روايات

رواية أترصد عشقك الفصل الثامن والثلاثون 38 بقلم ميار عبدالله

رواية أترصد عشقك الفصل الثامن والثلاثون 38 بقلم ميار عبدالله
رواية أترصد عشقك البارت الثامن والثلاثون
رواية أترصد عشقك الجزء الثامن والثلاثون

رواية أترصد عشقك الحلقة الثامنة والثلاثون

حينما تشعر فجأة أنك كنت في حلم كبير ثم تعثرت
لتسقط
والسقوط كان قاتلا
فماذا ستشعر حينما تشعر أنه تم خداعك من أقرب شخص لديك
شخص وضعت به كامل ثقتك، وإيمانك به
ليخذلك
ستتحطم صخرة قوتك التي تستند عليها
وتتعرى أمام الرياح المتلاطمة لتقلعك من جذورك
وتحولك لأشلاء ممزقة..!!
ضيق في التنفس، هذا ما شعرت به شادية، ظنت انه يرجع لضيق الفستان
لكن الاختناق كان أكبر أقوي من فستان مزعج لزم عليها ارتدائه وحبس أنفاسها لتكون جميلة في عيون عائلة زوجها
تراجعت عدة خطوات بتعثر وكادت تسقط لولا أنها استندت بذراعها على الكرسي وعينيها متسعة بجحوظ تحاول ان تستوعب المفاجأة التي حلت على سمائها الزرقاء الصافية
هل تحدث  بالعربية
أم خيل لها؟!!
تأكيد والدها وسخريته وصمت الجميع لترفع رأسها تنظر نحو شقيقتها تسألها بعينيها
هل ما سمعته حقيقي!!!
لم تحتاج لسماع إجابة شقيقتها، بل سارعت فورا بالخروج من المكان برمته
الدموع تتساقط من عينيها، واطلقت لقدميها العنان لحرق الأخضر واليابس..!!!
قفز سرمد ملاحقا إياها مناديا اسمها بلوع ولن ينكر أنه تفاجأ من ردة فعلها، حاول أن يطمئن عائلته وقد شعر الأجواء المشحونة من حوله
-شاديااه
الجمها من الفرار.. والمزيد من البعد والقسوة التي تتخذها
تحرك عدة خطوات وهو يرى اهتزازات جسدها العنيفة، ليزدرد ريقه بتوتر وهو يطالبها بصوت أجش به لمسة توسل
-انتظري ارجوك
استدارت على عقبيها وهى تحدق به بغضب اعمى بصيرتها، هدوئها ورزانتها دائما تتبخر في حضرته
الهمجية والعداوة لم يكن من خصالها، لكن بفضله أخذتها منه
ارتعش جسدها اثر نظرات عينيه الحارقة، لتتسع أطرافها وهي تحاول إحضار جنونها ودفن قهرتها لتصيح به
– انتظر .. هل انتظر للمزيد من الخداع، لما حتى أنا أستمر بالحديث معك بلغة أخرى
عضت على باطن خدها، لا تعلم ما سر تلك الدموع التي تسقط منها!!
لما تبكي هي، ما السبب الجلل لهذا
هل لأنه تحدث بالعربية؟!!!
أليس من المفترض أن تفرح ولو قليلا
لما تشعر اذا انه خدعها واوهمها بشئ غير موجود
هزت رأسها تنفض جميع الأسئلة من ضمن أسئلة كثيرة لن تعرف إجابتها إلا منه
لتشمخ برأسها وثوبها الخوخي يشتعل بنارية تشابه صلابة البرتقالية امامه
لتصبح في عينيه، حاكمة المملكة التي لن تنحني ابدا حتى بعدما قرر اسرها
بل تواجه خسائرها برأس مرفوع وشامخ، كبرياء عظيم وجده في تلك المرأة لم يجده سابقا في أي امرأة أخرى
حتى في دموعها قوة
يحاول بإلحاح أن يهدئ الأوضاع، وخصوصا أن الجميع يشاهدون المسرحية التي تدور بينهم بتسلية وأولهم شقيقه الأحمق وشقيقتها التي انضمت للحزب المعارض له
لا يعرف متى اقتربا ذلك الثنائي ويتبادلون أحاديث هامسة من المؤكد يتحدثون عن مهرج الليلة !!
انتبه على القهر في صوتها، وهي توشمه بالمخادع بنظرات عينيها القاتلة
– كل الأيام دي، كل الأيام دي بتخدعني وانا..
نحنحة رجولية خشنة وهو يري شقيقها يقترب منها لامسا ظهرها مما جعله يكشر عن انيابه وهو يحاول نحر تلك الغيرة الغبية
حتى الان لا يتقبل أن ذلك شقيقها
بل يتعامل معه بعداء شديد، وكأنه رجل سيسرق برتقاليته منه!!!
ومضات من يوم حفل عيد ميلادها ورقصها المثالي والقرب الذى استنكره نهائيا منه جعله يضعه في القائمة السوداء الخاصة به، بالإضافة لخطيبها السابق والمجنون الأخر!!
يعض على طرف شفته السفلى وهو يحاول التخلص من تلك الحرقة في صدره، وما زاد من الطين بلة هو نظرات أخيه الشامتة
أكثر ما يكرهه أن يكون شقيقه يعلم ما يدور في خلده دون أن يتفوه بحرف، بل ويشمت به!!
حاول ماهر ان يلطف الأوضاع وهو يرى ابتسامة أبيه المريحة على ثغره، وكأنه تخلص من عريس لجوج، مال ماهر هامسا في أذنها
– شادية … احنا وسط ضيوف
وكأنها كانت بحاجة لمن يفيقها من هذيانها، لتشهق بصدمة خفيضة وهي ترى الوجوه الأخرى التي سمعت لحوارهم
اصطبغت الحمرة في وجنتيها، وتعثر لسانها وقد شعرت انها ترغب ان تدفن وجهها في الرمال
تلجلجت في الحديث وهى تختفي حرفيا خلف جسد ماهر قائلة بأسف حقيقي وعينيها تحاول وضعها في الأرض
– انا اسفه بس
أكثر ما يكرهه هو تراجعها وتخاذلها، التفت فوريا هو نحو والدها الذى يقسم انه يكاد يطلق صيحة فرح لأن الرفض جاء أبكر مما توقع ليقول مستأذنا
– دعني اتحدث معها من فضلك
تمتمت غيداء ببعض الصرامة الشديدة حينما رأت الرفض في عيني معذبة ابنها
-سرمد
طمئن سرمد والدته بهمس خافت وعينيه ترتفع نحو شادية التي سقطت الأنظار عليها مرة أخرى، لتكاد تختنق من فرط حرجها وهى ترفع عيناها نحو والدها ليرفع عنها الحرج
– بابا ارجوك
زفر معتصم بنفاذ صبر وهو يرى في عيني جيهان رفض لطلب شقيقتها الحمقاء، التي ستفرط في عريس لقطة من وجهه نظرها، ليهز والده رأسه باستحسان لما توصلت إليه ابنته قائلا برفض
-لأ
شعر سرمد بتملل والدته وهى تهمس لوالده ببعض العبارات الحانقة، ليطالبهم بالصبر وهو يشعر أن جميع خططه ستفسد بسبب أنه تحدث بعض عبارات بالعربية
أليست تلك الغبية من المفترض أن تسعد لأنه ينطق بلغة والدته التي لم يتحدث بها منذ مراهقته اللعينة!!
ضغط على نواجذه وهو يتحمل رفض والدها عالما السبب لعداء الرجل منذ آخر مرة قابله في بيته، ليقترب منه وهو يطلب منه بنبرة بها توسل وكبرياء عنيف
-أحتاج للتحدث معها، هي تستحق مني هذا
انحسرت ابتسامة معتصم وهو يزفر بقلة حيلة، يعلم أن ابنته ستحتاج بعض الوقت لتتقبل ما حدث منذ قليل
هو يعلم انها لا ترفضه، والا لما رآها تتزين وتستعد لزيارته، غمغم ببعض الفظاظة
– تحدثا أمام عيناي
اتسعت عينا شادية بتفاجئ لتهم بالرفض غير مكترثة بالجميع ومن امامها، لتلتفت مغادرة بدون لباقة اكتسبتها بفضله، ليسارع سرمد لاحقا إياها مناديا اياها
– شادياااه
توجهت قدميها نحو الحديقة، وفى نيتها ان تصرخ في وجهه وتتهمه بأبشع الألفاظ، لن تهرب منه كفي الهروب
كيف يخدعها ويوهمها كل تلك الفترة؟!
غمغمت بحدة ونبرة قاطعة رافعة اصابعها محذرة إياه من الاقتراب
– مش عايزة أتكلم معاك، اتفضل من هنا لو سمحت
زفر سرمد بيأس شديد ليلقي نظرة نحو الحائط الزجاجي وهو يرى العائلة تتابع المسرحية الهزلية التي تحدث امامهم بشغف وتسلية، اقترب منها كاسرا حدودها
لتشهق شادية مجفلة متراجعة عدة خطوات، وعينيها تحذره من التمادي
لكن تبا لكل شيء يمنعه عنها
كاد يمسك بكلتا ذراعيها مجبرا إياها على الحديث معه، إلا أنه لاخر ثانية تراجع، القي سباب بالايطالية ثم زفر عدة مرات يخرج طاقات الكبت والضغط التي تستمر في اختباره دائما، جز على اسنانه قائلا بخشونة
– شاديااه، توقفي عن التصرف كالأطفال
ويصر أن يتحدث معها بالانجليزية !!، اقتربت منه وهى تنفجر في وجهه بحدة
– أطفال!!، وانت لسه عندك وقت انك تتكلم معايا بالانجليزي ما خلاص خدعتك اتكشفت
القرب منه لم يكن بريئا اطلاقا، وهي لم تلاحظ من فورة غضبها انها هي التي أقدمت خطوة نحو عرينه، ابتسامته الذئبية وعينيها النهمتين التي تمر على سائر جسدها باستحسان شديد وعبارات إيطالية ينطقها بخشونة جعلها تدرك مدى خطئها لتتراجع خطوة ووجنتيها تفجرت بالحمرة
مرر سرمد أنامله على وجهه ليرفع أنامله نحو خصلات شعره التي تنبت بالتدريج ليقول بنفاذ صبر
– يا حمقاء.. بالطبع لست ضليع في العربية، فقط توقفي عن التصرف كالمجانين، أحتاج للتحدث معك
قرأ الرفض في عينيها والتفاته وجهها للجهة الأخرى، مما جعله يدفع بجسده ليصبح في مواجهتها وهو يقول بنفاذ صبر
– حسنا اعترف انني خبئت هذا الأمر، لكن صدقا يا شاديااه حينما يكون لك نصف عربي ولا تستطيعين أن تتقنيها وتتحدثين بها فما فائدتها إذا
قرأ الاستنكار في عينيها وشئ من التعجب ليقترب منها وهو يقر باعتراف بائس منه
– سيسخر منك جانبك العربي ويقولون أن النصف الغربي قضي على عروبتك، وحينما تكون في النصف الغربي يستنكرون كونك عربيا وتحاول الاندماج معهم، هناك الكثير من الحروب التي خضتها وانا مجرد طفل صغير لم أكن أعي جيدا وضعي وحينما فهمته قررت ببساطة
جائه ردها المفاجئ له
– محو عروبتك!!
لن ينكر في لحظة طيش منه في مراهقته أنه كان متمردا بل وطائشا لأبعد حد
ليقول بنفي تام منه مستنكرا اجابتها
– اللعنة لا، فقط لا اكترث لأحد، ثم المنزل هو ما يعنيني وما دامت غيداء معي وعائلتي لا اريد شيئا اخر
صمتت وبدي عليها الشرود والتفكير لوضعه المعقد حينما كان طفلا، ثم رغما عنها تعاطفت معه
هو محق نوعا ما، عضت علي باطن خدها وهى تحاول التفكير في المشاهد القديمة التي جمعتهما معا اذا اخطئت في حقه أو كان يفهم العربية ويمثل عليها الخداع لتنتبه الى صوت سرمد الخشن
– لا أريد منك أن تنسي ما حدث، فهذا كانت بداية تقاطع طرقنا، الله وحده يعلم كيف كنت ساقابلك لو لم أوافق على عرض تصوير الزفاف
رفعت عيناها لتقابل العاصفة المعبئة بالعاطفة الخشنة مما جعلها تضعف وتتأثر
عضت باطن خدها وهي تكره ان يستغل عاطفتها لتلك الدرجة
زفرت بيأس شديد لتقول على مضض مستخدمة لغتها تلك المرة
– بس انا محتاجة وقت
صاح صارخا باستنكار شديد
– وقت!! تمزحين … هل تعلمين ما فعلته لأجلب العائلة واجعلهم يتحملون رفض والدك لهم وتصرفاته
رغم كونه من تسبب في كره حماه المستقبلي برعونته، وجعل عائلته تفهم سبب تحفظ والدها الشديد له، لما وافقت غيداء ان تظل في منزل تري رجلا يكره بكرها لتلك الدرجة!!
دافعت عن والدها قائلة بحيادية شديدة
– بابا ليس فظا ولن يقبل إهانة ضيوفه
هز رأسه وهو يرى كيف استقبل عائلته برحب شديد وعنه بتحفظ اكبر ليبتسم بسخرية قائلا
– لكن عني سيود طردي من منزله
رفعت عينيها الكهرمانية وعلم سبب هلاكه الشديد قادم لا محالة
يكفي فستانها خوخي اللون، وعينيها القاتلتين ليعلم انه سقط بصدر رحب في هلاكها
غمغمت ببعض الحنق وقد علمت المقابلة السرية التي اجروها سابقا وكيف انتهت بطرده من المنزل
– تستحق يا سرمد
حك سرمد مؤخرة رأسه بإحراج شديد قائلا
– اترين صلعتي الجديدة أم لا؟
رفعت عيناها تلقائيا بتأثر شديد وهى تتذكر كيف كادت تودي بحياته، اختنقت أنفاسها لتهز رأسها قائلة بابتسامة ناعمة
– ليست سيئة
انفجر ضاحكا وهو يري تورد وجنتيها بخجل وهى تتعامل معه كعذراء صغيرة تقابل حبيبها خفية عن أعين الجميع، ليقول بنبرة ماكرة
-أبدو كقاطع طريق
اتسعت ابتسامة شادية وهى تهز رأسها بيأس وهو يعلم جيدا كيف ينتقل بحديثه من موضوع لاخر بمهارة شديدة، شهقت بخجل حينما فاجئها وهو يركع على قدم واحدة ورأسه منحي لتنتفض متراجعة خطوة واحدة وعينيها اتسعتا بتفاجئ لـ تراه يخرج علبة مخملية من جيب بنطاله الأسود ليقول بصوت أثخن بالعاطفة
– جئتك راكعا يا شادياااه وكل ما اطلبه منك هو شيئين فقط
فغرت شفتيها بصدمة، لا تصدق انه يطلب الزواج منها بطريقة رومانسية كلاسيكية تأثرت بها الأنثى المتلهفة لتلك المشاعر والعواطف من هذا الرجل تحديدا
جرأته وهو يعرض الزواج في حديقة منزلها أمام عائلتها، ألجم لسانها الصمت
وفجرت مشاعر جمة لتعيش بتخبط لتراه يستقيم واقفا وهو يفتح العلبة المخملية موضوع بداخله خاتم ليقول بنبرة إذابتها حرفيا
– وافقي على الزواج يا حبيبتي
عينيها عليه ثم على الخاتم الذي تفاجئت من شكله، يبدو على هيئة شجرة ومرصع بالعديد من الفصوص البرتقالية، وكأنها حبات برتقال على الشجرة
وضعت يدها على شفتيها تكتم شهقتها، اغرورقت عينيها بالدموع
والصمت في هذا الوقت كان مقدس
يتركها تستوعب ما يحدث الآن وما هي مقدمة عليه
وهى تشعر أنها تتأرجح بين شيئين، تسمع الى صوت قلبها الذي يخبرها بالموافقة على طلبه
والي عقلها الذي يطلب منها ان لاتندفع بتهور كالمرة السابقة
أغمضت جفنيها محاولة عدم التأثر بما قد دفنته، اقشعر جسدها حينما استشعرت حضوره بالقرب منها
لتفلت يدها وهي ترفع عينيها نحوه هامسة بتردد
– بس .. انا
ابتسم بهدوء شديد وهو يسحب كفها الأيمن بهدوء شديد، يدرس خطوط كفها واناملها ليشعر برجفتها مما جعله يحتضن كفها داخل كفه الخشن بحمائية شديدة ثم ببساطة شديدة ادخل الخاتم بهدوء شديد في بنصرها الأيمن ليقول بنبرة متملكة
– هذا الخاتم ستضعينه من الآن فصاعدا في بنصرك الأيمن
همت بأن تستعيد كفها من قبضة يده الا أنه قرر الاحتفاظ بها قليلا
هو لا يصدق أنها أصبحت له
يضع خاتمه الخاص في بنصرها الأيمن، هل هذا واقع أم مازال في حلمه؟؟
سمعها تهمس بنبرة خجول وكفها يحاول التحرير من يده إلا أنه لم يسمح لها بعد
– خاتم الخطبة؟
هز رأسه نافيا وهو يتأمل الخاتم في بنصرها لتتسع ابتسامته وهو لا يصدق صديقه استطاع أن يبرع في تصميم هذا الخاتم بحرفية ليناسبها هي
يشكر ربه انه هاتف جيهان ليقترح عليها أن تجعل شادية ترتدي هذا اللون، ولم يصدق من كثرة تلميحات الوقحة لجيهان انها ستوافق على طلبه، رفع كفه ليلثم موطن نبضات رسغها قائلا
– ليس هذا خاتم الخطبة، هذا الخاتم خاص بي قليلا سأروي لك قصته يوما ما
شيء كلسعة النار أحست بها شادية حينما طبع قبلة على رسغها، افلتت يدها سريعا وقد تثاقلت أنفاسها لجراءته الغير متناهية لما فعله
تراجعت عدة خطوات، بعيدة عن مسار الإغواء الخاص به لترفع كفيها محركة إياه جالبة الهواء البارد يبرد جسدها الذى بدأ ينفجر بحرارة بسببه
– انت تمزح
رغما عنه ابتسم لتأثرها به
اختلاجة جسدها، وصعود وهبوط صدرها من النسيج الناعم لقماشها الخوخي فضح ما شعرت به حينما قبل باطن يدها
لم يمنع أن يضيف بمشاكسة يعلم أنها ستخرج بها عن طور خجلها الذي يدفعه لأشياء جامحة
– تبدين فاتنة يا شادياااه، حسنا هذا جيد أنك لا ترتدين نوعية تلك الملابس في عملك
شهقت باستنكار شديد وهى تتذكر في بداية مقابلتهم عن سؤاله الفظ كونها لا ترتدي تنانير قصيرة، لتصيح بحدة
– أخبرني رجلا فظ، سليط اللسان، وقح العينين لما لا أرتدي تلك النوعية من الثياب
رفع حاجبيه متصنعا الدهشة وقد فاجئه كمية الألقاب التي توجهها له، ليسألها وقد رواده نفس الموقف الذى تفكر به وعينيه رغما عنه تتغزل بها وفستانها الذى اظهر انوثتها بتقدير شديد رغم انه يغطي ساقيها، لكن لا ينكر انه بعض المواضع الأخرى ظاهرة باحتشام خادع اعجبه
– من ذلك السافل؟
زمت شفتيها بحدة وهي ترمقه ببعض الحنق المتصاعد ليتنحنح بحرج وهو يمرر أنامله على لحيته المهذبة  قائلا
– حسنا يبدو انه كان مخطئ بعض الشئ
رفعت حاجبها باستنكار شديد لتزفر بيأس شديد وهي لا تصدق انه يأكلها بعينيه ولم يتوقف عن عادته السيئة، رأي انزعاجها لنظراته التي لم تكن بريئة بالمرة  ليهذبها قليلا وهو ينطق بخشونة
– هيا دعينا ندخل لهم
سبقته على الفور وتمهل هو ليدع عينيه تتغزل بمشهد كان سيدفع نصف عمره ليراه، كاد أن يطلق سبة وقحة، الا ان نظراتها الحانقة وهى تدير رأسها اليه جعله يرفع عينيه متصنعا البراءة عما كان يشاهده سابقا باستمتاع ليسمع غمغماتها الحانقة وهى تسرع بالدخول ليعود عيناه تنظر إلى أنثاه باشتهاء شديد من حقه
ايام وستصبح زوجته ووقتها سينظر كيفما يريد دون أن تصدر تذمر واحد منها
المسألة مجرد وقت، وقت فقط وستصبح البرتقالية زوجته
سارع فورا باللحاق بها وهو يراها تدخل للصالون ليمسك يدها قائلا بجدية
– لكن اريد التحدث معك
نظرت اليه بعدم فهم وهى تحاول فصل يدها عن قبضته الا انه شدد على زندها قائلا بنبرة متشددة
-كل ما ارغبه منك في الداخل هو الموافقة، أعدك لن تندمي
عبست بعدم فهم، وهي تستشعر بشئ خاطئ يلوح في الأفق لتقول
-لكن سرمد
زفر بحدة وهو يترك يدها بعد محاولاتها الغير نهائية لافلات يدها منه ليغمغم بحنق
– أرغب أن نجتمع سويا ولا تشعرين بالقرف كوني ألمس يديك
عضت شادية باطن خدها وهى تقرأ في عينيه الاجابة والتي بالتأكيد الموافقة
عينيه لن تقبل برفض خاصة حينما وضع خاتمه بجراءة فى بنصرها الايمن لتهز رأسها بيأس شديد وهى تعلم أنها ستندم بعض قليل
سمح لها بأن تسبقه ولحق بها خلفها وعلي شفتيه ابتسامة ثعلبية يسخر بها من شقيقه، يعلم أن كلتا العائلتين تابعت العرض لكنه بادر قائلا بصوت هادئ
– لقد وافقت على عرض زواجي
وجه نظراته نحو حماه الذي يرمقه شرزا وهو يحدق نحو ابنته ببعض الخيبة، لتهم هى بتوضيح الصورة قائلة
-بابا انا
قاطع حديثها وعينيه تلمع بابتسامة ذئب ليقول للجميع
– قررنا انا وشاديااه أن نتزوج في أقل من أسبوعين
الشهقة الأولى الخفيضة كانت من شادية تبعها استنكار الجميع، رفعت شادية عينيها بعتاب شديد لتجز على أسنانها هامسة بحدة
– انت اكيد اتجننت
وجه ابتسامته الواثقة للجميع وهو يميل برأسه فى اذنيها هامسا بتلك النبرة الخشنة التى تجعل جسدها يقشعر
– وافقيني
كانت جيهان هى الوحيدة من أطلقت زغرودة فى الصالون، ليزجرها معتصم بعينه قائلا بيأس
– ده جنون
كان ماهر هو الاقرب منه وهو يطالبه بالهدوء، لكن اي هدوء يتحلى به والرجل أخذ ابنته التي كانت تعرب عن رفضها فقط منذ عشر دقائق
الآن جاءت كقطة مطيعة ملتصقة بسيدها وتذعن لجميع طلباته، لا يرغبها خانعة مرة اخرى
بل ان تكون سيدة قرارتها وهذا امر سيحاربه رغما عن انف ابنته
اقترب من ابنته وهو يحاول إفاقتها من غيبوبتها التي خدرها ذلك الإيطالي اللعين قائلا
– انتي موافقة على الجنان ده يا شادية
عضت باطن خدها وهي تستشعر قرصة سرمد الخفية لخصرها لتهز رأسها موافقة هامسة بصوت خفيض
– موافقة
لكنها ستقتل حرفيا سرمد، هذا ما تتوعد به لسرمد الذى شعرت به يجاورها حينما وجدت انها محاصرة أمام والدها، ارتجف جسدها للمسة غير بريئة منه بانامله لخصرها لتبتعد عدة خطوات بعيدة عنها ووجهها تلون بالحمرة القانية لترى نظرات الشك فى والدها وهو يرمق سرمد ثم يسالها
– بالسرعة دي يا شادية
استشعر سرمد ضعف شادية امام والدها، وربما ستوافق على الغاء الزفاف ان استمر يتحدث بتلك النبرة الضعيفة الواهنة، ليطلب مساعدة من والده وقد رآه ينظر للجهة الأخرى تاركا إياه في منتصف الحرب دون مساعدته، انتقل الى والدته التي سرعان ما اقترحت
– استاذ معتصم من بعد اذنك نحن حابين نعمل حفلة كتب الكتاب مع الخطبة وبعدين حفلة العرس
صاح معتصم نافيا بتعجل شديد دون مناقشة
– أبدااا، وقت كتب الكتاب هو الفرح
عضت شادية باطن خدها وهي تعلم سر رفض والدها، حتى هي ما كانت لتسمح بعمل عقد قران قبيل زفافهم، بل ستجعله فى نفس يوم زفافهما
والسبب
انها لا تستطيع أن تأمن جنون هذا الايطالي ابدا
صرح معتصم بالنهاية ناظرا اتجاه غيداء التي اتسعت عيناها بذهول اتجاه رفضه العنيف
– واسبوعين وقت قليل جدا، وانا لسه عندي تخوفات من حياة بنتي، بتسافر كتير ومش بتستقر في بلد وده اللي فهمته من طبيعة شغلك، طب وشادية هيكون وضعها ايه من كل ده
هز سرمد رأسه بتفهم شديد، ليغمغم قائلا بصوت عملي
– عملي في إيطاليا يا سيدي، ولدي شقة خاصة لي ومنزل عائلتي
صمت معتصم لثواني قبل أن يسأله ببرود شديد
– وشغل شادية
هز سرمد رأسه بيأس ليقول بصوت جاد
– سيد معتصم انا لن احتجز شادية في منزلي، بالطبع تستطيع تدبر عملها، بل اظن انها تستطيع توسيع عملها معي في إيطاليا بجانب تسليم أعمالها لشخص موثوق به في مصر حين غيابها، كحالي
لم يعحبه اقتراح ذلك الرجل مطلقا وهو يراه مخططا لحياتهما السابقة، وجه نظراته نحو شادية التي تحاول استدراك وضعها بعد الزواج
سفره الدائم وتغيبه عن عائلته، لقد اخبرها انه غاب لمدة عامين دون رؤية عائلته
اين ستكون هي إذا خلال سفره؟
هنا ام فى موطن عائلته
عضت باطن خدها وهي تنتبه ان هناك الكثير لم يخططا له بالفعل، اندفاع الحب والمشاعر اعمي عينيها لتسمع الي رد والدها الحانق
– مش عاجبني الوضع من اوله لأخره
ظهر الضيق والانزعاج على ملامح غيداء وهى تتحدث بخفوت الي زوجها، لينظر سرمد تجاه سامر الذى يتسامر مع شقيقتها ليلتفت نحو حماه المستقبلي قائلا
-سنأتي هنا للزيارات دائما، كما اننى أقوم حاليا بتأثيث منزل هنا وهو على وشك الانتهاء
لم يعجبه مسار تلك الحياة لأبنته، بل رافضا لها تماما، يتحدث ببساطة وكأنه يظن أن شادية ستتأقلم بسهولة وحياتها المنغلقة تستطيع ان تصبح مثل حياته، غمغم والد سرمد قائلا بعد ان رأى التفكير العميق يلوح على وجه معتصم
– اعتقد ان كل شيء يسير على ما يرام يا سيد معتصم
القي معتصم نحو ماهر الذي رفض أن يفصح عن رأيه وهو يخبره أن الأمر يقع على شادية، وكأن ابنته بحاجة إلى تعقيد أكثر لحياتها وغربة
زفر بيأس، صمت ابنته لا يساعده مطلقا، ليغمغم بيأس
– اعذروني يا سادة، الأمر ليس سهلا للموافقة عليه
هزت غيداء رأسها بتفهم لتستقيم من مقعدها وقد علمت ان زيارتهم قد انتهت لتهمس بنبرة لطيفة
– اوكي ،خدو وقتكن
تصافح الرجال بمعتصم وماهر وعن غيداء كانت تخطط عن لقاء لهما بمفردهما لتسمع سرمد وهو يتحدث مع معتصم
– خذ وقتك بالتفكير يا سيد معتصم، لكن استطيع ان اثبت لك ان ليس هناك أحد جدير بأبنتك سواي
هزت غيداء رأسها بيأس وهي تسحبه من ذراعه مغادرين من المنزل وقد اصطحبهم معتصم وماهر الذي استأذن مغادرا هو الآخر.
تنهدت جيهان تنهيدة ثقيلة وهى تقول بحالمية شديدة
– بس اخو سرمد مز على فكرا
اتسعت عينا شادية بذهول لتحاول أن تجد شيئا تقذفه فى وجهها لكنها لم تجد لتصيح بحدة
– احنا في ايه ولا في ايه انتي كمان
عضت جيهان على طرف شفتها السفلى وهي تتذكر هيئة شقيق سرمد المشابهه له، سوي من عينيه الملونتين، لكن هذا لم ينقص من قدره مطلقا
لكن ما حظها هي بأصحاب العيون الملونة!!
لولا أنها لم تسقط على أنفها فى حب وسيم لوقعت تماما فى حب المدعو بسامر لتقول بحالمية شديدة
– والله مز بجد، شوفتي عضلاته يالهووي
التمعت عينا جيهان بخبث شديد لتصفق كلتا يديها بمرح قائلة
– بفكر اعزمه على سهرات القديمة بتاعتى
انفجرت شادية ضاحكة بيأس، وهي لا تصدق ان جيهان لا تزال تفكر فى سباق الشوارع هذا، لتغمغم بجفاء
– خلي بابا يسمعك يا شاطرة، عشان تحلمي بعدها انك تحطي رجلك قدام شارع بيتنا
انتفضت جيهان حينما جاء صوت والدها الاجش وهو يقول بحدة
– عايزاه
عضت شادية علي باطن خدها وهى تحاول ان تفكر بعقلانية، لكن أثر قبلته وخاتمه التي تحسسه بأناملها يشتتها لتهمس بضياع شديد
– بابا
هذا ما خاف منه معتصم، ذلك الانجراف دون أي تعقل
لما هو احمق حينما كان رفض سابقا لؤي؟!!، ألم تختاره من عقلها رغم الاسباب المبهمة، لكنه يظل خيارا أفضل من هذا الهجين
تأفف بحدة، وأساليب التحدي الذي يتخذها هذا الشاب لا تعجبه مطلقا، ليسألها بصراحة
– بدون لف ولا دوران، عايزة الواد ده
مررت شادية اناملها على خصلات شعرها قائلة بيأس
– بابا انا بجد مش هوافق على حد انت رافضه
الأساليب الملتوية عادت مجددا
وهو لا يملك نفسا لتلك الجدالات والمناقشات، كيف ترغبه وتكاد تموت عليه والله اعلم ما السبب الذي يجعلها تقع فى حبه وهو لا يرى أي فائدة سوى شئ واحد حينما انقذها من الحقير معاذ، ثم تترك الكرة في ملعبه هو!!
– ولو قولتلك مش موافق، هتضحي بحبك عشاني
قالها بنفاذ صبر شديد وعينيه تدقق النظر نحو ابنته التي هزت رأسها موافقة قائلة
– اكيد
رفع معتصم حاجبه بدهشة ليسمع الي صيحة استنكار من جيهان ليقول معتصم وهو يتماشى مع موافقتها التي لا يحتاج لسماعها
– نفترض ده، وعدا مدة ومعرفتيش تنسيه وارتبط هو هتلوميني وقتها ولا لأ
هزت شادية رأسها نافية لتقول
– لا طبعا مش هقدر، انت اغلى ما املك
اختنقت انفاس معتصم وهو يحاول أن يأخذ الامر بروح رياضية، الا ان الغصة فى حلقه جعلته يغمغم باختناق
– عايزة تبعدي عن عنيا يا شادية
اقتربت شادية وهي تلف يديها حول عنق والدها لتدفن رأسها فى صدره متمتة بنفي تام
– انا اسفه
ربت معتصم علي خصلات شعرها وهو ينظر نحو فتاتيه، فمن جهة إن كان إصرار الايطالي لأبنته يزعجه، فإن إصرار الفتى الذهبي لشعنونته يخنقه
– كنت عارف ان في يوم من الأيام هتمشوا لبيوت اجوازكم، بس كنت بصبر نفسي وأقول يعني هتبعد بعيد شوية عني وتقدر تجيلي كل يوم زيارة وبعدها ترجع لبيتها، دلوقتي هتسافري لمكان تاني  وهتيجوا بس وقت الأعياد
رفعت شادية رأسها سريعا وهي تقول
– لا طبعا يا بابا، هاجيلك زيارة كل شهر وفى الأعياد
ابتسامة زينت ثغره واجابتها جاءت واضحة كوضوح الشمس ليغمغم
– بتضحكي علي مين يا بنت انتي، عموما انتي حرة.. ولطالما انتي عايزاه انا مش هعترض
زفرت جيهان بنفاذ صبر وهي تري مماطلة شقيقتها لتخرج من الغرفة قبل ان يصيبها فقع مرارة، تساءلت شادية بيأس
– انت شايف اننا مناسبين يا بابا
ان كان رأيه هو، فهو لن يوافق على أي عريس سيتقدم لها، لكن لا يعلم يشعر أن هذا الفتى برغم من عبثيته يستطيع أن يعتمد عليه، فرغم ما به من مساوئ الا ان رجل معتد بنفسه لن يجر لان يعمل باعمال عائلته، بل اختار ان يمتهن مهنة جديدة، ربت على خدها قائلا
– رأيك يا شادية هو الأهم، مش عايز غير سعادتك وبس
لكنه قال بنبرة جادة
– بس ده مش هيمنع اني يوم الفرح هو يوم اللى هتكتبوا فيه عقد الجواز
شهقت شادية لتسارع بإلقاء نفسها بين ذراعيه مغمغمة
– بحبك يا بابا
قبل مقدمة رأسها ليتنهد وهو يدعي ان لا يخون هذا الرجل الثقة التي سيضعها له!!
*******
فى قصر المالكي،،
القصر يغلفه الهدوء إلا من غرفة الشيطانة والهركليز
وسبب الشجار هو شمس
منذ ذهابها الأخير للمشفى لرؤية الصغيرة، وهي تداوم للذهاب اليها كل يوم
تحاول عودة الصغيرة إلى رعايتها
لكن شقيقتها الحمقاء التي تبكي كل يوم فى أحضانها وهي ترى الفتاة من نافذة الغرفة كجثة هامدة، لكن ما ان قررت ان تأخذ الفتاة رغما عن عين والدها
انفجر وقتها لؤي ممسكا يدها بحدة
– اسياااا
هدرت اسيا فى وجهه بانهيار، وقد كرهت كون زوجها لم يكن فى صفها
هو من المفترض من يشجعها على أن تعود الصغيرة في أحضانها مرة أخرى، وليس ان يكون رافضا متهما اياها بالجنون وأنها فقدت عقلها
هي فقدت عقلها
حينما تركها حبيسة داخل هذا البيت
جنت فعلا حينما رأته يبتعد وينزوي عنها
يعاملها كـ وباء ومرض معدي يخشي أن يصيبه
لما أتى بها هنا
وهي لما تتحمل كل تلك المعاملة
تستطيع الفرار والعودة إلى أحضان وطنها البارد، ولا تبقي دقيقة مهدورة الكرامة
لكن القلب اللعين كان له رأيا آخر
يجعلها تتذلل له
وهو لا يعطيها “ريق حلو” كما يقولون
تتزين وتتعطر وتخبره مرارا انها تحتاجه
لكن أيترك عناده وغروره؟!!
لا .. ابدا لا يتركه
– اللي مرمية هناك دي تبقي بنتي، سامعني كويس ولا لأ
لم يتراجع لؤي عن تصميمه مطلقا وهو يغلق باب غرفتهما ليصدر فرمانه الأخير
-وانا قولت كلمتي مش هتخرجي يا آسيا
شهقت بذهول وهي تصرخ فى وجهه تكيل بعض اللكمات فى صدره
-انت بتحبسني فى البيت يا لؤي
كمية الضغوط التي تحملتها سابقا والآن كان كثيرا عليها
انزلقت الدموع من عينيها لتهمس بعذاب
-انت عارف اللي هناك تبقي بنتي، انا اللي ربتها يا لؤي، عارف يعني متعرفش تنام وانت مع طفل بيبكي وبيصرخ وانت مش عارف بيشتكي من ايه، كل اسبوع بروح الدكتور عشان تحاليل وأدوية، وانت ببساطة بتجردني من أبسط حقوقي
اندهش لؤي وهو يراها تعينه جلادها ليقترب منها يقسو بأنامله على ذراعيها ليصرخ فى وجهها، يفيق تلك المختلة
– ابسط حقوقك، آسيا انتي متخيلة ان ابوها هيدهالك
هزت رأسها نافية، لكن إصرار لأخذ الفتاة سيطر عليها.. الفتاة تحتاج لعائلة تهتم بها
وهي متفرغة لها، وقد اصبح خطة حملها من لؤي فاشلة فى الوقت الحالي
-لا مش هيخليني اخدها، وعارفة كدا كويس يا لؤي.. مش للدرجة دي غبية عشان اتوقع انه ممكن يسبهالي
جز لؤي على اسنانه بسخط، عينيه تنظران نحو البريق في عينيها الوحشي
يعلم انها تخطط لكارثة فى عقلها
ولكن من ترغب بمشاكسته داهية كبرى في عالم الأعمال
معروف عنه انه يستخدم جميع الطرق المشروعة وغير المشروعة ليصل لما يبتغيه
وهو يخشى عليها
غضبه وهدره ما هو إلا خوفا عليها منه ومن بطشه إذا اذاها وهو بعيد عنها
– بتروحيله ليه لطاما مش هيخليكي تشوفيها
اجابته بأنفجار تام وهي تشير إلى نفسها قائلة
-عشان انا امها، انا جربت شعور الامومة على ايديها، عايز تحرمني منها ليه
دفع بجسدها ليرتطم بالحائط وهو يمسكها من ذقنها ناظرا إلى عينيها
اللعنة
ماذا تفكر هي
هل ستختطفها، بل وتتهمه بأنه الرجل السئ
غمغم بصوت أجش
-آسيا فوقي، ملهاش لازمة تروحي دلوقتي .. كدا كدا مش هتشوفيها بسبب ابوها
مالت برأسها وعينيها تلمع بالمكر شديد لتهمس بهدوء
– الحيوان ده هعرف اتصرف معاه
هدر تلك المرة بأسمها وعينيه ينضح منهما خوفا رأته آسيا
– آسيااا
والقرب الذي بادر به اجفل اسيا وهي تعيد رأسها للخلف تنظر اليه بريبة جعل لؤي يقلل من همجيته وتتحول لمساته الي مراعية
يده الاولي تحتضن خصرها والأخرى تمرر على وجنتها حتي عنقها مما جعل اسيا تزدرد ريقها بتوتر وهي تراه يهمس بصوت منهك
– مزهقتيش
ازاحت يده التي تداعب وجهها بحدة، من يظنها هي
استستسلم من مجرد مداعبات منه لينسيها عما تخطط له
أو أنها ستلهث خلف فتات منه
لم يخلق بعد من يسخر من ذكائها
استمعت الي صوته الاجش وهو يدفن وجهه فى عنقها مرسلا عدة قبلات جعل جسدها يلين بين يديه
– بنلعب نفس اللعبة يا آسيا، بنلف وبندور وبنوصل ايه فى الاخر
رفع رأسه وعينيه التمعت بعاطفة لم تراها منذ فترة، دفعته بعيدا عنها
مبتعدة عن حصاره الناعم
لتقول بنبرة مرتجفة
– ودلوقتي هتحط الغلط عليا انا، آسيا اللي بدمر، اسيا اللي بتنهي، آسيا الشريرة اللي لازم تاخدوا بالكم من شرها مش كدا
ادارت بجسدها عنه وهي تحاول ان تكون صلبة أمامه وليست حمقاء غبية
تضعف امامه
لم يعد لؤي السابق الحنون الذي يحتضنها ويطمئنها أن الغد سيكون بخير
بل أقرب لعدو، غمغمت بنبرة حادة
– عارف يا لؤي .. أوقات بحسك فاهم كل حاجة، بس للأسف وجد الوحيدة اللى فهماني
زفر لؤي بسخط وتعامل رفضها لقربه بروح رياضية
يعلم ان اسيا لن تستسلم ان لبي ما ترغبه، ستراه انه يستغلها
غمغم بحدة
-آسيا انتي عايزة كل حاجة
واجهته وهي تجيبه بسخرية
– عايزة كل حاجة، لان ده حقي، انا ايه اخدته يا لؤي .. ولا حاجة ولا حاجة بص كويس وقولي ايه اللي اخدته
نكس رأسه أرضا لتشيح آسيا وجهها للجهة الأخرى
هذا ما تحصل عليه
يصمت ثم يرحل، غمغمت باختناق
– انا قرفت بجد من الخناقات دى
تقدم نحوها لعدة خطوات ثم احتضنها بقوة وظهرها يقابل صدره ليغمغم بصوت أجش
– اسف
انزلقت دمعة من عينيها وهي تحاول أن تظل صلبة كما عاهدت نفسها
الا ان صوت لؤي كان يزيد من عذابها
– اسف على كل اللي فقدتيه بسببي يا اسيا، واللي فقدتيه
التفت هي الأخرى لترفع يديها تحتضن وجهه هامسة
– انا تعبت يا لؤي، مش عايزة اخسرك
سألها بلوم وعتاب
– خايفة تخسريني بعد اللي بتعمليه
عضت على باطن خدها وهي تقر باعتراف
– الحاجة الوحيدة اللى مخلياني أفضل اتنفس يا لؤي، عايزاك ترجع لؤي اللي اعرفه
جذبها نحو عناق سريع
يعيد أواصر عشق قديمة
يراها تتمسك به بخوف وتشد من قربه
وهو يمرر يديه على سائر ظهرها ينحر الخوف، ليبتعد لاهثا وعينيه تنظران نحو أثره على شفتيها ليسألها بعتاب
-بتعملي فينا كده ليه
أجابته بنبرة لاهثة ونبضات قلبها غير منتظمة تزيد من جنون لؤي
– اسأل نفسك
غمغم لؤي بصرامة
– اسيا، انا مش هفضل طول عمري هكون عايشلك… عايزك تبقي وسط عيلتك ..عيلة تقدر تساندك وتقويكي وانت فى حمايتهم
لن يكذب ويقول انه لم يرى الخوف في عينيها، ثم البرود حينما علمت رسالته لتجيبه
– انا مش عايزة حماية حد
غمغم بهدوء
– بس الواحد من وقت للتاني محتاج طبطة يا اسيا
هزت اسيا رأسها وهي تجيبه بتهكم
– عندك حق، انت بطلتها
القي اليها نظرة ذات مغزى، وكأنها لا تعلم انها تملك مفتاح لحل جميع مشاكلها
هي التي بيدها ان تنهي وصلى الفراق التي لا يعلم إلى أين ستصل
– عايز بس اصدق انك فعلا اتجاوزتي كل حاجة
هزت رأسها بيأس
– لؤي
امسكها لؤي من ذقنها وهو يجيبها بحدة
– مش عايز خطط يا اسيا، خلي عقلك يوقف عن الخطط، مش هتأذي حد غير نفسك بالنهاية
زفرت آسيا بحدة وهي تقول بنفاذ صبر
– عارفة
اتسعت عينا لؤي باندهاش، وهو لا يصدق انه اخيرا وجدها تتفاعل معه
بل تخبره انها تعلم انها ستؤذي نفسها، سألها بلهفة
– بتعملي ليه كده فى نفسك
هزت كتفيها ببساطة تجيبه
– يمكن اتعودت على الألم
****
فى حي عاصي،،
فى ظل اقتراب الخطبة، وعدم وجود أي شئ ينغص حياة حفيدها الحبيب، لم تجد بدا سوي أن تجلب زوج حفيدها المستقبلية الى منزلها، وفى ظل انشغال عاصي بعمله فى المشفي وجدت الطريقة المثلي باتصالها بوجد
وحسنا تعترف ان الفتاة تقلق من أقل سعال وانين اصطنعته لتأتي على وجه السرعة الى منزلها، ابتسمت تحية بفخر شديد أن تلك الاعيب الصغيرة تجدي نفعا مع مرور السنوات، وقد كانت تتصنعها منذ زواجها بالمعلم حتى مع حفيدها ورغم علمه بانها تصطنع التعب الا أنه ما زال يقلق..
تنهدت تحية وابتسامة ناعمة تزين ثغرها وهي تحمل الصينية لتضيف العروس وحالما رأتها وجد اسرعت بحمل الصينية منها قائلة بنعومة
-يا توحة مكنش ليه لزوم تعبك بجد
ضيقت تحية عيناها نحو قد العروس النحيف، ألم تحاول حتى أن تزيد بعض الكيلوجرامات
حفيدها ثور ناطح والفتاة لن تتحمل، تخشى أن تحدث فضيحة صباح يوم الزفاف
ستحدث حفيدها عن نحافة الفتاة تلك الغير مطمئن، اتسعت ابتسامتها قائلة وهي ترتب على ظهرها بمودة
– كفاية والله كلمة توحة منك، بتنسيني كل التعب
كتمت توحة شهقة كادت تفضحها، هل احست بعظام ظهرها أم انها تتخيل؟!!، لم تدري وجد بما يدور فى خلد تحية لتضع الصينية على المنضدة لتقترب منها قائلة باهتمام
– فيه حاجة وجعاكي يا توحة، قوليلي بجد نروح عند دكتور ونطمن عليكي
ابتسمت تحية بارتعاش شديد وهى تجلس على المقعد قائلة بتمني
– انا بخير، مستنية بس وقت ما تتجوزوا وتملو البيت ده بعيالكم
تلون وجنتي وجد بالحمرة، وفكر انها تتزوج بعاصي وأن تحمل طفل منه تجعل جسدها رغما عنه يرتجف اثارة وخجلا لتسمع تحية تمتم قائلة
-تعرفي كنت زمان زعلانة على حال عاصي، خصوصا انه مكنش متحمس لموضوع الجواز، بس دلوقتي عرفت
عبست وجد بعدم فهم لتسألها بفضول
-عرفتي ايه
انشرحت اسارير تحية وهى تتأمل قسمات وجه وجد المليح، وطيبة قلب الفتاة التى لا تتأخر دقيقة لتقدم يد المساعدة لتقول بابتسامة عابثة
– انه بس كان مستني نصه التاني
ثرثرت بمرح ووجد تلتصق على المقعد المجاور لها وهي تتأملها بشغف وفضول شديد
– خدي نصيحة يا بنتي، ولا اقولك اصلا انا متأكدة انك هتعرفي تتعاملي معاه
ظهر الخيبة على وجه وجد حينما رأت تحية بترت عبارتها التالية لتسألها بفضول
-شوقتيني يا توحة، قوليلي
تنهدت تحية بقلة حيلة تحت نظرات الفضول في عيني وجد لتستسلم لفضولها قائلة
– مش هكدب عليكي واقولك ابني صعب الإرضاء، بس ابني أوقات بيطلع عليه جنان زي المرحوم متعرفيش ازاي تسيطري عليه
التزمت تحية الصمت وهى تتمنى أن يكون المعنى وصل لها جيدا، الا ان صوت وجد المتسائل بعدم فهم احبطها
-قصدك ايه يا توحة
ربتت تحية على ظهرها قائلة بصراحة
– جنون غيرة يا روح توحة، اكيد فاهمة اقصد ايه، اصله طلع زي جده ربنا يرحمه مخدش اى حاجة من ابوه
رفعت تحية وهى تتمنى أن يكون وصل المعنى لوجد وحينما رأت احتقان وجنتي وجد جعلها تبتسم، يبدو ان حفيدها لا يزخر وقت ليريها بعض جنون زوجها المرحوم التي ورثها منه
– فاهمة يا توحة
غمغمت بها وجد بحرج وهى تتذكر مشاهد غيرته الفاضحة واخرها حينما جاء متطفل فى الصالة الرياضية التى تتدرب فيها وتعامل هو مع الأمر بخشونة شديدة وعناد كبير، لكن بالنهاية اعتذر على فظاظته الغريبة معها
انتبهت وجد على صوت تحية وهى تخرج صندوق خشبية يبدو عليها أن السنوات حفرت علامتها بها
– بالمناسبة انا جيبالك هدية خطوبتك
اتسعت عينا وجد بانبهار حقيقي، وهى تنظر الى الصندوق الخشبي، يبدو مثل الصناديق الزينة التي كانت تشاهدها في الأفلام الكلاسيكية لتشهق بانبهار الى الطقم الماسي وهي تمده لها لتهز وجد رأسها رافضة
-ملهاش لازمة يا توحة بجد
لكن يبدو ان تحية لم تكن بكامل عقلها تماما، اناملها مرت على الطقم الاخير الذي صممه والدها وبه طبع خاص لأسمه، اغرورقت عيناها بالدموع وهي لا تصدق تلك السنوات مرت بسرعة
منذ ان استلمت ذلك الطقم من والدها صبيحة زفافها من حبيبها، حتى جاءها اليوم الذي سلمته لأبنتها وبعد وفاتها عاد اليها مرة اخري، وكانت تمني نفسها انها ستسلم الطقم الماسي لزوجة حفيدها ان كانت تستحقه فعلا، وإن لم تستحقه فكانت ستتركه كأرث للعائلة في خزانة البنك الخاصة بها، سحبت خاتم يبدو مختلفا عن الطقم لتتأمله مليا وهي تتذكر حينما كانت صغيرة تثير صخب فى معمل والدها
تتذكر هذا الخاتم تحديدا دونا عن غيرهم، كانت تساعده وقتها لتصميم خاتم بل وكانت مساعدة نجيبة له لتنسل منها ابتسامة حنين هامسة
– عايزة اقولك الخاتم ده بابا اللي يرحمه كان عامله بأيده، وسلمته لبنتي قولت تسلمه لعروستها، بس ربنا يرحمها معشتش اليوم ده
عضت وجد على شفتها وهي تشعر انها فتحت بوابة ذكريات لتحية لتمتم هامسة بحزن
– الله يرحمها ويغفرلها
سارعت تحية بمسح دموعها وهى تغلق الصندوق وتسلمه لها قائلة بابتسامة ناعمة
– عايزاكي تحتفظي بيه وتلبسيه، لحد لما تسلميه لبنتك يوم فرحها
تسلمت وجد الصندوق برهبة شديدة، وهى تشعر أنها اقتحمت داخل ذكريات وقدسية تلك الذكريات، غمغمت بجدية
-أنا بوعدك بده يا توحة
هزت تحية رأسها باستحسان، ليهدر صوت اسماء العالي وهى تطرق على باب منزلها
– يا توحااااا
استقامت من مقعدها وهى تتوجه نحو الباب لتفتحه قائلة بحدة
– تعالي يا اخرى صبري
ابتسمت اسماء بمرح وهى تعلم فظاظة تحية ما هو إلا وجه مصطنع منها، همت بقول شئ ما إلا أنها حينما وجدت وجد انشرحت اساريرها قائلة بمودة
– العروسة هنا، يا اهلا وسهلا نورتي الحتة
تفاجئت وجد من استقبال اسماء البشوش لها، بل تعجبها الاشد حينما احتضنتها بقوة كادت أن تسمع قرقعة عظامها، لكنها حافظت على ابتسامتها قائلة
-بنورك يا اسماء
انفجرت اسماء ضاحكة، وهى تمرر وجهها على بشرتها التي تحسنت كثيرا بعد نصائحها، مما جعلها أكثر ثقة بنفسها لتقول
– مش عارفة اشكرك ازاى على النصايح بتاعة البشرة، ضيعتلي كل الحبوب فى شهر
هزت وجد رأسها وهي تغمغم بجدية
– اهم حاجة المداومة يا اسماء، والاهتمام بالبشرة
اومأت اسماء موافقة على كلامها لتجلس على المقعد وهي تغمز بمشاكسة لتحية قائلة
– متقلقيش، ده انا كل مرة بطلع عند توحا بعمل ماسكات البشرة عشان. مسمعش اي تعليقات اي بنت خصوصا ان بيتنا مفتوح لأي سبيل عابر
ابتسمت تحية وهى تري ملابس اسماء المخالفة للموضة والذوق كعادتها لتهمس بحدة
-عقبال ما نخلص من ألوان الطيف اللي بتلبسيها
زفرت اسماء يائسة، وهى تتذكر نصائح تحية ووجد حينما جلبت ملابس رياضية انثوية كما اقترحتا، لن تنكر ان الملابس الانثوية كانت تحدد تفاصيل جسدها بدون فجاجة أو وقاحة، لكن الثياب تجعل الأعمى يعلم أن من ترتديه انثى وليس جعفر
لكن ما أن رآه عادل حتى هاجت شياطينه، وكأن أحدهم دعس على  ذيله لتغمغم بحنق
– يووه يا توحة ما قولتلك وقت ما البس اللي قولتيلي عليه، لقيت عادل بيزعق في وشي وبيقول ايه الهباب اللي بلبسه ده
مصمصت تحية شفتيها بعدم استحسان لخضوع الفتاة لخطيبها لتقول بحنق
– وانه بيزعقلك يخليه يتحكم فيكي
فغرت اسماء شفتيها بصدمة وهي تقول باقتناع
– يا توحة مش متعودة البس كدا
ابتسمت وجد بحرج مغمغمة لتحية قائلة
– خليها على راحتها يا توحة
تصاعد رنين هاتف اسماء، وحينما علمت أن المتصل عادل تلونت وجنتيها بالحمرة قائلة بتعجل
– طيب أنا مضطرة امشي دلوقتي، عادل بيزن عليا من الصبح
سارعت اسماء بمغادرة البيت بسرعة تعجبت لها وجد، لكن هدوء تحية جعلها هي الأخرى لا تلقي بأي تعليق، استقامت من مجلسها هي الأخرى مستأذنة بالذهاب لكن أطرافها تخشبت على إثر نداء عاصي الأجش
– انا جيت يا توحة
لم ينتبه عاصي لها من كثرة الحقائب البلاستيكية التى وضعها على الطاولة، لكن صوت تحية الساخر جعله ينتبه انه ليس بمفرده
– اي يا واااد فيه ضيوف هنا
رفع عاصي رأسه بدهشة ليندهش من وجود وجد فى منزله، حسنا حينما هاتفها صباحا لم تخبره انها ستكون فى بيته، عقد حاجبيه بريبة تجاه توحة التي أدارت بوجهها الأخرى، ليهز رأسه بيأس ليتقدم نحوهما قائلا
– وجد!! انتي مقولتيش انك هتكوني هنا
تلون وجنتي وجد بالحرج، وهي تشعر بفظاظة سؤاله التي اكتشفت انه شئ وطبع خاص به ولا يقصد احراجها مطلقا
لكن هذا طبع خاص به
وجدت تحية من تجيبه بحدة قائلة
– وتقولك ليه، ثم انت جيت ليه بدري
هل سيشكلان تحالف نسائي عليه، هذا ما سأله عاصي سرًا وبدي مجئ وجد مفاجئا له حتى لمح صندوق تحية الخشبي، ابتسم بمرح وهو يقول بمشاكسة
– انا غلطان اني جايبلك الكيس بتاع كل شهر
تبدلت ملامح تحية مائة وثمانون درجة لتقترب منه قائلة بفضول وعينيها تلمعان ببريق
– فيه العسلية ولا شايله
توجه عاصي ليحمل الكيس البلاستيكي المليء بالعديد من المقرمشات والحلوى  الذى وضعه منذ قليل على الطاولة ليقدمه لها قائلا
– لا حاطه، بس المرة دي هناكله بمواعيد
لمعت عينا وجد بتأثر شديد، وهي تشعر ان المشهد امامها كأب يجلب الحلوي لأبنته، حماسة تحية وابتسامتها الملتصقة بثغرها وهي تبحث عن حلوها داخل الكيس جعل وجد تبتسم بحنين شديد
و غصة مريرة في حلقها
لم تجرب أن يكون لها والدا ويجلب لها جميع حلوياتها المفضلة داخل حقيبة بلاستيكية
عمتها كانت ترفض الحلويات المفسدة للجسد وكانت تتبع قواعد صارمة لتغذيتها، انتبهت على صوت تحية وهي تقدم حلوها المفضلة “العسلية” قائلة
– اكيد متعرفيهوش، خدي دوقيه
شكرتها بلطف وهي تحاول لملمة شتاتها ومغادرة المكان بسرعة قبل ان تبكي أمامهم لتهمس
– لا يا توحة بالهنا بجد انا شبعانة
شهقت تحية باستنكار شديد، لتضع الحلوى في يديها قائلة بحدة
-يا بنتي هو انتي فيكي ايه، ده انتي عضم على جلد، خدي اتغذي شويتين
لم يفت تعابير وجه وجد من ابتسامة، وشرود، وحزن اكتنف تعابير وجهها
رأى في عينيها الفراغ، والوحدة … ليقول بنبرة ذات مغزي لتحية
– يا توحة ملوش لازمة الكلام ده
صمتت تحية وهى تقضم قطعة من العسلية بحدة، لتنظر وجد فى ارجاء المنزل بتيه شديد قبل أن تهمس بتعجل
– مضطرة امشي دلوقتي، عن اذنكم
خروجها كان أقرب بالفرار من المكان، دمعة خائنة سقطت من عينيها مسحتها سريعا وهى تهبط السلالم بتعجل لتتوجه نحو سيارتها بأسرع وقت ممكن….
لم يخفي عاصي قلقه عليه، ليغمغم بصوت قلق وهو يلحقها خلفه
– هوصلها
ابتسمت تحية بسخرية وهي تتلذذ بتناول عسليتها لتقول قائلة
– طبعا، طبعا عشان متتخطفش
خرج عاصي بتعجل من منزله ولحقها وهو يهبط من السلالم بسرعة الا انه لم يجدها، سارع بالخروج من العمارة ليسمع محرك سيارتها، توجه نحوها قائلا بصوت آمر
– استني متمشيش
شهقت وجد بذهول وهي تمسح دموعها بحدة لتضيق عينيها قائلة
– عاصي
أمرها بصوت أجش
 -خليكي مكانك
هممت بسؤاله إلا أنها وجدته يتوجه نحو سوبر ماركت، عقدت حاجبيها بدهشة وهى تنتظره عدة دقائق وحينما خرج وجدته يحمل حقيبة بلاستيكة ضخمة ويفتح باب سيارتها المجاور لها ليضعه على المقعد المجاور لها، الجم لسانها الصدمة ثم سألته بعدم فهم
– ايه ده
ابتسم عاصي وهو ينظر اتجاهها بعاطفة دافئة، مهدئا روعها، ومؤازرا محنتها ليقول بصوت دافئ
– ده كيس بتاع اول شهر من القبض، فيه انواع  كتير، لاني معرفش بتحبي اي نوع
انفرجت ابتسامة ممتنة وقلبها يذوب عشقا لهذا الرجل، لا تصدق ان رجل مثله فهم ما يدور بخلدها
رغم أنها لم تشعر سوى بالغبطة تجاه توحة، وحزن لعدم وجود شخص فى حياتها يجلب لها مثل تلك الأشياء
لكن هذا الرجل
اسطوري
رجل انتهي من مثله فى هذا الزمن، امسكت ساعده لتضغط بكلتا يديها عليه هامسة بامتنان وعينيها مغرورقة بالدموع
– ربنا يخليك ليا يا عاصي
ربت على يدها وهو بلباقة يزيح ساعده عن يديها ليغلق باب سيارتها ويحادثها من النافذة قائلا
– بداية كل شهر هتبقي عادة اني اجيبلك الكيس ده، بس تقوليلي ايه اكتر نوع بيعجبك عشان اكتر منه
انفجرت فى بكاء حار وهى تمسح الدموع سريعا وعلى شفتيها ابتسامة عاشقة جعلته يبث لها دعما خفيا لتهمس اسمه بنعومة تطيح بتعقله
– عاصي
ولولا انه فى مكان عام، وليست حلاله بعد
لطالبها مرارا أن تعيد نداء اسمه بصوتها الأبح، وتثقله بأغراء مميز ليجد أن نطق اسمه فريدا منها
– نعم
غمغم بها بخشونة وعينيه غامت بعاطفة ارسلت القشعريرة من منابت رأسها حتى أخمص قدميها، ظلت لمدة تحدق نحو عينيه وملامح وجهه الرجولية المحببة لها لتهمس بتهور شديد
– انا بحبك
جحظت عينا عاصي ليشعر بأن العالم يدور من حوله، والأرض أصبحت رخوية وحينما هم بالرد عليها وجدها هربت بسيارتها
مخلفة غبار بسبب سيارتها
اغمض عاصي جفنيه ليضم قبضته بقوة، محاولا التحكم والسيطرة على أي فعل متهور سيقدم عليه معها
ألم يحذرها من عدم نطقها
يبدو انها لا تعلم مغبة فعلتها المتهورة
جز على اسنانه بفقدان سيطرة، وهو يحاول تهدئة ثور ناطح راغبا فى التحرر
ليهمس بتوعد شديد وعينيه تغيم بعاطفة مميزة
– اهربي يا اميرة، اهربي
سيدعها اليوم
لكن الغد ستكون له!!
*****
ترجل وسيم من سيارته الرياضية ساحبا باقة من الزهور فى يده، وتقدم نحو مؤسسة السويسري ملقيا تحية للحارسين فى الخارج..
القي تحية صباح لموظفة الاستقبال التى لم تخفي تعجبها لباقة الزهور فى يده، سألها عن سيد معتصم لتجيبه عن حضوره منذ ساعة
شكرها بابتسامة دبلوماسية ليتخذ طريقه نحو المصعد و يستقله لطابق صاحب المؤسسة
لن ينكر ان مماطلة حماه ارهقته كثيرا
لكنه صبور
صبور ولديه نفس طويل حتى يحقق مراده
هو فقط لا يعلم متى تحول حماه من شخص كان فى السابق لا يدع حديث سوي ويذكره باعجابه الخفي بصغيرته ويخبره انه فقط ينتظر حركته الأولى
وحينما أعطى حركته الأولى واتخذها تراجع حماه وتخاذل
انفتح باب المصعد لتتسع ابتسامته وهو يتوجه نحو مكاتب السكرتارية ليراها بثيابها العملية
تجهم وجهه حينما رأي فتحة تنورتها الخلفية وما زاد الطين بلة هو ضيق التنورة ليظهر بسخاء منحنيات انوثتها
التفت بجسدها اليه لتنفرج عن شفتيها ابتسامة ناعمة، عدلت هندام سترتها لتجحظ عيناه وسيم بشدة حينما نحرها البض وبداية صدرها مكشوف أمامه
امسك باقة الزهور بقوة غاشمة يكاد يحطمها قبل أن يمسك رأس الحمقاء ويحطمه
القي باقة الزهور حرفيا في يدها لتستلمه متعجبة من خشونته وفظاظته معها
-نقدر نقول مبروك للانسة جيهان السويسري على منصب السكرتيرة
زفرت جيهان بحدة وهي ترمي الباقة جانبًا قبل ان تحاول سحب البلدي القصير أعلى كي لا يتهم بأنها عاهرة في المؤسسة، لعنت هذا الصباح الثياب العملية ومن يرتديهم، لما لا ترتدي جينز وتيشيرت فقط
لما مجبرة أن تقيد بارتداء تنورة مستفزة تقيد حركتها !!
لمحت نظرات وسيم المتجهمة والتي تدقق النظر على ما تفعله، لتترك يديها سريعا متنحنحة بحرج
– اتريق يا وسيم
انفجر ضاحكًا بسخرية شديدة قائلا بتفحص
– بالعكس فخور بيكي جدا، بس مش شايفة ان البدلة ضيقة
هذا شئ توقعته في بداية هذا الصباح، لما اتبعت هي صيحة الموضه اللعينة
لم تكن تتوقع أن البادي سينزلق ليكشف بداية صدرها، لو علمت لما ارتدته
زفرت بيأس شديد وهي تطلب المساعدة من شقيقتها لترسل لها شئ من ثيابها لتستطيع أن تكمل به اليوم، لكنها لم تظهر أي من حنقها
بل جلست علي طرف المكتب الخاص بها قائلة بسخرية
– انت عارف جيباها بكام دي اللي بتقول عليها ضيقة
لوي وسيم شفتيه بنزق، ولو يملك السلطة لوضعها في جوال وحملها إلى منزله
النيران في عينيه لم ترحمها
ان تستعرض جزء من جسدها يجعل جزءه الشرقي ينتفض غيرة وحمائيه، انتفض يهدر في وجهها بحدة
– مبين جسمك يا جيهان مش عاجبني
صاحت بنزق بالغ وهي تكتف يديها علي صدرها
– اعمل ايه دلوقتي
تمام ببساطة
-غيريه
بتلك البساطة ينطق بها!!
قلبت عينيها بملل لتقر باعتراف
– معنديش لبس محترم للشركة
وضع وسيم يديه في جيب بنطاله يعتصر قبضة يده، لو انتظر لدقيقة أخرى معها سيرتكب جناية بحقها وبحقه
جسده ينتفض ثورة رغما عنه
وغيرته تتفحص ثيابها ثم يدور بعينيه ان كان احد يسترق النظر لعرض الاغراء الصباحي
– اعتقد ان ده رسالة اننا نغير دولابك
قالها ببرود لتجز جيهان علي اسنانها صائحة
– وسيم مش وقت هزارك دلوقتي
هز راسه ببرود مغمغما
– انتي لاقيه حد يشتريلك هدوم ببلاش
همت أن تلقي بالدباسة في وجهه إلا أنها تعجبت من برودها وهي تسأله بجفاء
– وتجيبلي هدوم بمناسبة ايه
أجابها ببساطة شديد وهو يجلس على المقعد قائلا
– جوزك
اتسعت عينا جيهان بدهشة لصراحته وبساطته فى اللقب المستقبلي الذي سيصبح عليه، لتصرخ في وجهه بسخط
– لما تبقي يا حبيبي انت مستعجل ليه اصلا انك تشتريلي، كدا كدا هفلسك كل شهر
الصق وسيم ابتسامة باردة، مجيبا اياها
– فداكي
لمعت عيناها بالمكر الشديد، لتتوجه نحو مقعدها لتجلس عليه قائلة بمكر
– هنشوف كلامك وقت لما تلاقي البنك بيقولك انك فلست
سألها بريبة
– هتخليني متشرد يا جيجي
انتبها على طرق باب المكتب بحدة لترفع جيهان عينيها نحو والدها الذي صاح بخشونة
– مش كفاية غراميات على الصبح
انفرج عن شفتي وسيم ابتسامة متسلية، محاولا نفض صورة ملكة الاغواء الجالية على المقعد
– حبيبي يا حمايا
زفر معتصم بسخط شديد، لن ينتهي منه مطلقا، غمغم بحدة
– نقصاك انت كمان، انت مش وراك مصالح روح شوفها
ابتسم وسيم ببرود شديد ليقول
– جاي ابارك على وظيفة جيهان يا عمي
ألقي نظرة ممتعضة تجاه ابنته التي التزمت الصمت ليوجه ببصره تجاه وسيم ليقول بحدة
– تبارك ايه يا ابني، هي ارتقت .. دي بتشتغل سكرتيرة
انفجر وسيم ضاحكا بمكر ليقول
– وماله لما نشجعها أنها تصعد سلم المجد لحد لما توصل لكرسيك يا باشا
زفر معتصم بسخط شديد ليقول بصراحة شديدة معبرا عن استيائه
-هو انا مش هخلص منك
اقترب من حماه وهو يقول ببرود
– ما انت بس تديني الاشارة وانا هجيب عيلتي ونكتب الكتاب هواا
التفت نحو جيهان متوردة الوجه ليسألها بصراحة
– انتي رأيك ايه في كلامه
اخفضت نظرتها ورضا وهي تجيبه بصوت ابح
– اللي تشوفه يا بابا
لوي معتصم شفتيه وهو يدمدم بجفاء
– لا والبت مكسوفة وهي بتقولي
وضع وسيم يده على يد معتصم قائلا بتعجل
– قولي انت بس امين وانا والله هتجوزها
القي نظرة نحو جيهان التي تخفي ابتسامتها ليصر مغادرا من الغرفة ليلحقه وسيم الذي يتبع خطاه.. فتح باب مكتبه سائلا من الله الصبر كي ينتهي من رجلين لجوجين
التفت معتصم إليه ليقول إليه بحدة
– متبقاش يا ولد خايف كده
ابتسم وسيم وهو يجيبه بنبرة ذات مغزى
– من حقها يا عمي انها تشوف سعي وحبي ليها وان فعلا محتجلها
لم يخفي معتصم امتعاضه وشئ من الضيق يعتريه حينما يجد شاب يعرب عن حبه لأبنته، الأمر رغما عنه يجعله يستشيط في غضبا، غمغم بغضب
– لما نشوف يا خويا
صاح وسيم بتوسل
– انت بس اديني الموافقة، وهعمل حفلة خطوبتنا يا حمايا
هدر معتصم بحدة
– يا واااد براحه عليا، مش شايف اختها بترتبط بواحد اجنبي، استني اطمن عليها
جز وسيم على اسنانه، ليقول بنفاذ صبر
– يا عمي انا مش هستحمل استني كل ده
واجابة معتصم لم تثلج صدره
– اللي مخليك مستحمل كل السنين، هتستحمل الفترة الجاية
عقد وسيم حاجبيه ليسأله بوجوم
– يعني ايه
اجابه معتصم ببرود شديد
– اصبر واتقل
***
الإضاءة هادئة
والحوائط بيضاء
جالسة بهدوء تنتظر انقضاء الوقت حتى ترى النتيجة
مررت فرح عيناها نحو الحوائط ثم عادت تنكس رأسها وهي تترك الاختبار جانبا
تواجه صراعا ضخما تحاول التهرب منه
هي لن تستطيع ابدا ان تواجه ما سيحدث بعد النتيجة
لن تتحمل، وهي بالكاد تحاول الاستقامة على الارض دون حاجة مساعدة من أحد
عقلها يعيدها الى اخر جلسة خضعتها مع الطبيب النفسي
-لسة خايفة يا فرح
قالها الطبيب بهدوء وعينيه تتفحصانها بثبات شديد دون أن يرمش بجفنيه حتى يسمع جوابها الذي أتاه بعد فترة مترددا
-لأ
وهي تكاد تموت رعبا إذا عثر عليها، لكن جزء منها يخبرها انه لن يقترب
هو ما كان ليفعل فعلته الدنيئة تلك سوي وهو ما سيعقبه من نتائج
انتبهت من شرودها على سؤاله الثاني
-بتهربي من مين
رفعت كفي يديها تتأملهما لتجيبه بأنهاك وهي تريح برأسها على مسند المقعد الخاص بها
-من نفسي القديمة
رأته يدون شيئا ما ثم عاد يسألها بمهنية شديدة
-ولحد امتي
انفجرت ساخرة وهي لا تكاد تصدق ان هذا ثالث طبيب تجربه وحتى الآن لم تجد شخصا تستطيع أن تبث لشخص همومها براحة
-لحد لما اطلع واحدة جديدة
رفع الطبيب رأسه وهو ينظر اليها بملامح غير مقروءة اتبعه قائلا بهدوء
-المفروض تكوني متصالحة مع شخصيتك القديمة يا فرح وتتقبليها، كون انك تبني شخصية والأساس مش موجود، انتي كده بدمري نفسك
زفرت فرح بيأس شديد لتسأله
– والمفروض اعمل ايه
اجابها بسهولة شديدة
– تتصالحي مع ذاتك القديمة
انفجرت منها ضحكة ساخرة، اتبعها وهي تقلب عينيها بملل لتقول بتهكم
– وانت فاكر انه بالسهولة دي
اجابها بصراحة شديدة جعلت فرح تكاد تخبط رأسها فى اقرب حائط من ردوده المستفزة
-مقولتش انه سهل
رفعت عيناها للسقف تعد من واحد للعاشرة، كي لا تثور فى وجهه لتقر باعتراف
– مش بتساعدني خالص
ابتسم الطبيب تلك المرة وهو يسألها بهدوء
– انا بحاول اعرف انتي عايزة ايه
فأجابته بدون تردد
-ابقي قوية
هز الطبيب رأسه ليعيد تدوين شيئا ما ليقول بنبرة ذات مغزى
-عشان تواجهيه
التمعت عيناه حينما استحوذ على انتباهها اخيرا، ليجد في عينيها التردد في البوح او الكتمان ليسترسل بهدوء
-مش شرط انك تواجهيه، المهم انتي
عادت تضحك بسخرية وهي ترمقه باستخفاف من كلماته لتقول له
– بتقول كلام وبس يا دكتور، انتو سهل جدا تقول كلام مشجع بس مش بتساعدوا حد
ألقت ما جعبتها وهي تلتفت اليه بحدة لتستقيم من مقعدها قائلة
– لازم اواجهه
هز الطبيب رأسه وهو يسألها بنبرة فضولية
-هتستفادى ايه
رفعت رأسها بإباء شديد لتجيبه
– هرجع ذاتي اللي اتكسرت
تأمل الطبيب وحدق النظر فى عينيها ليقول
– تفتكري كده ده الحل
هزت رأسها موافقة قبل أن تلتفت مغادرة غرفته
– ايوا ده الحل
انتبهت على صوت المنبه الذي أعلن عن انتهاء وقت المدة، لتنتفض وهي تمسك بالاختبار تنظر الى نتيجته
اتسعت عيناها بجحوظ
وانفرج شفتيها بصدمة
لترمي الاختبار أرضا
وهي تضع يدها على ثغرها تكتم شهقتها
والدموع اتخذت مجراها للخروج..!!

يتبع..

لقراءة باقي حلقات الرواية اضغط على (رواية أترصد عشقك)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *