روايات

رواية أترصد عشقك الفصل السابع عشر 17 بقلم ميار عبدالله

رواية أترصد عشقك الفصل السابع عشر 17 بقلم ميار عبدالله

رواية أترصد عشقك البارت السابع عشر

رواية أترصد عشقك الجزء السابع عشر

رواية أترصد عشقك الحلقة السابعة عشر

ما تخشاه ببساطة يأتي إليك

ليدمرك

ليحطمك

ليكسر آخر قشة تتشبث بها بحياتك تمنعك من الانزلاق

وخوفها كان منه هو

المثير للأعصاب واللاعب الأول علي أوتار أنوثتها

أقتحم بكل براعة منه إليها

حتي اتي الي احلامها

استيقظت فزعة وعينيها تدور بكل خوف وترقب أن يأتيها من أي ركن من اركان غرفتها الفسيحة ، ارتجفت شفتيها وهي تنظر الي الباب المغلق لتدفن وجهها في كفيها باكية باضطراب وهلع

شهقت بذعر حينما اقتحمت جيهان غرفتها وعلى وجهها مرتسمة امارت الذعر والخوف ، هل صوتها كان عالي لتلك الدرجة ؟!

تساءلت بذهن مشتت وعقل غائب وهي تري اقتراب جيهان منها بخوف علي فراشها قائلة بذعر

– شادية ، انتي كويسة

تسيل الدموع من عينيها وبكفها تغطي ارتجاف شفتيها ، عقلها الباطن سبح في بقعة سوداء حرمت من تذكرها منذ سنوات ، المشهد تكرر بوقع مخيف لنفسها ، فرائصها مرتعدة بخوف شديد وهي تخرج حشرجة من حلقها لتهمس باضطراب

– كابوس يا جيهان

كان كابوس بالمعني الحقيقي

لم تكن تلك العينين خاصته

ليس ذلك مصدر الأمن الذي بثه منذ ساعات يصبح مصدر تهديد لها ولآمنها ، مجرد اضغاث احلام ليس أكثر

شعرت بجيهان تدفنها إلى ذراعيها لتمسح جيهان علي رأسها بقلق

– اهدي يا حبيبتي ، اهدي .. أعوذ بالله من الشيطان الرجيم

– فيه ايه

شهقت الفتاتان على صوت معتصم الذي يتحرك بتعثر مقتحما الغرفة ، يكره شعوره بالكبر وما زال عليه حماية زهرتيه .. نظر بقلق الى عيني شادية ليراها تنظر بذعر

ذكره بأيام كالجحيم مرت منذ أن فسخت خطبتها بذلك النجس الذي توقع انه رجلا أهلا لها ، نظرت جيهان بعبوس لتهمس

– بابا ايه اللي طلعك

اقترب من فراش صغيرته ليقول مزمجرا بحدة

– ابعدي يا زئردة من هنا

ابتعدت جيهان مصدرة تأفف طفولي حانق ، لتري والدها يحتضن شادية التي سارعت بدفن وجهها في صدر والدها وتبكي بصمت ، اختنقت انفاس جيهان وهي تقترب منهما تنظر بصمت ويأس .. ألم تتخلص شادية من تلك الكوابيس لما عادت الآن؟!

ظل يتلو معتصم بعض الآيات ليبث السكينة لروحها المذعور و جسدها المرتجف لترتجف شفتي شادية وهي تزداد تشبثا بوالدها .. هو جبلها الشامخ ، عضدها ، مركز قوتها ، استمعت الي صوته الحاني يترسب إلى أذنيها

– مالك يا حبيبتي

اغمضت شادية جفنيها ولا تعلم ماذا تخبره ، أتخبره من كان حاميها ظهر كوحش على وشك الانقضاض عليها ، ارتجف جسدها كما لو مرت رعدة كهربائية علي جسدها لتهمس بضعف

– حلمت حلم وحش

مرر معتصم أنامله بدفء علي خصلات شعرها ليهمس بهدوء

– حلمتى بايه

بللت طرف شفتيها وهي تسمعه يتمتم بصوت كما لو أنه صمد ليقولها بشجاعة

– ماضي

هزت رأسها نافية لتهمس

– لا يا بابا

أطلق معتصم زفرة حارة ولثواني شعر بالحمل الثقيل انزاح عن ثقله ليهمس بارتياح

– الحمدلله ، النهارده هنام معاكى

تنحنحت جيهان بصوت طفولي معترض

– ايه ده يا عصوم وانا

سحب معتصم ابنته ليضطجع على الفراش وصغيرته مستندة برأسها على صدره ليقول بغلظة

– عندك الكنبة اهي نامي فيها

قفزت جيهان علي الفراش وهي تقول بمشاكسة

– ده السرير بيشيل الحبايب الف ، هنام وسطكم

نظر معتصم بعبوس إلى قفزات صغيرته التي اصبحت أنسه على وشك الزواج تتصابى بأفعال صبي لا يتجاوز الرابعة ليقول بجمود

– روحي هزي طولك واعملي لبن دافي

عقدت جيهان ساعديها على صدرها وهي تقول بمشاكسة

– ايه يا بابا ، انت شايفها عندها تسع سنين .. ما هي شاحطة قدامك

نظر اليها معتصم بحدة جعلت جيهان تتبرم بشفتيها وهي تقيم بامتعاض ليزجرها معتصم قائلا

– بت روحي اعملي اللي طلبته منك

دبت جيهان بقدمها على الأرض ، هذا آخر ما تقدمه للبيت من روح مرحة تقابلها أعمال منزلية ، دمدمت بسخط وهي تنفذ تعليمات والدها …. لينظر معتصم بنظرة علمتها شادية

تلك اللحظة التي ينتظر منها تصريحا صادقا منها

اجلت شادية حلقها وتوترت لثواني وهي تسمع سؤاله الهادئ

– فيه حاجه بنتي مخبياها عني

رمشت بأهدابها لتهمس بارتجاف

– مفيش حاجه يا بابا

ضيق معتصم حاجبيه ليهمس بحدة طفيفة

– بنت ، عارف الحركات دى ، مستنيكي تقوليلي

رفعت شادية عينيها وهي تنظر الي عينيه ، تخشي أن تصيبه وعكة مما ستقوله … حاولت ان توقفه عن تلك الجلسات التي تشعرها معراه روحيا

– بابا

قلب معتصم عينيه بملل ليقول بنفاذ صبر

– معنديش حيل للمناهدة انجزي

أغمضت جفنيها وهي تسحب نفسا عميقا لتدفع كلماتها مرة واحدة

– انا ولؤي فسخنا الخطوبة ، انا المرة دي اللي فسختها

فتحت نصف عين لترى تعابير وجهه المبتسمة ، لتفتح عينيها وهي تلاحظ الابتسامة تحولت لضحكة خافتة وهو يقول بارتياح

– خير ما عملتي

رفعت حاجبها بشك من ردة فعله لتهمس

– بس كدا

مرر انامله علي خصلات شعرها ليقول بعبوس

– مكنتش بطيقه وانتي عارفة ده

ثم عاد ينظر تلك النظرة … ليتصاعد التوتر ويكاد يفتك بها فتكا وهو يقول بنبرة متسائلة ماكرة

– وايه تاني مخبياه عليا

اشاحت شادية بعينيها وهي تعقد حاجبيها بتفكير ، تخبره ماذا تحديدا ؟! أن هناك رجل يتفنن في تعذيب أعصابها ويتلاعب بها كما لو أنه يعلمها جيدا حتى آتي لحلمها ؟!

ليقوم بتقيديها مرة اخرى ؟!! وضعها تحت حراسة ؟!! ، ابدا لن تفعلها حتي وان شعرت بأن تلك الفكرة سديدة .. لكن يجب أن تثبت له أنها قادرة على التصرف جيدا حتي في أصعب المواقف ، زفرت عميقا وسحبت نفسا عميقا لتهمس

– مفيش حاجه يا بابا

رغم عدم اقتناع الاب لما قالته ، لكنه اكتفي بذلك الخبر السعيد ، ينتظرها لعدة أيام حتي يعيد تلك الجلسة ويري ما غير صغيرته ، يعطيها وقتا حتى تكون شجاعة وتخبره ، غمغم بنبرة ذات مغزى

– هعمل نفسي مصدقك بس هعرف

شعرت بخطوط نيران على وجنتيها ، لتتوجع وهي تمسح دموعها .. هل لتلك الدرجة سيئة ؟! كي تكون مغناطيسا تجذب جميع الرجال السيئين ؟!!

أليس من حقها أن تشعر برجل يجعل عقلها يوافق عليه وقلبها راضي علي اختيار عقلها .، كان معاذ اختيار والدها الاول

هي وافقت حينما شعرت انه منجذب لها بل عرب عن مشاعره التي شعرها اتجاهها ، توقعته حبا .. لكن ذلك الحقير كان مخادع ، اضطربت انفاسها لتزيح معاذ بعيدا وهي تضع صورة لؤي

هذا كان اختيار عقلها ، كانت راضية .. كان يبدو أن يحاول لإنجاح تلك العلاقة ، لكن تأتي الرياح بما لا تشتهي السفن ، ليخبرها أنه مرتبط بامرأة أخرى

ثم سرمد

عضت باطن خدها ، صورته وتصرفاته جميعها ليست من طموحاتها ، ليس بالرجل الذي يدفعها للزواج به ، مجرد علاقة دون مسميات لقضاء وقت لطيف ثم وداع ، كأنه محطة انتظار لإيجاد رجل الاحلام !!!!!

رفعت رأسها تنظر إلى والدها تنظر إلى بضياع وتشتت ، قرأ الأب ما يجول في عيني صغيرته

ذلك التشتت والضياع يعلمه جيدا

تلك بداية ……… اتسعت عيناه بإدراك وهو يسمع الي نبرتها المتحشرجة

– بابا انا وحشة

هل اقتحم رجل حياتها ؟ ، عصف ذلك السؤال في ذهنه ولجم لسانه عن التحدث ليسمعها تقول بحنق

– ليه مش من حقي الاقي راجل يناسبني واعيش حب زي حبك انت وماما

ابتسم جانب شفتيه ، وهو يغمغم .. كانت تحتاجها ثريا في تلك الجلسة الخاصة ، يشعر أنه لا يقدر على افادتها فهو بالنهاية رجل ، وهي بحاجة إلى امرأة عاقلة تفهمها وجيهان تلك شعلة متمردة لن تقدر علي نصيحتها ، زفر معتصم وعيناه غامت لماضي بعيد

– ومين قالك ان حياتنا انا وثريا كانت ورد في ورد ، اتعذبت عشان اوصلها كتير .. حتى بعد جوازنا برضو فيه مشاكل كتير قابلتنا ، بس لما شرفتونا قررنا نبقى مسؤولين لحد ما الزردة شرفت ، مفيش حاجه سهل نوصلها ، وعشان تجربة فاشلة متحطميك يا شادية .. ببساطة مقابلتيش الراجل اللي هيخطفك مني

قال اخر جملته بنبرة ذات مغزى وعينيه تنظر إلى أثر تلك الكلمات عليها ليري تغضن جبينها ثم تلوح النظرة الحائرة في عينيها ، لتضم جسدها إليه قائلة

– انا مش عايزة ابعد عنك

انفجر ضاحكا ، لقد تأكد .. وإن كانت تشعر صغيرته بتذبذب مشاعرها ، لكن يبدو رجلها قوي ومثابر للنهاية .. حتى يجعل فتاته حائرة ومشتتة ، وإن كان لا يستبعد أن الحلم على علاقة به ، شعور يؤكد له ذلك .. هو من جرب ويل العذاب حتى يظفر بمحبوبته ويثبت لعائلة معشوقته انه أهلا للحب ، كيف لا يرى عيون العاشقين

وعذابهم وهو على دراية بهم

طبع قبلة على جبينها ليهمس قائلا

– ومين قالك اني هسيبه ليكي ، هقرف في عيشيتهم وهخليهم تيجوا تباتو عندي كل يومين هعمل جدول

نفت شادية قائلة وهي تزداد التصاقا بأبيها ، تبعد تلك المخيلة انها وهو معا في صورة واحدة … تزجر عقلها علي تفكيرها المنحرف عن مسارها لكنه لا يبدو أنه منصتا لها

– مش هتجوز

ضربها بخفة على رأسها قائلا بحدة

– بطلي هبل ، عايز اشوف احفاد يا عبيطة انتي

شهقت شادية بخجل لتتورد وجنتيها ومجرد لمحة لتفكير بعيد ومسارات منحرفة جعلها تهمس لأبيها بخجل

– بابا

انفجر معتصم ضاحكا ، لأول مرة يسمع تعليق من شادية الخجول وهي تمنعه بحياء رغم انها كانت في المرات السابقة تجيبه حينما يريد الله ، لمعت عيناه بخبث

يبدو تأثيرا فتاكا وقويا .. ماذا الذي فكرت به صغيرته حتي تهمس له بخجل هكذا معاتب ليقول بمزاج رائق

– عايز اشوف احفادي بسرعة بس الاول اشوف اللي يحطك جوا عنيه وميقبلش يهينك

ازدردت شادية ريقها بتوتر لتغمض جفنيها وانامل والدها تلعب على خصلات شعرها ، انتبه كلاهما علي صوت جيهان الحانق وهي تحمل في يدها كوب حليب دافئ ولن تخبر احدا انها وقفت متعذبة حوالي سبع دقائق حتي برد اللبن تنتظر إلا تقاطع أمرا هاما بينهما

– جبت اللبن

نظر معتصم بعبوس شديد وهو يعقد حاجبيه ليقول بتسلية

– كويس اشربيه وتعالي نامي

ضربت جيهان بقدمها على الارض قبل ان ترفع الكوب و ترتشفه في جرعة واحدة ، وضعت الكوب بحدة على الكومود ثم تقدمت نحو الفراش تتخذ لها مكانا في حضن والدها من الجهة الأخري وهي تميل برأسها على صدره الأخري تغمض جفنيها براحة ودفء تتشبث به بأناملها

مال معتصم يطبع قبلة علي جبين صغيرته المتمردة ثم إلى صغيرته ذات الرأس اليابسة ليغمض جفنيه ولسانه يردد دعاء لحفظهما له وجلب الفرحة لصغيرتيه التي يستحقونها .

******

في قصر المالكي ،،،

مررت وجد أناملها بارتباك علي القماش ثم الحاسوب ، تتابع بشغف الي دورة التي تقدمت لها عبر الإنترنت .. ابتسمت بنعومة نحو قماش فستانها الحرير الاحمر ، تتذكر منذ سنوات ليست ببعيدة حينما كانت تنفذ تعاليم ما أخذته في الدورات على قماش فستانها … تشعر بتلك الشعلة الموقودة في داخلها الآن تشبه التي كانت منذ سنوات ، نقرت اناملها على سطح المكتب .. تلعب بأصابعها كما لو أنها تلعب على لوح مفاتيح البيانو

تعترف أن أزياء الرجال رغم بساطة شكلها إلا أنها معقدة ، بل جميعها معقدة .. زفرت بيأس وهي تلعن لثواني غبائها

بل تسرعها للموافقة .. لما لم تخبره انها لا تعلم أي شيء عن تصاميم الرجالية ، زفرت بحنق متمتمه

– انا غبية ازاي وافقت اصمم بدلة وانا مبعرفش اصمم بدل

رفعت عينيها تنظر نحو ماكينة خياطتها التي اشترتها بمالها لتنظر اليها بحنين غالبها لتعود تنظر إلى الفيديو ثم صاحت بحنق

– لازم تندفعي بتهورك يا غبية

انتبهت على صوت اشعار من هاتفها لتوقف تشغيل الفيديو وقلبها يدق بعنفوان غريب وشعور يخبرها انه هو ، من يراسها الآن

اتسعت ابتسامتها وهي تري اقتحامه لها بسؤال حانق

– صممتي البدلة

أرسل وجه حازم لتنفجر ضاحكة وهي ترد عليه بهدوء

– مش هتخلص من يوم وليلة يا عاصي

لم يتأخر وهو يرى رسالتها ثم اندفع يكتب .. وقلبها يخفق بعنفوان غريب لم تعتاده وتشعر بالفضول وهي تنتظر الى ما يكتبه لتراه كتب

– قولتلك عندي خطوبة صاحبي ، وعايز ابقي أوسم من العريس

القي وجه شخص يرتدي نظارات سوداء ، لتختفي الابتسامة من شفتيها واندفعت تكتب بتهور

-عايز تخطف عيون الناس ليك يا استاذ عاصي

شهقت مما كتبته لتهم بحذفه قبل رؤيته إلا انها انتبهت علي نداء عمتها جميلة التي تقدمت الي غرفتها

– وجد

– نعم

رفعت رأسها تقول بذهن مشتت وهي تهم بحذف الرسالة إلا أنها تفاجأت انه رآها

بل يرد علي جملتها الحمقاء ، وددت ان تنشق الارض وتبتلعها في تلك اللحظة .. لكن جزء شقي كان مهتم .. مهتم أن يعلم حقا هل تلك التغيرات لها تحدث لها فقط ؟!!

هل يراها امرأة أمامه وليست حالة ؟!

حاولت ان تختبر ذلك الشعور وتقارنه ان شعرت به تجاه لؤي

اتسعت عيناها والنتيجة كانت مرعبة للغاية ، هل كانت في وهم ؟ أم مشاعر مندفعة من شخص ؟ لما بدي باهت بوجود عاصي ؟ هل أحبت لؤي حقا أم كانت تسعى للاهتمام الانثوي الذي يغدقه اليها عاصي بكل حبور

انتبهت علي صوت عمتها جميلة وهي تنظر الي غرفتها المليئة بالأقمشة ثم ما فاجئها الماكينة التي خرجت من الخزانة لتقول بتعجب

– بقالك فترة مطلعتيش ماكنة الخياطة

لم تتوقع أن تعود وجد للخياطة مرة أخرى، ظنته اندفاع صبياني وتجربة فقط لم تصدق ان تراها تعود الان مع تأكيد وجد الهادئ

– قررت ارجعلها

انتبهت إلى رسالة عاصي التي فتحتها وقلبها كان يسقط بين قدميها ان شعرت ان يلمح بكونه طبيب نفسي

– وليه لأ ، مش يمكن تتفك عقدتي والاقي بنت الحلال اللي تخطفني

والجملة وقعها ميت ، ابتأست ملامحها ولم تنتبه إلى الملصقات المضحكة التي بعثها خلف جملته لتندفع تكتب بتهور

– قولتلي عايز تتجوز ، انت فاكرها حجاب تسحر بيه الستات

قرأها ليرسل ملصقات مضحكة ومقطع ” gif ” لرجل من كثرة الضحك وقع من على كرسيه لتخرج منها ضحكة مرغمة وهي تخليته ذلك الكائن العضلي يسقط على الكرسي من كثرة الضحك ، ليكتب لثواني قائلا

– اومال انا خليتك تعمليلي ليه ، لان الست عارفة ايه اللي يعجبها في شكل الراجل مش دي من اهتماماتكم ولا ايه ؟

لم تنتبه إلى حديث عمتها وهي تتابع باهتمام الى الهاتف نحوه لتنتبه إلى صوت عمتها الحاد

– وجد ممكن تنتبهي ليا شوية

نظرت وجد نحو الهاتف ثم إلى عمتها لتهمس باعتذار

– معلش يا مماه ، خمس دقايق بس وهجيلك

اتسعت جميلة عيناها بصدمة ، هل من تراسله /ها الآن أم منها ؟؟ ، ألا يكفي أنها أصبحت لا تراها بشكل دائم على أوقات الغذاء متحججة بعملها التطوعي ذلك ، جزت علي اسنانها ساخطة وهي تراها تتركها وتعود بانسجام نحو هاتفها ، لتشتعل غيظا وهي تغادر من غرفتها … كتبت وجد بجدية

– انا مش بهتم بشكل الراجل وبلبسه يا عاصي ، الاهم قلبه بس يكون مخلص ليا بس .. يكون بيحب وجد مش وجد المالكي

ارتجف جسدها وهي تسحب نفسا عميقا لتزفره على مهل وهي تراه قرأ رسالتها دون رد منها ، لتكتب بعدها بتعثر

– انا اسفه ، حاسة اني بعدت عن الإجابة

ضج صخب رهيب في قلبها حينما جاءها رسالته الخالية من أي تعابير سخرية

– بالعكس دي الاجابة اللي عايزها

تيبست اناملها عن الكتابة لتنظر بعينين وقلب مرتجف الي رسالته ، هل يقصد حقا ما فهمته ؟!

أجلت حلقها حينما وصلتها رسالته الثانية

– هسيبك تاخدي وقتك وهرجعلك بكرا تكوني خلصتي التصميم

تشعر بالتثاقل في الاكسجين حاليا ، رفعت كفيها تحرك كفيها عل هواء يدخل الي رئتيها ، هل يعقل ما فهمته ؟ أم أنها عاطفية حتى تكرر مأساتها مرة اخرى ؟!!

غام الحزن في عينيها لتهمس الي نفسها بتأنيب

– غبية .. غبية

زفرت جميلة بتأفف شديد وهي تنظر نحو درج السلالم ثم الى عمها غالب الذي يقرأ جريدته ليقول غالب بجمود وهو يطوي صفحة من جريدته

– خير يا جميلة

التفتت جميلة قائلة بقلق

– وجد

رفع غالب عينيه من علي الجريدة لينظر باهتمام نحو جميلة التي تابعت بهمس

– اتغيرت

رفع غالب حاجبيه ثم قال بنبرة ذات مغزى

– ودي حاجه تضايقك

هل لأنها قدرت علي لملمة شتات انفاسها وبدأت تلتفت الي اعمال تشغل عقلها ، يعني انها تغيرت .. اشتراكها التطوعي لمؤسسة يعلم أنه لا يوجد عليها غبار يعني انها تغيرت ؟!! ألا تلاحظ أن جميلة ليست وجد ، ووجد ليست جميلة …. رغم تكرار مآسيهم منذ الصغر و وقوعهما في حب رجل لم يبادل حبهما يعني أن توقف حياتها ، بل أعجبه أن حفيدته انها التفتت الى اعمال تشغل بها نفسها وتتعرف على أشخاص جدد وتمارس نشاطا جديدا لحياتها حتى تقدر على جمع شتات انفاسها …

قالت جميلة بذهن مشوش

– حساها واحدة غير اللي اعرفها ، ده غير اللي معتكف في بيت عيلته ومش عايز يجي هنا بعد يوم الشؤم ده ، وكله كوم ويوم ما أدى لؤي خبر انه فسخ خطوبته ببنت السويسري

قالتها جميلة بصوت مرتفع حينما شعرت بحركة علي درج السلالم لتشعر بتصلب جسد وجد ، لاحظ غالب الي ما تحاول تلك الوصول اليه ليرفع نظره محذرا

– ابعدي عن وجد

اقتربت وجد منهما بابتسامة هادئة وهي تداري ذلك خبر فسخ خطبة لؤي عن زوج من العيون التي تتفحصها بترقب

– خير يا مماة طلبتيني ليه

هزت جميلة رأسها قائلة

– عايزاكي تحضري معايا حفلة بكرا بليل ، استعدي

عقدت حاجبيها وقالت باستفسار

– حفلة ايه

ارتسمت ابتسامة ماكرة لم تعجب غالب مطلقا وهي تقول بمرح

– هتعرفي ، متستعجليش

ألقي غالب نظرة حادة نحو جميلة التي ابتسمت له باطمئنان لم تطمئن قلب الجد اطلاقا

بل ارعبته

يخشى أن تكون حفيدته فأر تجارب جميلة التي لن ترحمها لثانية

رفع عينيه نحو وجد التي يرى في عينيها لمعة غريبة عنها ، عقد حاجبيه وهو يري وجهها متورد عكس الطبيعي وهي ترتبك حينما صدر من هاتفها شعار رسالتها لتستأذن صاعدة للأعلى في بادرة تحدث لأول مرة … رفع غالب عينيه نحو جميلة التي تهاتف صديقه لها تخبرها عن مجيء وجد للحفل وعن خطة كيف يجعلا الرجل يقابلها دون شعور انه مدبر ليهز غالب رأسه يائسا .. بدلا من تهور واندفاعها لأبن صديقتها كانت انتبهت لوجد التي تتصرف بغرابة عن المعتاد !!

*********

داخل الاستديو ،،

مزاجه سيء ، بل خطر

يشعر أنه بالونه متأججة بالغضب ينتظر فقط دبوس ليخرج غضبه ويكتسح ما أمامه

زفر وسيم بعصبية وذهنه مشتت بعد لقاءه بتلك المثيرة للأعصاب ، قبض علي أنامله بقوة جازا على أسنانه بسيطرة واهية … يمرر أنامله على خصلات شعره وهو يخلع سماعات أذنيه منهيا البرنامج بعبارات مقتضبة

– وقت برنامجنا خلص ، بحب اشكر المستمعين ، واشوفكم على خير الاسبوع الجاي

استقام من مقعده وهو يحترق للخروج ، رغم قدسيته للعمل الذي وجده شغفا له غير مكترث بالمبلغ المالي ، لكنه يراه أفضل بكثير عن الجلوس في مكتب ويتقيد بثياب عملية ويخرج ويدخل في اجتماعات مملة لا نهاية له … الإذاعة شغفه .. الانصات الي شكاوي النساء الصغيرات متعة وهو يتخذ الدور الحامي ، الملاك ذي الجناحين وهو في الواقع أبعد من تلك الصورة بكثير … هو ليس نزيها .. لا يلعب بعدل ، بل انتهازي

هو انتهازي ، بغيض ، كل شهر يغير من نسائه الي امراة اخرى بدافع الملل ، وكل ذلك لما ؟!!

لينساها … شوهه من سمعته حرفيا ليجعل تلك الفأرة الصغيرة تبتعد بل تنفر منه

لكن يبدو أن هذا أثارها وامتع هرمونات أنوثتها المراهقة لتلتصق كالعلكة به ، اتخذت سباق السيارات شغفا لها مثله ، بل عرضت نفسها لتصبح عارضة ازياء كما يصادق في الخارج

كل تلك الرسائل الخفية منها رآها وقرر تجاهلها ، تجذبه بقوة الي أرض الوطن في كل مرة حينما يعود من سفره بالخارج ليسرع بأن يفر من الخارج ، كل ذلك حتى لا يؤذيها .. يفعل هذا بدافع أخ كبير يحمي أخته من حيوان مفترس يكاد يمزقها اربا ..

و للسخرية هو ذلك الحيوان ، ذلك الذئب الصبور التي وجد فريسة أمامه محرم عليه تناولها ، لأنه لو تناولها سيلقي حتفه .. كاد يسخر من حاله من تلك التشبيهات التي يضعها عليه ، لينتبه الى صوت حانق

– مش في المود يا وسيم

غمغم وسيم بتعجل وهو يأخذ متعلقاته من مكتبه عازم على الخروج من ذلك المبنى الخانق

– مستعجل

أعاق المخرج طريقه ، وزاد غضبه من لا مبالاة مذيع اللامع في قناته ليقول بحدة

– تعال هنا ، لو اتكرر الاسبوع الجاي بطريقتك الجافة دي صدقني هتخسر متابعات كتير

ما بال شغفه بتلك الاشياء التي تبهجه أصبح لا طعم لها

حتي عمله المقدس ونسائه اللاتي يخصص لهن وقته الثمين أصبح يمل من اتصالاتهم ، وصبره وبرودة وتحكمه بأعصابه كل ذلك غادره بعد أن شطرته الفأرة نصفين بجوابها المهين له ولكبريائه …

القي وسيم الي المخرج نظرة ساخرة ، ليقول بنبرة تشوبها الغضب

– وده كل اللي بتهتم بيه ، شهرة وفلوس بس ، وانا اتحرق

عقد المخرج حاجبيه وهو يرى وجهها لوسيم غير الذي يعمله منذ سنوات ، ليزفر بيأس قائلا

– وسيم ، انت عارف انا مقصدش اللي جيه في دماغك ، انا خايف عليك .. شافك متغير بعيد عن الشغل .. بس مش انت وسيم اللي اعرفه

قلب وسيم عينيه بملل قائلا

– لا ما تخافش عليا ، ركز انت في الإذاعة

خرج من المبنى وما زال الضيق يعتريه ، فتح هاتفه عل تلك الفأرة أصيبت بالجنون وبعثت رسالة لتفقده جنونه لكن لا شيء منها .. كأنها قررت المضي قدما في حياتها وتركته عالقا في طريقه

لا هو بقادر على متابعة السير

ولا هو بقادر على الرجوع لبداية الطريق

هو في منتصف كل شيء

وقلبه حائر ، وعقل علي وشك أن يصل للجنون

استقل سيارته وبعجالة تحرك بسرعة مجنونة يشق زحام الطريق ليبتعد عن المباني السكنية والضجيج ليتوجه الى منطقة هادئة يريح بها عقله المثقل .. فتح نافذة شباكه لتسلل لأنفه الهواء وحينما وصل لمنطقته بل بقعته المميزة وجد هناك سيارة يعلم صاحبتها سبقته لاحتلالها بقعته … بل بقعتهما المميزة !!!

هدأ من زمجرة محركات سيارته ليطفأ محرك سيارته حينما اصطف بسيارته خلف سيارتها ليترجل من السيارة وهو يجدها جالسة على مقدمة سيارتها تنظر نحو الفراغ ما حولها لا شيء سوى الظلام ومصابيح سيارتها انقشعت من ذلك الظلام الدامس لتظل تلك الفتاة الوحيدة وسط الصحراء و ذئاب تعوي في الفضاء

ثانية واحدة ثم بعدها سيحرقها ويحرق نفسه حيا ، هذب من أفكاره المتمردة وهدأ من بركانه الثائر ، هو الوحيد الملام لما يحدث .. هو من شكلها بيديه ، لم يمنع نفسه من مباردة الحديث حينما وجدها مازالت في مكانها لم تتحرك انشا ولا نية لها بالحديث

– اخر حاجه اتوقع انك هنا

زفرت جيهان لتغمض جفنيها تستمع بالهواء العليل في تلك البقعة تحديدا ، عينيها تنظر نحو زاوية وهمية ، عقلها ككرة مطاطية تصطدم في الارجاء ، لما كلما حاولت الابتعاد عنه .. تعود اليه

افترقت شفتيها لتهمس ببرود

– متنساش انه مكاني الاول

لكنه من أرشدها إلى بقعته تحديدا ، لعن وسب نفسه على غبائه وتهوره .. هل جاءت إلى هنا بمفردها دون أن يعلم ؟!!! … اسند بجسده علي جسد سيارتها مقتربا منها بجسده وكل عقل منهما يسبح في فلك بعيد عن الاخر ليقول

– انت عارفة ان مقدرش انسي حاجه ليكي

أفلتت منها ضحكة مستهزئة ساخرة ، لتدير برأسها وعينيها تتحداه في الكذب لتهمس بنبرة مسيطرة هادئة

– الصور حقيقة يا وسيم

نكس وسيم رأسه ، كأنها لم تري تلك الصور قبلا حينما كان يعربد خارج تلك البلاد … هل ظنته لن يقدر مثلا علي لمس غيرها ، أو حينما يقترب من أخريات سيري عينيها المعذبتين تلك لينتفض مذعورا مبتعدا عنهن …

يمرر أنامله على خصلات شعره ، الي متي سيكذب .. كان يستمتع بالخارج .. يتعرف على نساء غيرها ، يرى ما ينقص تلك الفأرة عنهن ، وما تتفوق به تلك الفأرة

والنتيجة صادمة بعد ان ينهي كل علاقة مع امرأة ذات شكل وعينين مختلفة عن الأخري

ولا واحدة منهن كانت تعلمه ، تعلم حقيقته ، تكشف وسيم البعيد عن رداء عائلته وقناع وسامته .. الا تلك الفأرة الصغيرة صاحبة الخصلات الملونة

كل مرة يلتقي بها صابغة شعرها بلون مختلف عن المرة السابقة، عينيها تتحدث فقط ” ماذا وجدت بهن زيادة عني ؟ ” لم يجد بهن زيادة عنها بشيء رغم انه قابل الاجمل والاكثر فتنة لكن ولا واحدة قدرت علي انتزاع تلك الفأرة من رأسه كليا

حينما وجد نفسه طال اجابته ارتسم علي شفتيه ابتسامة مقتضبة ليقول

– مش حكمتي عليا ونفذتي حكمك عليا بالإعدام

اختنقت جيهان انفاسها ، لتضم قبضة يدها بعنف .. ماذا ظننتني يا غبية أنه سيكون ذلك الحامي ، وسيمها الحامي الذي كان يخشى عليها من الشوكة الصغيرة ؟!! .. لن يقدر علي لمس نساء غيرك كأنك قادرة على التحكم به ، تحشرج صوتها لتهمس بتعثر

– تقدر تعتبرها امنية المحكوم عليه بالإعدام قبل تنفيذ الحكم

لوي وسيم شفتيه ساخرا ، هل صغيرته ما زالت تراه ملاكا ، حتى بعد إصدار حكمها له بأنه وحش جشع شهواني … نطق بحقيقة دون مواربة

– حقيقية

ثم يزيد عذابها ، يصب عذابا فوق عذابه ليقول

– بس ملمستهاش

ولم يلمس امرأة قط ، اغمض جفنيه وهو يحتفظ بذلك الجزء خاصا به ، إن كانت تعلمه حقا لتلك الدرجة لن تسأله ، بل ستعلم ..

قضى أعوامه ينظر فقط يكاد يلتهم النساء التهاما والي عروضهم المغرية ، ويعود اليها ليجدها تزيد فتنة فوق فتنتها الطاغية ، وسحرها الذي لفه منذ أن كان صبيا يافعا وتلك الصغيرة كانت قطعة حمراء حملها بين يديه وقتها قرر أن يكون حامي لها ، لذلك الكائن الصغير الضعيف المتطلب للحماية

ألزمه والدها بعلاقة أخوية ، وهو وافق دون اعتراض ليكبر وتتفتح زهرته الخجولة تجذب الانظار بألوانها الزاهية و عبيرها الأخاذ تثملهم .. نضجت مشاعره مع نضوجها وتحولت جارته الصغيرة المكلف بحمايتها الي مراهقة يافعة علي اعتاب الانوثة .. وزاد الملتفون حولها ليتصرف كأخ غيور عنيد يزيح من يقترب منها ، كان يفسرها بدافع الاخوة حينما يشعر بالضيق والحريق في جوفه .. لكن حينما أدرك بأنه يقع … لفخ ناعم .. ذعر وهرب … لقد أصبح زير نساء بفضلها مع وقف التنفيذ

لاحت علي شفتيه ابتسامة تسخر من حاله ، ليرفع عينيه الداكنتين نحوها وهو يسمعها تهمس بجرأة

– بقينا بنلعب على المكشوف خلاص

بقي على نفس نظراته عليها ، خصلاتها المجعدة لم تتخلص منها تلك المرة .. ليلف عيناه نحو وجهها الفاتن الصغير وعينيها التي تطعنه .. ليهمس باختناق

– قولتلك قبل كدا حرريني منك

اقترب منها بتهور يجذب سترتها لتصطدم بجسده ، شهقت جيهان مذعورة متسعة العينين لتستمع الي صراخه اليائس

– خليني انسى ملامح وشك علي كل ست شوفتها في حياتي ، لون عنيكي دايما بتهاجمني وتخليني دايما محبط ومضايق

افترقت جيهان وهي تحدق في تلك العينين الداكنتين بعدم تصديق، رغم نبرة صوته المختنقة وعينيه الغاضبتين إلا أنها تراه كاذبا ، بل مخادع .. كيف بالله تصدقه وهو بدأ يتفوه ببعض الحماقات التي تجعل قلبها يطرب بانتعاش كأوراق الشجر التي تنتظر المطر لتتراقص قطرات الندى على أوراقها ..

لفتهما حرارة صاعدة من كلا الطرفين ، العينين تحدق بصمت والشفاه كما لو أن هناك جسرا يصعب اللقاء .. الجسدين مشحونين بعاطفة وغضب مشحون للطرف الآخر لتنفلت من جيهان ضحكة مرحة تكسر الحرارة العاطفية في الأجواء

– تحب اركب عدسات في عيني عشان تستريح

ثم ضاقت عينيها وهي تنزع يديه عن سترتها لتقول بنبرة بلغت صبرها منتهاه

– وسيم عايز ايه ، اعتقد مفيش حاجه بينا افتكر انا اللي رفضتك

اغمض وسيم جفنيه ليجز على اسنانه صائحا بحدة

– ممكن تسكتي خالص

ود أن يجد شيء يضربه علي رأس تلك الغبية ، شيء ثقيل بل حاد ليتخلص منها من أول ضربة ، ظل يدور في مكانه خائب الرجا من وصالها وقتلها .. يجئ ويذهب حتى يخلص جسده من عاطفة اندلعت دون سابق إنذار ليسمع إلى تعليقها البارد

– بلعت لساني ، اتفضل

مرر أنامله على خصلات شعره ليقول ساخطا

– انتي بتعملي فيا ايه

رفعت جيهان حاجبها بمكر انثوي ليتألق لمعة مجنونة .. دافعة بانتقام لسنين احرقها بعذاب الغيرة الوحشية والغضب لنفسها لأنها ما زالت باقية علي ذلك الحب المذل لصاحبه لتتصنع الدهشة قائلة

– لا لا متقولش ، حسيت انك بتحبني فجأة .. او بتطلع من الموضوع بشياكة ، لسه حرقاك اني رفضتك مش كدا

زمجر وسيم بخشونة وهو يعود مقتربا منها يفصل حدودا لم تكن لهما بالسابق بل اخترقها من زمن

عينيه تنظر إليها بعاطفة خشنة لم يتحكم بها أكثر ، عينيه تلف تفاصيلها بدقة وعاطفة اربكت التي أمامه وهي تتململ بجلستها بعدم راحة ليفجر وسيم في وجهها قنبلة لم تتوقع ان يقولها

– مش عايزة اقولك بحبك ، اه بحبك

صمت مهيب وقدسية المكان تلزم عليهما احترامها الا انهما كانا محطمين لجميع القواعد وهذا المكان ليس استثنائنا لا اليوم ولا الايام السابقة ولا الايام القادمة لتعقد جيهان ذراعيها على صدرها قائلة ببرود

– وبعدين .. عايز اعملك ايه دلوقتي

هناك مقولة تقول أن تأتي متأخرة أفضل من ألا تأتي

وهي ليست متفقة مع تلك المتأخرة .. فـ إن أتت متأخرة

فهي فقدت رونقها وروعتها

فقدت طعمها وأثرها على النفس

هزها وسيم بعنف من ذراعيها وجسده مشحون بالغضب التام لها ، ألم تكن تنتظرها كغبية ملتصقة به ليصرخ في وجهها بعنف

– بطلي البرود المستفز ده

رفعت جيهان حاجبها لتقترب منه هامسة ببرود مدروس ومتقن

– وانت فاكر اني هجري وراك او اخدك بالحضن بعد الاعتراف العظيم ده

اتسعت عيناه وهو علم إلي أي هوة سقط فيها بنفسه ، غضبه عماه عما حوله ليهسهس بغضب

– وانت كنتي فكراني ممكن استغلك ومعتصم باشا حاطط علي رقبتي قيد مسؤولية الاخ ، كنت عايزاني استغل مشاعرك دي واطلع انا الندل في الاخر

ثم تابع بما يؤرق مضجعه وسبب الأول لهروبه

– كنت فاكر انها مشاعر انجذاب لفترة وقولت لما تكبر هتقول مجرد مشاعر مراهقة مع اخوها الكبير

كان يخشي أن تراه بطل أحلامها ، ذلك الوحيد ما إن يصبح في قبضة يديها حتى يصيبها الملل والفتور .. خشي منها بقوة … حاول حفظ كرامته الغالية اللعينة وقلبه الذي يشعر أنه سينكسر علي يديها حتما …

لم تتحمل جيهان مزيد من ترهاته التي حتى وإن ثبتت صحتها ، لكن وقت حسابها معه حان لتصرخ في وجهه بحدة

– انت مش اخويا

ليتابع صارخا لاعنا تلك القيود التي كبلته عنها

– وانتي مش اختي

زمجر كلاهما وانفاسهم يتباريان وعيون كلاهما تتحدى بصمت مشتعل متلف الاعصاب ، ليغمض وسيم بضيق يعتري روحه

– العيلة كلها شيفاني انا الاخ التاني للعيلة ، عايزاني ازاي اتعدي خطوط حمرا ويقولولي في الاخر كنت بضحك عليكي بكلمتين

خبطت جيهان بيدها علي سطح سيارتها لتصرخ في وجهه هادرة

– وجاي تعترف ليه دلوقتي ، فاكر اني هقولك صعبتي عليا ياعيني

تنهدت بتعب وهي تشيح بعينيه بعيدة عنه ، هل جاء يعترف الآن ؟!!

يخبرها بما يخشاه ، بما يؤرقه مضجعه .. لكن برغم عاطفتها التائقة للانغماس به

عقلها العصي منعها ، يجب أن تؤرق لياليه .. هو كان يعاني من أشباحه الخاصة

لكنها كانت تعاني من مرض الغيرة ، هل جربها ؟ .. هل نهشته وجعلته عليل ؟!!

عادت بعينيها اليه تقول بثبات شديد تكاد تحسد عليه

– وسيم انا مش عايزة شوية مشاعر تديهاني شفقة

ما تقوله سيء

وما سيحدث اسوأ

هذا ما تنبأ به .. وهو يجذب عينيها لتعود النظر اليه بعد لحظات من اللقاء قبل أن تشيح بعينيها بعيدة عنه

– بصي في عيني وقوليلي شايفة اي مشاعر شفقة بدهالك

هزها بعنف شديد جعل جسدها يهتز بعنف لتصرخ جيهان في وجهه ببرودها ومزاحها القاسي

– خلصت ، عموما زي ما قولت ، عايزة شاب اسمر وعيونه دافية مش ملونة لأنها بتخوف

ارتسمت على شفتيه ابتسامة قاسية ليقول بحدة يؤلمها به بعنف

– اول سبب اني متكلمش ، الإنكار .. بتنكري مشاعرك ليه من ناحيتي.. كنت فاكر اني هكلم عاقلة بس للأسف اثبتيلي بجدارة انك لسة طفلة

تراقص الجنون في عينيها واندفعت تقف علي قدميها لتواجهه والمسافات التي بينهما التي انعدمت وهي ترفع بقامتها لتواجه قامته الطويلة

– مبنكرش ، بس واضح انك شارب حاجه .. والراجل اللي هتجوزه مش عاوزاه يخبي مشاعره قدام الناس ، ولا يتلكك بحجج فارغة يا وسيم .. والحب اللي بدور عليه للاسف انت مش اللي تقدر تدهوني

انهت كلمتها بنظرة متحدية وجراءة قبل ان تدير علي عقبيها تنزلق بجسدها علي مقعد السائق ، تحركت بسيارتها دون إلقاء سلام ولا نظرة .. رحلت بصمت كما قدمت بصمت

وتركته هو واقفا و الظلام يلفه بالكامل ، ليرخي رأسه متمتما لن يتخلص من تلك الصغيرة ابدا .. لن يقدر على إبعاد عينيه عنها .. لن يقدر على إلجام مشاعره أكثر من ذلك ، اخرج زمجرة خشنة وهو يركل بحجر وقفت عثرة في طريقه .. هل تريده فاقدا للسيطرة .. عاشقا مجنونا مدله يحبها ؟!!

لتستعد فأرته الصغيرة إذا ، فالمجنون لا حرج عليه فيما يفعله .

**********

عينيها الزرقاوتين تلمعان بخبث ، رغم كونها حبيسة لهركليز في غرفة نوم ملحقة بحمام الا ان الغرفة كانت مجردة من أي نوع من أنواع الترف .. فراش فقط ومرآة طولية تجلس أمامها كالمجنونة ثم لا شىء آخر .. يعذبها هو ببعده عنها

وتعذبه هي بعائلته ، غامت عينيها بوجع شديد لتضم اناملها بقسوة على غطاء فراشها .. لما هي وحدها من تعاني ذلك الشعور القاسي

وما زالت تعاني من شعور بالوحدة

شقيقتها التفتت لمن سيشبع جوعها ، وهي .. أين هي من كل ذلك الصخب من حولها ؟!!

لقد قسي عليها لؤي بقوة .. من مكوثها هنا لأيام وليالي تعامل كأسيرة هل أحدًا اهتم بها ؟ ، شقيقتها غارقة في العسل ثم عبقري الحواسيب ينفذ جميع مخططاتها حتى وإن لم تكن في الصورة ، تشعر انها في دوامة

بل طوفان يكتسحها لا محالة

وما الفرق بين موت هذا وموت آخر

فهي بالنهاية ستسقط جثة ميته ولا أحد سيحزن عليها ، حتى ذلك الضخم من اقترب منها بكل خبث ودناءة مدعي الحب

حطم اخر آمالها ، أطفئ أي شعلة حياة في روحها الهائمة ..

اختنقت انفاسها ودمعة واحدة سقطت من عينيها ، تحاول التسلح بالقوة لكن هذا الصمت .. ذلك الصمت الذي تعيش فيه قاتل ، أشد عذاب تتعرض له ، يقودها للجنون !!!

انتبهت على صوت قفل باب الغرفة يفتح لتسدل قناع القسوة والسخرية وهي موقنة أنه جاء

بعد إضرابها عن الطعام ليومين ، جاء الملك يتفقد سبيته التي ألقاها في قلعة مهجورة ، ارهفت اذناها السمع والتقطت انفها عطره الرجولي الذي تحفظه عن ظهر قلب لتسمع صوته الأجش يقول

– عايزة تموتي يا آسيا

صمتت .. بل زفرت بحدة وهي تستقيم من جلستها تقف أمامه بجلباب أنثوي كان وضعه من ضمن أغراضها الخاصة في الغرفة لترفع عينيها القاتلتين والعتمة فيهما قتله في الفؤاد

كيف يتعذب بعذابها ، وهي القاتلة التي طعنته في ظهره

كيف يترفق بها ويهتم بعد ما فعلته تلك المجنونة

ضم حاجبيه بقسوة وقوة جسده الرجولية كان يقف أمامها كالطود وهو يسمعها تقول بلهجة متهكمة

– شوفت الموت بعنيا يا لؤي ، ايام كنت بموت فيها من الجوع انا وعيلتي ، اعتقد يوم مأكلتش فيه مش هموت

المرارة في صوتها أطاحت به ، لن يضعف مرة آخري .. هو الذي كان يبكي على أطلالها وهي ماذا كانت تفعل .. تضحك .. تسخر وتهزأ منه .. رفعت آسيا عينيها تميل برأسها لت

في المطعم ليلا ،،

نظر نزار إلى الطاولة التي أعدها بمفرده لعشاءه مع زوجته

وقع كلمة زوجته ذاتها أطلق لقلبه العنان ليتخيل وجودها هنا

حقه في لمسها ، الشعور بعظامها اللينة داخل ذراعه ، مرر نزار أنامله على خصلات شعره المصففة بعناية

وكل عاطفة تستفزه على الخروج .. لكن كيف يكبحها وهي حلاله .. لا ذنب ولا إثم لأفكار خيالية العاطفية الجامحة ..

طوال الحفل لم يقدر علي خطفها بعيدا عن أعين الجميع ولو لدقيقتين لينفرد بها ، كانت تتشبث بشقيقها وقاص تارة ثم نضال تارة أخرى .. كان نضال أكثرهم خبثا بل لؤما

قرأ العاطفة في عينيه واستلذذ بتعذبيه كالأخري وهو يلتصق بها لنهاية الحفل حتى اضطر آسفا طبع قبلة على جبينها قبل مغادرة السيارة لتختبئ خلف بيتها بارتباك عذري ..

السكون يغلف مطعمه في الليل وهو في انتظارها على شوق يقوي قلبه .. فريال اخبرته انها ستأتي بعد ان اخذت توصية من زوجها لينفرد بها ولو لساعة ..ساعة فقط يحكي لها عذابه ، وولعه ، وعاطفته لزرقاء العينين .

تقدمت رهف بوجنتين مخضبتين بالحمرة تدخل نحو الباب الرئيسي للمطعم ، السكون يغلف المكان الا من إضاءات خافتة اضافات جو حميميا .. بحثت عنه بعينها إلا أنها لم تجده .. تقدمت نحو المطبخ وقلبها يخفق بأثارة حينما رأت يدير ظهره العريض نحوها … زادت دقات قلبها اضطرابا حينما دار بجسده لتقع أسيرة عينيه ..

خفقاتهم تتقافز واحدة تلو الأخرى ، اقترب نزار منها وهي تحدق في زوجها الوسيم بعيون مكحلة بالعشق

امسك نزار كفها الأيمن ليهمس بصوت اثخنه العشق هامسًا بصوت اطرب انوثتها المتعطشة له

أشهد أن لا امرأة ً

تجتاحني في لحظات العشق كالزلزال

تحرقني .. تغرقني

تشعلني .. تطفئني

تكسرني نصفين كالهلال

أشهد أن لا امرأة ً

تحتل نفسي أطول احتلال

وأسعد احتلال

” نزار قباني “

التصق بجسدها الانثوي الناعم ليمرر انامله مستبيحا اللمس في وجنتيها الناضجين للأكل ليهمس بصوت أجش مليء بالعاطفة

– لك تؤبري ألبي طالعة بتجنني ياروح نزار

شعرت أنها حوصرت بين المطرقة والسندان ، ارتفعت عيناها بارتباك شديد .. لتمر ذكري سيئة .. سيئة للغاية في عقلها ، عيون جشعة مليئة بالشهوانية تمرر على جسدها العاري .. كلمات قذرة سمعتها أذنيها مخجلا حيائها ونقاوتها ، ارتعشت شفتيها وهي تغمض جفنيها هازة رأسها بنفي ..محاربة أشباح تطوق لتقهقرها .. رفعت رأسها وهي تفتح عينها تنظر اليه

نظرته ناعمة ، حانية ، بها عاطفة جعلت وحوشها تختبىء في مضجعها لتهمس بلهاث ناعم

– نزار

يا ويل اسمه ، ويا ويل قلبه من كل تلك الرقة التي تتغنج بها بأسمه ، شفتيها منفرجتان وكانتا شهيتين .. دعوة مفتوحة له لأفطار صائم مثله ، زفر بحرارة وهو يهذب قليلا من اندفاع عاطفته ليقول بصوت بث فيه المرح

– هسسس ولا كلمة ها ،لك ماصدقت قدرت اكون معك هاليوم بس بعد شو بعد مااخوكي نشفلي ريقي مفكرني رح اخطفك ، بس هلا محدا الو كلمة معي لانو صرتي مرتي مرتو لنزار الشامي

وقع كلمة امرأة تخص رجلا مثله مدغدغا لأنوثتها التي ازدهرت علي يديه ، نكست رأسها أرضا وهي تفرك يديها بتوتر لترفع رأسها هامسة بشقاوة ومحيط عينيها كانت كلجتين غرق بهما

– مجرد خطوبة يا نزار بعقد جواز

ابتسم لمحاولتها الهشة لتصنع صوتا قويا ، الا انها ناعمة وكل ما بها ناعم ، انثوي ، مغري للشدة لتذوق الوصال

– احم احم شو قلتي بدك اثبتلك

قالها وهو يمرر يديه على خصلات شعره ليتفاجأ بها تطبع قبلة على خده الأيسر هامسة

– مش محتاج انا مرتك خلاص

انفلتت عقال هدوءه ليضم جسدها اللين بين ذراعيه ، متذوقا حلاله بعد أشهر كاد أن يتحول لمجنون … نبع انوثتها دافىء .. خجلها وارتباكها كان يزيد من فورة جنونه وهو بدون شعور ضم جسدها ليضعها علي رخامة المطبخ .. آنت بضعف انثوي لذيذ جراء عنف عناقه وهذا أزاد جنونه .. زفر مبتعدا بحرارة وشعور بالحرقة يكوي أحشاءه .. لن يكون قادرا على ضبط نفسه بجوارها ، وهو من ظن أن يلفه شعور بالتخمة ، لكن لا … اندلعت نيران في أوردته .. مرر عينيه بلهفة عليها ينظر الي عينيها اللامعتين بعاطفة وانفراج شفتيها الناضجتين حفزه على استعداد انقضاضه الثاني ..

زفر بحرارة قائلا بصوت اثخن بالعاطفة

– لك تؤبرني هالكلمة شو طالعة حلوة من تمك

نظرت رهف نحو بصدمة ، هل قبلها ؟ .. هل كانت تلك قبلة ؟ .. استشعرت برودة الرخام بسبب قماش فستانها الناعم لتهمس لاهثة بحرارة وهي تضع ساقيها على الأرضية قائلة بصوت خجول مرتبك

– الشيف جايبني مطعمه ليه هنعمل اكلة جديدة ولا ايه

لانت ساقيها ما إن مدت قدمها على الأرض لتتشبث بالرخامة بيديها وهو نفسه التصق بها ، دفنت وجهها علي ذراعه الصلب ورائحة عطره القوية خطف كل حواسها ، انفها يتعرف على معرفة عطر رجلها الخاص .. استمعت الي تعليقه المرح

– ياعمري انت مع انو المفروض انت تطبخيلي بس انا يلي عم اطبخلك بايدي

رفع عيناها لتنظر اليه ليقول هامسا بصوت خشن

– عاملك يبرق والحلو ياحلوتي انت كيك تيراميسيو الايطالي رح تدوب بتمك متل مادوبتي قلبي

ازدادت خجلا امامه ليدعمها بجسده وهو يوجهها نحو طاولته الخاصة ، ألبسها المريول ولبس خاصته ليقول بجدية تعلمها منه بها نبرة خاصة لها

– هاد يلي رح نعمله مابدي ولا غلطة ياشيف

أومأت برأسها لتهمس بخجل

– حاضر شيف

كانت تلميذة نجيبة تحدق في أصابع زوجها الشيف العظيم بانبهار ، انزلقت عينيها رغما عنها لتنظر الي ساعديه القويتين وذراعيه ثم شملت بنظرة متفحصة لجسده ، جرأة لا تعلم من أين اتتها لتنظر اليه بتلك الوقاحة وهيام .. جذب نظرها حلة المحشي التي جهزها لها خصيصا لتمد يدها نحو واحدة تأكلها خلسة إلا أنها سمعته يقول بنبرة ماكرة

– رهووفتي

قبض عليها متلبسة ، نظرت اليه بحرج وفمها ملىء بالطعام لتقول بخجل

– طعمها تحفة يا نزار بجد

أبتسم نزار بحنان شديد جعل قلب التي بجواره بخفق بعنف وتذوب معه بكل رقة ليهمس بلهجته الشامية التي شطرت قلبه لنصفين

-مية هنا حبيبة ألبي

كانت جملته اشارة لتبدأ تلتقط اصبع تلو الآخر وشفتيها يصدر تأوه لذيذ منها جعل الأخر تشتعل جذوة التوق لما تفعله بشكل عفوي يشعله ، ترك ما بيده وغسل يديه ثم قال بمكر وهو يلتقط المنشفة ليجفف يديه

– احم حبيبي الحلو يلي عم ياكل وماخلالي شي مو ناوية تحني عليي وتطعميني لقمة من ايدك الحلوة

هزت رهف بعفوية شديدة وهي تلتقط أصبع واحد من الحلة لتوجهها نحو شفتيه قائلة

– ازاي طبعا ، احلي صباع محشي يروح للشيف العظيم نزار

ماذا يفعل بعفويتها تلك معه ، قبض على يدها وهو يميل برأسه متناولا أطيب ورق عنب من الممكن يتذوقه ليميل بشفتيه مقبلا كفها برقة جعل رهف تتجمد امامه هامسا

– نزار

اقترب منها لتعود هي خطوة للخلف ، أعجبته تلك اللعبة ليتقدم منها قائلا متغزلا فيها برقة

– ياروح نزار يا ألب نزار لك دخيلن لهالخدود الحمر انا ،متل التفاح الاحمر بخلو الواحد ياكلهن اكل

افترقت شفتيها وهي تنظر اليه هامسة باسمه

– نزار

لا تعلم اتوقفه عن عبثه ، أم تخبره أن يرحم قلبها ولو قليلا .. إلا أنه كان عنيدا .. مصرا ليتابع بغزل شقي

– عيونك متل السما يلي بتكون صافية وعاكسة عالبحر بايام الصيف بس الواحد يطلع عليهن بغرق فيهن ومابحب يطلع بنوب من دوامة سحرن

اصطدمت بجسدها بشيء صلب خلف رأسها لترفع عينيها بتوتر ناظرة إليه وهو يضع كلتا ذراعيه علي جانبي رأسها لتهمس بتوتر

– نزار .. احنا مش هناكل

اقترب بشفتيه منها ليقول بنبرة فاقدة للسيطرة

– اخخخخ ياربي بدك ناكل لح ناكل بس خليييني دووق الحلال بقا كرمال الله

والعناق الآخر كان بمثابة رفع رايتها البيضاء له

يداه تجرأت لمس مفاتنها الخاصة لها ، وشفتيه كانت تقبلها بنعومة ورقة وتعمق .. رفع يده ليمرر أنامله على خصلات شعرها الناعمة بافتتان شديد ليحيط بيده الأخرى خصرها بتملك شديد .. يديها كانتا تتمسك بساعديه بقوة .. تخشى أن يفلتها وتسقط دائخة من تلك فورة تلك المشاعر …

دفن نزار وجهه في عنقها مقبلا اياها برقة .. مستشعرا نعومة جلدها على شفتيه لتأن هي هامسة بأسمه

– نزار

رفع عينيه المشتعلة بعاطفة حارقة ليهمس بخشونة

– ياعيون نزار

اندفعت شفتيها تهمس دون أي تعقل

– انا بحبك اووي ، مش عايزك تبعد عني ابدا

كافئها تلك المرة وهو يعيد آسر شفتيها ليتبعد مرغما حينما شعر بارتجاف جسدها ليقول بنبرة حارقة و عطرها الناعم انتشر ليحتل خلاياه ويتشبع به

– شو عم تحكي انت ياكنافتي انا ماصدقت لقيتك كيف لح اتركك

اغتاظت بشدة من تلك الكلمة لتقول بحنق طفولي لذيذ

– بطل الكلمة دي

نظر الي عبوسها الطفولي ليميل مقبلا ارنبة انفها قائلا بنعومة اذابتها

– انت متل الكنافة هشة وطريقة وبتدوب بالتم وبتخلي الواحد مايشبع منها من كتر مانا طيبة

تمسكت بساعديه بقوة وساقيها اللينة لا تساعدها اطلاقا ، حاولت أن تطرد أي عاطفة تأثر عليها لكنها فشلت ، يحيطها من كل جانب ودفء جسده اخترق قميصه ليصل الي يديها بكل حميمية جعلها تهمس بارتباك

– انت بتتغزل في الاكل يا نزار اكتر مني

انفجر ضاحكا بقوة وهو يقول بنبرة ذات مغزى

-لك ياعمري انت عم اتغزل فيكي بس غزل عفيف الصراحة لانو اذا احم يعني بدي اتغزل متل الناس رح تقولي عني قليل ادب

تحول وجهها لطماطم ناضجة والتصق لسانها في سقف حلقها حينما تابع نزار مسترسلا

– بس طبعا احلى قلة ادب معك ياااااروحي انت

شعرت بحرارة عنيفة تنتقل منه إليها لتقول بارتباك شديد وهي تنزع يديها عن ساعديه

– نزار ، انا جعانة

أصدر نزار صوتا معترضا وهو يسحب ذارعها ليجلسها على مقعدها قائلا بتذمر

– لك ماعندك غير هالكلمتين ،قوليلي تسلم ايديك ياعمري ،الله يخليلي ياك ياروحي ،الله يجمعنا سوا ياحبيبي

رفعت عينيها بعفوية إليه هامسة

– انا قولتلك اني بحبك

عفويتها تلك ستقتله لا محالة

زفر متنهدا للمرة التي لا يعلم عددها وكل حزمه وسيطرته على النفس طار مع تلك العينين المغويتين ليقول بهمس خافت

-حبيبتي رهف اسمعيني وحطيا حلقة بإدنك انا زلمة متطلب يعني ياروحي متل مابعطيكي الحب بدي تبادليني نفس الحب نفس الشغف نفس العشق بدي تعامليني ع حريتك مابدي تتكلفي بحكيك بمشاعرك انا زوجك ياعمري لهيك بدي ياكي ماتستحي مني لانو بعرف انو كل تصرف حلو منك رح يكون الي انا

استسلمت له بعينيها بعينيه الهادرة ، تبعثرت مقاومتها تحت وطء نظراته المتملكة العنيفة ليترفع اصوات انفاسها اللاهثة ووجيب قلبها يخفق بهدر وخاصته يثور بجنون ، أسدلت عيناها لتهمس

– هتبقي ديكتاتوري يا نزار

مال مقبلا رأسها مستنشقا عبير عطر شعرها ليقول بذات نفس التملك الخاص بلهجته الشامية

-أي رهف انا ديكتاتوري ، بحبك بعشقك بمشاعرك هدول الي انا بس ،واياكي حس انك بعدتي عني لح عاااقبك بس عطريقتي ياكنافتي انت

لمعت التسلية في عينيها لتقول بعبث انثوي

-مش هتقدر

نظر اليها بتحدي ورفع حاجبيه متعجبًا لرؤيتها تتصرف بعفوية وهي تلتقط الطعام متناولة اياه دون أن توجه له أدنى حديث ، ستهلكه قطعة كنافته لا محالة بعفويتها تلك .

*******

استرقت وجد النظرات الي جميع من في الحفل بملل شديد ، باتت تمقت تلك الحفلات ، العجائز المتصابيات يرفعن وجوههن الممتلئة بالحقن أمام نظائرها ، هزت رأسها يائسة حتى الشابات لم يسلمن لحقن الشفاه ونحت الوجه ، حتى أصبحن بلا ملامح بارزة الوجه .. كل واحدة تشبه الاخري دون اختلاف سوي بشرة وجوههن .. ابتسمت بلطف شديد وهي تحيي برأسها الي بضع سيدات النادي الثرثرات اللاتي يعلمن كل صغيرة وكبيرة تدور في العائلات الثرية .. لا ترغب أن تصبح علكة على أفواههن .. القت ابتسامة لطيفة دون تكلف دارت بعينيها تنظر الى عمتها التي تتجاذب أطراف الحديث مع احدي السيدات .. هي التي ألغت حضورها للمؤسسة لتخضع تحت ابتزاز جميلة للذهاب إلى صالون التجميل استعدادا لحفل ظنته موسميا وبالنهاية تذهب إلى حفل مولد حفيد احدي سيدات النادي ، انتبهت على وجود نادل يحمل صينية مشروبات باردة لتشكره بلطف شديد وهي تسحب عصير برتقال منعش ترطب به حلقها غافلة عن عينين تلمعان باهتمام نحو الفاتنة الواقفة بملل في حفل مولد ابن عمه ..

رفعت وجد رأسها حينما شعرت انها تحت مجهر من عيني أحدهم ، هل يعقل السيدات الثرثرات يتابعونها ؟!! تقدمت بخطواتها نحو عمتها التي انها حديثها بلطف شديد للمرأة لتبتسم جميلة وهي تضم ذراع ابنتها التي ربتها بفخر شديد لتنتبه إلى صوت احدي السيدات

– نورتينا يا جميلة هانم في الحفلة

التفت جميلة تقول بنبرة ناعمة

– الحفلة دايما منورة باصحابها ، أعرفك ببنتي وجد المالكي

هزت السيدة رأسها وهي تنظر بتقيم الي وجد التي شعرت انها تخضع تحت اختبار آخر ، غريب ، لا تشعر بالراحة تحت نظرات تلك المرأة التي قالت بلطف مريب

– طبعا طبعا ، دي أشهر من النار علي العلم ، نورتينا الحفل

الابتسامة ملتصقة على شفتيها لتهمس أمام السيدة

– شكرا

نظرت جميلة الذي وجد بعبوس وهي ترى ابتسامتها المتكلفة والملل المظلل في حدقتيها ، صاحت بتوتر شديد وهي تلتفت بعينيها باحثة عن المتأخرة بين الحشد الجم

– ممكن تبتسمي شوية

اتسعت ابتسامة وجد ببلاهة شديدة لتقول بضيق

– يا مماة ما انا بضحك اهو ، اعمل ايه كمان

استرخت ملامح جميلة حينما أبصرت بالمتأخرة لتضيق وجد عينيها وهي تمد عينيها نحو مرمى بصر جميلة التي قالت بحفاوة

– شاهيناز هانم مش معقول اقابلك هنا ، انتو جيتوا هنا امتي

ضحكت المدعوة بشاهيناز والتي تراها وجد للمرة الأولى ، لم تصادف أنها قابلتها قبلا في أي حفلة أو اجتماع النادي أو حتى من ضمن أصدقاء والدتها اللاتي يجتمعن معا في كل مرة منزل إحداهن لتجاذب اطراف الحديث .. اشرقت ملامح شاهيناز حينما ألقت بنظرة خاصة ناحية وجد لتقول

– زهقنا من الغربة فجينا هنا ، مش تقوليلنا مين الجميلة اللي معاكي

تعترف وجد أن كلاهما ممثلتان فاشلتان ، نظرت وجد لكلاهما وتشعر أنهما وضعاها في مصيدة .. مصيدة علمتها بحدسها الأنثوي .. ارتفع صوت خشن يقتحم دائرة النساء وعينين الرجل التي كانت تتابعها من علي بعد اصبحت الان اقرب اليها لترفع وجد عينيها تنظر الي ملامح شاب عادي .. رأته عاديا أمامها ، فلا يوجد به شيء مميز عن رجال تلك الطبقة

– عندك حق يا شاهيناز هانم ، انها جميلة

ارتفع رأس شاهيناز بفخر شديد

– ابني سمير

بنفس الفخر عرفت جميلة لسمير قائلة

– وجد

رمقتها وجد بنظرات معاتبة حينما جمعت علمت زينتها و فستانها وكل ذلك الاهتمام من أجل عريس ، همت بالحديث إلا أن شاهيناز سارعت بسحب ذراع جميلة متشاغلة بحديث تمام .. وقفت وجد متسعة العينين لا تصدق أنها وضعتها في موقف سخيف الي تلك الدرجة ، لا تصدق أن تقوم جميلة بفعل تلك الحركات المحرجة لها لتنتبه إلى صوت غريب

– دايما تعمل نفس الحركات دي في أي حفلة ، متقلقيش اتعودت عليها

التفتت بحدة نحو ذلك المدعو بسمير ، لتزفر يائسة وهي تمرر أناملها على خصلات شعرها تحاول ان تشذب من تصرفاتها لتقول بارتباك فاضح

– انا بس اتفاجئت

مد سمير يده في حركة مفاجئة ليقول بهدوء

– احب اعرفك عن نفسي ، سمير الالمعي

رفعت وجد عينيها ، كأن البلد لا تعلن عائلة الألمعي المتوارثة عبر الاجيال في مصوغات الذهب والاحجار النفيسة ، ابتسمت بتهذيب شديد وهي تمد اطراف اناملها في سلام سريع لتعيد يدها الي الاهلي قائلة ببرود

– عارفة ، مش محتاج تشرح عن نفسك كتير، عيلتك معروفة

هذا ما ينقصها ، شاب مدلل لم يتعب في جنيها واحدا يتغني بـ أعمال عائلته ، كأن التصاقه بأسم عائلته الثقيل يصنع له اسما ، قاطعها سمير من شرودها قائلا جاذبا الحسناء أمامه اطراف الحديث

– عيلتي كلها في مجالها من ايام جدي الا انا رسام بالفطرة

التفت وجد باهتمام لتقول بتشكك وهي تعقد حاجبيها الجميلين

– رسام … وموقف عيلتك ؟

ابتسم سمير بتفكه وهو يضع يديه داخل جيبي سرواله قائلا

– متحاوليش رفضوا بدون مناقشة بس بثبتلهم العكس

هزت وجد رأسها وهي تهمس بلا مبالاة

– غريبة ، مع ان الرسم زي ما بيقولوا مبيأكلش عيش

ضيق سمير حاجبيه وهي حتى الآن لم تخرج من شفتيها كلمة انجليزية عفوية منها، بل كلماتها مصرية اصيلة انتبه علي صوتها الساخر الذي أجاب علي تساؤله دون أن يسأل

– متتوقعش مني اتكلم مصري معوج ولا احشر انجليزي في نص كلامي

كانت حريصة كل الحرص أن تستخدم كل كلمة مصرية خالصة حينما تعمل في الميتم ، وخصوصا امام صاحب العينين الخضراوين .. رفعت هاتفها فجأة تنظر إن كان بعث أي رسالة على تطبيق المحادثات إلا أنها لم تجد شيئا … ابتأست ملامح وجهها الناعمة .. لماذا تندفع هي بكل تهور اليه

هل لأنها لمست اهتماما متغيرا بعد لؤي الذي كان اهتمامه فقط كأخ كما صرح لكن كانت على عينيها غشاوة وقتها انزاحت تماما حينما سقطت عينيها لأول مرة علي ذلك الضخم المقتول العضلات صاحب ارق بعينين حانيتين قابلتها قبلا في عيني رجل ..

استفاقت على صوت سمير الذي صحح خطأها

– لا طبعا مقصدش ، بس اتفاجئت انك اول واحدة بتتكلم معايا بطبيعية

زم سمير شفتيها وهو لا يصدق ان الفتاة أمامه غير مهتمة به ، كيف لا تلاحظ وسامته وجاذبيته التي يشهد بها جميع النساء اللاتي قابلهن خارج إطار العمل ليقول بمزاح

– قوليلي يا انسه وجد ، مش كدا

نظرت اليه وجد بعبوس ولم تلحظ نبرة التسلية في صوته ، هل تلك فكاهة ؟! من أخبره أنه كوميدياني أخطأ في حقه حقا ، لوهلة ارتبك سمير قبل ان يزفر قائلا بجدية يحثها على الحديث

– ايه هي اهتماماتك

نطقت بعفوية شديدة وعينيها تلتمع بالشغف

– بشتغل في تطوع خيري

صاح سمير بذهول ، تلك المرأة تفاجئه كل مرة حقا

– يعني في جميعة وماسكة ادارة مكان

هزت رأسها نافية وحنقها من جميلة لم يغادرها للحظة لتوضح قائلة

– لا بشتغل كمدربة متطوعة في مؤسسة “الحياة ” للأيتام لو تعرفها

عبس سمير حاجبيه لثواني محاولا تذكر اين قابل ذلك الاسم الذي رآه قبلا ؟!! ، صاح فجأة متذكرا يوم جاء ابن عمه طالبا منه مبلغ للتبرع به لمؤسسة فتحت أبوابها منذ أعوام

– اكيد طبعا

انتبهت وجد من ظهور جميلة وهي تتحدث مع إحدى السيدات ، لتهمس باعتذار

– عن اذنك ، حد بينادي عليا

ابتعدت متوجهه نحو جميلة دون النظر خلفها ولو لمرة واحدة ، هل تحاول رسم المرأة الثقيلة عليه ؟ ابتسم وعينيه تراقب قامتها الهيفاء المتلف بقماش ذهبي ناعم لينتبه الى صوت شاهيناز الماكر

– ها نقول ايه يا عريس

مال سمير بعينيه نحو والدته ثم نحو تلك الحسناء ليقول بهدوء

– لسه بدري يا شاهيناز ده احنا يدوب بنتكلم ، انت لحقتي تزهقي مني

ليس من عادته التهور والاقدام دون أن يدرس المرأة التي أمامه جيدا ، يعرف تفاصيل وخباياها التي لا يلحظها سوي العيون الخبيرة لتقول شاهيناز بامتعاض

– اعتقد مفيهاش ولا غلطة يا سمير

غمغم سمير بهدوء

– لسه محتاج ادرسها ، خلينا نشوف ايه حكاياتنا مع وجد المالكي

ثم القي غمزة شقية لوالدته التي رفعت رأسها بيأس ، تتمني أن ينهي دراسته سريعا كي لا يخطفها أحد من رجال الحفل قبل ابنها .

********

في قرية الغانم ،،

كانت شادية تدور ذهابا وإيابا في ردهة قصر الغانم ، لا تعلم لما قدماها جاءت خصيصا لفريال ، تبحث عن دعم منها ربما ؟

اطمئنان

ما واجهته فريال سابقا أشد صعوبة مما تواجهه هي من اختبار عصيب في حياتها

لا تريد الوقوع في الحب مرة ثانية ، بغض النظر عن كونه حب حقيقي أم لا

لكن لا تود اعادة تجربة حطامها مرة ، لانها ستكون القاضية !!

فركت رأسها وبوادر الصداع عاد يفتك رأسها بجنون ، بحثت في حقيبتها عن المسكن سرعان ما زفرت بسخط وهي تتذكر أقراص المسكن في السيارة ، دلكت صدغها بانهاك لتلقي بجسدها المنهك بعد نهار طويل على مقعد ، انتبهت على صوت الخادمة وهي تضع كوب العصير وبعض المقبلات لتشكرها بخفوت ثم سمعت صوت فريال الضاحك

– الخاينة اللي افتكرتني وافتكرت البيبي

استقامت شادية من مقعدها وهي تبتسم بضعف لتغمغم باعتذار صادق

– انتي عرفاني كنت مشغولة و اول ما فضيت جتلك

ابتسمت فريال بتفهم وهي تعانق شادية بمؤازرة ثم عادت تقول بشقاوة ينطلي من عينيها الداكنتين

– جيالي برضو

ابتسمت شادية وهي تعود لمقعدها وفريال تأخذ الاريكة الملاصقة للمقعد لتهمس بحرج

– مش هكدب عليكي اني جيت عشان نزار واشوف ايه الاصناف الجديدة اللي هيعملها عشان احطه في المنيو

كشرت فريال عن ملامحها ، لن تنكر أن بنات خالها أصبحن يتقوقعن وينعزلن بمشاعرهن عن الجميع ، وحين يفضن بهن الكيل يبدأن في التحدث بحرية وانطلاق مع أهل الثقة ، انتبهت علي سؤال شادية

– عرفتي ولد ولا بنت

هزت فريال رأسها قائلة وهي تعود تمسد بطنها التي أظهرت بروزا

– الدكتورة بتقول الزيارة الجاية ، بس رغم اني متشوقة وعندي فضول اعرف قررت معرفش جنس الجنين غير لما اخلف

عبست فريال لتعقد حاجبيها وهي تري خاتم خطبتها لتقول ببعض التهكم

– لسه لابسة الخاتم

ارتبكت شادية ، ولا تعلم ما هي على وشك قوله

أتخبرها أنها بعد الحلم الذي أصبح يزورها كل ليلة خائفة منه

الوحيد المسبب لسهادها واضطراب مشاعرها ، حتى أنها فكرت برعب أن تخبر والدها بجلب حارس شخصي لها

رغم أنها تمقت أن تكون جميع حركاتها معلومة ، لكن أفضل من كتلة متفجرة تسير على قدمين

أجلت حلقها وهي تهمس بوتيرة منخفضة

– بلبسه قدام الناس ، بابا عرف ومستنية لؤي يقول لعيلته

نظرت الي خاتمها بشرود ، لتمر رعشة في منابت جسدها حينما شعرت بأنامله على وشك نزع خاتم حمايتها

تتشبث بالخاتم كما لو أنها تتشبث بحمايتها ، كدرع وقاية لها من الأعداء الذين يتمنون غزوها، كان يبدو منزعجا بل علي وشك فقدان رشده من ذلك الخاتم

حتى ان الخاتم أعطاه رسالة من عدم التمادي ، كل ذلك شعرت به في عينيه ونبرات صوته منذ حفل عقد قران رهف ونزار ..

تمسكت أناملها بقوة على خاتمها لتهمس

– الخاتم حساه حماية ليا يا فريال ، بس في لحظات بحس انه ملهوش معني .. حاجه تقيلة علي قلبي

رفعت فريال حاجبها بشك لتقول بسخرية

– الخاتم

هزت شادية رأسها وزخم أفكارها منعها من التقاط السخرية من عيني ونبرة فريال

– الخاتم في اوقات بحس انه بارد على صباعي يا فريال ، وساعات مبحسش انه موجود

عادت فريال مرة أخرى تكرر الكلمة بعدم تصديق

– الخاتم

عقدت فريال حاجبيها لتقول بخشية

– انتي نفسك تكملي مع لؤي

هزت شادية رأسها نافية لتقول بنبرة قاطعة

– لا اطلاقا ، انا ولؤي علاقة منتهية

اقتربت فريال بمكر تستدرج تلك يابسة العقل ، متحجرة الفكر ، مجنونة التصرف .. لتقول بصراحة

– عايزة تبعدي مين عن حياتك يا شادية

رفعت شادية عينها من الخاتم لتنظر الي عيني فريال بتوتر ، لتزفر قائلة بقلة حيلة

– واحد غريب معرفهوش ، بيدخل في حياتي بطريقة غريبة

وضعت فريال يدها على ذقنها تنظر اليها باستمتاع شديد يتلألأ في عينيها البنية لترتسم ابتسامة واسعة علي شفتيها جعل شادية تعقد حاجبيها قائلة بحنق

– بتضحكي علي ايه

تنهدت فريال لتهمس بحالمية شديدة

– مستنياكي بعد فترة تقوليله بعشقه يا فريال

انتفضت شادية مستقيمة بجسدها ، كأن حية لدغتها لتقول بنفي قاطع

– ابدا .. انا معرفش هو مين ولا من فين ، من الاخر كدا واحد غريب

وضعت فريال ساقا فوق الأخرى وهي تهمس بهدوء وبساطة شديدة استنكرتها

– بسيطة اتعرفي عليه ، متعوميش عكس التيار يا شادية في كلتا الحالتين هتغرقي بس غرق عن غرق بيفرق فيه غرق بيقتل وفيه غرق بيخليكي سعيدة

هزت شادية رأسها ، هل تتباسط معه .. تتحدث بل تقترب منه ، هي وبعيدة عنه تشعر بالخطر بالك إن تقدمت نحوه خطوة واحدة فقط تعلم انها ستنهي بالمتبقي منها ، انتبهت من شرودها على صوت فريال الناعم

– جواكي بنت بتدور علي مشاعر يا شادية ، ولو انتي متأكدة انك مش ميالة ليه مكنتيش صدتيه ، سيبي نفسك تشوفيه وتختبريه بعقلك مش بقلبك ، تجربتك اللي فاتت اكيد عرفتي غلطتك كانت ايه

ازدردت ريقها بتوتر .. وهي من حسبتها داعمة لصفها ، تنهي حيرتها … جعلتها ضائعة أكثر .. سحبت حقيبتها لتقول بنبرة متهربة

– انا رايحة لنزار

غمزت فريال بعبث يليق بها جيدا وهي تمرر تهربها منها منتظرة اللقاء الثاني الذي سيكون اعترافا بالحب بعد الإنكار

– ابقي وصيه علي كنافة يبعتها

شيعتها فريال بنظراتها وهي تري خطواتها الشبة راكضة ، لتربت فريال علي بطنها .. لو لم تتهور لما قابلت رجل حياتها ، قرصانها الأوحد ، الاسم الذي قدر علي إعادتها حية على الأرض

الأمر يستحق المجازفة لحياتك ، الأقدام بتهور .. وتلك حتما ليست صفة من صفات شادية المتأنية والمترثية .

*****

قلب سرمد الصور التي التقطها خلال أيامه السابقة الخاصة بعمله الخاصة ، من المفترض أن يكون في روما حاليا يضع لمساته الأخيرة على مشروعه قبل إطلاقه .. لكن هبت نسمة برتقالية فواحة شتته عن تركيزه وأصبح عقله منشغل وعينيه تعاني من سهاد خاصا ، لم يرتعب بل رحب الأمر بصدر رحب

رجال آخرون غيره يصبن بالذعر والارتباك حينما ينبض الجزء الأيسر من صدره .. لكنه كان منتظرا إياه بشدة ليدب فيه الحياة ، تجهمت ملامحه وتوقفت اصابعه علي النقر وهو يتذكر خاتم باهت ترتديه في بنصرها الأيمن .. منذ متى ورط نفسه مع امرأة مرتبطة ؟!

بل يشعر انه لا يستحقها ، لا رجل اخر سواه .. لا يعلم ما تلك الانانية التي يمتلكها لكنها تعجبه حتما ، بل تنتعش بها جيناته الشرقية التي دبت فيها الحياة ، يجب أن يتخلص من خطيبها في أقرب وقت ، ويغويها

سيغويها رغما عن أنفها ، يريها لمحة عن جنته التي يقدمها لها

يريها أي رجل هو وأي رجل هي تملك

ارتسمت ابتسامة ماكرة على شفتيه وهو يمرر عينيه علي حجرة منزل صديقه غسان في بيت عائلته ، يشكر ربه أنه قابل في حياته صديق مواقف ، ورجولة أثبت له أن ما زالت الدنيا تنجب رجالا .. انتبه علي عودة صديقه بعد فترة من غيابه داخل احدي الغرف لترتسم ابتسامة متهكمة على شفتيه قائلا

– مرحبا بالمتشرد

ضيق غسان عينيه وقال بلهجة متهكمة

– اخرس يا **** ، لا اسمح لك بالتمادي وانت هنا تأكل من مالي

قلب سرمد عينيه بملل وهو ينظر الي ثيابه الرياضية والي خصلات شعره الندية ليقول بامتعاض

– انظروا من يتحدث الآن ، علي كل حال جئت من أجل طعام والدتك وليس انت

ثم تابع بتسلية ماكرة

– وانت ستكون خادمي الخاص

أصدر عن غسان ضحكة ساخرة وهو يقترب من صديقه يلكزه من خاصرته ، ليلف سرمد ذراعه حول عنق صديقه في شجار طفولي ليصيح سرمد بمكر

– يجب أن تعلم والدتك أخلاق ابنها المدلل

اندفع غسان يضع كفه على فم سرمد ليصيح بتهديد طفولي

– تحدث بحرف و سأقطع لسانك ، ألن تغادر وتتركنا نتنفس بحرية

دفعه سرمد ببعض العنف مما جعل غسان يتراجع يكاد يختل توازنه .. سبه غسان بلغة صديقه ليعدل سرمد من هندام ملابسه ليقول بامتعاض

– لم انتهي من عملي بعد

انفجر غسان ضاحكا باستهزاء ليمد بقدمه يضرب ساق سرمد مندفعا بغيظ شديد

– عمل ماذا يا **** ، من المفترض أن ينتهي مع الحفل الزفاف أم أعجبتك امرأة هنا ولا تقدر علي الرحيل

انتبه غسان علي قدوم والدته التي تحمل في يديها طبقا تحمله لطاولة الطعام لينتفض قائما وهو يحمل منها الطبق قائلا بنعومة

– هاتي عنك عيوشتي ،يسلم دياتك حبيبة ألبي

مررت عايشة يدها على ذراع ابنها البكري لتهمس بنعومة

– مطرح مايسري يمري حبيبي الك ولرفيئك ،اذا بدك شي خبرني أي

ثم أمرت الخادمة بحدة ان تنتهي من وضع جميع الاطباق دون التقاعس و استرقاق النظر إلى صديق ابنها لتبلغ الفتيات بالداخل عن باقي تفاصيله الوسيمة .. تلبكت الفتاة وهي تضع الأطباق على الطاولة وهي تعود إلى المطبخ ثم تخرج حاملة الطبقين نحو الطاولة ، ليقترب غسان مائلا يطبع قبلة على وجنة والدته قائلا بامتعاض

– لك دخيل ألبك اي ،مو ناقص غير تجبيله لبن العصفور

لم يغفل سرمد عن نظرات الشابة الصغيرة المسترقة له بالنظر ليعطيها اهتماما بسيطا وهو يرفع نظرته بجرأة اليها لتشهق الفتاة وهي تسرع بخطواتها نحو الداخل مما جعل سرمد يبتسم بهدوء وهو يستقيم من مجلسه تحت نظرة غسان التهديدية

– تعالي يا وغد اشكر والدتي

لوهلة تذكر سرمد المرة الأولى التي قدم لعائلته صديقه الذي تعرف عليه بالمصادفة في مقهى يرتاده دائما وكان هو يعمل نادلا كعمل اضافي لعمله في احدي مكاتب ،، اقترب سرمد بأدب شديد وأدب ونظرة وديعة شبيهه بعيني غسان الذي خطف قلب والدته خلال دقيقة ليمد كفه وهو يطبع قبلة عليها قائلا بتهذيب

– سلمت يداكي يا حاجة

اتسعت غسان عيناه جحوظا ثم حدق به بغضب حينما رقت ملامح وجه عايشة وهي ترفع كفها تمرر علي وجه سرمد لتهمس بأمومة

– كنت كتير قلقانة على ابني وهو برا ، بس تعرف اني ارتحتلك يا ابني .. ربنا يوفقكم

استأذنت تاركة لهما المساحة ليشتعل غسان غاضبا من تلك النظرة الوديعة الساكنة في مقلتي صديقه ليهمس حانقا

– والدتي تراك نبيلا

تقدم سرمد نحو الطعام الذي داعب بطنه ليزأر وحشه الصغير الجائع ليلتهم الطاولة العامرة بألذ الطعام ليسحب مقعدا وهو يطلق صوتا هازئا

– كأن والدتي رأتك فاسقا

هز غسان رأسه وهو يقول بحنق

– اللعنة نبدو محتالين من الدرجة الأولى

سحب له مقعدا وهو يتناول الطعام بأريحية شديدة وصمت خيمهم للحظات قبل أن ينظر سرمد نحو ساعة يده ليقول بعبوس

– لا اريد التأخير يجب أن الحق بعملي ، تنتظري جيجي في العاصمة

سقطت اللقمة من يد غسان ، ليصرخ في وجهه بحدة

– وغد وغد .. لا تضيع فرصة واحدة دون وجود امراة اينما كنت

القي سرمد نحوه نظرة خاصة ليقول بجدية

– مجرد عمل

نفض غسان يديه عن الطعام ، ثم رفع انظاره نحو حديقة المنزل التي ازدادت ضجيجا بوجود كلبه سوزي ، هل سيظل يراعي كلبه أينما ذهب ويمرح مع الفتيات هنا وهناك

– جيجي وعمل ، وما ذنب سوزي اذا ان ترى وجهي كل صباح و تزعج الجيران

قلب سرمد عينيه بملل وهو يستمتع بمذاق طعام المنزل منذ أن وطئ بقدمه الي هنا

– ستضعها عندك لفترة من الوقت حتى أرى شقة لي هنا

عقد غسان حاجبيه محاولا فهم صديقه ، هل سيقيم هنا لفترة أطول ؟!! ، نظر إلى صديقه محاولا سبر أغواره ، إلا أنه في النهاية قال بجدية

– سأجعل نزار يتكفل بإيجاد شقة لك ، ما رايك ان آتي اليك ونعيش معا

قال اخر جملة بغمزة وقحة ليسبه سرمد في وجهه وهو يقول بحنق

– انت اخر شخص أريده أن يعيش معي

ثم تابع متناولا طعام والدة صديقه بتلذذ شديد ، تأوه مستمتا بالمذاق ليقول

– طعام والدتك لذيذ

شمخ راسه بغرور قائلا

– اخبرتك طعامها لا يوجد اثنين منه

******

بعد انتهاء وجبة الغذاء الدسمة ، قرر غسان أن يسير مع صديق غربته في ارجاء المكان وصديقه لم يقدر علي ترك كلبه المفضل مقيد لكل ذلك الوقت .. تمشي معا والكلب الضخم اخاف بعض الأشخاص خصوصا النساء اللاتي يمارسن رياضة المشي ليبتسم سرمد بجاذبية وهو يأمر كلبه ان يعود له ، رغم متعة الكلب وهو يتجول حرا و يذهب يمينا ويسارا ثم يعود إلى صديقه إلا أنه عاد تحت نظرة سرمد الصارمة ليسير بتمهل شديد وتكاسل أحبط مخططاته .. نظر الكلب اليه بيأس ليشيح سرمد وجهه بصرامة و باشارة من يده قيده أن يلتزم بجواره .. زمجر سرمد بحدة ونظرة كلبه تستعطفه برجاء جعله ينحني بجذعه وهو يمرر أنامله على فراءه الناعم قائلا بلهجة مشتاقة

– كن لطيف يا صغيري ، لا تزعج أي إمرأة جميلة هنا ، أما عن ذلك المتشرد ففعل معه ما شئت

لوي غسان شفتيه بعبوس ليضيع يديه على خاصرته قائلا بلهجة خشنة

– يا حقير .. كلمة اخرى تقلل من شأني و سأرميه على قارعة الطريق، لا تستفزني

تأفف سرمد وهو يعلم صديقه ، مجنون ويفعلها ، لكن الوضع لن يستمر مطولا ثم سيجتمع مع صديقه المؤنس مرة اخرى تحت سقف بيت واحد ، نظر الكلب إلى غسان بشراسة ليبتسم سرمد وهو يشد قامته لينظر شرزا نحو صديقه قائلا

– هل تعلم ثمن رعايتي وعلاجه له لترميه ببساطة إلى الكلاب الضالة ينهشوه

هز غسان رأسه بلا مبالاة ، كأنه لم يكن معه حينما اشتري ذلك الكلب حينما كان جروا صغيرا ، وليس من ركض خلف صديقه حينما تناول الكلب طعام مسموم حينما كانوا في الخارج ، تبًا منذ متى كان يهتم بالحيوانات ليأتي ذلك البغل يربي في بيته بغلا صغيرا ، صاح مستنكرا

– ينهشوه ؟!! ألا ترى حجمه .. انه بحجم طفل صغير الكلاب الضالة ستذهب من طريق آخر أن راته

زمجر الكلب بشراسة وانقلبت ملامحه الوديعة الي شرسة ليغمز سرمد الي كلبه قائلا

– متي أصبحت خفيف الظل هكذا يا ****

كان الكلب قاب قوسين علي مهاجمه غسان إلا أن غسان ضم حاجبيه ينظر الي كلبه بصرامة وجدية جعل الكلب يشيح بعينيه متحركا عدة خطوات للأمام مبتعدا عنهما .. نظر غسان الى الكلب بعدم تصديق هل تجاهله ؟

هل تعرض للأن تجاهل من الكلب الذي كان يرعاه وارسله الى المطار ليقابل سرمد ، صاح بحنق وهو ينظر إلى الكلب الذي ابتعد بطريقه عنهما متوجها ب خطواته قرب مطعم أخيه

– منذ عدت إلى هنا يا ***** ، انتظر سائقك يا بغيض خسارة ان اضيع وقتي معك ومع كلبك

قال آخر جملته راكضا ليلحق الكلب قبل هجومه على رواد المطعم ، ابتسم سرمد بتشفي وهو يلحق صديقه قائلا

– أستتركني هنا

لم يكن لدي غسان الوقت ليرد علي سرمد ، جل همه إلحاق ذلك الضخم قبل دخوله للمطعم ، سب سرمد عن كونه لا يحمل طوق ليكبل حركته .. وقف تقريبا عند بوابة المطعم ينظر إلى الكلب عاقدا ذراعيه على صدره لينظر اليه الكلب بلا مبالاة التفتت الكلب نحو صديقه الواقف عن بعد ليهز ذيله وهو يركض متجه نحوه ، هز غسان رأسه بأسي .. سيعاني مع ذلك الكلب .. سيعاني منه ، عاد بخطواته نحوهما ليقول لاهثا من فرط الشغل الذي بذله لدقائق

– أنت أمام مطعم أخي ، ثم يوجد حسناوات في الداخل ، تسلي قليلا حتى يأتي السائق ..هيا يا سيد تحرك

قال جملته بخشونة نحو الكلب الذي ينظر إليه بملل ثم عاد ينظر الى صديقه بعاطفة ، يستجديه ألا يتركه .. ابتأس سرمد وهو يودعه بعينيه ليستدير الكلب على عقبيه متحركا بتمهل مغيظ الي المستشيط بجواره ..

تمتم سرمد من بين أسنانه

-بغيض

صاح غسان بصوت مرتفع دون ان ينظر خلفه كأنه عالم بما يدور في خلد صديقه

– سمعتها يا وغد

نظر نحوهما بتسلية قبل أن يرفع ساعة يده يعد الدقائق التي سيأتي بها سائقه ، هل يجب عليه أن يعلق بالزحام ولديه موعد مع شقيقه البرتقالية …

نسيم بارد معبأ برائحة الفواكه خصوصا رائحة البرتقال جعل عيناه تدير باتجاه المصدر

كانت هي ، البرتقالية .. بفتنتها وانوثتها المهلكة واقفة تتحدث مع شقيق غسان لدقيقة قبل أن تلتفت عازمة

يتبع..

لقراءة باقي حلقات الرواية اضغط على (رواية أترصد عشقك)

اترك رد

error: Content is protected !!