روايات

رواية ثري العشق والقسوة الفصل السابع 7 بقلم آية العربي

رواية ثري العشق والقسوة الفصل السابع 7 بقلم آية العربي

رواية ثري العشق والقسوة البارت السابع

رواية ثري العشق والقسوة الجزء السابع

رواية ثري العشق والقسوة الحلقة السابعة

دعيني أخبركِ أمراً عن شيئاً ما ينغز أعماقي ، عن شيئاً في القاعِ أسمع بكاؤه بخفوت ، يبكى وينتحب ويبدو أنه يخشى إصدار صوت .
أنا بقايا إنسان ؛ قطعٌ صغيرة مفتتة جميعها سيئة وملوثة انتشلها شيطان في قبضته ليقذف بها أهدافه قطعةً تلوَ قطعةً إحداهما تنفي والثانية تقضي والثالثة تقصي وجميهم لا يخطئون .
دعيني أخبركِ أن هناك بقايا تائهة ، ذراتٌ نظيفة تناثرت أرضاً وعصفها الهواء بعيداً ولم تقع في يد هذا الشيطان ، ولكنها سبحت واختلطت بالغبار ، أعلم أن طريقكِ طويل ومساركِ شائك وهناك أنياب مسنونة ستواجهكِ .
ولكن لأكن أناني وأخبركِ بما أريد ، أبحثي عن تلك البقايا ، أوقفي العواصف وغربليها ، حاربي وانتصري واظهري قوتكِ وأأسريها ، استعملي كل أسلحتكِ وجميع وسائلكِ ومؤثراتكِ ، أصدري زئير حكمتكِ وأقطعي رِقاب الظلامِ ، فقط أنقذيني وكفى
❈-❈-❈
ما زلنا في نفس المرحلة العمرية وهي قبل عامٍ من الآن .
حال مشاعرها كطفلٍ حديث الولادة ، قرأت دوماً عن قصص الحب الأفلاطوني وكان دوماً عقلها ينكر حدوث هذا في الواقع .
ولكن برسالة واحدة من مجهول كتبت بالعربية أطاحت باستنتاجات عقلها أرضاً ، الآن تفكر وتتساءل ب هل وتنتظر الإجابة من هذا الغامض الذي ترك رسالته المحيرة وهرب دون أن تلمحه حتى .
هل هو نفس الشخص الذي لمحت طيفه أمس ؟
هل هو مسلم عربي نظراً لكتابته ؟
هل يراقبها منذ زمن ؟
أم هل تتوهم كل هذا ؟
ولكن تلك الوردة وهذه الورقة خير دليل لعقلها .
أما هو فيغادر بسيارته إلى مقر عمله الرسمى وغطاؤه التجاري الذي يخفي وراؤها أعماله الفاسدة ، يقود بغرور يليق به بعد أن حقق هدفه الأول في فرد شبكته عليها .
ما دونه في تلك الورقة لم يكن مجاملة أو إطراء بل كانت حقيقة ،، الأجواء غائمة وتظهر هي من بينها بهذه الملامح وحولها تنتشر خصلاتها النارية تتراقص جعلتها كشمسٍ متوهجةٍ أمامه لذلك وجد يـ.ده تدون ما تراه دون زيادة أو نقصان .
والآن عليه أن يقرر أمراً آخراً ،، أمر تلك المهمة التى كلفه بها ميشيل ،، فلم يكن يقضِ هذا الأسبوع في مراقبة ناردين والتخطيط لأسرها فقط ، بل كان يراقب أيضاً ذلك النائب البرلماني بنفسه ،، يتحقق من أفعاله ومن معه ،، ووجد أنه بالفعل يهاجمهم ويفضح أعمالهم ويتصدى لمن مثله ، ابتسم ساخراً ،، هل هم الملائكة إن كانت حقاً توجد ملائكة ؟ ، هل هم الأبرياء ؟ .
لديه قناعة بأن قوانينهم أعلى وأسمى من قانون الجهات الحكـ.ومية ، هم القوى الخفية التى تقصي دون حديث ،، ولكن مع ذلك لم يقتنع عقله بتنفيذ تلك المهمة ،، يرى أن تفجير دور عبادة ربما يحتوي على أُناس أبرياء أو أطفال ليس لهم ذنب في معتقداتهم أو حكومتهم .
لذلك سيرفض ،، ليوكل ميشيل غيره ،، نعم فإنّ رفضه لا يعنى أنه سيتصدى بل سينسحب بنفسه فقط وليفعل ميشيل ما يحلو له بعيداً عنه .
وصل إلى شركته لتصنيع قطع غيار السيارات ،، تعد شركته الخاصة بعيداً عن شركات العائلة لتصنيع السيارات ذاتها ،، أنشأها من ماله الخاص وأصبح يصدّر إلى عدة دول وذاع صيته في عمر الثلاثين والآن أصبح من رجال الأعمال الشباب المشهورين الذي يتميز بالسمعة الحسنة ولكن ما خفي كان أعظم .
❈-❈-❈
في القاهرة
في منزل سامح الجارحي
نزل الدرج بصحبة زو جته زينب وإبنته ريما حيث قرر أن يصحبهما إلى المتنزه فاليوم هو الجمعة موعد أجازته .
طرق باب والدته عندما وقف أمامه ففتحت تطالعهم بترقب ثم نظرت لزينب متسائلة :
– رايحين على فين كدة ؟
تحدث سامح بهدوء :
– قولنا نطلع نفسح ريما شوية يا حاجّة ، تعالى معانا .
نظرت لزينب بلوّم فقد أخبرتها أمس أنّ نهى آتية ولا داعي لخروجهم لذا تحدثت زينب مببرة :
– أصل ريما شبطانة جداً يا طنط وسامح محبش يزعلها .
ربما توقعت زينب أن الأمر هيناً برغم معرفتها طباع عفاف ، لكن يبدو أن عفاف تفهمت فعلتها بطريقة خاطئة ، حيث دوماً تسئ الظن من معالمة زينب لها ، تعتقد أن زينب تتعمد تجاهلها ، تراها تحصل على حياة مرفهة زيادة عن اللزوم مع إبنها ، تراه زو جاً متساهلاً جداً مع زو جته ، ترى أن زينب حصلت على الكثير من الدلال والراحة التى لم تحصل هي عليهما في حياتها مع زو جها ، لذا برمت شفـ.تيها ونظرت لإبنها بعتاب قائلة :
– بس أنا قولت لمراتك تأجلوا خروجة النهاردة علشان أختك جاية ، وإنت من زمان مبقتش تقعد مع أختك زي الأول .
شعرت زينب بالخجل وكأنها هي الملامة لتنظر لزو جها الذي زفر بضيق بعدما اعتاد على أفعال والدته مع زو جته لينظر لها قائلاً بترقب :
– النهاردة يوم أجازتي يا حاجّة وريما نفسها تخرج ولو مخرجتهاش النهاردة مش هعرف أخرجها طول الأسبوع ، البـ.سي وتعالي وأنا هكلم نهى تحصلنا على المكان اللى رايحينه .
عادت تنظر لـ زينب وتحدث بطريقة طفولية لا تليق بها :
– لا مش جاية ، روحوا أنتوا وانبسطوا أنا هستنى أختك وجـ.وزها ، .
زفر يومئ بضيق يغلفه الهدوء لتتحدث زينب محاولة إقناعها بنبرة لينة :
– طيب يا طنط تعالي وسامح قالك أهو هيكلمها تيجي ؟
نظرت لإبنها بعيون مستنكرة ، تريده أن يلغى تلك النزهة فليس لها داعي ولكن انخفضت برأ سها تنظر للصغيرة التى تبتسم لها وتنتظر جوابها لتتنهد وتبادلها البسمة قائلة بحنو :
– لاء يالا روحوا أنتوا علشان خاطر ريما بس متتأخروش برا بقى .
أومأ ونظر لزو جته بحنو كأنه يخفف عنها ثقل هذا الموقف قائلاً :
– طب يالا إحنا يا زينب .
أومأت تبتسم ثم نظرت لها قائلة :
– عن إذنك يا طنط .
لوحت ريما الصغيرة بيـ.دها لها لتقول بمثل :
– باباي يا تيتا .
أشارت للصغيرة تودعها مبتسمة بينما تحرك سامح معهما ووقفت هي تنظر لأثرهم بشرود لتختلق بينها وبين نفسها سبباً جديداً يمكنها أن تلوم زينب عليه ، هي لا تكرهها بل تحبها وداخـ.لها تناقضات من جهتها ولكن حقاً هناك أمور تضخمها دون أي مبرر .
❈-❈-❈
في شقة نهى تقف ترتب منزلها ويساعداها طفلاها في العمل ، .
رن هاتفها فتناولته ونظرت لشاشته لتجدها عفاف لذا ضغطت تجيب وهي تضع الهاتف بين أذ نيها وكتـ.فها كي لا يسقط أثناء عملها قائلة :
– أزيك يا ماما عاملة إيه ؟ .
تحدث عفاف وهى تجلس شاردة :
– كويسة يا نهى ، بتعملي إيه ؟ ، هتيجي ؟
أردفت نهى وهي تقوم بتنظيف زجاج النوافذ من الأتربة :
– أيوة يا ماما بخلص بس شوية حاجات كدة وهنيجي .
أومأت تزفر لتبدأ في سرد ما حدث علّ إبنتها تؤيد رأيها :
– طيب متتأخريش علشان أنا قاعدة لوحدي ، أخوكي أخذ مراته وبنته وخرجوا ، مع إني أمبارح قولت لزينب بلاش ينزلوا ويقضوا اليوم معاكي واهي ريما كدة كدة بتحب أولادك بس شكلها كدة أقنعته باللي هي عايزاه .
تنهدت نهى بالقليل من الضيق ، دوماً والدتها تشتكى من أفعال زينب معها والتى تراها هي لا تحتمل النقد لتقول باستنكار يغلفه الهدوء :
– طيب وفيها إيه بس يا ماما ؟ ،، النهاردة أجازة سامح واليوم الوحيد اللى بيرتاح فيه من الشغل يبقى طبيعي يخرج شوية مع مراته وبنته يتفسحوا .
استنكرت حديث ابنتها لتقول مبررة وتبدأ في شرح وجهة نظرها التى تحاول إقناع عقلها بها :
– يا بنتى ما هو ده قصدي ، بما إن النهاردة أجازته من الشغل كان قعد ارتاح وسطنا ، على العموم يالا ميجيش منه بقى .
حاولت نهى تلطيف الوضع لتقول بحنو :
– طيب يا حبيبتى انا هخلص بسرعة واجيلك ، أنا عارفة إنك مش بتحبي تبقى لوحدك كتير ، وكدة كدة زينب مبتحبش تتأخر برا .
لوت شفـ.تيها حيث لم تتقبل جملتها الأخيرة في مدح زينب لتزفر قائلة بعدما أرادت تغيير دفة الحديث :
– طب يالا متتأخريش ، أنا هقوم أجهز الغدا لحد ما تيجو .
أومأت نهى وأغلقت معها وشرعت تكمل تنظيفها حتى تذهب سريعاً إليها .
❈-❈-❈
في منزل عمر .
ينحني واضعاً الطعام لقطته قبل أن يغادر لعمله ، وقف يعتدل حينما رن هاتفه .
أجاب بترقب متسائلاً :
– ألو ؟
تحدث والد نور بنبرة متباهية :
– أزيك يا عمر ، معاك أستاذ أحمد والد نور .
تنهد بعمق لعل أنـ.فاسه تبرد حرارة صـ.دره عندما علم هويته ليردف بعدها بهدوء ظاهري :
– أهلاً يا أستاذ أحمد ، خير ؟
تحدث أحمد بنبرة يشوبها الغرور :
– أنا كنت عايزك تمر عليا في المحل ، في موضوع لازم نتكلم فيه .
يدرك تماماً مقصده ، فيبدو أنه يتنازل من أجل إبنته التى بدت شاحبة عندما رآها نظراً لامتناعها عن الطعام ، ولكنه حقاً لا يستطيع تقبل ما حدث وكأن شيئاً لم يكن ، إن ذهب لن ينظر لنفسه بعين الرضا ، لا يمكنه أن يكمل وكأنه لم يعايره يومياً ما، يعلم أنه يراه وسيراه دوماً إبن ملجأ لا أهل له لذا تحدث بضيق متسائلاً :
– موضوع إيه يا أستاذ أحمد ؟ ، أظن الموضوع الوحيد اللى كان ممكن نتكلم فيه هو طلبي للجـ.واز من الأنسة نور وحضرتك رفضت وأنا انسحبت وبعدها مات الكلام ، ولا فيه موضوع تانى غير ده ؟
استشف أحمد نبرته لذا كشر عن حقيقته المخبأة التى تتغلب عليه ليردف بتعالى :
– لاء هو نفس الموضوع ، وأظن إنك كنت لحوح عليه جداً وأنا علشان خاطر بنتى فكرت وقولت أكلمك ، بس طبعاً إحنا لينا شروط اضمن بيها سعادة بنتى معاك .
ابتسم عمر ساخراً ليتحدث بثبات وثقة :
– مافيش داعي لأي ضمانات يا أستاذ أحمد ، بنتك تستاهل حد غيري ، أنا كنت غلطان ، الحب لوحده مش كفاية ، إنت كان معاك حق ومن حقك تدوّر على سعادة بنتك مع زو ج غيري ، عن إذنك علشان لازم أنزل شغلي دلوقتي .
أغلق معه وتنفس بقوة يفكر بقلبٍ لين ، حزين من أجل نور وما وصلت إليه ويعلم أنها ربما أحبته ولكن كرامته ترفض تقبل الأمر تماماً ، يعلم أنها ستتخطاه وستجد شخصاً مناسباً ولكن بالتأكيد ليس هو .
انخفض ينظر لقطته التى تصدر موائها تبدو تواسيه ليبتسم لها قبل أن يغادر تاركاً المنزل .
❈-❈-❈
مساءاً عاد صقر إلى قصر العائلة .
دلف بعد أن عزم أمره على إخبار ميشيل بقراره .
سأل عنه الخادمة فأخبرته أنه يجلس في قلعته مع شقيقه داروين وإبنه سام وماركو .
اتجه لمكانهم وطرق الباب ثم دلف يطالعهم بثبات وخطى حتى وصل أمام ميشيل فتحدث بجمود ويديه في جيب سـ.رواله قائلاً :
– لن أنفذ تلك العملية ،، دع غيري هو من يتولى قيادة الفريق ،، أنا منسحب .
أطفأ ميشيل سيجاره في مطفأته ثم رفع نظره يطالعه وتحدث ببرود ظاهري يخفي غضباً :
– ولمَ ؟
نظر صقر لداروين ثم عاد ينظر لميشيل مجدداً وتحدث بثبات ونبرة لا تحمل أي توتر :
– مهامى إن لم يقتنع بها عقلي لن أنفذها ،، أنت تعلمنى جيداً ،، لن أفعل هذا فقط ، ربما إن أردت قتل جيستن بمفرده فعلت ، ولكن لم أقتنع بتفجير تلك الكنيسة .
رأى نظرة التصميم في عيـ.نيه ، بينما صقر لا يبالي ، التفت ليغادر تاركاً خلفه بركان على وشك الإندلاع ، فها هو ما يخشاه يحدث ويتجـ.سد .
وبالفعل قبل أن تصل قـ.دماه إلى الخارج وجد من يصرخ قائلاً بحدة أفزعت ماركو وداروين وسام :
– ليس على هواك ،، لقد مر أسبوع وبقى أسبوعٍ فقط ،، أنت من ستنفذ تلك المهمة وإلا حدث ما لا تحمد عقباه ،، أنت لا تمزح مع هواه يا غبي ،، أنت تلعب مع حلفاء الشيطان بنفسه .
وقف ثابتاً يواليه ظـ.هره ويضيق عيـ.نيه يفكر في هذا المصطلح ولكن قطع حبل أفكاره تدخل ماركو وهو يتحدث ليهدئ الأوضاع قائلاً :
– حسناً أبي لا مشكلة إن لم يرد صقر القيادة فدعنى أنا أتولاها ،، لمَ كل هذه الحدة ؟
لف ميشيل نظره يباغت إبنه بنظرة قاسية وتحدث بغضب :
– إخرس أنت ولا تتحدث ،، أنت لست مؤهل لتلك المهام ، ما قلته سينفذ وصقر هو من سيتولى قيادة المنفذين ،، لن أخاطر بخسارة يمكن أن توصم عائلتنا بالعار والخجل وسط الحلفاء ،، هل فهمتم ؟
عاد صقر يلتفت وخطى باتجاهُه ثم وقف أمامهم وتحدث بلا مبالاه وبرود يصيبهم في مقتل خاصةً ميشيل :
-وإن لم أقبل ؟ ،، ماذا سيحدث ؟ ،، هل سيقتلوني ؟ .
إبتسم ساخراً يتابع بملامح جامدة ونبرة حادة يفرد ذرا عيه ويشرح صـ.دره بجرأة أمامهم ولا مبالاه بأي شئ ولكن في الأعماق هناك ألم دفين ينغزه وهو يقول :
– أنت تعلم جيداً أن القتل لا يشكل لي فارقاً مع الحياة ،، كلاهما واحد بالنسبة لي ،، لا يوجد لدي شيئاً أخشى عليه ،، لذلك لن أتراجع عن قراري ،، لن أنفذ تلك العملية ومن الآن وصاعداً سأفعل فقط ما أريده ،، أنا لم أعد فتى ، لقد أصبحتُ أكبر عمراً منك ولن أبالي بأحدٍ بعد ذلك ، هل فهمتم ؟ .
نظر لهم نظرة حادة غاضبة ، نظرة تمرد لعينة لمحها ميشيل ، ليغادر بعدها دون إضافة حرف وتركهم مصدومين ،، هذه حصيدة ما زرعه ميشيل ،، هو من علمه أن لا يخشى شيئاً ، وأن الخوف محذوف من قاموسهم ،، وأن عليه أن يتمرد على الجميع دون استثناء ، والآن يجني ثماره الفاسدة ، لحظات مرت قبل أن يتحدث داروين ناظراً إلى شقيقه بخبث :
– دعك منه ميشيل ،، لما صقر بالتحديد ؟ ، هذا أصبح غبي ،، تلك العملية ليست بالعصيبة علينا ،، سأتولى قيادتها أنا وماركو .
ثقب عينه عليه وتحدث يردف بعدما أيقن استحالة تنفيذ صقر لتلك العملية :
– أنت فقط ،، ماركو لن يشارك ، ولكن إيااااك داروين واحتمال وجود خطأً واحداً .
تعجب ماركو من رفض والده وتساءل بقليل من الغضب :
– وهل سأظل هكذا لا أكلف بأي أمر كمن تم إقصائهم ! ،، هل أنا معاقب أم أني تحولت إلى أنثى دون أن أدري ؟ .
لم يعيره ميشيل أي أهتمام ولكن مؤكد لن يضحي بتلك المهمة ،، هو لا يثق في قدرات ماركو كثقته في قدرات صقر ،، لذلك لن يخاطر ، يكفي أنه سيخالف أمر قائده ويولي شقيقه بدلاً عن صقر .
أما دروين فابتسم لعلمه بما يدور في عقل شقيقه فوقف وتحدث بثقة وتعالى :
– حسناً أخى ،، دعنى أستدعي الفريق ونضع الخطة المنفذة في الحال .
تحرك للخارج وترك ميشيل وماركو يطالعه بترقب عله يتحدث ولكن دون جدوى لذلك قرر الرحيل هو الآخر .
أما عند صقر الذي دلف جناحه وخـ.لع جاكيته يلقيه جانباً بإهمال ثم جلس مرتداً يفكر .
شخصيته تأبى التحكم ،، تأبى تماماً التسلط والأوامر ، رفضه القاطع هذا لم يكن بسبب الأبرياء فقط بل دعمه أيضاً غضب ميشيل عليه .
تناول هاتفه وطلب رقم ماركو الذي أجاب بنبرة غاضبة قائلاً :
-ماذا هناك ؟
تحدث ببرود قائلاً :
– هل نذهب إلى الملهى ؟ ،، أريد أن أقضي بعض الوقت هناك ،، هيا رافقنى .
زفر ماركو وتحدث بجمود :
– حسناً موافق ،، سأنتظرك في الخارج .
أغلق معه ووقف ليأخذ حماماً سريعاً ويبدل ثيابه ويغادر ،، ربما بدى هذا الإتصال مؤلوفاً ولكنه ليس كذلك ،، هناك جزء عاطفي يحمله صقر لماركو فقط ، جزءً أراد أن يهون به على رفيقه ،، أراد أن يخرجه من تساؤلاته حول معاملة والده الذي يعلم صقر جيداً مغزاها ، فميشيل يرى أن ماركو تابعاً ذو شخصية مهزوزة عكس صقر صاحب الشخصية القيادية .
أما عند ماركو فيجلس ينفث غضبه في لفافه تبغه ، يعلم ظن والده به ولكنه مخطئ ، يراه يتبع صقر ويقلده ولكن مؤكد الأمر ليس كذلك ، فماركو له شخصية مختلفة تماماً عن صقر ولكن تجمعهما علاقة تلاحمية لأرواحهما ، فيجد ماركو في صقر ما لم يجده في أي فردٍ من العائلة .
ربما القليل من الهدوء لا بل الكثير ، ربما رشة صغيرة من العاطفة التي لا يعلمان عنها شئ ، وربما غمرة من المتعة يشاركانها سوياً منذ الصغر .
وقف ينفض نفسه ليذهب تاركاً هذا القصر الذي أصبحت جدرانه ضيقة تكاد تخـ.نقه لينتظر صقر خارجاً حيث يذهبان إلى وكر متعتهما .
❈-❈-❈
تجلس ناردين تتحدث مع والدتها عبر الهاتف مردفة بحب ولين :
– وحشتيني طبعاً يا ماما ،، خلاص أسبوع بالكتير وهجيب مايا ونيجي ،، كنت المفروض أبقى عندكو الأسبوع ده بس أولجا عزمتنى على زفافها ،، هحضر أنا ومايا وتانى يوم هنكون عندك إن شاءلله .
تحدثت آسيا بترقب :
– مايا لسة مش موافقة على رجوعها مصر يا ناردين ؟ ،، محاولتيش تقنعيها ؟ ،، أنا مش هقدر أسيبها هنا لوحدها .
أردفت نارة برتابة لاغية تلك الفكرة تماماً :
-لاء طبعاً يا ماما مينفعش أبداً نسيبها لوحدها وننزل مصر ،، مايا هتنزل معانا إن شاءلله ،، وأنا متأكدة أنها لما تسافر مصر وتشوف أهلها هتغير فكرتها عنهم 180 درجة ،، بس مبدئياً خلينا نقنعها تنزل معانا الأول حتى لو لفترة مؤقتة ،، من حقها تتعرف على بلدها وأهلها لإنها بتحكم عليهم من غير أي معرفة سابقة .
تنهدت آسيا بارتياح من حديث نارة التى دوماً تطمئنها ثم تساءلت نارة تسترسل بترقب :
– بابا عامل إيه ،، وصحته تمام ،، لسة بردو بيشتكى من معدته ؟
عاد الحزن يتوغل ملامح آسيا لثوانى ثم تحدث بمراوغة :
– بابا كويس يا حبيبتى ،، بياخد أدويته ،، المهم أنتوا خلصوا بسرعة وتعالوا لإنكوا وحشتونى جداً ،، وقولي لمايا تكلمنى ،، برن عليها مش بترد .
أومأت نارة قائلة تبرر عدم رد شقيقتها :
– حاضر يا ماما ،، هي دلوقتى في متحف الفنون ،، بتعرض لوحاتها للبيع علشان تتبرع لجمعية الرفق بالحيوان .
– تمام يا حبيبتى ،، هقفل معاكى وأروح أشوف شفيق لأنه بينادي عليا ،،، أشوف وشكم بخير .
قالتها آسيا وأغلقت معها واتجهت لزو جها الذي يجلس في حديقة المنزل يسعل بشدة ودنت تناوله كوب مياة قائلة بحزن :
– شفيق تعالى نروح المستشفى ،، إنت ساكت على نفسك ليه كدة ؟ ،، وليه رافض تعرف البنات ؟ لازم يعرفوا بقى يا شفيق مبقاش ينفع تخبي .
ابتلع شفيق لعابه وتحدث بأنين يراوده بسبب تدهور حالته الصحية :
– مش مهم البنات تعرف يا آسيا ،، المهم نرجع مصر في أقرب وقت ،، علشان لو قابلت وجه كريم أموت وأنا مطمن عليكوا وسط ناسنا وأهلنا ، بعد 23 سنة اتأكدت أن الغربة هم كبير وتعب ووحدة حتى لو مع عيلتي ،، البعد عن بلدك وناسك بيحـ.سسك إنك ماشية وسط الناس مكشوفة ،، عايز ارجع في أقرب وقت ،، وأوعدك أول ما نرجع هروح لدكتور كويس وهعمل اللازم إن شاءلله ،، بس نرجع .
جلست بجواره وربتت على يـ.ده تردف داعمة لقراره :
– هنرجع يا حبيبي ،،، ناردين وعدتنى هتتكلم مع مايا وهنرجع في أقرب وقت ،، هما قدامهم أسبوع بالضبط ويكونوا هنا ،، بس قوم معايا ترتاح جوة الدنيا هنا برد .
تمـ.سك بكفها قائلاً بوهن وملامح مجهدة :
– خلينا هنا يا آسيا ،، خلينا قاعدين مع بعض شوية ،، تعالى نعمل زي زمان ونتخانق على لون وريحة الورد .
ابتسمت له ثم أومأت قائلة بحب ممزوج بالحزن لأجله :
– معنديش مانع ،، بس متجبش سيرة الورد الأصفر ،، مش هحبوا بردو .
ضحك عليها بهدوء ثم تحدث بالإيطالية وهو يطالع ملامحها التي يعشقها :
– لا يليق بكِ سوى الورد البلدي يا وردتي .
❈-❈-❈
في الملهي الليلي يجلس صقر في مكانه المعهود ويجاوره ماركو يتناول المشروب كأساً تلوَ الآخر وصقر يطالعه بترقب ويرتشف القليل من كأسه .
لف نظره فجأة إلى حلبة الرقص التى تمتلئ بالفتيات السكارى تتمايلن وسط الشباب بطريقة تهدم الأفئدة وجميع مصطلحات القيم والمبادئ ،، ولكن عينه لا تراهن ،، بل ترى من كانت تقف هنا منذ آيام عدة ،، تلك التى أصبحت تشغل حيزاً من أفكاره .
تذكر حدتها مع شقيقتها ومحاولة إخراجها من بينهم ، وصفعتها لذلك الشاب الذي كاد يصفعها لولا تدخـ.له ،، تلك المرة الأولى والنبضة الأولي التى لكمت يساره الذي أعتقد دوماً أنه لن يعمل أبداً ،، ولكن يبدو أن شرارة الحب لا ترحم بشري حتى ولو كان فاسداً ممتلئ بالظلمة .
برغم إنشغاله بنارة إلا أن هذا لم يشغله عن ماركو الذي كان يحمل زجاجة المشروب رافعاً إياها على فـ.مه قبل أن يصل يـ.د صقر لها وينزعها مردفاً بعيون حادة :
– يكفي هذا الحد اليوم ،، هيا نغادر .
نزع ماركو يـ.ده وتحدث بتيه ولكنه يخرج ما في جوفه :
– دعنى وشأني ،، أنا أكرهه بشدة ، أكرهه وأريد قتله .
زفر صقر وابعد يـ.ده ،، يعلم أنه يقصد والده ،، ولكن هذا الغبي سيوودي بحياته هكذا ،، لن ينفعه هذا المشروب ولن ينسيه ،، هذا يزيد الأمر سوءً .
أشار صقر لأحداً من رجاله فجاء وانحنى ليسمعه بطاعة فقال صقر بجمود :
– أحضر السيارة حالاً .
أومأ الرجل وغادر ينفذ بينما وقف صقر وعاد ينزع من يـ.د ماركو الزجاجة والآخر أصبح في حالة سكر تام لذلك تركها وهو يعافر أن لا يفعل ولكن قوته معدومة بعدما تمكن أثر المشروب من عقله وجـ.سده .
أوقفه صقر ولف يـ.ده حول خـ.صره بينما يـ.د ماركو على كتفه يستند عليه ،، تحرك به حتى استطاع الخروج من الباب الخلفي للملهى ثم أجلسه بمساعدة رجـ.لهُ في الكرسي الجانبي وتحرك يستقل مكانه ليغلق الأخر بابه وينطلق صقر عائداً إلى المنزل فقد قرر عدم الذهاب اليوم ليراقبها ،، مؤكد بعد مكتوبه ستنتظره ،، مؤكد بعد أن لمحته ستحاول التأكد وهذا تماماً ما يريده ، يريد أن يترك في عقلها تساؤلات إجابتها ستكون معه فقط لذا لن يذهب اليوم وليدع أفكارها تبحث عنه .
❈-❈-❈
وهذا تحديداً ما يحدث .
فها هي تجلس كعادتها تقرأ كتاباً ،، ولأول مرة لا يندمج عقلها مع قصتها ،، بل يفكر في هذا المجهول ،، التى لم تلمحه اليوم ،، يبدو أنه جاء كنسمة هواء في صيفٍ حار وغادر ولن يعود ،، أو ربما هي من تمنت أن يعود يومياً ويراقبها .
زفرت بقوة وتناولت كوبها لترتشف القليل من القهوة ثم تركت الكتاب على المنضدة وتناولت هاتفها تنظر للوقتِ ،، الساعة أوشكت على التاسعة ومايا لم تعد بعد .
هاتفتها فأجابت مايا وهي تحمل قطة ناعمة تتحـ.سس فراؤها بحب وتردف عبر الهاتف وهى تدلل القطة :
– كوتى كوتى ،، أيوة يا نارو متقلقيش أنا مع بيسكو وجاية حالاً ،، كوتى كوتى .
تعجبت نارة وظهرت الدهشة على ملامحها ثم ابعدت الهاتف تنظر له وعادت تضعه على أذ نها قائلة باستنكار :
– كوتى وبيسكو ؟ ،،، مايا إنتِ كويسة ؟
ضحكت مايا واﻧزلت القطة التى أسرعت تركض بسعادة ثم تنهدت وتحدثت قائلة وهى تنظر لمجموعة القطط التى تطالعها يبدو أنهن يردن تدللها :
– بيسكو ده قطقوط عسسسل خالص وانا بدلعه بقوله كوتي ،، أنا خلصت المعرض وجيت على الملجأ ،، بس خلاص خلصت أنا وصحباتى وهيوصلونى ،، مع إنهم كانوا عايزين ياخدونى أسهر معاهم في نفس المكان بس أنا أعتذرت ،، علشان تعرفي غلاوتك عندي .
سعدت نارة بحديثها وأردفت بحب وليونة :
– وانتِ كمان يا مايا غالية عندى جداً ،، علشان كدة عايزاكى بعيدة عن الأماكن دي ،، يالا هستناكى علشان نتعشى سوا ،، هعمل بيتزا .
ابتسمت مايا وتحدث باستنكار :
– لاء اطلبيها يا نارو ،، المرة اللى فاتت كانت محروقة .
تحدثت نارة معنفة فهى لا تقبل أبداً أن يقلل أحدهم من صنع يـ.دها :
– مهو حضرتك السبب ،، فضلتي تتكلمى وتجادليني لحد ما نسيتها ،، بس المرة دي مش هحقرها متقلقيش ،، أنا مركزة .
هزت مايا كتفيها قائلة بمرح :
– أوكي ،، يالا سلام .
أغلقت معها ووقفت نارة تنظر للمرة التى لا تعلم عددها إلى الخارج وتحديداً في نفس المكان الذى رأته فيه ولكن لا أثر له تماماً لذلك زفرت ونفضت رأ سها لتطرد تلك الافكار واتجهت لتحضر البيتزا معنفة نفسها على طريقتها الجديدة التى تتنافى مع شخصيتها الشامخة .
هي أقوى من أن تنجرف خلف مشاعر مراهقة لمجرد ورقة تركها غريب لا تعلم عنه معلومة واحدة ،، يبدو أن قراءة قصص الحب الخيالية كان لها تأثير سلبي عليها وجعلتها ضعيفة ،، لذلك حسناً من الآن لن تفكر مجدداً في هذا الأمر ،، ولتترك القصص الرومانسية وتعود لكتب علم النفس كما في السابق ،، ولكن حتى في علم النفس ذكر أنّ كلما حاولت منع نفسك عن التفكير في أمرٍ ما انشغلت به أكثر ،، حسناً يكفي إلا هذا الحد .
عنفت نفسها وشرعت في الطهي إلى أن تأتى شقيقتها .
❈-❈-❈
بعد عدة أيام
يوم زفاف أولجا على النائب جيستن .
تم تجهيز الكنيسة بالزينة الورود الرائعة البيضاء ذو الرائحة المميزة لتشهد على بدأ حياة زو جية ربما لم تكتمل .
فكما تجهزت الكنيسة بالورود تجهزت أيضاً منذ أمس بالمتفجرات المنظمة والمضبوطة على موعد محدد ،، تخطيط مشين غير إنساني للتخلص من النائب وعائلته وأبرياء آخرين ليس لهم أي ذنب ،، فقط لأنه يتصدى ويقف بالمرصاد لأصحاب النفوس الخبيثة هو وعائلته ،،، لذلك قرروا تصفيته بهذا الشكل القاسي وليكن المتهم الأول والأخير في تلك المؤامرات هو الإسـ.لام دوماً .
بدأ المدعوون في التوافد ،،، وامتلأت الكنيسة بالأقارب والأصدقاء ومن بينهم ناردين ومايا وفتاتان مسلمتان صديقتان لأولجا في الجامعة .
حضرت العروس مع والدها وبدأت تخطو على السجادة الحمراء حيث كان ينتظرها جيستن بسعادة غير مدرك لما هو على وشك الحدوث ، يجاوره الكاهن ليبدأ في مراسم الزفاف والجميع يباركون ويصفقون .
رأت أولجا ناردين فلوحت لها بسعادة لحضورها وبادلتها نارة تبتسم لها ومايا مندهشة بالأجواء التى تراها لأول مرة على أرضِ الواقع فتلك مرتها الأولى التى تحضر بها زفافاً داخل كنيسة .
على الجهة الآخرى رن هاتف صقر برقم أحدهم فأجاب يردف بانتباه وهو يقود سيارته لمقر شركته :
– أين هي الآن ؟
يبدو أن أحدهم يراقب خطواتها ،، وهذا ما يريده صقر ،، فمنذ اللحظة الأولى التى قرر السؤال عنها وقد أصبح أمرها يعنيه ،، خطواتها كاملة ستكون نصب عينه ،، لن يضع إحتمال لأحدهم أن يتعرض لها وإن حدث لن يكن رحيماً أبداً ،، يبدو أنه متملك لأبعد الحدود .
أجاب الآخر بهدوء لعدم معرفته بخطورة الأمر قائلاً :
– لقد أتت مع شقيقتها إلى كنيسة ( enlightened minds ) لتحضر زفاف صديقة لها .
لم ينتظر صقر أن يكمل جملته بل أغلق وبدون أي تساؤلات كان يغير مساره ويوجه سيارته إلى الطريق المؤدي للكنيسة ،، فاليوم هو موعد تنفيذ المهمة ،، بل والآن هو موعد التنفيذ .
يا إلهي هناك قلب في يساره يلكم صـ.دره بعنف ، نغزه تخالف ما دوّن على جـ.لده ،، حالة غريبة مؤذية لروحه تستحوذ عليه ،، حالة ضعف يستنفرها ويبغضها ولكن هي من تقوده الآن ،، هل سيفقدها قبل حتى أن يلتقيا ؟ ،، هل سيفقد الوحيدة التى اهتم لأمرها بعد والدته ،، الوحيدة التى شغلت أفكاره منذ اللحظة الأولي ؟ .
الآن تمنى والأمانى لم تكن في قاموسه يوماً ؛ تمنى أن لا تنفجر الكنيسة ، تمنى أن تتعطل جميع المتفجرات ، تمنى لو مات صانع المتفجرات قبل صناعتها ، تمنى أي شئ يبقيها آمنة ، تمنى أن يراها مجدداً ،، ربما يكن مُبَلّغه كاذب وأنها الآن تجلس بجوار نافذتها تقرأ كتاباً لعين ! .
يقود بطريقة وحشية مظلمة كشخصيته ليصل فقط قبل أن تنحصر أحلامه التى ظنها هباءاً منثوراً ، يسابق الريح وكل ذلك ليس لمجرد فتاة رآها وأعجب بها .
لا ، فالأمر أعمق من ذلك بكثير ،، ملفها وما علمه عنها وكأنه يدرسها يجعله شبه متأكد أنها بمثابة قارب النجاة الوحيد له في هذا اليم المظلم لذا فهناك قوى غريبة داخـ.له استيقظت لتوها تقوده وتتحكم بأعضاءه فقط ليلحق بها ، طاقة غضب تتحكم بدماؤه التى تتدفق وتلعن ماضيه الأسود ودخـ.وله لهذا العالم ، ولكن هل حقاً كان يمتلك إرادة للرفض أو الإعتراض ؟ .
على الجانب الآخر رن هاتف نارة التى تجلس تتابع بسعادة ، كان رقم والدتها ،، تناولته وأجابت وكانت أولجا قد وصلت إلى جيستن الذي احتضن وجـ.هها بكفيه وقبل رأ، سها بحب يعبر لها عن سعادته .
أجابت نارة بصوت منخفض حتى لا تزعج من حولها :
– ماما أنا في زفاف أولجا هخرج وأكلمك .
قاطعتها آسيا تبكي بشدة قائلة بنبرة أشبه بالصراخ المكبوت كأنها تختنق :
– ناردين الحقيني ،، باباكي وقع وأخدناه على المستشفي ،، تعالولي بسرعة شفيق تعبان أوي .
انقبض قلب نارة ونظرت لشقيقتها بزعر ثم لفت نظرها لأولجا التى أنشغلت في كلمات الكاهن لها .
أغلقت نارة الهاتف وقلبها ينبض متألماً ،، حياة والدها مهددة ؟،، كانت تشعر بذلك ،، تشعر أنهما يخفيان عنهما شيئاً ،، مدت يـ.دها تتناول كف مايا ووقفت تسحبها مسرعة وتغادر معها المكان تحت نظرات مايا المتعجبة والمتسائلة ونظرات بعض الحضور .
تحركت إلى الخارج ومايا تتساءل مستفهمة وهى تحاول نزع يـ.دها :
– يا نارو فهميني بس فيه إيه وخرجنا بسرعة كدة ليه ؟
تركت يـ.دها ونظرت لها والدموع تكونت في مقلتيها جعلت رؤيتها مشوشة وهى تقول بتحشرج :
– بابا وقع وأخدوه المستشفى .
أيضاً خلال ثواني تكونت الغيوم المائية في عيني مايا بعد سماعها لهذا الخبر المفجع وأردفت بزعر ولهفة :
– إنتِ بتقولي إيييه ؟ ،، بااااابي ؟ ،، طب يالا بسرعة نروحله .
قالتها وهي تركض ، خرجتا من الكنيسة في نفس اللحظة التى وصل بها صقر على مسافة تعد بعيدة نسبياً وهو لا يصدق عينه بأنها هي ،، توقف مكانه فجأة ليتفحص تفاصيلها ويتأكد أنها هي ،، تخطو مع شقيقتها مبتعدة وتعبر الطريق لتصل لسيارتها التى تصطف على الجهة الأخرى ،، رآها ولمح دموعها ولاحظ سرعتها ولكن لا يعنيه الأمر بقدر ما يعنيه خروجها ،، خروجها بالنسبة له أشبه بالمعجزات التى لم يكن يؤمن بها أساساً .
وجد صـ.دره يلتقط أنـ.فاسه بعد أن ظن الهواء مستحيلاً .
وقبل أن تستقل نارة سيارتها سمعت صوت إنفجار شديد القوى مصاحب بهدم مبنى الكنيسة بأكمله وتناثر الشظايا والأتربة في مشهد لن يزول من مخيلتهما أبداً .
للحظات ترجم عقلها ما تراه وتسمعه وتعيشه على أنه مشهداً سينمائياً في أحد الأفلام المؤذية التى لا تحب رؤيتها ، ولكن وصول الحطام إليها وصرخات مايا الصادمة وصرخات المارة العالية نبهتها بأن ما حدث للتو لم يكن فيلماً سنيمائياً ، لم يكن سوى حقيقة مؤكدة وواقع مرير .
شُل لسـ.انها وضاعت الصرخات من فـ.مها تتابع ما يحدث بعيون جاحظة وفاهٍ مفرغ ، حتى أن دموعها تبخرت لتجد مايا تصرخ وتحتمي وتلتصق بها والمارة يصرخون ويرددون ( يا الهي – يا الهي ) وهى تحـ.تضن شقيقتها بجـ.سد لم يعد يحتمل لتتهاوى أرضاً وقد التصق ظـ.هرها بسيارتها وأصبحت تهز رأ سها مستنكرة تصديق ما تراهُ عيـ.ناها وتسمعه أذ ناها .

يتبع..

لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا

لقراءة باقي حلقات الرواية اضغط على : (رواية ثري العشق والقسوة)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *