روايات

رواية مثابرة خاسرة الفصل الحادي عشر 11 بقلم ديانا ماريا

رواية مثابرة خاسرة الفصل الحادي عشر 11 بقلم ديانا ماريا

رواية مثابرة خاسرة البارت الحادي عشر

رواية مثابرة خاسرة الجزء الحادي عشر

رواية مثابرة خاسرة الحلقة الحادية عشر

لم يستوعب محمد ما قالته للوهلة الأولى قبل أن ينطق: نعم؟
رفعت حاجبها بازدراء: إيه مسمعتش؟ بقولك أنا هتجوز.
قال محمد بعدم تصديق: أنت…. أنتِ أكيد بتهزري يا ماما مستحيل!
ردت بإستنكار: وليه مستحيل بقى؟ هو حلال على أبوك وحرام عليا؟؟
تشنج وجه محمد ونبرته وهو يرد عليها: كل ده علشان بابا اتجوز عليكِ! عايزة تتجوزي ومش هامك إيه حاجة تانية! ده جنان أنا لا يمكن أسمح لك بكدة!
حدقت له بعيون نارية من الغضب ثم رفعت يدها وصفعته بقوة على خده لدرجة أدارت وجهه للناحية الأخرى.
رفع يده يضعها على خده وهو ينظر له بعيون دامعة تنطق بالمرارة قبل أن يتراجع ويخرج من الشقة والبيت بأكمله.
مرت فترة على هذا الحال كان الحديث بينه وبين والدته شبه منعدم إلا من اطمئنان على حالها وتلبية احتياجات المنزل ولكن الحديث بينهما حقيقة مقطوع تماما وقد انتشر موضوع زواجها فى المنطقة مما جعلهم لا يسلموا من سخرية بعض الجيران الذي تناقلوا الموضوع بينهم كما أتت أخته غير مصدقة ما تنويه والدتها التي واجهتها بحدة كما فعلت مع محمد وأخبرتها أن من لا يعجبه فعلها ف لا يهمها وجوده في حياتها ويتذكر يومها أن غادرت أخته لمنزلها باكية.
وبعد مرور ثلاثة أشهر بالفعل من انتهاء عدتها تزوجت والدته من رجل غريب مما جعل محمد لا يحتمل هذا الأمر وبسبب سافر لعمله بعيدا لفترة غير محددة، كان يتذكر حنين ويشتاق بها كثيرا ويلوم نفسه على ما حدث بينهما ولكن يتذكر أن لا فائدة من كل هذا ويتمنى من قلبه لو تسامحه حنين بصدق في يوم من الأيام.
كان عائدا من عمله في يوم من الأيام حين رن هاتفه برقم غريب.
رد متعجبًا: ايوا مين معايا؟
أتاه صوت سمر: أيوا أنا سمر يا أستاذ محمد.
رد محمد قائلا بدهشة: سمر! أنتِ عرفتي رقمي إزاي؟ هو فيه حاجة؟
ردت سمر بقلق: اه الصراحة أنا قولت أتصل عليك علشان إحنا من امبارح كنا سامعين صوت زعيق شديد جاي من بيتكم كانت مامتك وجوزها وقولنا مشاكل عادية لكن من الصبح كدة مظهرش حد فيهم خالص، حاولنا نتصل على مامتك نطمن عليها مردتش علينا فقولنا نكلمك تطمنا أنها كويسة يعني.
صدم محمد وتذكر أنه لم يحادث والدته منذ يومين وقال بسرعة: طيب اقفلي وأنا هتصل أشوف الموضوع ده.
أتصل على والدته بسرعة وانتظر ردها بفارغ الصبر إلا أنها لم ترد مما جعله يقلق خصوصا وهو يتذكر حديث سمر، لم يستطع الصبر فجمع حاجياته وسافر مجددا لمنزله.
أخرج المفتاح الخاص به وفتح باب شقة والدته ثم توقف مكانه مبهوتا ومصدوما من المنظر الذي أمامه.
فُجع محمد حين وجد محتويات الشقة كلها مبعثرة أمامه والمكان مقلوب رأسا على عقب كأن هناك إعصار ما قد عصف في الشقة، دلف بسرعة وهو ينادي على والدته وتوقف بصدمة وهو يراها ملقاة على الأرض وتنزف من رأسها.
أسرع لها بلهفة وقلق: ماما!
رفعها من على الأرض وحاول جعلها تفيق بلا فائدة فحملها وتوجه بها على الفور إلى المستشفى الذي قام بمعالجتها، بعد أن أفاقت أخبرته بكل شيء، كان زوجها الثاني خلاف ما توقعت تماما وقد بدأت المشاكل بينهم منذ أول شهر في الزواج وحين حاولت فرض سيطرتها عليه لم تفلح.
قالت والدة محمد بغيظ وحسرة: لما كنت باجي أكلمه ولا ازعق كان يزعق في وشي لدرجة يسمع الجيران ومرة على مرة بحاول أسكت علشان الفضائح لحد ما الموضوع وصل لمد الأيد ومبقتش أقدر عليه وامبارح كنت بنتخانق لأني دخلت عليه الأوضة فجأة لقيته بيكلم حد في التليفون أنه خلاص الوقت جه للتنفيد أنا استغربت وسألته في إيه وبدأ يزعق معايا وبعدها زقني جامد وراح فتح الباب لست تدخل والست دي دخلت قلبت كل حاجتي وخدت فلوسي ودهبي ولما حاولت ازعق واتكلم ضر.بني فأنا حاولت أقاومه لحد ما جاب حاجة وضر.بني على رأسي يا محمد.
نظرت لولدها وقالت بحقد: شوفت اللي حصل لأمك وحظها الهباب نصب عليا وسرقني وسرق ذهبي وشقى عمري يا محمد سرق أمك! ده ندل وأنا هندمه ومش هسكت على حقي!
كان محمد ورغم حزنه على والدته وما حدث لها وغضبه لأجلها كان يتوقع نهاية مثل هذه لهذه الزيجة التي أصرت عليها فهو لم يرتح للرجل في المدة القصيرة للغاية التي قابله بها ولم ينسى المشاحنات التي حدثت بينه وبين والدته لأجل هذا الزواج.
ربت على كتفها: إحنا بلغنا البوليس يا ماما ارتاحي أنتِ دلوقتي أهم حاجة.
صاحت به: أرتاح إيه أنا مش هرتاح ولا يهدأ لي بالي غير لما حاجتي ترجع وحقي يجي من الك.لب ده!
صمت محمد باستسلام لأنه لم يرد المناقشة معها أكثر، بعد مرور يومين عادت للمنزل وقد اعتنى محمد بها.
منذ أن عاد ازداد تفكيره في حنين للغاية ولم يعد يتحمل فقرر الذهاب لها ومحادثتها علها تسامحه وهو مستعد لكل شروطها.
تفاجأت والدتها حين رأته أمامها عندما فتحت الباب: محمد! ازيك يابني عامل إيه؟
ابتسم بحرج: الحمد لله يا طنط حضرتك عاملة إيه؟
ردت ببسمة: الحمد لله.
قال بتوتر: هى حنين هنا؟
اختفت الابتسامة من وجه والدتها وقالت له بهدوء: اتفضل يابني أدخل.
دلف بتوتر للداخل وجلس بينما هى أخبرته أن ينتظر لدقيقة.
أتى والدها الذي رحب به بهدوء ولكن دون جفاء وبعد دقيقة دلفت حنين الذي هب من مكانه ما إن رآها.
كان أول شيء لاحظته عيناه التغير الكبير الذي طرأ عليها عكس آخر مرة تواجها بها من سنة مضت كانت حزينة وجهها باهت ومتعب، كان وجهها الآن مشرقا وعيناها تلمعان بالراحة والهدوء ويظهر عليها التغيير حقا حتى أنها كانت تبتسم ابتسامة خفيفة.
قالت بهدوء: أهلا يا محمد أزيك.
رد بلهفة : الحمد لله أنتِ عاملة إيه يا حنين؟
أومأت برأسها: بخير الحمد لله.
قال محمد بتوتر: عاملة إيه بعد كل الفترة دي يا حنين؟
عقدت حاجبيها باستغراب ولكنها ردت ببرود: إيه غرض السؤال ده دلوقتي يا محمد؟
تطلع لها بعيون متوسلة وقال بنبرة مرتبكة: أنا جاي لك ومش عارف أقولك إيه لكن كلي أمل أنك تسامحيني أنا بتعذب من غيرك يا حنين.
اختفت ابتسامتها وردت بهدوء وبوجه لا يظهر عليه أي مشاعر: مبقاش فيه داعي ولا فايدة للكلام ده.
قال بألم: حنين أنا اتغيرت بجد ومش عارف من غيرك أنتِ وحشت….
رفعت يدها لتقاطعه فصمت، تنهدت بخفة ثم ردت بجدية: محمد أنا اللي حصلي منك ومن مامتك مكنش سهل وهين عليا أبدا خصوصا خسارة ابني دي بالنسبة كانت النهاية لكل حاجة بيني وبينك، النهاية اللي مفيش منها أمل بعدها أبدا أنا حاولت وعافرت كتير علشانك وعلشان جوازنا لكني استوعبت في النهاية أني يحارب في معركة خسرانة مكنش لازم أدخلها من الأول، وكنت بتمسك بسراب مفوقتش منه غير لما وجعت على جدور رقبتي، أنا بعد ما أطلقت منك فكرت أني عمري في حياتي ما هتعافى من اللي أنا فيه ولا هقدر اتخطاه.
ثم نظرت له وقد لانت نظراتها: لكني الحمد لله قدرت اتعافى واتخطى وأبدأ حياتي من جديد، أنا ممكن اسامحك فعلا يا محمد لأنك في الحقيقة إنسان طيب لكن مشكلتك أنك كنت فاهم حاجات كتير غلط ومش بتحاول حتى تغير نظرتك ولا تسمع أي طرف تاني غير مامتك أنا حقيقي مش حاسة ناحيتك بأي حقد ولا كر.ه وتقريبا سامحتك فعلا لكن عمري في يوم ما أسامح مامتك على الأذى اللي سببته ليا.
ظهر الألم على وجهه ولم يستطع الرد أما هى تابعت: ربنا يوفقك يا محمد في حياتك بس أنا بجد تخطيتك أتمنى أنت كمان تتخطاني وتنسى وتعيش حياتك وتكون اتغيرت بجد علشان ترتاح واطمن أنا معنديش أي ضغينة اتجاهك.
ثم نهضت وابتسمت له: أنا سعيدة باللقاء ده علشان قولت فيه كل اللي أنا عايزاه ووضحت كل حاجة بس مضطرة ننهيه دلوقتي علشان خطيبي جاي كمان شوية.
تجمد محمد مكانه وقال بألم: خطيبك؟
أومأت برأسها واتسعت ابتسامتها: اه خطيبي وأحنا كتبنا الكتاب من يومين فقدر أقدر بمعنى أحسن أنه جوزي تصدق أني مكنتش ناوية أعيد تجربة الجواز أبدا في حياتي كنت ناوية أعيش لنفسي وأهدافي وابني حياة جديدة وبس لكن رؤوف خلاني أعيد كل حساباتي تاني خالص، هو جارنا في العمارة وسبحان الله اتجوز وطلق هو كمان بس طلع كان بيحبني أنا من الأول بس قبل ما يقول أي حاجة اتخطبت ولما اتجوزتك فقد الأمل واتجوز لكن مقدرش يتأقلم مع مراته ومكنتش شبهه فطلق ولما اتطلقت استنى لحد ما شهور العدة خلصت علشان يجي لي، أنا كنت رافضة بشدة حتى أني رفضت أقابله لكن هو خلاني أغير رأيي بإصراره وصبره.
كانت تبتسم بحالمية وعيناها تلمعان بشدة: والحمد لله مندمتش وعارفة أني عمري ما هندم حبه وحنيته عليا اللي خلوني أحب نفسي واقدرها فعلا، نفسي اللي كنت رامياها تحت رجليك وأنت مش مقدر ولا حاسس، خلاني أحس بقيمة نفسي فعلا لأنه حابنني زي أنا بالضبط ومهما كنت حتى أني قولتله أني ممكن مخلفش لكن هو فضل مصر عليا وبس حنين عليا أوي وعمري ما بيسيبني أنام زعلانة حتى لو شك واحد في مية أنه فيه كلمة ضايقتني بلاقيه قدامي فورا جاي علشان يكلمني ويطمني ويوضح أي سوء تفاهم ممكن أنه يحصل ويكون سبب في زعلي، مش بيسبني لدماغي وأفكاري، بحس معاه أني أجمل واحدة من غير حتى ما يتغزل فيا بكلمة واحدة من بعد ما كتبنا الكتاب وبيقولي أخيرا أقدر أقولك كل مشاعري وأنتِ حلالي براحتي وأبص لك زي ما أنا عايز واملي عيني بشوفة عيونك.
كانت حنين شاردة بشدة فيما تحكيه ولم تنتبه أبدا لمحمد الذي كانت ملامح الحزن والألم تغزو وجهه.
نظرت له: رؤوف خلاني أتخلص من كل حاجة سلبية جوايا حتى ذكرياتي يا محمد وصدقني أنا مش زعلانة هو محى أي زعل جوايا بوجوده جنبي وبقى فيه إحساس بالسلام والراحة والأمان وبس، ياريت أنت كمان تلاقي السلام في حياتك يا محمد.
نهض وابتسم لها بألم ورغم كل شيء كان سعيد من أجلها وأنه هناك من استطاع أن يسعدها بعد ما فعله بها: ربنا يوفقك في حياتك يا حنين.
ابتسمت له فغادر وهو يعلم أنه يودعها الآن للأبد ويتمنى فعلا أن يجد السلام في حياته يومًا ما.
كان يجلس في مقهى مع صديقه ثم نهض ليغادر حين رآها، توقف قليلا وحدق إليها كانت تقف أمام متجر خاص بملابس الأطفال وبجانبها رجل أطول منها قليلا يقف أمامها ويضع يدها على بطنها المنتفخة وهو ينظر لها بحنان بينما هى تبتسم له بحب.
ابتسم محمد وهو حقا سعيد لها من كل قلبه قبل أن يعود لبيته.
حين دلف أتت سمر إليه تقول بابتسامة: الغدا جاهز يا محمد عملت لك الأكل اللي أنت بتحبه على فكرة.
تأملها قليلا قبل أن يبتسم ويتقدم لها ويقبل رأسها وهو يقول بامتنان: شكرا يا حبيبتي.
احمر وجه سمر من الخجل وقالت ببلاهة: حبيبتي؟
أومأ وقال بتعجب: هو أنتِ مش مراتي ولا إيه؟
ردت بخجل: أيوا بس عمرك ما قولتلي يا حبيبتي.
ضمها له بحنان وهو يقول: طبعا حبيبتي أنا بس مش بعرف أعبر.
ابتسمت بسعادة وهى تبادله العناق، لقد تزوج محمد من سمر بعد فترة من مقابلته حنين وقد قابلها عدة مرات وأعجب بها مما جعله يتقدم لها مجددا وقد وافقت بعد أن وعدها أنهم سيبتعدون عن والدته وبالفعل أخذ محمد سكن مستقل بعيدا عن والدته هو وسمر، رغم أنه لم يستطع تخطي حنين بالكامل وإدراكه أنه لن يحب مثلها إلا أنه وجد في سمر جانب دافئ وكانت حياتهم بسيطة ومريحة كما هى خصوصا أنه لم يسمح لوالدته بالتدخل مطلقا في حياته الزوجية هذه المرة ساعده على ذلك سكنه بعيدا عنها وكان يزورها بين الحين والآخر وقد حاول جعل زياراته أكثر خاصة أن حماة أخته قد منعتها من زيارة والدتها إلا مرة في الشهر وقد اطاعت أخته حتى تحافظ على بيتها ورغم أن والدته لم تتغير بل زادت نقمتها على كل شيء إلا أنه كان يزورها ويحاول برها دون أن يسمح لها بالتدخل في حياته وهو ما قبلته أمه بعد مدة على مضض.
لقد أحب سمر بطريقة ما وأحب حياتهم معًا ورغم خسارته لحنين إلا أنه يشكر الله أن حنين سامحته وأنه أعطاه فرصة ثانية ليستقر ويتزوج مجددا من سمر التي أحبته هى أيضا بطريقتها وأنه تغير وأفاق لنفسه قبل أن تضيع حياته بالكامل وهو في غفلة منها.
تمت بحمد الله.

لقراءة باقي حلقات الرواية اضغط على : (رواية مثابرة خاسرة)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *