي
ابتسمت شادية وهي تنظر بصراخ صامت الي غيداء قائلة
– ادعيلي كتير يا طنط، ده الشهر الوحيد اللي بلبس فيه طرحة على استحياء
عضت باطن خدها وهي تتوقع سخرية منها، لن تنكر انها تشعر بهذا الشهر أنها تقوم بارتداء الحجاب تلقائيا .. راحة كبيرة تغمرها وهي ترتديه كما اعتادت سابقا
لكن لولا تفريطها فى شرفها وتصديق مدعي كاذب لما نزعته
أمسكت بكفي غيداء بقوة لتبتسم غيداء بهدوء وهي تقول
– انا متفائلة كتير هالسنة ،وانت كمان خليكي متفائلة
التمعت عيناها بالدموع وهي تري لمحة من انها متجسد في شخصية هذه المرأة، استقامت غيداء وهي تعلم أنها استأذنت لحديث خاص تود أن تحادث به ابنها لتقول بنبرة ذات مغزى للأحمق الذي يشيح بوجهه عنهما
– تاركلك المكان بحاله طالما مابدك ياني
انتبه سرمد الي صوت امه، ليغمغم بصدمة وهو يحدق تجاهها وتلك الساكنة على الاريكة بوداعة
-تغادرين الى اين، امي انتظري تبقي قليل على الإفطار، من سيطعمني؟
كشرت غيداء عن أنيابها لتقول بحدة تجاهه
-اتي بالممرضة يا ولد، ولك يدان الان
تدلي فكه بصدمة وهو يراها تنوي مغادرة الغرفة، لينظر الى يديه ثم إليها قائلا
-تعرفين لا استطيع ان احركهم كثيرا
وردها وللمفاجئة إغلاقها لباب الغرفة؟!
أهكذا تعاقبه لرفضه لبدأ العلاج الطبيعي؟ تجعله يجلس مع معذبة الفؤاد بمفردهما، التفت نحوها وطاقة عنيفة يود إخراجها ويصب جام جنونه على تلك … بهية المنظر ليعبس بشدة وهو لا يصدق كلمات الغزلية التي يكاد يلجم شفتيه علي البوح بها أمامها، صاح بفظاظة
-غادري
ارتعد جسدها لا تلقائيا وهي تسمع نفوره من الحديث معها، فركت يديها بتوتر وهي ترمقه من بين أهدابها
حانق، وتعابير وجهه قاتلة، ربما ان استرد عافيته والتي تأمل أن تكون فى وقت عاجل سيمسك عضديها ويخرجها من غرفته، رفعت عيناها بثبات تجاهه لتبتسم فى وجهه
وأثر الابتسامة كانت مفاجئة له، شلت حواس الآخر لتستقيم من مقعدها بثبات وهدوء تحسد عليه والابتسامة لم تتزحزح من على ثغرها لتجلس على المقعد المجاور للفراش لتهمس بهدوء
-سمعت انك مش عايز تعمل علاج طبيعي
هل وصلها الخبر ايضا؟
ابتسم بشر وتعابير وجهه توحي بمدى عدم ترحيبه بوجودها ليقول بوقاحة متعمدة
-لا دخل لك
عينيه راقبت رفرفة اهدابها ورعشة شفتيها وقد أخذها على حين غرة من وقاحته التي تزداد في جلستهما ليراها تنظر الي عينيه بجرأة دون اهتزاز
-كنت هزورك امبارح، بس مرضتش اسيب بابا يفطر لوحده، بس لما جيه ماهر ومراته قررت استغل الفرصة واقابلك
لا يعلم لما تخبره بتفاصيل يومها الأول، ولا يعلم لما أخذ بتلك التفاصيل، وويل عينيها تلك التي تغرقه أكثر فى عالمها
سألها بتهكم
-وهل يعلم والدك انك معي؟
أومأت برأسها إيجابا، مما جعل عينيه تتسع ذهولا
هل هو في حلم؟!
ليخبره احدهم؟ شاديااه التي يعلمها ما كانت ستضيع فرصة سوى ان تلعنه لدخوله حياتها، غمغم بتشكك متسائل
-انت تمزحين؟
هزت رأسها نافية لتهمس بصدق
-لا
زمت شفتيها بعناد كالبغال ليقول بحدة
-غادري يا شاديااه، يكفيني ما أنا به
ورجاء صوته في آخر جملته جعلها تنظر اليه بعبوس لتستدرجه بنبرة معاتبة
-يرضيك امشي قبل الفطار، ويجيلي هبوط ومكنش مركزة وانا سايقة واعمل حادثة
رأت اتساع عينيه فزعًا، اللهفة والخوف والقلق يموجون في ظلمة عينيه لتبتسم بخفة وهي تسمعه يزفر بسخط
-ماذا تريدين؟
ابتسمت براحة لتهمس قائلة بوداعة
-هنفطر مع بعض، وبعد كده همشي لما تيجي طنط غيداء
نظر اليها بتشكك، وشئ تخفيه تلك المرأة جعله يشعر بعدم الارتياح، نظر الي الساعة الموضوعة على الحائط وقد اقترب موعد الإفطار، متمنيا ان تأتي والدته وتوفر عليه هذا العناء
يقسم إنه ما عاد يتحمل هذا الأمر
يراقبها بحسرة وقد طوت صفحة حياتهما ومن يعلم؟ ربما يأتي من يرمم جراحها؟!
ومن سيرمم جراحه هو؟
تملك عنيف اندفع يعلن ملكيته عليها، أنها هي بمفردها من ترمم جراحه، ليسخر عقله وجسده .. وما ذنبها هي بتهورك وجنونك؟
هل قالت لك دافع عني؟ هل قالت اجعل الحقير يندم على فعلته؟ ألم تحاول مرارا أن تصده؟!!
كاد رأسه يصيبه بالصداع جراء أفكاره وتساؤلات عقله التي لا يعلم أجوبتها!!
كيف تركته أمه؟ ماذا فعلت تلك الناعمة لترتضي امه؟ سألتها بفضول لم يخفيه
– كيف تحسنت علاقتك انت وامي؟
انفرجت عن شفتيها ابتسامة واسعة لتجيبه
-مامتك مفيش ست زيها اتنين، ربنا يبارك لك فيها
يجب أن تتوقف تلك المرأة عن الابتسام، حتما يجب أن تتوقف والا سيكون هلاكه علي يديها!! رأها تستقيم من مجلسها وهي تبتعد عدة خطوات ليري ثيابها.. سألته قائلة بهدوء
– ايه رأيك في اللي لابساه، حلو ؟
عينيه انزلقت على قماش فستانها الأسود، ليشيح بعينه مستغفرا ليهدر اسمها بحدة
– شادياااااه
يطالبها بالتوقف عما تقوم به
هو لا يعلم ماذا تفعله؟ لكن مؤشراته سيئة للغاية، اقتربت منه قائلة بلهفة صادقة
– خلاص متتعصبش اهدي، انت متعرفش قد ايه اتحايل على الدكتور عشان يسمحلي ادخل اكل انا عملته ليك
تدلي فكه بذهول وهو يحدق بها غير مصدقا لما تقوله؟ إذا كان في حلم لما لا يفيق الآن؟ لما لا يفيق.. يود أن ينتهي هذا الحلم ليصحو على مرارة واقعه
لكن الحلم بدا واقعيا بدرجة مؤلمة لقلبه
وموجعه لكبريائه، هدر من بين اسنانه بغضب
– شادياااااه، لا تكسري صيامي عليك الان
شهقت شادية وهي تضع يدها علي فمها علامة للصمت، ظلت تنظر الي غضبه وحاجبيه المعقودين بشر رغم لهفة عينيه، وتأمله لهيئتها الجديدة بحجابها، ابتسمت وقد توردت وجنتيها أثر تحديقه لهيئتها وهي تري الانبهار الذي يكسو عينيه لتهمس بتوسل
-اوعى تشتم خليك هادي كدا لحد الفطار
اشاح بيده بعصبيه وقد كتم تأوه كاد ينفلت من بين اسنانه لحماقته، ليقول باستياء واضح
-انصرفي بعيدا عني الآن، الشياطين تتقافز في وجهي
زفرت بيأس وهي لا تصدق انها تعامل طفلا بضخامة جسده وعقله هذا، عقدت ساعديها على صدرها لتسأله باستياء واضح لزيارتها التي أضحت ثقيلة عليه
-طب اروح افطر عند الدكتور طيب، واسيبك هنا لوحدك
رفع عينيه لتقرأ الوعيد المبطن و شرارات نارية مدفوعة بالغيرة جعلها تنفجر ضاحكة لتقول
– اهدي طيب، سرمد عشان ضغطك ميرفعش
كاد أن يطلق سبة إلا أنه سارع بكتمها وهو يتطلب من الله الخلاص من هذه المرأة،لأول مرة يشعر يضيق يجثم قلبه وهو يراها تستعيد كامل حيويتها تؤلم قلبه
انتهي فترة الحداد على روحك لتبقي بمفردك ووحدك
سألها بحدة وقد أكتفي من ضحكاتها المغناجة
-ماذا تفعلين هنا يا امرأة، اتريدين رؤية معاناتي هنا ؟، لما لا يأتي أحد ليساعدني؟
لملمت ابتسامتها لتقول بهدوء
-قولتلهم محدش يزعجنا، انا هساعدك النهاردة لحد بعد الفطار
تسكب الملح على جرحه الغائر، اشاح بوجهه للجهة الأخرى واكتفي بحديثه معها الى هذا الحد
ارهفت شادية اذنيها لسماع الأذان من جامع يقع بالقرب بالمشفى لتتسع ابتسامتها وهي تسارع بإخراج محتويات الحقيبة البلاستيكية التي تحتوي على حافظة طعام وطبق تمر مغلف، رددت دعاء الصائم فى سرها لتتناول التمر منزوع النواة واقتربت بهدوء تجاهه وهي تمد التمر في فمه لتقول
-مفيهوش نواه، جبتها مخصوص ليك عشان متتعبكش
تناول منها التمر بحدة، لا يصدق انها تظنه عاجز لتلك الدرجة، تناول التمر بهدوء وهو يراقبها تفرغ محتويات الطعام لتعود اليه سريعا وهي حاملة في كلتا يديها كوب حراري مرفق بشحاطة لتسهل له تناول العصير مدت له بأول كوب لتقول بابتسامة ناعمة
– اكتر عصاير بحبها في رمضان، قمر الدين وتمر هندي
لم يستطيع ان يمنع يده من ان يرفض طلبها، ارتشف عصير قمر الدين وهو يراها من بين أهدابها تنظر اليه بتوتر لتسأله
– عجبك طعمه ؟
ود لو يخبرها ان والدته دائما ما تصنعه في المنزل في هذا الشهر، لكنه اومأ برأسه قائلا بخشونة
-ليس سئ
اتسعت ابتسامتها وحمدت الله كثيرا علي عدم رفضه لعصير أعدته فى المنزل، لن تنكر استياء جيهان ولا نظرات ابيها المحبطة.. لكن كم مرة أرادت الحديث معه ولم يسعفها لسانها للنطق!!
تركها فى النهاية تمارس ما تريده، اخبرها بصراحة واضحة، إنها إن سقطت على قدميها مرة اخري لا تحاول ان تناديه وقد أكتفي من هذا العبث
ان كان والدها قد رفع يديه عنها، فهي الأولى أن تصلح ما كسر
حاولت أن تأخذ الأمر بوجه نظر محايدة، ان كانت هي خسرت روحها فهو فى المقابل خسر جسده
تمتمت بنبرة واثقة
-كنت متأكدة هيعجبك
سارعا بالقيام مرة أخرى وهي تستأذنه لعدة دقائق
– اديني خمس دقايق هصلي وهاجي علطول، محتاج اي حاجة؟
عبس ملامحه وهو ينظر اليها بضيق، وقد انقطع سحر الهدوء الذي يغلفهما ليقول بحدة
-غادري يا شادية، وابعثي بممرضة هنا
نظرت إليه بثبات، ورغم ما يؤلمها حديثه
لتسخر من حالها في الماضي
يوم ما كان يتشبث بها، وهي تلفظه بكل شكل وكل أسلوب.. عجبًا للدنيا!!
قالت بصرامة وقد تلبستها أسلوب الناظرة العنيدة
-مش همشي، ده كلام مفيهوش نقاش
ارتفع حاجباه حينما صفقت الباب خلفها بحدة، زم سرمد شفتيه بعبوس وهو لا يصدق ما يحدث
تلك …. صاح مزمجرا بحدة
-اللعنة
ود لو يلقي الكوب في أي مكان، إلا أن رؤيته للكوب جعل عيناه تتسع حينما رآها طبعت حروف اسمه بخط كوفي، ابتسم رغما عنه وهو لا يعلم أهذا بداية اعادة صداقة أم علاقة جديدة؟
اسئلة تدور كالطواحين فى رأسه وهو يمسك بالكوب بقوة جعلت يده ترتجف رغما عنه، ارخي يده ليغمض جفنيه بأسي
تريد قتله تلك المرأة حتمًا
وهو لن يتحمل أي مقدار قرب منها، قرب مدفوع بشفقة فقط
اكفهرت ملامح وجهه وهو يفتح جفنيه بحدة ليقع بصره عليها وهي تفتح الباب بهدوء وابتسامة ناعمة تزين ثغرها لتغلق الباب خلفها وحينما همت بسؤاله عن ما يرغبه، شهقت بصدمة حينما هدر فى وجهها
– تحدثي يا امرأة ماذا تفعلين هنا، أتريدين أن تعلمي الى اي مدى يصل عجزي لتشفقي عليّ؟
اتسعت عيناها بجحوظ وهي لا تتصور ما يفكر به عقله، هزت رأسها بنفي عدة مرات لتنفي ما يدور فى عقله العقيم هذا، ولسانها اجابه بلغتهما المشتركة
– كن غليظا كما شئت، لن أبرح من مكاني حتى تأتي والدتك
تجهمت ملامح وجهه وهو يراها تفتح حافظة الطعام لتتناول أول ما وقعت عيناها عليه “عشقه السمبوسة” وبلغة آخري “السمبوسك” تتناوله بتلذذ وهو يسألها بغضب
-كيف سمحت لك بتركي؟
هزت راسها بدون معنى لتجيبه بمشاكسة
-وهل انتي صغيرة تخشين من مغادرة والدتك، يا خسارة

هزت راسها بدون معنى لتجيبه بمشاكسة
-وهل انتي صغيرة تخشين من مغادرة والدتك، يا خسارة
التمعت عيناه بخطر ويبدو ان مزاجه ليس رائقًا لتجده على وشك أن يلقي سبابة وقحة
-أيتها…..
التهم باقى الكلمة في جوفه تحت أثر عينيها المحذرتين، ليراها تترك الطعام وتلتفت اليه
وعينيها تلتقي عينيه فى طريق جديد
ابتسامتها الهادئة جعلته غير متأكد أنها في حالتها الطبيعية
اللعنة ان كانت في إحدى نوبات النساء الشهرية تلك؟ ظل يهز راسه بنفي وهو يلعن افكاره المنحرفة
لكن اللعنة إن أتته صباح اليوم التالي لتنفجر صارخة في وجهه، تخبره أنه حاول التغرر بها
سمعها تقول بنبرة جادة خالية من المزاح
– مش جاية عشان حاجة وحشة صدقني، ومش جاية شفقة ولا اشمت فيك
رفع عينيه شرزًا ليقول بنفاذ صبر
-إن لم تتوقفي عن اللف والدوران في حديثك هذا وتخبريني ماذا تريدين وقتها لن ….
تفاجئ حينما دفعت قطعة السمبوسة فى فمه، نظر إليها مندهشا من حركتها لتبتسم بشقاوة قائلة
-طعمها حلو السمبوسة مش كدا؟، انا بحبها بالجبنة اكتر من اللحمة
ابتلع الطعام فى جوفه، والجبنة داخل السمبوسة تجعله يكاد يغرق من حلاوة ما يتذوق، طعم الزيتون اضاف نكهة مميزة كما يفضلها داخل حشوة الجبنة كما يحبها، رفع عيناه ليسألها
– من صنعها؟
ارتسمت ابتسامة ناعمة على شفتيها، يبدو الخير السيد الوقح تهذب.. تحاشت إجابة سؤاله قائلة بتساؤل
-ليه هي وحشة؟
لوى شفتيه بنزق ليراها تدفع قطعة أخرى فى فمه وهي تضع قطعة في فمها بتلذذ، راقبها سرمد بصمت ولم يرغب أن يجعل أن تصبح الاجواء حميمية وإن كانت من جانبه، صاح بفظاظة شديدة
-اخشى ان اصاب بجرثومة معدة بجانب عجزي، ثم الطبيب لم يسمح لي بتناول أي طعام به دهون وسعرات حرارية عالية
لوت شادية شفتيها بنزق تجاه معاملته الحادة، لتلتقط واحدة أخرى تلتهمها بنهم وقد قررت أن تتوقف عن مقاسمته لطعامهما لتقول بحدة وهي تضع الطبق بحدة على الطاولة
-انا اللي عملته بأيدي متقلقش مني وحطيته في اير فاير عشان مياخدش كمية زيت كتير

لمــاذا؟
لماذا كل هذا الاهتمام المفاجئ به؟ ولما تحرص على إطعامه وتحرص على أن تأتي أطباقه المفضلة، نظر إليها بنزق وهو يراها تخرج محشي ورق العنب
لو كانت تعلم حقا مقدار عشقه لهذا الطبق فقد اثارت ضعفه ويستسلم فورا، راها تضع أصابع المحشي في فمها وهي تثرثر باريحية
– بحب محشى البتنجان والفلفل جدا، بس عرفت من طنط غيداء انك بتحب ورق العنب عشان كدا عملته
ولكي تثير جوعه وضعت اصبع محشي في فمه وتابعت تناول الطعام بنهم شديد لتسأله بحدة تحذره من أي تعليق سخيف منه
– طعمه حلو؟
ابتسم بفظاظة ليجيبها بجفاء
-حامض قليلا، لكنه جيد
عضت طرف شفتها السفلى بحيرة، وهي تري الشماتة في عينيه لتترك الطعام جانبا وقد سد شهيتها لتقول بصراحة تامة
– سرمد انت عايز تكسر معنوياتي ليه، انا تعبت كتير وانا في المطبخ بعمل الاكل ده عشانك
ضاق به الأرض ذرعا ليصرخ فى وجهها بعنف
– شاديااه
انفرجت عن شفتيها ابتسامة ناعمة
قاتلة لحد التمني لو توقف الوقت للحظات
مؤلمة لعلمه كل ما يتمناه لن يتحقق
بعيدة كحال نجمة في السماء لن يلمسها بقبضة يده
اجابته بهمس خافت وهي تنظر إليه بضعف
أن يترفق في قسوته الوليدة معها
-نعم
مال برأسه وهو ينظر الي عينيها، محاولا سبر اغوارها ليسألها بصراحة
– ماذا تريدين؟
ضمت كلتا يديها لتنظر اليه بخجل فضحته عينيها، لترفع رأسها وهي تقول بنبرة جادة خالية من المزح
-اتجوزنى

يتبع..

لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا

لقراءة باقي حلقات الرواية اضغط على (رواية أترصد عشقك)

‫6 تعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *